كــــتاب الجنائز
تأليف
الفقير إلى ربه
محمد بن شامي بن مطاعن شيبة
حفظه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
كــتـــاب الجــنــــائـــز
• جمع جنازة :اسم للميت –أو للنعش عليه ميت 0
مشروعية الإكثار من ذكر الموت والاستعداد له
• يسن الإكثار من ذكر الموت لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ يَعْنِي الْمَوْتَ ) رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة زاد البيهقي وابن حبان( فما ذكره عبد قط وهو في ضيق إلا وسعه عليه ، ولا ذكره وهو في سعة إلا ضيقه عليه ) حسن 0 وفي حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( اسْتَحْيُوا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَسْتَحْيِي وَالْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ لَيْسَ ذَاكَ وَلَكِنَّ الِاسْتِحْيَاءَ مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى وَالْبَطْنَ وَمَا حَوَى وَلْتَذْكُرْ الْمَوْتَ وَالْبِلَى وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ اسْتَحْيَا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ ) رواه الترمذي وحسنه النووي0
• من ذكر الموت تذكره بالقلب وجعله على البال وأن المرء خارج من الدنيا – ويشرع الاستعداد له ويجب الاستعداد للموت بالقيام بالواجبات وترك المحرمات – ويسن الزيادة على ذلك بفعل المندوبات وترك المكروهات وفي حديث الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ ( بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ إِذْ بَصُرَ بِجَمَاعَةٍ فَقَالَ عَلَامَ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ هَؤُلَاءِ قِيلَ عَلَى قَبْرٍ يَحْفِرُونَهُ قَالَ فَفَزِعَ رَسُولُ اللَّهِ فَبَدَرَ بَيْنَ يَدَيْ أَصْحَابِهِ مُسْرِعًا حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْقَبْرِ فَجَثَا عَلَيْهِ قَالَ فَاسْتَقْبَلْتُهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ لِأَنْظُرَ مَا يَصْنَعُ فَبَكَى حَتَّى بَلَّ الثَّرَى مِنْ دُمُوعِهِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا قَالَ أَيْ إِخْوَانِي لِمِثْلِ الْيَوْمِ فَأَعِدُّوا ) رواه أحمد - حسن 0 وفي حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ ( أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ بِمَنْكِبِي فَقَالَ كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ ) رواه البخاري0
مشروعية الاجتهاد في حسن الخاتمة ووجوب الصبر على المصائب
• يشرع السعي في حسن الخاتمة بحيث أن يكون المرء مستسلماً لله في كل وقت وهذا من الواجبات بفعل الواجبات وترك المحرمات وقد قال تعالى ( فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) [البقرة : 132] فيشرع للمرء أن يكون على أتم حال من الطاعات حتى إذا نزل به الموت فإذا هو على عمل من أعمال الخير فتحسن خاتمته وذلك حسب استطاعة العبد0
• يجب الصبر على المصائب ومن ذلك المرض والصبر هوحبس القلب عن الجزع وحبس اللسان عن التشكي تسخطاً وحبس الجوارح عن ضرب الخدود ونحو ذلك0
• اماالشكوى إلى الله عز وجل فهي مشروعة لأنها من الإنابة إليه والرجوع إليه والتعلق بالله جل وعلا ومن ذلك قول أيوب ( وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) [الأنبياء : 83] ودعاء الله أن يشفي المريض فهذا مشروع فيدعو لنفسه ويلجأ إلى الله في ذلك 0
• الرضا بالمصائب : لم يأت ما يدل على أنه منزلة فوق الصبر والنبي إنما امر بالصبر وقد أثنى الله على الصابرين فقال ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) [الزمر : 10]وقال تعالى ( وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ )(البقرة)
ما يشرع للمسلم إذا أصيب بمصيبة من مرض او غيره
أ- الصبر وهذا واجب كما مر 0
ب-يسن الاسترجاع فيقول إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ لحديث أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ(مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ اللَّهُمَّ أْجُرْنِى فِى مُصِيبَتِى وَأَخْلِفْ لِى خَيْرًا مِنْهَا. إِلاَّ أَخْلَفَ اللَّهُ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا رواه مسلم0
ج- يسن الدعاء أن يأجره الله ويخلف له خيراً منها لحديث أُمِّ سَلَمَةَ (اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا أَخْلَفَ اللَّهُ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا قَالَتْ فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُ أَيُّ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ أَوَّلُ بَيْتٍ هَاجَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ثُمَّ إِنِّي قُلْتُهَا فَأَخْلَفَ اللَّهُ لِي رَسُولَ اللَّهِ قَالَتْ أَرْسَلَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ يَخْطُبُنِي لَهُ فَقُلْتُ إِنَّ لِي بِنْتًا وَأَنَا غَيُورٌ فَقَالَ أَمَّا ابْنَتُهَا فَنَدْعُو اللَّهَ أَنْ يُغْنِيَهَا عَنْهَا وَأَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَذْهَبَ بِالْغَيْرَةِ) رواه مسلم
