منتدى دير الزور
عزيزي الزائر الكريم .. زيارتك لنا أسعدتنا كثيراً .. و لكن لن تكتمل سعادتنا إلا بانضمامك لأسرتنا .. لذا نرجوا منك الضغط على زر التسجيل التالي من فضلك
واملىء حقول التسجيل ،ملاحة ضع بريد صحيحا لتفعيل عضويتك من بريدك الشخصي
بعد التسجيل تصلك رسالة بريدية على بريدك الشخصي تجد فيها تعليمات تفعيل العضوية
وشكرا
مع تحيات ادارة منتديات دير الزور
منتدى دير الزور
عزيزي الزائر الكريم .. زيارتك لنا أسعدتنا كثيراً .. و لكن لن تكتمل سعادتنا إلا بانضمامك لأسرتنا .. لذا نرجوا منك الضغط على زر التسجيل التالي من فضلك
واملىء حقول التسجيل ،ملاحة ضع بريد صحيحا لتفعيل عضويتك من بريدك الشخصي
بعد التسجيل تصلك رسالة بريدية على بريدك الشخصي تجد فيها تعليمات تفعيل العضوية
وشكرا
مع تحيات ادارة منتديات دير الزور
منتدى دير الزور
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


لا للظلم لا لسرقة أحلام الشعب السوري لا لسرقة خيرات الشعب السوري لا لسرقة عرق الشعب السوري لا لسرقة دماء الشعب السوري لا لحكم الأسرة الواحدة لا لآل الأسد الحرية لشعبنا العظيم و النصر لثورتنا المجيدة المصدر : منتديات دير الزور: https://2et2.yoo7.com
 
الرئيسيةمجلة الديرأحدث الصورالتسجيلدخولمجلة الديرزخرف نيمك الخاص بالفيس بوكأضف موقع

مساحة اعلانية
مساحة اعلانية Check Google Page Rank منتديات دير الزور 3 بيج رنك

 

 كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ محمد بن شامي شيبة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ديري نشمي
ديري مبدع
ديري مبدع
ديري نشمي


الساعة :
دعاء
ذكر
عدد المساهمات : 474
نقاط : 944
التقيم : 4
وسام وسام : كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Tmqn3
تاريخ الميلاد : 10/05/1991
تاريخ التسجيل : 29/04/2012
العمر : 33

كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Empty
مُساهمةموضوع: كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ محمد بن شامي شيبة   كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Icon_minitimeالجمعة يونيو 22, 2012 3:15 pm

التصنيـف العـام > التوحيد والعقيدة
كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Paper بيانات الكتاب ..
العنوان توحيد العبادة ..
المؤلف محمد بن شامي شيبة
نبذة عن الكتاب
تاريخ الإضافة 6-4-1431
عدد القراء 7450
رابط القراءة كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Msword << اضغط هنا >>
رابط التحميل كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Zip << اضغط هنا >>










التصنيـف العـام > التوحيد والعقيدة
بيانات الكتاب ..
العنوان توحيد العبادة ..
المؤلف محمد بن شامي شيبة
نبذة عن الكتاب
تاريخ الإضافة 6-4-1431
عدد القراء 7450
رابط القراءة << اضغط هنا >>
رابط التحميل << اضغط هنا >>
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ديري نشمي
ديري مبدع
ديري مبدع
ديري نشمي


الساعة :
دعاء
ذكر
عدد المساهمات : 474
نقاط : 944
التقيم : 4
وسام وسام : كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Tmqn3
تاريخ الميلاد : 10/05/1991
تاريخ التسجيل : 29/04/2012
العمر : 33

كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ محمد بن شامي شيبة   كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Icon_minitimeالجمعة يونيو 22, 2012 3:16 pm

الــعـقـيــدة


تــوحـيــد
العـبـادة









كــــتاب


توحيد
العبادة






تأليف


الفقير إلى ربه


محمد بن شامي بن مطاعن شيبة




المقدمة


P






الحمد
لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبينا محمد وعلى آله وصحبه، ومن
سار على نهجه، واقتفى أثره إلى يوم الدين


أما
بعد: فقد يسّر الله لي الكتابة في عقيدة
أهل السنة والجماعة، ومن ذلك هذا الكتاب (توحيد العبادة) وما يتعلق بذلك.


