باب من الشرك النذر لغير الله
وقول الله تعالى { يُوفُونَ
بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً } وقوله تعالى { َمَا أَنفَقْتُم
مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللّهَ يَعْلَمُهُ }.
عن عائشة رضي الله
عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( من نذر أن يطيع
الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه ).
أخرجه البخاري برقم 6700.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في
التوسل والوسيلة ص212:
وقد اتفق العلماء على
أنه لا يجوز لأحد أن ينذر لغير الله, لا لنبي ولا لغير نبي, وأن هذا النذر شرك لا
يوفى به.اهـ
وقال الإمام الصنعاني
رحمه في السبل (4/212):
وأما النذور المعروفة
في هذه الأزمنة على القبور والمشاهد والأموات فلا كلام في تحريمها لأن الناذر
يعتقد في صاحب القبر أنه ينفع ويضر ويجلب الخير ويدفع الشر ويعافي الأليم ويشفي
السقيم, وهذا هو الذي كان يفعله عباد الأوثان بعينه.اهـ
باب ما جاء في الحلف بغير الله
عن ابن عمر رضي الله
عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك
).
أخرجه أبو داود برقم
3251 والترمذي برقم 1535
وغيرهما وصححه العلامة
الألباني رحمه الله.
وعن أبي هريرة رضي
الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من حلف منكم فقال في حلفه
باللات فليقل لا إله إلا الله, ومن قال لصاحبه تعال أقامرك فليتصدق ).
أخرجه البخاري برقم 4860 ومسلم برقم 1647.
وعن بريدة رضي الله
عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( من حلف بالأمانة
فليس منا ).
أخرجه أبو داود برقم 3252
وغيره
وصححه
العلامة الألباني رحمه الله.
ومن الحلف بغير الله
الحلف بالنبي والولي والآباء والأبناء والشرف والأخوة والزمالة والعيش والملح وجاه
فلان وما أشبه ذلك.
وقول الله تعالى { وَاتَّبَعُواْ
مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ
وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا
أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ
مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ
فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ
وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ
مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ
فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ
كَانُواْ يَعْلَمُونَ }.
وقال تعالى { وَلَا يُفْلِحُ
السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى } وقال تعالى { قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ
إِنَّ اللّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ }.
عن أبي هريرة رضي
الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( اجتنبوا السبع
الموبقات. قيل: يارسول الله وما هن؟
قال: الشرك بالله,
والسحر, وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق, وأكل مال اليتيم, وأكل الربا,
والتولي يوم الزحف, وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات ).
أخرجه البخاري برقم
2766 ومسلم برقم 145.
عن جابر رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن النشرة فقال: ( من عمل الشيطان ).
أخرجه أحمد (3/294) وأبو داود برقم 3868 وغيرهما وصححه
العلامة الألباني رحمه الله في
الصحيحة برقم 2760.
وعن إبراهيم النخعي
قال: كانوا يكرهون النشر.
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 23818 وسنده صحيح.
وسئل الحسن البصري عن
النشر فقال: سحر.
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه23862 وسنده حسن.
وعن يحي بن سعيد قال:
ليس بالنشرة التي يجمع فيها من الشجر والطيب ويغتسل به الإنسان بأس.
أخرجه ابن وهب في الجامع (2/762)وابن عبد
البر
في التمهيد(6/245) وسنده حسن.
قال العلامة ابن
القيم في إعلام الموقعين (4/396):والنشرة حل السحر عن
المسحور وهي نوعان:
حل سحر بسحر مثله وهو
الذي من عمل الشيطان فإن السحر من عمله, فيتقرب إليه الناشر والمنتشر بما يحب
فيبطل عمله عن المسحور, والثاني: النشرة بالرقية والتعوذات والدعوات والأدوية
المباحة فهذا جائز بل مستحب, وعلى النوع المذموم يحمل قول الحسن لا يحل السحر إلا
ساحر. اهـ
قلت: ما ينسب إلى
الحسن البصري أنه قال: لا يحل السحر إلا ساحر لم أقف له على إسناد, وقد صح عنه كما
سبق أن النشرة سحر والله أعلم.
باب ما جاء في الكهان والعرافين ونحوهم
عن معاوية بن الحكم
السلمي قال: قلت يا رسول الله أموراً كنا نصنعها في الجاهلية كنا نأتي الكهان, قال
صلى الله عليه وسلم: ( فلا تأتوا الكهان).
أخرجه مسلم برقم222.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ( سأل ناس رسول
الله صلى الله عليه وسلم عن الكهان فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليسوا
بشيء. قالوا: يا رسول الله فإنهم يحدثون أحياناً الشيء يكون حقاً. قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: تلك الكلمة من الجن يخطفها الجني فيقرها في أذن وليه قرّ
الدجاجة فيخلطون فيها أكثر من مئة كذبة ) .
