متن الجنائز فقه

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الجنائز
يسن الإكثار من ذكر الموت ويجب الاستعداد له بفعل الواجبات وترك المحرمات ويسن الزيادة بفعل المندوبات وترك المكروهات ويجب السعي في حسن الخاتمة فيكون العبد على القيام بما أوجبه الله عليه تاركاً ما حرم عليه ويجب الصبر على المصائب كالمرض والموت والصبر عند الصدمة الأولى بحبس القلب عن الجزع واللسان عن التشكي تسخطاً والجوارح عن ضرب الخدود ونحوه, ويسن عند المصائب كالمرض الشكوى إلى الله ودعاءه والاسترجاع والحمد والدعاء أن يأجره الله ويخلف له خيراً منها وليتعز بمصيبته برسول الله وليحتسب ذلك وليعلم أن لله ما أخذ وما أعطى وكل شيء بأجل مسمى , ويجوز الإخبار بالمرض بلا تسخط ولا يكره ذلك ويجب الرضى بفعل الله و لا يجب بالمصيبة وإنما يصبر.

تحريم تمني الموت والذي يجوز فيه
و يحرم تمني الموت تسخطاً لضر نزل به لكن يستحب تمني الشهادة والموت على الإسلام وأن يقبضه غير مفتون عند الفتن , وإن كان لابد متمنياً للموت عند الضر فليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً ,ويجب أن يظن بربه خير اويشرع أن يحب لقاء الله ويغلب جانب الرجاء في المرض والخوف في الصحة.
حــــكـــــم الــتـداوي وبعض ما يتداوى به
ويجب التداوي إن كان يعلم أو يغلب على ظنه الهلاك بتركه ويسن في غير ذلك,ولا عدوى والقول بذلك من أمور الجاهلية المذمومة ,ويحرم التداوي بالمحرم كالخمر وبما هو شرك كالتمائم وبما نهى عنه  كالضفدع , والشفاء في ثلاث شرطة محجم أو شربة عسل أو كية نار ويكره الكي,والحبة السوداء شفاء من كل داء ومن التداوي الاستعاط ,ويستعط للعذرة بالعود الهندي [القسط] ويلد من ذات الجنب,وماء الكمأة شفاء للعين ,وما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله ,ولا دواء للهرم ,والتداوي لا ينافي التوكل بل هو من العمل بالأسباب ولا يعلق رجاءه بمخلوق ولا بقوة العبد وعمله فذلك التعلق بغير الله شرك0
الحمية
-ويجب على المريض أن يحتمي مما يضره – فإن كان لا يعلم لكن يحتمل الضرر كره تناوله فإن كان لا يدري فلا كراهة ,ويسن للمريض أن يتناول ما ينفعه,ومن الطب الحجامة لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين فهي شفاء من كل داء,وإذا اشتكى أحد وجعاً في رأسه فليحتجم وإذا كان في رجليه فليخضبهما ومن تصبح كل يوم سبع تمرات عجوة لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر والحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام فيفرك بزيتها الأورام ويشرب حبها من المغص ولحصى الكلى مع الماء الدافئ مطحوناً,ومن خير الاكحال الاثمد يجلو البصر وينبت الشعر ولا رقية إلا من عين أو حمة ومن الرقى(اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ مُذْهِبَ الْبَاسِ اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لَا شَافِيَ إِلَّا أَنْتَ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا) ومن وجد ألماً فليقل بسم الله ثلاثاً ويمسح بيمينه سبع مرات ويقول أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وأحاذر, ولا بأس بالرقى ما لم يكن فيها شرك ومن أراد السمن فليطعم القثاء بالرطب, والتلبينة تجم فؤاد المريض وتذهب ببعض الحزن , ويحرم التداوي بالمحرمات , وفي العسل شفاء من الأمراض , ومن اشتكى بطنه فليكثر من شرب العسل , والكمأة من المن وماؤها شفاء لمرض العين0
عيادة المريض
-و تسن مؤكدة جداً عيادة المريض من كل الأمراض قريباً كان أو غيره طال مرضه أو قصر , ولا يعاد الكافر المبتدع إلا على سبيل دعوته إن ظن استجابته وإن علم أنه لا يستجيب فلا يعاد ,وتسن عيادة الفاسق من أجل عرض التوبة عليه, فإن كانت عيادته يترتب عليها زيادة تمسكه بالكبيرة أو فعل غيره فلا يعاد,وليس للعيادة وقت مخصص بل مشروعة في سائر الأوقات بما لا مشقة فيه على المريض أوعلى أهله وقد تطول أو تقصر حسب المصلحة في ذلك,ويسن أن يقعد العائد عند رأس المريض ويسأله عن حاله –كيف تجدك –ويقول له : لا بأس طهور إن شاء الله,وإذا عاد المريض أو أُتي بالمريض إليه فيسن أن يرقيه ومن أفضل الرقية (أَذْهِبْ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ اشْفِ وَأَنْتَ الشَّافِي لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا) وأن يدعو للمريض اللهم اشف فلانا ثلاث مرات وأن يعلمه أن يمسح بيمينه مكان الألم ويقول باسم الله ثلاثاً ويقول أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر سبع مرات ,وأن يذكر المريض بالتوبة وينصحه بكثرة الاستغفار والأعمال الصالحة والتحلل من المظالم وإذا رآه على منكر نهاه بأسلوب رقيق وذكره لقاء الله والجنة والنار ورغبه فيما عند الله وأن يذكره الوصية وأن يكتبها ,وتجب الوصية إن كانت بدين أو حق ليس لصاحبه بينة وقد تكون مسنونة كالوصية إلى أهل العلم والخير بالصلاة عليه وغسله والولاية على ولده الصغير وتفرقة ثلثه في أعمال البر ونحو ذلك.