د- يجب الصبر عند الصدمة الأولىو هو الصبر الذي عند مفاجأة المصيبة لحديث أَنَس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ قَالَ (الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى ) رواه البخاري
هـ-يشرع احتساب العبد ذلك عند الله عز وجل لحديث أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ(أَرْسَلَتْ ابْنَةُ النَّبِيِّ إِلَيْهِ إِنَّ ابْنًا لِي قُبِضَ فَأْتِنَا فَأَرْسَلَ يُقْرِئُ السَّلَامَ وَيَقُولُ إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ00الحديث ) رواه الشيخان وليعلم العبد أن لله ما أخذ ولله ما أعطى لحديث أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا (كما مر0
و-يسن للمسلم أن يحمد الله لحديث أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ( إِذَا مَاتَ وَلَدُ الْعَبْدِ قَالَ اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي فَيَقُولُونَ نَعَمْ فَيَقُولُ قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ فَيَقُولُونَ نَعَمْ فَيَقُولُ مَاذَا قَالَ عَبْدِي فَيَقُولُونَ حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ فَيَقُولُ اللَّهُ ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَسَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ ) رواه الترمذي وغيره – حسن0 – وأن يعلم أنه إذا صبر كان خيراً له0
• أما الشكوى بالإخبار عن المرض بلا تسخط كالشكوى بشرح مرض للطبيب ونحوه فهذا جائز بلا كراهة ولمجرد الإخبار فقط لحديث عبْد اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ قال ( دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَهُوَ يُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا فَمَسِسْتُهُ بِيَدِي فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ أَجَلْ إِنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلَانِ مِنْكُمْ 00) رواه الشيخان0
أقســـــــــام الرضا بالمصائب كالمرض ونحوه
1- القسم الأول : فعل الله عز وجل فهذا يجب الرضا به0
2-القسم الثاني : المصيبة المنفصلة فهذه لا يجب الرضا بها بل يجب الصبر عليها فقط0
• المصيبة هي التي لا صنع للعبد فيها وإنما هي تأتيه ولا بد له فيها كالمرض والموت والفقر وموت الولد ونحو ذلك – أما الذنوب والمعاصي فليست من هذا الباب0
• الأنين إذا غلب على المريض فلا شيء فيه أما إذا لم يغلبه فالأولى تركه 0
حكم تمني الموت
1-أن يتمنى الشهادة خالصاً من قلبه فهذا مستحب لحديث سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ صَادِقًا بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ ) رواه أبو داود0
2- أن يتمنى الموت على الإسلام فهذا من تمني الموت على الإسلام لا تمني للموت فلا مانع من ذلك بل هو مستحب كما قال تعالى عن يوسف ( تَوَفَّنِي مُسْلِمًا ) [يوسف : 101]0
3- أن يتمنى الموت عند الفتن غير مفتون فهذا مشروع لقوله صلى الله عليه وسلم (وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون) 0
4- أن يطلب الله عز وجل أن يحييه إذا كانت الحياة خيراً 00الخ لحديث أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مُتَمَنِّيًا لِلْمَوْتِ فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتْ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتْ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي ) رواه الشيخان فهذا جائز
5-أن يتمنى الموت لضر نزل به فقط فهذا هو المنهي عنه اويتمنى تسخطاً فهذا محرم وإذا كان لمجرد الضر بلا تسخط فهذا مكروه لحديث أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ ) رواه الشيخان0
6- أن الأصل النهي عن تمني الموت ولذلك إنما يدعو ( اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتْ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتْ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي ) وذلك إذا كان لابد فاعلالقوله ( فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مُتَمَنِّيًا لِلْمَوْتِ فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتْ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتْ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي ) الحديث رواه الشيخان0
وجوب ظن الخير بالله ومشروعية محبة لقاء الله
• يجب على العبد أن يظن بربه خيراً لقوله فيما يرويه عن ربه ( يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي ) رواه البخاري ولقوله ( لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ بِاللَّهِ الظَّنَّ ) رواه مسلم من حديث جَابِرٍ رضي الله عنه0
• يشرع له أن يحب لقاء الله لقوله ( مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ ) رواه الشيخان من حديث عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ0- وإذا كان في المرض فإنه يغلب جانب الرجاء وفي الصحة يغلب جانب الخوف 0
• الخوف والرجاء كجناحي الطائرة وقد نص أحمد أن يكون خوفه ورجاءه واحداً قال الشيخ تقي الدين وهذا هو العدل0اهـ0
الـــــــتـــــــــــداوي
• التداوي : يباح التداوي بدواء مباح إجماعاً – ولا يجب التداوي عند جمهور العلماء- يحرم التداوي بمحرم مأكول أو غيره0