أخرجه مسلم برقم 2228.
وعن صفية عن بعض
أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( من أتى عرافاً
فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ).
أخرجه مسلم برقم 2230.
وعن أبي هريرة رضي
الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه
بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ).
أخرجه أحمد في مسنده (2/429) والحاكم في مستدركه (8/1)
وأبو داود في سننه برقم
3904 وصححه الألباني.
ومما سبق يُعلم تحريم
إتيان الكهان والعرافين ونحوهم, سواء كان بسؤالهم مباشرة, أو عن طريق المكاتبة, أو
المهاتفة, أو قراءة ما يكتبونه, أو سماع ما يبثونه, فمن زاد على ذلك واعتقد صدقهم
فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم.
باب ما جاء في التمائم والحروز لرفع البلاء
أو دفعه
وقول الله تعالى{ قُلْ أَفَرَأَيْتُم
مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ
كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ
قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ }.
عن عبد الله بن مسعود
رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الرقى والتمائم
والتولة شرك ).
أخرجه أبو داود برقم3883 وصححه الألباني رحمه الله.
وعن عيسى بن عبد
الرحمن بن أبي ليلى قال: دخلت على عبد الله بن عكيم الجهني أعوده وبه حمرة فقلنا:
ألا تعلق شيئاً؟
قال: الموت أقرب من
ذلك. قال النبي صلى الله عليه وسلم ( من تعلق شيئاً وكل إليه ).
أخرجه الترمذي برقم 2072 وحسنه العلامة
الألباني رحمه الله
في غاية المرام 297.
وعن أبي بشير
الأنصاري رضي الله عنه أنه كان مع رسول الله في بعض أسفاره فأرسل رسول الله صلى
الله عليه وسلم رسولاً: ( لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت
).
أخرجه البخاري برقم 3005 ومسلم برقم 2115.
باب قول الله تعالى
{ فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ
الرَّاحِمِينَ }
عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال: كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوماً فقال: ( يا غلام إني أعلمك
كلمات إحفظ الله يحفظك, احفظ الله تجده تجاهك, إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت
فاستعن بالله, واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد
كتبه الله لك, ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله
عليك, رفعت الأقلام وجفت الصحف ).
أخرجه الترمذي
برقم 2516 وغيره وصححه
العلامة الألباني رحمه الله.
عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من اقتبس علما من النجوم اقتبس
شعبة من السحر زاد ما زاد).
أخرجه أبو داود برقم 3905 وغيره وحسنه
العلامة الألباني رحمه الله.
قال قتادة: إن الله
تبارك وتعالى إنما خلق هذه النجوم لثلاث خصال, جعلها زينة للسماء, وجعلها يُهتدى
بها.وجعلها رجوماً للشياطين, فمن تعاطى فيها غير ذلك فقد قال رأيه, وأخطأ حظه,
وأضاع نصيبه, وتكلف ما لا علم له به, وإن ناساً جهلة بأمر الله فقد أحدثوا في هذه
النجوم كهانة, من غرس بنجم كذا وكذا كان كذا وكذا,ومن سافر بنجم كذا وكذا كان كذا
وكذا, ولعمري ما من النجوم نجم إلا ويولد به الطويل والقصير,والأحمر والأبيض,
والحسن والذميم, وما علم هذه النجوم وهذه الدابة وهذا الطائر بشيء من هذا الغيب,
وقضى الله أنه لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون.
قال الحافظ ابن حجر
في تغليق التعليق (3/489):
قال عبد بن حميد في
تفسيره: ثنا يونس ثنا شيبان عن قتادة به. اهـ
قلت: وهذا إسناد صحيح
كالشمس.
باب ما جاء في الاستسقاء بالنجوم
عن أبي مالك الأشعري
رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أربع من أمتي من أمر
الجاهلية لا يتركونهن: الفخر في الأحساب, والطعن في الأنساب, والاستسقاء بالنجوم,
و النياحة ).
وقال ) :النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم
القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب ).
أخرجه مسلم برقم 934.
وعن زيد بن خالد
الجهني قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية في أثر
سماء كانت من الليل, فلما انصرف أقبل الناس فقال: ( هل تدرون ماذا قال ربكم؟
قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: أصبح من عبادي
مؤمن بي وكافر, فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب,
وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب ).
أخرجه البخاري برقم 846 ومسلم برقم71.
وعن ابن عباس رضي
الله عنهما قال: مطر الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ( أصبح من
الناس شاكر ومنهم كافر. قالوا: هذه رحمة الله. وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا.
