| شرح رسالة العبودية | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
abdelwahab ديري عتيق
الساعة : عدد المساهمات : 118 نقاط : 247 التقيم : 3 تاريخ الميلاد : 19/05/1991 تاريخ التسجيل : 25/04/2012 العمر : 33
| |
| |
abdelwahab ديري عتيق
الساعة : عدد المساهمات : 118 نقاط : 247 التقيم : 3 تاريخ الميلاد : 19/05/1991 تاريخ التسجيل : 25/04/2012 العمر : 33
| |
| |
abdelwahab ديري عتيق
الساعة : عدد المساهمات : 118 نقاط : 247 التقيم : 3 تاريخ الميلاد : 19/05/1991 تاريخ التسجيل : 25/04/2012 العمر : 33
| موضوع: رد: شرح رسالة العبودية الأربعاء مايو 02, 2012 6:38 am | |
| المقصود به الأمر الشرعي، لأن أمره جل وعلا ينقسم إلى قسمين: أمر كوني وأمر شرعي، الأمر الكوني لا يلزم أن يكون مرضيا، ولا يلزم أن يكون موافقا للأمر الشرعي، قد لا يكون موافق، وهذا من حكمة الله جل وعلا، ولهذا وجدت المضادات، ولولا هذا ما حصل القتال في سبيل الله والجهاد وحصل جهاد الأعداء والمنافقين وغيرهم، الذي يحبه الله جل وعلا، وكذلك الشياطين من الإنس والجن، ثم ذكر الدليل على هذا قال: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}، وبعدها: {ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون، إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين}، والآيات يرتبط بعضها ببعض، وإذا كملت ظهر المعنى تاما، فإن كان هذا استشكل هذه الآية بعض المتكلمين الذين ينظرون إلى ما تقتضيه عقولهم، قالوا: قول الله جل وعلا: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}، خبر، وهذا الخبر جاء على خلاف الواقع، فالواقع أن العبادة لا تحصل من أكثر الناس، فأين مقتضى الخبر الذي يكون صدقا؟ يقول: فجاء الإشكال من هذه الناحية، لهذا أجاب الشيخ على هذا، أن هذه هي الغاية المرضية المحبوبة لله، يعني هذه الحكمة التي خلق من أجلها الخلق، ولا يلزم أن يكون خلقه أنه يجعلهم عابدين، وإنما هذا إليهم، أعطاهم عقولا وأفكارا وآيات تحيط بهم من فوق ومن تحت ويمين وشمال، وقال: الأمر إليكم، إن عبدتم، عبدتم الله واتبعتم أمره فلكم الجزاء الأوفى، وإن أبيتم واتبعتم مراداتكم فالجزاء أمامكم عقاب الله جل وعلا، ولهذا صار الجزاء مطابق للعمل، إلا أن الله تفضل وجعل جزاء الحسنة عشر أمثالها أقل ما يكون، وإلا قد يتضاعف، وأما السيئة فلا يجزى إلا بمثلها بفضل الله جل وعلا، المقصود أن هذا الإشكال لا محل له في الآية الذي أوردوه.ثم يقول: وبها، يعني بالعبادة التي هي الغاية المحبوبة لله جل وعلا، وهي أيضا الحكمة من خلق بني آدم و الجن، لأن الجن عقلاء، وهم أهل للتكليف، ولهذا من أطاع منهم جزي خير الجزاء، ومن عصى فهو في النار، فهي حكمة الله جل وعلا وأرسل الرسل بها، و الرسل جاءوا ليبينون أمر الله جل وعلا، لأن الله جل وعلا غيب ليس بينه وبين خلقه اتصال بالكلام والمشاهدة، ولهذا صار الإيمان ليس من كل أحد، من سبقت له الحسنى آمن بالغيوب والأخبار التي جاءت بها الرسل عن الله، فاستحق الجزاء الكبير، ومن صار نظره نظر حيواني قريب استولت عليه الشياطين من الجن والإنس، وصرفته عن هذا الأمر وكل ذلك بتقدير الله جل وعلا، وعلى الإنسان أن يكون سببا في هدايته بأن يقبل من جاء عن الله جل وعلا، ومن قبل من أول وهلة فإنه يجزى عن الحسنة حسنة، بزيادة العلم وزيادة الإيمان والعمل، وقال: أنه أرسلت بها الرسل، كما قال جل وعلا لنوح لقوله وهو أول الرسل: {اعبدوا الله ما لكم من إله غيره}، وهكذا كل رسول يقول لقومه هذا القول: {اعبدوا الله ما لكم من إله غيره}، لأنهم يعلمون أن الله هو الذي خلقهم، وهو الذي أوجد الأشياء كلها، لا إشكال عندهم في هذا، وإنما وقعوا في الشرك الذي هو العبادة الصادرة منهم، توارثا لذلك، صار بعضهم يتبع بعضا ويوصي بعضهم بعضا في إتباع الآباء والأسلاف الذي سلكوا هذا المسلك، وهذه أكبر حجة يحتج بها المشركون على الرسل، ولهذا قال فرعون لموسى: {فما بال القرون الأولى}، يعني أنهم خالفوك يعني وأنهم جاءوا بخلاف ما قلت، القرون التي مضت، هذا قول مثل قول الكفار: {إنا وجدنا آبائنا على أمة}، يعني على طريقة وعلى ملة: {وإنا على آثارهم مقتدون}، وهذا الذي يقوله كثير من الناس إذا قلت له: لا تفعل كذا وكذا، قال لك: كل الناس يفعلون هذا، نفس الطريقة بس الأسلوب يختلف، هو نفس الحجة، أنت الذي تخالف ولا غيرك من الناس يفعلون هذا كذا وكذا، وقد يقول مثلا: هذا تزمت وهذا تشدد وغيرك لا يقول هذا، وكل هذه حجة الكفار، الذين يقولون: وجدنا آبائنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون، ولكل سلف خلف، وكذلك قال هود، لأن هود جاء بعد نوح عليه السلام، وصالح وشعيب وغيرهم من الرسل، وجاء خاتمهم صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين، بقول للناس: «قولوا لا إله إلا الله»، وهو معنى اعبدوا الله ما لكم من إله غيره، قال: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماؤهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله»، ثم ذكر دليلا عاما في مهمة الرسل التي كلفوا بها، قال: وقال الله تعالى: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله}، يعني كل رسول يقول لقومه: اعبدوا الله ما لكم من إله غيره، اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت، فالطاغوت هو الشرك، وهو كل ما صد عن عبادة الله، وهو مأخوذ من الطغيان، ثم ذكر جل وعلا يقول: {فمنهم من هدى الله}، فالهداية بيد الله، من، من الله عليه بالهداية اهتدى واتبع الرسل، {ومنهم من حق عليه الضلالة}، يعني من وكل إلى نفسه وإلى نظره وعقله ضل ولابد، فالفضل لله جل وعلا إذا من على عبد يجب أن يشكر ربه، وإذا شكر زاده الله جل وعلا خيرا، وقال تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون}، فدل على أن دعوة الرسل واحدة، وأن كلهم يدعون إلى عبادة الله وحده، فالأديان التي جاءت بها الرسل كلها الإسلام وهو الاستسلام لله جل وعلا بالطاعة، وإتباع الرسل، وعبادته وحده، أما الشرائع فتختلف، وقوله جل وعلا: {إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون}، معنى قوله: هذه أمتكم يعني دينكم، أمة هنا المقصود بها الدين، هذه أمتكم أمة واحدة يعني دينكم واحد وملتكم واحدة التي جاءت بها الرسل، وهي عبادة الله، ولهذا قال: {وأنا ربكم فاعبدون}، قال جل وعلا: {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم، وإن هذه أمتكم}، يعني دينكم وشرعكم الذي جاءت به الرسل: {أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون}، في الآية الأولى، وثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة قال: سمعت رسول الله r يقول: «إن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى: {يا أيها الرسول كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم}، هذا أمر المرسلين، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون}»، فهذا الأمر الذي للمؤمنين كالأمر الذي للمرسلين ما فيه فرق، ثم ذكر الرجل الذي يطيل السفر يرفع يديه إلى السماء، يقول: « مغبرة قدماه شعث رأسه يرفع يديه إلى السماء يقول: يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب له»، لن يستجاب له لأنه يفعل هذه الأفعال يأكل حرام ويشرب حرام ويلبس حرام، لأن الله أمر أن يؤكل من الطيب، فدل على أن أكل الطيب أنه له أثر في العبادة بقبولها وردها، فالمقصود أن هذه الطريق الواحدة التي جاءت بها الرسل وهي دينهم، وهو الإسلام لله جل وعلا، والإنقياد له بالطاعة وإتباع الرسل، وجعل ذلك لازما لرسوله إلى الموت، فإذا كان لازما للرسول فغيره أولى، قال: {واعبد ربك حتى يأتيك اليقين}، واليقين المقصود به هنا الموت، يعني استمر في عبادة الله ما دمت حيا مستطيعا، بعض الصوفية يقول: يأتيك اليقين يعني يأتيك العلم، فإذا جاءك العلم سقطت عنك العبادة، فإذا وصل إلى الحقائق صار غير مكلف، هذا من قلب الحقائق كما يقولون، بل هذا من الضلال الذي قد لا يظفر به الشيطان، فإذا ظفر به فرح بهذا فرح شديد، وبذلك وصف جل وعلا الملائكة ملائكته وأنبيائه، قال تعالى: {وله من في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون}، الاستحسار معناه أنه يقصر في ذلك وتنعدم الرغبة، بل عندهم الجد والاجتهاد في هذا، ولهذا قال: {يسبحون الليل والنهار لا يفترون}، وهذا تفسير لقوله: لا يستحسرون نعم.القارئ: قال رحمه الله تعالى: [{إِن الَّذين عِنْد رَبك لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَن عِبَادَته ويسبحونه وَله يَسْجُدُونَ} .وذم المستكبرين عَنْهَا بقوله [60 غَافِر] : {وَقَالَ ربكُم ادْعُونِي أَسْتَجِب لكم إِن الَّذين يَسْتَكْبِرُونَ عَن عبادتي سيدخلون جَهَنَّم داخرين} . ونعت صفوة خلقه بالعبودية لَهُ فَقَالَ تَعَالَى [6 الْإِنْسَان] : {عينا يشرب بهَا عباد الله يفجرونها تفجيرا} وَقَالَ [63-77 الْفرْقَان] : {وَعباد الرَّحْمَن الَّذينيَمْشُونَ على الأَرْض هونا وَإِذا خاطبهم الجاهلون قَالُوا سَلاما} الْآيَات.وَلما قَالَ الشَّيْطَان [39-40 الْحجر] : {رب بِمَا أغويتني لأزينن لَهُم فِي الأَرْض ولأغوينهم أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادك مِنْهُم المخلصين} قَالَ الله تَعَالَى [42 الْحجر] : {إِن عبَادي لَيْسَ لَك عَلَيْهِم سُلْطَان إِلَّا من اتبعك من الغاوين} .وَقَالَ فِي وصف الْمَلَائِكَة بذلك [26-28 الْأَنْبِيَاء] : {وَقَالُوا اتخذ الرَّحْمَن ولدا سُبْحَانَهُ بل عباد مكرمون * لَا يسبقونه بالْقَوْل وهم بأَمْره يعْملُونَ * يعلم مَا بَين أَيْديهم وَمَا خَلفهم وَلَا يشفعون إِلَّا لمن ارتضى وهم من خَشيته مشفقون} وَقَالَ تَعَالَى [88-95 مَرْيَم] : {وَقَالُوا اتخذ الرَّحْمَن ولدا * لقد جئْتُمْ شَيْئا إدا * تكَاد السَّمَاوَات يتفطرن مِنْهُ وتنشق الأَرْض وتخر الْجبَال هدا * أَن دعوا للرحمن ولدا * وَمَا يَنْبَغِي للرحمن أَن يتَّخذ ولدا * إِن كل من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض إِلَّا آتِي الرَّحْمَن عبدا * لقد أحصاهم وعدهم عدا * وَكلهمْ آتيه يَوْم الْقِيَامَة فَردا} .وَقَالَ تَعَالَى عَن الْمَسِيح الَّذِي ادعيت فِيهِ الإلهية والبنوة [59 الزخرف] : {إِن هُوَ إِلَّا عبد أنعمنا عَلَيْهِ وجعلناه مثلا لبني إِسْرَائِيل} وَلِهَذَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الحَدِيث الصَّحِيح " لَا تطروني كَمَا أطرت النَّصَارَى عِيسَى ابْن مَرْيَم فَإِنَّمَا أَنا عبد فَقولُوا عبد الله وَرَسُوله ".وَقد نَعته الله بالعبودية فِي أكمل أَحْوَاله فَقَالَ فِي الْإِسْرَاء: {سُبْحَانَ الَّذِي أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} وَقَالَ فِي الإيحاء [10 النَّجْم] {فَأوحى إِلَى عَبده مَا أوحى} وَقَالَ فِي الدعْوَة [19 الْجِنّ] {وَأَنه لما قَامَ عبد الله يَدعُوهُ كَادُوا يكونُونَ عَلَيْهِ لبدا} وَقَالَ فِي التحدي [23 الْبَقَرَة] {وَإِن كُنْتُم فِي ريب مِمَّا نزلنَا على عَبدنَا فاتوا بِسُورَة من مثله} ].الشيخ: من تمام المعنى الماضي، أن هذا لا يخلوا منه مخلوق، حتى الملائكة فهم أمروا بعبادة الله جل وعلا والخضوع له قاموا بهذا كما أخبر الله جل وعلا عنهم، والملائكة من الغيوب، من الغيب الذي يخبرنا الله جل وعلا به، ولا لا يشاهدون، ولهذا لما اقترح الكفار أن يكون الرسول ملك، أخبر أن الملائكة غير منظرورين، وأنه لو قدر أن يأتيهم رسول ملك من الملائكة لجعل بشر والتبس عليهم الأمر: {ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون}، يعني قالوا: هذا ليس ملك هذا بشر، لأنهم لا يستطيعون مخاطبة الملك، ولهذا كان الرسول r إذا جاءه الملك بصورته صار صعب جدا عليه تلقي الوحي منه، يتغشاه أمر شديد، حتى في الوقت الشاتي شديد البرد يصبح يتصبب منه العرق صلوات الله وسلامه عليه، أما إذا جاءه بصورة بشر فهو من اسفله يخاطبه كما يخاطب البشر، فأنواع الوحي أشدها أن يأتي الملك للرسول r على صورته وحالته، وهو لا يراه أيضا، بل قد يراه على صورة غير صورته، وإنما قد يكون رؤيته على صورته في حالتين فقط التي رآه فيها، مرة في الأرض ومرة في السماء، فأصيب بالرعب صلوات الله وسلامه عليه مما رآه على صورته الحقيقية، وكذلك غيرهم من الخلق كلهم كلفوا بالعبادة، ولكن العبادة قد تكون عبادة أصلية، ليس للعابد فيها اختيار، وقد تكون اختيارية، والاختيارية هي النافلة التي يفعلها عن اختياره وعن مقدورة هي التي يجزى عليها، وأما الأصلية فكل من في السماء ومن في الأرض فهو آتي الرحمن عبدا، يعني عابد يأتيه ذليلا تجري عليه أقداره، وأمره الكونية لا حيلة له في ذلك، فهذا لا ينفع، إنما تنفع العبودية إذا صدرت من العبد باختياره ومقدوره، ومعنى ذلك أن كلمة عبد تنقسم إلى قسمين، عبد بمعنى عابد، وعبد بمعنى معبد مذلل مسخر، فهذا لا يخرج منه أحد، وإنما الذي ينفع العبد الذي يكون بمعنى العابد الذال الخاضع الذي يتبع أمر الله جل وعلا، فهذا يشمل العقلاء من الملائكة ومن البشر ومن الجن، وذكره في القرآن كثير، وهو المراد بأمر الله جل وعلا، والمراد بإرسال الرسل إلى الناس في هذا، ذكر الآيات التي تدل عليه، ثم قال: وقال تعالى عن المسيح الذي ادعيت فيه الإلوهية والنبوة، أما النبوة فلا إشكال فيها، ولكن المقصود الإلهية، والإلهية معناها التأله والتعبد أنه إله، وإذا جاءت الإلهية أو جاءت الروبية مفردة دخل فيها المعنى الثاني وإلا لكل واحدة معنى كما سيأتي إن شاء الله، قال جل وعلا: {إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل}، المثل المقصود به هنا الآية، كان آية لهم، لأن الله جل وعلا نوع خلقه ببني آدم أربعة أنواع، خلق أصلهم من التراب، وهذا لبيان قدرته جل وعلا على كل شيء، وخلق زوج آدم منه، بضعة منه، أحد ضلوعه فخلقت زوجة كاملة، نام نومة فلما استيقظ فإذا هي جالسة عنده خلقت من بضعة منه، هذا أيضا من الآيات العجيبة، آيات الله جل وعلا، وخلق عيسى من أنثى بلا ذكر، ولهذا ادعى فيه أهل الضلال والمحال أنه الله أو ابن الله أو أنه شريك لله ثالث ثلاثة، قالوا: الله وعيسى وأمه، تعالى الله وتقدس عن قول هؤلاء، ولا يزال هؤلاء يكون هذا الباطل الذي هو من المحال، والذي لا تستسيغة لا عقول ولا فطر، لهذا ذكر الله جل وعلا مبدأ في سورة مريم، ذكر قصة مريم، وذكر أنه تمثل لها جبريل عليه السلام بشرا سويا، استعاذت بالله، أعوذ بالله منك إن كنت تقيا، لأنها ظنت أنه بشر، وأنه يريد شر، فقال: {إني رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا}، يعني جئتك بأمر من الله، فتعجبت كيف يكون لي ولد وليس لي زوج ولم يمسسني بشر؟ قال: هذا أمر قضاه الله جل وعلا، ثم لما جاءت به صار يكلمها من تحتها، لأنها قالت: {يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا}، لأن الأمر شديد في هذا، ما يصدقونها، فناداها من تحتها قال: {ألا تحزني وهزي إليك بجذع النخلة يساقط عليك رطبا جنيا فإما ترين من البشر أحد فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا، فأتت به تحمله قالوا: يا مريم لقد جئت شيئا فريا}، أمر شديد عظيم، أشارت إليه ما تكلم، أشارت إليه قالت: كلموه إشارة، قالوا: {كيف نكلم من كان في المهد صبيا}، انظر كيف؟ أول كلمة نطق بها لما قابلهم ماذا قال؟ {إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا}، ومع ذلك كله يقولون: هو الله، لأنهم لا يتبعون الوحي الذي جاءت به الرسل، فالمقصود أنها ادعيت فيه الإلهية، يقول الرسول r عند قول الله: {إن هو إلا عبد}، يعني تعبده الله جل وعلا بالعبودية وكلفه ذلك، ليس لا مشاركا لله وليس ابنه تعالى الله وتقدس فهو الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، قال الرسول r: «لا تطروني»، اطروني يعني لا تمدحوني بالباطل، والإطراء هو الزيادة في المدح والثناء، وهذا لا يزال في لغة الناس، أن فلان يطرى فلان يعني زاد في مدحه، «لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم، إنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله»، هكذا عبد، قولوا لأنه مقول القول، قولوا عبد الله ورسوله يعني هو عبد، ويجوز بالرفع يعني هو عبد الله، أو أنا عبد الله ورسوله، فكيف بمن يقول مثلا يخاطب الرسول يقول: يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم، ما هو الحادث العمم؟ الحادث العمم الذي يعم الناس يعني يوم القيامة، الذي يعم كل أحد، إن لم تكن في معادي آخذا بيدي فضلا وإن فقل يا ذلة القدم، ثم يقول: ولن يضيق رسول الله جاهك بي إذا الكريم تحلى باسم منتقم، فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم، ماذا بقي لله؟ إذا كان من جملة جوده الدنيا والآخرة، ومن جملة علومه علم اللوح والقلم الذي خط فيه كل شيء، واللوح حفظ فيه كل شيء، ما هذا نسأل الله العافية الإطراء، هذا الإطراء الذي حذر منه الرسول r، وهذا كثير جدا في الشعراء صار حظهم من رسول الله r الكذب، والمدح الذي يرضى به الشيطان ويغضب منه رسول الله r، فالمقصود أن العبادة يجب أن تكون لله وحده، لا يشاركه فيها لا نبي ولا ملك ولا ولي ولا دونهما من الخلق، فمن شرك أحدا من المخلوقين مع الله جل وعلا في العبادة فقط ظلم وتعدى واستحق عقاب الله جل وعلا، يقول: وقد نعته الله، يعني نعت رسوله الذي هو خاتم الرسل محمد r، بالعبودية في أكمل أحواله التي يثني الله جل وعلا بها عليه، قال جعل وعلا: {فأوحى إلى عبده ما أوحى}، إلى عبده، وإضافته إليه لأن له عبودية خاصة، قد كمل مقامها لربه جل وعلا، فهذا من أفضل خطاب الله جل وعلا وأكمله، وكذلك في النعم التي ينعم بها عليه، فالوحي نعمة كبرى حين خصه به ليبلغها إلى عباده، وكذلك الإسراء، الإسراء من الأمور العجيبة التي اقتضت التسبيح: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى}، أسرى به يعني حمله في وقت قصير وجيز، ثم صعد من بيت المقدس إلى السماء بصحبة جبريل، حتى وصل إلى السماء السابعة التي يقول الله جل وعلا فيها في سنين أن الوحي يأتي الأمر يأتي من السماء إلى الأرض في مسافة مقدارها ألف سنة، وقد جاء ما هو أكثر من هذا، مقدارها خمسين ألف سنة، وهذا على حسب السير في أقوال المفسرين والله أعلم، والمقصود أن هذا من أشرف المقامات التي يقومها عبد الله ورسوله r، وكذلك مقام الدعوة، إنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا، ومقام التحدي: {إن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله}، فهذه المقامات الأربع من أشرف مقامات الرسول r ذكره الله جل وعلا بلفظ العبودية، لأنه قام بعبودية ربه جل وعلا فكملها، الدين كله داخل في العبادة، ومن زعم أنه يمكنه أن يخرج عن العبادة التي جاء بها الرسول فهو كافر بالله جل وعلا، مفارق لما عليه المؤمنين، نعم.القارئ: قال رحمه الله تعالى: ]وَقد ثَبت فِي " الصَّحِيح " أَن جِبْرِيل لما جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صُورَة أَعْرَابِي وَسَأَلَهُ عَن الْإِسْلَام قَالَ: " الْإِسْلَام أَن تشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله وتقيم الصَّلَاة وتؤتي الزَّكَاة وتصوم رَمَضَان وتحج الْبَيْت إِن اسْتَطَعْت إِلَيْهِ سَبِيلا " قَالَ: فَمَا الْإِيمَان؟ قَالَ: " أَن تؤمن بِاللَّه وَمَلَائِكَته وَكتبه وَرُسُله والبعث بعد الْمَوْت وتؤمن بِالْقدرِ خَيره وشره " قَالَ: فَمَا الْإِحْسَان؟ قَالَ: " أَن تعبد الله كَأَنَّك ترَاهُ فَإِن لم تكن ترَاهُ فَإِنَّهُ يراك " ثمَّ قَالَ فِي آخر الحَدِيث: " هَذَا جِبْرِيل جَاءَكُم يعلمكم دينكُمْ "].الشيخ: يعني أن الدين أنواع، فالإسلام والإيمان والإحسان هو الدين، فهو معناه أنها درجات بعضها أعلى من بعض، فالإسلام فسره في هذا الحديث بالأعمال الظاهرة التي هي ظاهرة بالجوارح، الصلاة وأداء الزكاة والحج والصوم، وهذه أعمال تعمل ظاهرا، ولابد من مزاولتها بالبدن، وفسر الإيمان بالأعمال التي تكون في القلب، كالعقائد، قال: «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسوله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره»، وكذلك الإحسان فسره بغاية ما يمكن أن يأتي به المرء من إحسان العمل، يعني تزكيته وإتمامه بأكمل الوجوه، هذا الإحسان يشمل كل ما ذكر من أعمال القلوب والجوارح، وليس كل عبد يستطيع أن يأتي بهذا، دل على عباد الله جل وعلا يختلفون في أداء أمر الله جل وعلا، ولهذا اختلفت منازلهم عند الله جل وعلا، اختلفت رتبهم في الآخرة في الجنة، في صحيح البخاري يقول r: «إن في الجنة مائة درجة، ما بين درجة وأخرى مثل ما بين السماء والأرض أعدها الله للمجاهدين في سبيله»، يعني فقط للمجاهدين، هناك درجات أخرى غيرها، فكونه مسألة المجاهدين مائة درجة، ما بين كل واحدة والأخرى مثل ما بين السماء والأرض، يعني لابد أن يكون هذا التفاوت لتفاوت ما في القلوب ما في الجوارح، لأن الله جل وعلا يجزي عباده على أعمالهم التي يعملونها امتثالا لأمره، فالإحسان يشمل كل عمل يأتي به الإنسان كلف به وأمر به، بأن يأتيه على الوجه الأحسن الأكمل الأتم، ولهذا جعله على درجتين قال: «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه»، معلوم أن هذه الدرجة، إذا عبد الإنسان ربه وهو يشاهده، ما يمكن يدخر وسعا في إحسان العمل، فإذا لم يصل إلى هذه الدرجة تجد الدرجة الأخرى يعبده على العلم، فإن لم تكن تشاهده فتعبده على أنه يشاهدك، ينظر إليك، معلوم أن الإنسان أيضا إذا تحقق هذا الشيء واستحضره، أنه أيضا يحسن العمل، لكن لا يكون كالدرجة ا لأولى، فدل على أن هذا أعلى المقامات، من الدين، وكله دين لله جل وعلا، فالإيمان والإسلام والإحسان، ومعلوم أنه يشمل كل ما جاء به الرسول r، قوله: «هذا جبريل جاء يعلمكم أمر دينكم»، مما يدل على أن جبريل عليه السلام يأتي بأمر الله الذي يأمره الله جل وعلا به نعم.القارئ: قال رحمه الله تعالى: [وَالدّين يتَضَمَّن معنى الخضوع والذل يُقَال دنته فدان أي أذللته فذل وَيُقَال يدين الله ويدين لله أَي يعبد الله ويطيعه ويخضع لَهُ فدين الله عِبَادَته وطاعته والخضوع لَهُ.وَالْعِبَادَة أصل مَعْنَاهَا الذل أَيْضا يُقَال طَرِيق معبد إِذا كَانَ مذللا قد وطئته الْأَقْدَام.لَكِن الْعِبَادَة الْمَأْمُور بهَا تَتَضَمَّن معنى الذل وَمعنى الْحبّ فهى تَتَضَمَّن غَايَة الذل لله بغاية الْمحبَّة لَهُ].الشيخ: يعني هذا التعريف شرح للتعريف الماضي، ولكن قصده يقول: الدين يتضمن معنى الخضوع والذل في اللغة، وكذلك ما ذكره بعد هذا، ومعلوم أن كتاب ربنا جل وعلا الذي أنزله علينا، وكذلك خطاب رسولنا لنا أنه باللغة العربية، وهذا من نعم الله التي من بها علينا، ولهذا قال: {وإنه لذكر لك ولقومك}، يعني قومه الذين بعث بلسانهم، والمقصود بالذكر هنا الشرف، يعني شرف لك وشرف لقومك أنه نزل بلسانكم، لأنه يصعب على العجم أن يتعلم اللغة، ثم كيف يفهم ما خوطب به، مع أن هذا أمر واجب، كما ذكر العلماء أنه يحب على كل مسلم أن يتعلم لغة الرسول r، حتى يعرف أمره ونهيه، لأنه أمر واجب والناس الآن يتساهلون بأمر اللغة، اللغة العربية كثيرا، وقد يحتقرون من يتعلمها ومن يأمر بذلك، وكل ذلك من تأثيرات الكفار، وكذلك أذناب الكفار الذين يدعون إلى نبذ الدين الإسلامي واستبداله بالأديان الأخرى التي أديان الأوضاع والشياطين، شياطين الإنس وشياطين الجن، وهذه من البلاوي التي يبتلى به الخلق، حتى يتبين من يثبت على الحق ومن ينتكث أو يتأثر بالباطل، فلابد في هذه الدنيا من الجهاد، ولابد من الابتلاء والامتحان حتى يتبين الصادق من الكاذب، وإذا ثبت الإنسان في الامتحان ونجح، فإنه يكرم أو يهان عند الرسوب والإخفاق، فالمقصود أن الدين يتضمن الذل والخضوع، ومعناه كذلك أن العبادة هي الذل والخضوع، ولهذا يقال: طريق معبد ولا تزال هذه اللغة موجودة عند الناس، وإذا كان مسلوكا ذالا تحت الأقدام ليس فيه اعوجاج وليس فيه صعوبة، ثم سمي معبدا، والعبادة أصل معناها الذل لله جل وعلا والخضوع، كما أن الدين قال: دنته فدان، فالدين معناه أيضا أن يجزى بالعمل الذي يعمله، ويطلق على نفس العمل، لكن العبادة المأمور بها تتضمن الذل مع الحب لابد، أما ذل بلا حب قد يكون الإنسان يذل لإنسان وهو قبله يلعنه، هذا لا يكون عباده، وإنما يذل لأنه يخاف منه لأن بطشه وذله وكذلك الخوف قد يخافه وقلبه يلعنه، فهو أبغض الناس إليه، وإنما إذا جاء الذل مع الخوف واجتمعها صار عبادة من العبادة، فلابد من اجتماع الذل والخوف في عبادة الله جل وعلا، والعبادة من خصائص الله جل وعلا وحقوقه التي يجب أن تخلص لله جل وعلا نعم.القارئ: قال رحمه الله تعالى: [لَكِن الْعِبَادَة الْمَأْمُور بهَا تَتَضَمَّن معنى الذل وَمعنى الْحبّ فهى تَتَضَمَّن غَايَة الذل لله بغاية الْمحبَّة لَهُ.فَإِن آخر مَرَاتِب الْحبّ هُوَ التتيم وأوله العلاقة لتَعلق الْقلب بالمحبوب ثمَّ الصبابة لانصباب الْقلب إِلَيْهِ ثمَّ الغرام وَهُوَ الْحبّ الملازم للقلب ثمَّ الْعِشْق وَآخِرهَا التتيم يُقَال تيم الله أَي عبد الله فالمتيم المعبد لمحبوبه.
وَمن خضع لإِنْسَان مَعَ بغضه لَهُ لَا يكون عابدا لَهُ وَلَو أحب شَيْئا وَلم يخضع لَهُ لم يكن عابدا لَهُ كَمَا قد يحب الرجل وَلَدهوَصديقه وَلِهَذَا لَا يَكْفِي أَحدهمَا فِي عبَادَة الله تَعَالَى بل يجب أَن يكون الله أحب إِلَى العَبْد من كل شَيْء وَأَن يكون الله عِنْده أعظم من كل شَيْء بل لَا يسْتَحق الْمحبَّة والخضوع التَّام إِلَّا الله. وكل مَا أحب لغير الله فمحبته فَاسِدَة وَمَا عظم بِغَيْر أَمر الله فتعظيمه بَاطِل. قَالَ الله تَعَالَى [24 التَّوْبَة]: {قل إِن كَانَ آباؤكم وأبناؤكم وَإِخْوَانكُمْ وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إِلَيْكُم من الله وَرَسُوله وَجِهَاد فِي سَبيله فتربصوا حَتَّى يَأْتِي الله بأَمْره} ].الشيخ: {والله لا يهدي القوم الفاسقين}، يعني أن هذه التي ذكرت هي الدنيا، فكانت الدنيا أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فأنتم فسقة، فتربصوا عقاب الله، هذا معناه، {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها}، والاقتراف هو التحصل حصلتموها بالكد والعمل، ومحبة ذلك، وتجارة تخشون كسادها، الكساد هو الرغبة فيها وألا تكون أيضا لها أثمان مرغوب فيها، تخشون كسادها ومساكن ترضونها، يعني مهيئة ومزوقة ومزينة، أحب هذه الأمور كلها، إذا كانت أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا، انتظروا ماذا يكون لكم؟ فتربصوا يعني انتظروا حتى يأتي الله بأمره، وهذا هو عذاب عاجل، {والله لا يهدي القوم الفاسقين}، دل على أن هذا خروج عن طاعة الله جل وعلا وأنه من الفسق وهو الخروج عن طاعة الله جل وعلا، والمقصود أن محبة الله التي تتضمن الذل والتعظيم يجب أن تكون مقدمة على كل شيء، ولا يوجد في الكون يحب لذاته إلا الله تعالى وتقدس، أما المخلوقات كلها فإذا أحبت فهي لمعاني، معاني تتعلق بها، وأمور ومنافع تتعلق بها وليست لذاتها، فالمخلوق كونه دم ولحم وعظام ما يحب لأنه دم ولحم وعظام، وإنما يحب للصفات التي يأتي بها، فإذا كان عبدا لله يحب لأنه يعبد الله، والله يحبه وأنت تحب من يحب محبوبك، فإذا كان عدوا لله فأنت تبغضه لأجل ذلك، ولهذا يقول الله جل وعلا في خطابه لنبيه: {قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي إنما إلهكم إله واحد}، فتميز بالصفات بأنه يوحى الله جل وعلا إليه، وإلا فهو بشر ولد من ذكر وأنثى، يشرب ويأكل كما نشرب ونأكل، وإنما فضله الله جل وعلا بالوحي، وكونه تعبده بعبودية كاملة، هكذا كل مخلوق يجب أن يكون على هذا المنوال نعم.وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد. | |
|
| |
abdelwahab ديري عتيق
الساعة : عدد المساهمات : 118 نقاط : 247 التقيم : 3 تاريخ الميلاد : 19/05/1991 تاريخ التسجيل : 25/04/2012 العمر : 33
| |
| |
abdelwahab ديري عتيق
الساعة : عدد المساهمات : 118 نقاط : 247 التقيم : 3 تاريخ الميلاد : 19/05/1991 تاريخ التسجيل : 25/04/2012 العمر : 33
| موضوع: رد: شرح رسالة العبودية الأربعاء مايو 02, 2012 6:39 am | |
| الشيخ: الاسم المفرد مثل الله أو الرحمن، والمضمر مثل هو كما يقولون، فهذا مظهر، والمضمر بدل من أنا أو أنت أو ما أشبه ذلك، من الضمائر التي تكون لابد تتعلق بما سبق وبما يلحق، وكل هذا لا يجدي شيء ولا يفيد، فالمضمر قد يكون غير مذكور أيضا نعم.
القارئ: [وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُسمى فِي اللُّغَة (كلمة) كَقَوْلِه: « كلمتان خفيفتان على اللِّسَان ثقيلتان فِي الْمِيزَان حبيبتان إِلَى الرَّحْمَن: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ الله الْعَظِيم »].
الشيخ: وهذا دلنا على أن الميزان يوضع فيه الكلام، ومعلوم أن الكلام معنى لا يشاهد ولا يرى، فبعض العلماء يقول: إن الذي يوضع فيه الصحائف، يعني هذه الكلمات تسجل في صحائف ثم توضع، وبعضهم يقول: إنها تجعل أجسادا يوم القيامة ثم توضع في الميزان، وهذا هو الأقرب، لهذا يقول: {يوم يبعث الناس أشتاتا ليروا أعمالهم}، هم يرون أعمالهم يوم القيامة، وكذلك قوله كما في حديث أبي مالك الأشعري: « سبحان الله تملأ الميزان، والحمد لله تملأ ما بين السماء والأرض»، إلى آخره، فهذا معناه أنها يوم القيامة أنها تظهر وتكون أجساما ترى، والله على كل شيء قدير نعم.