• التداوي بالكي:مكروه لحديث عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ(أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ نَهَى عَنْ الْكَيِّ ) رواه الترمذي-صحيح0لكنه جائز مع الكراهة لحديث جَابِر ( أَنَّ النَّبِيَّ كَوَى سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ مِنْ رَمِيَّتِهِ ) رواه أبو داود- صحيح0
• التداوي بالرقية بأن يطلب من غيره أن يرقيه فهذا الأولى تركه لأنه قال في حديث السبعين ألف ( لَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وَلَا يَكْتَوُونَ ) رواه الشيخان0
• التداوي بالضفدع فلا يجوز لحديث عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ ( أَنَّ طَبِيبًا سَأَلَ النَّبِيَّ عَنْ ضِفْدَعٍ يَجْعَلُهَا فِي دَوَاءٍ فَنَهَاهُ النَّبِيُّ عَنْ قَتْلِهَا ) رواه أبو داود- صحيح0
• تداوي الذكر بلبس الحرير فإنه جائز لحديث أَنَسٍ قَالَ(رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ أَوْ رُخِّصَ لِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ لِحِكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا ) رواه الشيخان0
• أما مداوة الناس بأن يرقيهم فلا كراهة فيه لأنه من فعل الخير للمسلم ولأن بعض الصحابة رقى سيد الحي وأخذ قطيعاً من الغنم على ذلك وأقرهم النبي كما في الحديث الصحيح فعن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ( أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ أَتَوْا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَلَمْ يَقْرُوهُمْ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ لُدِغَ سَيِّدُ أُولَئِكَ فَقَالُوا هَلْ مَعَكُمْ مِنْ دَوَاءٍ أَوْ رَاقٍ فَقَالُوا إِنَّكُمْ لَمْ تَقْرُونَا وَلَا نَفْعَلُ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا فَجَعَلُوا لَهُمْ قَطِيعًا مِنْ الشَّاءِ فَجَعَلَ يَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَيَجْمَعُ بُزَاقَهُ وَيَتْفِلُ فَبَرَأَ فَأَتَوْا بِالشَّاءِ فَقَالُوا لَا نَأْخُذُهُ حَتَّى نَسْأَلَ النَّبِيَّ فَسَأَلُوهُ فَضَحِكَ وَقَالَ وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ خُذُوهَا وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ ) رواه البخاري
• التداوي بالتمائم وتعليقها محرم لقوله ( إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ ) رواه أبو داود- صحيح0
• التداوي بما ليس محرم ولا مكروه فالأصل في ذلك المشروعية لحديث أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ ( أَتَيْتُ النَّبِيَّ وَأَصْحَابَهُ كَأَنَّمَا عَلَى رُءُوسِهِمْ الطَّيْرُ فَسَلَّمْتُ ثُمَّ قَعَدْتُ فَجَاءَ الْأَعْرَابُ مِنْ هَا هُنَا وَهَا هُنَا فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَتَدَاوَى فَقَالَ تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ الْهَرَمُ)رواه أبو داود وأحمد-صحيح0 فهذا أمره وأقل أحواله الندب – كما دل على مشروعية التداوي فعله لحديث جَابِرٍ ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ عَلَى وِرْكِهِ مِنْ وَثْءٍ كَانَ بِهِ ) رواه أبو داود-صحيح أَيْ الْوَثْء ( بِهِ ): صِفَة لِلْوَثْءِ وَالْبَاء لِلْإِلْصَاقِ ، وَفِي الْقَامُوس الْوَثْء وَجَع يُصِيب اللَّحْم لَا يَبْلُغ الْعَظْم أَوْ وَجَع فِي الْعَظْم بِلَا كَسْر أَوْ هُوَ الْفَكّ وَبِهِ وَثْء وَلَا تَقُلْ وَثْي أَيْ بِالْيَاءِ . وفي حديث ابْنِ عَبَّاسِ ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ اسْتَعَطَ ) رواه أبو داود ( اِسْتَعَطَ ). أَيْ اِسْتَعْمَلَ السَّعُوط وَهُوَ أَنْ يَسْتَلْقِيَ عَلَى ظَهْره وَيَجْعَل بَيْن كَتِفَيْهِ مَا يَرْفَعهُمَا لِيَنْحَدِر رَأْسه وَيُقَطِّر فِي أَنْفه مَاء أَوْ دُهْنًا فِيهِ دَوَاء مُفْرَد أَوْ مُرَكَّب لِيَتَمَكَّن بِذَلِكَ مِنْ الْوُصُول إِلَى دِمَاغه لِاسْتِخْرَاجِ مَا فِيهِ مِنْ الدَّاء بِالْعُطَاسِ0 وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ ( عَلَى مَا تَدْغَرْنَ أَوْلَادَكُنَّ بِهَذَا الْعِلَاقِ عَلَيْكُنَّ بِهَذَا الْعُودِ الْهِنْدِيِّ فَإِنَّ فِيهِ سَبْعَةَ أَشْفِيَةٍ مِنْهَا ذَاتُ الْجَنْبِ يُسْعَطُ مِنْ الْعُذْرَةِ وَيُلَدُّ مِنْ ذَاتِ الْجَنْبِ ) رواه الشيخان وقال( اسْقِهِ عَسَلًا ) رواه الشيخان من حديث أَبِي سَعِيدٍ 0وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْكَمْأَةُ مِنْ الْمَنِّ وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ ) رواه الشيخان من حديث سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ 0 وَالْكَمْأَة نَبَات لَا وَرَق لَهَا وَلَا سَاقَ ، تُوجَد فِي الْأَرْض مِنْ غَيْر أَنْ تُزْرَع . قِيلَ : سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاسْتِتَارِهَا ، يُقَال كَمَأَ الشَّهَادَة إِذَا كَتَمَهَا . وَمَادَّة الْكَمْأَة مِنْ جَوْهَر أَرْضِيّ بُخَارِيّ يَحْتَقِن نَحْو سَطْح الْأَرْض بِبَرْدِ الشِّتَاء وَيُنَمِّيه مَطَر الرَّبِيع فَيَتَوَلَّد وَيَنْدَفِع مُتَجَسِّدًا ، وَلِذَلِكَ كَانَ بَعْض الْعَرَب يُسَمِّيهَا جُدَرِيّ الْأَرْض تَشْبِيهًا لَهَا بِالْجُدَرِيِّ مَادَّة وَصُورَة0
وجوب الــــتـــــداوي عند ظن الهلاك ولكل داء دواء