قال: فنزلت هذه الآية {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ } حتى بلغ { وَتَجْعَلُونَ
رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} ).
أخرجه مسلم برقم 73.
باب ما جاء
في الرقى عن عبد الله بن مسعود
رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن الرقى والتمائم
والتولة شرك ).
أخرجه أبو داود برقم
3883 وصححه العلامة الألباني رحمه الله.
وعن عوف بن مالك
الأشجعي قال: كنا نرقي في الجاهلية فقلنا: يا رسول الله كيف ترى ذلك؟
فقال: ( اعرضوا علي
رقاكم لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك ).
أخرجه مسلم برقم 2200.
وعن جابر بن عبد الله
رضي الله عنه قال: كان لي خال يرقي من العقرب, فنهى رسول الله عن الرقى, قال:
فأتاه فقال: يا رسول الله إنك نهيت عن الرقى وأنا أرقي من العقرب فقال: ( من
استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل ).
أخرجه مسلم برقم 2199.
وعن عائشة رضي الله
عنها قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحد من أهله نفث عليه
بالمعوذات, فلما مرض مرضه الذي مات فيه جعلت أنفث عليه وأمسحه بيد نفسه لأنها أعظم
بركة من يدي ).
أخرجه مسلم برقم 2192.
والرقية الشرعية من
أعظم أسباب الشفاء, وقد دلت عليها السنة القولية والفعلية والتقريرية, وقد توسع
فيها كثير من المزاولين لها توسعاً مذموماً وجاءوا بما يستنكر حتى إن منهم من هو
بحاجة إلى رقية.
وقول الله تعالى { فَإِذَا
جَاءتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَـذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ
يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللّهُ
وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }.
وقوله تعالى {
قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ
وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِن
ذُكِّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ }.
عن ابن مسعود رضي
الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الطيرة من الشرك وما منا إلا
ولكن الله يذهبه بالتوكل ).
أخرجه الترمذي برقم 1614
وصححه العلامة الألباني رحمه الله.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: ( لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ).
أخرجه
البخاري برقم 5757 ومسلم برقم 2220.
وعن أنس بن مالك رضي
الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا عدوى ولا طيرة ويعجبني
الفأل. قالوا: وما الفأل؟ الكلمة الطيبة ).
أخرجه البخاري برقم 5776 ومسلم برقم 2223.
وعن معاوية بن الحكم
السلمي رضي الله عنه قال
قلت: يارسول الله أموراً كنا نصنعها في الجاهلية كنا
نأتي الكهان. قال: فلا تأتوا الكهان. قال: قلت: كنا نتطير. قال: ذلك شيء يجده
أحدكم في نفسه فلا يصدنكم).
أخرجه مسلم برقم 537.
ومن هذا الباب التطير
بشهر صفر, أو شوال, أو بيوم الأربعاء, أو برؤية أصحاب العاهات في أول اليوم, أو
برؤية الثعلب, أو بسماع صوت البومة ليلاً وما أشبه ذلك.
باب ما جاء في التبرك بالأصنام والقبور
والأشجار والأحجار ونحوها
وقول الله تعالى { مَا
نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى }.
عن أبي واقد الليثي
رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج إلى حنين مرّ بشجرة
للمشركين يقال لها ذات أنواط يعلقون عليها أسلحتهم فقالوا: يا رسول الله اجعل لنا
ذات أنواط كما لهم ذات أنواط, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( سبحان الله هذا
كما قال قوم موسى {اجْعَل لَّنَا إِلَـهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ } والذي نفسي بيده
لتركبن سنة من كان قبلكم ).
أخرجه الترمذي برقم 2180 وغيره وصححه
العلامة الألباني رحمه الله.
وعن عابس بن ربيعة عن
عمر رضي الله عنه أنه جاء الحجر الأسود فقبله فقال: ( إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا
تنفع ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك ).
أخرجه
البخاري برقم 1597ومسلم برقم1270.
وبهذا تعرف ضلال من
يتبرك بالقبور والمشاهد والأشجار والأحجار, ويتمسح بها, ويأكل من ترابها وما أشبه
ذلك.
باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد عن أبي هريرة رضي
الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة
مساجد مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى ).
أخرجه البخاري برقم 1189 ومسلم برقم 1397.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الاقتضاء (2/812):
فالسفر إلى هذه
المساجد الثلاثة للصلاة فيها والدعاء والذكر و القراءة والاعتكاف من الأعمال
الصالحة, وما سوى هذه المساجد لا يشرع السفر إليه باتفاق أهل العلم.اهـ
باب في أن الغلو من أعظم أسباب الشرك
والهلاك وترك الدين وقول الله تعالى { اتَّخَذُواْ
أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ }.
