ويجبُ على العبادِ أن يعلَمُوا
أنه سبحانَهُ عظيمٌ كمَا وصفَ نفسَهُ بذلك، ووصفَهُ به رسولُه
غ بلا كيفيةٍ ولا تحديدٍ، وقدْ وَرَدَ عَنِ
النَّبِيِّ
غ أنه قالَ: «
تفكرُوا في آلاءِ اللهِ ولا تَفَكَّرُوا في اللهِ»، وفي لفظ: «
تَفكَّروا في خلقِ اللهِ ولا تَفَكَّرُوا في اللهِ».
هذا الكونُ مليءٌ بالشواهدِ التي
تدلُّ على عظمةِ الخالقِ
ـ، وكل شاهدٍ من هذه الشواهدِ يوصِلُ إلى الذي يليه حتى يصلَ الأمرُ إلى
الشاهدِ الأكبرِ، وهو شهودُ جلالِ الربِّ ـ تبارك وتعالى ـ وعظمتِهِ، وقديمًا قال
الأعرابيُّ: «البعرةُ تدلُّ على البعيرِ، ومسيرُ الأقدامِ يدلُّ على المسيرِ،
فسماءٌ ذاتُ أبراجٍ وأرضٌ ذاتُ فجاجٍ، وبحارٌ ذاتُ أمواجٍ، أفلا يدلُّ ذلك على
اللطيفِ الخبيرِ».
ولنتأملْ معًا رحلةَ الشواهدِ
التي يحكيها لنا الإمامُ ابنُ القيمِ رحمه اللهُ وهي رحلةُ التأملِ والتفكرِ
والنظرِ بعينِ البصيرةِ والمعاينةِ لكلِّ ما حولَنا في هذه الدنيا، ولكلِّ ما
سيكونُ في الآخرةِ من مشاهدَ وأهوالٍ وصولًا إلى دارِ المتقينَ الجنةِ، ودارِ
الكافرينَ النارِ، ثمَّ مشاهدُ عذابِ أهلِ النارِ وأعظمُهُ حجبُهم عن الله
ِ تعالى: ﴿
ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ﴾ [المطففين:15]، ونعيمِ
أهلِ الجنةِ وأعظمُه رؤيةُ الربِّ العظيمِ في يومِ المزيدِ: ﴿
ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ﴾ [القيامة:22-23]، ثم
الانتقالُ بعد ذلك إلى مشاهدِ صفاتِ هذا الإلهِ العظيمِ والربِّ الكريمِ، فيكونُ
هذا أعظمَ المشاهدِ في قلبِ المؤمنِ. قال الإمامُ ابن القيم
([1]):
1- شاهد الدنيا:فأولُ شواهدِ السائرِ إلى الله
ِ والدارِ الآخرةِ: أن يقومَ به شاهدٌ من
الدنيا وحقارتِها، وقلةِ وفائِها، وكثرةِ جفائِها، وخسةِ شركائِها، وسرعةِ انقضائِها.
ويرى أهلَها وعشاقَها صَرعَى حولَها، قد بَدَّعَتْ بهم
([2])، وعذبَتْهم بأنواعِ العذابِ، وأذاقتْهم
أمرَّ الشرابِ. أضحكَتْهم قليلًا، وأبكَتْهم طويلًا. سَقَتْهم كؤوسَ سُمِّها، بعد
كؤوسِ خمرِها. فسكروا بحبِّها. وماتوا بهجرِها.
2- شاهد الآخرة:فإذا قام بالعبدِ هذا الشاهدُ
منها: ترحَّل قلبُه عنها، وسافر في طلبِ الدارِ الآخرةِ وحينئذٍ يقومُ بقلبِه شاهدٌ
من الآخرةِ ودوامِها، وأنها هي الحيوانُ حقًا. فأهلُها لا يرتحلون منها، ولا يظْعَنون
عنها، بل هي دارُ القرارِ، ومحطُّ الرحالِ، ومنتهى السيرِ، وأن الدنيا بالنسبةِ
إليها ـ كما قال النبيُّ
غ: «
ما الدُّنيا في الآخرةِ إلا كما يجعلُ أحدُكم إصبعَه في اليمِّ،
فلينظُرْ بم ترجِعُ؟»
([3])، وقال بعضُ التابعينَ: ما الدنيا في الآخرةِ
إلا أقلُّ من ذرةٍ واحدةٍ في جبالِ الدنيا.
3- شاهد النار:ثم يقومُ بقلبِه شاهدٌ من النارِ،
وتَوَقُّدِها واضطرامِها، وبُعْدِ قعرِها، وشدةِ حَرِّها، وعظيمِ عذابِ أهلِها.
فيشاهدُهم وقد سِيقوا إليها سُودَ الوجوهِ، زُرقَ العيونِ، والسلاسلُ والأغلالُ في
أعناقِهم. فلما انتهوا إليها: فُتِّحتْ في وجوهِهم أبوابُها. فشاهدوا ذلك المنظرَ
الفظيعَ، وقد تقَطَّعتْ قلوبُهم حسرةً وأسفًا ﴿
ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ﴾ [الكهف:53]، فأراهم
شاهدُ الإيمانِ، وهم إليها يُدفعونَ. وأتى النداءُ من قِبَلِ ربِّ العالمينَ ﴿
ﰆﰇ ﰈ ﰉ﴾ [الصافات:24]، ثم قيلَ
لهم ﴿
ﯵ ﯶ ﯷ
ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﭑ
ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ﴾ [الطور:14-16]، فيراهم شاهدُ الإيمان. وهم في الحميمِ، على
وجوهِهم يُسحبونَ. وفي النارِ كالحطبِ يُسجَرون ﴿
ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ﴾ [الأعراف:41]، فبئسَ
اللحافُ وبئسَ الفراشُ.
وإن استغاثوا من شدةِ العطشِ ﴿
ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ﴾ [الكهف:29]، فإذا شربوه
قطَّع أمعاءَهم في أجوافِهم، وصَهَرَ ما في بطونِهم.
شرابُهم الحميمُ، وطعامُهم الزَّقُّومُ
﴿
ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ
ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ﴾ [فاطر:36-37].
فإذا قام بقلبِ العبدِ هذا
الشاهدُ: انخلعَ من الذنوبِ والمعاصي، واتباعِ الشهواتِ. لبسَ ثيابَ الخوفِ والحذرِ،
وأخصبَ قلبَهُ من مطرِ أجفانِهِ، وهانَ عليه كلُّ مصيبةٍ تصيبُهُ في غيرِ دينِهِ
وقلبِهِ.