وقد
راعيت فيه ما يلي:


1-
السهولة في أسلوبه، بحيث يفهمه أكثر القرّاء.


2-
الاستدلال من القرآن ومن سنة النبي
r .


3-
أني لم أذكر في هذا الكتاب إلا حديثاً صحيحاً ممّا صححّه بعض أهل العلم المعتبرين.


4-
ذكرت في الكتاب بعض التوجيهات للعبد المسلم ولغيره.




فما كان في هذا الكتاب صواباً فبتوفيق الله، وما
كان خطأً فمني ومن الشيطان والله ورسوله بريئان منه. والله الموفق.




وصلى
الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.





كتبه
الفقير إلى ربه:





محمد
بن شامي بن مطاعن شيبة


بيش
28 صفر 1431هـ











الباب الأول


توحيد الطلب والقصد (توحيد الإلهية)








معنى توحيد الألوهية


توحيد الألوهية : هو إفراد الله بالعبادة
وحده لا شريك له .






طريقة القرآن في الاستدلال على توحيد الألوهية






استدل
القرآن على وجوب إفراد الله بالعبادة بتوحيد الربوبية والأسماء والصفات؛ للتلازم
بين أنواع التوحيد، فإنه لا يكون إلهاً مستحقاً للعبادة دون سواه إلا من كان
خالقاً، رازقاً مالكاً متصرفاً، مدبراً لجميع الأمور، حياً قيوماً، سميعاً بصيراً،
عليماً حكيماً، غنياً عما سواه، منزهاً عن النقائص والعيوب، مُفتقراً إليه كلُّ ما
عداه، فاعلاً مُختاراً، لا مُعقِّب لحكمه، ولا رادَّ لقضائه، ولا يُعجزه شيء في
السموات والأرض، ولا يغيب عنه شيء في السموات ولا في الأرض، ولا يخفى عليه شيء،
فقد أحاط بكل شيء علماً.



وهذا
صفات الله
U لا تنبغي إلا له، ولا يشاركه فيها غيره،
فكذلك لا يستحق العبادة إلا هو، ولا تجوز لغيره، فحيث كان متفرداً بالخلق والرزق
وتدبير الأمور والإنشاء والإعادة لا يشركه في ذلك أحد، وجب إفراده بالعبادة دون من
سواه فلا يشرك معه في عبادته أحد .






الأدلة على وجوب توحيد
الألوهية






1- استدل القرآن بتوحيد الربوبية والأسماء والصفات
على توحيد الألوهية (العبادة) في قوله تعالى :
)
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ
الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
* الَّذِي
جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ
مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ
أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ
(
[البقرة:21-22]. وقال تعالى : )
قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ
وَالْأَرْضِ أَمْ مَنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ
مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ
اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ
* فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ
إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ

( [يونس:31 -32]. وقال تعالى: ) وَلَئِنْ
سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ
مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ
ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ
اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ
([الزمر:38]. وغير ذلك من الآيات التي يستدل فيها
القرآن بتوحيد الربوبية على توحيد الألوهية (العبادة) .



2- أمر العباد بتوحيد العبادة (عبادة الله
وحده لا شريك له) وطلب ذلك منهم كما قال تعالى :
)
وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا
بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا
([النساء:36]. وقال تعالى: )
وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ (
[العنكبوت:17]. وقال تعالى: )
وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ([يس:61]. وغير ذلك من الآيات .