وقوله تعالى { يَا أَهْلَ
الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ
الْحَقِّ }.
عن ابن عباس رضي الله
عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا
عبده فقولوا: عبد الله ورسوله ).
أخرجه البخاري برقم 3445.
وعنه رضي الله عنه
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من
كان قبلكم بالغلو في الدين ).
أخرجه ابن ماجة
برقم 3029 وأحمد (1/215)
وغيرهما وصححه العلامة الألباني رحمه
الله .
وعن عبد الله بن
مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( هلك المتنطعون.
قالها ثلاثاً ).
أخرجه مسلم برقم 2670.
وعن ابن عباس رضي
الله عنه قال
صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد, أما ودّ فكانت
لكلب بدومة الجندل، وأما سواع فكانت لهذيل, وأما يغوث فكانت لمراد ثم لبني غُطيف
بالجرف عند سبأ, وأما يعوق فكانت لهمدان, وأما نسر فكانت لحمير لآل ذي الكلاع,
أسماء رجال صالحين من قوم نوح, فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى
مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصاباً وسموها بأسمائهم, ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك
أولئك وتنسّخ العلم عُبدت ).
أخرجه البخاري برقم 4920.
باب ما جاء في أن الغلو في قبور الصالحين
يصيرها أوثاناً تعبد من دون الله وقول الله تعالى { وَقَالُوا
لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلَا سُوَاعاً وَلَا يَغُوثَ
وَيَعُوقَ وَنَسْراً } وقوله تعالى { قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ
لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِداً }.
عن جندب رضي الله عنه
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور
أنبيائهم وصالحيهم مساجد, ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك ).
أخرجه مسلم برقم 532.
وعن جابر بن عبد الله
رضي الله عنه قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر, وأن يقعد
عليه, وأن يبنى عليه ).
أخرجه مسلم برقم 970.
وعن أبي الهياج
الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب: ( ألا أبعثك على ما بعثني رسول الله صلى الله
عليه وسلم: ألا تدع صورة إلا طمستها ولا قبراً مشرفاً إلا سويته ).
أخرجه مسلم برقم 969.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في
الاقتضاء (2/762):
لم يكن على عهد
الصحابة والتابعين وتابعيهم في بلاد الإسلام لا الحجاز, ولا الشام, ولا اليمن, ولا
العراق, ولا خراسان, ولا مصر, ولا المغرب مسجد مبني على قبر, ولا مشهد يقصد
للزيارة أصلاً, ولم يكن أحد من السلف يأتي إلى قبر نبي من الأنبياء لأجل الدعاء
عنده, ولا كان الصحابة يقصدون الدعاء عند قبر النبي, ولا عند قبر غيره من الأنبياء,
وإنما كانوا يصلون ويسلمون على النبي وصاحبيه.اهـ
باب ما جاء في التغليظ فيمن عبد الله عند قبر
رجل
صالح فكيف إذا عبده
عن أم حبيبة وأم سلمة
أنهما ذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم أنهما رأتا كنيسة بالحبشة فيها تصاوير, فقال
النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على
قبره مسجداً, وصوروا فيه تلك الصور, فأولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة ).
أخرجه البخاري برقم 427 ومسلم برقم 528.
وعن عائشة وابن عباس
رضي الله عنهما قالا: لما نُزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة على
وجهه فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه فقال وهو كذلك: ( لعنة الله على اليهود والنصارى
اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) يحذر ما صنعوا.
أخرجه البخاري برقم435 ومسلم برقم 531.
وفي لفظ للبخاري برقم
1390 قالت عائشة رضي الله عنها:
لولا ذلك أبرز قبره,
غير أنه خَشي أو خُشي أن يتخذ مسجداً.
وعن جندب بن عبد الله
رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول:
( إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل , فإن الله تعالى قد اتخذني خليلاً, ألا
وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد, ألا فلا تتخذوا
القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك ).
أخرجه مسلم برقم 532.
وعن ابن مسعود رضي
الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن من شرار الناس من تدركهم
الساعة وهم أحياء, والذين يتخذون القبور مساجد ).
أخرجه أحمد(1/435) وابن حبان برقم340 وغيرهما
وصححه العلامة الألباني رحمه الله في تحذير
الساجد.
قال شيخ الإسلام في
الاقتضاء (2/675):
فهذه المساجد المبنية
على قبور الأنبياء والصالحين والملوك وغيرهم يتعين إزالتها بهدم أو بغيره, هذا مما
لا أعلم فيه خلافاً بين العلماء, وتكره الصلاة فيها من غير خلاف أعلمه, ولا تصح
عندنا في ظاهر المذهب لأجل النهي الوارد في ذلك ولأحاديث أخر.اهـ
باب ما جاء في زيارة القبور
عن أبي هريرة رضي
الله عنه قال: زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله, فقال: (
استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي, واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي,
فزوروا القبور فإنها تذكر الموت ).