وعلى حَسَبِ قوةِ هذا الشاهدِ
يكونُ بعدُه من المعاصي والمخالفاتِ. فيذيبُ هذا الشاهدُ من قلبِه الفضلاتِ،
والموادَّ المهلكةَ، وينضجُها ثم يخرجُها. فيجدُ القلبُ لذةَ العافيةِ وسُرورَها.
4- شاهد الجنة:فيقومُ به بعد ذلك: شاهدٌ من
الجنةِ، وما أعدَّ اللهُ لأهلِها فيها، مما لا عينٌ رأتْ ولا أذنٌ سمِعَتْ، ولا
خطرَ على قلبِ بشرٍ، فضلًا عمَّا وصَفَه اللهُ لعبادِهِ على لسانِ رسولِه من
النعيمِ المفصَّلِ، الكفيلِ بأعلى أنواعِ اللذَّةِ، منَ المطاعمِ والمشاربِ،
والملابسِ والصورِ، والبهجةِ والسرورِ. فيقومُ بقلبِهِ شاهدُ دارٍ قد جعلَ اللهُ
النعيمَ المقيمَ الدائمَ بحذافِيرِه فيها.
تربتُها المسكُ، وحصباؤُها
الدُّرُّ، وبناؤُها لَبِنُ الذَّهبِ والفضةِ، وقَصَبُ اللؤلؤِ، وشرابُها أحلى من
العسلِ، وأطيبُ رائحةً من المسكِ، وأبردُ من الكافورِ، وألذُّ من الزنجبيلِ، ونساؤُها
لو بَرَزَ وجهُ إحداهُنَّ في هذه الدنيا لغلبَ على ضوءِ الشمسِ، ولباسُهم الحريرُ
من السندسِ والإستبرقِ، وخدمُهم ولدانٌ كاللؤلؤِ المنثورِ، وفاكهتُهم دائمةٌ، لا
مقطوعةٌ لا ممنوعةٌ، وفُرشٌ مرفوعةٌ. وغذاؤُهم لحمُ طيرٍ مما يَشْتهونَ، وشرابُهم
عليه خمرةٌ لا فيها غَوْلٌ ولا هم عنها يُنزفونَ وخُضْرَتُهُم فاكهةٌ مما يتخيرون،
وشاهِدُهم حورٌ عينٌ كأمثالِ اللؤلؤِ المكنونِ، فهم على الأرائكِ مُتكؤونَ، وفي
تلك الرياضِ يُحبرونَ، وفيها ما تشتهي الأنفسُ وتلذُّ الأعينُ، وهم فيها خالدونَ.
5- شاهد يوم المزيد:فإذا انضم إلى هذا الشاهدِ: شاهدُ
يومِ المزيدِ، والنظرُ إلى وجهِ الربِّ جلَّ جلالُه، وسماعُ كلامِهِ منه بلا واسطةٍ.
كما قال النبيُّ
غ: «
بينما
أهلُ الجنةِ في نعيمِهم، إذ سطَعَ لهم نورٌ. فرفَعُوا رؤُوسَهم. فإذا الربُّ تعالى
قد أشرَفَ عليهم من فوقِهم. وقال: يا أهلَ الجنةِ، سلامٌ عليكم ـ ثم قرأ قولَه
تعالى: ﴿
ﭨ
ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ﴾ [يس:58] ـ
ثم يَتَوارى عنهم. وتبقَى رحمتُه وبركتُه عليهم في
ديارِهم»
([4]).
فإذا انضمَّ هذا الشاهدُ إلى
الشواهدِ التي قبلَه: فهناك يسيرُ القلبُ إلى ربِّه أسرعَ من سيرِ الرياحِ في
مهابِّها، فلا يلتفتُ في طريقِه يمينًا ولا شمالًا.
6- شاهدُ جلالِ الربِّ وعظمتِهِ:هذا، وفوقَ
ذلك: شاهدٌ آخرَ تضمحِلُّ فيه هذه الشواهدُ، ويغيبُ به العبدُ عنها كلِّها. وهو
شاهدُ جلالِ الربِّ تعالى، وجمالِه وكمالِه، وعزِّه وسلطانِه، وقيوميتِه وعلوِّه
فوقَ عرشِه، وتكلُّمِه بكتبِه وكلماتِ تكوينِه، وخطابِه لملائكتِه وأنبيائِه.
فإذا شاهدَه شاهدَ بقلبِه قيومًا
قاهرًا فوقَ عبادِه، مستويًا على عرشِه، منفردًا بتدبيرِ مملكتِه، آمرًا ناهيًا،
مرسِلًا رسلَه، ومُنْزِلًا كتبَه. يرضَى ويغضَبُ، ويثيبُ ويعاقبُ. ويعطِي ويمنعُ،
ويعزُّ ويذلُّ. ويحبُّ ويغضبُ. ويرحمُ إذا استُرحِمَ، ويغفرُ إذا استُغفِرَ، ويعطِي
إذا سُئِلَ، ويجيبُ إذا دُعِيَ، ويقيلُ إذا استُقيلَ.
أكبرُ من كلِّ شيءٍ، وأعظمُ من
كلِّ شيءٍ، وأعزُّ من كلِّ شيءٍ، وأقدرُ من كلِّ شيءٍ، وأعلمُ من كلِّ شيءٍ، وأحكمُ
من كلِّ شيءٍ.
فلو كانت قُوى الخلائقِ كلِّهم
على واحدٍ منهم، ثم كانوا كلُّهم على تلك القوةِ، ثم نُسبت تلك القوى إلى قوةِ
الله
ِ تعالى لكانتْ دونَ قوةِ البعوضةِ بالنسبةِ
إلى قوةِ الأسدِ.
ولو قُدِّرَ جمالُ الربِّ تعالى
لكان دونَ سراجٍ ضعيفٍ بالنسبةِ إلى عينِ الشمسِ.
ولو كانَ علمُ الأولينَ،
والآخرينَ على رجلٍ منهم، ثم كان كلُّ الخلقِ على تلكَ الصفةِ، ثم نُسبَ إلى علمِ
الربِّ تعالى لكانَ ذلك بالنسبةِ إلى علمِ الربِّ كنقرةِ عُصفورٍ في بحرٍ.
