حب في زمن الثورة23 مايو 2012 Share on facebook Share on fav

حب في زمن الثورة
23 مايو 2012

Share on facebookShare on favoritesShare on googleShare on twitterMore Sharing Services

د. سلوى الوفائي

الآن وقد تنفس الليل، و تنهدت السماء متعبة، و بدأت الشمس تملي في مذكراتها أخبار نهارها قبل أن تغفو خلف الأفق، بدأ قلبي يتنفس على إيقاع الصمت القاتل، و تاهت يدي بين أشياء المبعثرة تبحث عن منديل ذات يوم مسحت به جرحه النازف، تناولته و هممت أن أقبله متلهفة، جزعة، أخشى أن يكون آخر ما تبقى لي من حبيب كان مني مكان الروح من الجسد، كلّ الأبواب مشرعة تنتظر عودته حاملاً لواء النصر، في زمن لم يعد فيه الفراق حدثاً عرضياً ، بل حالة إنسانية تتكرر كلّ يوم آلاف المرات، يبدأ بارتداء ثوب الحرية و ينتهي بلا إله إلا الله، محمد رسول الله، فالمفارق يخرج مشروع شهيد، و الحبيبة مشروع أرملة، ليس لنا أمل اللقاء ثانية و لنا كلّ الأمل أن نهب أجسادنا لتصبح جسراً يعبر عليه المارون نحو النصر، تتحدر من العين قطرات كأنّها أنفاس تتثاءب وسط الأمواج المتلاطمة في بحر الظلمات، و تمخر سفينة الأمل عبابه، مسافرة من قلب العاشق الذي برّحت به الآلام، ترنو إلى الأفق البعيد هناك حيث دوّنت الشمس أسماء في سجل الخلود، تختلف فيها الألقاب ، و تتشابه الانجازات، تتباين الأحساب و الأنساب، و تتطابق النوايا و المقاصد، تتنافر أقطاب الشيّب و الشباب، و تتمحور حول مركز العزة و الكرامة، و تحتار في أسماء ليس لها أسماء، دوّنتها أشعة الشمس أرقاماً لأنها في زحمة الأقدار ، أضاعت هويتها الشخصية لأنها ذابت في هوية الوطن، لا يهمّ إن كان الراحل أحمد أو رامي أو ابراهيم أو حكم أو حمزة و عبد الرحمن، لا يهم إن كان مجرّد رقم ، فكلّهم تحولوا إلى نجوم بأيّهم اقتدينا اهتدينا.
حملتني رقة المنديل المضرج بالدماء إلى يوم مايزال محفوراً في الذاكرة، يوم خرجنا فيه معاً في مظاهرة تكاد تكون عرس نصر، كان كتفه ملاصقاً لكتفي، أكاد أشعر بحرارة نشوته، و قد انطلقت الحناجر تغرّد أهازيج الحرية، تعالت الاصوات و اختلطت، و تلاقت الأرواح و تآلفت، كلّ الوجوه يغمرها الفرح، متفائلة، و اثقة، متحدية، متمردة، لا أدري لماذا انهمرت الدموع من مستودع القلب، حين التقت نظراتنا، لا أدري أيّ سرّ يجعلنا نبكي و نحن بقمة السعادة، ثمّ نبتسم و نحن في قمة الألم، لا أدري لماذا تجهش الروح بالبكاء مادامت العين صامتة، لا أدري ما طيب العناق حين ترفق ساعدي فطوى ساعده، و استرسلنا في الهتاف، كلماتنا ليست لنا، لكن نظراتنا قالت الكثير، و كلّ لؤلؤة تحدّرت من العيون تلقفتها الأرض العطشى، تبلّ ظمأ العمر الذي مضى في سراديب الخوف و لم يكن يعلم أنّ خارج هذه السراديب يكمن الكنز لا داخلها، فمن قال أنّ الشمس تطلع يوماً على من سكن الكهوف إقامة جبرية؟ ما تلاقت نظراتنا مع نظرات المسافرين إلى المجد، إلا رأينا دموعهم تسألنا، كيف يذبح قلب بعض نبضه من تراب الأرض جُبل؟ و كيف يموت و هو من حياة فانية إلى حياة باقية يرقى؟
لم تعد البلاغة حكراً للحالمين في كتب الأدب، بل أصبحت تلوح في ابتسامة ثغر يهتف للحرية، منها نتعلم دروساً، و نعلّم الأجيال دروساً، فالحرية أضحت درساً عملياً ميدانياً لا تنظيراً و خطباً و شعارات براقة لا تعدو كونها ذهباً مزيفاً ما يلبث أن يفقد بريقه تحت تراكم الغبار، فالحتّ و التعرية فعلان من فعل الطبيعة لكن حين يمارسهما الإنسان تتساقط كلّ القشور العالقة الميتة ليبدو جوهر الأشياء على حقيقته، فنرمي بالمزيف و نتقلد أوسمة الذهب الخالص فقط.
و في غمرة فرح، ينهمر الرصاص علينا كزخ البرد، ترعد الدنيا و تبرق، يتفرق الحشد، تتسارع الخطى، محظوظ من يعود سالماً إلى بيته منتشياً بالنصر، و محظوظ أكثر من يرتقى مدارج الشهادة و هو في حالة صلاة روح، و ما بينهما، أجساد أثخنتها الجراح، فما تَكلم إلا حين تبتسم، و كان هو من زمرة المكلومين، استقبل رصاص الغدر بكتفه ليكون لنا الفداء، فاستقبلته الأرض بطهرها و كانت له الأم الحاضنة الحنون، هممت إليه، أمسح جرحه النازف، أحسست بمعنى الدماء تجري في أوردته جريان الماء في نهر دفّاق، امتلأ كفي لؤلؤاً أحمر، و امتلأ وجهه جمالاً و دفئاً، افتر ثغره عن ابتسامة رضى، فعرفت أنّه الحبّ بأسمى معانيه.
ما همّه و لسان الحبّ يهتف به، إذا تبسم وجه الجرح أو كلحا...

فالروض مهما زهتْ قفر إذا حرمت .... من جانح رفّ أو من صادحٍ صدح ..

بارك الله فيك على الموضوع القيم والمميز

وفي انتظار جديدك الأروع والمميز

لك مني أجمل التحيات

وكل التوفيق لك يا رب

امر من صفحاتك وأقف أمامكـ .. صامت..

من جمال ما أراه

حسن أبداعكـ وصياغتكـ المتقنة ...

فأنا لست ألا نقطة من بحور أبداعاتـكـ

وبوووح قلمكـ نثر ما قد يجول في الأنفس دون استشعااار

هزززز الوجدان وتزلزلت البقايا الراكده منذ العصور .....

لكـ مني كل التقدير على جمالية طرحكـ

» وصايا إلى أولادي13 مايو 2012 Share on facebook Share on fav
» مذكرات طفل: مكعبات الليغو27 مايو 2012 Share on facebook Sha
» وردة ودمعة من دمنا8 يوليو 2012 Share on facebook Share on f