القارئ: [وقوله: أفضل كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد].
الشيخ: أصدق كلمة وليس أفضل كلها، لأن هذه لا يذكر الله بها، الحق أنه قال: أصدق كلمة، وهذا في الصحيح صحيح البخاري، أصدق كلمة قالها لبيد ألا كل شيء ما خلا الله باطل، وقد قال بعضهم: أنه يكذب، وليس هذا صحيح، لأن الجنة ليست باطل والنار ليست باطل، ولكن الباطل يقصد به شيئين، أما أنه يقصد به الشيء الذي لا ينفع، أو يقصد به الشيء الذي لا يؤمر به ولا يتحصل به ثواب على وجه الخصوص، نعن لهذا جاء في الحديث: الدنيا باطل، وكل لعب يلعبه الإنسان باطل إلا ملاعبته لزوجته وكذلك ركوبه فرسه»، لأن هذا يراد به غير هذا نعم.
القارئ: [وَقَوله: « أفضل كلمة قَالَهَا الشَّاعِر كلمة لبيد: أَلا كل شَيْء مَا خلا الله بَاطِل » وَمِنْه قَوْله تَعَالَى [5 الْكَهْف] : {كَبرت كلمة تخرج من أَفْوَاههم} الْآيَة وَقَوله [115 الْأَنْعَام] : {وتمت كلمة رَبك صدقا وعدلا}] .
الشيخ: كلمة يراد بها الكلام، كلمة ربك، يعني كلامه الذي فيه الأمر والنهي وفيه الخبر والوعد، كلام الله لا يخلو عن هذا، إما أمر ونهي، وإما خبر، وإما جزاء، وعد لمن يمتثل أمره، والخبر قد يكون عن نفسه، وقد يكون عن الماضي الأمور الماضية إما الخلق وجزاء به من تكذيب الرسل وعذابهم، وإما إثابتهم، أو يكون في المستقبل نعم، وكل يطلق عليه كلمة الله، وكلام الله كما سبق، ينقسم إلى قسمين، كلام شرعي أمري ديني، وكلام قدري كوني يكون به الأشياء، وكله صدق وحق وكله تام، نعم.
القارئ: [وأمثال ذَلِك مِمَّا اسْتعْمل فِيهِ لفظ (الْكَلِمَة) من الْكتاب وَالسّنة بل وَسَائِر كَلَام الْعَرَب فَإِنَّمَا يُرَاد بِهِ الْجُمْلَة التَّامَّة كَمَا كَانُوا يستعملون الْحَرْف فِي الِاسْم فَيَقُولُونَ: هَذَا حرف غَرِيب أَي لفظ الِاسْم غَرِيب].
الشيخ: حرف يطلق على الاسم وعلى الجملة المفيدة، حرف غريب، لهذا وضعت كتب الغريب، الغريب في الحديث، لتفسير المفردات، الاسم هو المفرد الذي يأتي مفرد، وليس معناه أنه حرف لا يفيد شيئا، نعم.
القارئ: [وَقسم سِيبَوَيْهٍ الْكَلَام إِلَى اسْم وَفعل وحرف جَاءَ لِمَعْنى لَيْسَ باسم وَلَا فعل، وكل من هَذِه الْأَقْسَام يُسمى حرفا لَكِن خَاصَّة الثَّالِث أَنه حرف جَاءَ لِمَعْنى].
الشيخ: لابد أن يكون جاء لمعنى، أما إذا قلت: ألف، ألف ما له معنى، لابد أن يكون مثل حروف النصب حروف الجزم أنه جاء لمعنى، ولهذا يكون معناه في غيره، الحرف معناه في غيره، وليس معناه فيه، نعم.
القارئ: [أَنه حرف جَاءَ لِمَعْنى لَيْسَ باسم وَلَا فعل.
وسمى حُرُوف الهجاء باسم الْحَرْف وَهِي أَسمَاء].
الشيخ: هذا اصطلاح تسمية الحروف الهجاء باء تاء ثاء، اصطلاح يصطلحه العلماء.
القارئ: [وَلَفظ الْحَرْف يتَنَاوَل هَذِه الْأَسْمَاء وَغَيرهَا كَمَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: «من قَرَأَ الْقُرْآن فأعربه فَلهُ بِكُل حرف عشر حَسَنَات أما إِنِّي لَا أَقُول {ألم} حرف وَلَكِن ألف حرف وَلَام حرف وَمِيم حرف ».
الشيخ: ما معنى أعربه؟ يعني قرأه صحيحا بدون لحن، لا يلحن فيه، نعم.
القارئ: [وَقد سَأَلَ الْخَلِيل بن أَحْمد أَصْحَابه عَن النُّطْق بِحرف الزَّاي من جئْتُمْ بِالِاسْمِ وَإِنَّمَا الْحَرْف (زَ)].
الشيخ: نعم، وهكذا الحروف كلها هكذا، زاي وياي وجيم، تقول جا حا خاء، ولكن الآن يوضع في الهجاء خلاف ذلك في المدارس نعم.
القارئ: [ثمَّ إِن النُّحَاة اصْطَلحُوا على أَن هَذَا الْمُسَمّى فِي اللُّغَة بالحرف يُسمى كلمة وَأَن لفظ الْحَرْف يخص لما جَاءَ لِمَعْنى لَيْسَ باسم وَلَا فعل كحروف الْجَرّ وَنَحْوهَا].
الشيخ: نحوها مثل حروف النصب وحروف الجزم، وحروف المعاني نعم.
القارئ: [وَأما أَلْفَاظ حُرُوف الهجاء فيعبر تَارَة بالحرف عَن نفس الْحَرْف من اللَّفْظ وَتارَة باسم ذَلِك الْحَرْف وَلما غلب هَذَا الِاصْطِلَاح صَار يتَوَهَّم من اعتاده أَنه هَكَذَا فِي لُغَة الْعَرَب ومنم من يَجْعَل لفظ الْكَلِمَة فِي اللُّغَة لفظا مُشْتَركا بَين الِاسْم مثلا وَبَين الْجُمْلَة وَلَا يعرف فِي صَرِيح اللُّغَة من لفظ (الْكَلِمَة) إِلَّا الْجُمْلَة التَّامَّة].
الشيخ: ولكن النحاة يقسمونه على غير هذا، يقولون: كلمة وكلم وكلام، فالكلمة يجعلونها جملة مفردة الواحدة التي لا تفيد كلمة، والكلم الشيء الذي لا يفيد، الكلام الذي يشمل الاسم والحرف كما قال ابن مالك، فالكلم يمثل به يقول: إن قام زيد، يعني كلام أكثر من كلمة من حرف، ولكنه لا يفيد شيئا، إن قام زيد كيف تسمع ايش يفيد؟ ما أفاد شيء، هذا يسمى كلم، وإن قلت: ضربت زيدا، ضرب زيد عمرا، فهو كلام، لأنه تام، والكلمة المفردة اللفظ المفرد نعم.
القارئ: [وَالْمَقْصُود هُنَا أَن الْمَشْرُوع فِي ذكر الله سُبْحَانَهُ هُوَ ذكره بجملة تَامَّة وَهُوَ الْمُسَمّى بالْكلَام وَالْوَاحد مِنْهُ بِالْكَلِمَةِ وَهُوَ الَّذِي ينفع الْقُلُوب وَيحصل بِهِ الثَّوَاب وَالْأَجْر ويجذب الْقُلُوب إِلَى الله ومعرفته ومحبته وخشيته وَغير ذَلِك من المطالب الْعَالِيَة والمقاصد السامية.
وَأما الِاقْتِصَار على الِاسْم الْمُفْرد مظْهرا أَو مضمرا فَلَا أصل لَهُ فضلا عَن أَن يكون من ذكر الْخَاصَّة والعارفين.
بل هُوَ وَسِيلَة إِلَى أَنْوَاع من الْبدع والضلالات وذريعة إِلَى تصورات وأحوال فَاسِدَة من أَحْوَال أهل الْإِلْحَاد وَأهل الِاتِّحَاد.
كَمَا قد بسط الْكَلَام عَلَيْهِ فِي غير هَذَا الْموضع].
الشيخ: أنه يقول: أنه هو وذاك، أنه يدل على المذهب الخبيث وهو أن الله حال في خلقه، فيصف كل ما يقابله ويتصوره بأنه يكون الله جل وعلا فيه تعالى الله وتقدس، على كل حال هذا كله استطراد من الشيخ رحمه الله على هذا الذكر الذي اتخذه الصوفية شبه اللعب وزعموا أنه أفضل الذكر، وهو كذب وبدع وكل بدعة ضلالة، نعم.
القارئ: [فصل وجماع الدَّين أصلان: أَلا نعْبد إِلَّا الله وَلَا نعبده إِلَّا بِمَا شرع لَا نعبده بالبدع].
الشيخ: وهذا هو الأصل، هو الأصل في كل ما جاء عن الله وعن رسوله، بأن تكون العبادة لله وحده، ولا يقصد بها غير الله، لا من حظوظ النفوس، ولا من مقاصد الدنيا التي قد ينتفع بها هو أو غيره، والثاني: أن تكون العبادة كما جاء به الرسول r، وبغير ذلك لا تصح عبادة ولا تقبل، وهذه هي التي سبق ذكرها من الذكر الذي يقولونه ليس من هذا القبيل، لأن ما جاء به الرسول r فهو مردود، ولهذا كان هو جماع الدين أصلان، الأصل الأول: أن تكون العبادة لله وحده، والأصل الثاني: أن تكون العبادة مشروعة جاء بها الرسول r، وإذا خرج عن هذين الأصلين في التعبد فهو باطل وهو ضلال نعم.
القارئ: [كَمَا قَالَ تَعَالَى [110 الْكَهْف] : {فَمن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ربه فليعمل عملا صَالحا وَلَا يُشْرك بِعبَادة ربه أحدا}] .
الشيخ: العمل الصالح هو ما كان على الشرع، {ولا يشرك بعبادة ربه أحدا} أحدا نكرة، فيدخل فيه كل شيء، فكما أنه يدخل فيه الشرك الصغير والكبير نعم.
القارئ: [وَذَلِكَ تَحْقِيق الشَّهَادَتَيْنِ: شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَشَهَادَة أَن مُحَمَّد رَسُول الله].
الشيخ: ايش معنى تحقيق؟ تحقيق الشهادتين ايش معنى التحقيق؟ كلمة تحقيق لها معنى غير هذا، طيب كيف حق التوحيد كاملا؟ لا، معنى التحقيق التصفية وأن تكون خالصة، ليس فيها شيء من غيرها، حققت الشيء خلصته من غيره وصفيته، فصار خالصا صافيا هذا معنى التحقيق، يعني تحقيق التوحيد، من أي شيء، من الشرك والبدع والذنوب، ومن حقق التوحيد دخل الجنة بلا حساب، معناه أنه يحققه بأن يصفيه ويخلصه يكون صافيا ليس فيه شيء من الشرك ولا من البدع، ولا عنده ذنوب، يموت عليه، فمن كان بهذه المثابة دخل الجنة بلا حساب ولا عذاب، إذا مات عليه، هذا معنى: من قال لا إله إلا الله صادقا من قلبه، وفي رواية: خالصا من قلبه، غير شاك، دخل الجنة بلا حساب، أو حرمه الله على النار هكذا حرمه الله على النار هكذا تبين الأحاديث، فإذا حرم على النار معناه أنه جاء بتحقيق التوحيد ومات عليه، نعم، قام بتحقيق الشهادتين، يعني القيام بهما خالصتين صافيتين ليس فيهما شيئا مما ينافيهما، لا من بدع ولا من التفات لغير الله جل وعلا، ولا من عمل بغير ما جاء به الرسول r، فهذا تحقيق الشهادتين نعم.
القارئ: [فَفِي الأولى: أَلا نعْبد إِلَّا إِيَّاه.
وَفِي الثَّانِيَة: أَن مُحَمَّدًا هُوَ رَسُوله الْمبلغ عَنهُ فعلينا أَن نصدق خَبره ونطيع أمره].
الشيخ: يعني هذا لازم، وإلا ما تثبت الشهادة، لو ما صدقته بما يقول، ولا أطعته فيما يأمر، أنت لم تشهد له بأنه رسول الله، أنت تعلم أنه صادق، ولكن ما تتبعه ولا تطيعه، لم تقم بالشهادتين، ولهذا أبو طالب يشهد أنه صادق، وأنه ما يقول حق، ومع ذلك فهو مشرك كافر، لأنه لم يطعه ولم يتبعه نعم.
القارئ: [وَقد بَين لنا مَا نعْبد الله بِهِ ونهانا عَن محدثات الْأُمُور وَأخْبر أَنَّهَا ضَلَالَة قَالَ تَعَالَى [112 الْبَقَرَة] : {بلَى من أسلم وَجهه لله وَهُوَ محسن فَلهُ أجره عِنْد ربه وَلَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ} .
وكما أننا مأمورون أَلا نَخَاف إِلَّا الله وَلَا نتوكل إِلَّا على الله وَلَا نرغب إِلَّا إِلَى الله وَلَا نستعين إِلَّا بِاللَّه وَألا تكون عبادتنا إِلَّا لله فَكَذَلِك نَحن مأمورون أَن نتبع الرَّسُول ونطيعه ونتأسى بِهِ فالحلال مَا حلله وَالْحرَام مَا حرمه.
وَالدّين مَا شَرعه قَالَ الله تَعَالَى [59 التَّوْبَة] : {وَلَو أَنهم رَضوا مَا آتَاهُم الله وَرَسُوله وَقَالُوا حَسبنَا الله سيؤتينا الله من فَضله وَرَسُوله إِنَّا إِلَى الله راغبون} فَجعل الإيتاء لله وَلِلرَّسُولِ كَمَا قَالَ [7 الْحَشْر] : {وَمَا آتَاكُم الرَّسُول فَخُذُوهُ وَمَا نهاكم عَنهُ فَانْتَهوا} وَجعل التَّوَكُّل على الله وَحده بقوله: {وَقَالُوا حَسبنَا الله} وَلم يقل: وَرَسُوله - كَمَا قَالَ فِي وصف الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم فِي الْآيَة الْأُخْرَى [173 آل عمرَان] : {الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس إِن النَّاس قد جمعُوا لكم فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُم إِيمَانًا وَقَالُوا حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل} وَمثله قَوْله [64 الْأَنْفَال] : {يَا أَيهَا النَّبِي حَسبك الله وَمن اتبعك من الْمُؤمنِينَ} أَي حَسبك وَحسب الْمُؤمنِينَ كَمَا قَالَ [36 الزمر] : {أَلَيْسَ الله بكاف عَبده} - ثمَّ قَالَ: {سيؤتينا الله من فَضله وَرَسُوله} فَجعل الإيتاء لله وَلِلرَّسُولِ وَقدم ذكر الْفضل لله لِأَن {الْفضل بيد الله يؤتيه من يَشَاء وَالله ذُو الْفضل الْعَظِيم} وَله الْفضل على رَسُوله وعَلى الْمُؤمنِينَ وَقَالَ: {إِنَّا إِلَى الله راغبون} فَجعل الرَّغْبَة إِلَى الله وَحده كَمَا فِي قَوْله [7-8 الشَّرْح] : {فَإِذا فرغت فانصب * وَإِلَى رَبك فارغب} .
وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِابْنِ عَبَّاس: « إِذا سَأَلت فاسأل الله وَإِذا استعنت فَاسْتَعِنْ بِاللَّه » وَالْقُرْآن يدل على مثل هَذَا فِي غير مَوضِع.
فَجعل الْعِبَادَة والخشية وَالتَّقوى لله وَجعل الطَّاعَة والمحبة لله وَرَسُوله كَمَا فِي قَول نوح عَلَيْهِ السَّلَام [3 نوح] : {أَن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون} وَقَوله [52 النُّور] : {وَمن يطع الله وَرَسُوله ويخش الله ويتقه فَأُولَئِك هم الفائزون} وأمثال ذَلِك.
فالرسل أمروا بِعِبَادَتِهِ وَحده وَالرَّغْبَة إِلَيْهِ والتوكل عَلَيْهِ وطاعته وَالطَّاعَة لَهُم فأضل الشَّيْطَان النَّصَارَى وأشباههم فأشركوا بِاللَّه وعصوا الرَّسُول فـ {اتَّخذُوا أَحْبَارهم وَرُهْبَانهمْ أَرْبَابًا من دون الله والمسيح ابْن مَرْيَم} فَجعلُوا يرغبون إِلَيْهِم ويتوكلون عَلَيْهِم يَسْأَلُونَهُمْ مَعَ معصيتهم لأمرهم ومخالفتهم لسنتهم.
وَهدى الله الْمُؤمنِينَ المخلصين لله أهل الصِّرَاط الْمُسْتَقيم الَّذين عرفُوا الْحق واتبعوه فَلم يَكُونُوا من المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين فأخلصوا دينهم لله وَأَسْلمُوا وُجُوههم لله وأنابوا إِلَى رَبهم وأحبوه ورجوه وخافوه وسألوه وَرَغبُوا إِلَيْهِ وفوضوا أُمُورهم إِلَيْهِ وتوكلوا عَلَيْهِ وأطاعوا رسله وعزروهم ووقروهم وأحبوهم ووالوهم واتبعوهم واقتفوا آثَارهم واهتدوا بمنارهم.
وَذَلِكَ هُوَ دين الْإِسْلَام الَّذِي بعث الله بِهِ الْأَوَّلين والآخرين من الرُّسُل وَهُوَ الدَّين الَّذِي لَا يقبل الله من أحد دينا إِلَّا إِيَّاه وَهُوَ حَقِيقَة الْعِبَادَة لرب الْعَالمين.
فنسأل الله الْعَظِيم أَن يثبتنا عَلَيْهِ ويكمله لنا ويميتنا عَلَيْهِ وَسَائِر إِخْوَاننَا الْمُسلمين. وَالْحَمْد لله وَحده وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وَسلم].
الشيخ: هذا ختم الرسالة بهذا الأصل أو الأصلين الجامعين الذي يقول: أنهما هما جماع الدين، ومعنى جماع الدين أن الدين يجتمع فيهما في هذين الأصلين، فلا يخرج الدين الذي جاء به الرسول r عن هذين الأصلين، وهما معنى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وهذه الشهادة لابد أن يحققها الإنسان، يقولها صادقا من قلبه، عالما بذلك، ثم يعمل بها، وإلا مجرد قول تلفظ بها، كما يتصوره بعض الناس، فهذا لا يجدي، إذا لم يأتي بمعناها ويقوم بها، وهذا معناه أنه لابد أن يفهم المراد منها، ولما كان حصوله r يدعوا العرب، اكتفى بذكر لفظها، ولكنه جاء بالمعاني التي تدل عليها، والذين خوطبوا بها حينما يقول لهم: «قولوا لا إله إلا الله»، يفهمونها تماما، ولهذا عرفوا أنها تبطل دينهم، الذي هو عبادة الله وعبادة غيره معه، فكانوا يعبدون الله، ولكنهم يعبدون غيره معه، وهذا هو الشرك، وإذا كان العرب لا يعبدون إلا الكواكب أو الحجارة أو الأشجار هذا لا يوجد، ولكنهم عبادتهم أيضا ليست عبادة خضوع وذل وعبادة وخوف ورجاء إلا في بعض الأحيان، وإنما هي عبادة بالتوسط، بالتوسط من هذه الأشياء تتوسط لهم عند الله، سبق أن قلت لكم: إن أصل الشرك هو طلب الوساطة التي هي الشفاعة، فهذا أصل شرك المشركين، وأصله القياس الفاسد حينما قاسوا رب العالمين على العظماء عندهم والكبراء، فقالوا، نشاهد الرؤساء والكبراء إذا طلب منهم حاجة فأنجع للحاجة وأسرع لقضائها أن نأتي بمن يحبونه أو كان مقربا عندهم، أو له يد عندهم، فنطلب منه التوسط أن يقضي حاجتنا فتقضى، قالوا: كذلك إذاً طلب الوساطة من هذه الأشياء هي من باب التعظيم زعموا، زعموا أنها من باب التعظيم، وليس من باب التنقص، والله جعله مسبة له، لماذا؟ لأن هذا معناه أن الله يحتاج إلى من يسأله وينبهه أو يجعله عاطفا على عباده، والله جل وعلا علام الغيوب بسمعهم ويرى مكانهم، وليس بينهم وبينه حجاب حتى يطلب من يكون وساطة يتوسط، ولهذا صار هذا تنقص، لأنه ما قاموا بالشيء الذي يجب أن يقوموا به، وليس بين العبد وبين ربه حجاب ووساطة، يطلب منه أينما كان، الله معه يسمع كلامه ويراه ويعلم حاله، وإذا جعل وساطة فهو تنقص لله جل وعلا، فالمقصود أن شركهم هذا أصله، إما أنهم يزعمون أن مثلا اللات والعزى ومناة وغيرها من معبوداتهم أو مثلا الرجل الصالح أو الملك أو الكواكب أو الشمس أو القمر، أنها أوجدت شيئا من المخلوقات، أو أنها تحيي أو تميت، أو أنها تدبر مع الله، أو أنها تنزل المطر أو تنبت نبات، فهذا لا وجود له ولا أحد يعتقده، وإنما يطلبون بها ويسألون الله بها، وهذا هو الشرك، ولهذا يقول الله جل وعلا: {قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون، ولا أنتم عابدون ما أعبد}، فدلت الآية على أن الإنسان إذا عبد الله وعبد معه غيره، أنه لا يعبد الله، وإنما يعبد ذلك الغير، والله لا يقبل الاشتراك، إن عبده وعبد معه شيء، فإن الله يرد عبادته ولا يقبلها، فهو لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا، ولا يوجد من يعبد الأصنام فقط، ما وجد مثل هذا، وإنما هؤلاء يزعمون أن المعبودات أنها مقربة، بس كيف تقول الشجر والحجارة مقربة؟ يقولون: أنها أقل شيء أنها ليست لها ذنوب، وإذ لم يكن لها ذنوب فنطلب منها أن تتوسط لنا، فإذا كان مثلا يعلمون هذا أنها لا تستقل بشيء، وإنما هي وسائط وسطاء، فطلبوا منها، يكون ذلك هو الذي يحول بينه وبين فضل الله جل وعلا الذي يعطيه المخلص، ويجعلهم معذبين في جهنم، ومعرضين لعقابه في الدنيا، دل على أن الإنسان لا يتخلص من عذاب الله إلا بإخلاص الدعاء له والعبادة مطلقا، وهذا أمر واضح، ولهذا كثر ذكر الشفاعة في القرآن وإبطالها، قال جل وعلا: {قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير، ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له}، من يذكر الأمور المقدرة في الآية؟ هي أمور أربعة، من يذكرها نعم؟ وأيش معنى هذا استقال ولا؟ مثقال ذرة، الذر هو الشيء، شيء ولا النملة الصغيرة؟ النملة الصغيرة يسمونها ذرة، هي هذه ولا الجزء الصغير مر بنا أصغر شيء، سواء كان هذه أو هذه ، وإذا ملكها الإنسان هل تنفع، طيب هذا واحد، والثاني: قبلها، ما لهم فيهما، الأمر يعود على أيش؟ ما لهم فيهما من شرك، يعني لا يملكون استقالا ولا يملكون الاشتراك فيها أيش بقي؟ المعاونة والمساعدة في قوله: ايش بقي؟ بقي الرابع الشفاعة، فنفيت بقوله: {ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له}، طيب سؤال ثاني: ما الذي يفهم من قوله: {ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له}؟ وكله الله ايش لونه وكله الله؟ أن يشفع ايش هذا ما هو الإذن؟ أنا آذن لك أن تقف ساعة؟ ايش يقول لك؟ يقول اركب السيارة، إذاً الإذن أن يقول: اركب كذا ولا لا؟ هذا هو الإذن، يعني الإذن هو بأن يقول اشفع، هذا يسمونه أنه لابد أن يأمر الشافع أن يشفع، فيه شرط ثاني، وقوع الشفاعة هل لوقوع الشفاعة شرط آخر؟ الإذن هذا عرفناه أنه يأذن للشافع، والمشفوع، طيب هذا الأمر الثاني: أن يكون المشفوع له أن يرضى الله عنه، طيب، الرسالة هذه كلها جوابا لقوله: ما هي العبادة؟ لأنه سئل عن معنى قول الله جل وعلا: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون}، فعرف العبادة أولا قال: العبادة هي آخره، كل ما يحبه الله تعالى ويرضاه، فالله يحب، كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة، هذا معناه أن الله يحب ويرضى، فإذا كان يحب ويرضى، أيش يقابل هذا أو يفهم منه هذا؟ يبغض ويكره، وقال: من الأقوال والأعمال، الأقوال ظاهرة والأعمال ظاهرة، ولكن الظاهرة والباطنة، يعني أعمال القلوب وأعمال الجوارح، والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد. | |
|
| |
abdelwahab ديري عتيق
الساعة : عدد المساهمات : 118 نقاط : 247 التقيم : 3 تاريخ الميلاد : 19/05/1991 تاريخ التسجيل : 25/04/2012 العمر : 33
| |
| |
abdelwahab ديري عتيق
الساعة : عدد المساهمات : 118 نقاط : 247 التقيم : 3 تاريخ الميلاد : 19/05/1991 تاريخ التسجيل : 25/04/2012 العمر : 33
| موضوع: رد: شرح رسالة العبودية الأربعاء مايو 02, 2012 6:42 am | |
| فضلا أن تكون توصله إلى مصاف العارفين بالله جل وعلا و أهل المقامات، لأن الكفار كلهم فيما ذكر الله جل وعلا في دعوة الرسل يقرون بها، يعترفون أن الله هو ربهم الخالق لهم، والرازق والذي خلق السماء وخلق الأرض وهو الذي ينبت النبات وغيره، أما الشذاذ من بني آدم كالطغاة الكبار مثل النمرود ومثل فرعون فهم ينكرون هذا، ولكنهم في قرارة أنفسهم معترفون به، ولهذا لما أدرك فرعون الغرق الذي يقول: أنا ربكم الأعلى، ما علمت لكم من إله غيري، لما أدركه الغرق قال: {آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين}، فقيل له: الآن، الآن لا يفيد لأنك الآن وقعت في الموت، إذا وقع الموت ما يفيد الرجوع والتوبة، إذا تحقق الموت فلا يفيده ذلك، كذلك النمرود الذي قال له إبراهيم: ربي الله الذي يحيي ويميت، قال: أنا أحيي وأميت، وهذه من المغالطات، يعني آمر بهذا فيقتل وأعفوا عن هذا، فهذا عنده الحياة والموت، لذلك لما رأى إبراهيم عليه السلام أن هذه مغالطة عدل عن هذا إلى شيء لا يستطيع أن يغالط فيه، فقال: إن الله يأتي بالشمس من المشرق فأتي بها من المغرب، فبهت الذي كفر، فهذه أيضا دليل على عجزه وعلى أنه مقهور مسخر، فباءت دعوته بالفشل وتبين كذبه في ذلك، فالمقصود أن هذا أمر أجمع عليه أهل الأرض، أن الشاب الذي ينكره مثل هؤلاء فلا عبرة فيه، لأنه إنكار للواقع، ومعلوم أن كثيرا من الناس رعاء يتبعون كل ناعق، ولاسيما إذا كان عنده قوة، لهذا لما قال لهم فرعون: أنا ربكم الأعلى، اتبعوه، ولما قال لوزيره: {أوقد لي يا هامان على النار وابني لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب، أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا}، لأن موسى عليه السلام أخبره أن الله في السماء، هل يمكن أن يكون عاقل عنده شيء من العقل ما هو العقل الكامل، يصدق أن رجل يبني بناء ثم يصل إلى السماء بهذا البناء، لولا المعالطات وقلب الحقائق وجعل الباطل بمنزلة الحق، ثم يصدق، والناس في هذا يدركون هذه الأمور يعرفونها، يقولون: أنه كان فيه رجل كان فقيرا، كان له أصحاب، فيقولون: يجتمعون على أكل، فاعتذر مرة لأنه ما وجد أكل فاعتذر لهم، قال: الأكل الذي أردت أن آتي به أكله الفأر، قالوا: تكلموا عليه وزجروه كذاب الفأر ما يأكله، فقدر أنه اغتنى صاروا يقدرونه فصار يوم أراد أنه يبين لهم أن أفعالهم أنها حسب أهواءهم، فقال: أنا عندي حديدة كبيرة أكلها الفأر، قالوا: يمكن الفأر يأكلها، قال: يمكن لما صار عندي المال، أما قبل فلما قلت لكم: الطعام أكله الفأر قلتم لا كذاب، والآن صار ممكن، فالمقصود أن طبيعة الناس هكذا، يتبعون القوي، يتبعون الذي يكون له سلطة عليهم وما أشبه ذلك، وإن كانوا في قرارة أنفسهم لا يصدقون ذلك، نعم.
يعني يقول: حتى إبليس يعترف بالربوبية لأنه قال: {رب فأنظرني إلى يوم يبعثون}، يعني يطلب من ربه، إبليس كان عارفا بهذا، ولهذا يقول العلماء: إن إبليس هو أعرف من بعض الناس بربه جل وعلا، ويقول: {رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين}، غير أنه نسب الإغواء إلى ربه جل وعلا، والواقع أنه هو الذي غوي هو الذي اختار الضلال، لأن الله لما أمره بالسجود يستطيع السجود، ولكن أبى، لهذا سجدت الملائكة وهو أبى، لما سأله ربه لماذا لم تسجد كما سجدت الملائكة؟ قال: أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين، يعني المفروض أن الأمر هذا ينعكس أنه هو يسجد لي، فهو اعتراض على الله فهو جعل نفسه كأنه يحكم على ربه جل وعلا تعالى الله وتقدس، ولهذا باء بالخزي وإرادة الله جل وعلا إذا أراد أن يمنع ا لهدى عن أحد، فلا ينفع العلم، العلم لا ينفع، نعم.
القارئ: قال رحمه الله تعالى: [قَالَ إِبْلِيس [36 الْحجر، 97 ص] : {رب فأنظرني إِلَى يَوْم يبعثون} و [39 الْحجر] : {قَالَ رب بِمَا أغويتني لأزينن لَهُم فِي الأَرْض ولأغوينهم أَجْمَعِينَ} وَقَالَ [82 ص].
الشيخ: هذا قسم منه، يقسم بأنه سوف يزين لهم في الأرض ويغويهم أجمعين، وهو مثل قوله: {لأحتنكن ذريته}، يعني أجعلهم تحت حنكي أتصرف فيهم، وقال الله جل وعلا: {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه}، ظنه الذي ظن صدق به، فأكثرهم أطاعوه واتبعوه،نعم.
القارئ: وقال: [وَقَالَ [62 الْإِسْرَاء] : {أرأيتك هَذَا الَّذِي كرمت عَليّ لَئِن أخرتن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة لأحتنكن ذُريَّته إِلَّا قَلِيلا}].
الشيخ: علم أن منهم من لا يطيعه ويكون مؤمنا، ولا يكون له عليهم سلطان، وهم عباد الله الذي استثناهم، ولكن هذا فضل من الله، وفضل الله جل وعلا يطلب منه، وله طرق وله أسباب، من ترك الأسباب لم يتحصل على ذلك، أسبابها أولا: القبول عن الله جل وعلا، ثم الرغبة بما عند الله جل وعلا بالدعاء والخضوع والذل، نعم.
القارئ: [وأمثال هَذَامن الْخطاب الَّذِي يقر فِيهِ بِأَن الله ربه وخالقه وخالق غَيره وَكَذَلِكَ أهل النَّار].
الشيخ: يعني أن الربوبية لم ينكرها أحد، الربوبية معناها معنى الرب هو الخالق المتصرف، المدبر، هذا معنى الرب في اللغة، أما الله فمعناه ذو الإلوهية والعبودية، على خلقه أجمعين كما قال ابن عباس، هذا قول ابن عباس الله ذو الإلوهية، يعني صاحب الإلوهية، والعبودية على خلقه أجمعين، يعني كلهم يجب أن يألهوه ويعبدوه، ففرق بين الله وبين الرب، وفرق، والإله مأخوذ من الله، فالله أصله إله، أصل الله كما يقول أهل اللغة إله، دخل عليه التصريف فصار الله، ثم فخموه أدخلوا عليه اللام صار الله نعم.
القارئ: [{رَبنَا غلبت علينا شِقْوَتنَا وَكُنَّا قوما ضَالِّينَ}].
الشيخ: يعني أهل النار يعترفون بذلك نعم.
القارئ: [وَقَالَ تَعَالَى عَنْهُم [30 الْأَنْعَام] : {وَلَو ترى إِذْ وقفُوا على رَبهم قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بلَى وربنا}] .
الشيخ: هذا بالحق الإشارة إلى أيش أليس هذا بالحق؟ الإشارة إلى ما هم فيه، فالحق في اللغة الشيء الثابت المستقر، يعني هذا الذي جاءتكم به الرسل بأخباره فهو الحق الذي تشاهدونه، ولهذا قالوا: بلى وربنا هو الحق، ولكن لا تفيد هذه الاعترافات نعم.
القارئ: [فَمن وقف عِنْد هَذِه الْحَقِيقَة وَعند شهودها وَلم يقم بِمَا أَمر الله بِهِ من الْحَقِيقَة الدِّينِيَّة الَّتِي هِيَ عِبَادَته الْمُتَعَلّقَة بإلوهيته وَطَاعَة أمره وَأمر رَسُوله كَانَ من جنس إِبْلِيس وَأهل النَّارٍ].
الشيخ: الحقيقة يعني الحقيقة الربوبية يعني حقيقة كون الأشياء كلها بتصريف الله جل و علا وتدبيره لخلقه وإيجاده هذه حقيقة، ولكن الاعتراف بهذه والوصول إليها لا يجدي، مع أنه لابد منها، ولكن لابد أن يضاف إليها أيضا المعرفة بالعبودية والإقرار بها، والعمل بها، نعم.
القارئ: [فَإِن ظن مَعَ ذَلِك أَنه من خَواص أَوْلِيَاء الله وَأهل الْمعرفَة وَالتَّحْقِيق، الَّذين سقط عَنْهُم الْأَمر وَالنَّهْي الشرعيان، كَانَ من أشر أهل الْكفْر والإلحاد].
الشيخ: لا يسقط الأمر والنهي عن أحد من الناس ما دام عقله مستقر عنده، فالأوامر التي جاءت عن الله يجب أن تعمل وأن يفعل ويجب أن تمتثل حسب الاستطاعة، هذا من فضل الله حسب الاستطاعة، لهذا يخطئ كثير من المسلمين، يخطئون ويقعون في الخطأ أقصد بذلك المرضى الذين يقعون في المرض ويعملون عمليات يقول: لا أصلي حتى أبرأ، فلا يصلي، يقول: أنا ما أستطيع أتوضأ ولا أستطيع أقود ولا أستطيع أسجد، يجب عليك أن تصلي حسب استطاعتك، إذا ما تستطيع أن تتوضأ تتيمم، وإذا ما تستطيع تتيمم تصلي حسب الاستطاعة، ولو بنيتك، فما دام العقل موجود الصلاة لا تسقط بحال من الأحوال، فإذا غاب العقل فلا تكليف، نعم.