وهكذا سائرُ صفاتِهِ، كسمعِه
وبصرِه، وسائرِ نعوتِ كمالِه. فإنَّه يسمعُ ضجيجَ الأصواتِ باختلافِ اللغاتِ، على
تفننِ الحاجاتِ. فلا يشغَلُه سمعٌ عن سمعٍ. ولا تُغلطُه المسائلُ. ولا يتبرمُ
بإلحاحِ الملِحِّينَ.
سواءٌ عندَه من أسرَّ القولَ ومن
جهرَ به. فالسِّر عنده علانيةٌ. والغيبُ عنده شهادةٌ.
يرى دبيبَ النملةِ السوداءِ، على
الصخرةِ الصماءِ، في الليلةِ الظلماءِ. ويرى نياطَ عروقِها، ومجاري القوتِ في
أعضائِها.
يضعُ السماواتِ على إصبعٍ من
أصابعِ يدِه، والأرضَ على إصبعٍ، والجبالَ على إصبعٍ، والشجرَ على إصبعٍ، والماءَ
على إصبعٍ. ويقبضُ سماواتِه بإحْدَى يديه، والأرضينَ باليدِ الأخرى. فالسماواتُ
السبعُ في كفِّه كخردلةٍ في كفِّ العبدِ.
ولو أنَّ الخلقَ كلَّهم من أولِهم
إلى آخرِهم قاموا صفًّا واحدًا ما أحاطُوا بالله
ِ ﻷ. لو كشفَ الحجابَ عن وجهِه لأحرقَتْ سُبحاتُه ما انتهى إليه بصرُه من خلقِه.
فإذا قامَ بقلبِ العبدِ هذا
الشاهدُ: اضْمَحَلَّتْ فيهِ الشواهدُ المتقدمةُ، من غيرِ أنْ تعدَمَ. بل تصيرُ
الغلبةُ والقهرُ لهذا الشاهدِ، وتندرجُ فيه الشواهدُ كلُّها. ومَنْ هذا شاهِدُه:
فله سلوكٌ وسيرٌ خاصٌّ، ليسَ لغيرِه ممن هو عن هذا في غفلةٍ، أو معرفةٍ مجملةٍ.
فصاحبُ هذا الشاهدِ: سائرٌ إلى
الله
ِ في يقظتِهِ ومنامِهِ، وحركتِهِ وسكونِهِ
وفطرِهِ وصيامِهِ، لهُ شأنٌ وللناسِ شأنٌ. هو في وادٍ والنَّاسُ في وادٍ.
7- شاهدُ التوحيدِ:فإذا طلعتُ
شمسُ التوحيدِ، وباشَرَتْ جوانُبَها الأرواح، ونورُها البصائِرَ، تجلَّتْ بها ظلماتُ
النفسِ والطبعِ، وتحركتْ بها الأرواحُ في طلبِ من ليس كمثلِه شيءٌ وهو السميعُ
البصيرُ، فسافرَ القلبُ في بيداءِ الأمرِ، ونَزَلَ منازلَ العبوديةِ، منزلًا منزلًا،
فهو ينتقلُ من عِبادةٍ إلى عبادةٍ، مُقيم على معبود واحد.
فلا تزالُ شواهدُ الصفاتِ قائمةً
بقلبِهِ، توقظُه إذا رقدَ، وتذكِّرُهُ إذا غفلَ، وتحدُو به إذا سارَ، وتقيمُهُ إذا
قعدَ.
إن قام بقلبِه شاهدٌ من الربوبيةِ
والقيوميةِ رأى أنَّ الأمرَ كلَّهُ لله
ِ.
ليس لأحدٍ معه من الأمرِ شيءٌ ﴿
ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﯸ ﯹ
ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅﰆ ﰇ ﰈ﴾ [فاطر:2-3]. ﴿
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ﴾ [يونس:107]، ﴿
ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯ
ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ﴾ [الزمر:38]، ﴿
ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ
ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂﰃ ﰄ ﰅ ﰆ﴾ [المؤمنون:84-89].
إن قامَ بقلبِه شاهدٌ من الإلهيةِ:
رأى في ذلك الشاهدِ الأمرَ والنهيَ، والنبواتِ، والكتبَ والشرائعَ، والمحبةَ
والرضى، والكراهةَ والبغضَ، والثوابَ والعقابَ، وشاهدَ الأمرَ نازلًا ممن هو مستوٍ
على عرشِهِ، وأعمالُ العبادِ صاعدةٌ إليهِ، ومعروضة عليه. يجزي بالإحسانِ منها في
هذه الدارِ وفي العقبى نضرةً وسرورًا، ويقدمُ إلى ما لم يكنْ عن أمرِهِ وشرعِهِ
منها فيجعلُهُ هباءً منثورًا.
وإن قامَ بقلبِه شاهدٌ من الرحمةِ:
رأى الوجودَ كلَّه قائمًا بهذهِ الصفةِ، قدْ وَسِعَ من هي صفتُه كلَّ شيءٍ رحمةً
وعلمًا، وانتهتْ رحمتُهُ إلى حيثُ انتهى علمُه، فاستوى على عرشِه برحمتِهِ، لتسعَ
كلَّ شيءٍ، كما وَسِعَ عرشُهُ كلَّ شيءٍ.
وإنْ قامَ
بقلبه شاهدُ العِزَّة والكبرياءِ، والعظمةِ والجبروتِ: فله شأنٌ آخر.
وهكذا جميعُ شواهدِ الصفاتِ، فما
ذكرنا إنما هو أدنى تنبيهٍ عليها. فالكشفُ والعيانُ والمشاهدةُ لا تتجاوزُ الشواهدَ
البتةَ.
قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ
([5]): «لا ريبَ أن اللهَ ربُّ العالمينَ، ربُّ
السمواتِ والأرضينَ وما بينهما وربُّ العرشِ العظيمِ، ربُّ المشرقِ والمغربِ لا
إله إلا هو فاتخذْه وكيلًا، ربُّكم وربُّ آبائِكم الأولين، ربُّ الناسِ مَلِكُ
الناسِ إلهُ الناسِ،. وهو خالقُ كلِّ شيءٍ وهو على كلِّ شيءٍ وكيلٌ.
خلقَ الزوجينِ الذكرَ والأنثى،
من نطفةٍ إذا تُمنى، وهو ربُّ كلِّ شيءٍ ومليكُه، وهو مالكُ المُلك؛ يُؤتي المُلكَ
من يشاءُ، وينزعُ الملكَ ممَّنْ يشاءُ، ويعزُّ من يشاءُ، ويذلُّ من يشاءُ، بيدِه
الخيرُ وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ.