التلقين والعمل بالميت
فإذا نزل به ملك الموت فيندب أن يتعاهده أرفق أهله به فإن كان لا رفق لديهم فغيرهم من أهل الرفق والتقى والصبر ومحبة الخير للمريض فيبل حلقه بماء ويندي شفتيه بقطنة ونحوها –ومن كان عليه حد رجم أو قصاص وكرب فلا بأس أن يكون عنده من يؤنسه ويرغبه في التوبة وذكر الله وكل ما فيه خير له ويسن مؤكداً جداً تلقين المريض [لا إله إلا الله] لتكون آخر كلامه– و لا بأس بتلقين من عليه حداً أو قصاص فيقول للمريض قل[لا إله إلا الله برفق ويخاطبه بما يحبه فإن كان عماً قال له [يا عم ] أو خال قال له [ يا خال ] أو أباً قال [ يا أبت ] وهكذا فإن قال الشهادة وسكت لم تعد عليه فإن تكلم بعدها اعيد تلقينه بها ,ولا يشرع قراءة يس عند المحتضر أو على الميت ,ويسن لمن حضر عند المريض أو الميت أن يقول خيراً ,وأن يوجه المسلم في احتضاره إلى القبلة والأفضل على جنبه الأيمن ويعمل به ما كان أيسر له , وأن يسجى الميت إلا المحرم الذكر فلا يغطى رأسه ولا وجهه فإذا مات سُن تغميضه والمرأة يغمضها محرمها وتغمضه حتى الحائض والجنب ولا كراهة في ذلك, ويشد لحيا الميت وتلين مفاصله ويعمل به ما كان أسهل لتغسيله وتكفينه ليكون على أكمل حال من الغسل والكفن ونحوهما بلا مشقة وإنما يكون بالرفق ومن ذلك وضع شيء يسير على بطنه لئلا ينتفخ ويوضع على سرير غسله مستلقياً على ظهره منحدراً نحو رجليه,ويسن الإسراع في تجهيزه عند تحقق موته ,ويجوز أن ينتظر به من يحضره من ولي أو غيره إن كان قريباً زمناً ولا يخشى عليه أو يترتب مشقة في دفنه ونحوه.

وجوب التحقق من موته وما يُعمل في الوصية والديون
وإن مات ولم يتحقق من موته وجب أن يُنتظر به حتى يتحقق موته من موته بعلامة أو قول أهل الخبرة أو الطبيب المختص ويشرع الإسراع في تنفيذ وصيته ويقدم الدين عليها وجوبا ويجب الإسراع في قضاء دينه الحال قبل الصلاة عليه إن أمكن وإبراء ذمته قبل الصلاة عليه إن أمكن سواء كان الدين لله أو لآدمي –وتبقى الديون المؤجلة على تأجيلها ومن كفل على الميت صحت كفالته في الدين ,وإن مات ولا قضاء معه قضى عنه من بيت المال , ويشرع تقبيل الميت من أهله ومحبيه وأصحابه ويحرم النعي على طريقة أهل الجاهلية ويشرع الإخبار عنه للصلاة عليه والدعاء له وقضاء ديونه ونحو ذلك, وإذا مات بغير مولده قيس له من مولده إلى منقطع أثره في الجنة , ومن مات يوم الجمعة أو ليلتها وقاه الله فتنة القبر0
فـــصل (غـــســـل الـــميت وما يتعــلـــق به)
- وغسل المسلم فرض كفاية فإن لم يوجد إلا واحد أو لم يعلم به إلا واحد تعين عليه -والغسل الواجب مرة واحدة يعمم بدنه بالماء ,فإن لم يمكن لعدم الماء أو يخشى على بدنه من الماء ييمم وجوباً,وللغاسل أن يأخذ أجرة والأفضل أن يختار لتغسيله العدل العالم بأحكام غسل الميت ,وأولى الناس بتغسيله عند المشاحة وصيه العدل ثم للرجل زوجته ثم أبوه وإن علا ثم ابنه وإن نزل حسب ترتيب الميراث ثم الأجانب –و تغسل المرأة وصيتها العدل ثم زوجها ثم أمها وإن علت ثم بنتها وإن نزلت كبنت ابن ونحو ذلك [ولا تغسل الزوجة الذمية زوجها] –والمرأة تغسل زوجها ويغسلها سواء كان الموت قبل الدخول أو بعده , ولا تغسله إن انتهت عدتها,ويغسل الرجل أمته المباحة وتغسله , ولا يشرع أن يغسل الرجل أمه أو ابنته وغيرهما من محارمه ويجوز أن يغسلهما من وراء حائل بلا نظر ولا مس لعورة ,وللرجل والمرأة غسل [دون سبع سنين من ذكر أو أنثى]ومس عورته والنظر إليها مالم يخش فتنة وإذا مات رجل بين نساء أو امرأة بين رجال ولا محرم يمم الرجل وتيمم المرأة ويكون التيمم من أجنبي , ولا مدخل للرجال في غسل النساء إلا الزوجة ولا مدخل للنساء في غسل الرجال إلا الزوج ,ويحرم أن يغسل مسلم كافر أصلياً أو مرتداً أو يحمله أو يدفنه أو يتبع جنازته كما يحرم الصلاة عليه وإنما يوارى في أي حفرة حتى لا يتضرر الناس بجيفته.