توحيد الربوبية يستلزم توحيد الألوهية




1.المشركون
الذين يعبدون غير الله معه لم ينكروا أن الله يُعبد، ولكن أنكروا استحقاق تفرد
الله بالعبادة دون سواه، وقالوا لمن دعاهم إلى قول (لا إله إلا الله) :
)
أَجَعَلَ الْآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا
إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ
([ص:5] .


2.المشركون
كانوا يشركون في الرخاء ويخلصون العبادة لله في الشدة؛ لأنهم يعلمون أنه لا يقدر
على كشف ما هم فيه من الضر إلا الله، وأن معبوداتهم لا تنفعهم في كشف ذلك الضر ولا
تستطيع شيئاً ولا تضر، كما قال تعالى :
)
فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا
اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ
يُشْرِكُونَ
* لِيَكْفُرُوا بِمَا آَتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ([العنكبوت:65]. وغير ذلك من الآيات .


3.فالمشركون
عباد الأصنام والأوثان يعترفون بأن معبوداتهم التي يعبدونها من دون الله مخلوقة،
لا تملك لنفسها ولا لعابدها ضراً ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياةً ولا بعثاً، ولا
تسمع ولا تبصر ولا تغني عنهم شيئاً، ويعترفون أن الله هو المتفرد بالخلق والرزق
والضر والنفع وتدبير الأمور مع علمهم أنهم لا يملكون هم ولا معبوداتهم شيئاً من ذلك،
فألزمهم الله بما أقروا به (فكما أنكم تقرون بتفرد الله بالربوبية فإنه يلزمكم أن
تفردوه بالعبادة) .









حقيقة توحيد الإلهية (العبادة)




1- التوحيد حق الله على
عباده، وهو أن يعبدوه وحده لا شريك له ، وأما حقُّ العباد على الله فهو أن لا يُعذّب
من لا يشرك به شيئاً كما، قال
r في حديث معاذ t: (
فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ
أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَحَقَّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ
أَنْ لَا يُعَذِّبَ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا
) رواه الشيخان .





2- هو الذي أرسل الله به رسله كلهم يدعون إلى
هذا التوحيد، كما قال تعالى :
) وَمَا
أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ
إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ
([ الأنبياء
: 25 ]
.
وقال تعالى: )
وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ
رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ
([ النحل
: 36 ]
.
وكل نبي قال
لقومه :
)اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ([ الأعراف
: 59 ]
.
وقال r في حديث أبي هريرة t: (
وَالْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ
أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ
وَاحِدٌ ) رواه الشيخان . معنى إخوة لِعلات : هم الأخوة لأب من أمهات شتى.


3- هو التوحيد الذي أنزل
الله به الكتب، كما قال تعالى :
) وَمَا
أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ
إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ
([ الأنبياء : 25 ]. ومن الكتب المنزلة (التوراة والإنجيل
والزبور وصحف إبراهيم وصحف موسى والقرآن) .



4- هذا التوحيد هو الذي أمر
الله رسوله محمداً
r أن يجاهد من أعرض عنه، كما قال تعالى: )
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ
وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ
(
[ التوبة : 73 ]. وقال تعالى: )وَقَاتِلُوهُمْ
حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ
([ البقرة:193]. وقال r: ( أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا
إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ
وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ
إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى
اللَّهِ ) رواه الشيخان من حديث
ابن عمر
t.


5- هذا التوحيد هو الذي أمر
الله أمة محمد
r بقتال المعرضين عنه، كما قال تعالى: )وَجَاهِدُوا
فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ

([الحج:78]. وقال تعالى: )
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قَاتِلُوا
الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً
([ التوبة
: 123 ]
.
وقال تعالى: )
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ
أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ
* تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ
فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ...
الآية ( [الصف : 10-11 ] .








فضل التوحيد



أ‌-
أن من
جاء بهذا التوحيد دخل الجنة، كما قال
r في حديث عبادة بن الصامت t: (مَنْ
قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ
مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَابْنُ أَمَتِهِ وَكَلِمَتُهُ
أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَأَنَّ النَّارَ
حَقٌّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ
شَاءَ...الحديث)
رواه
الشيخان
.


