مناسك الحج والعمرة إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله
تعالي من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. (يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا
وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )(يَا أَيُّهَا
النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ
مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا
اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ
رَقِيبًا )( يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ
وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ
فَوْزًا عَظِيمًا ) أما بعد: أعلموا أيها الأحبة أن لله مواسم ونفحات يصيب بها من
يشاء من عباده فالسعيد من أغتنم هذه الأوقات وقرب إلى مولاه رب الأرض والسماوات
فعسى أن تصيبه نفحة من تلك النفحات فيسعد بعدها سعادة لا يشقى بعدها ابداً. ومن هذه الأيام المباركات العشر من ذي الحجة وهي أفضل
أيام الدنيا وقد شرع الله فيها حج بيته الحرام. فالحج أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام وهو من أفضل
الطاعات و أجل القربات التي ترضي رب الأرض و السماوات وهو عبادة العمر وختام الأمر
وتمام الإسلام وكمال الدين وقف الناس جميعاً في صعيد واحد وسمعوا قول الحق سبحانه
وتعالي: (وَلِلَّهِ عَلَى
النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ
فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ) ( آل عمران
97) وسمعوا قوله تعالي: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) ( البقرة 196)
إن الكعبة هي بيت الله المقدس وحرمه المعظم بُني
بأمره ورعاه بعينهودل على مكانـــــه
ملكــــان كريمــــان جبريـــل وميكائيل
وقام ببنائه نبيان
عظيمان إبراهيم وإسماعيل
] وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ
رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [
فلما
تم بناؤه وقامت أركانه جُعل الحج إليه فريضة والذهاب إليه شعيرة ، والطواف حوله
واجب والوقوف بجبله لازم والنظر إليه عبادة وتقبيل حجره سنة والصلاة عند مطلوبة .
وهو أول بيت أعده الله لعبادته وطهره للطائفين والعاكفين من أهل محبته ،
وأوجب عليهم الإتيان إليه سواء من قريب أو بعيد أو من كل فج عميق .فلا
يدخلونه إلا متواضعين متخشعين متذللين كاشفي رءوسهم متجردين من لباس أهل الدنيا .
فهيا لنعيش سوياً ومعاً رحلة الحج ، وما أروعها من رحلة
وما أعظمه من منظر ، رحلة ينتقل فيها العبد ببدنه وقلبه إلى البلد الأمين لمناجاة
رب العالمين .- وعندما نتكلم عن الحج نتذكر جميعاً أطهر نفس أحرمت
وأزكي روح هتفت وأفضل قدم طافت وسعت وأعذب شفة نطقت وكبرت وهللت وأشرف يد رمت
واستلمت .هنا تترآى لنا تلك الروعة حيث ينقل خطاه في المشاعر يهتف
مع الملأ الطاهر مرددين :" لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن
الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك "فهيا معاً لنعيش رحلة الحج والعمرة -
تعريف مناسك الحج والعمرة لغة وشرعاً : - الحج لغة : القصد ، وقيل القصد
إلى شيء تعظمه .- الحج شرعاً : قصد مكة للنسك في
زمن مخصوص ،وقيل : هو قصد مخصوص إلى مكان مخصوص في زمان مخصوص . (*) النسك والمنسك : مأخوذ من النسيكة وهي الذبيحة
المتقرب بها ، ثم اتسع فيه فصار اسماً للعبادة
والطاعــــة ومنه قيل للعابد الناسك ، وقد غلب إطلاقه على أفعال الحج لكثرة أنواعها
ولما تتضمنــــه من كثرة الذبائح المتقرب بهــا فيقال مناسك الحج . وهو أحد الأركان الخمسة ويجب في العمر مرة واحدة .وقد فرض في السنة التاسعة من الهجرة على الأصح . وهو قول أكثر العلماء ، ولم يحج
النبي r بعد هجرته إلى المدينة المنورة سوى حجة الوداع في
السنة العاشرة من الهجرةواعتمر النبي r أربع مرات بعد الهجرة .ثلاثاً منها في شهر ذي القعدة ، وهي عمرة الحديبية ، وعمرة القضاء ،
وعمــرة الجعرانــة حين قسم غنائم حنين ،
والرابعة في شهر ذي الحجة وهي عمرته مع حجته . - والعمرة لغة : الزيارة .- والعمرة شرعاً : زيارة البيت على
وجه مخصوص .