شروط غسل الميت
ويشترط لغسل المسلم أن يكون الماء طهوراً وإسلام غاسل وعقل وتمييز وتعميم بدن الميت بالماء ويجب أن يكون الماء مباحاً ولا يشترط بلوغ غاسل أو طهارته من الحدث والنجس بل يصح من حائض ونفساء وجنب ومن عليه نجاسة ومن يتضرر بعضه بالماء غسل الصحيح ويمم للباقي وجوباً والغسل من العبادات فيشترط له النية وكذا التيمم كالغسل إلا أنه لا يعمم بدنه به بل ييمم في وجهه وكفيه فقط كالحي0



صــفـــــة غــــــسل الـــــميت
-وإذا شرع في غسل الميت فإنه يندب أن يُجرد من ثيابه وتستر عورته وجوباً إلا الزوج والزوجة والأمة المباحة و دون سبع سنين,وعورة الرجل ما بين السرة والركبة , وليس بعورة من الميت إلا ما كان عورة حال الحياة والأولى أن يغسل في بيت أو خيمة أو غير ذلك مما هو استر له ولا يحضر في غسله إلا من يعين فيه ويعمل بالميت كل الأمور التي يحتاج إليها في غسله من تقليب أو عصر بطنه برفق بحيث يكون على أكمل طهارة ثم يلف الغاسل على يده خرقة فينجيه لأنه يحرم مس عورته بدون حائل إلا الزوج أو الزوجة 0
-وينوي الغاسل ويسمي فإذا نظفه من النجاسة غسل بقية بدنه ويبدأ بأعضاء الوضوء فيوضئه كوضوء الصلاة مع المضمضة والاستنشاق إن تيسر ثم يغسل بقية البدن بماء وسدر ويبدأ بالشق الأيمن ثم الأيسر ثلاث مرات أو خمساً أو سبعاً أو أكثر إن رأى الغاسل ذلك حتى ينقيه, والواجب مرة واحدة والباقي مسنون والسنة أن لا يقل غسله عن ثلاث غسلات والإيتار في غسله ,وإذا غسله فخرج منه شيء بعد الغسل أعاد وضوئه وغسله ما لم يشق وإعادة الوضوء مندوبة ولا تجب مباشرة الغسل بل لو صب عليه من صنبور ونحوه ونوى وسمى وعم الماء بدن الميت كفى-ويسن مؤكداً أن يجعل في الغسلة الأخيرة كافوراً, وإذا احتاج في غسله إلى ماء حار أو صابون فيستعمله كما يكون للحي , ولا يشرع قص شاربه أو أظافره وعانته وشعر ابطه,ويحرم ختانه ولا يسرح شعره,ثم ينشف بدنه بثوب حتى لا يبتل الكفن فيسرع إليه الفساد, ويسن أن يجعل رأس المرأة ثلاثة قرون ويلقى خلفها , وإن احتاج الميت إلى لصوق أو قطن ونحو ذلك لإمساك الدم فلا بأس ويمسح عليه عند غسله , و إن لم يمكن غسله يمم ,وإن حصل على جسد الميت نجاسة من غير بدن الميت وجب غسلها, وإن خرج من الميت شيء بعد تكفينه فإن كان يسيراً فلا يعاد غسله وإن كثر أعيد غسله ما لم يشق.

تغسيل الميت في بيته وحكم المُحرم والمعتدة من موت
ويستحب أن يغسل الميت في بيته وإن كان الميت محرماً حتى لو في إحرام فاسد ذكراً كان أو أنثى فإنه يغسل كغيره ولا يمس بطيب ولا يخمر رأس الذكر المحرم ولا وجهه ولا يلبس مخيطاً,ولا تلبس الأنثى قفازين ولا نقاباً -والسنة أن يكفن الذكر المحرم في ثوبيه , وإن ماتت معتدة من موت فيحرم أن تكفن في ثياب زينة أو تُطيب,ويزال خاتم في يد الميت وحلي وإن لم يخرج إلا ببرده أو كسره برد وكسر ما لم يضر بدن ميت,
الشهيد والسقط
-و لا يغسل شهيد المعركة ولو كان جنباً أو من جرح فيها وحمل ولم يطل مكثه بل مات من جراحه , فإن طال مكثه في علاج ونحوه ثم مات فإنه يغسل كغيره ويغسل المقتول ظلماً,والسقط إذا بلغ مائة وعشرين يوماً والطفل ويندب تسمية السقط.