ب‌-
أن من جاء بهذا التوحيد حرُم دمه وماله
إلا بحقه، كما قال
r: ( مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ
مِنْ دُونِ اللَّهِ حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ
) رواه مسلم .





مسألة:


الوعيد لعصاة الموحدين بدخول النار


· ما ورد
من الأحاديث أنّ من قال لا إله إلا الله دخل الجنة أو حرّمه الله على النار، فإنها
لا تتنافى مع أحاديث الوعيد، كما في قوله
r في حديث عبد الله بن عمرو t: )
مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ وَسَكِرَ لَمْ
تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا وَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ
...الحديث(
رواه
ابن ماجة (صحيح)
.
والجمع بين ذلك كما يلي :



1- قال
بعض أهل العلم: المراد من أحاديث شهادة أن لا إله إلا الله أنها سببٌ لدخول الجنة
والنجاة من النار ومُقتضي لذلك، ولكنّ المُقتضي لا يعمل عمله إلا باستجماع شروطه
وانتفاء موانعه، فقد يتخلف عنه مقتضاه لفوات شرط من شروطه أو لوجود مانع وهذا قول
الحسن ووهب بن منبه رحمهما الله.



2- أنه يحرمُ على النار بمعنى أنه لا يخلد
فيها، وذلك إذا أراد الله أن يعذبه بذنبه ثم يُخرجه منها ويدخله الجنة، كما قال
r في حديث أنس t: )
وَعِزَّتِي وَجَلَالِي وَكِبْرِيَائِي
وَعَظَمَتِي لَأُخْرِجَنَّ مِنْهَا مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
(رواه الشيخان. قلت: وذلك أن أهل التوحيد من أهل
الوعيد ممن أراد الله أن يعذبهم فإنهم لا يخلدون في النار، وقد يعفو الله فيدخل من
عفا عنه الجنة ولا يعذبه .



3- أو يحرم على النار بعد خروجه منها،
وعموماً فإن من قال لا إله إلا الله (جاء بالتوحيد) فهو كما قال
r في حديث أبي هريرة : (
من قال : لا إله إلا الله نفعته يوما
من دهره يصيبه قبل ذلك ما أصابه
) رواه البزار (صحيح) . والله أعلم.











توحيد الإلهية هو


(شهادة أن لا إله إلا الله)




· وقد
ذكر القرآن الدعوة إلى توحيد الله
U وقال الله تعالى عن المشركين: ( إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
يَسْتَكْبِرُونَ
) فدل على أن التوحيد هو شهادة أن لا
إله إلا الله .



·
معنى شهادة أن لا إله إلا الله: لا معبود بحقٍ إلا الله.


·
ركنا شهادة أن لا إله إلا الله:


1- النفي 2- الإثبات.


النفي : (لا إله)، نافياً لجميع ما يعبد من
دون الله فلا يستحق العبادة غيره، مثبتاً العبادة لله وحده .



·
لا إله إلا الله: لا
: نافية للجنس .




إله : اسم لا، مبني على الفتح في محل نصب.



وخبر لا محذوف، تقديره بحقّ، أو مُستحق
للعبادة.



والدليل على أن الخبر تقديره
بحق أو مستحق للعبادة قوله تعالى :
) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ
مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ

( الحج(62).





من فضائل شهادة أن لا
إله إلا الله






1.أنّ من
جاء بهذه الشهادة دخل الجنة، حتى وإن كان قد وقع منه بعض الذنوب التي لا تُذهب
بأصل الإيمان، وحتى لو عُذِّب فإن مصيره إلى الجنة، كما قال
r في حديث عبادة بن الصامت t: ( مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ
لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ
...الحديث) وفيه: ( أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ...الحديث) رواه الشيخان .