• إذا كان في ترك التداوي الهلاك أو غلب على الظن الهلاك فإن التداوي يكون واجباً كما لو أصيب بقطع في أحد عروقه فإن لم يخط نزف الدم منه حتى يموت فإنه يجب خياطة ذلك ونحو ذلك لقوله تعالى(وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)[البقرة : 195]0
• اعلم أيها المريض أنه ما من داء إلا له دواء ولا يقال هذا الداء لا دواء له أو لا شفاء له لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ قَالَ ( مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً ) رواه البخاري0- ولحديث جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ ( لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ)رواه مسلم
• الأمر بالتداوي لا ينافي التوكل قال الشيخ تقي الدين –رحمه الله -:ينبغي أن يعلق الرجاء بالله لا بمخلوق ولا بقوة العبد ولا عمله فإن تعليق الرجاء بغير الله شرك 0
• تبين مما مضى أن التداوي الأصل فيه الندب ويخرج من ذلك ما حرم أو كره0
الـــــحِـــمْـــــــيَـــة
• الحـميـة :-هي منع المريض من تناول ما يضره – فإن علم المريض أن هذا يضره حرم عليه تناوله لقوله
لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ)رواه مالك0 أما إن كان لا يعلم ولكن يحتمل أنه يضره كره له تناوله فإن كان لا يدري فلا كراهة وفي حديث أُمِّ الْمُنْذِرِ بِنْتِ قَيْسٍ الْأَنْصَارِيَّةِرضي الله عنها قَالَتْ
دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَعَلِيٌّ نَاقِهٌ مِنْ مَرَضٍ وَلَنَا دَوَالِي مُعَلَّقَةٌ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ مِنْهَا فَتَنَاوَلَ عَلِيٌّ لِيَأْكُلَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَهْ يَا عَلِيُّ إِنَّكَ نَاقِهٌ قَالَتْ فَصَنَعْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِلْقًا وَشَعِيرًا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا عَلِيُّ مِنْ هَذَا فَأَصِبْ فَإِنَّهُ أَنْفَعُ لَكَ)رواه ابن ماجه و أبو داود-وهو حسن 0
• يستحب للمريض أن يتناول ما ينفعه وفي حديث أُمِّ الْمُنْذِرِ بِنْتِ قَيْسٍ الْأَنْصَارِيَّةِ رضي الله عنها قَالَتْ- قال رسول الله
يَا عَلِيُّ مِنْ هَذَا فَأَصِبْ فَإِنَّهُ أَنْفَعُ لَكَ)0
التداوي بالحجامة والخضاب والحبة السوداء وغيرها
• مما ارشد إليه في الطب : الحجامة وفي حديث أَبِي هُرَيْرَة t
أَنَّ أَبَا هِنْدٍ حَجَمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْيَافُوخِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا بَنِي بَيَاضَةَ أَنْكِحُوا أَبَا هِنْدٍ وَأَنْكِحُوا إِلَيْهِ وَقَالَ وَإِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِمَّا تَدَاوُونَ بِهِ خَيْرٌ فَالْحِجَامَةُ)رواه أبو داود فان احتجم لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين كان شفاء من كل داء لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
مَنْ احْتَجَمَ لِسَبْعَ عَشْرَةَ وَتِسْعَ عَشْرَةَ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ كَانَ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ)رواه أبو داود-صحيح والحجامة فيها فائدة من كثير من الأمراض لقوله في حديث أَبِي كَبْشَةَ الْأَنْمَارِيِّ قَالَ كَثِيرٌ إِنَّهُ حَدَّثَهُ (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَحْتَجِمُ عَلَى هَامَتِهِ وَبَيْنَ كَتِفَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ مَنْ أَهْرَاقَ مِنْ هَذِهِ الدِّمَاءِ فَلَا يَضُرُّهُ أَنْ لَا يَتَدَاوَى بِشَيْءٍ لِشَيْءٍ)رواه أبو داود-صحيح0
• من الطب الخضاب: لحديث عَلِيِّ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ جَدَّتِهِ رضي الله عنهما سَلْمَى خَادِمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ
مَا كَانَ أَحَدٌ يَشْتَكِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعًا فِي رَأْسِهِ إِلَّا قَالَ احْتَجِمْ وَلَا وَجَعًا فِي رِجْلَيْهِ إِلَّا قَالَ اخْضِبْهُمَا)رواه أبو داود-حسن 0
• من الطب: قوله
مَنْ تَصَبَّحَ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعَ تَمَرَاتٍ عَجْوَةً لَمْ يَضُرَّهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ سُمٌّ وَلَا سِحْرٌ)رواه الشيخان،(وهذا من الوقاية)0
• من الطب العود الهندي :وقد مر –والحبة السوداء شفاء من كل داء كما قال
فِي الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلَّا السَّامَ)رواه الشيخان من حديث أَبِي هُرَيْرَة َ0 t
• من الطب الكحل
الاثمد) لقوله
وَإِنَّ خَيْرَ أَكْحَالِكُمُ الْإِثْمِدُ يَجْلُو الْبَصَرَ وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ)رواه أبو داود-صحيح0
الرقى الشرعية واستعمال القثـــاء والتلبينة
• من الرقى قوله
اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ مُذْهِبَ الْبَاسِ اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لَا شَافِيَ إِلَّا أَنْتَ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا)رواه البخاري- ومن الدعاء قوله في حديث عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ t : (أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عُثْمَانُ وَبِي وَجَعٌ قَدْ كَادَ يُهْلِكُنِي قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْسَحْهُ بِيَمِينِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَقُلْ أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ قَالَ فَقُلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَ اللَّهُ مَا كَانَ بِي فَلَمْ أَزَلْ آمُرُ بِهَا أَهْلِي وَغَيْرَهُمْ)رواه مالك -يعني يمسح موضع الألم- والأصل في الرقى أنها جائزة لقوله في حديث عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ t قَالَ
كُنَّا نَرْقِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى فِي ذَلِكَ فَقَالَ اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ)رواه مسلم- فيمنع منها ما كان فيها شرك 0
• من أراد السِمَن فإنه يطعم القثاء بالرطب لحديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ
أَرَادَتْ أُمِّي أَنْ تُسَمِّنَنِي لِدُخُولِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ أَقْبَلْ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ مِمَّا تُرِيدُ حَتَّى أَطْعَمَتْنِي الْقِثَّاءَ بِالرُّطَبِ فَسَمِنْتُ عَلَيْهِ كَأَحْسَنِ السَّمْنِ)رواه أبو داود-صحيح0
• مما هو لكل الأمراض التلبينة(حساء من دقيق)لحديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
أَنَّهَا كَانَتْ تَأْمُرُ بِالتَّلْبِينِ لِلْمَرِيضِ وَلِلْمَحْزُونِ عَلَى الْهَالِكِ وَكَانَتْ تَقُولُ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ التَّلْبِينَةَ تُجِمُّ فُؤَادَ الْمَرِيضِ وَتَذْهَبُ بِبَعْضِ الْحُزْنِ)رواه الشيخان0
• يحرم التداوي بالسماع المحرم :كسماع الغناء والموسيقى والطبل –ومن أنفع شيء للبدن والقلب القران فهو شفاء ورحمة للمؤمنين 0
الـــــتـــــداوي بالعسل والكمأة
• مماجاء في التداوي بالعسل: لقوله تعالى: (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)النحل آية[68-69] ولحديث أَبِي سَعِيدٍy
أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَخِي يَشْتَكِي بَطْنَهُ فَقَالَ اسْقِهِ عَسَلًا ثُمَّ أَتَى الثَّانِيَةَ فَقَالَ اسْقِهِ عَسَلًا ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ اسْقِهِ عَسَلًا ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ قَدْ فَعَلْتُ فَقَالَ صَدَقَ اللَّهُ وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ اسْقِهِ عَسَلًا فَسَقَاهُ فَبَرَأَ)رواه الشيخان0
• التداوي بالقسط الهندي: وقد مر – والتداوي بالكمأة لحديث سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الْكَمْأَةُ مِنْ الْمَنِّ وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ)رواه الشيخان-ودواء الحمى بصب الماء البارد على المحموم لقوله الحمى كير من جهنم فنحوها عنكم بالماء البارد0
مشروعية عيادة المريض وحكم عيادة الفاسق
• تسن عيادة المريض: إجماعاً لقوله في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ tأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ قِيلَ مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَسَمِّتْهُ وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ) رواه مسلم-وعيادة المريض سنة مؤكدة جداً لحديث الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ
أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ فَذَكَرَ عِيَادَةَ الْمَرِيضِ وَاتِّبَاعَ الْجَنَائِزِ وَتَشْمِيتَ الْعَاطِسِ وَرَدَّ السَّلَامِ وَنَصْرَ الْمَظْلُومِ وَإِجَابَةَ الدَّاعِي وَإِبْرَارَ الْمُقْسِمِ)رواه الشيخان-وقال الشيخ تقي الدين الذي يقتضيه النص وجوب عيادة المريض -ولعيادة المريض فضل لقوله
مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَزَلْ فِي خُرْفَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَ) رواه مسلم0
• العيادة سنة من كل الأمراض :وسواء لقريب أو لغيره ولمن طال مرضه أو قصر لكن المبتدع لا يعاد إلا على سبيل دعوته إن ظن أنه يستجيب وإلا فلا –وأما الكافر كالنصراني فقال الشيخ تقي الدين لا بأس بها لأنه قد يكون في ذلك مصلحة لتأليفه على الإسلام –قلت جاء ذلك في حديث أَنَسٍ t قَالَ: (كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ أَسْلِمْ فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ)رواه الشيخان- وقد عاد عمه أبا طالب وقال له (يَا عَمِّ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ)رواه الشيخان0
• عيادة الكافر: إن كان ذلك لدعوته إلى الله فهي مشروعة لفعله مع عمه واليهودي –وإن كانت لغير ذلك فلا تشرع –وكذلك أهل البدع كما مر0
• عيادة الفاسق: بارتكاب كبيرة من كبائر الذنوب أو بإصراره على صغيرة إذا كانت من أجل عرض التوبة عليه فعيادته مشروعة وتتأكد سنيتها وقد تجب وجوباً كفائياً عند بعض العلماء لأنه مسلم أما إذا كانت عيادته يترتب عليها زيادة تمسكه بالكبيرة أو انخراط غيره فيها فلا تشرع عيادته 0بل تحرم
• العيادة للمريض ليس لها وقت مخصص لا بيوم ولا بوقت ولا بمدة معينة بل هي مشروعة في سائر الأوقات بالليل أو النهار في أوقات لا مشقة فيها على المريض أو على أهل المريض –وكذلك العيادة حسب المصلحة فقد تطول وقد تقصر وينظر إلى حال المريض وحال الزائر والقرائن بما لا ضرر فيه ولا مشقة بل بحسب المصلحة0