له ما في السمواتِ وما في الأرضِ
وما بينهما وما تحتَ الثرى، الرحمنُ على العرشِ استوى، له المُلكُ وله الحمدُ وهو
على كلِّ شيءٍ قديرٌ ﴿
ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ﴾ [هود:56].
قلوبُ العبادِ ونواصِيهم بيدِه،
وما منْ قلبٍ إلَّا وهو بينَ إصبعينِ من أصابعِ الرحمنِ، إن شاء أن يُقيمَهُ أقامَه،
وإن شاء أن يُزيغَهُ أزاغَهُ.
وهو الذي أضحَك وأبكَى، وأغنَى
وأقنَى، وهو الذي يُرسلُ الرياحَ بشرًا بين يديْ رحمتِه، ويُنزلُ من السماءِ ماءً
فيُحيي به الأرضَ بعدَ موتِها، ويبُثُّ فيها من كلِّ دابَّةٍ. وهو ﴿
ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ
ﭟ﴾ [الأنعام:1]، ﴿
ﭑ
ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ﴾ [الأنعام:125]، ﴿
ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ﴾ [القصص:70].
وهو الحيُّ القيومُ الذي لا تأخذُهُ
سِنةٌ ولا نومٌ، وهو القائمُ بالقسطِ، القائمُ على كلِّ نفسٍ بما كسَبَتْ، الخالقُ
البارئُ المصورُ. ﴿
ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ﴾ [هود:6]، ما شاءَ اللهُ لا قوةَ إلا بالله
ِ، فما شاء اللهُ كان، وما لم يشأْ لم يكنْ،
ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله
ِ،
ولا ملجأَ منه إلا إليه.
فهذه المعاني وما أشبهَها من
معاني ربوبيتِه ومُلكِه، وخلقِه ورزقِه، وهدايتِه ونصرِه، وإحسانِه وبرِّه، وتدبيرِه
وصنعِه، ثمَّ ما يتصلُ بذلك من أنه بكلِّ شيءٍ عليمٌ، وعلى كلِّ شيءٍ قديرٌ، وأنَّه
سميعٌ بصيرٌ، لا يشغَلُه سمعٌ عن سمعٍ، ولا
تُغلِطُه المسائلُ، ولا يتبرمُ
بإلحاحِ المُلحِّينَ، يُبصرُ دبيبَ النملةِ السوداءِ، في الليلةِ الظلماءِ، على
الصخرةِ الصماءِ.
فهذا كلُّه حقٌّ، وهو محضُ توحيدِ
الربوبيةِ؛ وهو مع هذا قد أعطى كلَّ شيءٍ خلقَه ثمَّ هَدَى، وأحسنَ كلَّ شيءٍ خَلَقهُ،
وبدأَ خلقَ الإنسانِ من طينٍ.
وهذا صنعُ الله
ِ، الذي أتقنَ كلَّ شيءٍ، والخيرُ كلُّه بيديْهِ،
وهو أرحمُ الراحمينَ، وهو أرحمُ بعبادِهِ من الوالدةِ بولدِهَا، كما أقسمَ على ذلك
النبيُّ
غ فقالَ: «
واللهِ للهُ أرحمُ بعبادِه من هذه الوالدةِ بولَدِها»
([6]) إلى نحوِ هذه المعاني، التي تقتضي شمولَ
حكمتِه وإتقانِه وإحسانِه خَلْقَ كلِّ شيءٍ وسعةَ رحمتِه وعظمتَها وأنها سبقتْ غضبَه
كلُّ هذا حقٌّ»
([7]).
فاللهُ
ﻷ هو مالكُ الملكِ الذي ﴿
ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ
ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ﴾ [سبأ:3]، وإذا نظر العبدُ في تدبيرِ الله
ِ تعالى لهذا الكونِ كاد عقلُه يطيشُ من هذه
القدرةِ الباهرةِ، والقوةِ القاهرةِ، والرحمةِ الظاهرةِ، والإتقانِ والإحسانِ
والحكمةِ في كلِّ شيءٍ.
* * *
الطريق إلى تعظيم الله تعالى
إن تعظيمَ الله
ِ تعالى لا يكونُ إلَّا بعدَ معرفةِ الله
ِ ـ بأسمائِه وصفاتِه وأفعالِه ونعوتِ جلالِه، قال تعالى: ﴿
ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ﴾ [محمد:19]، فلا بدَّ من
العلمِ والمعرفةِ، فهي النورُ الذي يضيءُ لك طريقَ التعظيمِ والإجلالِ.
فاللهُ
ـ عظيمٌ في ذاتِه، عظيمٌ في أسمائِه، عظيمٌ في صفاتِه، عظيمٌ
في ملكِه وسلطانِه، عظيمٌ في خلقِه وأمرِه، عظيمٌ في دينِه وشرعِه، عظيمٌ في علمِه
وكلماتِه قال تعالى: ﴿
ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ﴾ [الكهف:109]، وقال: ﴿
ﯳ ﯴ
ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ﴾ [لقمان:27]، هذا علمُ الله تعالى فماذا عن قدرته؟ قال تعالى بعد هذه
الآية: ﴿
ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ
ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ
ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ﴾ [لقمان:28-31].
إنها العظمةُ المطلقةُ والقدرةُ
المطلقةُ والعلوُّ المطلقُ، والجلالُ المطلقُ، والقهرُ المطلقُ: ﴿
ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ
ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ﴾ [الزمر:67].
قال الإمامُ ابنُ القيمِ في
ارتباطِ التعظيمِ بالمعرفةِ: «وهذه المنزلةُ ـ أي منزلةُ تعظيمِ الله
ِ ﻷ ـ تابعةٌ للمعرفةِ، فعلى قدرِ المعرفةِ يكونُ تعظيمُ الربِّ تعالى في
القلبِ، وأعرفُ الناسِ به أشدُّهم له تعظيمًا وإجلالًا، وقد ذمَّ اللهُ تعالى من
لم يعظِّمْهُ حقَّ عظمَتِهِ، ولا عَرَفَهُ حقَّ معرفتِهِ، ولا وَصَفَهُ حقَّ وصفِهِ،
فقال تعالى: ﴿
ﭠ
ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ﴾ [نوح:13]»
([8]).