-
حكم الحج والعمرة : الحج واجب بالكتاب
والسنة وإجماع سلف الأمة .
1) أما الكتاب :فقول الله تعالى : ] وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَـــاعَ إِلَيْــــهِ
سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ
عَنْ الْعَالَمِينَ [ ( آل عمران
: 97 ) - روي عن ابن عباس أنه قال ومن كفر باعتقاده أنه غير
واجب . وقال تعالى : ] وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [ ( البقرة :
196 )2) أما السنة : - فقد أخرج البخاري
ومسلم من حديث ابن عمر – رضي الله عنه - أن النبي r قال :بني
الإسلام على خمس ، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة
وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت من استطاع إليه سبيلا .- وفي صحيح مسلم من حديث
أبي هريرة – رضي الله عنه – قال :خطبنا رسول
الله
r فقال : أيها
الناس قد فرض عليكم الحج فحجوا ، فقال رجل : أكل عام يا رسول الله ؟ فسكت حتى
قالها ثلاثا ، فقال رسول الله r : لو قلت نعم
لوجبت ولما استطعتم ، ثم قال ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم
، واختلافهم على أنبيائهم ، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم
عن شيء فدعوه .ملحوظة : الرجل هو "
الأقرع بن حابس " .3) أما الإجماع :فقد
أجمعت الأمــــة على وجـــوب الحج على المستطيع في العمر مرة واحدة ، ولم يخالف
أحد في ذلك .
- ذهب
فريق إلى أن العمرة فريضة كالحج ، وبهذا قال أحمد والشافعي وروي ذلك عن عمر وابن
عباس وزيد بن ثابت وبه قال ابن حزم والنووي وإسحاق .
وذهب فريق آخر وهو مالك وأبو حنيفة إلى أنها غير واجبة
وروي ذلك عن ابن مسعود وهي أحد الروائية عن أحمد والشافعي . وهذا هو القول الراجح كما حقق ذلك الشوكاني في نيل
الأوطار حـ 4 ص 281 .
-
شروط وجوب الحج والعمرة :
لا يجب
الحج إلا على مسلم – بالغ – عاقل – حر – مستطيع
في أشهر الحج .1) الإسلام : فلا
يطالب غير المسلم بحج ولا بعمرة ولا بغيرهما من أنواع العبادات ، إذ الإيمان شرط
في صحة الأعمال وقبولها .
قال تعالى : ] وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ
أَشْرَكْــــتَ لَيَحْبَطَــــنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنْ
الْخَاسِرِينَ [ ( الزمر : 65 ) وإن حج وهو مسلم وارتد عن الإسلام ثم عاد إليه فإنه لا يجب عليه إعادة الحج
عند الشافعية لأن إحباط العمل لا يحدث للمرتد إلا إذا مات على ردته وكفره ، وذهب
الأحناف والمالكية إلى وجوب إعادته إذا عاد بعد ردته .( 2 – 3 ) العقل والبلوغ
: إذ لا تكليف على المجنون حتى يفيق وعلى الصبي حتى يبلغ . - أخرج الإمام أحمد وأبو
داود من حديث علي-رضي الله عنه- أن النبي r قال :رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون حتى يفيق، وعن النائم
حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم .(صحيح الجامع 3513)
أما عن حج الصبي والمملوك فهو لا يجب ، وكذا غير
المستطيع وكلهم إذا حجوا صح حجهم ولكن على الصبي أن يحج بعد بلوغه وكذا المملوك بعد عتقه
.- ففي الحديث الذي أخرجه
الطبراني بسند صحيح عن ابن عباس أن النبي r قال :أيما صبي حج ثم بلغ الحنث فعليه أن يحج حجة أخرى
وأيما عبد حج ثم أعتق فعليه أن يحج حجة أخرى .