الغاسل مع الموتى من أهل الخير أو السوء
والغاسل أمين فإذا كان الميت من أهل الخير والصلاح ورأى عليه علامات الخير فيندب له اظهارها دعوة للناس إلى الخير ,وإذا رأى عيباً ستره ,وإن كان الميت من أهل الشر والفساد وقد اشتهر بذلك ورأى عليه شراً فيندب له إظهاره ليرتدع الناس عن المعاصي,بل قد يجب إظهاره إذا ترتب على اخفائه انهماك الناس في الكبائر التي كان يفعلها ,وإن ترتب مفسدة أعظم على إظهاره ترك ذلك, وينهى عن سب الأموات لأنهم قد أفضوا إلى ما قدموا ولأنه أذية للأحياء ,لكن إظهار شر الميت المبتدع والفاجر المشتهر ينظر فيه إلى المصلحة الراجحة ,وإن تساوت المصلحة والمفسدة قُدم ترك المفسدة ,ونرجو للمحسن أن يُوفى أجره ونخاف على المسئ من عذاب الله.

ظن السوء والخير والشهادة بالجنة أو النار
ويحرم ظن السوء بمن كان ظاهر العدالة , وأما ظاهر الفسق فلا حرج بسوء الظن به ويستحب ظن الخير بالمسلم المستور ونشهد بالجنة لمن شهد له النبي بالجنة والشهادة العامة للمؤمنين بها و بالنار لمن شهد له النبي بالنار أو شهد له بها القرآن كأبي لهب وامرأته أو الشهادة العامة للكفار أو قامت عليه الحجة ومات على الكفر وإذا مر المسلم بقبر مشرك فليبشره بالنار ونشهد لمن شهدت له الأمة بالثناء عليه بالخير أو بالشر0
فصل في الكفن
-تكفين الميت المسلم فرض كفاية ,ويقدم الكفن على دين وغيره , ويجب لحق الله وحق الميت ثوب واحد لا يصف البشرة يستر جميع بدن الميت من أي لباس أو لون ,وإن أوصى الميت بالأقل أخذ بوصيته ,وإن أوصى أن لا يكفن لم يعمل بذلك ,والسنة أن يكون الكفن أبيض من قطن ,ويسن تحسين الكفن ,وليس الجديد أفضل من غيره والأفضل غير الجديد والحي أحق بالجديد من الميت ,وإذا لم يكن للميت مال فكفنه ومؤنة تجهيزه على من تلزمه نفقته حتى الزوج فيلزمه كفن زوجته وكفن العبد والأمة على سيدهما,وإن عدم الميت من تلزمه نفقته ولا مال له وكان مسلماً ففي بيت المال, فإن لم يوجد بيت مال فعلى المسلمين العالمين بحاله ,وإن تبرع بالكفن أجنبي أو أراد بعض الورثة الانفراد بالكفن لم يلزم بقية الورثة قبوله إلا إن كان لا مال له ولا لورثته ممن تلزمه نفقته وتبرع به أجنبي فيلزم قبوله , وإن مات في سفر كفن من ماله الذي معه, فإن لم يكن معه ماله كفنه من معه من ماله ورجع على تركته إن نوى الرجوع, فإن كان لا مال للميت رجع على من تلزمه نفقته إن نوى الرجوع,ويقبل قوله في نية الرجوع ,وأما الشهيد فلا يغسل بل يُدرج في ثيابه بدمه, وإن كثر القتلى وقلت الثياب كفن الرجل والرجلان والثلاثة في الثوب الواحد ثم يدفنون في قبر واحد ويقدم في اللحد أكثرهم قرآناً إلى القبلة0
عدد أثواب الكفن
- والسنة أن يكفن المُحرم الذكر في ثوبيه ويجوز في ثلاث لفائف وأما غير المُحرم وغير الشهيد فالسنة أن يكفن في ثلاثة أثواب تكون لفائف ويجوز التكفين في قميص فقط بلا كراهة ,والمرأة إن كفنت في ثلاثة أثواب كالرجل فهو سنة وإن كفنت في خمسة أثواب[إزار وقميص وخمار ولفافتين] فهذا جائز بلا كراهة ,والأولى بتكفينه الأولى بغسله عند المشاحة ,وصفة تكفين الميت رجلاً أو امرأة صغيراً أو كبيراً أو سقطاً -:أن تجمر الثياب التي يكفن فيها الميت مع الميت ثلاثاً –ببخور بطيب من ألوة [عود] أو غيره وهذا لغير المحرم ,وتبسط اللفائف بعضها فوق بعض,ويجعل الحنوط [أخلاط من طيب يعد للميت]بين اللفائف ,والحنوط مشروع لغير المحرم وغير المعتدة من موت زوجها ,و لا يوضع الحنوط فوق اللفافة العليا.