القارئ: [وَمن ظن أَن الخَضِرَ وَغَيره سقط عَنْهُم الْأَمر لمشاهدة الْإِرَادَة وَنَحْو ذَلِك، كَانَ قَوْله هَذَا من شَرّ أَقْوَال الْكَافرين بِاللَّه وَرَسُوله].
الشيخ: يقصد بهذا الذين استدلوا بقصة الخضر على أنه غير مكلف، لأن الخضر خرب السفينة، شال منها لوح، وإذا شيل اللوح دخلها الماء غرقت، وكذلك قتل صبيا، وجده يلعب مع الأطفال فقتله، وهذا معناه يقول: أنه سقطت عنه التكاليف، وإلا ما يجوز قتل الصبي، وقالوا أنه أيضا بنى الجدار الذي أراد أن ينقض، مع أنه أساءوا إليه أهل القرية، ولم يضيفوهم والضيافة حق يجب أن تقدم لصاحبها، فإذا لم تقدم ضيافته فله أن يأخذ بقدر حقه من أمواله، ولو لم يعلم ذلك، لأنه حق له، فهو عكس القضية، مما يدل يقولون: كل هذا يدل على أنه سقطت عنه الأوامر، وهذا ضلال واضح، فقد فسر موسى عليه السلام أفعاله هذه أنها أمور ما خرجت عن طاعة الله، يقول: ما فعلته عن أمري، وهذا يدل على أنه نبي، وأنه يوحى إليه نعم.
القارئ: [كَانَ قَوْله هَذَا من شَرّ أَقْوَال الْكَافرين بِاللَّه وَرَسُوله، حَتَّى يدْخل فِي النَّوْع الثَّانِي من معنى العَبْد، وَهُوَ العَبْد بِمَعْنى العابد، فَيكون عابدا لله، لَا يعبد إِلَّا إِيَّاه، فيطيع أمره وَأمر رسله، ويوالي أولياءه الْمُؤمنِينَ الْمُتَّقِينَ ويعادي أعداءه].
الشيخ: ومن هنا يتبين أن التوحيد ينقسم إلى قسمين، توحيد عبادة وتوحيد ربوبية، فتوحيد العبادة توحيد الله بفعل العبد، وفعل العبد يجب أن يكون بامتثال الأمر الذي جاء به الرسول، وتوحيد الربوبية يكون بعبادة الله بأفعاله هو، الخلق والإيجاد والتصرف والإحياء والإماتة أنه متفرد بهذا، وأنه لا يشاركه أحد، هذا توحيد أي أنه واحد في هذه، كما أنه يجب أن يكون العبادة له وحده كله توحيد، ولابد أن يضاف إلى هذا توحيد الأسماء والصفات، لأنها خاصة به لا يشاركه فيها أحد وهو واحد فيها، فهذه الأقسام الثلاثة أمر ضروري والأدلة عليها واضحة، كما قال الله جل وعلا: {قل أعوذ برب الناس ملك الناس}، رب الناس يدل على توحيد الربوبية، ملك الناس دليل على توحيد الأسماء والصفات، لأنه قال: {إله الناس}، والدليل على توحيد الإلهية وهذا كثير في القرآن، ولكن هؤلاء الذين ينكرون هذا يريدون أن ينص على هذا الشيء، يقول: توحيد الربوبية كذا وكذا، وهو واضح والصحابة ما يحتاجون إلى هذا، لأنهم أهل اللغة ويعرفونه، أما الذين بعد عهدهم عن لغة الرسول r وعن بيانه للحق، وقد يشكل عليهم نعم.
القارئ: [وَهَذِه الْعِبَادَة مُتَعَلقَة بالإلهية لله تَعَالَى وَلِهَذَا كَانَ عنوان التَّوْحِيد لَا إِلَه إِلَّا الله].
الشيخ: ومعنى لا إله إلا الله كما هو معلوم، أنه لا يعبد ويأله إلا الله وحده، وسبق أن قلت لكم: أن إله أنه اسم جنس، وهذا باتفاق أهل اللغة لا يخالف فيه أحد، اسم جنس، ولهذا صح هذا النفي والاستثناء، إذا كان لا يصح إلا أن يكون اسم جنس، اسم الجنس هو الشائع في نوعه، الإله يطلق على الإله الحق والإله الباطل، لهذا صار النفي والإثبات للحصر، حصر التأله في الله جل وعلا، وإذا وجد هذا بطلت إلهية غيره، فالمشركون يتخذون آلهة كثيرة، لهذا لما قال لهم الرسول r: «قولوا لا إله إلا الله»، أنكروا ذلك وقالوا: أجعل الآلهة إله واحد، الآلهة جمع إله، آلهة جمع إله عندهم، جعلها إلها واحدة، يعني جعلها لله وحده، قالوا: {إن هذا إلا اختلاق}، يعني كذب، لأنهم يريدون أن يبقوا على ما كان عليه آلهتهم، ثم لما أخبرهم أن هذا باطل وأنه خلاف الحق قالوا: سب آبائنا وشتمهم وسفه أحلامنا، والواقع أن أحلامهم سفيهة، والرسول ما بعث شتماما ولا لعانا ولا طعانا، ولكن هم جعلوا ذلك شتما وطعنا، لأنه بين أنهم في ضلال، والمقصود أن الإلهية غير الربوبية نعم.
القارئ: [بِخِلَاف من يقر بربوبيته وَلَا يعبده أَو يعبد مَعَه إِلَهًا آخر. فالإله هُوَ الَّذِي يألهه الْقلب بِكَمَال الْحبّ والتعظيم والاجلال وَالْإِكْرَام وَالْخَوْف والرجاء وَنَحْو ذَلِك.
وَهَذِه الْعِبَادَة هِيَ الَّتِي يُحِبهَا الله ويرضاها وَبهَا وصف المصطفين من عباده وَبهَا بعث رسله].
الشيخ: المصطفين ولا المصطفين، لأنه لا يقصد بذلك الرسل، يقصد كل من تفضل الله عليه وهداه إلى عبادته جل وعلا، نعم.
القارئ: [وَأما العَبْد بِمَعْنى المعبّد سَوَاء أقرّ بذلك أَو أنكرهُ فَهَذَا الْمَعْنى يشْتَرك فِيهِ الْمُؤمن وَالْكَافِر. وبالفرق بَين هذَيْن النَّوْعَيْنِ يعرف الْفرق بَين الْحَقَائِق الدِّينِيَّة الدَّاخِلَة فِي عبَادَة الله وَدينه وَأمره الشَّرْعِيّ الَّتِي يُحِبهَا ويرضاها ويوالى أَهلهَا ويكرمهم بجنته وَبَين الْحَقَائِق الكونية الَّتِي يشْتَرك فِيهَا الْمُؤمن وَالْكَافِر وَالْبر والفاجر الَّتِي من اكْتفى بهَا وَلم يتبع الْحَقَائِق الدِّينِيَّة كَانَ من أَتبَاع إِبْلِيس اللعين والكافرين بِرَبّ الْعَالمين وَمن اكْتفى فِيهَا فِي بِبَعْض الْأُمُور دون بعض أَو فِي مقَام [دون مقَام] أَو حَال [دون حَال] نقص من إيمَانه وولايته لله بِحَسب مَا نقص من الْحَقَائِق الدِّينِيَّة وَهَذَا مقَام عَظِيم غلط فِيهِ الغالطون وَكثر فِيهِ الِاشْتِبَاه على السالكين حَتَّى زلق فِيهِ من أكَابِر الشُّيُوخ المدّعين للتحقيق والتوحيد والعرفان مَا لَا يحصيهم إِلَّا الله الَّذِي يعلم السِّرّ والإعلان].
الشيخ: يعني يقصد بذلك أهل التصوف أو بعضهم، الذين زعموا أنهم هم العارفين، ولكنهم في الواقع ضلوا في توحيد الله، وصاروا يقعون في الشرك الظاهر البين، فيدعوا بعضهم بعضا، ويقولون: أن هذه هي الحقيقة التي يجب أن يوصل إليها، وهي أن الله جل وعلا هو الذي يصرف العبد، فإذا لم يطع العبد الأمر الذي جاء به الرسول، فقد أطاع القدر الذي قدره الله، ونحن نتقلب في أقدار الله وفي طاعة، وهذا الذي يرضاه الشيطان ويريده، لأن هذا الضلال إذا وصل إليه العبد يصعب إرجاعه إلى الحق نعم.
القارئ: [وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الشَّيْخ عبد الْقَادِر رَحمَه الله فِيمَا ذكر عَنهُ فبيّن أَن كثيرا من الرِّجَال (إِذا وصلوا إِلَى الْقَضَاءوَالْقدر أَمْسكُوا إِلَّا أَنا فَإِنِّي انفتحت لي فِيهِ روزنة فنازعت أقدار الْحق بِالْحَقِّ للحق وَالرجل من يكون منازعا للقدر لَا من يكون مُوَافقا للقدر].
الشيخ: هو الشيخ عبد القادر الجيلاني ليس هو من العلماء الكبار الذي مثلا، ولكن لما كان الناس يقدمونه، لأنه جعلوا له هالة كبيرة من الذين صنفوا فيه مصنفات، وذكروا له كرامات كثيرة، فصار هذا دعوة إلى عبادته نسأل الله العافية، وكثير من الناس لا يكتفي بالحق، ويكون الباطل معجبا له، وصار له بهذا المعنى من يعظمه ويذهب إلى قبره ويطوف به ويعبده، فقبره معبود من أكبر المعبودات وهو في العراق، ثم انتشر الأمر حتى وصل إلى أقطار شتى، ويعجب الإنسان إذا كان مثلا معبودا في العراق فإنه معبود في الهند والباكستان، وكذلك بعض إفريقيا وفي الشام وفي غيرها من البلاد، وكل فريق يدعي أنه عندهم، حتى قال لي بعض الذين ذهبوا للدعوة في الهند، يقول: التقيت بمشرك كبير، فأردت أن أدعوه فقال: أنا مقتنع بما أنا فيه، أنا من أتباع عبد ا لقادر الجيلاني، قلت: هذا شرك بالله أنك تدعوه وتستنجد به في الشدائد وغيرها، فقال: لا تكلمني أنا مقتنع بما أنا فيه، لأني وجدت ذلك بالفعل، قال: فقلت له: كيف وجدت ذلك؟ قال: أنا ذهبت أنا واثنين معي إلى بلد كذا في الهند، يقول: فصار الوقت باردا شديد البرد ولم نجد من يؤوينا، كاد البرد يقتلنا، فاستغثنا بعبد القادر فجاءنا ببطانيات وتلحفنا بها واتقينا بها البرد، هذا يقول: اقتنعت، يقول: فقلت له: هذا الذي جاءك شيطان أراد أن يضلك سرق البطانيات من أحد الحوانيت وجاءك بها حتى تقتنع بهذا، ولكنه لم يجدي معه الكلام، فنسأل الله العافية من هذا، يعني العقول تذهب وإلا كيف مقبور في العراق يأتيك ببطانيات؟ حي وخرج من قبره حيا وجاءك؟ يقول: نعم يخرج لأنه ولي من الأولياء، فيكابرون، يكابرون العقول والواقع، وكل هذا ضلال بين واضح، فالمقصود أن الشيخ لما ذكر لأنه مشهور عند الناس، ويريد أن يبين أنه ليس على ما يقولون: أنه من الذين يدعون إلى عبادته، كما يفعله بعض الصوفية، كما يذكر الشعراني في كتابه الذي سماه طبقات الأولياء، ويذكر عن بعض سادته يقول: أنه لما حضر الموت صار يوصي أصحابه يقول: يا أصحابي إذا بدا لأحدكم حاجة فليأتي إلى قبري، فلا خير فيمن يحول بينه وبين قضاء حوائج أصحابه ذراع من تراب، نسأل الله العافية، هذا دعوى إلى الشرك صريح، وهو يكون رميما تأكله الديدان فكيف يقضي حوائج أصحابه؟ ومع ذلك يصدقون، يصدقون ذلك ولاسيما إذا خرج الأمر في مثل هذا، يكتب في الكتب وتطبعه المطابع، ثم ينشر بين المسلمين، هذا من أسباب عبادة غير الله جل وعلا، والمقصود أن عبد القادر له قبر يعبد، وهو مشهور جدا في هذا، وهو ليس من الذين يدعون إلى عبادة أنفسهم، بل يتبرأ من هذا، وقد وقع له قصة ذكرها والله أعلم بصحتها، يقول: أني كنت في بادية في مسير البر، فأصابني عطش شديد كدت أن أهلك، فأظلتني غمامة، فنوديت منها: يا عبد القادر أنا ربك قد أبحت لك كل شيء، فقلت: كذبت أنت الشيطان، فقال: نفعك فقهك، كم أضللت بهذه الطريقة من الناس غيرك، وإن هذا الشيطان لأن الله جل وعلا لا يبيح المحرمات، ولا يأمر بها، فالمقصود أن الشيطان قد يأتي للإنسان بأشياء غريبة، لأجل أن يضله، هذا الرجل المسكين الذي أهلكه الله جل وعلا بهذه طريقة الشياطين، الشياطين قد تتراءى للناس، ولأجل إضلالهم، لأنهم من أحرص ما يكون على إضلال بني آدم، فالمقصود أن ذكر الشيخ لعبد القادر ليس لأنه من الكبار المحققين، وإنما له كتب أيضا في العقيدة وفي الفقه كالغنية وغيرها، ويقول: أنه على الحق، نعم وقوله هذا قاله عمر بن الخطاب t قبل عبد القادر، عمر بن الخطاب t لما خرج بالمسلمين إلى الشام وصار في أثناء الطريق، بلغه أن الشام فيه وباء فيه الطاعون فرجع بالصحابة، فقال له أبو عبيدة: أفرار من القدر يا أمير المؤمنين؟ فقال له: غيرك قالها كان أولى، ثم قال: نعم فرار من القدر إلى القدر، ثم قال له: أرأيت إن كان لك إبل وكان هناك واد مخصب والآخر مجدب أيهما ترعى؟ فقال: أرعى المخصب، فقال: كذلك نحن لا نقدم على الوباء ونحن سالمون منه، فجاءه محمد بن مسلمة فقال: عندي في هذا علم عن رسول الله r، قال: ما هو؟ قال: إني سمعته r يقول: «إذا سمعتم به في بلد فلا تقدموا عليه، وإذا وقع وأنتم في بلد لا تخرجوا منه»، فحمد الله أنه وافق في نظره وفي رأيه وافق ما قاله الرسول r، والمقصود أنه قال: نعم نفر من القدر إلى القدر، لأن الإنسان لا يخلوا من القدر أبدا، ولكن الأقدار التي قدرها الله جل وعلا يجب أن ينظر الإنسان في الصالح له الموافق للشرع نعم.
القارئ: [وَالَّذِي ذكره الشَّيْخ رَحمَه الله هُوَ الَّذِي أَمر الله بِهِ وَرَسُوله وَلَكِن كثير من الرِّجَال غلطوا فِيهِ فَإِنَّهُم قد يشْهدُونَ مَا يقدّر على أحدهم من الْمعاصِي والذنُوب أَو مَا يقدّر على النَّاس من ذَلِك بل من الْكفْر وَيشْهدُونَ أَن هَذَا جَار بِمَشِيئَة الله وقضائه وَقدره دَاخل فِي حكم ربوبيته وَمُقْتَضى مَشِيئَته فيظنون الاستسلام لذَلِك وموافقته وَالرِّضَا بِهِ وَنَحْو ذَلِك دينا وطريقا وَعبادَة فيضاهئون الْمُشْركين الَّذين قَالُوا [148 الْأَنْعَام] : {لَو شَاءَ الله مَا أشركنا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حرمنا من شَيْء} وَقَالُوا [47 يس] : {أنطعم من لَو يَشَاء الله أطْعمهُ} وَقَالُوا [20 الزخرف] : {لَو شَاءَ الرَّحْمَن مَا عبدناهم} وَلَو هُدوا لعلموا أَن الْقدر أُمرنا أَن نرضى بِهِ وَنَصْبِر على مُوجبه فِي المصائب الَّتِي تصيبنا].
الشيخ: قول المشركين في ذلك الذي ذكره الله: {قالوا لو شاء الله ما أشركنا}، هم يعارضون بذلك الشرع الذي جاء به الرسول r، وليس معنى ذلك أنهم يؤمنون بالمشيئة العامة الشاملة، فهم يقولون: الشرك وقع بمشيئة الله وهذا دليل على رضاه، وأنت تأمرنا أن نتركه، فهو دليل على أن قولك غير صحيح، فهم أرادوا بقولهم: لو شاء الله ما أشركنا، أن يردوا الشرع الذي جاء به المصطفى، وليس معنى ذلك أنهم يؤمنون بأقدار الله ويسلمون لها، وكذلك بقية الآيات على هذا النحو نعم.
القارئ: [وَلَو هُدوا لعلموا أَن الْقدر أُمرنا أَن نرضى بِهِ وَنَصْبِر على مُوجبه فِي المصائب الَّتِي تصيبنا كالفقر وَالْمَرَض وَالْخَوْف قَالَ الله تَعَالَى [11 التغابن] : {مَا أصَاب منمُصِيبَة إِلَّا بِإِذن الله وَمن يُؤمن بِاللَّه يهد قلبه} قَالَ بعض السّلف: هُوَ الرجل تصيبه الْمُصِيبَة فَيعلم أَنَّهَا من عِنْد الله فيرضى وَيسلم].
الشيخ: وهذا قاله مجاهد رحمه الله، يعني تفسير مجاهد الذي أخذه عن ابن عباس، وكذلك علقمة، قال: هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم، قوله: {ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله}، يعني إلا بإذنه الكوني القدري، ومن يؤمن بالله يعني فسر الإيمان بقوله: بأنه يعلم أنها من عند الله، الإيمان في الآية فسره بقوله: أنه يعلم أنها من عند الله فيرضى بها ويسلم لذلك، ويكون جزائه زيادة الهدى، يهدي الله جل وعلا قلبه نعم.
القارئ: [وَقَالَ تَعَالَى [22-23 الْحَدِيد] : {مَا أصَاب من مُصِيبَة فِي الأَرْض وَلَا فِي أَنفسكُم إِلَّا فِي كتاب من قبل أَن نبرأها إِن ذَلِك على الله يسير * لكَي لَا تأسوا على مَا فاتكم وَلَا تفرحوا بِمَا آتَاكُم}] .
الشيخ: ما أصاب من مصيبة، هنا خطاب عام، وقوله: {في الأرض ولا في أنفسكم}، يعني أن المصيبة العامة التي قد تكون عامة أو في الأنفس خاصة، والعامة التي تكون في الأموال وفي الجدب وفي الحروب وفي غيرها، أو بأنفسكم من مرض أو موت أو غير ذلك، إلا في كتاب، يعني أنها مكتوبة فبل إيجادكم، وقبل وجود الخلق، كما في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو سمعت رسول الله r يقول: «إن الله كتب مقادير الأشياء قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وعرشه على الماء»، فقولهم: من قبل أن نبرأها، الضمير هنا يعود على شيء لم يذكر، ولكنه مفهوم من الآية وهو النفس التي أصيبت بالمصيبة، أنها مكتوبة وموجودة قبل وجودها، ثم يقول: {إن ذلك على الله يسير}، كونه يعلم الأشياء قبل وجودها، ويكتبه ويقع على وفق علمه وكتابته جل وعلا، ثم يقول: {لكي لا تأسوا على ما فاتكم}، يعني هذا الإخبار حتى ما تأسوا وتحزنوا على شيء فاتكم لأنه لا يمكن أن تدركوه، لأنه قد كتب في الكتاب السابق أنكم لا تدركوه، وكذلك تفرحوا بالشيء الذي تظفروا به، قلنا: ظفرنا به بعملنا وكذا، لأنه مكتوب ومقدر، فلابد أن تتحصلوا عليه نعم.
القارئ: [وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: " احْتج آدم ومُوسَى فَقَالَ مُوسَى: أَنْت آدم الَّذِي خلقك الله بِيَدِهِ وَنفخ فِيك من روحه وأسجد لَك مَلَائكَته وعلمك أَسمَاء كل شَيْء فلماذا أخرجتنا ونفسك من الْجنَّة؟ فَقَالَ آدم: أَنْت مُوسَى الَّذِي اصطفاك الله بِرِسَالَاتِهِ وبكلامه فَهَل وجدت ذَلِك مَكْتُوبًا عَليّ قبل أَن أخلق؟ قَالَ: نعم " قَالَ: " فحج آدم مُوسَى "].
الشيخ: يعني أنه قال: حج آدم موسى، وكررها r ثلاثا، ومعنى حاجه غلبه بالحجة نعم.
القارئ: [وآدَم عَلَيْهِ السَّلَام لم يحْتَج على مُوسَى بِالْقدرِ ظنا أَن المذنب يحْتَجبِالْقدرِ فَإِن هَذَا لَا يَقُوله مُسلم وَلَا عَاقل وَلَو كَانَ هَذَا عذرا لَكَانَ عذرا لإبليس وَقوم نوح وَقوم هود وكل كَافِر وَلَا مُوسَى لَام آدم أَيْضا لأجل الذَّنب فَإِن آدم قد تَابَ إِلَى ربه فاجتباه وَهدى وَلَكِن لامه لأجل الْمُصِيبَة الَّتِي لحقتهم بالخطيئة وَلِهَذَا قَالَ: فلماذا أخرجتنا ونفسك من الْجنَّة؟ فَأَجَابَهُ آدم: إِن هَذَا كَانَ مَكْتُوبًا عليّ قبل أَن أُخلق.
فَكَانَ الْعَمَل والمصيبة المترتبة عَلَيْهِ مقدّرا وَمَا قدّر من المصائب يجب الاستسلام لَهُ فَإِنَّهُ من تَمام الرِّضَا بِاللَّه رَبًّا.
وَأما الذُّنُوب فَلَيْسَ للْعَبد أَن يُذنب وَإِذا أذْنب فَعَلَيهِ أَن يسْتَغْفر وَيَتُوب، فيتوب من صنوف المعايب ويصبر على المصائب قَالَ تَعَالَى [55 غَافِر] : {فاصبر إِن وعد الله حق واستغفر لذنبك} وَقَالَ تَعَالَى [120 آل عمرَان] : {وَإِن تصبروا وتتقوا لَا يضركم كيدهم شَيْئا} وَقَالَ [186 آل عمرَان] : {وَإِن تصبروا وتتقوا فَإِن ذَلِك من عزم الْأُمُور} وَقَالَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام [90 يُوسُف] : {إِنَّه من يتق ويصبر فَإِن الله لَا يضيع أجر الْمُحْسِنِينَ}] .
الشيخ: يعني أن هذا الحديث قد ضل فيه بعض الناس، مثل الجبرية الذين يقولون: إن الإنسان مجبور على أعماله ولا اختيار له، وإنما هو بمنزلة الآلة التي تدار، أو بمنزلة الشجرة التي تهزها الريح من كل جانب لا اختيار لها، فإذا أضيف له شيء قيل له: أنه آمن وكفر واعمل كذا أو اعمل كذا، فهذا يقولون: على سبيل المجاز، كقولك: مات فلان وطلعت الشمس وأمطرت السماء وهبت الريح وسقط الجدار، الجدار له إرادة يسقط، الريح له إرادة يموت؟ بل أميت، فهم يحتجون بهذا، ثم يقولون أيضا، أن الله جل وعلا يقول لنبيه: {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى}، فنفى الرمي عن النبي وأثبته لنفسه، فهذه من المغالطات ومن الشبه، فكل هذا الحديث أيضا حجة لنا، أن يكون آدم احتاج بالقدر، فنحن إذاً نحتاج بالقدر، نقول: إن هذا ضلال كما قال الشيخ رحمه الله، ضلال بين، وآدم عليه السلام لم يحتاج بقدر ولا يمكن أن يكون موسى عليه السلام لامه على الذنب لماذا؟ لأن الذنب الذي تيب منه لا يجوز أن يذكر للإنسان، إذا تاب من ذنب يؤتى إليه ويقول: أنت أذنبت كذا وكذا، هذا لا يجوز من المحرمات، لأن التائب كمن لا ذنب له، من تاب ذنب فهو ليس له ذنب، ولو كان هذا لأمكن آدم عليه السلام أن يقول: أن قتلت نفس فلماذا قتلت نفس؟ لكن آدم يعلم أن موسى عليه السلام لم يحتج عليه بالذنب ويعلم موسى أن الذنب قد تاب عليه فمحي أثره فلا أثر له، وإنما لامه على المصيبة، والمصيبة هي الخروج من الجنة، ولهذا قال: لماذا أخرجتنا ونفسك من الجنة؟ فالمصيبة يحتج عليها بالقدر، كما يقول العلماء: القدر يحتج به على المصائب لا على المعائب والذنوب، لأن الذنب الطريقة فيه أنك تتوب أولا: أنك لا تذنب، ولكن إذا أذنبت يجب عليك أن تتوب وتستغفر هذا المخرج، لا تقول: أن هذا قدر علي، هذا لا يفيد شيء، ومن قال هذا، فمعناه أنه يجعل اللوم على الله، يريد أن يبرأ نفسه ويجعل اللوم على القدر، فالمقصود أن هذا من الضلال البين، فاستدلالهم بالحديث استدلال باطل، فموسى عليه السلام لام آدم على أنه خرج من الجنة، يقول: أخرجتنا ونفسك، ثم هذا ما حقيقته؟ أولا: يجب أن نؤمن به، بغض النظر عن أنه وقع مقابلة أو أن آدم مثل له، أو أن موسى قاله بعد الموت، أو فهذا يجوز كله يجوز، أو يكون مثلا أن الله أمر آدم أن يخاطبه وإن كان ميت، لأن نبينا r لما عرج به التقى بالرسل، وكل رسول سلم عليه، وبعضهم وصاه، وموسى عليه السلام صار يسأله يقول: ماذا فرض الله عليك، ثم يقول له: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، كل هذه حقائق لا نعرفها لا ندركها أمور غيبية وهذا من جنسها، يعني احتجاج موسى وآدم يجوز أن يكون بعد الموت، ويجوز أن يكون موسى حيا وآدم ميت، كما وقع لنبينا r، ورؤيا الأنبياء وحي أيضا، يجوز أن يكون في الرؤيا ويجوز أن يكون في غيرها، وعلى كل حال يجب أن نؤمن بأنه حق، كما أخبرنا رسولنا r، ثم المعنى هو هذا، أن موسى عليه السلام لام آدم على المصيبة التي هي الخروج من الجنة، وليس على الذنب، فلا يكون حجة لهؤلاء المبطلين، أما قولهم: إن الله جل وعلا نفى الفعل عن نبيه وأثبته لنفسه في الآية، قال: {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى}، فنقول في جوابهم: إن الذي نفي غير الذي أثبت، لأن القصة كما هو معروف في وقعة بدر، أمره الله U أن يأخذ بيده من الحصباء ويرميها نحوهم، نحو الكفار، فذهب هذا الرمية ودخلت في مناخرهم وفي أعينهم، فتحريك يده ورمي التراب نحوهم هذا فعل الرسول r، وإما إيصال التراب والحصباء إلى أعينهم ومناخرهم فهذا فعل الله جل وعلا، الرسول لا يستطيع ذلك، فالذي نفي غير المثبت، فلا يكون فيه حجة للمبطلين، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد. | |
|
| |
abdelwahab ديري عتيق
الساعة : عدد المساهمات : 118 نقاط : 247 التقيم : 3 تاريخ الميلاد : 19/05/1991 تاريخ التسجيل : 25/04/2012 العمر : 33
| |
| |
abdelwahab ديري عتيق
الساعة : عدد المساهمات : 118 نقاط : 247 التقيم : 3 تاريخ الميلاد : 19/05/1991 تاريخ التسجيل : 25/04/2012 العمر : 33
| موضوع: رد: شرح رسالة العبودية الأربعاء مايو 02, 2012 6:43 am | |
| معمر ولا ينقص من عمره}، كما قال المفسرون: كقولك مثلا عندي دينار ونصفه، فهل نصف الدينار الذي عندك هو نصف الدينار ولا نصف دينار آخر؟ فيقولون: هذا هو المراد بذلك، وما يعمر من معمر، ولا ينقص من معمر آخر، من عمره الذي كتب أنه ناقص، فلا يكون فيه إشكال، نعم.القارئ: قال رحمه الله تعالى: [فَهَذَا حَال الْمُؤمنِينَ بِاللَّه وَرَسُوله العابدين لله وكل ذَلِك من الْعِبَادَة.وَهَؤُلَاء الَّذين يشْهدُونَ الْحَقِيقَة الكونية وَهِي ربوبيته تَعَالَى لكل شَيْء ويجعلون ذَلِك مَانِعا من إتباع أمره الديني الشَّرْعِيّ على مَرَاتِب فِي الضلال: فغلاتهم يجْعَلُونَ ذَلِك مُطلقًا عَاما فيحتجون بِالْقدرِ فِي كل مَا يخالفون فِيهِ الشَّرِيعَة].الشيخ: هذا الذين يسمون الجبرية فهم جعلوا القدر حجة لهم، وهذا من أضل الضلال وأبين المحال، ولا يمكن يستقيم على هذا المذهب لا دنيا ولا دين أصلا، ولكن هل يفهمون؟ قد يكون هؤلاء يريدون إضلال الناس، وإلا مثل هذا واضح، ولهذا يقول كثير من العلماء: ينبغي أن يعاملوا بمقتضى مذهبهم، كيف يعاملوا بمقتضى المذهب؟ الطالب: ....الشيخ: يقول: لا تلمني أنا مقدر علي هذا الشيء، هل أحد يرضى بهذا؟ يمكن يسلم؟ تحرق ماله وتقول: لا تلمني أنا مقدر علي هذا، لابد أن يسأل كل إنسان عن عمله، يسأل عن فعله، وإلا لا تستقيم الأحوال أبدا، فهم يقولون: نحن غير ملومين، لأننا بمنزلة الآلة التي تدار، فنحن ما لنا فعل، الأفعال كلها لله، وسبق الإشارة إلى هذا نعم، هذا من أخبث المذاهب وأبطلها نعم.القارئ: قال رحمه الله تعالى: [وَقَول هَؤُلَاءِ شَرّ من قَول الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَهُوَ من جنس قَول الْمُشْركين الَّذين قَالُوا [148 الْأَنْعَام] : {لَو شَاءَ الله مَا أشركنا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حرمنا من شَيْء} وَقَالُوا [20 الزخرف] : {لَو شَاءَ الرَّحْمَن مَا عبدناهم}] .الشيخ: هذا سبق أنهم قالوا هذا القول ردا لدعوة الرسول r، وليس إيمانا بعموم مشيئة الله، يقولون: شركنا وقع بمشيئة الله و هو دليل على أنه راض به، وأنت جئتنا بالنهي عن ذلك، فقولك غير مقبول، هذا معنى قولهم، فلو شاء الله ما أشركنا، يعني أنه وقع بمشيئة الله، وهذا دليل على أنه راض به، هذا مرادهم، ولهذا جعله، جعل قول الجبرية كهذا، نعم.القارئ: قال رحمه الله تعالى: [وَهَؤُلَاء من أعظم أهل الأَرْض تناقضا بل كل من احْتج بِالْقدرِ فَإِنَّهُ متناقض].الشيخ: متناقض لأنه لا يطبقه على نفسه، لو مثلا عمل عملا وقيل له، عمل فيه عمل وقيل له: هذا قدر، لا يرضى أبدا، ولا يطبقه على نفسه، وإنما يريد أنه يبرر أفعاله ويجعل اللوم على الله، هذا مقصوده، وقد يكون بعضهم يريد الإفساد، إفساد عقائد الناس، نعم.القارئ: قال رحمه الله تعالى: [فَإِنَّهُ لَا يُمكنهُ أَن يُقَرّ كل آدَمِيّ على مَا يفعل فَلَا بُد إِذا ظلمه ظَالِم أَو ظلم النَّاس ظَالِم وسعى فِي الأَرْض بِالْفَسَادِ وَأخذ يسفك دِمَاء النَّاس ويستحل الْفروج وَيهْلك الْحَرْث والنسل وَنَحْو ذَلِك من أَنْوَاع الضَّرَر الَّتِي لَا قِوام للنَّاس بهَا أَن يدْفع هَذَا القدَر].الشيخ: يدفع، يدفع هو إذا كان بالنسبة إليه وقع فيه لابد أن يدفعه هو نعم هذا القدر المقدر الذي جاء به نعم.القارئ: [وَأَن يُعَاقب الظَّالِم بِمَا يكف عدوانه وعدوان أَمْثَاله فَيُقَال لَهُ: إِن كَانَ الْقدر حجَّة فدع كل أحد يفعل مَا يَشَاء بك وبغيرك وَإِن لم يكن حجَّة بَطل أصل قَوْلك: [إِن الْقدر] حجَّة].الشيخ: هذا معنى مقتضى أنه كان يعامل بمقتضى قوله، لا يمكن أن يرضى به أحد نعم.القارئ: [وَأَصْحَاب هَذَا القَوْل الَّذين يحتجون بِالْحَقِيقَةِ الكونية لَا يطردون هَذَا القَوْل وَلَا يلتزمونه وَإِنَّمَا هم يتبعُون آراءهم وأهواءهم كَمَا قَالَ فيهم بعض الْعلمَاء: أَنْت عِنْد الطَّاعَة قدَري وَعند الْمعْصِيَة جَبْري أيُّ مَذْهَب وَافق هَوَاك تمذهبت بِهِ].الشيخ: الجبري هو الذي يقول: أنه مجبور على هذا الشيء، والقدري الذي ينكر القدر، يعني الجبري هو هذا المذهب الخبيث، هو أخبث من القدري، والقدري الذي يقول: أنا الذي أفعل ما أشاء ما قدر عليه، أنا الذي أختار فإن شئت آمنت وإن شئت كفرت، والله جل وعلا ليس له شيء من ذلك ولم يقدر علي شيء، هذا القدرية الذين أنكروا القدر، إذا أطلق القدري فهذا مراده، أما الجبري فهو الذي يقول: أنا مجبور، يعني عكس هذا تماما، وهذان مذهبان متقابلان نعم.القارئ: قال رحمه الله تعالى: [وَمِنْهُم صنف يدّعون التَّحْقِيق والمعرفة ويزعمون أَن الْأَمر وَالنَّهْي لَازم لمن شهد لنَفسِهِ أفعالا وَأثبت لَهُ صِفَات أما من شهد أَن أَفعاله مخلوقة أَو أَنه مجبور على ذَلِك وَأَن الله هُوَ الْمُتَصَرف فِيهِ كَمَا يُحَرك سَائِر المتحركات فَإِنَّهُ يرْتَفع عَنهُ الْأَمر وَالنَّهْي والوعد والوعيد.وَقد يَقُولُونَ: من شهد الْإِرَادَة سقط عَنهُ التَّكْلِيف].الشيخ: هذا الذي يقوله غلاة الصوفية وليست المتكلمون، لأن هؤلاء جهلة أيضا، فهذا الذي أداه إليهم شيطانهم الشيطان وليس اجتهادهم، أما الاجتهاد فإن العقل إذا اجتهد وطلب الأدلة متجرد عن الهوى والميول الشيطانية فإنه يهتدي لأن الأمور ظاهرة وجلية، أما إذا كان له هوى وله مراد معين فلن يهتدي إلا أن يشاء الله نعم.القارئ: قال رحمه الله تعالى: [ويزعمون أَن الْخضر سقط عَنهُ التَّكْلِيف لشهوده الْإِرَادَة.فَهَؤُلَاءِ يفرقون بَين الْعَامَّة والخاصة الَّذين شهدُوا الْحَقِيقَة الكونية فَشَهِدُوا أَن الله خَالق أَفعَال الْعباد وَأَنه مُرِيد ومدبر لجَمِيع الكائنات.