وقال أبو القاسمِ إسماعيلُ
الأصبهانيُّ في صفةِ العظمةِ:
«العظمةُ صفةٌ من صفاتِ الله
ِ، لا يقومُ لها
خلقٌ، واللهُ تعالى خلقَ بين الخلقِ عظمةً يعظّمُ بها بعضُهم بعضًا، فمن الناسِ من
يعظَّم لمالٍ، ومنهم من يعظَّم لفضلٍ، ومنهم من يعظَّم لعلمٍ، ومنهم من يعظَّم
لسلطانٍ، ومنهم من يعظَّم لجاهٍ، وكلُّ واحدٍ من الخلقِ إنما يعظَّمُ لمعنى دونَ
معنىً واللهُ
ﻷ يعظَّمُ في الأَحوالِ كلِّها، فينبغي لمن عَرَفَ
حقَّ عظمةِ الله
ِ أن لا يتكلمَ بكلمةٍ يكرهُها اللهُ، ولا
يرتكبَ معصيةً لا يرضاها اللهُ، إذ هو القائمُ على كلِّ نفسٍ بما كسبتْ»
([9])، يشير بذلك رحمه اللهُ إلى أنَّ المعصيةَ تُضْعِفُ
من تعظيمِ العبدِ لربِّه، وقد تذهبُ التعظيمَ من قلبِه بالكليةِ.
* * *
تعظيمُ
الأمرِ والنهيِ
وهذا يدلُّ
على أن أولَ مراتبِ التعظيمِ هي تعظيمُ الأمرِ والنهيِ، وقد ذكر ذلك ابنُ القيمِ
فقال: «تعظيمُ الأمرِ والنهيِ هو ناشئٌ عن تعظيمِ الآمرِ الناهي فإن اللهَ تعالى ذمَّ
من لا يعظِّمهُ ولا يعظِّمُ أمرَهُ ونهيَهُ، قال
ـ: ﴿
ﭠ
ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ﴾
[نوح:13]، قالوا في تفسيرِها:
ما لكم لا تخافونَ لله
ِ تعالى عظمةً.
وما أحسنَ ما قالَه شيخُ
الإسلامِ في تعظيمِ الأمرِ والنهيِ: «هو ألا يُعَارَضَا بترخصٍ جافٍ، ولا يُعرَّضا
لتشديدٍ غالٍ ولا يُحْمَلَا على علةٍ توهنُ الانقيادَ».
ومعنى كلامِه: أن أولَ مراتبِ
تعظيمِ الحقِّ
ﻷ: تعظيمُ أمرِه ونهيِه، وذلك لأن المؤمنَ
يعرِفُ ربَّه
ﻷ برسالتِه التي أرسلَ بها رسولَ الله
ِ غ إلى كافةِ الناسِ، ومقتضاها: الانقيادُ لأمرِهِ ونهيهِ، وإنما يكونُ ذلك
بتعظيمِ أمرِ الله
ِ ﻷ واتباعِه، وتعظيمِ نهيِه واجتنابِه، فيكون تعظيم المؤمن
لأمر الله تعالى ونهيه واجتنابه دالًّا على تعظيمِه لصاحبِ الأمرِ والنهيِ، ويكونُ
بحسبِ هذا التعظيمِ من الأبرارِ المشهودِ لهم بالإيمانِ والتصديقِ وصحةِ العقيدةِ،
والبراءةِ من النفاقِ الأكبرِ. فإن الرجلَ قد يتعَاطَى فعلَ الأمرِ لنظرِ الخلقِ
وطلبِ المنزلةِ والجاهِ عندَهم، ويتَّقِي المناهِيَ خشيةَ سقوطِه من أعينِهم،
وخشيةَ العقوباتِ الدنيويَّةِ من الحدودِ التي رتَّبَها الشارعُ على المناهِي،
فهذا ليس فعلُه وتركه صادرًا عن تعظيمِ الأمرِ والنهيِ، ولا عن تعظيمِ الآمرِ
الناهِي»
([10]).
الربُّ تعالى يدعُو عبادَه في
القرآنِ إلى معرفتِه من طريقينِ:
أحدُهما: النظرُ في مفعولاتِه.
والثاني: التفكُّرُ في آياتِه وتدبُّرُها.
فتلكَ آياتُه المشهودَةُ، وهذه
آياتُه المسموعَةُ المعقولَةُ.
فالنوعُ الأولُ: كقولِه: ﴿
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ﴾ [البقرة:164]، إلى
آخرها. وقوله: ﴿
ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ﴾
[آل عمران:190].. وهو كثيرٌ في القرآنِ.
والثاني: كقولِه: ﴿
ﭻ ﭼ ﭽ﴾ [النساء:82]. وقوله: ﴿
ﮣ ﮤ ﮥ﴾ [المؤمنون:
68]، وقوله: ﴿
ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ﴾ [ص:29].. وهو كثيرٌ
أيضًا.
فأمَّا المفعولاتُ، فإنها
دالَّةٌ على الأفعالِ، والأفعالُ دالَّةٌ على الصفاتِ؛ فإنَّ المفعولَ يدلُّ على
فاعلِ فعلِه، وذلكَ يستلزِمُ وجودَه وقدرتَه ومشيئتَه وعلمَه لاستحالةِ صدورِ
الفعلِ الاختياريِّ من معدومٍ أو موجودٍ لا قدرةَ له ولا حياةَ ولا علمَ ولا
إرادةَ.
ثم ما في المفعولاتِ من
التخصُّصَاتِ المتنوعةِ دالٌّ على إرادةِ الفاعلِ، وأنَّ فعلَه ليس بالطبعِ بحيثُ
يكونُ واحدًا غيرَ متكررٍ.
وما فيها
من المصالحِ والحِكمِ والغاياتِ المحمودةِ دالٌّ على حكمتِه تعالى.
وما فيها من النفعِ والإحسانِ
والخيرِ دالٌّ على رحمتِه.
وما فيها من البطشِ والانتقامِ
والعقوبةِ دالٌّ على غضبِه.
وما فيها من الإكرامِ والتقريبِ
والعنايةِ دالٌّ على محبتِه.
وما فيها من الإهانةِ والإبعادِ
والخذلانِ دالٌّ على بُغضِه ومَقتِه.
وما فيها من ابتداءِ الشيءِ في
غايةِ النقصِ والضعفِ ثم سَوْقِهِ إلى تمامِه ونهايتِه دالٌّ على وقوعِ المعادِ.
وما فيها من أحوالِ النباتِ
والحيوانِ وتصرُّفِ المياهِ دليلٌ على إمكانِ المعادِ.
وما فيها من ظهورِ آثارِ الرحمةِ
والنعمةِ على خلقِه دليلٌ على صحةِ النبوَّاتِ.