ومن الأدلة على صحة حج الصبي الصغير .- ما رواه مسلم في صحيحه
من حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – أن امرأة
رفعت إلى النبي r صبياً لها
فقالت ألهذا حج ؟قال : نعم
ولك أجر . فالصبي يأتي بما يستطيعه من أعمال الحج والعمرة فإن عجز عن أي شيء منهما
قام وليه بتحجيجه وإعماره ( كأن يحرم عنه ويجرده من المخيط المحيط ويلبي عنه ويطوف
به ويسعى ويقف به بعرفة ويرمي عنه الجمار ..... ) إلى غير ذلك من أعمال الحج
والعمرة .- لما رواه الإمام أحمد
في مسنده وابن ماجة في سننه عن جابر – رضي الله عنه – قال :حججنا مع رسول الله r ومعنا النساء
والصبيان فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم .
- وإذا بلغ الصبي وهو محرم فأعاد الإحرام يوم عرفة أو قبله فإن إحرامه صحيح
، وتجزئه تلك الحجة عن حجة الإسلام المفروضة عليه وذلك بالإجماع .(4) الحرية : فالعبد لا يجب عليه الحج لأن منافعه مستحقه لمولاه .(5) الاستطاعة : وحد الاستطاعة أن يملك المسلم ما يوصله إلى بيت الله الحرام مع نفقته ونفقة
أهله حتى يرجع ، وهي الزاد والراحلة لما
أخرجه الدار قطني والحاكم عن أنس قال :قلت : يا رسول الله ما السبيل ، قال : الزاد والراحلة .
لقوله تعالى : ] وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ
سَبِيلاً [ ( آل عمران : 97 )فالفقير الذي لا مال لديه ينفقه على نفسه أثناء حجه وعلى عياله إن كان له
عيال حين يتركهم وراءه لا يجب عليه حج ولا عمرة ، وكذا من وجد مالاً لنفقته ونفقة
عياله ولكن لم يجد ما يركبه وهو لا يقوى على المشي أو وجد ولكن الطريق غير مأمون
بحيث يخاف فيه على نفسه أو ماله فإنه لا يجب عليه الحج ولا العمرة لعدم استطاعته .ويدخل في عدم الاستطاعة من عجز لشيخوخة أو لمرض لا يرجى شفاؤه أو لا يستقر
على الدابة ويلزمه إحجاج غيره عنه إن كان له مال .- فقد أخرج البخاري
ومسلم من حديث الفضل بن عباس :أن امرأة من
جثعم قالت يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً
لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه ؟ قال : نعم . وذلك
في حجة الوداع . وعلى هذا يجوز الحج عن الغير سواء كان مريضاً لا يرجى شفاؤه أو عجوزاً بعجز
عن تأدية النسك ، ويجوز الحج كذلك عن الميت . ( قال
الترمذي – رحمه الله – وقد صح عن النبي في هذا الباب أكثر من حديث )
- ولكن يشترط في من يحج عن الغير أن يكون قد حج عن نفسه
أولاً .- للحديث الذي أخرجه أبو
داود وابن ماجه عن ابن عباس أن رسول الله r :سمع رجلاً
يقول : لبيك عن شبرمة ، فقال : أحججت عن نفسك ؟قال : لا ،
قال : فحج عن نفسك ثم حج عن شبرمة . - ملحوظة :- ووقت
الإحرام : هي الأشهر التي ذكرها الله تعالى بقوله " الحج أشهر معلومات "
وهي شوال وذو القعدة ، وعشرة أيام من ذي الحجة ولو أحرم بالحج قبل هذه الأشهر لم
يصح إحرامه عند الجمهور .
- أركان الحج والعمرة : للحج أربعة أركان
وهي : الإحرام ، الطواف ، السعي ، الوقوف بعرفة .
فلو سقط منها ركن
لبطل الحج .
وللعمرة ثلاثة أركان
وهي : الإحرام ، الطواف ، السعي .
فلا تتم إلا بها .