وَقد يفرقون بَين من يعلم ذَلِك علما وَبَين من يرَاهُ شُهُودًا فَلَا يسقطون التَّكْلِيف عَمَّن يُؤمن بذلك ويعلمه فَقَط وَلَكِن [يسقطونه] عَمَّن يشهده فَلَا يرى لنَفسِهِ فعلا أصلا وَهَؤُلَاء].الشيخ: سبق أن الشهود معناها أن يعمل بما يعلم، نعم.القارئ: [وَهَؤُلَاء يجْعَلُونَ الْجَبْر وَإِثْبَات الْقدر مَانِعا من التَّكْلِيف على هَذَا الْوَجْه.وَقد وَقع فِي هَذَا طوائف من المنتسبين إِلَى التَّحْقِيق والمعرفة والتوحيد.وَسبب ذَلِك أَنه ضَاقَ نطاقهم عَن كَون العَبْد يُؤمر بِمَا يقدّر عَلَيْهِ خِلَافه كَمَا ضَاقَ نطاق الْمُعْتَزلَة وَنَحْوهم من الْقَدَرِيَّة عَن ذَلِك].الشيخ: يقول أنه: وقع كثير من الناس في هذا، والسبب أنهم ما استطاعوا الجمع بين القدر والشرع في عقولهم، فهذا السبب، ورأوا أن هذا يعارض هذا، وسلكوا هذا المسلك السيء الذي فيه من الباطل ما هو ظاهر جلي، فالواجب على العبد والأمر ليس صعبا في مثل هذا حتى يؤولون إلى هذا القول، فالإنسان إذا آمن بأقدار الله جل وعلا وامتثل شرعه وانشرح صدره لذلك فالأمر سهل ميسور، ولكن على من يسره الله عليه، أما هؤلاء فما استطاعوا وما استساغوا أنهم يجمعون بين هذا وهذا نعم.القارئ: قال رحمه الله تعالى:[ ثمَّ الْمُعْتَزلَة أَثْبَتَت الْأَمر وَالنَّهْي الشرعيين دون الْقَضَاء وَالْقدر الَّذين هما إِرَادَة الله الْعَامَّة وخلقه لأفعال الْعباد].الشيخ: المعتزلة قدرية، ولكن فيما بعد صاروا جهمية قدرية، فهم أثبتوا الأمر والنهي الشرعي وعظموه، وقالوا: من ترك النهي فقد كفر أو خرج من الدين الإسلامي ولم يدخل في الكفر، فصار بين منزلة بين منزلتين لا كافر ولا مؤمن، فهذه من خصائصهم، وجعلوا الدين عندهم له أركان خمسة هذه أحدهم، والثاني: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي ضمنه الخروج على الأئمة، يخرجون عليهم بالسلاح، و الأمر الثالث: وجوب العدل، ووجوب العدل معناه إنكار القدر، إنكار أن يكون الله قدر كل شيء، الرابع: وجوب تعذيب المجرم وإثابة المحسن، وهذا حكموا به على الله، وكلها أركان اخترعوها وليس عليها دليل مما جاء به المصطفى r، ولهذا سموا أهل الكلام لأنهم كثروا الكلام في هذا، واتبعوا آرائهم التي هي الكلام، نعم.القارئ: قال رحمه الله تعالى: [وَهَؤُلَاء أثبتوا الْقَضَاء وَالْقدر وَنَفَوْا الْأَمر وَالنَّهْي فِي حق من شهد الْقدر].الشيخ: الأولين الجبرية أثبتوا القضاء والقدر وجعلوا اللوم عليه، أما الشرع فجلوه معارض له نعم.القارئ: [إِذْ لم يُمكنهُم نفي ذَلِك مُطلقًا.وَقَول هَؤُلَاءِ شَرّ من قَول الْمُعْتَزلَة وَلِهَذَا لم يكن فِي السّلف من هَؤُلَاءِ أحد].الشيخ: وأفعال المعتزلة ما صار من السلف منهم أحد، وبعض المحدثين رمي بأنه قدري، الذين من الرجال الذين في البخاري وفي مسلم، بعضهم اتهم بأنه قدري، أما الجبرية ما اتهم أحد بذلك جبرية محضة، وإلا فالجبرية التي ليست محضة والأشاعرة كلهم هكذا، لأن الأشاعرة يقولون أيش في القدر؟ أفعال الإنسان، يقولون: الإنسان له قدرة ليست مؤثرة في الفعل، ويقولون: أنه كاسب وليس عاملا، فإذا قيل ما الكسب؟ قالوا: التوسط بين الفعل وعدمه، أو يفسرونه بقدرة لا تأثير لها، لهذا يقول أهل السنة: إن ثلاث من عجائب الكلام التي لا تفهم: طفرة النظام وأحوال أبو هاشم وكسب الأشعري، فالأشعري ما قاله، وإنما أصحابه قالوا هكذا، والمقصود أن خلاف الكتاب والسنة لا يأتي إلا بشر، ونتائجه كلها ضلال نعم.القارئ: قال رحمه الله تعالى: [وَهَؤُلَاء يجْعَلُونَ الْأَمر وَالنَّهْي للمحجوبين الَّذين لم يشْهدُوا هَذِه الْحَقِيقَة الكونية، وَلِهَذَا يجْعَلُونَ من وصل إِلَى شُهُود هَذِه الْحَقِيقَة يسْقط عَنهُ الْأَمر وَالنَّهْي، وَيَقُولُونَ: إِنَّه صَار من الْخَاصَّة].الشيخ: هؤلاء يعني الصوفية، ونحو الحلولية والاتحادية، والفرق بين الحلول والاتحاد، أن الحلولي الذي يقول: إن الله حل في المخلوقات، تعالى الله وتقدس، أما الاتحادي الذي يقول: لا فرق بين خالق ولا مخلوق، فالخالق هو المخلوق والمخلوق هو الخالق، لأن الخالق اتحد في المخلوق كما تقول النصارى: اتحد اللاهوت بالناسوت يعني الإله بالإنسان، هؤلاء قالوا كذلك، وهذا تصديق لقول الرسول r: «لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه»، يعني أنكم ستتبعون اليهود والنصارى في كل فعلوه وفي كل ما اعتقدوه، ولا يلزم أن تكون الأمة كلها، إذا صار بعضها على هذا صدق قول الرسول r في ذلك نعم.القارئ: قال رحمه الله تعالى: [وَرُبمَا تأولوا على ذَلِك قَوْله تَعَالَى [99 الْحجر] : {واعبد رَبك حَتَّى يَأْتِيك الْيَقِين} فاليقين عِنْدهم هُوَ معرفَة هَذِه الْحَقِيقَة.وَقَول هَؤُلَاءِ كفر صَرِيح].الشيخ: واليقين ما هو هنا في الآية؟ اليقين هو الموت هنا، هذا خطاب للرسول r، أن الله يأمره يقول: اعبد ربك، يعني استمر على عبادتك حتى يأتيك الموت، لا ترفع التكاليف عن أحد أصلا، طالما العقل موجود فهو مكلف، ولكن: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}، وسعها يعني ما تسعه وتستطيعه نعم.القارئ: قال رحمه الله تعالى: [وَقَول هَؤُلَاءِ كفر صَرِيح وَإِن وَقع فِيهِ طوائف لم يعلمُوا أَنه كفر فَإِنَّهُ قد علم بالاضطرار من دين الْإِسْلَام أَن الْأَمر وَالنَّهْي لازمان لكل عبد مَا دَامَ عقله حَاضرا إِلَى أَن يَمُوت لَا يسقطان عَنهُ لَا بشهوده الْقدر وَلَا بِغَيْر ذَلِك فَمن لم يعرف ذَلِك عُرِّفه وبيِّن لَهُ فَإِن أصر على اعْتِقَاد سُقُوط الْأَمر وَالنَّهْي فَإِنَّهُ يُقتل].الشيخ: يعني يقتل، كيف يقتل من يقتله؟ ولي الأمر هو الذي إليه القتل والإنكار، أما آحاد الناس فلا يجوز ذلك، لأنه لو حصل هذا من آحاد الناس لفسدت الأمور وصار فوضى، كل يزعم أن فلان يستحق القتل فيقتل، فقول الشيخ: مر مرارا، من فعل ذلك يستتيب وإلا قتل، الذي يستتيبه ولي الأمر، والذي يقتله ولي الأمر، وليس لآحاد الناس أنهم يفعلون هذا، ولكن آحاد الناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر حسب الاستطاعة، كما في حديث أبي سعيد: «من رأي منكم منكرا فلينكره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان»، والإنكار في القلب لا يسقط عن أحد، وهو كراهة هذا الشيء وبغضه ومفارقته، هذا يجب على كل أحد، أما الإنكار بالقول هذا قد مثلا يجر الإنسان ضرر، وإذا كان يجر ضرر فأنت معافى، يعني مسامح في ذلك فضلا من الله، وأما الإنكار باليد وليس هذا إلا لأهل السلطة الذي جعل إليهم، إلا أن يكون تحت يدك، مثل الولد وما أشبه ذلك فهذا نعم، لأن الرسول r قال: «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر»، هذا معناه إنكار باليد، هذا تحت يدك وأنت مسئول عنه، فالإنكار من المعروف وهو من الدين، وكذلك كون الإنسان يمتثل أمر الله جل وعلا في كل ما جاء به الرسولr، ولكن كل هذا حسب الاستطاعة، استطاعة المرء، لأن الرسول r يقول: «إذا أمرتكم بشيء فاتوا منه ما استطعتم، وإذا أمرتكم عن شيء فاجتنبوه»، النهي ما فيه استثناء، لأن النهي سهل، كونك تجتنبك وتتركه سهل، ما هو مثل الفعل، الفعل يتعلق بالاستطاعة، أما الترك مجرد ترك تتركه أمره سهل نعم.القارئ: قال رحمه الله تعالى: [وَقد كثرت مثل هَذِه المقالات فِي الْمُسْتَأْخِرِينَ.وَأما المتقدمون من هَذِه الْأمة فَلم تكن هَذِه المقالات مَعْرُوفَة فيهم وَهَذِه المقالات].الشيخ: يعني قصده المقالات مثل الحلول والاتحاد، ومثل الاحتجاج بالقدر، كونه مثلا بمنزلة الآلة أو أنه لا قدر، وإن كان قد حدث في أول الأمر، ولكن حسم في وقت الصحابة، لما علموا بذلك أفتوا بأنه كفر، وقالوا: أن من يقول بهذا ليس بمؤمن، فترك الأمر، ثم فيما بعد بعث مرة أخرى، وصار له وجه آخر نعم.القارئ: قال رحمه الله تعالى: [وَهَذِه المقالات هِيَ محادة لله وَرَسُوله ومعاداة لَهُ وَصد عَن سَبيله ومشاقة لَهُ وَتَكْذيب لرسله ومضادة لَهُ فِي حكمه وَإِن كَانَ من يَقُول هَذِه المقالات قد يجهل ذَلِك ويعتقد أَن هَذَا الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ هُوَ طَرِيق الرَّسُول وَطَرِيق أَوْلِيَاء الله الْمُحَقِّقين فَهُوَ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة من يعْتَقد أَن الصَّلَاة لَا تجب عَلَيْهِ لاستغنائه عَنْهَا بِمَا حصل لَهُ من الْأَحْوَال القلبية أَو أَن الْخمر حَلَال لَهُ لكَونه من الْخَواص الَّذين لَا يضرهم شرب الْخمر أَو أَن الْفَاحِشَة حَلَال لَهُ لِأَنَّهُ صَار كالبحر لَا تكدره الذُّنُوب وَنَحْو ذَلِك.وَلَا ريب أَن الْمُشْركين الَّذين كذبُوا الرَّسُول يَتَرَدَّدُونَ بَين الْبِدْعَة الْمُخَالفَة لشرع الله وَبَين الِاحْتِجَاج بِالْقدرِ على مُخَالفَة أَمر الله فَهَذِهِ الْأَصْنَاف فِيهَا شبه من الْمُشْركين؛ إِمَّا أَن يبتدعوا وَإِمَّا أَن يحتجوا بِالْقدرِ وَإِمَّا أَن يجمعوا بَين الْأَمريْنِ كَمَا قَالَ تَعَالَى عَن الْمُشْركين [28 الْأَعْرَاف] : {وَإِذا فعلوا فَاحِشَة قَالُوا وجدنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَالله أمرنَا بهَا قل إِن الله لَا يَأْمر بالفحشاء أتقولون على الله مَا لَا تعلمُونَ} وكما قَالَ تَعَالَى عَنْهُم [148 الْأَنْعَام] : {سَيَقُولُ الَّذين أشركوا لَو شَاءَ الله مَا أشركنا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حرمنا من شَيْء} .وَقد ذَكَرَ عَن الْمُشْركين مَا ابتدعوه من الدَّين الَّذِي فِيهِ تَحْلِيل الْحَرَام وَعبادَة الله بِمَا لم يشرع الله فِي مثل قَوْله تَعَالَى [138 الْأَنْعَام] : {وَقَالُوا هَذِه أنعام وحرث حجر لَا يطْعمهَا إِلَّا من نشَاء بزعمهم وأنعام حرمت ظُهُورهَا وأنعام لَا يذكرُونَ اسْم الله عَلَيْهَا افتراء عَلَيْهِ} إِلَى آخر السُّورَة وَكَذَلِكَ فِي سُورَة الْأَعْرَاف [27-33] : {يَا بني آدم لَا يفتننكم الشَّيْطَان كَمَا أخرج أبويكم من الْجنَّة} إِلَى قَوْله: {وَإِذا فعلوا فَاحِشَة قَالُوا وجدنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَالله أمرنَا بهَا قل إِن الله لَا يَأْمر بالفحشاء أتقولون على الله مَا لَا تعلمُونَ * قل أَمر رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأقِيمُوا وُجُوهكُم عِنْد كل مَسْجِد} إِلَى قَوْله: {وكلوا وَاشْرَبُوا وَلَا تسرفوا إِنَّه لَا يحب المسرفين * قل من حرم زِينَة الله الَّتِي أخرج لِعِبَادِهِ والطيبات من الرزق} إِلَى قَوْله: {قل إِنَّمَا حرم رَبِّي الْفَوَاحِش مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن وَالْإِثْم وَالْبَغي بِغَيْر الْحق وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّه مَا لم ينزل بِهِ سُلْطَانا وَأَن تَقولُوا على الله مَا لَا تعلمُونَ} وَهَؤُلَاء قد يسمّون مَا أحدثوه من الْبدع حَقِيقَة كَمَا يسمّون مَا يشْهدُونَ من الْقدر حَقِيقَة وَطَرِيق الْحَقِيقَة].والله أعلم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد. | |
|
| |
abdelwahab ديري عتيق
الساعة : عدد المساهمات : 118 نقاط : 247 التقيم : 3 تاريخ الميلاد : 19/05/1991 تاريخ التسجيل : 25/04/2012 العمر : 33
| |
| |
abdelwahab ديري عتيق
الساعة : عدد المساهمات : 118 نقاط : 247 التقيم : 3 تاريخ الميلاد : 19/05/1991 تاريخ التسجيل : 25/04/2012 العمر : 33
| موضوع: رد: شرح رسالة العبودية الأربعاء مايو 02, 2012 6:46 am | |
| تَعَالَى [121 الْبَقَرَة] : {الَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب يتلونه حق تِلَاوَته} قَالَ: يحلّون حَلَاله ويحرمون حرَامه ويؤمنون بمتشابهه ويعملون بمحكمه. فاتباع الْكتاب يتَنَاوَل الصَّلَاة وَغَيرهَا لَكِن خصها بِالذكر لمزيتها وَكَذَلِكَ قَوْله لمُوسَى [14 طه] : {إِنَّنِي أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا فاعبدني وأقم الصَّلَاة لذكري} وَإِقَامَة الصَّلَاة لذكره من أجلِّ عِبَادَته وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى [70 الْأَحْزَاب] : {اتَّقوا الله وَقُولُوا قولا سديدا} وَقَوله [35 الْمَائِدَة] : {اتَّقوا الله وابتغوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَة} وَقَوله [119 التَّوْبَة] : {اتَّقوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقين} فَإِن هَذِه الْأُمُور هِيَ أَيْضا من تَمام تقوى الله وَكَذَلِكَ قَوْله [123 هود] : {فاعبده وتوكل عَلَيْهِ} فَإِن التَّوَكُّل هُوَ الِاسْتِعَانَة وَهِي من عبَادَة الله لَكِن خصت بِالذكر ليقصدها المتعبد بخصوصها فَإِنَّهَا هِيَ العون على سَائِر أَنْوَاع الْعِبَادَة إِذْ هُوَ سُبْحَانَهُ لَا يُعبد إِلَّا بمعونته].الشيخ: هذا الذي ذكره الشيخ هذا من باب الاستطراد، ليس من صلب الموضوع، وعادته هكذا أنه يستطرد أحيانا ويأتي بأشياء ليست في الموضوع الذي يتكلم فيه، وهذا كثير جدا في كتبه رحمه الله لكثرة علمه، ولكونه عنده من الحرص على نفع المتعلم الشيء الكثير، وقد أطال في هذا المعنى في كتابه الإيمان الكبير، وقال: هذه أمور يجب أن تفهم وتعلم، حتى لا يكون هناك مخالفة لما وقع فيه كثير من الناس، بحيث أنهم لم يفهموا هذا الشيء، فالمقصود أن كتاب الله U نزل باللغة العربية، واللغة العربية هي إذا لم يفهمها الإنسان كما ينبغي، ويفهم مفرداتها ويفهم إذا اقترنت مثلا صار لها معنى وإذا انفردت صار لها معنى، وغير ذلك، لا يفهم كلام الله جل وعلا، أنه في هذه اللغة، وهو أمر ينبغي لطالب العلم أن يهتم به كثيرا، لأنه يحل له إشكالات استشكلها بعض الناس الذين لم يعتنوا بذلك، نعم.القارئ: [إِذا تبين هَذَا فكمال الْمَخْلُوق فِي تَحْقِيق عبوديته لله وَكلما ازْدَادَ العَبْد تَحْقِيقا للعبودية ازْدَادَ كَمَاله وعلت دَرَجَته وَمن توهم أَن الْمَخْلُوق يخرج من الْعُبُودِيَّة بِوَجْه من الْوُجُوه أَو أَن الْخُرُوج عَنْهَا أكمل فَهُوَ من أَجْهَل الْخلق بل من أضلهم قَالَ تَعَالَى [26-28 الْأَنْبِيَاء] :{وَقَالُوا اتخذ الرَّحْمَن ولدا سُبْحَانَهُ بل عباد مكرمون * لَا يسبقونه بالْقَوْل وهم بأَمْره يعْملُونَ * يعلم مَا بَين أَيْديهم وَمَا خَلفهم وَلَا يشفعون إِلَّا لمن ارتضى وهم من خَشيته مشفقون}].الشيخ: يعني الملائكة هم من أفضل الخلق في عبادة الله جل وعلا، ولهذا كانوا في السماوات والأرض، خلقهم لعبادته فهم لا يفترون عن العبادة ولا يستحسرون، فيقفون هم عباد لله جل وعلا مكرمون بعبادته، فكيف بمن يكون بعيدا ويكون متبعا لشهواته، ويكون، فالمقصود أن الإنسان لا يجوز أن يخرج عن عبودية الله بحال من الأحوال، وكماله في ذلك، فإذا خرج عنها وزعم أنه أبيح له كل شيء، فإنه شيطان من الشياطين، يعني صار مسلكه مسلك الشيطان، وقد ضل في هذا كثير من الناس نسأل الله العافية، وزعموا أنهم أولياء، بل زعموا أنهم ختمت بهم الولاية، وهم أرادوا إتباع أهوائهم، ولهذا فتحوا الباب أمامهم، وقالوا: ليس هناك شيء محرم علينا، لأننا وصلنا إلى الغاية، طيب إذا وصلت إلى الغاية، يعني أنت تصل إلى شهواتك وإلى مراداتك، أما الملائكة هم قائمون بعبادة الله الليل والنهار لا يفترون عن ذلك، وكذلك رسل الله يجتهدون في عبادة الله ويحذرون المخالفة أدنى مخالفة، هل يستساغ مثلا آحاد الناس يكون له شيء من ذلك، أن يقول: خففت عني أو أزيلت عني التكاليف فأصبحت غير مكلف، هذا لابد أنه إما أنه يريد إفساد أديان الناس، أو أنه يريد فقط التغطية حتى يتحصل على شهواته ومراداته، أما عباد الله فهم يخافون من الله أشد الخوف، إذا وقع أحدهم في أدنى مخالفة بادر إلى التوبة والرجوع إلى الله جل وعلا نعم.القارئ: [وَقَالَ تَعَالَى [88-95 مَرْيَم] : {وَقَالُوا اتخذ الرَّحْمَن ولدا * لقد جئْتُمْ شَيْئا إدا * تكَاد السَّمَاوَات يتفطرن مِنْهُ وتنشق الأَرْض وتخر الْجبَال هدا * أَن دعوا للرحمن ولدا * وَمَا يَنْبَغِي للرحمن أَن يتَّخذ ولدا * إِن كل من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض إِلَّا آتِي الرَّحْمَن عبدا * لقد أحصاهم وعدهم عدا * وَكلهمْ آتيه يَوْم الْقِيَامَة فَردا}].الشيخ: سبق أن هذا معناه، قوله: {إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا}، يعني آتيه ذليلا خاضعا ليس بيده أي شيء أي تصرف، لا يملك حتى الشيء الذي يستر به عورته، لأنه هكذا يأتون يخرجون من قبورهم حفاة عراة غرلا، قيل للرسول r: ما غرلا؟ قال: «غير مختنين»، يعني القطعة التي ترمى من بدن الإنسان تعود إليه، ما يفقد من بدنه أي شيء، حتى يذوق الألم في بدنه كله، أو النعيم، بدنه كله، والمقصود أنهم يأتون حفاة عراة، لما سمعت عائشة t هكذا قالت: وا سوأتاه الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض؟ قال: «يا عائشة الأمر أعظم من ذاك»، ما فيه أحد يهمه النظر، كلهم شاخصة أبصارهم، بلغت قلوبهم الحناجر، ما يدري من بجواره، ولهذا يقول الله U: {وترى الناس سكارى وما هم بسكارى}، يعني شبه سكارى، لكن ليس سكران ولكن عذاب الله شديد، فالأمر في هذه الحالة، ولا تمييز في هذا بين غني وفقير وملك ومملوك كلهم سواء في الجميع بهذه الصفة، وأول من يكسى من عريه في الموقف إبراهيم عليه السلام، وإذا كانت الأنبياء هكذا أيضا كيف بغيرهم؟ المقصود أن هذا المجيء: {إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا}، يعني ذليلا خاضعا، وليس من باب العبودية التي تنفع، العبودية المختارة التي يختارها هو، بل هذه عبودية القهر، وجريان الحكم القدري الذي لا حيلة فيه ولا أحد يمكن أنه يتخلص منه، وهذا أعم الملائكة وعم البشر وعم كل مخلوق، إن كل، لأن هذه إن معناها ما، ما في السماوات والأرض أحد إلا ويأتي بهذه الصفة، نعم.القارئ: [وَقَالَ تَعَالَى فِي الْمَسِيح [59 الزخرف] : {إِن هُوَ إِلَّا عبد أنعمنا عَلَيْهِ وجعلناه مثلا لبني إِسْرَائِيل}].الشيخ: يعني عيسى عليه السلام، لما قال النصارى: أنه الله أو ابن الله، قال: أنه عبد من عباد الله، أنعمنا عليه، يعني أنعم الله خصته زيادة على غيره، حيث خلقه من أنثى بلا ذكر، ثم صار يتكلم وهو في المهد، علمه الله الكتاب، علمه ما علمه، وجعل له من الآيات الشيء الذي ما حصل لغيره كإحياء الأموات، وكونه يخبر بني إسرائيل بما في بيوتهم، وبنو إسرائيل يعني كثيرا منهم ضلوا في هذا، وجعلوه إما الله تعالى الله وتقدس، والفريق الثاني رموا أمه بالفجور وحالوا قتله، ولكن الله رفعه إلى السماء، وسوف ينزل في آخر الوقت، ويكسر الصليب ويقتل الخنزير ولا يقبل الجزية، فهو من هذه الأمة، ويحكم بشرعة خاتم الرسل محمد r، ويقتل الدجال، ولكن هذا من أشراط الساعة الكبار، التي إذا جاءت فلا أحد يقبل منه إيمان، ولا يقبل منه أيضا عمل صالح يزداد به، قال جل وعلا: {يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا}، فهذا من بعض الآيات التي في صحيح مسلم: «ثلاث إذا خرجن لم ينفع نفس إيمانها لم تكن آمنت، الدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها»، والدجال جعله إذا خرج آية من الآيات الكبيرة، لأن الكون يبدأ بالتغير، لهذا أول يوم يخرج فيه يكون كسنة، واليوم الثاني يكون كشهر، واليوم الثالث يكون كأسبوع، ثم تعود الأيام إلى ذلك، لهذا يضطر الناس إلى الإيمان، يوم واحد سنة؟ ليس هذا من باب التأويل، ولهذا قال الصحابة: يا رسول الله كيف نصنع بالصلاة في اليوم الذي كسنة وكشهر وكأسبوع؟ قال:«اقدروا له»، يعني صلوا صلاة سنة في هذا اليوم، والثاني صلوا صلاة أسبوع، على كل حال، هذه من الأمور التي يخبرنا بها رسولنا r يجب علينا أن نؤمن بها، وسوف تقع، ولكن الله أعلم متى تقع نعم.القارئ: [وَقَالَ تَعَالَى [172-173 النِّسَاء] : {لن يستنكف الْمَسِيح أَن يكون عبدا لله وَلَا الْمَلَائِكَة المقربون وَمن يستنكف عَن عِبَادَته ويستكبر فسيحشرهم إِلَيْهِ جَمِيعًا}].الشيخ: الاستنكاف هو أنه يرى أنه فيه عليه غضاضة فلا يقبله، يستنكف من هذا الشيء، كأنه يترفع عنه، الاستكبار الكبر أن يمتنع من امتثال الأمر، وهذا لا يكون لعبد من عباد الله جل وعلا، ما دام الملائكة و المسيح عليه السلام يخضع ويذل لله U ويقر أنه عبد، فغيره من باب أولى، كذلك عباده الصالحون، بل يغتبط العبد بأنه يعبد ربه، ويرى أن هذا من أفضل ما يأتيه، كونه عبدا لله، وإضافته إلى ربه كونه عبد الله هذا شرف، نعم.القارئ: [{فَأَما الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات فيوفيهم أُجُورهم ويزيدهم من فَضله وَأما الَّذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذَابا أَلِيمًا وَلَا يَجدونَ لَهُم من دون الله وليا وَلَا نَصِيرًا} وَقَالَ تَعَالَى [60 غَافِر] : {وَقَالَ ربكُم ادْعُونِي أَسْتَجِب لكم إِن الَّذين يَسْتَكْبِرُونَ عَن عبادتي سيدخلون جَهَنَّم داخرين} وَقَالَ تَعَالَى [37-38 فصلت] : {وَمن آيَاته اللَّيْل وَالنَّهَار وَالشَّمْس وَالْقَمَر لَا تسجدوا للشمس وَلَا للقمر واسجدوا لله الَّذِي خَلقهنَّ إِن كُنْتُم إِيَّاه تَعْبدُونَ * فَإِن استكبروا فَالَّذِينَ عِنْد رَبك يسبحون لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار وهم لَا يسأمون}].الشيخ: قوله: {والذين عند ربك}، عند هذه تدل على المكان، عند ربك، والمقصود هم الملائكة، ومعنى ذلك أن الملائكة أقرب إلى الله منا، ممن في الأرض، ويدل على أن الله جل وعلا أنه فوق، وأن الملائكة الذين في السماء يكنون أقرب إليه من الذين يكونون في الأرض، فيسبحون له بالليل والنهار وهم لا يفترون، لا يفترون من التسبيح دائما، وتسبيحهم كأنه مثل النفس الذي ألهمنا إياه فإذا وقف النفس مات الإنسان، هم كذلك، كانت حياتهم، بل أكلهم وشربهم هو التسبيح، يسبحون الليل والنهار لا يفترون، وكذلك أهل الجنة يلهمون التسبيح كما يلهمون النفس، ويكون ذلك من النعيم نعم.القارئ: [وَقَالَ تَعَالَى [205-206 الْأَعْرَاف] : {وَاذْكُر رَبك فِي نَفسك تضرعا وخيفة وَدون الْجَهْر منالقَوْل بِالْغُدُوِّ وَالْآصَال وَلَا تكن من الغافلين * إِن الَّذين عِنْد رَبك لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَن عِبَادَته ويسبحونه وَله يَسْجُدُونَ} .وَهَذَا وَنَحْوه مِمَّا فِيهِ وصف أكَابِر الْخلق بِالْعبَادَة وذم من خرج عَن ذَلِك مُتَعَدد فِي الْقُرْآن وَقد أخبر أَنه أرسل جَمِيع الرُّسُل بذلك].الشيخ: هذا الأمر الذي يشير إليه المؤلف رحمه الله عجبا أنه يحتاج إلى استدلال، لأنه يقصد بذلك أن هؤلاء قالوا: إننا خرجنا عن مقتضى العبودية، ووصلنا إلى حد قد سقطت عنا التكاليف والعبادات فلا نعبد، لأننا قد وصلنا إلى الحقيقة، هل هذا يحتاج إلى أن يستدل عليه؟ إنه ضلال بين واضح، لكن قد مثلا ينطلي على بعض الجهلة، بعض الناس الذين يحسنون الظن بهؤلاء فيصدقونه، ولهذا أكثر الاستدلال على ذلك نعم.القارئ: [فَقَالَ تَعَالَى [25 الْأَنْبِيَاء] : {وَمَا أرسلنَا من قبلك من رَسُول إِلَّا نوحي إِلَيْهِ أَنه لَا إِلَه إِلَّا أَنا فاعبدون} وَقَالَ تَعَالَى [36 النَّحْل] : {وَلَقَد بعثنَا فِي كل أمة رَسُولا أَن اعبدوا الله وَاجْتَنبُوا الطاغوت} وَقَالَ تَعَالَى لبنى إِسْرَائِيل [56 العنكبوت] : {يَا عبَادي الَّذين آمنُوا إِن أرضي وَاسِعَة فإياي فاعبدون} [41 الْبَقَرَة] : {وإياي فاتقون} وَقَالَ [21 الْبَقَرَة] : {يَا أَيهَا النَّاس اعبدوا ربكُم الَّذِي خَلقكُم وَالَّذين من قبلكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون} وَقَالَ [56 الذاريات] : {وَمَا خلقت الْجِنّ وَالْإِنْس إِلَّا ليعبدون} وَقَالَ تَعَالَى [11-15 الزمر] : {قل إِنِّي أمرت أَن أعبد الله مخلصا لَهُ الدَّين * وَأمرت لِأَن أكون أول الْمُسلمين * قل إِنِّي أَخَاف إِن عصيت رَبِّي عَذَاب يَوْم عَظِيم * قل الله أعبد مخلصا لَهُ ديني * فاعبدوا مَا شِئْتُم من دونه} .وكل رَسُول من الرُّسُل افْتتح دَعوته بِالدُّعَاءِ إِلَى عبَادَة الله كَقَوْل نوح وَمن بعده عَلَيْهِم السَّلَام فِي سُورَة الشُّعَرَاء وَغَيرهَا [59 الْأَعْرَاف] : {اعبدوا الله مَا لكم من إِلَه غَيره} .وَفِي " الْمسند " عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: «بعثت بِالسَّيْفِ بَين يدى السَّاعَة حَتَّى يُعبد الله وَحده لَا شريك لَهُ وَجعل رِزْقِي تَحت ظلّ رُمْحِي وَجعل الذلة وَالصغَار على من خَالف أمرى».وَقد بَين أَن عباده المخلصين هم الَّذين ينجون من السَّيِّئَات الَّتِي زيّنها الشَّيْطَان قَالَ الشَّيْطَان [39-40 الْحجر] : {قَالَ رب بِمَا أغويتني لأزينن لَهُم فِي الأَرْض ولأغوينهم أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادك مِنْهُم المخلصين} قَالَ تَعَالَى [41-42 الْحجر] : {هَذَا صِرَاط عَليّ مُسْتَقِيم * إِن عبَادي لَيْسَ لَك عَلَيْهِم سُلْطَان إِلَّا من اتبعك من الغاوين} وَقَالَ [82-83 ص] : {فبعزتك لأغوينهم أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادك مِنْهُم المخلصين} وَقَالَ فِي حق يُوسُف [24 يُوسُف] : {كَذَلِك لنصرف عَنهُ السوء والفحشاء إِنَّه من عبادنَا المخلصين} وَقَالَ تَعَالَى [159-160 الصافات] : {سُبْحَانَ الله عَمَّا يصفونَ * إِلَّا عباد الله المخلصين} وَقَالَ تَعَالَى [99-100 النَّحْل] : {إِنَّه لَيْسَ لَهُ سُلْطَان على الَّذين آمنُوا وعَلى رَبهم يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانه على الَّذين يتولونه وَالَّذين هم بِهِ مشركون} .وبالعبودية نعت كل من اصْطفى من خلقه فِي قَوْله [45-47 ص] : {وَاذْكُر عبادنَا إِبْرَاهِيم وَإِسْحَاق وَيَعْقُوب أولي الْأَيْدِي والأبصار * إِنَّا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدَّار * وَإِنَّهُم عندنَا لمن المصطفين الأخيار} وَقَوله [17 ص] : {وَاذْكُر عَبدنَا دَاوُد ذَا الأيد إِنَّه أواب} . وَقَالَ عَن سُلَيْمَان [30 ص] : {نعم العَبْد إِنَّه أواب} . وَعَن أَيُّوب [44 ص] : {نعم العَبْد} . وَقَالَ عَنهُ [41 ص] : {وَاذْكُر عَبدنَا أَيُّوب إِذْ نَادَى ربه} . وَقَالَ عَن نوح عَلَيْهِ السَّلَام [3 الْإِسْرَاء] : {ذُرِّيَّة من حملنَا مَعَ نوح إِنَّه كَانَ عبدا شكُورًا} . وَقَالَ عَن خَاتم رسله [1 الْإِسْرَاء] : {سُبْحَانَ الَّذِي أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا من الْمَسْجِد الْحَرَام إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى} - وَهُوَ أولى الْقبْلَتَيْنِ، وَقد خصّه الله بِأَن جعل الْعِبَادَة فِيهِ بخمسمئة ضعف، وَالْمَقْصُود بمضاعفة الْحَسَنَات هُوَ الْمَسْجِد الَّذِي حرقه الْيَهُود، عَلَيْهِم لعنة الله، ويظن الْبَعْض أَن الْمَسْجِد الْأَقْصَى هُوَ الصَّخْرَة والقبة المحيطة بهَا، وَلَيْسَ كَذَلِك - وَقَالَ [19 الْجِنّ] : {وَأَنه لما قَامَ عبدالله يَدعُوهُ} وَقَالَ [23 الْبَقَرَة] : {وَإِن كُنْتُم فِي ريب مِمَّا نزلنَا على عَبدنَا} وَقَالَ [10 النَّجْم] : {فَأوحى إِلَى عَبده مَا أوحى} وَقَالَ [6 الْإِنْسَان] : {عينا يشرب بهَا عباد الله} وَقَالَ [63 الْفرْقَان] : {وَعباد الرَّحْمَن الَّذين يَمْشُونَ على الأَرْض هونا} وَمثل هَذَا كثير مُتَعَدد فِي الْقُرْآن].