وما فيها من الكمالاتِ التي لو
عَدِمَتْها كانتْ ناقصةً دليلٌ على أنَّ معطي تلكَ الكمالاتِ أحقُّ بها.
فمفعولاتُه من أدلِّ شيءٍ على
صفاتِه وصِدْقِ ما أخبرَتْ به رُسُلُه عنه؛ فالمصنوعاتُ شاهدةٌ تُصَدِّقُ الآياتِ المسموعاتِ،
منبهةٌ على الاستدلالِ بالآياتِ المصنوعاتِ. قال تعالى: ﴿
ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ﴾ [فصلت:53]، أي أنَّ القرآنَ
حقٌّ، فأخبرَ أنَّه لا بدَّ أن يُريَهُم من آياتِه المشهودَةِ ما يبيِّنُ لهم أنَّ
آياتِه المتلوَّةَ حقٌّ. ثم أخبرَ بكفايةِ شهادتِه على صحةِ خَبَرِه بما أقامَ من
الدلائلِ والبراهينِ على صدقِ رسولِه. فآياتُه شاهدةٌ بصدقِه، وهو شاهدٌ بصدقِ
رسولِه بآياتِه. فهو الشاهدُ والمشهودُ له، وهو الدليلُ والمدلولُ عليه. فهو
الدليلُ بنفسِه على نفسِه كما قالَ بعضُ العارفينَ: كيفَ أطلبُ الدليلَ على من هو
دليلٌ لي على كلِّ شيءٍ؟ فأيُّ دليلٍ طلبتَه عليه فوجودُه أظهرُ منه. ولهذا قال
الرُّسُلُ لقومِهم: ﴿
ﯕ ﯖ ﯗ﴾؟ [إبراهيم:10]؛ فهو أعرفُ من كلِّ معروفٍ، وأبينُ من كلِّ دليلٍ.
فالأشياءُ عُرِفَتْ به في الحقيقةِ، وإنْ كانَ عُرِفَ بها في النَّظَرِ،
والاستدلالِ بأفعالِه وأحكامِه عليه.
* * *
معرفةُ جمالِ اللهِ ﻷ([12]) من أعزِّ أنواعِ المعرفةِ: معرفةُ الربِّ سبحانه بالجمالِ، وهي معرفةُ
خواصِّ الخلقِ، وكلُّهم عَرَفَهُ بصفةٍ من صفاتِه، وأتمُّهم معرفةً من عَرَفَهُ
بكمالِه وجلالِه وجمالِه سبحانه، ليسَ كمثلِه شيءٌ في سائرِ صفاتِه، ولو فَرَضْتَ
الخلقُ كلُّهم على أجملِهم صورةً، وكلُّهم على تلكَ الصورةِ، ونَسَبْتَ جمالَهم
الظاهرَ والباطنَ إلى جمالِ الربِّ سبحانَه لكانَ أقلَّ من نسبةِ سراجٍ ضعيفٍ إلى
قرصِ الشمسِ، ويكفِي في جمالِه أنَّه لو كَشَفَ الحجابَ عن وجْهِه لأَحْرَقَتْ
سُبُحَاتُه
([13]) ما انتهى إليه بصرُه من خلقِه. ويكفِي في
جمالِه أنَّ كلَّ جمالٍ ظاهرٍ وباطنٍ في الدنيا والآخرةِ فمن آثارِ صنعَتِه، فما
الظنُّ بمَنْ صدرَ عنه هذا الجمالُ؟!
ويكفِي في جمالِه: أنَّه لَهُ العزَّةُ جميعًا، والقوَّةُ
جميعًا، والجودُ كلُّه، والإحسانُ كلُّه، والعلمُ كلُّه، والفضلُ كلُّه، ولِنُورِ
وجهِه أَشْرَقَتِ الظلماتُ، كما قالَ النبيُّ
غ في دعاءِ الطائفِ: «
أعوذُ بنورِ وجهِكَ
الذي أشرقَتْ لهُ الظلماتُ وصلُحَ عليه أمرُ الدنيا والآخرةِ»
([14]).
وقال عبدُ الله
ِ بنُ مسعودٍ: ليسَ عندَ ربِّكُم ليلٌ ولا نهارٌ، نورُ
السمواتِ والأرضِ من نورِ وجهِه، فهو سبحانَه نورُ السمواتِ والأرضِ، ويومَ
القيامةِ إذا جاء لفصلِ القضاءِ تُشْرِقُ الأرضُ بنُوره.
ومن أسمائِه الحسنى
(الجميلُ). وفي الصحيح عنه
غ: «
إن اللهَ جميلٌ يحبُّ الجمالَ»
([15]).
وجمالُه سبحانَه على أربعِ
مراتِبٍ: جمالُ الذاتِ،
وجمالُ الصفاتِ، وجمالُ الأفعالِ، وجمالُ الأسماءِ. فأسماؤُه كلُّها حُسْنَى،
وصفاتُه كلُّها صفاتُ كمالٍ، وأفعالُه كلُّها حكمةٌ ومصلحةٌ وعدلٌ ورحمةٌ. وأمَّا
جمالُ الذَّاتِ، وما هو عليه، فأمرٌ لا يُدْرِكُهُ سِوَاهُ، ولا يعلمُه غيرُه،
وليسَ عندَ المخلوقينَ منه إلا تعريفاتٌ تَعَرَّفَ بها إلى مَنْ أَكْرَمَهُ من
عبادِه، فإنَّ ذلكَ الجمالَ مصونٌ عن الأغيارِ محجوبٌ بسترِ الرداءِ والإزارِ، كما
قال رسوله
غ فيما يُحْكَى عنه: «
الكبرياءُ رِدَائي،
والعظمةُ إزاري»
([16]). ولما كانت الكبرياءُ أعظمُ وأوسعُ كانتْ
أَحَقَّ باسمِ الرداءِ؛ فإنه سبحانَه الكبيرُ المتعالِ، فهو سبحانَه العليُّ
العظيمُ.
قال ابنُ عباسٍ: حجبَ الذاتَ بالصفاتِ، وحجبَ الصفاتِ
بالأفعالِ، فما ظنُّكَ بجمالٍ حُجِبَ بأوصافِ الكمالِ وسُتِرَ بنعوتِ العظمةِ
والجلالِ؟!