• يسن أن يسأل العائد المريض عن حاله ويجلس عند رأسه ويقول : لا بأس طهور إن شاء الله لحديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ دَخَلَ عَلَى أَعْرَابِيٍّ يَعُودُهُ قَالَ
وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ قَالَ لَا بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَالَ لَهُ لَا بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ قُلْتُ طَهُورٌ كَلَّا بَلْ هِيَ حُمَّى تَفُورُ أَوْ تَثُورُ عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ تُزِيرُهُ الْقُبُورَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَعَمْ إِذًا)رواه البخاري والنبي صلى الله عليه وسلم لما عاد الغلام اليهودي قعد عند رأسه0
رقية المريض والدعاء لــــــــه وتذكيره بالتوبة والوصية
• يسن لمن عاد المريض أن يرقى المريض لحديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ إِذَا أَتَى مَرِيضًا أَوْ أُتِيَ بِهِ قَالَ
أَذْهِبْ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ اشْفِ وَأَنْتَ الشَّافِي لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا)رواه الشيخان- ولحديث أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ اشْتَكَيْتَ فَقَالَ نَعَمْ قَالَ (بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ اللَّهُ يَشْفِيكَ بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ)رواه مسلم0
• يسن لمن عاد مريضاً أن يدعو له كما قال (اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا ثَلَاثَ مِرَارٍ)رواه مسلم0
• يسن لمن عاد مريضا أن يعلمه أن يمسح بيمينه مكان الألم ويدعو كما مر في حديث عثمان بن أبي العاص لأنه علم عثمان ذلك0
• يسن لمن عاد مريضاً أن يذكره التوبة لأنه أحوج إليها من غيره ليتوب من الذنوب كلها وينصحه بكثرة ذكر الله والاستغفار والصلاة والأعمال الصالحة التي يستطيع أن يأتي بها والتحلل من المظالم وإذا رآه على منكر نهاه عنه بأسلوب جميل كريم وذكره لقاء الله وذكره بالجنة والنار وان باب التوبة مفتوح لقوله (إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ)رواه الترمذي وابن ماجه عن ابْنِ عُمَرَ-حسن0
• يسن لمن عاد مريضاً أن يذكره الوصية لأن الوصية مستحبة له0 لحديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ (مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ)رواه الشيخان 0
• الوصية قد تجب إذا كان بدين عليه ليس لصاحبه بينة ونحو ذلك كوديعة عنده ليس لصاحبها بينة-وقد تكون مسنونة في غير ذلك كما لو أوصى شخصا من أهل الفضل والعلم بالصلاة عليه وأوصى إلى أهل الخيرليكون وصياً على ولده الصغير ونحو ذلك والوصية بتفرقة ثلثه في أعمال البر والوصية بغُسله ونحو ذلك0
ما يشرع إذا نزل الموت بالمسلــــم
• إذا نزل به ملك الموت لقبض روحه فيسن أن يتعاهده أرفق أهله به وإذا كان لا رفق لديهم تعاهده غيرهم من أهل الرفق والتقى والصبر والاحتمال ومحبة الخير لهذا المريض فيبل حلقه بماء أو غيره ويندي شفتيه بقطنة أو غيرها لأن النزع شديد وهذا يخفف من النزع وشدته ويسهل عليه النطق بالشهادة –وإذا احتاج المريض إلى ذلك وعليه ضرر بتركه وجب ذلك كله-ومن عليه حد رجم أو قصاص حل استيفاؤه وأصابه الكرب فيكون عنده من يرغبه في التوبة والذكر ويسعى في الخير له
• يسن سنة مؤكدة جداً تلقين المريض [لا إله إلا الله] لتكون آخر كلامه وسواء كان في مرضه الذي نزل به الموت فيه وطال مرضه أو لم يطل - لقوله (لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ )رواه مسلم عن أَبَي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ - ولقوله (مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ)رواه أبو داود والحاكم عن مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ-صحيح –وأما من عليه حدٌ أو قصاص فإنه لا بأس بتلقينه وتذكيره[لا إله إلا الله] وليس سنية ذلك كالمريض فإنه لم يأت عنه أنه لقن ماعزاً والغامدية –فيلقن ويذكر بالشهادة لتكون آخر كلامه0
• صيغة التلقين أن يأمر المريض بذلك فيقول له يا فلان قل [لا إله إلا الله]لأنه قال لِأَبِي طَالِبٍ(يَا عَمِّ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ)رواه الشيخان0وفي حديث أَنَسٍ t أَنَّ النَّبِيَّ دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ يَعُودُهُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَا خَالُ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَالَ أَوَخَالٌ أَنَا أَوْ عَمٌّ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا بَلْ خَالٌ فَقَالَ لَهُ قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ هُوَ خَيْرٌ لِي قَالَ نَعَمْ)رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح 0
• يسن إذا كان المريض قريباً كعم أن يلقنه ويقول له [يا عم ] وإن كان خالاً أو من قرابة أمه قال له يا خال وإن كان أباً قال يا أبت وإن كان أخاً قال يا أخي وهكذا لفعله مع عمه والأنصاري [من بني النجار]0