الشيخ: كون كل أحد عبدا لله جل وعلا لا يحتاج إلى استدلال لهذا، ولكن قد يخفى عند بعض الناس هذا لإحسان الظن بمن يقول خلاف هذا، فيحتاج إلى أن يبين له ويستدل على ذلك بالأدلة الظاهرة مثل هذه الأدلة التي ذكرها من كتب الله جل وعلا وسنة رسوله، وكل مخلوق لا يخرج عن العبادة كما سيأتي، إما أن تكون العبادة عبادة عن اختيار أو مقدرة، أو عبادة قهر وجريان القدر عليه، وإن لم يكن مكلف بذلك، هذا كل ما في السماء والأرض سواء كان عاقلا أو غير عاقل نعم.القارئ: [إِذا تبين ذَلِك فمعلوم أَن النَّاس يتفاضلون فِي هَذَا الْبَاب تفاضلا عَظِيما وَهُوَ تفاضلهم فِي حَقِيقَة الْإِيمَان وهم ينقسمون فِيهِ إِلَى عَام وخاص وَلِهَذَا كَانَت إلهية الرب لَهُم فِيهَا عُمُوم وخصوص].الشيخ: هذا يحتاج إلى تفصيل، كونهم ينقسمون الناس يتفاوتون في هذا تفاضل كبير جدا، يعني في أصل الإيمان وليس في العمل فقط، يعني في نفس الإيمان بعضهم إيمانه وتصديقه لا يقبل الشك، لو شكك ما شك، وبعضهم يكون دون هذا، وبعضهم يحتاج إلى تثبيت ولو شكك لشك، ثم العمل، إذا جاء العمل فإنه يثبت الإيمان ويزيده، وكل ما كثر العمل ازداد الإيمان، كما قال الصحابة: إننا إذا عملنا بطاعة الله ازددنا عملا، وإذا غفلنا وسهينا نقص إيماننا، يعني زدنا إيمانا، وإذا غفلنا وسهينا نقص إيماننا، وهكذا كل ما الإنسان عمل بطاعة الله، فإنه يتمكن الإيمان في قلبه، أما قولهم: الربوبية تكون عامة وخاصة، العامة لكل شيء، فالله جل وعلا، معنى الربوبية هي الملك والتصرف، فالله يملك كل شيء ويتصرف فيه، ما أحد يملك مع الله شيء فهذه عامة في كل شيء، ولكن الربوبية الخاصة، هي أن يخص الله U عبده بربوبية خاصة بحيث أنه يجعله مطيعا متبعا للحق محبا له مريدا له، فهذه ربوبية خاصة، ومنة من الله جل وعلا بها على عباده، وهذه أيضا تتفاوت، بعض الناس أكمل ربوبية من بعض و أكمل عبادة من بعض، وكل ذلك بيد الله جل وعلا نعم.القارئ: [وَلِهَذَا كَانَ الشّرك فِي هَذِه الْأمة " أخْفى من دَبِيب النَّمْل ". وَفِي " الصَّحِيح " عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: « تعس عبد الدِّرْهَم تعس عبد الدِّينَار تعس عبد القطيفة تعس عبد الخميصة تعس وانتكس وَإِذا شيك فَلَا انتقش إِن أعطي رَضِي وَإِن منع سخط »].الشيخ: تعس معنى التعاسة، تعس فعلا أيش؟ ماضي خبر، يجوز أن يكون خبر من الرسول r يخبر أن من كانت هذه صفته فمآله التعاسة، والسقوط والخسارة، ومعنى تعس يعني أنه سقط في مسيره وفي مشيه، وانتكث، يعني أنه سقط وانتكس على رأسه، هذا عبارة أن أمره لا يتم، بل سوف يأتيه عكس ما أراد، لأنه صار عبدا لمخلوق، وعبدا لشهوته أو عبدا لدرهمه وديناره، أو عبده لملبوسه وموطوئه، أو غير ذلك، وقوله: «تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش»، يعني إذا وقع في شدة ما خرج منها، وشيك يعني دخلت الشوكة في قدمه، وانتقش يعني ما وجد ما ينقش الشوكة ويخرجها، وهو عبارة أنه إذا وقع في أمر شديد أنه لا يتخلص منه لأنه هذا من عقابه، حيث أعرض عن الله وصار يعبد غير الله، أو يكون المقصود أنه دعاء، يصح أن يكون خبر قوله: تعس إلى آخره، ويصح أن يكون دعاء عليه، ومن دعا عليه الرسول r فهو يسحق أن فعل به ذلك، فدعوته غالبا أنها تكون مستجابة، وأما الدينار والدرهم، الدينار قطعة ذهب سواء كانت مضروبة ولا غير مضروبة، والدرهم قطعة فضة، هذا كان قديما، أصبح الآن تغيرت الأحوال، أما القطيفة، فالقطيفة هي التي تفرش وتوطأ ويجلس عليها، وأما الخميصة فهي الملبوس، الثوب الذي يلبس، فمعنى ذلك أنه يعمل للدنيا، فمن كان عمله للدنيا، فجزائه هكذا ما ذكره، ولهذا قال: إن أعطي رضي، يعني إن حصلته الدنيا رضي واستمر في العمل، وإن لم تحصل له سخط وتركه، ولهذا جاء في تمام الحديث: « طوبى لرجل آخذ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأسه مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يشفع»، هذا من المدح ولا من الذم؟ لماذا كان مدح؟ أولا قوله: طوبى لعبد، طوبى كلمة ثناء ومدح، وقيل: إن طوبى شجرة في الجنة، يعني أنها استحقها، قوله: «آخذ بعنان فرسه»، يعني أنه مشغول بهذا الأمر مجتهد، ولهذا قال: « أشعث رأسه مخبرة قدماه، يعني ما عنده وقت وفضاء حتى يغسل رأسه ويسرحه، بل ينتهز الفرصة يخاف أنه يفوته الأمر، هو مجتهد غاية الاجتهاد، قوله: «إن كان في الحراسة كان في الحراسة»، الحراسة هي أشد المواقف، ذلك أن الجيش إذا آواه الليل واستراح يحتاج إلى من يحرس، والحراسة يحتاج إلى تنبه فيها، كان في الحراسة، يعني قام فيها المقام الذي ينبغي أن يكون فيه، لا يؤتى من قبله، والساقة كذلك والساقة هي مؤخرة الجيش، ولهذا أن العدو يكون خلق حتى يأخذ الضعفاء تحتاج إلى حراسة، آخر الجيش، فيقوم في هذا المقام، يعني يقوم القيام اللازم لا يؤتى من قبله، وقوله: «إذا استأذن لم يؤذن له»، يعني أنه لا يعمل لأجل الناس، حتى يروا مقامه، ولهذا لا يكون معروفا عند ا لأمراء والكبراء، إذا استأذن عليهم لا يأذنوا له، ليس معروفا، ليس له عندهم قيمة، لأن عمله لله، لا يعمل لأنظار الناس، وإذا شفع لا يشفع لأجل ذلك.القارئ: [فَسَماهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عبد الدِّرْهَم وَعبد الدِّينَار وَعبد القطيفة وَعبد الخميصة].الشيخ: يعني من يعمل للشيء يكون عبدا له نعم.القارئ: [وَذكر مَا فِيهِ دُعَاء وخبرًا وَهُوَ قَوْله: " تعس وانتكس وَإِذا شيك فَلَا انتقش " والنقش إِخْرَاج الشَّوْكَة من الرجل والمنقاش مَا يخرج بِهِ الشَّوْكَة.وَهَذِه حَال من إِذا أَصَابَهُ شَرّ لم يخرج مِنْهُ وَلم يفلح لكَونهتعس وانتكس فَلَا نَالَ الْمَطْلُوب وَلَا خلص من الْمَكْرُوه وَهَذِه حَال من عبد المَال وَقد وصف ذَلِك بِأَنَّهُ إِذا أعطي رَضِي وَإِن منع سخط كَمَا قَالَ تَعَالَى [58 التَّوْبَة] : {وَمِنْهُم من يَلْمِزك فِي الصَّدقَات فَإِن أعْطوا مِنْهَا رَضوا وَإِن لم يُعْطوا مِنْهَا إِذا هم يسخطون} فرضاهم لغير الله وسخطهم لغير الله.وَهَكَذَا حَال من كَانَ مُتَعَلقا برئاسة أَو بِصُورَة - وَنَحْو ذَلِك من أهواء نَفسه - إِن حصل لَهُ رَضِي وَإِن لم يحصل لَهُ سخط].الشيخ: ما معنى أنه تعلق بصورة؟ الصورة إما صورة امرأة، أو صبي أو ما أشبه ذلك يعني عشق شيء ومعلوم أن العشق مرض، ويصبح يعني يؤثر هذا الشيء على دينه وعلى كل شيء، يتعلق بشيء يتعلق هواه به، والغالب أنه يتعلق كلمة تعلق، ويقصد بها عمل القلب، لا عمل الجوارح، يعني تعلق قلبه بهذا الشيء، ومن تعلق قلبه بغير الله صار عابدا لذلك الذي تعلق به، نعم.القارئ: [فَهَذَا عبد مَا يهواه من ذَلِك وَهُوَ رَقِيق لَهُ إِذْ الرّقّ والعبودية فِي الْحَقِيقَة هُوَ رق الْقلب وعبوديته فَمَا اسْترق الْقلب واستعبده فَهُوَ عَبده.وَلِهَذَا يُقَال:العَبْد حر مَا قنع ... وَالْحر عبد مَا طمعوَقَالَ الشَّاعِر:أطعتُ مطامعي فاستعبدتني ... وَلَو أَنِّي قنعت لَكُنْت حرًّاوَيُقَال: الطمع غل فِي الْعُنُق قيد فِي الرجل فَإِذا زَالَ الغل من الْعُنُق زَالَ الْقَيْد من الرجل].الشيخ: المشكلة أن الإنسان قد مثلا يتعلق قلبه الشيء، ولا يستطيع أن يتخلص منه، ثم يكون هلاكه على ذلك، وذكر عبد الحق الإسبيلي في كتابه العاقبة، أن رجلا كان واقف في الشارع فجاءت امرأة تبحث عن حمام يقال حمام منجاب، قال: أين الحمام، فأشار إلى بابه وكان مفتوح وهو واقف عند الباب، فدخلت فدخل خلفها، لما رأيت أنها وقعت في مهلكة وأنه خانها أظهرت الموافقة، وقال: ينبغي لنا أن تأتي بشيء، أو هكذا وصف، قال: الآن آتيك بشيء، فذهب وترك الباب فخرجت ولم تخنه خلصت نفسها، لما جاء لم يجدها فهام بها، وصار يبحث ثم مرض، فصار يردد قوله: رب قائلة يوما وقد تعبت أين الطريق إلى حمام منجاب؟ فمرض وجاءه الموت وصاروا يقولون له: قل لا إله إلا الله، فصار يردد هذا البيت فقبض: هذا نسأل الله العافية، فصار قلبه معبدا بهذه المرأة، ثم ما تحصل على شيء وإنما تحصل على الخسارة.والله أعلم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله. | |
|
| |
abdelwahab ديري عتيق
الساعة : عدد المساهمات : 118 نقاط : 247 التقيم : 3 تاريخ الميلاد : 19/05/1991 تاريخ التسجيل : 25/04/2012 العمر : 33
| |
| |
abdelwahab ديري عتيق
الساعة : عدد المساهمات : 118 نقاط : 247 التقيم : 3 تاريخ الميلاد : 19/05/1991 تاريخ التسجيل : 25/04/2012 العمر : 33
| موضوع: رد: شرح رسالة العبودية الأربعاء مايو 02, 2012 6:48 am | |
| الشيخ: لأن هذا الأصل وهو غض البصر وحفظ الفرج أصل، إذا تمسك به العبد نجا من أمور كثيرة، وعوضه الله جل وعلا نورا في بصره وبصيرته نعم.
القارئ: [وَقَالَ تَعَالَى [21 النُّور] : {وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم وَرَحمته مَا زكى مِنْكُم من أحد أبدا} فَجعل سُبْحَانَهُ غض الْبَصَر وَحفظ الْفرج هُوَ أقوى تَزْكِيَة للنَّفس وَبَين أَن ترك الْفَوَاحِش من زَكَاة النُّفُوس وَزَكَاة النُّفُوس تَتَضَمَّن زَوَال جَمِيع الشرور من الْفَوَاحِش وَالظُّلم والشرك وَالْكذب وَغير ذَلِك.
وَكَذَلِكَ طَالب الرِّئَاسَة والعلو فِي الأَرْض قلبه رَقِيق لمن يُعينهُ عَلَيْهَا].
الشيخ: هذا عطفا على ما سبق أن القلب يجب أن يكون سليما لله، ويجب ألا يتعلق بغير الله جل وعلا، لا من مال ولا من مخلوق، وهنا هذه المعاني، لأن التعلق قد يكون بعين، عين معينة، إما امرأة أو صبي، أو يكون بمال معين، والمعنى الثاني: أن يكون بمعنى يتعلق بمعاني بالرئاسة والعلو في الأرض، وكونه يكون مثلا مقدما للناس، وله تصرف وله أمر ونهي، فإن هذه من الأمراض أيضا، الأمراض التي قد لا يتحملها كل إنسان، إذا وصل إلى هذا تكبر وطغى وتكبر، كما قال جل وعلا: {كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى}، والاستغناء يعني أنه يصل إلى شيء من هذا الحد، وهذا يسمى الشهوة الخفية، الشهوة الخفية هي الرئاسات والمناصب الكبيرة التي يرتفع بها عن الناس، وهذه قد لا يحتملها كل إنسان، بعض الناس إذا وصل إليها تصور أنها وصل إلى الغاية، أنه يجب أنه يعظم وأنه تكون فتنة له، نعم، وكل هذا مدعاة لترك الحق، ولهذا تجد مثلا في دعوات الرسل، أن الذين يردون عليهم الملأ، من هم الملأ؟ الملأ الذي تملئ مناظرهم المناظر، أصحاب الأبهات، أصحاب الرئاسات الذين لهم مقام ولهم كلمة، كل الرسول قال: الملأ، الكبراء والذين لهم قادة، وهم الذين يقفون في وجه الحق غالبا، نعم.
القارئ: [وَلَو كَانَ فِي الظَّاهِر مقدمهم والمطاع فيهم فَهُوَ فِي الْحَقِيقَة يرجوهم ويخافهم فيبذل لَهُم الْأَمْوَال والولايات ويعفوا عَمَّا يجترحونه ليطيعوه ويعينوه فَهُوَ فِي الظَّاهِر رَئِيس مُطَاع وَفِي الْحَقِيقَة عبد مُطِيع لَهُم.
وَالتَّحْقِيق أَن كِلَاهُمَا فِيهِ عبودية للْآخر وَكِلَاهُمَا تَارِك لحقيقة عبَادَة الله وَإِذا كَانَ تعاونهما على الْعُلُوّ فِي الأَرْض بِغَيْر الْحق كَانَا بِمَنْزِلَة المتعاونين على الْفَاحِشَة أَو قطع الطَّرِيق فَكل وَاحِد من الشخصين لهواه الَّذِي استعبده واسترقه مستعبد للْآخر.وَهَكَذَا أَيْضا طَالب المَال فَإِن ذَلِك يستعبده ويسترقه.
وَهَذِه الْأُمُور نَوْعَانِ:
مِنْهَا مَا يحْتَاج العَبْد إِلَيْهِ كَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ من طَعَامه وَشَرَابه ومسكنه ومنكحه وَنَحْو ذَلِك فَهَذَا يَطْلُبهُ من الله ويرغب إِلَيْهِ فِيهِ فَيكون المَال عِنْده يَسْتَعْمِلهُ فِي حَاجته بِمَنْزِلَة حِمَاره الَّذِي يركبه وبساطه].
الشيخ: كيف يعني من يكون بهذه المثابة؟ يكون المال يكون بمنزلة الحمار الذي يركبه ما يتعلق قلبه به، هل يتعلق قلبه بالحمار؟ سيأتي أنه يكون بمنزلة الفراش الذي يطئه بقدمه ويجلس عليه، هل فيه عاقل يتعلق قلبه مثلا بهذا الشيء؟ وسيأتي أنه يكون بمنزلة الكنيف الذي يقضي فيه حاجته، وهذا معناه أنه لا يجوز أن يكون للمال في القلب محل، لأنه اتخذ لقضاء الحاجة، ولسد الفقر وهو به يعبد ربه، ما يتعلق قلبه به، ولهذا الذي لا يصلون إلى هذا الأمر لا تجد عندهم شيء، تجدهم يقدمونه لأنفسهم، فإذا أمسك المال قد يكون ضارا، وإذا أنفق يكون نافعا، وأفضل الخلق رسولنا r، كان إذا عهد في بيته شيء يخفف الصلاة حتى يذهب يقسمه، كما جاء في الصحيح، أنه صلى ثم قام بسرعة وتخطى الناس، لأجل بيضة، فلما سألوه قال: «ذكرت شيئا من التبر في البيت فكرهت أنه يبقى»، يذهب يقسمه ويفرقه، ومات صلوات الله وسلامه عليه ودرعه مرهونة بآصاع لأهل صاع من شعير، مرهونة عند يهودي، فكان صلوات الله وسلامه عليه يدعوا ربه يكون جزئه قوت، يجوع يوما فيدعوا ربه، يشبع يوما فيشكر ربه، وتقول عائشة t: أنه يمر الشهر والشهران ما أوقدت النار في بيت رسول الله، وفي رواية: في بيوت رسول الله r، وكان له تسعة بيوت، لأن كل زوجة لها بيت، قال لها من سمعها: ما تأكلون؟ قالت: الأسودان التمر والماء، ولا يتيسر لك حال، جاءه مرة ضيف ذهب به وأتى إلى إحدى بيوته قال: «أعندكم شيء؟ »، قالوا: ما عندنا شيء، ثم ذهب إلى البيت الثاني والثالث والرابع، وكل واحدة تقول: ما عندنا شيء، فقال: «من يضيف ضيف رسول الله r»، ما عنده شيء، أفضل الخلق صلوات الله وسلامه عليه، ولهذا لما دخل عمر t مرة عليه وهو نائم على حصير من سعف النخل، هذا فراشه، نظر إليه قد أثر في جنبه صلوات الله وسلامه عليه، ثم نظر في البيت ما رأى شيء فبكى، قال: «ما يبكيك»، قال: أنت رسول الله، وفارس والروم ينعمون في نعيم الدنيا، وهذا بيتك ليس فيه شيء، وهذا فراشك الحصير أثر في جنبك، فقال: «أوفي شك أنت؟ لهم الدنيا ولنا الآخرة»، وقال: «مالي وللدنيا إن مثلي كمثل راكب قال تحت ظل دوحة ثم ذهب وتركها»، الدوحة الشجرة التي لها ظل، نظر إليه مرة جابر بن عبد الله وهو يعمل معهم في حفر الخندق، إذا تعسر عليهم شيء دعوه، فاعترضت لهم كدية يعني صفا ما استطاعوا يقطعوه، فقالوا: يا رسول الله هذه كدية، قال: «أنا نازل»، فنزل وهو حازم بطنه بحجر، حازم عليه حجر، نظر إليه جابر قال: ليس على هذا صبر، استأذنه قال: ائذن لي أنصرف إلى أهلي، وقصده يذهب ينظر هل عنده شيء أم لا؟ لأنهم الصحابة أيضا قد لا يكون عندهم شيء، ذهب إلى زوجته وقال: هل عندك شيء، قالت: عندي صاع من شعير لم يطحن، وعندنا بهمة، بهمة صغيرة، فذهب فذبح البهمة وقال: اطحني الشعير وسوف أدعوا رسول الله r واثنين معا، يعني طعام ثلاثة، فذهب إلى الرسول r وأخبره قال: تذهب معي أنت واثنين معي، ماذا صار؟ أمر r من ينادي منادي إن جابر ابن عبد الله يدعوكم للطعام، لأن الصحابة كلهم محتاجون، كيف يصنع؟ طعام ثلاثة والجيش كله يأتي إلى البيت، فلما قرب من البيت أسرع إلى زوجته وكانت عاقلة، قال لها: أتاك رسول الله والمسلمون ماذا تصنعين؟ قالت: هل علمته؟ قال: نعم، قالت: ثم عليك هو أعلم، فلما جاء دخل قال: تفل في العجين وتفل في البرمة التي فيها اللحم وهي تطهو على النار ودعا ثم قال: قدموا لي كل عشرة، فصاروا يخبزون ويقدمون، حتى شبعوا عن آخرهم وبقي كما هو كأنه لم يؤخذ منه شيء، هذا شيء إذا طلب من الله شيء أعطاه، ومع ذلك لا يطلب، لأن الدنيا لا تساوي شيئا، فلهذا الصحابة أخذوا من هذه الأخلاق التي كان يتخلق بها صلوات الله وسلامه عليه، المقصود أن هذه حالة أشرف خلق الله، وهذه صفته، الدنيا لا تساوي عنده شيء، حتى أنه أحيانا إذا تحصل على غنائم يعطي الرجل مائة من الإبل، الرجل الواحد، وأحيانا مائتين وأحيانا ثلاثمائة، ولكن عطاؤه لله جل وعلا، يعطي الذي إذا أعطي يرغبه في الإسلام يسلم قومه، إذا أسلم، أسلم قومه، على كل حال، نقول: إن الإنسان في هذه الدنيا المؤمن يجب ألا يتعلق قلبه إلا بربه جل وعلا، وإذا كان كذلك فهو الغني، الذي سوف يحمد عاقبته، ولا يجوز أن يكون المال مستعبدا له، وفي وقتنا الحاضر الآن كثير من الناس صاروا يعبدون الدنيا، ويعرضون عن أمر الله جل وعلا، ويقدمون ملاذهم ويقدمون أموالهم على طاعة الله جل وعلا، وسوف يندمون، ولكن إذا كانت الندامة عندما يعاينون رسل الله التي تقبض الأرواح فهذه مصيبة، إذا من الله عليهم جل وعلا واستدركوا ما هم فيه فهذا فضل الله نعم.
القارئ: [فَيكون المَال عِنْده يَسْتَعْمِلهُ فِي حَاجته بِمَنْزِلَة حِمَاره الَّذِي يركبه وبساطه الَّذِي يجلس عَلَيْهِ بل بِمَنْزِلَة الكنيف الَّذِي يقْضى فِيهِ حَاجته من غير أَن يستعبده].
الشيخ: الكنيف الذي يقضي فيه حاجته، المال يكون بهذه المنزلة، يعني أنه إذا احتاج إلى حاجته قضاها وإلا ما يتعلق قلبه بها نعم.
القارئ: [فَيكون {هلوعا * إِذا مَسّه الشَّرّ جزوعا * وَإِذا مَسّه الْخَيْر منوعا} [19-21 المعارج] .
وَمِنْهَا مَا لَا يحْتَاج العَبْد إِلَيْهِ فَهَذَا لَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يعلق قلبه بِهِ فَإِذا علق قلبه بِهِ صَار مستعبَدا لَهُ].
الشيخ: ليس معنى ذلك أنه يزهد في المال، المال للرجل الصالح صالح، نعم المال الصالح للرجل الصالح، ولكن يجب أن يكون طلبه من الله، وإذا حصل له مال أن يعمل فيه بطاعة الله جل وعلا، فيكون رفعة لدرجاته، وإذا تأملنا القرآن، وإذا فيه تقديم الجهاد للمال في جميع آيات القرآن، إلا آية واحدة فقط، جاءت في القرآن، وهي ليست على غرار الآية الأخرى، لأنها ذكرت فيها المبايعة: {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم}، فلما جاء الشرى قدمت الأنفس لأنها أغلى من المال، أما بقية الآيات التي فيها الأمر بالجهاد، فالمال مقدم على الجهاد بالنفس، فلابد منه، ولكن يجب أن يكون طلبه من الطرق التي أذن الله عز وجل بها، ويجب أن يتقي الإنسان في ذلك، ولا يستعبد المال قلبه، وليس معنى ذلك أن المال لا ينبغي، والإنسان لا ينبغي أن يكون عنده المال لا، ولكن لا ينبغي أن يستولي المال على قلبه نعم.
القارئ: [وَرُبمَا صَار مُعْتَمدًا على غير الله فَلَا يبْقى مَعَه حَقِيقَة الْعِبَادَة لله وَلَا حَقِيقَة التَّوَكُّل عَلَيْهِ بل فِيهِ شُعْبَة من الْعِبَادَة لغير الله وَشعْبَة من التَّوَكُّل على غير الله وَهَذَا من أَحَق النَّاس بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: « تعس عبد الدِّرْهَم تعس عبد الدِّينَار تعس عبد القطيفة تعس عبد الخميصة»، وَهَذَا هُوَ عبد هَذِه الْأُمُور فَإِنَّهُ لَو طلبَهَا من الله فَإِن الله إِذا أعطَاهُ إِيَّاه رَضِي وَإِن مَنعه إِيَّاه سخط وَإِنَّمَا عبد الله من يرضيه مَا يُرْضِي الله ويسخطه مَا يسْخط الله وَيُحب مَا أحبه الله وَرَسُوله وَيبغض مَا أبغضه الله وَرَسُوله ويوالي أَوْلِيَاء الله ويعادي أَعدَاء الله تَعَالَى وَهَذَا هُوَ الَّذِي اسْتكْمل الْإِيمَان كَمَا فِي الحَدِيث: « من أحب لله وَأبْغض لله وَأعْطى لله وَمنع لله فقد اسْتكْمل الْإِيمَان ». وَقَالَ: « أوثق عرى الْإِيمَان الْحبّ فِي الله والبغض فِي الله ».
وَفِي " الصَّحِيح " عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: « ثَلَاث من كن فِيهِ وجد حلاوة الْإِيمَان: من كَانَ الله وَرَسُوله أحب إِلَيْهِ مِمَّا سواهُمَا وَمن كَانَ يحب الْمَرْء لَا يُحِبهُ إِلَّا لله وَمن كَانَ يكره أَن يرجع إِلَى الْكفْر بعد إِذا أنقذه الله مِنْهُ كَمَا يكره أَن يلقى فِي النَّار ». فَهَذَا وَافق ربه فِيمَا يُحِبهُ وَمَا يكرههُ فَكَانَ الله وَرَسُوله أحب إِلَيْهِ مِمَّا سواهُمَا وَأحب الْمَخْلُوق لله لَا لغَرَض آخر فَكَانَ هَذَا من تَمام حبه لله فَإِن محبَّة مَحْبُوب المحبوب من تَمام محبَّة المحبوب فَإِذا أحب أَنْبيَاء الله وأولياء الله لأجل قيامهم بمحبوبات الْحق لَا لشَيْء آخر فقد أحبهم لله لَا لغيره وَقد قَالَ تَعَالَى [54 الْمَائِدَة] : {فَسَوف يَأْتِي الله بِقوم يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّة على الْمُؤمنِينَ أعزة على الْكَافرين} .
وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى [31 آل عمرَان] : {قل إِن كُنْتُم تحبون الله فَاتبعُوني يحببكم الله} فَإِن الرَّسُول لَا يَأْمر إِلَّا بِمَا يحب الله وَلَا ينْهَى إِلَّا عَمَّا يبغضه الله وَلَا يفعل إِلَّا مَا يُحِبهُ الله وَلَا يخبر إِلَّا بِمَا يحب الله التَّصْدِيق بِهِ.
فَمن كَانَ محبا لله لزم أَن يتبع الرَّسُول فيصدقه فِيمَا أخبر ويطيعه فِيمَا أَمر ويتأسى بِهِ فِيمَا فعل وَمن فعل هَذَا فقد فعل مَا يُحِبهُ الله فَيُحِبهُ الله.
وَقد جعل الله لأهل محبته علامتين: اتِّبَاع الرَّسُول وَالْجهَاد فِي سَبيله وَذَلِكَ لِأَن الْجِهَاد حَقِيقَة الِاجْتِهَاد فِي حُصُول مَا يُحِبهُ الله من الْإِيمَان وَالْعَمَل الصَّالح وَمن دفع مَا يبغضه الله من الْكفْر والفسوق والعصيان].
الشيخ: الجهاد أمره واسع، لأن الجهاد قد يكون جهاد للنفس، وهذا شيء لابد منه، أن يجاهد نفسه ويجاهد الشيطان، ويجاهد فيما ولاه الله إياه، وسيسأله عنه، هذا أهم شيء، وكذلك المحبة لابد أن يكون أصلها محبة الله جل وعلا، ثم يتبعها محبة ما يحبه الله جل وعلا، لأن هذا من كمالها، من كمال محبة الله، لهذا جمع بين محبته ومحبة رسوله r، لأن محبة الرسول r تبعا لمحبة الله جل وعلا، وليست محبة مع الله، وإنما هي محبة مكملة لمحبة الله جل وعلا، هي محبة لله وفي الله، وهكذا محبة ما يحبه الله جل وعلا، وأما أنه لابد أن يكون مثلا محبا لما أحبه فيكون علامة إتباع الرسول أولا، والثانية: الجهاد، لأنه قال: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله}، فإتباع الرسول لابد فيه من جهاد، والجهاد أول شيء أن يجاهد نفسه على طاعات الله، ويجاهدها على الوقوع في معاصي الله، وهذا من أهم الجهاد في هذا، ثم يقوم بالشيء الذي يجب عليه مما هو لازم إلى أن يكون جهاد الكفار الذي هو من أفضل الجهاد، ولكن هذا الأول قبل كل شيء، نعم.
القارئ: [وَقد قَالَ تَعَالَى [24 التَّوْبَة] : {قل إِن كَانَ آباؤكم وأبناؤكم وَإِخْوَانكُمْ وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إِلَيْكُم من الله وَرَسُوله وَجِهَاد فِي سَبيله فتربصوا حَتَّى يَأْتِي الله بأَمْره} فتوعد من كَانَ أَهله وَمَاله أحب إِلَيْهِ من الله وَرَسُوله].
الشيخ: تمام الآية: {والله لا يهدي القوم الفاسقين}، وهذا يدلنا على أن من كانت هذه صفته، يعني قدم هذه الأمور التي ذكرت هذه الثمانية التي ذكرت في الآية ثمانية أشياء، من كانت هذه أحب إليه من الله ورسوله وجهاد في سبيله، فهو فاسق، فلينتظر ماذا يحل به؟ هذا الذي يعطيه قوله: تربصوا، يعني انتظروا، حتى يأتي الله بأمره، ومعنى ذلك أنه يأتي بعذاب، لأنه قال: {والله لا يهدي القوم الفاسقين}، يعني من كانت هذه صفته فهو من الفاسقين الذين يستحقون ويستوجبون عذاب الله جل وعلا، ولهذا قال: فتوعد الله من كان كذا وكذا، فهو وعيد من الله نعم.
القارئ: [فتوعد من كَانَ أَهله وَمَاله أحب إِلَيْهِ من الله وَرَسُوله وَالْجهَاد فِي سَبيله بِهَذَا الْوَعيد بل قد ثَبت عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي " الصَّحِيح " أَنه قَالَ: « وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا يُؤمن أحدكُم حَتَّى أكون أحب إِلَيْهِ من وَلَده ووالده وَالنَّاس أَجْمَعِينَ ». وَفِي " الصَّحِيح " أَن عمر بن الْخطاب قَالَ: يَا رَسُول الله لأَنْت أحب إِلَيّ من كل شَيْء إِلَّا من نفسى فَقَالَ: « لَا يَا عمر حَتَّى أكون أحب إِلَيْك من نَفسك » فَقَالَ: فوَاللَّه لأَنْت أحب إِلَيّ من نَفسِي فَقَالَ: « الْآن يَا عمر »].
الشيخ: يعني الآن وصلت إلى الواجب، الآن وصلت إلى ما يجب عليك، فهذا يدلنا على أن الإنسان إذا لم يعلم الشيء، ثم اجتهد، ثم بعد ذلك أنه كان مقصرا فيه لأنه لا يعلمه، فإنه غير ملوم، ولكن إذا علم عليه أن يفعل ذلك، وعمر صار في الحال قال: لأنت الآن أحب إلي من نفسي، وهذا الاستعداد موجود، ولكنه ما علم أن هذا هو الذي يتعين، وهذا معناه أنه أمر واجب نعم.
القارئ: [فحقيقة الْمحبَّة لَا تتمّ إِلَّا بموالاة المحبوب وَهُوَ مُوَافَقَته فِي حب مَا يحب وبغض مَا يبغض وَالله يحب الْإِيمَان وَالتَّقوى وَيبغض الْكفْر والفسوق والعصيان].
الشيخ: يعني مستحيل أنه يقول مثلا: أنه يحب الله ثم يبعض ما يحبه الله، هذا كذب لا يمكن، إذا كان يحب الله، لابد أن تكون محابه محبوبات لله، وكذلك ما يبغضه يكون مبغضا له، أما الدعاوي التي يدعيها الناس فهذه لا تجدي شيء، نعم.
القارئ: [وَمَعْلُوم أَن الْحبّ يُحَرك إِرَادَة الْقلب فَكلما قويت الْمحبَّة فِي الْقلب طلب الْقلب فعل المحبوبات فَإِذا كَانَت الْمحبَّة تَامَّة استلزمت إِرَادَة جازمة فِي حُصُول المحبوبات فَإِذا كَانَ العَبْد قَادر عَلَيْهَا حصلها وَإِن كَانَ عَاجِزا عَنْهَا فَفعل مَا يقدر عَلَيْهِ من ذَلِك كَانَ لَهُ أجر كَأَجر الْفَاعِل كَمَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: « من دَعَا إِلَى هدى كَانَ لَهُ من الْأجر مثل أجور من اتبعهُ من غير أَن ينقص من أُجُورهم شَيْء وَمن دَعَا إِلَى ضَلَالَة كَانَ عَلَيْهِ من الْوزر مثل أوزار من اتبعهُ من غير أَن ينقص من أُجُورهم شَيْء »].
الشيخ: وهذا من أجل الله جل وعلا، وليس معنى ذلك أنه يحمل ما لا يعمل، لأن الذين يتعبونه على دعوته في ضلاله عندهم عقول، عندهم أيضا أبصار يجب أن يستعملوها، ولكن إذا وافق قوله هواهم ربما يتبعونه بدون نظر، لا يكون هو فقط مثلا الذي يتحمل الوزر، ولكن مع ذلك يتحمل كثر أوزارهم، وأوزارهم أيضا عليهم، ولهذا قال: «من غير أن ينقص من أوزارهم شيء»، فهذا أمر خطير جدا، لو قالوا:من دعى إلى ضلال، والدعوة إلى ضلال يدخل فيها ليس الدعوة كونه يدعوا الناس، كونه يدعوهم لكذا وكذا، مثل الإفتاء ومثل يقول: هذا أنه جائز وهو ليس متأكد، فإن الله جل وعلا يقول: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب}، مثل هذا يجب أن يتثبت الإنسان فيه ويأخذ لنفسه قبل أن يثبت عليه ما لا يتحمله، نعم.