ومن هذا المعنى يُفْهَمُ بعضُ
معانِي جمالِ ذاتِه؛ فإنَّ
العبدَ يترقَّى من معرفةِ الأفعالِ إلى معرفةِ الصفاتِ، ومن معرفةِ الصفاتِ إلى
معرفةِ الذاتِ. فإذا شاهدَ شيئًا من جمالِ الأفعالِ، استدلَّ به على جمالِ
الصفاتِ، ثم استَدَلَّ بجمالِ الصفاتِ على جمالِ الذاتِ.
ومن ههنا يتبينُ أنَّهُ
سبحانَه لهُ الحمدُ كلُّه،وأنَّ أحدًا من خَلْقِهِ لا يُحصِي ثناءً عليه، بل هو كما أثْنَى على نفسِه، وأنه
يستحقُّ أن يُعْبَدَ لذاتِه، ويُحَبَّ لذاتِه، ويُشْكَرَ لذاته، وأنه سبحانَه
يُحِبُّ نفسَه ويُثني على نفسِه ويحمدُ نفسَه، وأن محبَّتَه لنفسِه وحمدَه لنفسِه
وثناءَه على نفسِه وتوحيدَه لنفسِه، هو في الحقيقةِ الحمدُ والثناءُ والحبُّ
والتوحيدُ؛ فهو سبحانه كما أَثْنَى على نفسِه، وفوقَ ما يُثْنِي به عليه خلقُه.
وهو سبحانه كما يُحِبُّ ذاتَه
يحبُّ صفاتِه وأفعالَه،فكلُّ أفعالِه حسنٌ محبوبٌ، وإن كانَ في مفعولاتِه ما يُبْغِضُهُ ويكرهُه، فليس في
أفعالِه ما هو مكروهٌ مسخوطٌ، وليسَ في الوجودِ ما يُحَبُّ لذاتِه ويُحْمَدُ
لذاتِه إلا هو سبحانَه. وكل ما يُحَبُّ سواهُ، فإنْ كانَتْ محبَّتُه تابعةٌ
لمحبتِه سبحانَه بحيثُ يُحَبُّ لأجلِه، فمحبَّتُه صحيحةٌ، وإلا فهي محبةٌ باطلةٌ.
وهذا هو حقيقةُ الإلهيةِ؛ فإنَّ الإلهَ الحقَّ هو الذي يُحَبُّ لذاتِه ويُحْمَدُ
لذاتِه. فكيفَ إذا انضافَ إلى ذلكَ إحسانُه وإنعامُه وحلمُه وتجاوزُه وعفوُه
وبرُّه ورحمتُه؟
فعلى العبدِ أنْ يعلَمَ أنَّه
لا إلهَ إلا اللهُ، فيحبُّه
ويحمدُه لذاتِه وكمالِه، وأنْ يعلمَ أنَّه لا مُحْسِنَ على الحقيقةِ بأصنافِ
النعمِ الظاهرةِ والباطنةِ إلا هو ، فيحبُّه لإحسانِه وإنعامِه، ويحمَدُه على
ذلكَ؛ فيحبُّه من الوجهينِ جميعًا.
وكما أنَّه ليسَ كمثلِه شيءٌ،
فليسَ كمحبَّتِه محبةٌ.والمحبَّةُ معَ الخضوعِ هي العبوديةُ التي خُلِقَ الخلقُ لأجلِها؛ فإنَّها غايةُ
الحبِّ بغايةِ الذُّلِّ، ولا يصلحُ ذلكَ إلَّا له سبحانَه. والإشراكُ به في هذا،
هو الشركُ الذي لا يَغْفِرُه اللهُ، ولا يقبلُ لصاحِبِه عملًا.
وحمدُه يتضمَّنُ أصلينِ: الإخبارُ بمحامدِه وصفاتِ كمالِه، والمحبةُ
له عليها. فمَنْ أخبرَ بمحاسنِ غيرِه من غيرِ محبةٍ له لم يَكُنْ حامدًا. ومن
أحبَّه من غير إخبارٍ بمحاسنِه لم يَكُنْ حامدًا حتى يجمَعَ الأمرينِ.
وهو سبحانَه يحمدُ نفسَه بنفسِه،
ويحمدُ نفسَه بما يُجْرِيهِ على ألسنةِ الحامدينَ له من ملائكتِه وأنبيائِه
ورُسلِه وعبادِه المؤمنينَ؛ فهو الحامدُ لنفسِه بهذا وهذا؛ فإن حمدَهم له بمشيئتِه
وإذنِه وتكوينِه؛ فإنَّه هو الذي جعلَ الحامدَ حامدًا، والمسلمَ مسلمًا،
والمصلِّيَ مصليًا، والتائبَ تائبًا؛ فمنه ابتدأتِ النعمُ وإليه انتهَتْ،
فابتدأَتْ بحمدِه وانتهَتْ إلى حمدِه.
وهو الذي ألهمَ عبدَه التوبةَ،
وفرحَ بها أعظمَ فرحٍ، وهي من فَضْلِه وجُودِه. وألهمَ عبدَه الطاعةَ، وأعانَه
عليها، ثم أثابَه عليها، وهي من فَضْلِهِ وجودِه.
وهو سبحانَه غنيٌّ عن كلِّ ما
سواهُ بكلِّ وجهٍ، وما سواهُ فقيرٌ إليه بكلِّ وجهٍ، والعبدُ مفتقرٌ إليه لذاتِهِ
في الأسبابِ والغاياتِ؛ فإنَّ ما لا يكونُ به لا يكونُ، وما لا يكونُ له لا
يَنْفَعُ.
* * *
أعرفُ الناسِ باللهِ([17])من الناسِ من يعرفُ اللهَ
بالجودِ والإفضالِ والإحسانِ، ومنهم من يعرِفُه بالعفوِ والحلمِ والتجاوزِ، ومنهم
من يعرفُه بالبطشِ والانتقامِ، ومنهم من يعرفُه بالعلمِ والحكمةِ، ومنهم من يعرفُه
بالعزِّةِ والكبرياءِ، ومنهم من يعرفُه بالرحمةِ والبرِّ واللطفِ، ومنهم من يعرفُه
بالقهرِ والملكِ، ومنهم من يعرفُه بإجابةِ دعوتِه وإغاثةِ لهفتِهِ وقضاءِ حاجتِه.