طريقة تكفين الميت
ثم يوضع الميت على اللفائف مستلقيا,ويجعل من الحنوط بين اليتية ومغابنه وعلى جبهته ورأسه ولحيته ومواضع سجوده و لو طلي كل بدنه بالحنوط فلا بأس ولا كراهة , وأطيب الطيب المسك ,ولا يجعل الحنوط في عينيه ,ويطيب الرجل في حنوطه بطيب الرجال ,والمرأة بطيب النساء ,ثم يرد طرف اللفافة العليا من الجانب الأيسر على شقه الأيمن ويرد طرفها الأخر فوق الأيمن ثم يفعل بالثانية والثالثة كذلك, والأولى أن يتوسط الميت كفنه ويرد الفاضل على وجهه ورجليه ,ثم يعقد على اللفائف وتحل العقد في القبر إن أمكن ,وأما المرأة فإنها تؤزر بالمئزر ثم تلبس القميص ثم تخمر ثم تلف باللفافتين وتحنط المرأة كالرجل إلا المحرمة والمعتدة من موت كما مر, ويحرم تكفين الذكر في حرير إلا لضرورة , ولا يحرم تكفين المرأة في حرير.

ما يحرم التكفين فيه أو يكره وما يلحق بذلك
ويحرم أن يكفن الميت في جلود أو بلاستيك ,ويكره في صوف أو شعر إلا لضرورة, وما كره في حق الذكر في الحياة كره تكفينه فيه وما حرم حرم تكفينه فيه وكذلك الأنثى, وإن لم يوجد إلا ثوب لا يستر بدن الميت غير المحرم الذكر فإنه يغطى رأسه ويجعل على رجليه شيء من الاذخر أو من الحشائش وإن كان الموجود ثوباً واحد يكفي العورة فقط سترت العورة ويحرم دفن حلي مع الميت أو ثياب غير كفنه أو طيب غير ما حنط به , ويجوز للحي أخذ كفن الميت لضرورة بحيث يخشى التلف أو لحاجة ستر عورته فيأخذه بثمنه ,ويندب تغطية النعش سواء كان لذكر أو أنثى, و لا يغطي نعش ذكر بثوب أنثى,و لا أنثى بثوب ذكر ,ولا يوضع هودج على نعش ولو لأنثى0
الـــصــلاة على الميت
-وهي فرض كفاية إلا الشهيد في المعركة فلا يصلي عليه وتسقط بمكلف ذكراً كان أو أنثى حراً أو عبداً ولا تسقط بمميز,ويسن أن لا تنقص الصفوف عن ثلاثة ,والسقط إذا بلغ مائة وعشرين يوماً يصلى عليه ولا يصلى عليه قبلها,ويقف الإمام عند رأس الذكر وعند وسط الأنثى ,والأولى بالصلاة عليه وصيه العدل-فالسيد بالصلاة على رقيقة ,فالسلطان ,فنائبه , فالحاكم ,فالأولى بغسل رجل ,وإن كان الميت أنثى فأب فأبوه وإن علا ثم ابن وإن نزل على ترتيب الميراث –وبعد عصبة المرأة الزوج-ومن قدمه ولي فهو بمنزلته ,لا وصي فليس له أن يجعل ذلك إلى غيره إلا أن جعل ذلك إليه –ومع التساوي يقدم الأولى بالإمامة ,وإذا اجتمعت جنائز قدم الذكور من الرجال البالغين مما يلي الإمام الأفضل فالأفضل ثم الصبيان ثم النساء البالغات ثم الصغيرات ومع الاستواء في الفضل أو في عدم التمييز يقدم بقرعة.

تكبيرات الجنازة وما يُقال فيها
ويكبر على الجنازة أربع تكبيرات يقرأ بعد الأولى وهي الإحرام بعد التعوذ والبسملة الفاتحة سراً سواء صلى ليلاً أو نهاراً ولو قرأ بعد الفاتحة سورة فهو سنة ,ثم يكبر الثانية ويصلي على النبي  (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ), ثم يكبر الثالثة ويدعو للميت ومن الدعاء له ( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَنَقِّهِ مِنْ الْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ مِنْ الدَّنَسِ وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وعَذَابِ النَّارِ),ويسن مؤكداً الإخلاص للميت في الدعاء ,وإذا كان الميت طفلاً أو سقطاً قال (اللهم اجعله لنا سلفا وفرطا وذخرا) ,ويسن أن يدعو لوالدي الطفل والسقط بالمغفرة والرحمة ويدعو لأم ولد الزنا فقط , ولا يدعو لأبوي الطفل إذا كانا كافرين كما إذا كان تاركاين الصلاة ,وإذا كان أحد الوالدين مسلماً دعا له دون الكافر ,ثم يكبر التكبيرة الرابعة ويدعو بعدها قليلاً ثم يسلم تسليمة واحدة عن يمينه ,ويجوز أن يسلم تسلمتين, ويجوز أن يسلم تلقاء وجهه ويندب رفع اليدين في جميع تكبيرات الجنازة حذو منكبيه أو إلى فروع أذنيه ويسن وضع اليدين على الصدر كالصلاة 0
شروط صلاة الجنازة وأركانها
-ويشترط لصلاة الجنازة ما للصلاة من الإسلام, والعقل ,والتمييز والطهارة من الحدثين الأكبر والأصغر ,و استقبال القبلة ,و اجتناب النجاسة, ويشترط نية الصلاة على الميت ولا يضر جهله بالذكر والأنثى ويكفي نية الصلاة على الجنازة الحاضرة ويشترط إسلام الميت وطهارة الميت من الحدث والنجس مع القدرة وحضور الميت بين يديه ويسن الدنو من الجنازة في الصلاة عليها ومن فاته شيء من التكبير قضاه على صفته, ووقتها هو حضور الجنازة أو الصلاة على الغائب , و لا يصلى على الجنازة عند طلوع الشمس حتى ترتفع وعند قائم الظهيرة حتى تزول الشمس وعندما تضيف الشمس للغروب حتى تغيب إلا لضرورة كخوف انفجارها.