• من عاد محتضِرا سُن تلقينه الشهادة لتكون آخر كلامه، ولذلك إذا قالها وسكت لم تعد عليه إلا إذا تكلم بعدها لحديث
مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ)فإن تكلم بعدها لقنه مرة أخرى أو مرتين أو أكثر مالم يضجره وليس في ذلك عدد معين 0
• التلقين يكون برفق وحكمة واحسان0كما في الحديث الصحيح : (إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ)رواه مسلم0وإذا كان المريض ممن يرتاح لاشخاص معروفين ويسمع كلامهم جيء بهم ليلقنوه إن كان لا يقبل من غيرهم –ويُشرع لمن يقبل منهم البقاء عنده لتلقينه حتى تخرج روحه0
• أما قراءة سورة يس عند المحتضر أو على الميت فهذا ليس عليه دليل صحيح –ولذلك فالقراءة على الميت بدعة وكذا على المحتضر ولذلك فلا يقرأ على الميت ولا المحتضر الفاتحة ولا غيرها من القرآن0
ما يقال عند الميت وتوجيهه وتسجيته
• إذا مات فيستحب أن لا يقال عنده إلا الخير لحديث أُمِّ سَلَمَةَرضي الله عنها قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
إِذَا حَضَرْتُمْ الْمَرِيضَ أَوْ الْمَيِّتَ فَقُولُوا خَيْرًا فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ)رواه مسلم -ويسن أن تقول المراةإذا مات زوجها ما جاء في حديث أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها وفيه
فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سَلَمَةَ قَدْ مَاتَ قَالَ قُولِي اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلَهُ وَأَعْقِبْنِي مِنْهُ عُقْبَى حَسَنَةً قَالَتْ فَقُلْتُ فَأَعْقَبَنِي اللَّهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ لِي مِنْهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)رواه مسلم0
• يسن أن يوجه المسلم المحتضر والميت إلى القبلة لقوله عن البيت
قِبْلَتِكُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا) رواه أبو داود-حسن – ويسن ان يسجى الميت إلا المحرم فلا يغطى رأسه ولا وجهه لحديث المحرم الذي وقصته راحلته وفيه (وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ وَلَا وَجْهَهُ)رواه مسلم 0وفي حديث عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَرضي الله عنها قَالَتْ
سُجِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ مَاتَ بِثَوْبِ حِبَرَةٍ)رواه الشيخان0 [وَالْحِبَرَة - بِكَسْرِ الْحَاء وَفَتْح الْبَاء الْمُوَحَّدَة - وَهِيَ ضَرْب مِنْ بُرُود الْيَمَن] -ويوجه إلى القبلة حالة الاحتضار وعلى جنبه الأيمن أفضل وهذا مذهب الجمهور –فإن لم يمكن لضيق المكان ونحوه فعلى ظهره ورجلاه إلى القبلة –والأولى أن يكون مستلقياً على قفاه لأنه أيسر لخروج الروح وأسهل لتغميضه وامنع من تقوس أعضائه وأفضل لاسترخاء مفاصله فيعمل به ما كان أفضل وأيسر وهذا كله من المندوب في حقه ولا يجب شيء من ذلك –ويندب أن يرفع رأسه قليلاً ليصير وجهه إلى القبلة ما لم يشق 0
تغميض الميت وتيسير تجهيزه والتحقق من موته
• إذا مات سن تغميضه لحديث أُمِّ سَلَمَةَرضي الله عنها قَالَتْ
دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ شَقَّ بَصَرُهُ فَأَغْمَضَهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ) رواه مسلم0
• من كان مَحرماً أغمض المرأة أو تغمضه ولا بأس حتى من الحائض والجنب ولا كراهة ولا يغمض أجنبي امرأة أو تغمضه –ويغمض الأنثى أنثى أو صبي دون عشر إن كان لا شهوة له-فإن لم يوجد أنثى أو صبي او محرم بقيت بدون إغماض وكذا رجل مع النساء الأجنبيات –ويشد لحياه حتى لا تدخله الهوام وتلين مفاصله حتى يسهل تغسيله ويعمل به ما كان أسهل لتغسيله وتكفينه ولأعضائه وتحنيطه ليكون على أكمل حال من الغسل والكفن ونحوهما بلا مشقة كل ذلك بالرفق بالميت –وتخلع ثيابه حتى لا يحمى جسد ه فيسرع إليه الفساد –قلت وهذا كله ونحوه حتى يكون على أكمل الهيئات في غسله وكفنه وأعضائه وقبره فيعمل ما يصلح له في ذلك برفق وتؤده ومن ذلك وضع شيء على بطنه وضعاً يسيراً حتى لا ينتفخ -وأن يوضع على سرير غسله مستلقياً على ظهره منحدراً نحو رجليه لينصب عنه الماء وما يخرج منه –وسواء كان الميت رجلاً أو امرأة أو صغيراً أو كبيراً-ويسن الإسراع في تجهيزه إن مات فجأة أو مات غير فجأة عند تحقق موته لقوله في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا وَإِنْ يَكُ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ)رواه الشيخان0
• الجنازة الصالحة وغير الصالحة تتكلم بصوت لحديث أَبَي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: (إِذَا وُضِعَتْ الْجِنَازَةُ وَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَالَتْ قَدِّمُونِي وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ قَالَتْ يَا وَيْلَهَا أَيْنَ يَذْهَبُونَ بِهَا يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا الْإِنْسَانَ وَلَوْ سَمِعَهُ صَعِقَ)رواه البخاري0
• يجوز أن ينتظر به من يحضره من ولي أو غيره إن كان قريباً زمناً ولم يخش عليه أو يشق أو يترتب مشقة في دفنه ونحو ذلك0
• إن مات فجأة ولم يتحقق من موته وجب أن يُنتظر به حتى يتحقق موته بعلامة مثل انخساف صدغيه وميل أنفه وانفصال كفيه أو بقول الطبيب المختص أو قول أهل الخبرة بذلك لأنه يخشى أن يكون في غيبوبة ولذلك لابد من التأكد من موته بعلامة بنحو ما ذكر0