-
الركن الأول من أركان الحج والعمرة
- ومعنى الإحرام هو أن تنوي الدخول في النسك الذي تريده ، فإذا نويت الدخول
فيه فقد أحرمت حتى ولو لم تتلفظ بشيء .- وله واجبات وسنن ومحظورات . أولاً : الواجبات ( واجبات الإحرام ) : والمراد
من الواجبات : الأعمال التي لو ترك أحدها لوجب على تاركه دم أو صيام عشرة أيام إن
عجز عن الدم .
-
وواجبات الإحرام ثلاثة :- الواجب الأول من واجبات الإحرام ( الإحرام من الميقات ) :وهو المكان الذي حدده النبي r ليحرم منها من أراد الحج أو العمرة بحيث لا يجوز
تعديه بدون إحرام لمن كان يريد الحج أو العمرة ، وهي خمسة :1) ذو الحليفة : ويسمى الآن أبيار علي – وهو ميقات أهل
المدينة ومن جاء من طريقها المسافة بينها وبين كله 450 كم 2) الجحفة : موضع قريب من رابغ على طريق الساحل والناس
يحرمون اليوم من رابغ بدلاً منها
وهي ميقات لأهل المغرب والشام ومصر ومن جاء من طريقهم .3) يلملم : ويسمى الآن بالسعدية – وهو ميقات لأهل اليمن
ومن جاء من طريقهم .4) قرن المنازل : ويسمى بالسيل – وهو ميقات لأهل نجد ومن
جاء من طريقهم .5) ذات عرق : وهو ميقات أهل العراق ومن جاء من طريقهم . - فقد أخرج البخاري
ومسلم من حديث ابن عباس – رضي الله عنه – أنه قال :وقت رسول
الله لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ، ولأهل نجد قرن المنازل ، ولأهل
اليمن يلملم ، قال فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج أو
العمرة ، فمن كان دونهن فمهـِلُّه من أهله وكذلك حتى أهل مكة يهلون منها . الإهلال : رفع الصوت بالتلبية ناوياً النسك . - مسألة :حكم من جاوز
الميقات بغير إحرام . ومن جاوز الميقات بلا إحرام وهو مريد النسك رجع للميقات وجوباً ليحرم منه ،
فإن رجع إليه وأحرم منـــه فلا شيء عليه بالاتفاق ، لأنـــه أحرم من الميقات الذي
أمر بالإحرام منه فلم يلزمه شيء . فإن أحرم بعد أن تعدى الميقات لم يلزمه الرجوع وعليه دم لتعديه الميقات ولا
يسقطه رجوعه للميقات بعدما أحرم ، وبهذا قال مالك وأحمد . - وقال الشافعي :يسقط الدم إلا أن يكون قد تلبس بشيء من أفعال الحج كالوقوف وطواف القدوم
فيستقر الدم عليه . - وقال أبي حنيفة :إن رجع إلى الميقات فلبى سقط عنه الدم وإن لم يلبي لم
يسقط .- وعن عطاء والحسن
والنخعي :لا شيء على من ترك الميقات . - وعن سعيد بن جبير :لا حج لمن ترك الميقات . المغني ج3 ص266 .والراجح هو القول الأول، فإن أحرم بعد الميقات ولم يتعد
فنسكه صحيح ويلزمه دم عند الجمهور. - الواجب الثاني من واجبات الإحرام ( التجرد من المخيط ) : فلا يلبس المحرم ثوباً ولا قميصاً ولا برنساً ولا يعتم بعمامة ولا يغطي
رأسه، كما لا يلبس خفاً ولا حذاء ، لقول
النبي r كما عند البخاري :لا
يلبس المحرم الثوب ولا العمائم ولا السراويل ولا البرانس ولا الخفاف إلا من يجد
نعلين فيلبس خفين وليقطعهما من أسفل الكعبين .كما لا يلبس من الثياب شيئاً من زعفران أو ورس . - أما بالنسبة للمرأة فتخلع ما على وجهها من برقع ونقاب
وتجعل مكانه خماراً تغطي به رأسها ووجهها عن الرجال من المحارم .لما رواه أبو داود وابن
ماجه من حديث عائشة قالت :كان
الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله r فإذا حاذونا
سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه . وتزيل كذلك القفازين .- أخرج البخاري أن النبي r قال
:لا
تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين .
ولها أن تخفي يديها تحت ثيابها ويجب عليها أن تغطي
قدميها .ولا يتعين لون خاص لثياب الإحرام في حق المرأة .الواجب
الثالث من واجبات الإحرام ( التلبية ) : وهي قول : لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك
والملك لا شريك لك .معنى لبيك : إجابة لك بعد إجابة .يقولها
المحرم عند الشروع في الإحرام وهو بالميقات لم يتجاوزه ويستحب تكرارها ورفع الصوت
بها وتجديدها عند كل مناسبة من نزول أو ركوب أو إقامة صلاة أو فراغ منها أو ملاقاة رفاق .
- سنن الإحرام
- السنن : هي الأعمال التي لو تركها المحرم لا يجب عليه دم
، ولكن يفوته تركها أجر كبير ،
والسنن هي : 1- الاغتسال للإحرام : والمرأة كذلك تغتسل حتى ولو كانت حائضاً أو نفساء وتحرم لأن النبي r
أمر عائشة – رضي الله عنها – لما حاضت أن تغتسل وتحرم بالحج وأمر أسماء بنت عميس
لما ولدت بذي الحليفة أن تغتسل وتستثفر بثوب ( أن تضع خرقة مكان الدم النازل )
وتحرم . 2- الإحرام في رداء وإزار أبيضين نظيفين لفعله r
ذلك .- أخرج الإمام أحمد أن
النبي r قال :وليحرم
أحدكم في إزار ورداء ونعلين .
3- وقوع الإحرام عقب صلاة نافلة ( كسنة الوضوء مثلاً فليس هناك ركعتان خاصة
بالإحرام )أو يحرم بعد صلاة فريضة . 4- تقليم الأظافر وقص الشارب ونتف الإبط وحلق العانة
لفعله r ذلك . 5- تكراره التلبية وتجديدها . - محظورات
الإحرام - المحظورات
هي الأعمال الممنوعة والتي لو فعلها المحرم لوجب عليه فيها فدية دم أو صيام أو
إطعام ، وتلك الأعمال هي :
1- تغطية الرأس بأي غطاء كان .2- حلق الشعر أو قصه وإن قل أو أي شعر كان .3- قلم الأظافر سواء كان في اليدين أو الرجلين .4- مس الطيب " ولا تلبسوا من الثياب شيئاً مسه الزعفران أو
الورس " .5- لبس المخيط مطلقاً .- ملحوظة :من فعل واحداً منها وجبت عليه فدية وهي صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة
مساكين لكل مسكين مدين من بر أو ذبح شاه لقوله تعالى ] فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى
مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ [ وهي على التخير .6- قتل صيد البر لقوله تعالى ] لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ [ فصيد البحر حلال بالنص .قال تعالى ] أُحِلَّ لَكُــــمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُـــهُ مَتَاعـــاً لَكُــــمْ
وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ
حُرُماً [ ( المائدة )- وأما قتل الصيد ففيه جزاؤه بمثله من النعم لقوله تعالى
] فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ [ النعم : الإبل
والبقر والغنم .والنعامة حكم فيه ببدنه ، وحمار الوحش وبقر الوحش والضبع حكم فيه ببقرة ،
والغزال بشاه ، والأرنب بعناق ، والحمام بشاه ، وإن لم يوجد للحيوان مثل قوم
بدراهم وتصدق بقيمته، وإن لم يستطع صام عن كل مد يوماً والآية في سورة المائدة .7- الجماع ومقدمات الجماع من قبلة ونحوها لقوله تعالى : ] فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ [ ( البقرة : 197 )
* وأما مقدمات الجماع فإن على فاعلها دماً وهو ذبح شاه ، وأما الجماع فإنه
يفسد الحج بالمرة غير أنه يجب الاستمرار فيه حتى يتم وعلى صاحبه بدنه – أي بعير –
فإن لم يجد صام عشرة أيام وعليه مع ذلك القضاء من عام آخر . - لما روي عن مالك في
الموطأ :أن عمر بن
الخطاب وعلي بن أبي طالب وأبا هريرة سئلوا عن رجل أصاب أهله وهو محرم بالحج ؟
فقالوا ينفذان (يمضيان) لوجههما حتى يقضيا حجهما ثم عليهما حج قابل والهدي .8- عقد النكاح أو خطبته لقوله r فيما
يرويه مسلم :لا ينكح المحرم ولا يُنكح ولا يخطب .