أركان الصلاة على الجنازة
وأركان الصلاة على الجنازة هي القيام مع القدرة إن كانت فرضاً ,وتكبيرات أربع ,وإن كبر خمساً جاز بلا كراهة والأفضل أن لا يزيد على أربع,وقراءة الفاتحة ,والصلاة على النبي , والدعاء للميت وأما الطفل و السقط فيسن الدعاء لوالديه بالمغفرة والرحمة و لا بأس بالدعاء له,والسلام واحدة والأولى اثنتين ,ومن فاتته الصلاة على الجنازة في المسجد ونحوه سن له أن يصلي عليها إذا وضعت قبل الدفن فإن فأته صلى على القبر 0
الصلاة على الغائب
- إذا كان الميت المسلم الغائب لم يصل عليه وجبت الصلاة عليه غيابياً ,فإن كان قد صُلى عليه فلا تشرع الصلاة عليه غيابياً,وإن وجد بعض ميت لم يصل على ذلك الميت فيغسل ويكفن ويصلى عليه وجوباً ,إلا أن وجد شعراً أو أسناناً أو ظفراً فلا تغسل ولا تكفن ولا يصلى عليها,لكن يصلى على صاحبها وجوباً إن لم يكن صلي عليه , ولا يصلى على مأكول في بطن سبع ولا على بعض أعضاء المسلم كيد قطعت في سرقة ونحوه ولا يصلى على الشهيد.