• يشرع الإسراع في تنفيذ وصيته لأن في ذلك تعجيل الأجر 0ويقدم الدين عليها وجوبا 0وفي حديث عَلِيٍّt
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ )
العناية بقضاء دين الميت وإبراء ذمته وصحة الكفالة عليه
• ويجب الإسراع في قضاء دينه قبل الصلاة عليه إن أمكن وإبراء ذمته قبل الصلاة عليه إن أمكن سواء كان الدين لله أو لآدمي فدين الله كزكاة وحج ونذر طاعة وكفارة وما للآدمي كالغصب والعارية وقضاء الديون كالقرض -وهي الديون الحالة-أما المؤجلة فإنها لا تحل بالموت –وسواء أوصى بقضاء ما عليه أو لم يوص وسواء كان الدين لشخص معين أو لبيت المال إن كان له قضاء وذلك لقوله في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ: t(نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ)رواه الترمذي وابن ماجة وغيرهم – وهو صحيح-وفي حديث جَابِرٍرضي الله عنهما قَالَ: (تُوُفِّيَ رَجُلٌ فَغَسَّلْنَاهُ وَحَنَّطْنَاهُ وَكَفَّنَّاهُ ثُمَّ أَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عَلَيْهِ فَقُلْنَا تُصَلِّي عَلَيْهِ فَخَطَا خُطًى ثُمَّ قَالَ أَعَلَيْهِ دَيْنٌ قُلْنَا دِينَارَانِ فَانْصَرَفَ فَتَحَمَّلَهُمَا أَبُو قَتَادَةَ فَأَتَيْنَاهُ فَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ الدِّينَارَانِ عَلَيَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُحِقَّ الْغَرِيمُ وَبَرِئَ مِنْهُمَا الْمَيِّتُ قَالَ نَعَمْ فَصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ مَا فَعَلَ الدِّينَارَانِ فَقَالَ إِنَّمَا مَاتَ أَمْسِ قَالَ فَعَادَ إِلَيْهِ مِنْ الْغَدِ فَقَالَ لَقَدْ قَضَيْتُهُمَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْآنَ بَرَدَتْ عَلَيْهِ جِلْدُهُ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَغَسَّلْنَاهُ وَقَالَ فَقُلْنَا نُصَلِّي عَلَيْهِ)رواه أحمد-وهوحسن0
• من كفل على الميت صحت الكفالة في الدين ونحوه لحديث أبي قتادة t
فَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ الدِّينَارَانِ عَلَيَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُحِقَّ الْغَرِيمُ وَبَرِئَ مِنْهُمَا الْمَيِّتُ قَالَ نَعَمْ فَصَلَّى عَلَيْهِ)رواه أحمد من حديث جابر –وهوحسن0
• المسلم إن مات وعليه دين ولا قضاء معه فإنه يقضى عنه من بيت مال المسلمين لحديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ وَعَلَيَّ) رواه مسلم0
سنية تقبيل الميت وأحكام النعي
• يشرع تقبيل الميت من أهله ومحبيه وأصحابه لأنه : (قَبَّلَ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ وَهُوَ مَيِّتٌ وَهُوَ يَبْكِي أَوْ قَالَ عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ و أَبَو بَكْرٍ قَبَّلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مَيِّتٌ)رواه الترمذي وابن ماجة وأبو داود-وهوصحيح0- وعن عَائِشَةَ رضي الله عنها زَوْجَ النَّبِيِّ قَالَتْ
أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى فَرَسِهِ مِنْ مَسْكَنِهِ بِالسُّنْحِ حَتَّى نَزَلَ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَلَمْ يُكَلِّمْ النَّاسَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَتَيَمَّمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُسَجًّى بِبُرْدِ حِبَرَةٍ فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ ثُمَّ بَكَى )رواه البخاري0
• يحرم النعي على طريقة الجاهليةوفي حديث عَبْدِ اللَّه رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
إِيَّاكُمْ وَالنَّعْيَ فَإِنَّ النَّعْيَ مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ)رواه الترمذي وابن ماجه –وهو حسن- لكن النبي نعى النجاشي لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ t : (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَى النَّجَاشِيَّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى فَصَفَّ بِهِمْ وَكَبَّرَ أَرْبَعًا)رواه البخاري0 فالنعي المنهي عنه هو الذي على طريقة أهل الجاهلية من تعداد محاسن الميت على وجه الفخر والخيلاء فهذا محرم –وأما النعي المشروع فإنه الإخبار عن موت الشخص للصلاة عليه والدعاء له وقضاء ديونه ونحو ذلك0
• في حديث بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ قَالَ: (الْمُؤْمِنُ يَمُوتُ بِعَرَقِ الْجَبِينِ)رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه-وهو صحيح0
• من مات بغيرمولده فان له خيرا وفي حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ
مَاتَ رَجُلٌ بِالْمَدِينَةِ مِمَّنْ وُلِدَ بِهَا فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ يَا لَيْتَهُ مَاتَ بِغَيْرِ مَوْلِدِهِ قَالُوا وَلِمَ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا مَاتَ بِغَيْرِ مَوْلِدِهِ قِيسَ لَهُ مِنْ مَوْلِدِهِ إِلَى مُنْقَطَعِ أَثَرِهِ فِي الْجَنَّةِ)رواه النسائي وابن ماجه-وهو حسن0
• جاء في حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍورضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ إِلَّا وَقَاهُ اللَّهُ فِتْنَةَ الْقَبْرِ) رواه الترمذي-وهو حسن0