القارئ: [وَقَالَ: «إِن بِالْمَدِينَةِ لَرِجَالًا مَا سِرْتُمْ مسيرًا وَلَا قطعْتُمْ وَاديا إِلَّا كَانُوا مَعكُمْ " قَالُوا: وهم بِالْمَدِينَةِ؟ قَالَ: " وهم بِالْمَدِينَةِ حَبسهم الْعذر »].
الشيخ: حبسهم العذر، ولكن عندهم النية وعندهم الشوق إلى القتال والجهاد في سبيل الله، وإما، إما مرضوا أو عجزوا عن النفقة نعم.
القارئ: [وَالْجهَاد: هُوَ بذل الوسع - وَهُوَ كل مَا يُمْلَكُ من الْقُدْرَة - فِي حُصُول مَحْبُوب الْحق، وَدفع مَا يكرههُ الْحق. فَإِذا ترك العَبْد مَا يقدر عَلَيْهِ من الْجِهَاد كَانَ دَلِيلا على ضعف محبَّة الله وَرَسُوله فِي قلبه.
وَمَعْلُوم أَن المحبوبات لَا تنَال غَالِبا إِلَّا بِاحْتِمَال المكروهات سَوَاء كَانَت محبَّة صَالِحَة أَو فَاسِدَة فالمحبون لِلْمَالِ والرئاسة والصور لَا ينالون مطالبهم إِلَّا بِضَرَر يلحقهم فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يصيبهم من الضَّرَر فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فالمحب لله وَرَسُوله إِذا لم يحْتَمل مَا يرى ذُو الرَّأْي من المحبين لغير الله مِمَّا يحْتَملُونَ فِي سَبِيل حُصُول محبوبهم دلّ ذَلِك على ضعف محبتهم لله إِذا كَانَ مَا يسلكه أُولَئِكَ فِي نظرهم هُوَ الطَّرِيق الَّذِي يُشِير بِهِ الْعقل.
وَمن الْمَعْلُوم أَن الْمُؤمن أَشد حبا لله قَالَ تَعَالَى [165 الْبَقَرَة] : {وَمن النَّاس من يتَّخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله وَالَّذين آمنُوا أَشد حبا لله} . نعم قد يسْلك الْمُحب لضعف عقله وَفَسَاد تصَوره طَرِيقا لَا يحصل بهَا الْمَطْلُوب فَمثل هَذِه الطَّرِيق لَا تحمد إِذا كَانَت الْمحبَّة صَالِحَة محمودة فَكيف إِذا كَانَت الْمحبَّة فَاسِدَة وَالطَّرِيق غير موصل؟! كَمَا يَفْعَله المتهورون فِي طلب المَال الرِّئَاسَة والصور من حب أُمُور توجب لَهُم ضَرَرا وَلَا تحصل لَهُم مَطْلُوبا، وَإِنَّمَا الْمَقْصُود الطّرق الَّتِي يسلكها الْعقل السَّلِيم لحُصُول مَطْلُوبه].
الشيخ: يكفي، يكفي والله أعلم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد. | |
|
| |
abdelwahab ديري عتيق
الساعة : عدد المساهمات : 118 نقاط : 247 التقيم : 3 تاريخ الميلاد : 19/05/1991 تاريخ التسجيل : 25/04/2012 العمر : 33
| |
| |
abdelwahab ديري عتيق
الساعة : عدد المساهمات : 118 نقاط : 247 التقيم : 3 تاريخ الميلاد : 19/05/1991 تاريخ التسجيل : 25/04/2012 العمر : 33
| موضوع: رد: شرح رسالة العبودية الأربعاء مايو 02, 2012 6:49 am | |
| يكون مؤمن، ولكن ما يدرك الدرجات العليا، ولا يصل إلى حقائق الإيمان التي وصل إليها الكمل من عباده، فتأمل مثلا حارث رسول الله r لما رجع من غزوة ذات الرقاع، وصار في مكان يريد النوم، يبيتون فيه، قال r: «من يحرسنا هذه الليلة»، فتبرع رجل من الأنصار ورجل من المهاجرين، وقال لهم: كونوا في هذا المكان، وعين لهم مكان r، مكان معين في هذا الشعب، لما صاروا فيه قال أحدهم للآخر: ما الداعي إلى أن كلانا يبقى متيقظا، أما أن تكفيني أول الليل وأكفيك آخره، أو تكفيني آخره وأكفيك أوله، قال: بل اكفني أوله، يقول المهاجري وأكفيك آخره، فقام يصلي، ما يتركون هم الأمر يقول: ينظر ينتظر كذا، يحرس ويصلي، ما يذهب عليهم وقت بدون عبادة، فقام يصلي، فجاء مشرك قد أصيبت زوجته، وأقسم لا يرجع حتى يصيب في أصحاب محمد دم، فجاء وشاهد الرجل يصلي فأطلق عليه السهم، فالسهم وقع في بدنه، فاستمر يصلي أزاله واستمر يصلي، ثم أطلق السهم الثاني، فأزاله واستمر يقرأ، والثالث لما ضربه الثالث، أيقظ صاحبه، لما استيقظ صاحبه وجد الدم يسيل، قال: سبحان الله لماذا ما أيقظتني من أول الأمر؟ قال: والله لولا أني خفت أن أضيع ثغرا أمرني به رسول الله r لم أوقظك، لأني كنت في آية كرهت أن أقطعها قبل أن أنهها، كيف يعني هذا؟ تحمل الألم والضرب والدماء الذي يسيل لوجود لذة الخطاب، تلاوة الآيات، يقول: ما أردت أن أقطعها قبل أن أنتهي منها، فمثل هذا هل يقارن بمن مثلا يقرأ القرآن مجرد تلاوة فقط، بدون أن تصل المعاني إلى قلبه؟ وبين هذا وهذا تفاوت، وبينهما أيضا أعمال كثيرة، الناس درجات، ولهذا السبب صارت الجنة درجات متفاوته، وكل يسكن الدرجة التي تناسب عمله وإيمانه، كلما كان الإيمان أقوى وأتم، صار العمل كذلك تبعا لذلك، والمنزلة هكذا، والله عليم حكيم، فاوت بين عباده بهذه الأشياء، فالمقصود أنه الذي لا يستغني عن ربه جل وعلا طرفة عين ولا يلذ، تلذ حياته إلا بعبادته والركون إليه والتوكل عليه والاستعانة به هذا المؤمن الكامل، وإلا كثيرا من المؤمنين ربط هذه المعاني في ربطها إما أعمال تؤثر على إيمانه، من محاب الدنيا وغيرها وقد لا تظهر، أو ذنوب، ذنوب أيضا تتراكم وتكون مثلا مانعة حائلة بينه وبين أن يصل إلى مثل هذه الحال نعم.
القارئ: [فَكلما قوي إخلاص دينه لله كملت عبوديته لله واستغناؤه عَن الْمَخْلُوقَات وبكمال عبوديته لله تكمل تبرئته من الْكبر والشرك.
والشرك غَالب على النَّصَارَى وَالْكبر غَالب على الْيَهُود].
الشيخ: الشرك غالب على النصارى، لأن النصارى جهلة يعبدون بلا علم، أما اليهود فعندهم الكبر، هم علماء عندهم علم، ولكن عندهم إباء وتكبر وعدم انقياد للحق، هذا الغالب وهذه الأمة فيها هذه الصفة، لأننا أخبرنا من قبل نبينا r أننا نتبع من سبقنا من الأمم، فقيل له: اليهود والنصارى؟ قال: «نعم أو قال: فمن »، نعم.
القارئ: [قَالَ تَعَالَى فِي النَّصَارَى [31 التَّوْبَة] : {اتَّخذُوا أَحْبَارهم وَرُهْبَانهمْ أَرْبَابًا من دون الله والمسيح ابْن مَرْيَم وَمَا أمروا إِلَّا ليعبدوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَه إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يشركُونَ} وَقَالَ فِي الْيَهُود [87 الْبَقَرَة] : {أفكلما جَاءَكُم رَسُول بِمَا لَا تهوى أَنفسكُم استكبرتم ففريقا كَذبْتُمْ وفريقا تقتلون}].
الشيخ: الأحبار هم العلماء، مأخوذ من الحبر، لأن أصل العلم بالكتابة، كما قال الله جل وعلا: {اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم}، أصل التعليم بالقلم بالكتابة، وسمي حبرا، لأن أصل علمه وصوله إلى معلوماته بالحبر الذي هو مادة الكتابة، فأخذ من هذا، أما الرهبان فهم العباد من الرهبنة وهي الذل والعبادة لله جل وعلا، والغالب أن الرهبان في النصارى والأحبار في اليهود، هذا هو الغالب، عندهم علم ولكنهم أهل كبر وعناد، والنصارى فهم أهل تعبد ولكنه تعبد بجهل نعم.
القارئ: [وَقَالَ تَعَالَى [146 الْأَعْرَاف] : {سأصرف عَن آياتي الَّذين يتكبرون فِي الأَرْض بِغَيْر الْحق وَإِن يرَوا كل آيَة لَا يُؤمنُوا بهَا وَإِن يرَوا سَبِيل الرشد لَا يتخذوه سَبِيلا وَإِن يرَوا سَبِيل الغي يتخذوه سَبِيلا}] .
الشيخ: وهذا دليل على أن الإنسان يفعل ذلك باختياره ومقدوره، يعني يرى الحق حقا ويعرف أنه حق ولا يتبعه ولا يريده، ويرى الباطل أنه باطل ويريده ويتبعه ويحبه، فالله جعل للإنسان إرادة، ويتبع الإرادة القدرة، فإذا وجدت الإرادة والقدرة لابد أن يوجد المراد، بهذا يتبين أن الإنسان مخلوق وعمله مخلوق، لأن الإرادة والقدرة مخلوقتان لله جل وعلا، غير أن الاختيار جعل للإنسان، يعني جعل له قدرة خلقها الله فيه، وإرادة خلقها الله فيه، ثم قيل له: هذا طريق الخير وهذا طريق الشر، فإن فعلت الخير جزيت أفضل منه، وإن فعلت الشر جزيت به والأمر إليك، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، هذا بعد الإيمان وبعد مجيء الرسول، وبعد إقامة الحجج وإظهار البينات، فبهذا استحق الإنسان إما ثواب أو عقاب، ليس كما يقول أهل الضلال، ينقسموا في هذا إلى قسمين، قسمين متقابلين تماما، قسم قالوا: إن الأمر كله للإنسان هو الذي يخلق فعله وهو الذي يكفر ويؤمن بدون أن يكون لله عليه منة أو فضل، وقسم قالوا: إن الإنسان بمنزلة الآلة التي تدار، فإذا نظرنا إلى هذين القولين، على الأقل أن نقول أحدهما باطل على الأقل، وإلا فالواقع كلاهما باطل عل الإطلاق، فإن كان يعني ما فيه منهما قول من الأقوال الباطلة، إلا وقد يشتمل على شيء من الحق نعم.
القارئ: [وَلما كَانَ الْكبر مستلزما للشرك والشرك ضد الْإِسْلَام وَهُوَ الذَّنب الَّذِي لَا يغفره الله قَالَ تَعَالَى [48 النِّسَاء] : {إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء وَمن يُشْرك بِاللَّه فقد افترى إِثْمًا عَظِيما} وَقَالَ [116 النِّسَاء] : {إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء وَمن يُشْرك بِاللَّه فقد ضل ضلالا بَعيدا} كَانَ الْأَنْبِيَاء جَمِيعهم مبعوثين بدين الْإِسْلَام فَهُوَ الدَّين الَّذِي لَا يقبل الله غَيره لَا من الْأَوَّلين وَلَا من الآخرين].
الشيخ: الإسلام معناه الإسلام لله، الاستسلام لله بالطاعة والانقياد له، هذا الدين الذي بعثت به الرسل، وأما كونهم مثلا دينهم واحد، يعني شرائعهم مختلفة، أما أصل الدين الذي هو عبادة الله فلا يختلف، كل الرسول جاءوا به، أن اعبدوا الله، ما فيه رسول يقول: اعبدوا الله واعبدوا جبريل، أو اعبدوا فلان وفلان أبدا، من أول الخليقة إلى أن تنتهي، الدين واحد من ناحية العبادة، أما من جهة الأوامر والشرائع، فهي قد تختلف، الله له أن يحكم بما يشاء، وله أن يثبت ما يشاء ويمحوا ما يشاء، أما الأوامر التي قد يكون فيها شيء من الزيادة على قوم، فهذه الأمة خفف عنها كثيرا، و لهذا جاء قول الرسول r، إن هذه الملة يعني حنيفية في العبادة والدين نحو هذا الكلام، وسمحة في العمل سهلة، قال الله جل وعلا: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}، وهذا يقوله عندما يشرع الشرائع، ذكر هذا في الصوم، وذكر أن المريض والمسافر أنه خفف عنهما، وأنها يعني لها أن يفطرا ويصوما أياما أخرى ليست من رمضان، وكذلك عند النكاح، أنه يجوز للإنسان إن لم يجد الطول للحرة، يجوز أن يتزوج الأمة، ثم في النهاية قال: {يريد الله ليبين لكم}، قال: {يريد الله أن يهديكم سنن الذين من قبلكم}، فهذه إرادة دينية شرعية، يعني فيها التيسير والتسهيل، وليست هذه الإرادة تشمل غير المسلمين، بل لمن قبل الدين فقط، ومن هنا قال العلماء: أن إرادة الله تنقسم إلى قسمين: إرادة كونية قدرية، وإرادة دينية عملية شرعية نعم.
القارئ: [قَالَ نوح [72 يُونُس] : {فَإِن توليتم فَمَا سألتكم من أجر إِن أجري إِلَّا على الله وَأمرت أَن أكون من الْمُسلمين} وَقَالَ فِي حق إِبْرَاهِيم [130-132 الْبَقَرَة] : {وَمن يرغب عَن مِلَّة إِبْرَاهِيم إِلَّا من سفه نَفسه وَلَقَد اصطفيناه فِي الدُّنْيَا وَإنَّهُ فِي الْآخِرَة لمن الصَّالِحين * إِذْ قَالَ لَهُ ربه أسلم قَالَ أسلمت لرب الْعَالمين} إِلَى قَوْله: {فَلَا تموتن إِلَّا وَأَنْتُم مُسلمُونَ} وَقَالَ يُوسُف [101 يُوسُف] : {توفني مُسلما وألحقني بالصالحين} وَقَالَ مُوسَى [84-85 يُونُس] : {يَا قوم إِن كُنْتُم آمنتم بِاللَّه فَعَلَيهِ توكلوا إِن كُنْتُم مُسلمين * فَقَالُوا على الله توكلنا} وَقَالَ تَعَالَى [44 الْمَائِدَة] : {إِنَّا أنزلنَا التَّوْرَاة فِيهَا هدى وَنور يحكم بهَا النَّبِيُّونَ الَّذين أَسْلمُوا للَّذين هادوا} وَقَالَت بلقيس [44 النَّمْل] : {رب إِنِّي ظلمت نَفسِي وَأسْلمت مَعَ سُلَيْمَان لله رب الْعَالمين} وَقَالَ [111 الْمَائِدَة] : {وَإِذ أوحيت إِلَى الحواريين أَن آمنُوا بِي وبرسولي قَالُوا آمنا واشهد بأننا مُسلمُونَ} وَقَالَ [19 آل عمرَان] : {إِن الدَّين عِنْد الله الْإِسْلَام} وَقَالَ [85 آل عمرَان] : {وَمن يبتغ غير الْإِسْلَام دينا فَلَنْ يقبل مِنْهُ}
وَقَالَ تَعَالَى [83 آل عمرَان] : {أفغير دين الله يَبْغُونَ وَله أسلم من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض طَوْعًا وَكرها}].
الشيخ: كل هذا يدل على أن الإسلام هو الانقياد لله جل وعلا وطاعته والاستسلام له، حتى الاستسلام لا يزال الناس يستعملونه، يعني لا يكون عنده أي إباء وأي اعتراض، مستسلم منقاد وأطاع، ولهذا كان هذا هو الذي أمر الله جل وعلا به عباده كلهم في الأصل هذا هو الأصل، الإسلام يدخل فيه الدين كله نعم.
القارئ: [فَذكر إِسْلَام الكائنات طَوْعًا وَكرها لِأَن الْمَخْلُوقَات جَمِيعهَا متعبدة لَهُ التَّعَبُّد الْعَام سَوَاء أقرّ الْمقر بذلك أَو أنكرهُ].
الشيخ: الكائنات هذه استسلامها استسلام قهر، كون أو كون وقدر، وإن كانت مثلا ليست مكلفة، فهي مطيعة لله جل وعلا منقادة له لا يمكن أن تتأبى عليه، كل الكائنات منقادة لله جل وعلا، وقد يكون هذا أيضا زيادة على ذلك عبادة يعني ما كلفت، ولهذا قال: {إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا}، وأخبر أنها كلها تسبح بحمده، كل من في السماوات والأرض يسبحون ولكن لا نفقه تسبيحهم، والصحيح من أقوال العلماء في هذا أن التسبيح بلسان المقال وليس بلسان الحال، لأن منهم من يقول: تسبيح الكائنات بلسان الحال، بمعنى أن العاقل إذا نظر إليها صارت دليلا على وجوب عبادة الله، سبح الله جل وعلا، هذا بلسان الحال، والصحيح خلاف هذا، أنها هي نفسها تسبح، ولهذا ثبت أن الطعام كان يسمعون تسبيحه عند الرسول r الصحابة، والحصى والجذع كان يحن والحجر كان يسلم على النبي r، يقول: السلام عليك يا رسول الله، وقد أخبر الله جل وعلا أن الجبال كانت تسبح مع داوود وغيرها، وذكر الله جل وعلا أشياء يعني تتكلم مثل قول الله جل وعلا: {كلما جاءوا شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون، وقالوا لجلودهم لما شهدتم علينا، قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة}، {وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم، ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعلمون}، فهذا ما جاء، يعني أعضاء الإنسان تشهد عليه وتتكلم وتنطق بالنطق الذي يعرفه هو وغيره ويسمعه، الأعضاء كلها، هذه يعني على ظاهرها يجب أن نفهمها على ظاهرها، وكذلك الكائنات تسبح حقيقة ولكن لا نعرف، وما من مخلوق من مخلوقات الله المتحركة والجامدة إلا وهي تخضع لله وتعبده، وذكر الله جل وعلا شيء من هذه النماذج، في قوله جل وعلا لما أعطى سليمان منطق الأشياء، فعرفه لها، حتى يعني فيها الفصاحة والبلاغة، لما قالت الذرة النملة، لما أتوا على واد النمال: {قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون، فتبسم ضاحكا من قولها}، قول فصيح بليغ، يعني للاتقاء من الخطر، خطر كونهم يحطمونهم، يحطمون الذر، وكذلك الهدهد لما تفقد الهدد ما وجده، فسأل عنه، قالوا: ما موجود غائب، فتوعده لأذبحنه أو ليأتيني ببرهان يعني بدليل، فجاءه ببرهان جاء يقابله كلام عجيب بجرأة، قال: أحطت بما لم تحط به، يقابل سليمان بهذا المنطق: {أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين، إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم، وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله}، إلى آخره، ثم جعله رسول أرسله بكتاب، فإذاً الأشياء عندها عبادة لله جل وعلا، وعندها شعور سواء كانت حية أو غير حية، فالهدهد جاء بهذه صار داعية إلى التوحيد، ويذكر أنه أيضا أراد أن يمزح على سليمان حتى، فقال له: يا نبي الله أريد أن أغديت وأعشيك أنت وجنودك، أنت تغدينا وتعشينا الهدهد؟ قال: نعم بشرط أن يكون في الجزيرة الفلانية التي في ا لبحر، فقال: طيب ما فيه مانع، فذهب هو وجنوده، وصلوا المكان ذهب الهدهد يأتي بالعشاء وبالغداء فجاب جرادة، يمسكها بمنقاره وغمسها في البحر أمام سليمان، وقال: يا بني الله من يفوته اللحم لا يفوته المرق هذا غداؤكم، يقول: بقي سليمان يضحك عاما سنة وهو يتذكر هذه الضحك، يعني كل هذا يدل على عقل، لهم عقول نعم.
القارئ: [وهم مدينون لَهُ مدبرون فهم مُسلمُونَ لَهُ طَوْعًا وَكرها لَيْسَ لأحد من الْمَخْلُوقَات خُرُوج عَمَّا شاءه وَقدره وقضاه وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِهِ وَهُوَ رب الْعَالمين ومليكهم يصرفهم كَيفَ يَشَاء وَهُوَ خالقهم كلهم وبارئهم ومصورهم وكل مَا سواهُ فَهُوَ مربوب مَصْنُوع مفطور فَقير مُحْتَاج معبد مقهور وَهُوَ سُبْحَانَهُ الْوَاحِد القهار الْخَالِق البارئ المصور.
وَهُوَ وَإِن كَانَ قد خلق مَا خلقه بِأَسْبَاب فَهُوَ خَالق السَّبَب والمقدر لَهُ وَهَذَا مفتقر إِلَيْهِ كافتقار هَذَا وَلَيْسَ فِي الْمَخْلُوقَات سَبَب مُسْتَقل بِفعل خير وَلَا دفع ضرّ بل كل مَا هُوَ سَبَب فَهُوَ مُحْتَاج إِلَى سَبَب آخر يعاونه وَإِلَى مَا يدْفع عَنهُ الضِّدّ الَّذِي يُعَارضهُ ويمانعه.
وَهُوَ سُبْحَانَهُ وَحده الْغنى عَن كل مَا سواهُ لَيْسَ لَهُ شريك يعاونه وَلَا ضد يناوئه ويعارضه قَالَ تَعَالَى [38 الزمر] : {قل أَفَرَأَيْتُم مَا تدعون من دون الله إِن أرادني الله بضر هَل هن كاشفات ضره أَو أرادني برحمة هَل هن ممسكات رَحمته قل حسبي الله عَلَيْهِ يتوكل المتوكلون}].
الشيخ: جاء في تفسير هذه الآية، أن الله U أمر قال: قل لهؤلاء المشركين أرأيتم ما تدعون من دون الله، يعني أخبروني هل هذه الآلهة التي تدعون من دون الله، إن أرادني الله بضر تكشف الضر وتزيله عني؟ أو أرادني برحمة يمكن أن تمسك الرحمة ولا توصلها إلي؟ يقول مجاهد: فسألهم فسكتوا، لأنهم يعلمون أنها ليست كذلك، لا تنفع ولا تضر نعم، فهم يعرفونها، ولهذا كانت دعوتهم إياها وعبادتهم لها مجرد طلب شفاعة يقولون: اشفعي لنا، وعرف أنهم يقولون: إننا أصحاب ذنوب، وهذه لا ذنوب لها فنجعلها وساطة ببيننا وبين ربنا، يكفي هذا. | |
|
| |
abdelwahab ديري عتيق
الساعة : عدد المساهمات : 118 نقاط : 247 التقيم : 3 تاريخ الميلاد : 19/05/1991 تاريخ التسجيل : 25/04/2012 العمر : 33
| موضوع: رد: شرح رسالة العبودية الأربعاء مايو 02, 2012 6:50 am | |
| شرحرسالة العبوديةالمجلس السابع لفضيلة الشيخعبد الله الغنيمان-حفظه الله- القارئ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد ولد آدم أجمعين.قال المصنف رحمه الله في رسالة العبودية: [فَذكر إِسْلَام الكائنات طَوْعًا وَكرها لِأَن الْمَخْلُوقَات جَمِيعهَا متعبدة لَهُ التَّعَبُّد الْعَام سَوَاء أقرّ الْمقر بذلك أَو أنكرهُ وهم مدينون لَهُ مدبرون فهم مُسلمُونَ لَهُ طَوْعًا وَكرها لَيْسَ لأحد من الْمَخْلُوقَات خُرُوج عَمَّا شاءه وَقدره وقضاه وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِهِ وَهُوَ رب الْعَالمين ومليكهم يصرفهم كَيفَ يَشَاء وَهُوَ خالقهم كلهم وبارئهم ومصورهم وكل مَا سواهُ فَهُوَ مربوب مَصْنُوع مفطور فَقير مُحْتَاج معبد مقهور وَهُوَ سُبْحَانَهُ الْوَاحِد القهار الْخَالِق البارئ المصور.وَهُوَ وَإِن كَانَ قد خلق مَا خلقه بِأَسْبَاب فَهُوَ خَالق السَّبَب والمقدر لَهُ وَهَذَا مفتقر إِلَيْهِ كافتقار هَذَا وَلَيْسَ فِي الْمَخْلُوقَات سَبَب مُسْتَقل بِفعل خير وَلَا دفع ضرّ بل كل مَا هُوَ سَبَب فَهُوَ مُحْتَاج إِلَى سَبَب آخر يعاونه وَإِلَى مَا يدْفع عَنهُ الضِّدّ الَّذِي يُعَارضهُ ويمانعه.وَهُوَ سُبْحَانَهُ وَحده الْغنى عَن كل مَا سواهُ لَيْسَ لَهُ شريك يعاونه وَلَا ضد يناوئه ويعارضه].الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحابته وسلم تسليما كثيرا وبعد.في هذا المقطع الذي ذكر، ذكر الربوبية العامة، والحكم الكوني العام، القدري الذي لا يخرج عنه شيء سواء كان عاقلا أو غير عاقل، وهذا لا اختيار للمخلوق فيه، ولهذا لا يثاب على ذلك، إلا إذا صار عنده نية صالحة في هذا، وقصد ذلك في طاعة لله جل وعلا واستسلام له، أما كون تجري هذه ا لكائنات على وفق تقديره ومشيئته فلا دخل للخلق في ذلك، سواء رضوا أو سخطوا، فهو جل وعلا المدبر لكل شيء الذي يتصرف فيه، ولكن بعض الناس لا يعقل هذا ولا يستشعر به، فيصبح يتعلق على الأسباب، ويرى وينظر إلى الأسباب إلى أنها هي التي صار بها كذا وكذا، وقد يكون هذا قريبا أو بعيدا، لهذا تجد مثلا كثيرا من الناس يعتمد على الشيء الذي يتصرف فيه، فإذا وقع في أمر مقدر وجدته إما يلوم نفسه أو يلوم الآخرين الذين كانوا جزء من السبب أو بعض السبب على هذا، وربما غضب غضبا شديدا، ووجدته يلعن ويشتم وغير ذلك، مع أنه لا دخل للناس في هذا، غير أن الأسباب التي يتسبب فيها الإنسان هو مسئول عنها، يجب أن يسأل عن ذلك، ولهذا نقول: أن ما تقوله الطائفة التي تعتمد على أن الإنسان أنه مدبر، أنه لا يمكن أن هذا الكون وهذه الحياة تستقيم وتسير على وفق الحياة على هذا المذهب، ولا يمكن أن يستقيم هذا المذهب، لأنهم يجعلون الإنسان العاقل الذي يتصرف هو المسئول في هذا، فلابد أن يسأل، وهذا شيء فطر الله U عليه الخلق، حتى ا لصغار مثلا، الولد الصغير إذا ضربه أحد فبكى، فتقول: اسكت ما حد ضربك ما يقتنع، لأن الله جل وعلا فطر الخلق على أن كل أثر له مؤثر ولابد، ولابد أن يؤخذ الإنسان بفعله، بغض النظر عن كون المدبر للأصل والمقدر هو الله جل وعلا، وإن كانت الأمور جرت بغير عاقل مكلف هذا أمر، وإن كانت بعاقل مكلف، فلابد أن يسأل عن أفعاله إن كان هو سبب أو جزء من السبب، ثم يجب أن يكون التعلق بالله جل وعلا، وأن نعلم أن الله جل وعلا هو المدبر لكل شيء وهو المصرف لكل حركة وسكون، فهذا يدخل في الإيمان بالقدر، أقدار الله جل وعلا، ولا ينافي النظر إلى السبب، ولهذا أمرنا بفعل السبب الذي جعله الله سببا، وأمرنا ألا نعتمد عليه، أن نعتمد على ربنا جل وعلا، فلابد من الجمع بين هذا وبين الأمر الشرعي، نجمع بين الأمر القدري وننظر إلى السبب، سبب وليس هو الذي يعتمد عليه في الشيء الذي يقع أو لا يقع، ثم نوفق بينه وبين الشرع الذي أمرنا به، حتى تستقيم الأحوال، ونصبح عبيدا لله جل وعلا نعم.القارئ: [قَالَ تَعَالَى [38 الزمر] : {قل أَفَرَأَيْتُم مَا تدعون من دون الله إِن أرادني الله بضر هَل هن كاشفات ضره أَو أرادني برحمة هَل هن ممسكات رَحمته قل حسبي الله عَلَيْهِ يتوكل المتوكلون}].الشيخ: يعني أن المعبودات أنها لا تصرف فيها، فكيف تتجهون إليها وتطلبون منها الشفاعة وهي لا تنفع ولا تضر؟ فهذا أصل في أن العبادة والتعلق تعلق القلب فيمن يجلب النفع ويدفع الضر، فإن لم يكن كذلك فهو باطل، لهذا أمره الله جل وعلا أن يسأل المشركين، أفرأيتم يعني أخبروني، مما تدعون من آلهتكم، إن أرادني الله جل وعلا بضر، هل تستطيع أن تكشف هذا الضر أو تمنعه، وهل تزيله أو تخففه أو تمنعه قبل حصوله؟ أو أرادني برحمه، والضر هنا فسر إما بالمرض أو بالفقر أو بإدالة عدو وما أشبه ذلك، والرحمة فسرت بضد ذلك، بالعافية والرزق والصحة والتوحيد والنصر، يقول: هل تستطيع أن تمنع هذا، يقول مجاهد:فسألهم فسكتوا، لأنهم يعلمون أنها لا تفعل شيء، وهذا أمر ظاهر، ثم قال له جل وعلا: {قل حسبي الله}، يعني هو كافيني في كل ما يتوقع، من أذى أو ضر، التجأ إليه وأجعله عمدتي واتكالي عليه، {حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون}، وهذا كثير في القرآن، ويبين جل وعلا أن المعبودات لا تنفع ولا تضر، وتكون عبادتها ضرر بلا نفع، وليس معنى ذلك أن هذا منها، هذا من الفاعل نفسه، الضر من الفاعل لأنه وضع العبادة في غير موضعها فصار ظالما، فيعاقب على ظلمه، نعم.القارئ: [وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِن يمسسك الله بضر فَلَا كاشف لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِن يمسسك بِخَير فَهُوَ على كل شَيْء قدير} وَقَالَ تَعَالَى عَن الْخَلِيل: [78-82 الْأَنْعَام] : {يَا قوم إِنِّي بَرِيء مِمَّا تشركون * إِنِّي وجهت وَجْهي للَّذي فطر السَّمَاوَات وَالْأَرْض حَنِيفا وَمَا أَنا من الْمُشْركين * وحاجه قومه قَالَ أتحاجوني فِي الله وَقد هدان وَلَا أَخَاف مَا تشركون بِهِ إِلَّا أَن يَشَاء رَبِّي شَيْئا} إِلَى قَوْله: {الَّذين آمنُوا وَلم يلبسوا إِيمَانهم بظُلْم أُولَئِكَ لَهُم الْأَمْن وهم مهتدون} ].الشيخ: هذا من تمام المناظرة التي وقعت بين إبراهيم وقومه على القول الصحيح من المفسرين، لأن بعض المفسرين قال في هذا قولا باطلا، هو أن إبراهيم أول ما عقل ونظر شاهد كوكبا قال: هذا ربي ثم ترقى إلى آخره، وهذا لا يجوز، والصحيح أن هذه مناظرة، يعني لأن قومه كانوا يعبدون الكواكب ويبنون لها الهياكل، فناظرهم في ذلك، يقول: هذا ربي؟ والأفول هو الذهاب، وإذا كان إلها كيف يذهب؟ الإله الذي يعبد يجب أن يكون رقيبا شاهدا، يراقب معبوده ويعلم تصرفاته، ويكون عليه أيضا حسيبا في ذلك، أما إذا غاب وذهب، معنى ذلك أنه لا يصح أن يكون إله، وهكذا يترقى من شيء إلى شيء، إلى أن قال: {وحاجه قومه}، يعني أن هذه الحجة بدأت من الأول، لما تبرأ من شركهم، وأخبر أن آلهتهم كلها لا تنفع ولا تضر، ثم كعادة المشركين يهددون من نعاهم أن آلهتهم قد تضره، كما قالوا لهود عليه السلام: {إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء}، يعني بجنون، لأنك خالفت الجميع وجئت بشيء لا نعرفه، فأنت مجنون، والذي جنك هو بعض الآلهة لأنك خالفتها، قال: {إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون}، يعني اجتمعوا أنتم كلهم واستدعوا آلهتكم ثم اصنعوا ما تستطيعون صنعه بي، فلن تصلوا إلى هذا، هذا تحدي لهم، وكذلك الآية التي مرت معنا بالنسبة لنبينا r فإنه تحداهم أن يضروه بشيء وآلهتهم ما استطاعوا، وكذلك نوح: {يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فاجمعوا أمركم وشركائكم}، إلى آخره، فهذه سنة الكافرين، كانوا يخوفون من خالفهم بآلهتهم، إلى الآن على هذه السبيل وهذه الطريقة، لو جئت إلى عابد القبر وقلت له: اتق الله القبر ما ينفعك ولا يضرك، اعبد ربك، قال: أخوفك هذا الولي، إذا خالفته تراه يعمل فيك ويعمل فيك، فهم على سنة واحدة سائرون، ففي هذه المناظرة قال في النهاية: كيف أخاف ما أشركتم، يعني كيف تخوفوني بأصنامكم وكيف أخافها وأنتم لا تخالفون الله لأنكم أشركتم به؟ ثم قال: أي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون؟ سواء كان ثم جاء الحكم، وسواء كان الحكم هذا من تمام المناظرة، كما كان لإبراهيم، أو أنه حكم، حكم الله به بين إبراهيم وقومه، فقال: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون}، فجاء الأمن بأل التي تدل على الكمال والاستغراق، وغلبة الشيء، يعني الأمن يكون لهم في الدنيا والآخرة، وهم مهتدون إلى ما خلقوا به وأمروا به وهو عبادة الله وحده جل وعلا نعم.القارئ: [وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَن عبد الله بن مَسْعُود رضي الله عَنهُ أَن هَذِه الْآيَة لما نزلت شقّ ذَلِك على أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالُوا: يَا رَسُول الله أَيّنَا لم يلبس إيمَانه بظُلْم؟ فَقَالَ: " إِنَّمَا هُوَ الشّرك ألم تسمعوا إِلَى قَول العَبْد الصَّالح [13 لُقْمَان] : {إِن الشّرك لظلم عَظِيم} ".