أخرجه مسلم برقم 976.
وعن أنس رضي الله عنه
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( كنت نهيتكم عن
زيارة القبور ألا فزوروها فإنها ترق القلب, وتدمع العين, وتذكر الآخرة, ولا تقولوا
هُجراً ).
أخرجه الحاكم في مستدركه (1/711)
وصححه العلامة الألباني
رحمه الله في صحيح الجامع
برقم 4584.
وزيارة القبور قسمان:
شرعية, وغير شرعية.
فالشرعية ينتفع بها
الزائر والمزور.
وغير الشرعية يتضرر
بها الزائر ولا ينتفع بها المزور, ومنها ما هو شركي ومنها ما هو بدعي.
باب ما جاء في بطلان الشفاعة
للمشركين وقول الله تعالى { وَلَا يَمْلِكُ
الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ
وَهُمْ يَعْلَمُونَ } وقوله تعالى { وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ
الْمُجْرِمُونَ وَلَمْ يَكُن لَّهُم مِّن شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاء وَكَانُوا
بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ } وقوله تعالى { قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً لَّهُ
مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } وقوله تعالى { قُلِ ادْعُوا
الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي
السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ
مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ } وقوله تعالى { وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا
تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن
يَشَاءُ وَيَرْضَى }.
باب ما جاء في إثبات الشفاعة لأهل الكبائر من
الموحدين
عن أبي هريرة رضي
الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لكل نبي دعوة مستجابة فتعجل كل
نبي دعوته وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي
يوم القيامة, فهي نائلة إن شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئاً ).
أخرجه مسلم برقم 199.
وعنه رضي الله عنه
قال: قلت يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال: ( لقد ظننت يا أبا
هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث, أسعد
الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله
إلا الله خالصاً من قلبه أو من نفسه ).
أخرجه البخاري برقم 99 و6570.
وعن أنس رضي الله عنه
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي ).
أخرجه الترمذي
برقم 2435 وغيره وصححه
العلامة الألباني رحمه الله.
وقول الله تعالى { َا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ
وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } وقوله تعالى { أُولَـئِكَ
الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ
وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ
مَحْذُوراً }.
عن أنس رضي الله عنه
أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب فقال:
( اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا.
قال: فيسقون ).
أخرجه البخاري برقم
1010.
قال شيخ الإسلام ابن
تيمية رحمه الله كما في مجموع الفتاوى (1/223):
ودعاء أمير المؤمنين
عمر بن الخطاب في الاستسقاء المشهور بين المهاجرين والأنصار, وقوله: ( اللهم إنا
كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا؛ وإنا نتوسل إليك بعم نبينا....) يدل
على أن التوسل المشروع عندهم التوسل بدعائه وشفاعته, لا السؤال بذاته, إذ لو كان
هذا مشروعاً لم يعدل عمر والمهاجرين والأنصار عن السؤال بالرسول إلى السؤال
بالعباس.اهـ
باب من الشرك إرادة
الإنسان بعمله الدنيا وقول الله تعالى { مَن كَانَ يُرِيدُ
الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا
وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ
إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ
يَعْمَلُونَ }.
عن أبي بن كعب رضي
الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( بشّر هذه الأمة بالسّناء
والدين والرفعة والتمكين في الأرض فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في
الآخرة من نصيب ).
أخرجه أحمد ( 5/134) والحاكم (4/318) وغيرهما وصححه
العلامة الألباني في صحيح الترغيب
والترهيب (1/117).
وعن أبي هريرة رضي
الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( تعس عبد الدينار وعبد الدرهم
وعبد الخميصة إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط, تعس وانتكس, وإذا شيك فلا انتقش, طوبى
لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله, أشعث رأسه, مغبرة قدماه, إن كان في الحراسة كان
في الحراسة, وإن كان في الساقة كان في الساقة, إن استأذن لم يؤذن له وإن شفع لم
يُشفّع ).
أخرجه البخاري برقم
2887.
وقول الله تعالى { فَمَن كَانَ
يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ
رَبِّهِ أَحَداً }.
عن أبي هريرة رضي
الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( قال الله تبارك وتعالى: أنا
أغنى الشركاء عن الشرك, من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته و شركه ).
أخرجه مسلم برقم 2985.
عن محمود بن لبيد رضي
الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك
الأصغر.