* وأما عقد النكاح وخطبته وسائر الذنوب كالغيبة والنميمة وكل ما يدخل تحت
لفظ الفسوق ففيه التوبة والاستغفار . إذ لم يرد عن الشارع وضع كفارة له سوى التوبة والاستغفار . أنواع النسك التي يحرم
بها الحاج: أنواع النسك ثلاثة (
تمتع – قران – إفراد )
1) التمتع :وهو أن تنوي الإحرام بالعمرة في أشهر الحج من الميقات وإذا أديت مناسكها
حللت من إحرامك ثم تحرم بعد ذلك من مكة بالحج – في اليوم الثامن من ذي الحجة – وتنوي
للتمتع إن كنت من غيري حاضري المسجد الحرام .- ومستحب للتمتع أن يقول
: اللهم إني أريد الإحرام بالعمرة متمتعاً بها إلى الحج
فيسرها لي وتقبلها مني .
2) القران :هو أن
تحرم بالعمرة والحج معاً من الميقات أو تحرم بالعمرة ثم تدخل عليها الحج قبل
الشروع في طوافها وتبقى في إحرامك إلى أن ترمي الجمرة يوم العيد وتحلق رأسك وتفدي
كالتمتع .
- ومستحب للقارن أن يقول
: اللهم إني أريد الإحرام بالعمرة والحج أو لبيك اللهم
عمرة وحجاً .
3- الإفراد :وهو
أن تحرم بالحج فقط من الميقات وتبقى في إحرامك إلى أن ترمي الجمرة يوم العيد وتحلق
رأسك ولا فدية عليك .
- ويستحب للمفرد أن يقول
:
اللهم إني أريد الإحرام بالحج أو لبيك اللهم حجاً .
- ملحوظة :إذا كان المحرم يحس بمرض أو يخشى أن يعوقه عائق عن أداء النسك فله أن يشترط
فيقول عند الإحرام : فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني فإذا لم يتمكن يحل ولا شيء
عليه .فقد أخرج الإمام مسلم عن ابن عباس أن النبي r
قال :البخاري ومسلم عن عائشة أن النبي صلي الله عليه وسلم قال
لضباعة بنت الزبير: أردت الحج؟ قالت: والله لأجدني إلا وجعه فقال لها: حجي واشترطي وقولي اللهم محلي حيث حبستني.
-
الركن الثاني - (
الطواف ) وهو الدوران حول
البيت سبعة أشواط وله شروط وسنن.
- شروطه : (1) النية عند الشروع فيه إذ الأعمال بالنيات
فكان لابد للطائف من نية طواف ، وهي عزم القلب على الطواف تعبد لله تعالى وطاعة له
عز وجل .
( 2-3 ) الطهارة وستر العورة : لما
أخرجه الترمذي أن النبي r قال :الطواف حول البيت مثل الصلاة إلا أنكم تتكلمون فيه فمن
تكلم فلا يتكلم إلا بخير .
وعليه
فمن طاف بغير نية أو طاف وهو محدث أو عليه نجاسة أو طاف وهو مكشوف العورة فطوافه
فاسد وعليه إعادته .