وَإِبْرَاهِيم الْخَلِيل إِمَام الحنفاء المخلصين حَيْثُ بعث وَقد طبق الأَرْض دين الْمُشْركين قَالَ الله تَعَالَى [124 الْبَقَرَة] : {وَإِذ ابتلى إِبْرَاهِيم ربه بِكَلِمَات فأتمهن قَالَ إِنِّي جاعلك للنَّاس إِمَامًا قَالَ وَمن ذريتي قَالَ لَا ينَال عهدي الظَّالِمين} فَبين أَن عَهده بِالْإِمَامَةِ لَا يتَنَاوَل الظَّالِم فَلم يَأْمر الله سُبْحَانَهُ أَن يكون الظَّالِم إِمَامًا وَأعظم الظُّلم الشّرك.وَقَالَ تَعَالَى [120 النَّحْل] : {إِن إِبْرَاهِيم كَانَ أمة قَانِتًا لله حَنِيفا وَلم يَك من الْمُشْركين} وَالْأمة هُوَ معلم الْخَيْر الَّذِي يؤتم بِهِ كَمَا أَن الْقدْوَة الذي يقْتَدى بِهِ. وَالله تَعَالَى جعل فِي ذُريَّته النُّبُوَّة وَالْكتاب].الشيخ: هذا من معاني الأمة، معنى من معاني الأمة، وإلا الأمة تطلق على أشياء كثيرة، منها الجماعة كما هو معروف، {لما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس}، هذا ظاهر جدا، ومنها الملة والدين والنحلة، هذه أمتكم أمة واحدة، يعني دينكم وشرعكم، وأنا ربكم فاعبدون، يعني أن الذي يؤمر به الخلق هو عبادة الله، يعني ما جاء رسول إلا يأمر الناس بعبادة الله، هذه الأمة، هذه أمتكم أمة واحدة، كقوله جل وعلا: {إن الدين عند الله الإسلام}، ومنها كذلك الطائفة من الزمن، كما قال الله جل وعلا في قصة يوسف عليه السلام الذي رأى الرؤيا، قال: اذكرني عند ربك، الذي ظن أنه ينجوا، فأنساه الشيطان ذكر ربه، فلما رأى الملك الرؤيا العجيبة التي، تذكر قال: {وادكر بعد أمة}، يعني بعد أيش؟ بعد وقت فات، {ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة}، أمة معدودة يعني وقت محدد، فهنا فيه إطلاقات غير هذه للأمة نعم.القارئ: [وَالله تَعَالَى جعل فِي ذُريَّته النُّبُوَّة وَالْكتاب وَإِنَّمَا بعث الْأَنْبِيَاء بعده بملته].الشيخ: الأمور التي تأتي في القرآن، والمعاني التي قد يكون لفظها واحد ومعانيها مختلفة، هذه وغيرها من ألفاظ القرآن ومعانيه ومفرداته، نافعة جدا الإنسان أنه يعرفها ويتتبعها حتى لا يقع في الخطأ، وكذلك المعاني، المعاني نفسها قد تأتي مثلا ألفاظ في القرآن، يعني ألفاظ لفظها واحد، ولكن المعنى يختلف، والاختلاف قد يكون مختلفا يجب أنه ينظر إلى مراد المتكلم فيه، ومراد المتكلم يتبين بالنظر والحال وكذلك بما يحيط بالكلام نفسه، وهذا قد يتعلق بصفات الله جل وعلا وأفعاله، ويتعلق بما يؤمر به الإنسان، لهذا نقول: لا يجوز للإنسان أن يأخذ شيئا على وتيرة واحدة، ثم يتمسك به دائما، يجب أن يكون مقصوده ونظره إلى مراد المتكلم، ومراد المتكلم يتبين بالقرائن والسياق، والنظر إلى الحال، فمثال ذلك مثال، الأمثلة كثيرة، ولكن المثال في صفات الله تعالى، فيتبين أن أهل السنة ليس مقصودهم أنهم يأخذوا الشيء، يجعلوه قاعدة وتيرة واحدة، مثلا: لفظة المجيء المضافة إلى الله، هل نأخذها على وتيرة واحدة، وإذا جاءت كلها نقول: يجب أن يكون هذا على ظاهره، لا يجوز هذا، قول الله جل وعلا: {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظل من الغمام والملائكة وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور}، إذا قال لنا قائل مثلا: هل ينظرون إلى أن يأتيهم الله، يعني يأتيهم عذابه أو يأتيهم جنده وملائكته، أو يأتيهم أمره، أو يأتيهم سلطانه، كما تقول المؤولة هكذا يقولون، نقول: هذا باطل، الإتيان أضيف إلى الله جل وعلا فعلا، يفعله حقيقة، ولم يأتي الشيء الذي يصرفه، ولا في ذلك محذوف، ولهذا قال: وجاء ربك، وإن كان هذا، قد يقول أهل الباطل: أن هذا من مجاز الحذف، فالمجاز يقولون: أنه موجود في لغة العرب، والتقدير وجاء أمر ربك، وجاء ملك ربك، نقول: هذا نفس المعنى يأباه ويبطله، لأنه جاء في قول الله جل وعلا: {هل ينظرون أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك}، فهذا التعداد والتنوع يأبى هذا التأويل من كل جانب، ويجعل هذا التأويل باطلا، فإذاً كيف يقال هذا في هذه الآية، ويقال في آية أخرى، ما يستطاع أنها تؤول إلا بنوع من التكلف، لكن إذا جاء مثلا شيء يجب أن ننزه ربنا عنه، وهو مضاف إلى الله، فنقول هكذا: في قوله جل وعلا: {فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا}، {فأتى الله نبيانهم من القواعد}، الله يأتي من سيسان الحيطان؟ لا يجوز، إذا قال لك المبطل مثلا، أنت تناقض، لماذا هنا تقول: هذا العذاب يأتيهم عذاب الله، وهناك تقول: يأتي الله؟ نقول: لا نتناقض لأننا ننظر إلى مراد المتكلم وما يليق به جل وعلا، ونعلم أن هذا لا يليق بجلال الله جل وعلا أنه يأتي من تحت، إنما الله جل وعلا يأتي من العلو، الذي في قوله جل وعلا: {فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار}، إن قال لك قائل مثلا، يلزمك أن تقول في هذه الآية كما قلت في آية البقرة، أقول: لا يلزمني لأن هذا شيء معلوم وهم بني النضير، أتاهم عذاب الله وجنده مع رسوله r، فخربوا بيوتهم بأديهم وأدي المؤمنين خوفا ورعبا مما أحاط بهم من جنود الله جل وعلا مع رسوله، فهم قوم عاصين في هذه الحياة، الله لا يأتي إلى الأرض في هذا الوقت في هذه الحياة، وهكذا القول الذي يعين المعنى هو السياق والقرينة، فإذا تبين لنا مراد المتكلم فليس تأويلا، بل هو الظاهر وهو الحقيقة نعم.القارئ: [قَالَ تَعَالَى [123 النَّحْل] : {ثمَّ أَوْحَينَا إِلَيْك أَن اتبع مِلَّة إِبْرَاهِيم حَنِيفا وَمَا كَانَ من الْمُشْركين} وَقَالَ تَعَالَى [68 آل عمرَان] : {إِن أولى النَّاس بإبراهيم للَّذين اتَّبعُوهُ وَهَذَا النَّبِي وَالَّذين آمنُوا وَالله ولي الْمُؤمنِينَ}].الشيخ: المقصود الثناء على إبراهيم عليه السلام، والأمر بإتباع طريقته في التبري من المشركين، فيكون اتجه إلى ربه وتعلق به وحده، وتبرأ من كل معبود دونه، وأمرنا أن نتأسى به في هذا، ولهذا نهينا أن نتأسى به في دعائه لأبيه واستغفاره لأبيه، ولهذا قال: {إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك}، يعني هذا لا تتأسوا به، ولا تستغفروا للمشركين ولو كانوا آباؤكم نعم.القارئ: [وَقَالَ تَعَالَى [67 آل عمرَان] : {مَا كَانَ إِبْرَاهِيم يَهُودِيّا وَلَا نَصْرَانِيّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفا مُسلما وَمَا كَانَ من الْمُشْركين}].الشيخ: وإبراهيم يتنازعه كل طائفة، اليهود يزعمون أنه منهم والنصارى كذلك والمشركون كذلك، فأخبر الله جل وعلا أنه ليس من طائفة من هذه الطوائف، بل هو حنيفا لله، والحنيف هو المائل عن كل قصد وإرادة وفعل بالاختيار والفعل الذي يعتمد إلى توحيد الله وحده، فهو مجانب أهل الأرض كلهم بعباداتهم واتجاهاتهم إلى عبادة الله وحده، وهذا هو الحنيف في لغة العرب، فالحنيف في لغتهم هو الموحد، الموحد الذي يعبد الله وحده، لهذا لما جاء عدي ابن حاتم وهو عربي، ولكنه دخل في النصرانية وكان نصرانيا، فقال له الرسول r: «لماذا تفر من النصرانية، أتفر بأن يقال: الله أكبر»، هل تعلم أن هناك شيء أكبر من الله؟ تفر من أن يقال لا إله إلا الله، هل هناك إله غيره؟ لما ذكر أن النصارى اتخذوا أحباركم ورهبانهم، فقال له: أنا حنيف، ولذلك برأ الرسول r قوله أنا حنيف يعني أنا موحد، قد دخلت في التوحيد، وتركت هذا الدين وهذا المذهب، المقصود أن كلمة حنيف في اللغة العربية تطلق على الموحد الذي لا يعبد إلا الله، نعم.القارئ: [وَقَالَ تَعَالَى [135-136 الْبَقَرَة] : {وَقَالُوا كونُوا هودا أَو نَصَارَى تهتدوا قل بل مِلَّة إِبْرَاهِيم حَنِيفا وَمَا كَانَ من الْمُشْركين * قُولُوا آمنا بِاللَّه وَمَا أنزل إِلَيْنَا وَمَا أنزل إِلَى إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق وَيَعْقُوب والأسباط} إِلَى قَوْله: {وَنحن لَهُ مُسلمُونَ} ].الشيخ: الآية التي سبقت في كون الصحابة لما نزلت هي قوله: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون}، نقول: أنها شقت على الصحابة وقالوا: أينا لم يلبسوا إيمانهم بظلم، وذلك أن الصحابة فهموا منها أن الظلم مطلق الظلم، يعني كل سيئة فهي ظلم، وأن من عمل سيئة أنه لا يكون له أمن ولا اهتداء، هذا الذي شق عليهم، عند ذلك أخبرهم الرسول r بأن الظلم الذي ليس معه أمن مطلق هو الشرك، أما الظلم ما عدا الشرك، وإن كان ظلما، فلا يقتضي أن يكون صاحبه ليس له أمن أبدا، وليس له اهتداء أبدا، وإن أصيب بما يصاب من جراء مثلا ذنوبه، فالعاقبة تكون على الجميع، ولهذا جاء ا لتعريف بأل، {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن}، الأمن هنا يشمل الأمن في الدنيا والأمن في الآخرة، لا يصيبه العذاب في الدنيا مما يصيب الكفار ولا يصيبهم عذاب في الآخرة، وقوله: «ألم تسمعوا قول الرجل الصالح»، {يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم}، يعني الشرك هو الظلم المطلق الذي معه لا أمن ولا اهتداء، أما الذنوب فمعها أمن ومعها اهتداء، ولكن ليس هو الأمن الكامل ولا الاهتداء الكامل، وإذا لم يكن الإنسان معه الأمن الكامل والاهتداء الكامل، فإنه يصاب بعذاب في الدنيا أو بعذاب في الآخرة، ولكن لا يكون كالذي معه شرك، وهذا الذي بين لهم، وهذا يفهمون هذا تماما، ولهذا علموا أن مطلق الذنوب أنها تؤثر في الإيمان نعم.القارئ: [وَقد ثَبت فِي " الصَّحِيح " عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن " إِبْرَاهِيم خير الْبَريَّة " فَهُوَ أفضل الْأَنْبِيَاء بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ خَلِيل الله تَعَالَى].الشيخ: النبي من النبي بعد النبي من هو النبي؟ هذا نبينا r، فلابد أنه لا يكون بعد نبينا، ولكن بعد النبي يعني صار معروفا، يعني ما يحتاج أن يقال بعد نبينا معروف لدى المخاطبين، وإذا كان معروفا جاز هذا، أما إذا كان في مقام أداء الشهادة أن أداء الواجب الذي لابد منه، فلابد من تعيينه باسمه العلم، أن تقول محمد، إذا قلت في التشهد، أشهد أن لا إله إلا الله تقول: أشهد أن النبي رسول الله يجوز؟ أشهد أن النبي رسول الله أو أن سيدنا رسول الله؟ لا يجوز ولا يكون، لابد أن تذكره باسمه العلم، تقول: أشهد أن محمدا عبده ورسوله، ولهذا يذكر هذا في الأذان وفي الشهادات وفي غيرها، وعندما يتشهد الإنسان وهو كافر في دخوله وهو يدخل الإسلام لابد أن يذكر اسمه العلم، ولا يكون هذا معارضا بقوله تعالى: {لا تجعلوا دعاء النبي بينكم كدعاء بعضكم بعضا}، المعنى يقول المفسرون: لا تقولوا يا محمد، ولكن قولوا: يا نبي الله يا رسول الله، هذا لا يدخله، لأن هذا لابد منه يتعين، ولهذا هو r كانت يقول في تشهده: أشهد أن محمدا عبده ورسوله، هو نفسه يتلفظ بهذا، أشهد أن محمدا عبده ورسوله، ما يقول: أشهد أني عبد الله ورسوله، فقد حفظ ذلك وصار يعلم الصحابة هذا الشيء مثل ما يعلمهم السورة من القرآن كما في حديث عبد الله بن مسعود، وذكر السيد فيه يجوز؟ السيد هذا من البدع لم يأتي، يقول: أشهد أن سيدنا رسول الله، لأنه الآن صار يذكر في الخطب وفي المقامات التي يجتمع فيها الناس، وجاءت وبعضهم يخجل أنه يقول: أشهد أن محمدا عبده ورسوله لماذا؟ لأن كثيرا من المخرفين يعيب عليه، يقول: أنتم تبغضون الرسول وتكرهونه لأنكم لا تقولون سيدنا، لا يجوز مثل هذه الأشياء أنها تؤثر في الإنسان، يجب أن يقول الحق ويقوم به ويعلمه للناس، الصحابة هكذا، بل جاء النهي، لما جاء إليه قوم، كما في حديث وفد بني عامر قالوا: أنت سيدنا وابن سيدنا، قال: «قولوا بقولكم أو بعض قولكم»، قالوا: أنت خيرنا وابن خيرنا وأفضلنا وابن أفضلنا، قال: «يا أيها الناس لا يستجرينكم الشيطان، لا أحب أن ترفعوني فوق منزلتي، أنا عبد الله ورسوله فقولوا: عبد الله ورسوله»، إذا قلنا مثل هذا معناه امتثلنا أمره، وإذا تركناه، مع أنه بلا شك أنه سيد، لأن السيد هو المقدم المطاع المقدم في قومه، ولهذا لما جاء ذكر التعليل والفضل، كما في حديث الشفاعة، قال: «أنا سيد الناس ولا فخر أتدرون ما ذلك؟»، فذكر العلة، لأنه هو المقدم في هذا، المقدم في ذلك الموقف، الذي قال الله جل وعلا فيه: {ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا}، والمقام المحمود على القول الصحيح هو الشفاعة التي تكون في الموقف، لأنها تشمل الخلق كلهم، من أولهم إلى آخرهم، فهذا المقام الذي يحمده عليه الأولون والآخرون، لأنه والشفاعة كانت بإذن ربه جل وعلا، وهو الذي وعده ربه جل وعلا إياها رفعا لذكره وإكراما له وإلا فالأمر كله بيد الله جل وعلا، نعم.القارئ: [وَقد ثَبت فِي " الصَّحِيح " عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من غير وَجه أَنه قَالَ: « إِن الله اتخذني خَلِيلًا كَمَا اتخذ إِبْرَاهِيم خَلِيلًا ». وَقَالَ: « لَو كنت متخذا من أهل الأَرْض خَلِيلًا لاتخذت أَبَا بكر خَلِيلًا وَلَكِن صَاحبكُم خَلِيل الله » يعْنى نَفسه].الشيخ: يعني معنى هذا أن الخلة لا تقبل المشاركة، فالخليل هو الذي تخلل القلب كله، فلم يبقى فيه موضع لغير الخليل، لهذا قال: «لو كنت متخذ من أهل خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا»، لأن أبا بكر هو أحب الصحابة إليه، وهو كما قال r «أمن الناس علي بصحبة ومال»، فلم يزل مصاحبا له منذ دخل في الإسلام إلى أن فرق بينهما الموت، والموت فرق الأبدان، وإلا فالمعنى موجود، ومن العجائب في هذا أنه لما توفي الرسول r ، الصحابة كلهم صاروا يقولون لأبي بكر: خليفة رسول الله، ولم يحدث هذا لغير أبي بكر، لما استخلف عمر قالوا نقول: خليفة، خليفة رسول الله قال: هذا شيء بعيد، ولكن أنتم المؤمنون وأنا أميركم، قولوا: أمير المؤمنين، فانقطع، ما فيه خليفة لرسول الله، وهذا لا ينافي قوله: الخلفاء الراشدون، فالخليفة يطلق على الذي يخلف غيره، فعمر خلف أبا بكر، وعثمان خلف عمر، وعلي خلف عثمان، وهكذا الخلفاء واحد يخلف الثاني، أما أن يقال: الناس مثلا آدم أنه خليفة الله فهذا خطأ، الله ليس له خليفة تعالى الله وتقدس، فالخليفة لمن يغيب أو يذهب أو يموت، فلا يقوم مقامه، أما الله جل وعلا فهو الرقيب الذي هو حي لا يموت، فالمقصود أن صلة أبي بكر برسول الله r صلة قوية جدا، وفي صحيح مسلم عن عمرو بن العاص، لما أرسله في سرية ذات السلاسل، لأنه كانوا من أقربائه، أمره على هذه السرية وأمرهم بالخروج بالذات، فتخلف أمرهم فتخلف ليسلم على الرسول r، يقول لما صليت معه، قال: ألم تخرجوا، قال: قلت: بلى ذهبوا، ولكني تخلفت لأصلي معك، قال: « الأمر الذي ذهبوا به لا تدركه بالصلاة معي»، فسأله أي الناس أحب إليك؟ قال: «عائشة»، الرسول ما يخاشي أحدا، بعض الناس مثلا لو قيل له: أتحب زوجتك، ما يخبر يقول: مالك ولهذا، ولا يذكر ذلك، رسول الله r لا يداهن أحد يذكر الواقع، لما قيل أي الناس أحب إليك: قال: «عائشة»، فقلت: من الرجال، قال: «أبوها»، فهو أحب الناس إليه r، يقول: ثم قلت من، يعني بعد ذلك؟ قال: «عمر»، يقول: فلما خفت ألا يذكرني سكت، والمقصود أن الرسول r قال: «لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبو بكر خليلا، ولكن صاحبكم خليل الله»، يعني أن الخلة لا تقبل المشاركة في من هو غير الخليل، ولهذا هذا لا ينافي كونه يحب من يحبه، فالحب غير الخلة، الخلة هي أعلى مراتب الحب ليس فوقها شيء إلا العبادة، والعبادة لا يجوز أن تكون إلا لله جل وعلا وحده، نعم، وبهذا يتبين خطأ الذين يقولون: إبراهيم خليل الله ونبينا حبيب الله، والحبيب أقدم من الخليل وأتم، هذا خطأ نعم.القارئ: [وَقَالَ: " لَا تبقين فِي الْمَسْجِد خوخة إِلَّا سدت إِلَّا خوخة أَبى بكر "].الشيخ: الخوخة هي النافذة التي تخرج إلى المسجد، كان النبي r اتخذ بيوته على حائط المسجد، ففتح إليه خوخة، يعني باب يخرج معه ويدخل معه، فاقتضى به الصحابة الذين جعلوا بيوتهم على حائط المسجد، فتحوا أيضا عليه حتى يدخلوا ويخرجوا من قريب، ففي مرض موته قال: «كل هذه تسد إلا خوخة أبي بكر»، يقول أهل السنة: هذا إشارة إلى أنه الخليفة بعده، وإشاراته هذه كثيرة وقد تكون قريبة من التصريح، منها قوله: «مروا أبو بكر فليصلي بالناس»، تقول عائشة: علمت أن الذي يكون بعد رسول الله سيكره الناس، لأنه لا أحد يعدل رسول الله r، أن تقوم مقامه وتصلي مكانه وتخطب خطبه وهكذا، أنت لا تساوي شيئا مما هو عليه، كانت هذه نظرتها، تقول: فقلت له يا رسول الله أبو بكر رجل رقيق أسيف إذا قام مقامك لا يسمع الناس من البكاء، لو أمرت غيره أن يصلي بالناس، لو أمرت عمر، فقال: « مروا أبو بكر فليصلي بالناس»، تقول: فذهبت إلى حفصة وقلت لها: اذهبي فقولي له أبو بكر كذا وكذا الشيء الذي قالته، فذهبت حفصة فقالت للرسول ذلك، فقال: «إنكن صواحب يوسف مروا أبا بكر فليصلي بالناس»، فذهبت حفصة وتقول: لم ألقى منك خيرا، يعني أن الرسول غضب من ذلك وقال هذا القول: «إنكن صواحب يوسف» ، والمقصود أن هذا من الأمور الظاهرة على أن الرسول r أراد أبا بكر أن يكون هو الخليفة بعده، وفيه أشياء كثيرة، حتى ادعى بعض أهل السنة قال: إن فيها نصوص نعم.القارئ: [وَقَالَ: « أَلا وَإِن من كَانَ قبلكُمْ كَانُوا يتخذون الْقُبُور مَسَاجِد أَلا فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُور مَسَاجِد إني أنهاكم عَن ذَلِك ». وكل هَذَا فِي " الصَّحِيح " وَفِيه أَنه قَالَ ذَلِك قبل مَوته بأيام وَذَلِكَ من تَمام رسَالَته فَإِن فِي ذَلِك تَمام تَحْقِيق مخالته لله الَّتِي أَصْلهَا محبَّة الله تَعَالَى للْعَبد ومحبة العَبْد لله خلافًا للجهمية].الشيخ: الجهمية ينكرون أن الله يحبه أحد أو يحب أحد، وهذا من العجب، لأن هذا هو أصل الدين، أصل الدين الإسلامي، هذا مما يدل على أنهم ليس مقصدهم الحق، وإنما مقصدهم إفساد العقائد عقائد المسلمين نعم.القارئ: [وَفِي ذَلِك تَحْقِيق تَوْحِيد الله وَألا يعبدوا إِلَّا إِيَّاه ردا على أشباه الْمُشْركين وَفِيه رد على الرافضة الَّذين يبخسون الصّديق رَضِي الله عَنهُ حَقه وهم أعظم المنتسبين إِلَى الْقبْلَة إشراكا بِعبَادة عَليّ وَغَيره من الْبشر.
والخلة هِيَ كَمَال الْمحبَّة المستلزمة من العَبْد كَمَال الْعُبُودِيَّة لله وَمن الرب سُبْحَانَهُ كَمَال الربوبية لِعِبَادِهِ الَّذين يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ.وَلَفظ الْعُبُودِيَّة يتَضَمَّن كَمَال الذل وَكَمَال الْحبّ فَإِنَّهُم يَقُولُونَ قلب متيم إِذا كَانَ متعبدا للمحبوب والمتيم المتعبد وتيم الله عبد الله وَهَذَا على الْكَمَال حصل لإِبْرَاهِيم وَمُحَمّد صلى الله عَلَيْهِمَا وَسلم.وَلِهَذَا لم يكن لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أهل الأَرْض خَلِيل إِذْ الْخلَّة لَا تحْتَمل الشّركَة فَإِنَّهُ كَمَا قيل فِي الْمَعْنى:قد تخللت مَسْلَك الرّوح مني ... وبذا سُمي الْخَلِيل خَلِيلًا بِخِلَاف أصل الْحبّ فَإِنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد قَالَ فِي الحَدِيث الصَّحِيح فِي الْحسن وَأُسَامَة: « اللَّهُمَّ إني أحبهما فأحبهما وَأحب من يحبهما ». وَسَأَلَهُ عَمْرو بن الْعَاصِ: أَي النَّاس أحب إِلَيْك؟ قَالَ: «عَائِشَة ».قَالَ: فَمن الرِّجَال؟ قَالَ: "أَبوهَا ". وَقَالَ لعَلي رَضِي الله عَنهُ: « لَأُعْطيَن الرَّايَة غَدا رجلا يحب الله وَرَسُوله وَيُحِبهُ الله وَرَسُوله ». وأمثال ذَلِك كثير].الشيخ: لأن الله جل وعلا يجب المؤمنين ويحب التوابين ويحب المتطهرين، ويحب المحسنين ويحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص، فمقتضى محبة الله جلا وعلا هي طاعته وإتباع أمره، وكذلك الذي يحبه الله ويحبه رسوله، وقال الله جل وعلا: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله}، وإتباع الرسول r هو علامة محبة الله جل وعلا، ولا تحصل إلا بهذا، فالمحبة مشتركة ولها درجات، فهؤلاء المؤمنون الله يحب المؤمنين والمحسين والتوابين والمتطهرين والتوابين، وهم ليسوا على نمط واحد، على درجات، فكل من كان لله أتقى وأورع، فحب الله له أتم وأكثر، وكذلك هم أيضا يتفاوتون في حبهم لله، ولهذا تفاوتت درجاتهم في الجنة، فبعضهم في أعلى عليين وبعضهم في أدنى الجنة نعم.القارئ: [وَقد أخبر تَعَالَى أَنه يحب الْمُتَّقِينَ وَيُحب الْمُحْسِنِينَ وَيُحب المقسطين وَيُحب التوابين وَيُحب المتطهرين].الشيخ: المقسطين يعني أهل العدل، الذين يعدلون فيما ولوا وما حكموا به، نعم.القارئ: [وَيُحب الَّذين يُقَاتلُون فِي سَبيله صفا كَأَنَّهُمْ بُنيان مرصوص وَقَالَ [54 الْمَائِدَة] : {فَسَوف يَأْتِي الله بِقوم يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} فقد أخبر بمحبته لِعِبَادِهِ الْمُؤمنِينَ ومحبة الْمُؤمنِينَ لَهُ حَتَّى قَالَ [165 الْبَقَرَة] : {وَالَّذين آمنُوا أَشد حبا لله} .وَأما الْخلَّة فخاصة وَقَول بعض النَّاس: إِن مُحَمَّدًا حبيب الله وَإِبْرَاهِيم خَلِيل الله وظنه أَن الْمحبَّة فَوق الْخلَّة قَول ضَعِيف فَإِن مُحَمَّدًا أَيْضا خَلِيل الله].الشيخ: هو قول باطل وليس قول ضعيف، قول باطل، لأن خلاف الأدلة، وما كان خلاف الأدلة فهو باطل، نعم.القارئ: [فَإِن مُحَمَّدًا أَيْضا خَلِيل الله كَمَا ثَبت ذَلِك فِي الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة المستفيضة.وَمَا يرْوى أَن الْعَبَّاس يحْشر بَين حبيب وخليل وأمثال ذَلِك فأحاديث مَوْضُوعَة لَا تصلح أَن يعْتَمد عَلَيْهَا].الشيخ: الموضوع لا يصلح لشيء أصلا، لأن الموضوع معناه المكذوب، الذي كذب على رسول الله r، فلا يستدل بها فقط، بل يجب ألا يلتفت إليها بشيء نعم.القارئ: [وَقد قدمنَا أَن محبَّة الله تَعَالَى هِيَ محبته ومحبة مَا أحب كَمَا فِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: « ثَلَاث من كن فِيهِ وجد حلاوة الْإِيمَان: من كَانَ الله وَرَسُوله أحب إِلَيْهِ مِمَّا سواهُمَا وَمن كَانَ يحب الْمَرْء لَا يُحِبهُ إِلَّا لله وَمن كَانَ يكره أَن يرجع فِي الْكفْر بعد إِذْ أنقذه الله مِنْهُ كَمَا يكره أَن يلقى فِي النَّار ». أخبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن من كَانَ فِيهِ هَذِه الثَّلَاث وجد حلاوة الْإِيمَان لِأَن وجد الْحَلَاوَة بالشَّيْء يتبع الْمحبَّة لَهُ فَمن أحب شَيْئا أَو اشتهاه إِذا حصل لَهُ مُرَاده فَإِنَّهُ يجد الْحَلَاوَة واللذة وَالسُّرُور بذلك واللذة أَمر يحصل عقيب إِدْرَاك الملائم الَّذِي هُوَ المحبوب أَو المشتهى. وَمن قَالَ: إِن اللَّذَّة إِدْرَاك الملائم - كَمَا يَقُوله من يَقُوله من المتفلسفة والأطباء - فقد غلط فِي ذَلِك غَلطا بَينا فَإِن الْإِدْرَاك يتوسط بَين الْمحبَّة واللذة فَإِن الْإِنْسَان مثلا يَشْتَهِي الطَّعَام فَإِذا أكله حصل لَهُ عقيب ذَلِك اللَّذَّة فاللذة تتبع النّظر إِلَى الشَّيْء فَإِذا نظر إِلَيْهِ التذ بِهِ واللذة الَّتِي تتبع النّظر لَيست نفس النّظر وَلَيْسَت هِيَ رُؤْيَة الشَّيْء بل تحصل عقيب رُؤْيَته وَقَالَ تَعَالَى [71 الزخرف] : {وفيهَا مَا تشتهيه الْأَنْفس وتلذ الْأَعْين} وَهَكَذَا جَمِيع مَا يحصل للنَّفس من اللَّذَّات والآلام من فَرح وحزن وَنَحْو ذَلِك يحصل بالشعور بالمحبوب أَو الشُّعُور بالمكروه وَلَيْسَ نفس الشُّعُور هُوَ الْفَرح وَلَا الْحزن.فحلاوة الْإِيمَان المتضمنة من اللَّذَّة بِهِ والفرح مَا يجده الْمُؤمن الْوَاجِد حلاوة الْإِيمَان تتبع كَمَال محبَّة العَبْد لله وَذَلِكَ بِثَلَاثَة أُمُور: تَكْمِيل هَذِه الْمحبَّة وتفريقها وَدفع ضدها. فتكميلها أَن يكون الله وَرَسُوله أحب إِلَيْهِ مِمَّا سواهُمَا فَإِن محبَّة الله وَرَسُوله لَا يكْتَفى فِيهَا بِأَصْل الْحبّ].الشيخ: تكميل أيش؟ تكميل هذه المحبة وتفريعها، ودفع ضدها، أما تفريعها فمعناه محبة ما يحبه، وبعض ما يكره، وأما دفع ضدها بأن لا يكون هناك مشاركة في هذه المحبة، ولا يكون مثلا لها مشارك فيما محبة الله جل وعلا، ودفع ضدها كراهة ما يبغضه، يعني أن تكره ما يبغضه الله جل وعلا، وتكميلها أيضا أن يكون الرسول r أحب إليك من نفسك وولدك والناس أجمعين، فهذا من كمال محبة الله جل وعلا، ولهذا قال: «أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما»، وكذلك من الفروع، أن تحب ما يحبه الله، من فروعها، وتطبيقها، وكذلك كونك مثلا تبغضك ما يضاد ذلك، هذا لابد منه، ولهذا فسر يقول: وتفريعها أن يحب المرء لا يحبه إلا لله، يعني تحب ما يحبه الله، هذا هو تفريع المحبة لله، ودفع ضدها أن تكره ا يبغضه الله جل وعلا، بل ما تكفي الكراهة فقط، لابد من البغض والمعاداة، نعم.القارئ: [وَدفع ضدها أَن يكره ضد الْإِيمَان أعظم من كَرَاهَته الْإِلْقَاء فِي النَّار.فَإِذا كَانَت محبَّة الرَّسُول وَالْمُؤمنِينَ من محبَّة الله وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحب الْمُؤمنِينَ الَّذين يُحِبهُمْ الله لِأَنَّهُ أكمل النَّاس محبَّة لله وأحقهم بِأَن يحب مَا يُحِبهُ الله وَيبغض مَا يبغضه الله والخلة لَيْسَ فِيهَا لغير الله نصيب بل قَالَ: " لَو كنت متخذا من أهل الأَرْض خَلِيلًا لاتخذت أَبَا بكر خَلِيلًا " علم مزِيد مرتبَة الْخلَّة على مُطلق الْمحبَّة.وَالْمَقْصُود هُوَ أَن الْخلَّة والمحبة لله تَحْقِيق عبوديته وَإِنَّمَا يغلط من يغلط فِي هَذِه من حَيْثُ يتوهمون أَن الْعُبُودِيَّة مُجَرّد ذل وخضوع فَقَط لَا محبَّة مَعَه وَأَن الْمحبَّة فِيهَا انبساط فِي الْأَهْوَاء أَو إد | |
|
| |
abdelwahab ديري عتيق
الساعة : عدد المساهمات : 118 نقاط : 247 التقيم : 3 تاريخ الميلاد : 19/05/1991 تاريخ التسجيل : 25/04/2012 العمر : 33
| موضوع: رد: شرح رسالة العبودية الأربعاء مايو 02, 2012 6:51 am | |
| بِمُقْتَضى الْحبّ وَإِن كَانَ جهلا وظلما كَانَ ذَلِك سَببا لِبُغْض المحبوب لَهُ ونفوره عَنهُ بل سَببا لعقوبته.
وَكثير من السالكين سلكوا فِي دَعْوَى حب الله أنواعا من أُمُور الْجَهْل بِالدّينِ: إِمَّا من تعدِي حُدُود الله وَإِمَّا من تَضْييع حُقُوق الله وَإِمَّا من ادِّعَاء الدَّعَاوَى الْبَاطِلَة الَّتِي لَا حَقِيقَة لَهَا كَقَوْل بَعضهم: أَي مُرِيد لي ترك فِي النَّار أحدا فَأَنا برِئ مِنْهُ، فَقَالَ الآخر: أَي مُرِيد لي ترك أحدا من الْمُؤمنِينَ يدْخل النَّار فَأَنا مِنْهُ بَرِيء. فَالْأول جعل مريده يخرج كل من فِي النَّار.
وَالثَّانِي جعل مريده يمْنَع أهل الْكَبَائِر من دُخُول النَّار].
الشيخ: حتى فرعون، حتى فرعون وإبليس ما يريد أن يكون في النار فهم يخرجونهم، هذا جنون، والجنون فنون، قد يكون يتعدى المعقول، لا يعقل، والمريد أي مريد، يعني المريد في لغتهم وفي اصطلاحهم، هو التلميذ الذي يتبعه ويطيعه ويتأدب بآدابه، كأن النار بأيديهم والنار بأيديهم يتصرفون فيها، وهذا لا يكفي أن يقال أنه جنون، هذا خروج عن جنس العقل نعم.
القارئ: [وَيَقُول بَعضهم: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة نصبت خَيْمَتي على جَهَنَّم حَتَّى لَا يدخلهَا أحد].