حكم الصلاة على قاتل نفسه وأهل المعاصي
ولا يشرع للإمام الأعظم ,ولا إمام المسجد ولا للعلماء وطلاب العلم أن يصلوا على من قتل نفسه عمداً أو مات على معصية ظاهرة بلا توبة ,لكن تجب الصلاة عليه وتسقط بصلاة أي مكلف عليه كما لو صلى عليه فاسق , ولا بأس بصلاة بقية الناس عليه,وكذا من مات في حد رجم أو غيره من الحدود والقصاص إن لم تُعلم توبته ,والأفضل أن يصلي على الجنازة خارج المسجد وأن يكون هناك مصلى للجنائز,ويجوز الصلاة على الجنازة في المسجد إذا أمن تلويثه بلا كراهة0
فضل الصلاة على الجنائز وتشييعيها ودفنها
- من تبع الجنازة إيماناً واحتساباً وكان معها حتى يُصلى عليها ويفرغ من دفنها رجع بقيراطين من الأجر كل قيراط مثل أحد ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تُدفن فله قيراط ,والأفضل أن يخرج مع الجنازة من بيتها,ومن مات من أهل الخير والعلم والصلاح والتقى فليحرص المسلم أن يصلي عليه ويسن فإن فاته الصلاة عليه صلى على قبره ويعلم غيره به من أهل العلم والتقى وغيرهم ليصلوا عليه بخلاف الميت ظاهر الفسق فإنه يسكت عنه,وكثرة المصلين على الميت أفضل0
فصل (حمل الميت ودفنه)
-وحمل الميت المسلم ودفنه فرض كفاية ,ويسقط بكافر,والسنة أن يحمله واحد على ساعديه إن لم يكن في ذلك مشقة أو كان صغيراً,وفي غير ذلك يسن التربيع في حمله على سرير له أربع قوائم , ويندب أن يُحمل بجوانب السرير الأربعة ,وإن حمل في سيارة ونحوها فلا كراهة ,ولا يغطى نعش المرأة بمكبة أو هودج إلا لخوف انكشاف ,ويسن مؤكداً الإسراع بالجنازة في الغسل والحمل والقبر والدفن ويكون المشي بالجنازة بحيث لا يسرعون ولا يبطئون وإنما بالسكينة ولا يرفعون أصواتهم بقراءة أو غيرها ,وحمل الجنازة إلى القبر هو من عمل الرجال وليس للنساء ذلك فقد نهين عنه0
تشييع الجنازة
-والسنة أن يكون المشاة أمام الجنازة وهذا أعلا السنية ثم المشي خلفها وأمامها وعن يمينها وعن يسارها قريباً منها, والسنة أن يكون الراكب خلف الجنازة ويكره الركوب لغيرحاجة لمن تبع الجنازة ولا كراهة في الركوب للعودة من الجنازة ,ويحرم اتباع جنازة الكافر أصلياً أو مرتداً كتارك الصلاة ,والسنة إذا رأى الجنازة أن يقوم حتى لو رآها أنثى أو غيرها وسواء جنازة مسلم أو كافر صغيرا أو كبيرا ,ولا يكره القعود ,وإذا كان اليهود يقومون في الجنازة فيشرع مخالفتهم والجلوس,ومن تبع جنازة فالسنة المؤكدة أن لا يجلس حتى توضع ,ويحرم اتباع الجنازة بنار أو بالأصوات المرتفعة والصياح ,وإذا كان مع الجنازة أصوات مرتفعة كالصياح فلا تتبع, وإذا كان مع الجنازة منكر فإن استطاع أن يغيره غيره وجوباً وإن عجز حرم أن يتبعها,ويغطى قبر المرأة والخنثى لحاجة فإن لم تكن حاجة فلا يغطى ,ويجوز اللحد للميت والشق والسنة اللحد فيكره الشق مع إمكان اللحد بلا مشقة, ويكره الدفن في تابوت والأفضل أن لا يدخل القبر خشباً أو حديداً ونحو ذلك ,وإذا وجد الحفار عظماً لميت سابق أو جثة لميت ترك ذلك المكان وحفر في غيره 0
فصل [القبور]
-ويجب أن يكون القبر يوارى جسد الميت ويمنع رائحته ويمنع من السباع,وأن يكون لكل ميت قبر وحده سواء كان الميت صغيراً أو كبيراً إلا إذا كثر الموتى أو القتلى جاز دفن الاثنين والثلاثة في القبر الواحد ويقدم إلى القبلة أكثرهم قرآناً,ويسن أن يوسع القبر وأن يعمق , ومن مات في سفينة ونحوها ولم يمكن دفنه غسل وكفن وصلي عليه وأُلقي في البحر سلاً كإدخاله القبر ومن الأفضل تثقيله بشيء,والسنة أن يدفن الشهداء والقتلى في المعارك في المكان الذي قتلوا فيه,فإذا حملوا عنها ردوا إليها ,والأفضل أن ينزل في القبر أربعة ليدفنوا الميت فيه.

ما يُشرع في إدخال الميت القبر ووضعه فيه
ويسن أن يدخل الميت القبر من قبل رجلي القبر ,وأن يقول مدخله في قبره أو في لحده (بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ أوَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ),ويجب أن يوضع في لحده مستقبل القبلة ويسن على شقه الأيمن ,وإذا وضع في قبره أو لحده جاز إخراجه لغرض صحيح,والأفضل لمن خرج مع الجنازة ووضعت وهم لا يزالون يهيئون القبر أو اللحد أن يجلس مستقبل القبلة ,وأهل الرجل أولى بدفنه هم الأولى بغسله ,والمرأة الأولى بها أهلها من زوج وغيره من الرجال ولا كراهة في نزول الأجانب في قبر المرأة –ويسن أن تُحل عقد الكفن في القبر ولا يكشف وجه الميت ويجب ستره إلا الذكر المحرم فيكشف وجهه ورأسه,ويدني الميت من الحائط حتى لا ينكب على وجهه ويسند من ورائه بتراب أو لبن حتى لا ينقلب ,ويسن أن ينصب عليه اللبن نصباً ويتعاهد خلال اللبن حتى يتحمل ما يوضع عليه ,ثم يهال عليه التراب ويسن أن يحثى عليه ثلاثاً من قبل رأسه.