وأعظمُ هؤلاءِ معرفةً: من
عَرَفَه من كلامِه؛ فإنَّه
يعرِفُ ربًّا قد اجتمعَتْ له صفاتُ الكمالِ ونعوتُ الجلالِ، منزَّهٌ عن المثالِ،
بريءٌ من النقائص والعيوبِ، له كلُّ اسمٍ حسنٍ وكلُّ وصفِ كمالٍ، فعَّالٌ لما
يريدُ، فوقَ كلِّ شيءٍ، ومع كلِّ شيءٍ، وقادرٌ على كلِّ شيءٍ، ومقيمٌ لكلِّ شيءٍ،
آمرٌ ناهٍ، متكلمٌ بكلماتِه الدينيةِ والكونيةِ، أكبرُ من كلِّ شيءٍ، وأجملُ من
كلِّ شيءٍ، أرحمُ الراحمينَ، وأقدرُ القادرينَ، وأحكمُ الحاكمينَ. فالقرآنُ
أُنْزِلَ لتعريفِ عبادِه به، وبصراطِه الموصلِ إليه، وبحالِ السالكينَ بعد الوصولِ
إليه.
* * *
الحمدُ من طرقِ تعظيمِِ اللهِ تعالى
ومن الوسائلِ التي تُفضِي إلى
تعظيمِ الله
ِ تعالى وإجلالِه: كثرةُ حمدِه سبحانه وتعالى
والثناءِ عليه سبحانه وشكرِه على نعمِه. وقدْ روى البخاريُّ عن أبي أمامةَ أنَّ
النبيَّ
غ كانَ إذا رَفَعَ مائدتَه قال: «
الحمدُ
للهِ حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، غيرَ
مكفيٍّ، ولا مودَّعٍ، ولا مستغنَىً عنه».
فاللهُ تعالى لا يستطيعُ أحدٌ أن يكافِيه على إنعامِه
أبدًا، لأنَّ شكرَه سبحانه هو نعمةٌ من نِعَمِه كما قيل:
فالمعظِّمُ لربِّه
ﻷ يعترفُ بقلبِه أنَّه لو أنفقَ جميعَ عمرِه
في قيامِ الليلِ وصيامِ النهارِ ولم يَزَلْ لسانُه رطبًا بذكرِ الله
ِ، فإنَّه لا يستطيعُ تأديةَ شكرِ نعمةٍ واحدةٍ منْ نعمِ
الله
ِ عليه. ومعَ ذلكَ فإنَّه يَجِبُ على العبدِ
أن يَلْهَجَ بحمدِ الله
ِ تعالى وشكرِه
والثناءِ عليهِ وأن يقدِّمَ ذلكَ بين يَدَيْ دُعائِهِ وسؤالِه.
فإنَّ الحمدَ يتضمَّنُ مدحَ
المحمودِ بصفاتِ كمالِه، ونعوتِ جلالِه، معَ محبَّتِه والرِّضَا عنه، والخضوعِ له.
فلا يكونُ حامدًا من جَحَدَ صفاتِ المحمودِ، ولا من أعرضَ عن محبَّتِه والخضوعِ
له. وكلَّما كانت صفاتُ كمالِ المحمودِ أكثرَ كان حمدُه أكملَ، وكلما نقصَ من
صفاتِ كمالِه نقصَ من حمدِه بحَسَبِها. ولهذا كانَ الحمدُ كلُّه لله
ِ حمدًا لا يحصِيهِ سِوَاهُ، لكمالِ صفاتِه وكثرتِها.
ولأجلِ هذا لا يُحْصِي أحدٌ من خلقِه ثناءً عليه، لما له من صفاتِ الكمالِ، ونعوتِ
الجلالِ التي لا يحصِيها سِوَاهُ.
ومعلومٌ بالفِطَرِ والعقولِ
السليمةِ والكُتُبِ السماويَّةِ: أنَّ فاقدَ صفاتِ الكمالِ لا يكونُ إلهًا، ولا
مدبِّرًا، ولا ربًّا، بل هو مذمومٌ، معيبٌ ناقصٌ، ليسَ له الحمدُ، لا في الأولى
ولا في الآخرةِ. وإنَّما الحمدُ في الأولى والآخرةِ لمن له صفاتُ الكمالِ، ونعوتُ
الجلالِ، التي لأجلِها استحَقَّ الحمدَ.
وكذلكَ حمدُه لنفسِه على عدمِ
اتِّخَاذِ الولدِ المتضمِّنِّ لكمالِ صَمَدِيَّتِه وغِنَاه وملكِه، وتعبيدِ كلِّ
شيءٍ له. فاتِّخَاذُ الولدِ يُنَافِي ذلكَ، كما قال تعالى: ﴿
ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓﯔ ﯕ ﯖﯗ ﯘ ﯙ ﯚ
ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ﴾ [يونس:68].
وحمدُ نفسِه على عدمِ الشريكِ،
المتضمِّنِ تفرُّدِه بالربوبيَّةِ والإلهيَّةِ، وتوحُّدِه بصفاتِ الكمالِ التي لا
يوصَفُ بها غيرُه، فيكونُ شريكًا له. فلو عَدِمَها لكانَ كلُّ موجودٍ أكملَ منه.
لأنَّ الموجودَ أكملُ من المعدومِ. ولهذا لا يحمدُ نفسَه سبحانه بعدمٍ، إلا إذا
كانَ متضمِّنًا لثبوتِ كمالٍ. كما حَمِدَ نفسَه بكونِه لا يموتُ لتضمُّنِه كمالَ
حياتِه.
([1]) مدارج
السالكين (3/250).([2]) بدّعت
بهم: خذلتهم.([3])
مسلم (2858)، الترمذي (2323)، ابن ماجه (4108).([4])
ابن ماجه (184)، باب (13) فيما أنكرت الجهمية.([5]) مجموع
الفتاوى (2/398-400) دار الوفاء.([6])
البخاري (5999)، مسلم (2754).([7]) مجموع
الفتاوى (2/400).([8])
مدارج السالكين (2/495).([9])
الحجة في بيان المحجة (1/141، 142).([10])
الوابل الصيب (ص:17-18).([11])
الفوائد لابن القيم (ص:40-42).([12])
الفوائد (ص:258).([13])
(سُبُحاتُ) وجهِ الله تعالى بضمتين: جلالتُه.([14])
رواه الطبراني في (الكبير) عن عبد الله بن جعفر. وهو ضعيف. انظر: تخريج فقه السيرة
(131). ([15])
رواه مسلم (147)، والترمذي (1999). ([16]) مسلم
(620)، وأبو داود (3567).([17])
الفوائد (ص:257).