الشيخ: ايش خيمته، الخيمة، يخرج من هذه الدنيا بكفن يستر به بدنه، ثم يتمزق بسرعة ويصبح هو أفقر ما يكون، وسوف يخرج من قبره كيوم ولدته أمه، حافيا عاريا لا يملك نعالا ولا يملك ما يستر به عورته، لا يكون عنده شيء، لا شك أن هذا جهل، جعل وضلال نسأل الله العافية نعم، كيف مثل هذا يسمى شيخ ويكون مثلا يقتدى به، ولولا أن الناس يقعون في جهل فزيع، يدعي العلم من ليس عنده علم، ويدعي السلوك والأدب مع الله وعبادته من هو من أبعد الناس، من كإبليس ولا أبعد من ذلك، وهكذا الشيطان يضحك ببني آدم، كما أخبرنا ربنا جل وعلا أنه أقسم لله أنه سوف يحتنكن ذرية بني آدم أيش معنى يحتنكن؟ يجعلهم تحت حنكه يتصرف فيهم كيف يشاء، عبارة أنهم يصرفهم كيف يريد، استثنى من ذلك عباد الله المخلصين، الذين خلصهم الله جل وعلا من إتباع الشيطان، وهؤلاء من أكبر أتباع الشيطان، لأنه يغتر بهم من يغتر، الذين يرون أنهم أولياء نعم، من عجائب يعني كون الإنسان، يعني من أعجب الأشياء سلوك الإنسان وتصرفه، أحيانا يتصرف تصرف أقبح من تصرف الحيوانات وأقبح من تصرف الكلاب، والله ربما تكون الكلاب أحسن منه، من أراد أن ينظر إلى شيء من ذلك فليقرأ بعض الكتاب، مثل وهو كتب عجيب، كيف مثلا مطابع المسلمين تطبع هذه الكتب وتنشرها بين المسلمين؟ الكتب التي يسمونها طبقات الأولياء، مثل كتب الشعراني وكتب النبهاني، جامع كرامات الأولياء وغيرها، كلها دعوى للشرك والكفر بالله إلا ما شاء الله، حتى يذكر فيها شيء يخجل منه الإنسان، هذا اللي هو من باب التحذير من باب يعني العبرة، وإلا قد يزيغ القلب، ويصبح القبح عنده حسن، الشعراني يقول في بعض سادته الذي يسمونه سادته كبرائه الذين هم من شيوخه، يقول: أحدهم يأتي إلى المسجد يخطب الناس وليس عليه مزعة ثياب، كما ولدته أمه له شعور وله مناظر قبيحة، الصغير قد مثلا النظر إليه يكون مستساغ، الكبير النظر إليه قبيح جدا في مثل هذه الأشياء، كيف يكون هذا؟ كيف يذكر هذا ويجعله على من المناقب؟ أيش وجه يجعله من المناقب، يقول: أنه لا يبالي بالقادح والمادح، يعني أصبح لا عقل له، ويذكر من هذا النوع أشياء كثيرة من هذا القبيل، كيف مثل هذا الكتاب ينشر به هذه الأشياء ثم يطبع وينشر ويقرأ، ويقال أنه طبقات الأولياء، فالواقع أنه طبقات الشياطين، ولكن شياطين من أين؟ من بني آدم نسأل الله العافية، طبعا ها الجنس من جنس الذين يقولون: الشيخ بهذا، فهم موجودون في كل بلد وفي كل وقت نسأل الله العافية.
القارئ: [وَمثل هَذَا قد يصدر فِي حَال سكر وَغَلَبَة وفناء يسْقط فِيهَا تَمْيِيز الْإِنْسَان أَو يضعف حَتَّى لَا يدْرِي مَا قَالَ. وَالسكر هُوَ لَذَّة مَعَ عدم تَمْيِيز وَلِهَذَا كَانَ من هَؤُلَاءِ من إِذا صَحا اسْتغْفر من ذَلِك الْكَلَام].
الشيخ: السكر هذا الذي يصيبه سكر ليس من سكر الخمر، سكر عقلي، إما لأن الشيطان يستولي عليه ويصبح عندما يسمع الغناء يذهب عقله ويتصرف تصرف البهائم، وإذا مثلا ذهب عنه هذا الوجد الذي يسمونه الوجد، إذا تواجدوا ذهبت عقولهم نهائيا، ويرقص ويغني حتى يستولي الشيطان على قلبه، ثم يصبح يتصرف تصرف البهائم، وإلا فالبهائم أحسن منه، ثم إذا قيل له: إنك فعلت كذا وكذا، ينكر هذا، يقول: ما وقع مني شيء لأنه أيش؟ قد ذهب عقله عند ذلك، هذا يقع من بعضهم نعم.
القارئ: [وَالَّذين توسعوا من الشُّيُوخ فِي سَماع القصائد المتضمنة للحب والشوق واللوم والعذل والغرام كَانَ هَذَا أصل مقصدهم فَإِن هَذَا الْجِنْس يُحَرك مَا فِي الْقلب من الْحبّ كَائِنا مَا كَانَ].
الشيخ: يحرك حب الشهوات في الواقع، يحرك حب الشهوات، وإن زعموا أن هذا حب لله فهو كذب، حب للأغاني والنغمات الجميلة، وقد يكون حب الصبيان المردان، وقد يكون حب النسوان، وهذا يجتمعون جميعا، وتحصل هذه الأشياء منهم، فكل ما خالف ما جاء به المصطفى r لا ينتج إلا الضلال والبعد عن الله جل وعلا نعم.
القارئ: [وَلِهَذَا أنزل الله محنة يمْتَحن بهَا الْمُحب فَقَالَ [31 آل عمرَان] : {قل إِن كُنْتُم تحبون الله فَاتبعُوني يحببكم الله}].
الشيخ: هذه الآية يسمونها آية المحنة، لأن فيها الامتحان، امتحان الذين قالوا: إنا نحب الله حبا شديدا، فأنزل الله جل وعلا هذه الآية: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم}، فهذا علامة محبة الله التمسك بما جاء به المصطفىr، أما أن يدعي الإنسان أنه يحب الله ويحب الرسول وهو يخالف أمره، فهذه دعوى غير مقبولة وغير مستساغة نعم.
القارئ: [فَلَا يكون محبا لله إِلَّا من يتبع رَسُوله وَطَاعَة الرَّسُول ومتابعته لَا تكون إِلَّا بتحقيق الْعُبُودِيَّة وَكثير مِمَّن يَدعِي الْمحبَّة يخرج عَن شَرِيعَته وسنته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيَدعِي من الْحَالَات مَا لَا يَتَّسِع هَذَا الْموضع لذكره حَتَّى قد يظنّ أحدهم سُقُوط الْأَمر وَتَحْلِيل الْحَرَام لَهُ وَغير ذَلِك مِمَّا فِيهِ مُخَالفَة شَرِيعَة الرَّسُول وسنته وطاعته.
بل قد جعل الله أساس محبته ومحبة رَسُوله الْجِهَاد فِي سَبيله وَالْجهَاد يتَضَمَّن كَمَال محبَّة مَا أَمر الله بِهِ وَكَمَال بغض مَا نهى الله عَنهُ وَلِهَذَا قَالَ فِي صفة من يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ [54 الْمَائِدَة] :
{أَذِلَّة على الْمُؤمنِينَ أعزة على الْكَافرين يجاهدون فِي سَبِيل الله وَلَا يخَافُونَ لومة لائم} .وَلِهَذَا كَانَت محبَّة هَذِه الْأمة لله أكمل من محبَّة من قبلهَا وعبوديتهم لله أكمل من عبودية من قبلهم].
الشيخ: كل الأمة، الأمة من ذكر كما سبق، أنهم كيف يصنعون هذه الأشياء؟ ولكن مقصوده الذين اتبعوا الرسول r واقتدوا به وأطاعوا أمره واجتنبوا ما نهى عنه نعم.
الشيخ: [وَلِهَذَا كَانَت محبَّة هَذِه الْأمة لله أكمل من محبَّة من قبلهَا وعبوديتهم لله أكمل من عبودية من قبلهم وأكمل هَذِه الْأمة فِي ذَلِك هم أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن كَانَ بهم أشبه كَانَ ذَلِك فِيهِ أكمل فَأَيْنَ هَذَا من قوم يدعونَ الْمحبَّة؟ وَفِي كَلَام بعض الشُّيُوخ: الْمحبَّة نَار تحرق فِي الْقلب مَا سوى مُرَاد المحبوب. وَأَرَادُوا أَن الْكَوْن كُله قد أَرَادَ الله وجوده فظنوا أَن كَمَال الْمحبَّة أَن يحب العَبْد كل شَيْء].
الشيخ: أراد الله وجوده، لأن وجوده مفعول، لأن هذه الإرادة الكونية فعندهم لا فرق بين الإرادة الكونية والإرادة الدينية، فهم يقولون: نحن بطاعة دائمة لا نخرج عنها، وهذا قصور وضلال بين، فإذاً يكون الشيطان أيضا في طاعة، لأن الله أراد وجوده وأراد كونه نعم.
القارئ: [فظنوا أَن كَمَال الْمحبَّة أَن يحب العَبْد كل شَيْء حَتَّى الْكفْر والفسوق والعصيان وَلَا يُمكن لأحد أَن يحب كل مَوْجُود بل يحب مَا يلائمه وينفعه وَيبغض مَا يُنَافِيهِ ويضره وَلَكِن استفادوا بِهَذَا الضلال اتِّبَاع أهوائهم ثمَّ زادهم انغماسا فِي أهوائهم وشهواتهم فهم يحبونَ مَا يهوونه كالصور والرئاسة وفضول المَال والبدع المضلة زاعمين أَن هَذَا من محبَّة الله وَمن محبَّة الله بغض مَا يبغضه الله وَرَسُوله وَجِهَاد أَهله بِالنَّفسِ وَالْمَال.
وأصل ضلالهم: أَن هَذَا الْقَائِل الَّذِي قَالَ: إِن الْمحبَّة نَار تحرق مَا سوى مُرَاد المحبوب، قصد بِمُرَاد الله تَعَالَى: الْإِرَادَة الكونية فِي كل الموجودات.
أما لَو قَالَ مُؤمن بِاللَّه وَكتبه وَرُسُله، هَذِه الْمقَالة، فَإِنَّهُ يقْصد الْإِرَادَة الدِّينِيَّة الشَّرْعِيَّة الَّتِي هِيَ بِمَعْنى محبته وَرضَاهُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: تحرق من الْقلب مَا سوى المحبوب لله. وَهَذَا معنى صَحِيح فَإِن من تَمام الْحبّ لله أَلا يحب إِلَّا مَا يُحِبهُ الله فَإِذا أَحْبَبْت مَا لَا يحب كَانَت الْمحبَّة نَاقِصَة. وَأما قَضَاؤُهُ وَقدره فَهُوَ يبغضه ويكرهه ويسخطه وَينْهى عَنهُ فَإِن لم أوافقه فِي بغضه وكراهته وَسخطه لم أكن محبا لَهُ بل محبا لما يبغضه. فاتباع هَذِه الشَّرِيعَة وَالْقِيَام بِالْجِهَادِ بهَا من أعظم الفروق بَين أهل محبَّة الله وأوليائه الَّذين يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ].
الشيخ: وقوله: أن قضائه وقدره فهو يبغضه ويكره ويسخطه، يعني لا يلزم أن يكون القضاء كله، لأن القضاء والقدر قد يتفق مع الأمر الذي يأمر به، فإذا كان متفقا فهو يحبه، كذلك إذا كان مخالفا فالله جل وعلا أراد أن توجد المتضادات حتى يتبين الحق من الباطل، ويتبين المجاهد من عدمه، وإلا لو لم يوجد الكفر ويوجد الشرك ما تبين الذين يجاهدون في إنكاره وفي إزالته ووقع الجهاد منهم، نسأل الله جل وعلا أن يوفقنا للحق ويهدينا إليه، والسؤال هنا قبل أن، مر معنا أن كلمة أمة في القرآن تأتي بعدة معاني، من يذكر لنا ثلاثة منها نعم، كلمة الأمة، الزمن أيش مثال؟ والمعنى الثاني: الإمام القدوة نعم، الطائفة طائفة من الناس، طب فيه معنى رابع، هو ذكره ا لطائفة هي الجماعة، طيب الحب الذي يجب أن يكون لله جل وعلا ما الفرق بينه وبين محبة الرسول r؟
الطالب: ..
الشيخ: يكفي خلاص كل واحد يأخذ مكانه. | |
|
| |
abdelwahab ديري عتيق
الساعة : عدد المساهمات : 118 نقاط : 247 التقيم : 3 تاريخ الميلاد : 19/05/1991 تاريخ التسجيل : 25/04/2012 العمر : 33
| |
| |
abdelwahab ديري عتيق
الساعة : عدد المساهمات : 118 نقاط : 247 التقيم : 3 تاريخ الميلاد : 19/05/1991 تاريخ التسجيل : 25/04/2012 العمر : 33
| موضوع: رد: شرح رسالة العبودية الأربعاء مايو 02, 2012 6:52 am | |
| «أحثوا التراب في وجوه المداحين»، لأن المدح في الغالب أنه يكون كذب، وإذا مدحت في وجهك، فاعلم أن الذي مدحك سوف يذمك في غيبتك، ولهذا من الحكم التي تناقلها العلماء، من تكلم في حضرتك ما ليس فيك، فسيتكلم في غيبتك بما ليس فيك، ولهذا يقولون عن الواقع، والمقصود أن الترأس والترفع عن الناس هذا النفس تحبه وتميل إليه، ولهذا تحتاج إلى مجاهدة، أنها تجاهد في هذا حتى إن الإنسان قد يغالط نفسه، إذا جاءه من يثني عليه ويمدحه وإن كان هو أعلم، الممدوح أعلى من المادح في نفسه، ربما تجده يقول: لعلي كما يقولون، ثم يميل إلى قولهم، هذا يترتب عليه مفاسد كثيرة، وعلى كل حال الإنسان ضعيف، لهذا لما سمع الرسول r رجلا يثني على آخر قال: «ويلك قطعت عنقه إن كنت فاعلا ولابد فلا يسمعك»، أو قال: «إذا أثنى أحدكم على الآخر فليقل أحسبه كذا وكذا والله حسيبه ولا أزكي على الله أحدا»، فالمقصود أن طبيعة الإنسان وما جبل عليه أنه يحب أنه يترفع على الناس، وأن الناس يثنون عليه، ويمدحونه حتى تحظى نفسه بالتقديم في المجالس وفي الكلام وفي غير ذلك، وكل هذا من شهوات النفوس التي لا تنفع بل تضر، ولا تنفع الإنسان، والنفس تحتاج إلى جهاد، إن لم تجاهد ويعرف الإنسان قدر النفس وخفاياها وغوائها يقع في ذلك وهو لا يشعر نعم.
القارئ: [وَقيل لأبي دَاوُد السجسْتانِي: وَمَا الشَّهْوَة الْخفية؟ قَالَ: حب الرِّئَاسَة].
الشيخ: الرئاسة مطلقا يعني الترفع عن الناس مطلقا، يعني لا يلزم أن يكون رئيس كبير، يعني إذا كان رئيس قوم أو مقدم عند قوم، ولو كانوا جماعة قليلة فهذا منه يدخل فيه نعم.
القارئ: [وَعَن كَعْب بن مَالك عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: « مَا ذئبان جائعان أرسلا فِي زريبة غنم بأفسد لَهَا من حرص الْمَرْء على المَال والشرف لدينِهِ » قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدِيث حسن صَحِيح].
الشيخ: الزريبة زريبة الغنم هي ما تجتمع الغنم فيه، مثل الحظائر التي تبنى إما بشجر أو بما يمنعها من الذهاب، فإذا اجتمعت وجاءها ذئبان جائعان لا يتركان فيها شيء، لأن طبيعة الذئب لا يأخذ الشيء الذي يكفيه، يقتل الغنم كلها، لا يقتل الشيء الذي يقتله فقط، لأنه يتركها له فيما بعد يتردد عليها، حتى يقتاتها في أوقات طويلة، وهذا شيء مجرب، إذا وجد الذئب الغنم ليس معها أحد أفسدها أكلها كلها، فإذا كان ذئبان جائعان معناهما أنهما يحيطان بالغنم، ولا يند منها شيء، لذا يقول: «ما ذئبان جائعان أرسلا في زريبة غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه»، والشرف هو الرئاسة، والمال قد يستولي على النفس حبه ويترك ما وجب عليه، فيجب أن يكون هذا كله طلبه باعتدال، وبإتباع لأمر الله جل وعلا، نعم.
القارئ: [قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدِيث حسن صَحِيح].
الشيخ: هذا الحديث شرحه ابن رجب رحمه الله برسالة، وهي رسالة جيدة في الواقع ينبغي أنها تقرأ نعم.
القارئ: [فَبين صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الْحِرْص على المَال والشرف فِي إِفْسَاد الدَّين لَا ينقص عَن إِفْسَاد الذئبين الجائعين لزريبة الْغنم وَذَلِكَ بيّن فَإِن الدَّين السَّلِيم لَا يكون فِيهِ هَذَا الْحِرْص وَذَلِكَ أَن الْقلب إِذا ذاق حلاوة عبوديته لله ومحبته لَهُ لم يكن شَيْء أحب إِلَيْهِ من ذَلِك حَتَّى يقدمهُ عَلَيْهِ وَبِذَلِك يصرف عَن أهل الْإِخْلَاص لله السوء والفحشاء كَمَا قَالَ تَعَالَى [24 يُوسُف] : {كَذَلِك لنصرف عَنهُ السوء والفحشاء إِنَّه من عبادنَا المخلصين}] .
الشيخ: تقدمت هذه الآية الكلام عليها في السابق، وهي في آخرها قراءتان المخلصين والمخلصين وكلاهما حق، والمخلص هو الذي أخلص لله جل وعلا أعماله فصارت خافية خالصة ليس فيها شيء لغيره، والإخلاص هو المنجي، حتى إن الكفار المشركين كانوا إذا وقعوا في شدة أخلصوا لله فنجوا نجاهم، كما قال الله جل وعلا: {فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون}، فالإخلاص هو المفزع الذي يفزع إليه، غير العقلاء إذا وقعوا في أمر عظيم، ومن هذا حديث الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى غار فانطبقت عليهم السخرة، فدعوا الله بأعمالهم الصالحة الخالصة لله، فنجاهم الله جل علا، والقراءة الأخرى المخلصين، الذين اختارهم الله جل وعلا وجعلهم خلاصة الناس وخلاصة العباد، فهم من اختيار الله وجل علا، وهاتين القراءتين تنطبق على يوسف عليه السلام، والسوء يكون عاما في كل ما يسوء الإنسان عاقبته، والذنوب كلها عاقبتها تسوء الإنسان، أما الفحشاء فالغالب أنه يطلق على الزنا وما يجلب إليه، فهو لأنه فحش في نفوس أهل الاستقامة، هو من أقبح الأشياء وأفحشها، لهذا قال الله جل وعلا: {إنه كان فاحشة وساء سبيلا}، لأن سبيله سبيل سيء خبيث نعم.
القارئ: [فَإِن المخلص لله ذاق من حلاوة عبوديته لله مَا يمنعهُ عَن عبوديته لغيره وَمن حلاوة محبته لله مَا يمنعهُ عَن محبَّة غَيره إِذْ لَيْسَ عِنْد الْقلب السَّلِيم أحلى وَلَا ألذ وَلَا أطيب وَلَا أسر وَلَا أنعم من حلاوة الْإِيمَان المتضمن عبوديته لله ومحبته لَهُ وإخلاص الدَّين لَهُ].
الشيخ: يعني هذا في الدنيا، يجد الإنسان إذا كانت عبادته خالصة وصادقة، يجد لذة وراحة، وكان السلف الذين يعرفون هذه الأمور ويتقون بها، يقول: أكره إليه أن يطلع الصبح، لأنه يتعبد ويتهجد ويخلوا بربه، يود أن الليل يمتد ويطول، حتى يطول صلته بربه وخلوته به، بعضهم يقول إذا كان في مثل هذه يقول: إذا كان أهل الجنة في مثل هذا النعيم فهم في نعيم عظيم، وهذا الذي يشير بعض الناس وبعض العلماء وبعض الذين يتعبدون بالحق، إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة، ومقصوده جنة التلذذ بطاعة الله جل وعلا والأنس به وبقربه وعبادته، ولهذا ينكر بعضهم أن تكون العبادات تكاليف، يقول: ليست تكاليف بل هي نعيم، نعيم القلوب، ولكن ما كل يدرك هذا نعم.
القارئ: [وَذَلِكَ يَقْتَضِي انجذاب الْقلب إِلَى الله فَيصير الْقلب منيبا إِلَى الله خَائفًا مِنْهُ رَاغِبًا رَاهِبًا كَمَا قَالَ تَعَالَى [33 ق] : {من خشِي الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بقلب منيب}].
الشيخ: الإنابة هي كمال الطاعة والانقياد، يعني ينقاد إلى ربه انقيادا كاملا، والخشية تتضمن الخوف والرجاء، في ضمنها يخاف، وفي أيضا يعني معناها الخوف وفي ضمنها الرجاء، فجعل هذا لله، وخشي الرحمن بالغيب، بالغيب يعني الله لا يشاهد، وإنما بالأخبار التي جاءت منه، واتبعها نعم.
القارئ: [إِذْ الْمُحب يخَاف من زَوَال مَطْلُوبه أَو حُصُول مرغوبه فَلَا يكون عبد الله ومحبه إِلَّا بَين خوف ورجاء كَمَا قَالَ تَعَالَى [57 الْإِسْرَاء] : {أُولَئِكَ الَّذين يدعونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبهم الْوَسِيلَة أَيهمْ أقرب ويرجون رَحمته وَيَخَافُونَ عَذَابه إِن عَذَاب رَبك كَانَ محذورا}] .
الشيخ: الآية تدل على أن التنافس في الطاعة أنه مطلوب، لقوله: {يبتغون إلى ربهم الوسيلة}، والوسيلة ليست التي يقولها الناس وهي التعلق بالمخلوق، أو سؤال المخلوق، هذا شرك، فلا يكون وسيلة إلى الله، بل يكون هذا قاطعا عن الله، وإنما الوسيلة الطاعة، الطاعات التي تقرب إلى الله، كل طاعة أمر الله بها وجاء بها الرسول فهي الوسيلة التي توصل إلى مرضاة الله جل وعلا وإلى ثوابه، وقولهم: أيهم أقرب، يعني كل واحد يريد أن يكون أقرب إلى الله من الآخر، فهذا الذي يدل على المنافسة في الطاعة، ينبغي أن نتنافس فيها، لا يكون فلان أعلم منك درجة، بل ينبغي أنك تسعى وتعمل وتنافس في درجة الآخرة، بخلاف الدنيا فإن التنافس فيها مذموم، لأنه يلهي عن الآخرة، ويقطع عن العمل الذي يكون فيه رفعة العامل عند الله جل وعلا غالبا نعم، يقول: ويخافون عذابه، يرجون رحمته ويخافون عذابه، هذا لابد منه في التعبد، ولهذا يسمى هذا ركنا العبادة، الرجاء والخوف، ويجب أن يكون الأمر متعادل أو الرجاء أرجح، والخوف لا يجوز أن يكون متعديا في المشروع، لأن الخوف يجب أن يكون مانعا من ترك الواجب واقتراف المحرم فقط، ولا يزيد عن هذا، فإن زاد عن هذا صار يأس، وصار مذموما لا يجوز أن الإنسان يفعله، لأن رحمة الله جل وعلا أوسع من غضبه، والخوف لا يخاف الإنسان أن الله يحيف عليه أو يمنعه شيئا يستحقه، وإنما يجب أن يخاف من ذنوبه فقط، والمقصود أن الخوف يعني حده، أن يمنع الإنسان من ترك ما وجب عليه، أو فعل ما حرم عليه، ولا يزيد على ذلك نعم.
القارئ: [وَإِذا كَانَ العَبْد مخلصا لله اجتباه ربه فأحيا قلبه واجتذبه إِلَيْهِ فَيَنْصَرِف عَنهُ مَا يضاد ذَلِك من السوء والفحشاء وَيخَاف من حُصُول ضد ذَلِك بِخِلَاف الْقلب الَّذِي لم يخلص لله فَإِن فِيهِ طلبا وَإِرَادَة وحبا مُطلقًا فيهوى مَا يسنح لَهُ ويتشبث بِمَا يهواه كالغصن أَي نسيم مر بِهِ عطفه وأماله فَتَارَة تجتذبه الصُّور الْمُحرمَة وَغير الْمُحرمَة فَيبقى أَسِيرًا عبدا لمن لَو اتَّخذهُ هُوَ عبدا لَهُ لَكَانَ ذَلِك عَيْبا ونقصا وذما].
الشيخ: المحرمة، الصور المحرمة يعني الشيء الممنوع عليه من جانب المرأة الأجنبية أو غيرها، أو غير المحرمة كالزوجة مثلا، لا يجوز أن تصده عن طاعة الله، وأن تلهيه عما أوجب الله عليه، فإن كانت كذلك فهذا مذموم، فيكون أسيرا وعبدا لذلك الذي اتخذه واستولى على قلبه وصار عمله تبعا لذلك، أو ينقص تنقص عبادته حسب ما قام بقلبه من نقص عبودية الله جل وعلا، وطاعته وإتباع أمره واجتناب نهيه، لأنه إذا كان مثلا الأشياء هذه تجذبه وتستولي على شيء من قلبه، فلابد أن يترك شيئا من الواجب، ويفعل شيئا من المحرامات نعم.
القارئ: [وَتارَة يجتذبه الشّرف والرئاسة فترضيه الْكَلِمَة وتغضبه الْكَلِمَة ويستعبده من يثني عَلَيْهِ وَلَو بِالْبَاطِلِ ويعادي من يذمه وَلَو بِالْحَقِّ.
وَتارَة يستعبده الدِّرْهَم وَالدِّينَار وأمثال ذَلِك من الْأُمُور الَّتِي تستعبد الْقُلُوب والقلوب تهواها فيتخذ إِلَهًا هَوَاهُ وَيتبع هَوَاهُ بِغَيْر هدى من الله.
وَمن لم يكن خَالِصا لله عبدا لَهُ قد صَار قلبه معبدًا لرَبه وَحده لَا شريك لَهُ بِحَيْثُ يكون الله أحب إِلَيْهِ من كل مَا سواهُ].
الشيخ: ومن لم يكن خالصا لله عبدا له قد صار قلبه، هذا تابعا للكلام الأول، ووجود مثلا الفاصلة هذه ما يجوز، لأن الفاصلة تجعل الكلام غير متصل، وهذا من تمام الكلام، ومن لم يكن خالصا لله عبدا لله قد صار قلبه معبد لربه وحده لا شريك له، حيث يكون الله أحب إليه، كل هذا كلام يصير واحد ما أتى الخبر نعم.
القارئ: [بِحَيْثُ يكون الله أحب إِلَيْهِ من كل مَا سواهُ وَيكون ذليلا لَهُ خاضعا وَإِلَّا استعبدته الكائنات واستولت على قلبه الشَّيَاطِين فَكَانَ من الغاوين].
الشيخ: وإلا هذا هو الخبر، يعني وإن لم يكن كذلك استعبدته الكائنات، الكائنات يعني المخلوقات كلها، سواء كانت ممن حل أو مما حرم، ومعلوم التفاوت في هذا نعم.
القارئ: [فَكَانَ من الغاوين إخْوَان الشَّيَاطِين وَصَارَ فِيهِ من السوء والفحشاء مَا لَا يُعلمهُ إِلَّا الله. وَهَذَا أَمر ضَرُورِيّ لَا حِيلَة فِيهِ].
الشيخ: ضروري يعني الناس ما يخرجون عن هذا الشيء، إما أن يكون الإنسان عبدا لله خالصا له، أو يكون عنده عبودية لله، وعنده عبودية لغير الله، وهو لما استولى عليه، أو يكون عبدا لغير الله تماما، لهواه أو لشياطين الإنس والجن، أو للمظاهر التي حوله من أموال وغيرها، وإن ظهر للناس أنها ليس كذلك فهو لا ينفك عن هذا، ولهذا قال: هذا أمر ضروري، لا حيلة فيه، وهذا من سنة الله، من لم يبعد الله عبد غيره ولابد، لأن الإنسان خلق عبدا، لا يمكن أن يتخلص عن هذا، حتى الملاحدة الذين يقولون: أنهم لا يعبدون شيء، فهم لا ينفكون عن العبادة، فهم يعبدون شهواتهم، يعبدون بطونهم وفروجهم، أو يعبدون رؤساءهم أو يعبدون رئاساتهم ولابد، فالأمر في هذا واضح نعم.
القارئ: [فالقلب إِن لم يكن حَنِيفا مُقبلا على الله معرضًا عَمَّا سواهُ وَإِلَّا كَانَ مُشْركًا قَالَ تَعَالَى [30-32 الرّوم] : {فأقم وَجهك للدّين حَنِيفا فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا لَا تَبْدِيل لخلق الله ذَلِك الدَّين الْقيم وَلَكِن أَكثر النَّاس لَا يعلمُونَ * منيبين إِلَيْهِ واتقوه وَأقِيمُوا الصَّلَاة وَلَا تَكُونُوا من الْمُشْركين * من الَّذين فرقوا دينهم وَكَانُوا شيعًا كل حزب بِمَا لديهم فَرِحُونَ} .
وَقد جعل الله سُبْحَانَهُ إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم أَئِمَّة لهَؤُلَاء الحنفاء المخلصين أهل محبَّة الله وعبادته وإخلاص الدَّين لَهُ كَمَا جعل فِرْعَوْن وَآل فِرْعَوْن أَئِمَّة الْمُشْركين المتبعين أهواءهم قَالَ تَعَالَى فِي إِبْرَاهِيم [72-73 الْأَنْبِيَاء] : {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاق وَيَعْقُوب نَافِلَة وكلا جعلنَا صالحين}].
الشيخ: ووهبنا له إسحاق هذا ولد، ويعقوب هو النافعي لأنه حفيده، وكلا جعلنا صالحين يعني من أبنائه، وهذا استجابة لدعوته حينما دعا ربه جل وعلا، ولهذا جعل النبوة في ذريته، فأي نبي بعث بعده هو من ذرية إبراهيم، وكذلك الكتاب، يعني الكتاب أنزل على الأنبياء نعم.
القارئ: [{وجعلناهم أَئِمَّة يهْدُونَ بأمرنا وأوحينا إِلَيْهِم فعل الْخيرَات وإقام الصَّلَاة وإيتاء الزَّكَاة وَكَانُوا لنا عابدين}].
الشيخ: هذا الثناء وهو الذي ينفع، أن يكونوا عابدين لله جل وعلا ليس لنفوسهم ولأهوائهم، وعباد الله الذين يكونون نظرائهم، فكما ميزهم الله عن ذلك فصاروا أئمة يقتدى بهم ويهتدى بهديهم، ويأمر الله جل وعلا أن نقتدي به، {ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا}، {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه}، من هم الذين معه؟ هل إبراهيم كان معه أحد في دعوته؟ الذين معه إذا قالوا لقومهم، لوط صار لها قوم: {إذ قالوا لقومهم إنا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله}، الذين معه كل الأنبياء الذين جاءوا بهذا الدين الذي هو عبادة الله وحده، نعم.
القارئ: [وَقَالَ فِي فِرْعَوْن وَقَومه [41-42 الْقَصَص] : {وجعلناهم أَئِمَّة يدعونَ إِلَى النَّار وَيَوْم الْقِيَامَة لَا ينْصرُونَ * وأتبعناهم فِي هَذِه الدُّنْيَا لعنة وَيَوْم الْقِيَامَة هم من المقبوحين} وَلِهَذَا يصير أَتبَاع فِرْعَوْن أَولا إِلَى أَلا يميزوا بَين مَا يُحِبهُ الله ويرضاه وَبَين مَا قدر الله وقضاه بل ينظرُونَ إِلَى الْمَشِيئَة الْمُطلقَة الشاملة ثمَّ فِي آخر].
الشيخ: هذا مثل ما سبق المشيئة المطلقة الشاملة، والمشيئة المقصود بها الإرادة الكونية، والإرادة قسمها أهل السنة إلى قسمين، إرادة قدرية كونية خلقية، يعني أن الله خلق الخلق بها، وهي التي يقول جل وعلا للشيء فيها كن فيكون، وكل شيء لا يخرج عنها سواء كان محبوبا أو مكروها مذموما، وهذه لا يلزم أن يكون مرادها محبوب لله، ومرضي له، قد يكون محبوب وقد يكون مكروه مبغض، كوجود السحر والكفر والمعاصي، لا توجد إلا بإذن الله بمشيئته، كل شيء، وإن كان المسئول عنها هو الفاعل لها، والإرادة الثانية الإرادة الدينية العملية الشرعية، وهذه التي هي مرادها، يعني كونها تمتثل وتفعل هذا الذي يحبه الله ويأمر به، ولكن لا يلزم من وجوده، لا يلزم أن توجد، ولهذا أكثر الناس عصوا أمر الله، لأن الله أمرهم بطاعته وخلقهم لعبادته، صاروا لا يعبدون، يعبدون الشياطين شياطين الجن والإنس، فالفرق بين الإرادتين، أن الإرادة الكونية تتعلق بتكوين الأشياء ووجود الأشياء، وهي عامة شاملة لا يخرج عنها شيء، أما الإرادة الدينية فهي تتعلق بالأمر فقط، بأمره ودينه فقط، ولا يكون يمتثل لها إلا أهل الطاعة، وفي أهل الطاعة، مثلا إذا وقعت الطاعة لله، فهذا اتفقت فيه الإرادتان، وإذا وقعت المعصية من رجل مكلف، فقد تخلفت الإرادة الدينية ووجدت الإرادة الكونية القدرية، فهذا يدل على أن مراد الإرادة الدينية محبوب مأمور به، حب ما يحبه الله كونه ووجوده، ولا يلزم أن يوجد، لا يلزم، والإرادة القدرية لابد من وجود مرادها، ولا يتخلف، ولكن لا يلزم أن يكون محبوب لله، قد يكون مكروه لله، كوجود المعاصي وجود الكفر وجود الشياطين وغير ذلك، لولا الإرادة الكونية ما وجدت هذه، لأن الله جل وعلا هو المتصرف في الكون كله، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، فهذا التقسيم تقسيم لابد منه، لأنه دل عليه كتاب الله، وكذلك أحاديث رسوله وكذلك الواقع، الله جل وعلا يقول: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام، ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء}، فالأمر الديني يقول جل وعلا في الصوم: {ومن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}، اليسر هنا تخفيف، التخفيف والتسهيل على العباد، فعند المتكلمين من أشاعرة وغيرهم لا يقسمون هذا التقسيم، فيقعون في المشاكل في مثل هذا، الذي يستشكلونها كثيرا ولا يتخلصون منها نعم.
القارئ: [ثمَّ فِي آخر الْأَمر لَا يميزون بَين الْخَالِق والمخلوق بل يجْعَلُونَ وجود هَذَا وجود هَذَا. وَيَقُول محققوهم: الشَّرِيعَة فِيهَا طَاعَة ومعصية والحقيقة فِيهَا مَعْصِيّة بِلَا طَاعَة وَالتَّحْقِيق لَيْسَ فِيهِ طَاعَة وَلَا مَعْصِيّة. وَهَذَا تَحْقِيق مَذْهَب فِرْعَوْن وَقَومه الَّذين أَنْكَرُوا الْخَالِق وأنكروا تكليمه لعَبْدِهِ مُوسَى وَمَا أرْسلهُ بِهِ من الْأَمر وَالنَّهْي].
الشيخ: طيب نريد واحد يعيد هذا الكلام الفرق بين الإرادة الكونية والإرادة الدينية من؟ نعم، هذه أول شيء الإرادة الكونية، والدينية؟ الشرع يعني، هذه تكون لغير المسلمين، طيب أيش الفرق بين المشيئة والإرادة من يقول؟ طيب يكفي خلاص. | |
|
| |
abdelwahab ديري عتيق
الساعة : عدد المساهمات : 118 نقاط : 247 التقيم : 3 تاريخ الميلاد : 19/05/1991 تاريخ التسجيل : 25/04/2012 العمر : 33
| |
| |
| شرح رسالة العبودية | |
|