العشارة مدينة أثرية هامة عبر التاريخ
العشارة مدينة أثرية هامة تقع فوق تل ترابي أثري ينحدر بشدة على السهل الفيضي لنهر الفرات، وتبعد 60كم جنوب شرق مدينة دير الزور 15كم جنوب شرق مدينة الميادين. والعشارة مدينة ترقا القديمة ذكرت في كثير من الوثائق الإبلوية والبابلية وأرشيف ماري. أجرى فيها العالم الشهير تورو دانجان عام 1923م سبراً نشر نتائجه في مجلة syria. وبقيت أطلال ترقا دون مساس حتى استأنفت أعمال التنقيب بعثة أمريكية من جامعة لوس أنجلوس برئاسة جورجيو بوتشيلاتي تنقب فيها منذ عام عام 1974م. ثم تولتها بعد ذلك بعثة فرنسية .
كانت مقاطعة هامة في الألف الثاني ق.م تابعة لمملكة ماري واشتهر من حكامها آنذاك كبري دجن الذي أشاد العديد من معابدها، واستقرت فيها قبيلة عمورية تدعى خانا، ثم أصبحت مملكة مستقلة بعد تهديم ماري من قبل حمورابي وأصبحت صلاتها قوية مع بلاد الرافدين والمدن السورية الأخرى
لم ينتهي الوجود العموري الذي ظهر في مملكة خانة العمورية ترقا (العشارة) التي بقيت على صلات مع ملوك يمحاض ( حلب ) وعلى العلاقات التجارية بينها أي (خانة العمورية) وبينهم أي يمحاض (حلب).
لذلك لا غرابة إذا قيل أن يمحاض وسيط بين ماري على الفرات وأغاريت على ساحل البحر.
وأن يمحاض وسط بين خانة العمورية على الفرات وأوغاريت على الساحل السوري فما قيل عن ماري يمكن أن يقال عن ترقا (خانة) كونها قد أكملت الطريق والصلات التجارية التي كانت قائمة بينها وبين المماليك العمورية .وعلى وجه الخصوص يمحاض (حلب) .
ومن المعروف أن ترقا كانت ذات أهمية بالغة في الألفين الثاني والأول ق.م. والجدير ذكره أنها حتى زمن اكتشاف أرشيف ماري كانت ترقا موقعاً يخرج منه أكبر عدد من الرقم الطينية التي أفادت في معرفة ثلاثة عشر ملكاً من ملوك مملكة خانا. ومعظم الرقم الطينية عثر عليها في معبد (نيني كراك).
لم تفقد (مملكة خانة العمورية ) (ترقا) العشارة أهميتها بعد زوال مملكة ماري على يد حمورابي وإنما برزت أهميتها من خلال صلاتها مع الممالك الآشورية التي كانت على الخابور واولها الصور (صوريوم) ثم دوركالتيمو( تل الشيخ حمد) ثم تل عجاجة (عربان) مشاديكاني فقد كانت (ترقا) المركز التجاري الهام الذي تنقل منه البضائع القادمة من حلب عبر الفرات وعبر تدمر من خلال سيطرة التدمريين على بادية الشام وسلوكهم طرق التجارة الموصلة إلى الفرات ومنه إلى الخليج العربي، ومن خلال صلاتهم مع (قطنة) تل المشرفة (حمص) ودمشق فنميزها من المدن والعواصم .
من خلال قراءة لتاريخ إيبلا و الإطلاع على الرقيمات التي اكتشفت بها ونتائجها فمن المعروف أن عدد الرقميات هو /17000/ رقم طيني مكتوبة باللغة الأكاديمية واللغة الإيبلائية واللغة العربية القديمة كما أشار الفونسو أركي قاريء الخطوط بها وأن أغلب الرقيمات يتحدث وبإسهاب عن المبادلات التجارية بين ايبلا وماري وايبلا وترقا مملكة خانا العمورية وايبلا ومملكة حاتو وعوزانا الحثية وممالك الآشورين في بلاد الرافدين وبلاد الشام علماً أن ماتمت قراءته لايوازي حوالي 40% من الرقميات الموجودة والتي تم الكشف عنها من قبل البعثة الايطالية التي مارست عملها بدء من عام 1964 بقيادة الباحث باولوماتيه.
نتائج الحفريات والتنقيب الذي تم ويتم في ترقا مملكة خانة العمورية ، لم يعطي الصورة الصحيحة عن دور هذه المملكة التي خلفت ماري في علاقاتها مع مملكة يمحاض حلب في نهاية الألف الثانية ق.م لذلك وجب الكشف عن نتائج الحفريات وطبع نتائج الدراسات الموجودة في متحف ديرالزور لتعريف العالم برقا (العشارة) والتي أسهب البروفسور جورجيو بوتشيلاتي وزوجته مادلين بوتشيلاتي في الحديث عن ترقا ومكتشفاته بها
تم العثور في موقع تل العشارة والمسمى ( ترقا ) حسب دائرة آثار دير الزورعلى أهم المكتشفات الأثرية المتمثلة برقم مسمارية تعود إلى عهد الملك الآموري ياديخ آبو وطبعات من اختام أسطوانية تتعلق بشخص يدعى بوزوروم والذي يعتبر أحد المتنفذين بالمدينة في تلك الفترة وقد جاءت من هذه المدينة أول لوحة كتابية مسمارية من أصل سوري وهي عبارة عن نص ذو محتوى عقاري يذكر مدينة ترقا . كما عثر فيها على العديد من المكتشفات الأثرية الهامة، منها؛ تمثال للملك الآشوري توكولتي نينورتا الثاني (888- 884 ق. م) موجود في متحف حلب
وأن أعمال التنقيب تركزت على المنطقة المرتفعة من تل العشارة والمسمى القطاع ( c ) الذي يعد الحي السكني للمدينة بالإضافة إلى القطاع ( f ) الذي يعد الركن الإداري منها وسيتم العمل بهذا الموسم لاستكمال أعمال الكشف التي تمت في المواسم السابقة وخصوصاً في منطقة معبد( نيني كراك ) .
إضافة إلى سور المدينة الذي يعد أضخم سور معروف في سورية و يرجع تاريخه إلى مطلع الألف الثالث قبل الميلاد وستستمر أعمال البعثة في هذا الموقع .
كما ويذكر أن البعثة الأثرية السورية الفرنسية تقوم حالياً بالتنقيب في تل العشارة بموقع ( ترقا) ويترأس الجانب السوري الأستاذ ياسر الشوحان مدير الآثار والمتاحف بدير الزور أما الجانب الفرنسي فيترأسه البروفسور أوليفييه رووه من جامعة ستراسبورغ وقد أجرى في هذا الموقع العالم الشهير تورودانجان في عام 1920م أبحاث تاريخية كثيرة* كما باشر العمل بالموقع العالم الأثري جورجيو بوشيولاتي عام 1975م .
بعدها توالت أعمال التنقيب البعثة الفرنسية عام 1986م* ولاتزال الأعمال جارية في الموقع بعد إشراك الجانب السوري في أعمال الحفريات0
المصدر: منتدى قبيلة العـقـيدات -