قالوا: وما الشرك
الأصغر يا رسول الله؟
قال: الرياء. يقول
الله عز وجل لهم يوم القيامة إذا جزى الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم
تراؤون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاءً).
رواه أحمد وابن أبي الدنيا والبيهقي وغيرهم
وصححه
العلامة الألباني في صحيح الترغيب
والترهيب (1/120).
وعن شداد بن أوس رضي
الله عنه قال: كنا نعد الرياء في زمن النبي صلى الله عليه وسلم : الشرك الأصغر.
أخرجه الحاكم (4/329) وصححه العلامة الألباني رحمه
الله في صحيح الترغيب والترهيب
(1/121).
قال شيخ الإسلام ابن
تيمية رحمه الله كما في مجموع الفتاوى (23/174):
قال الفضيل بن عياض:
ترك العمل لأجل الناس رياء, والعمل لأجل الناس شرك.اهـ
باب ما جاء في المصورين والصور
عن أبي زرعة قال:
دخلت مع أبي هريرة في دار مروان فرأى فيها تصاوير فقال: سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول: ( قال الله عز وجل: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي؟ فليخلقوا ذرة
فليخلقوا شعيرة ).
أخرجه البخاري برقم 5953 ومسلم برقم 2111 واللفظ له.
وعن عائشة رضي الله
عنها قالت: دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سترت سهوة لي بقرام فيه
تماثيل, فلما رآه هتكه وتلون وجهه وقال: (
يا عائشة أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله ).
أخرجه البخاري برقم5954 ومسلم
برقم 2107 واللفظ له.
وعنها رضي الله عنها
أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على
الباب فلم يدخل, فعرفت في وجهه الكراهة فقلت: ( يا رسول الله أتوب إلى الله ورسوله
ماذا أذنبت؟
فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: ما بال هذه النمرقة؟
قلت: اشتريتها لك
لتقعد عليها وتوسدها, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أصحاب هذه الصور يوم
القيامة يعذبون فيقال لهم: أحيوا ما خلقتم. وقال إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله
الملائكة ).
أخرجه البخاري برقم 2105 ومسلم برقم 2107.
وعن أبي جحيفة رضي
الله عنه قال: ( إن النبي صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا وموكله والواشمة
والمستوشمة والمصور ).
أخرجه البخاري برقم 5962.
وعن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي
طالب رضي الله عنه: ألا أبعثك على ما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا تدع
صورة إلا طمستها ولا قبراً مشرفاً إلا سويته.
أخرجه مسلم برقم
969.
والنصوص السابقة تشمل
التصوير باليد وبالآلات الحديثة, وتشمل الصور المجسمة وغير المجسمة, والثابتة
والمتحركة.
باب قول الله تعالى
{ أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً
وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلاَ أَنفُسَهُمْ
يَنصُرُونَ }
وقول الله تعالى { ذَلِكُمُ اللَّهُ
رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن
قِطْمِيرٍ إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا
اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا
يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ } وقوله تعالى {قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ
ضَرّاً وَلَا رَشَداً قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ
أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً إِلَّا بَلَاغاً مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ }
الآية.
عن انس بن مالك رضي
الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته يوم أُحد وشُجّ في رأسه
فجعل يسلت الدم عنه ويقول (كيف يفلح قوم شجوا نبيهم وكسروا رباعيته وهو يدعوهم إلى
الله ؟ فأنزل الله: { لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ }).
أخرجه مسلم برقم 1791.
وعن أبي هريرة رضي
الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزل الله {وَأَنذِرْ
عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ } قال:
( يا معشر قريش ـ أو
كلمة نحوها ـ اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئاً, يا بني عبد مناف لا أغني عنكم
من الله شيئاً, يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئاً, ويا فاطمة بنت
محمد سليني ما شئت من مالي لا أغني عنك من الله شيئاً ).
أخرجه البخاري برقم 4771 ومسلم برقم 206.
باب ما جاء في حماية المصطفى صلى الله عليه
وسلم
حمى التوحيد وسده طرق الشرك
عن عمر رضي الله عنه
قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( لا تطروني كما أطرت النصارى ابن
مريم فإنما أنا عبده فقولوا: عبد الله ورسوله ).
أخرجه البخاري برقم 3445.
عن أنس بن مالك رضي
الله عنه أن رجلاً قال: يا محمد يا سيدنا وابن سيدنا وخيرنا وابن خيرنا. فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: ( يا أيها الناس
عليكم بتقواكم لا يستهوينكم الشيطان أنا
محمد بن عبد الله, عبد الله ورسوله, والله ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي
أنزلني الله).
أخرجه
أحمد (3/153) وغيره وسنده صحيح.