بعض أحكام القبر وما يُشرع بعد الدفن
فيدفن حفرة القبر بترابه,و يكره أن يزاد على ترابه إلا لحاجة ,ويسن أن يكون مسنماً ,والأفضل أن توضع عليه الحصباء ,وأن يرش عليه بالماء ,ويحرم رفع القبر فوق التسنيم ,وإذا رفع فوق ذلك وجب تسويته ,وإذا خشى الافتتان بصاحب القبر بأن غلب الظن أو علم فإنه يجب تسوية القبر و تعميته بحيث يخفى على الناس,وإذا دفن اثنان أو أكثر في قبر واحد جاز بعد ذلك إخراج بعضهم ودفنه وحده ,ويسن تعليم القبر عند رأسه ,ودفن الأقارب في بقعة واحدة ,ويحرم تجصيص القبر وتخليقه والبناء عليه والكتابة والجلوس عليه والوطء والاتكاء عليه , و لا يشرع تلقين الميت بعد الدفن أو قبله,ويسن إذا فرغ من الدفن أن يقف عليه [عند القبر] ويستغفر الله له ويسأل له التثبيت ويرفع يديه في دعائه للميت ويرشد الحاضرين معه إلى ذلك الدعاء ويخبرهم بقول الرسول في ذلك,ويسن الدفن في الصحراء ,والأولى أن لا يتحدث في أمور الدنيا ولا يضحك عند القبور بل يتذكر الموت والآخرة ,ويكره كراهة شديدة المشي بالنعل في المقبرة إلا لخوف نجاسة أو شوك أو حرارة الأرض و نحو ذلك والأولى أن يلبس خفاً أو جوارب ونحوها ,و يسن إذا رأى من يحتاج عند القبور إلى موعظة أن يعظهم بما ينفعهم لآخرتهم ومن ذلك أن هذه الأمة تُبتلى في قبورها ويأمرهم أن يتعوذوا بالله من عذاب النار وعذاب القبر ومن الفتن ما ظهر منها وما بطن ومن فتنة الدجال ,ويحرم إسراج المقابر سواء كان قبراً واحد أو أكثر ,إلا إن احتاج إلى نور ليلاً للحفر والدفن جاز ,ويحرم اتخاذ المساجد على القبور وإذا كان المسجد بني أولاً ثم قبر فيه وجب نبش القبر وإخراجه من المسجد, وإن كان القبر قبر أولاً ثم بني المسجد عليه وجب هدم المسجد ,وإن كان المسجد في مكانه والقبر في مكانه وشملته التوسعة فيجب هدم التوسعة التي شملت القبر ويبقى كل في مكانه ,وإن كان وضع المسجد والقبر معاً فهذا لا يجوز كلياً.

حكم الصلاة في المساجد التي على القبور ونحوها ووصية الميت بدفنه
ولا يصلى في المساجد التي بنيت على القبور ,و لا تصح الصلاة فيها وكذلك المساجد التي قبر فيها أو التي بُنيت مع القبور وتصح الصلاة في الجزء الخاص بالمسجد ولا تصح في الجزء الذي فيه القبر في التوسعة ,ويشرع أن يسأل العبد ربه الموت في البقاع الشريفة [ لا تمني الموت فقط] ومن مات من غير الشهداء في البقعة الشريفة فلا ينقل بل يُدفن فيها ,وإن مات خارجها وأوصى بدفنه فيها ولا مشقة في نقله فيشرع تنفيذ وصيته ,وإن أوصى بدفنه في بقعة أخرى فيجوز تنفيذ وصيته إن لم يكن في ذلك في مشقة ,وإن أوصى بدفنه في ملكه ورضي الورثة وهم مكلفون جاز وإلا فلا ويدفن مع المسلمين وإن ماتت ذمية حامل من مسلم وقد مضى على حملها [120يوماً]فإنها تقبر وحدها لا مع المسلمين ولا مع الكفار إن أمكن فإن لم يمكن دفنت مع المسلمين ,وتدفن على جنبها الأيسر وظهرها إلى القبلة والقراءة على القبور بدعة سيئة محرمة
ثواب القرب وصناعة الطعام للمصاب
-ويشرع الدعاء للميت والحي المسلم و ينتفع بالدعاء كما يشرع الصدقة عن الميت المسلم و ينتفع بذلك ومن مات وعليه صوم أو حج أو عمرة فيشرع قضاؤه عنه ومن صام أو حج أو اعتمر وجعل ثوابه لغيره من الأموات جاز ويصلهم ثوابها وأما غير ذلك من العبادات البدنية كالصلاة وقراءة القرآن والاعتكاف والمندوبات فالأولى أن لا يفعلها ويجعل ثوابها لغيره من الأموات أو الأحياء ولا يشرع اهداء القرب إلى النبي  ,ويسن مؤكداً عمل طعام لأهل الميت ويبعث به إليهم ,والتلبينة [دقيق بلبن ونحوه]تُذهب ببعض الحزن ,وتسن التعزية المصاب بموت أو غيره ,و أما الاجتماع إلى أهل الميت وصناعة الطعام منهم للناس بعد دفنه فهو من النياحة المحرمة , ويحرم الذبح عند القبور والأكل منه وهو بدعة 0
فصل [زيارة القبور]
-وتسن للذكور زيارة قبور المسلمين والكفارلتذكر الآخرة والسلام على موتى المسلمين والدعاء لهم ويشترط أن تكون بلا شد رحل وأن لا يقول هجراً [سُوءًا]ويقف الزائر لميت أمامه قريباً منه مستقبلاً وجهه ويسلم عليه ثم يستقبل القبلة ويدعوا له إن كان الميت مسلماً, ولا يستغفر للكافر ولا يسلم عليه ,ويحرم على النساء زيارة القبور حتى قبره ,ويسن إذا زار الرجل الذكر المقابر أو مرت المرأة بالمقابر أن يقول (السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارِ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ نَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمْ الْعَافِيَةَ)وإذا زار البقيع قال : (السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَأَتَاكُمْ مَا تُوعَدُونَ غَدًا مُؤَجَّلُونَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَهْلِ بَقِيعِ الْغَرْقَدِ)0
• تم بحمد الله كتـــاب متن الفقه [الحمية والجنائز]