(4) أن يكون الطواف بالبيت داخل المسجد ولو بعد من البيت
.(5) أن يكون البيت على يسار الطائف .(6) أن يكون الطواف سبعة أشواط وأن يبدأ بالحجر الأسود
ويختمه به .(7) أن يوالي بين الأشواط فلا يفصل بينهما لغير ضرورة ، ولو فصل بينهما
وترك الموالاة لغير ضرورة بطل طوافة ووجبت إعادته . - سننه : 1- الرمل : وهو سنــــة للرجال القادرين دون النســـاء .
وحقيقـة هو الإسراع مع تقارب الخطى ويكون في الأشواط الثلاثة الأولى .- أخرج مسلم عن ابن عمر
:
أن النبي رمل من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود ثلاثاً
ومشى أربعة .
2- الاضطباع وهو كشف الضبع أي الكتف الأيمن ولا يسن إلا في طواف القدوم
خاصة ، وللرجال دون النساء ويكون في الأشواط السبعة .3- تقبيل الحجر الأسود عند بدء الطواف إن أمكن وإلا اكتفى بلمسه باليد أو
الإشارة إليه عند تعذر ذلك .4- ثم يقول عند استلام الحجر وعند بدء الشوط الأول ( بسم الله والله أكبر ) صحيح رواه الطبراني [ اللهم إيماناً بك وتصديقاً
بكتابك ووفاء بعهدك واتباعاً لسنة نبيك محمد r ] ضعيف رواه الطبراني 5- الدعاء أثناء الطواف وهو غير محدد ولا معين بل يدعو
كل طائف بما فتح الله عليه .6- استلام الركن اليماني باليد من غير تقبيل وإن لم
تتمكن من استلامه تمضي من غير أن تشير 7- الدعاء بين الركن اليماني والحجر الأسود فتقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة
وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .8- صلاة ركعتين بعد الفراغ من الطواف خلف مقام إبراهيم يقرأ فيها بالكافرون
والإخلاص وذلك لقوله تعالى ] وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [ .9- الشرب من ماء زمزم والتضلع منه بعد الفراغ من صلاة الركعتين . -
الركن الثالث - (
السعي ) وهو المشي بين الصفا والمروة ذهاباً وإياباً بنية
التعبد ، وهو ركن الحج والعمرةلقوله تعالى ] إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ [
- ولقول النبي r كما
عند الإمام أحمد وابن ماجه :اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي .
- شروط السعي : 1- النية لقوله r " إنما
الأعمال بالنيات " فكان لابد من نية التعبد بالسعي طاعة لله وامتثالاً لأمره .2- الترتيب بينه وبين الطواف بأن يقدم الطواف على السعي
.3- الموالاة بين أشواطه غير أن الفصل اليسير لا يضر
ولاسيما إن كان لضرورة .4- إكمال العدد سبعة أشواط فلو نقص شوط أو بعض الشوط لم
يجزئ .5- وقوعه بعد طواف صحيح سواء كان الطواف واجباً أو سنة
غير أن الأولى أن يكون بعد طواف واجب كطواف القدوم أو ركن كطواف الإفاضة . - سنن السعي : 1- الحبب وهي سرعة المشي بين الميلين الأخضرين الموضوعين على حافتي الوادي
القديم ، وهو سنة للرجال القادرين دون الضعفاء والنساء .2- الوقوف على الصفا والمروة للدعاء ، ويقرأ ] إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ [3- الدعاء على كل من الصفا والمروة في كل شوط من الأشواط
السبعة ، ويقول أبدأ بدا الله به ثم يقول كما كان النبي صلي الله عليه وسلم يقول: لا إله إلا الله
وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قديرلا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب
وحده .
4- الموالاة بينه وبين الطواف بحيث لا يفصل بينهما بدون
عذر شرعي .- وهناك بعض الآداب يجب مراعاتها : 1- أن يكون الساعي متطهراً (وهذا ليس بشرط ولكنه علي
سبيل الاستحباب) 2- أن يكون الساعي ماشياً أن قدر على ذلك بدون مشقة .3- أن يكثر من الدعاء والذكر ، ويكف لسانه عن المآثم
ويغض بصره عن المحارم .4- أن لا يؤذي أحداً من الساعين أو غيرهم من المارة بأي
أذى قول أو فعل .