وعن مطرف بن عبد الله
بن الشخير قال: قال أبي انطلقت في وفد بني عامر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقلنا: أنت سيدنا. فقال: ( السيد الله تبارك وتعالى, قلنا وأفضلنا فضلاً وأعظمنا
طولاً, فقال: قولوا بقولكم أو بعض قولكم ولا يستجرينكم الشيطان ).
أخرجه أبو داود برقم 4806 وغيره وصححه
العلامة الألباني رحمه الله.
ومما سبق يُعلم أن
الغلو في مدح النبي صلى الله عليه وسلم كما في قصيدة البوصيري ونحوها من أعظم
استهواء الشيطان لهم فضلاً عن دعائه صلى الله عليه وسلم, والاستغاثة به, وطلب
الحوائج منه, والسجود لقبره, فإن ذلك كله من الشرك الأكبر عياذاً بالله, فصلوات
الله وسلامه على البشير النذير والسراج المنير الذي أرسى دعائم التوحيد وحمى حماه
وسد كل طريق يفضي إلى الشرك.
باب ما جاء في التسوية اللفظية بين الخالق
والمخلوق
عن قتيلة ـ امرأة من
جهينة ـ أن يهودياً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ( إنكم تنددون وإنكم
تشركون تقولون ما شاء الله وشئت, وتقولون والكعبة. فأمرهم رسول الله صلى الله عليه
وسلم إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: ورب الكعبة ويقولون: ما شاء الله ثم شئت ).
أخرجه النسائي
برقم 3773 وغيره وصححه
العلامة الألباني رحمه الله.
وعن ابن عباس رضي
الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يراجعه الكلام فقال: ما شاء
الله وشئت. فقال: ( جعلتني لله عدلاً ( وفي رواية نداً ) ما شاء الله وحده ).
أخرجه أحمد (1/347)
والبخاري في الأدب المفرد
برقم 783 وصححه العلامة الألباني رحمه
الله.
وعن حذيفة أن رجلاً
من المسلمين رأى في النوم أنه لقي رجلاً من أهل الكتاب فقال: نِعم القوم أنتم لولا
أنكم تشركون, تقولون ما شاء الله وشاء محمد. وذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم
فقال: ( أما والله إن كنت لأعرفها لكم, قولوا ما شاء الله ثم شاء محمد ).
أخرجه ابن ماجة
في سننه برقم 1734 وغيره
وصححه العلامة الألباني رحمه الله.
ومثل ذلك قول بعض
الناس: أنا عند الله وعندك, وراكن على الله وعليك, وما معي إلا الله وأنت, وأنا
معتمد على الله وعليك, ولولا الله وفلان, وما أشبه ذلك.
باب قول الله تعالى { َيظُنُّونَ
بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ }
وقول الله تعالى { الظَّانِّينَ
بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ
عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً }.
قال العلامة ابن
القيم رحمه الله:
وأكثر الناس يظنون
بالله ظن السوء فيما يختص بهم, وفيما يفعله بغيرهم, ولا يسلم من ذلك إلا من عرف
الله وأسماءه وصفاته وموجب حكمته وحمده, فليعتن اللبيب الناصح لنفسه بهذا وليتب
إلى الله وليستغفره من ظنه بربه ظن السوء,ولو فتشت من فتشت لرأيت عنده تعنتاً على
القدر وملامة له وأنه كان ينبغي أن يكون كذا وكذا, فمستقل ومستكثر, وفتش في نفسك
هل أنت سالم؟
فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة وإلا فإني لا إخالك ناجياً اهـ
باب قول الله تعالى {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ
رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا
أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِندَهُ
لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا
وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ} عن أبي هريرة رضي
الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
( إن ثلاثة من بني
إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى فأراد الله أن يبتليهم فبعث إليهم ملكاً فأتى الأبرص
فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال لون حسن وجلد حسن ويذهب عني الذي قد قذرني الناس.
قال: فمسحه فذهب عنه
قذره وأعطي لوناً حسناً وجلداً حسناً .
قال: فأي المال أحب
إليك؟ قال: الإبل أو قال البقر شك إسحاق, إلا أن الأبرص والأقرع قال أحدهما الإبل
وقال الآخر: البقر. قال فأعطي ناقة عُشراء. فقال: بارك الله لك فيها.
قال: فأتى الأقرع
فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: شعر حسن ويذهب عني هذا الذي قذرني الناس. قال: فمسحه
فذهب عنه وأعطي شعراً حسناً. قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: البقر. فأعطي بقرة
حاملاً. فقال: بارك الله لك فيها.
قال: فأتى الأعمى
فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: أن يرد الله إليّ بصري فأبصر به الناس. قال: فمسحه
فرد الله إليه بصره. قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: الغنم. فأعطي شاةً
والداً. فأنتج هذان وولد هذا.
فكان لهذا وادٍ من
الإبل, ولهذا وادٍ من البقر, ولهذا وادٍ من الغنم.
قال: ثم أتى الأبرص
في صورته وهيئته فقال: رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ لي اليوم
إلا بالله ثم بك. أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال بعيراً أتبلغ
عليه في سفري. فقال: الحقوق كثيرة. فقال له : كأني أعرفك ألم تكن أبرص يقذرك
الناس؟ فقيرا فأعطاك الله؟ فقال: إنما ورثت هذا المال كابراً عن كابر. قال: إن كنت
كاذباً فصيرك الله إلى ما كنت.
وأتى الأقرع في صورته
فقال له مثل ما قال لهذا, ورد عليه مثل ما رد على هذا. فقال: إن كنت كاذباً فصيرك
الله إلى ما كنت.
وأتى الأعمى في صورته
وهيئته فقال: رجل مسكين وابن سبيل انقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ لي اليوم إلا
بالله ثم بك, أسألك بالذي رد عليك بصرك شاةً أتبلغ بها في سفري. فقال: قد كنت أعمى
فرد الله إلي بصري وفقيراً فقد أغناني فخذ ما شئت ودع ما شئت فو الله لا أجهدك
اليوم شيئاً أخذته لله.
فقال: أمسك مالك
فإنما ابتليتم فقد رضي الله عنك وسخط على صاحبيك).
أخرجه البخاري برقم 3464 ومسلم برقم 2964.
وقول الله تعالى { والَّذِي
قَدَّرَ فَهَدَى } وقوله تعالى { إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ }
وقوله تعالى { إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ
عَنْهَا مُبْعَدُونَ }.
وسأل جبريل عليه
السلام النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان فقال: (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه
ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره ).
أخرجه مسلم في صحيحه من
حديث عمر رضي الله عنه برقم 1.
وعن أبي الدرداء رضي
الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( لكل شيء حقيقة, وما
بلغ العبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه, وما أخطأه لم يكن
ليصيبه ).
أخرجه أحمد في المسند (6/442)
وحسنه شيخنا المحدث العلامة
مقبل بن هادي الوادعي رحمه
الله في الصحيح المسند.
باب ما جاء في مراتب القدر التي من لم
يؤمن بها لم يؤمن بالقدر المرتبة الأولى:
علم الرب سبحانه بالأشياء قبل كونها.قال الله تعالى {
كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ
شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ
لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } وقوله تعالى{ إِنَّ اللّهَ
بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }.
عن علي رضي الله عنه
قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم جالساً وفي يده عود ينكت به فرفع
رأسه فقال: ( ما منكم من نفس إلا وقد عُلم منزلها من الجنة والنار. قالوا: يا رسول
الله فلم نعمل؟ أفلا نتكل. قال: لا اعملوا فكل ميسر لما خلق له, ثم قرأ { فَأَمَّا مَن
أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا
مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى } ).
أخرجه مسلم برقم 2647.
قال الإمام الشافعي
رحمه الله: ناظروا القدرية بالعلم فإن أقروا به خُصموا وإن أنكروه كفروا.
المرتبة الثانية:
كتابة الله للأشياء قبل كونها.
قال الله تعالى { وَكُلُّ
شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ } وقوله
تعالى { وَكُلَّ
شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ } وقوله تعالى {
مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ
مِن شَيْءٍ }.
عن عبد الله بن عمرو
رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كتب الله مقادير الخلق
قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة, قال: وعرشه على الماء ).
أخرجه مسلم برقم 2653.
المرتبة الثالثة:
المشيئة النافذة فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.قال الله تعالى :{ وَمَا تَشَاؤُونَ
إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } وقال الله تعالى:{ يَمْحُو اللّهُ مَا
يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ } وقوله تعالى { قُلِ اللَّهُمَّ
مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن
تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ
عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير,
[1] -جزى
الله والدنا العلامة العمراني خيراً على حسن ظنه بي, وإلا فحسبي أني طالب علم,
وأسأل الله أن يبلغني ما قال, وأن يرزقني الإخلاص في القول والعمل.
[2] -
هذا أيضاً من حسن ظن شيخنا بي وتشجيعه لي, وإلا فإننا نعلم جميعاً أن كتاب التوحيد
للإمام محمد ابن عبد الوهاب ليس له نظير في بابه, ولغيره من العلماء قديماً
وحديثاً كتب عظيمة ومفيدة في هذا الباب, وأسأل الله المنان الكريم أن يتقبل كتاب