2.أنّ من
قال لا إله إلا الله نفعته يوماً من دهره، حتى وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه، لقوله
r في حديث أبي هريرة t: (من
قال : لا إله إلا الله نفعته يوما من دهره يصيبه قبل ذلك ما أصابه
) رواه البزار والبيهقي
في الشعب (صحيح)
.



3.أن
البطاقة التي تخرج للعبد فيها شهادة أن لا إله إلا الله تثقل وتطيش بالسجلات، كما
قال
r في حديث عبد الله بن عمروt : (فَتَخْرُجُ
بِطَاقَةٌ فِيهَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا
عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فَيَقُولُ احْضُرْ وَزْنَكَ فَيَقُولُ يَا رَبِّ مَا هَذِهِ الْبِطَاقَةُ
مَعَ هَذِهِ السِّجِلَّاتِ فَقَالَ إِنَّكَ لَا تُظْلَمُ قَالَ فَتُوضَعُ السِّجِلَّاتُ
فِي كَفَّةٍ وَالْبِطَاقَةُ فِي كَفَّةٍ فَطَاشَتْ السِّجِلَّاتُ وَثَقُلَتْ الْبِطَاقَةُ
فَلَا يَثْقُلُ مَعَ اسْمِ اللَّهِ شَيْءٌ
) رواه الترمذي وابن
ماجه وأحمد والحاكم (صحيح)
.



4.أن هذه
الشهادة سبب النجاة من النار كما قال
r في حديث عبادة t: (مَنْ
شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ حَرَّمَ
اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ
) رواه مسلم .


5.أن من
قالها أُخرج من النار، كما قال
r : ( أَخْرِجُوا مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنْ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ شَعِيرَةً أَخْرِجُوا مِنْ النَّارِ
مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنْ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ
بُرَّةً أَخْرِجُوا مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَكَانَ فِي
قَلْبِهِ مِنْ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ ذَرَّةً
) .


6.أنها
ترجح بالسموات السبع والأرضين السبع لو وضعن في كفة ولا إله إلا الله في كفة،
وأنها تقصم السموات والأرض لو كُنّ حلقة، كما في حديث عبد الله بن عمرو
t
: (
إِنَّ
نَبِيَّ اللَّهِ نُوحًا
r لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ لِابْنِهِ إِنِّي قَاصٌّ عَلَيْكَ الْوَصِيَّةَ
آمُرُكَ بِاثْنَتَيْنِ وَأَنْهَاكَ عَنْ اثْنَتَيْنِ آمُرُكَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
فَإِنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ وَالْأَرْضِينَ السَّبْعَ لَوْ وُضِعَتْ فِي كِفَّةٍ
وَوُضِعَتْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فِي كِفَّةٍ رَجَحَتْ بِهِنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا
اللَّهُ وَلَوْ أَنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ وَالْأَرْضِينَ السَّبْعَ كُنَّ حَلْقَةً
مُبْهَمَةً قَصَمَتْهُنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
) رواه أحمد (صحيح) .


7.أنها
تفتح له أبواب السماء حتى تفضي إلى العرش، كما قال
r في حديث أبي هريرة t: ( مَا
قَالَ عَبْدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَطُّ مُخْلِصًا إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ
السَّمَاءِ حَتَّى تُفْضِيَ إِلَى الْعَرْشِ مَا اجْتَنَبَ
الْكَبَائِرَ ) رواه الترمذي (حسن) .


8.أنها
أعلا شعب الإيمان كما قال
r في حديث أبي هريرة t: ( الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً
فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ
الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ
الْإِيمَانِ ) رواه مسلم , وفي لفظ: ( الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ بَابًا أَدْنَاهَا إِمَاطَةُ
الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ وَأَرْفَعُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا
اللَّهُ ) رواه الترمذي (صحيح) .


9.أنها
كلمة التقوى لحديث الطفيل بن أُبيّ بن كعب عن أبيه
t عن النبي r: (
)وَأَلْزَمَهُمْ
كَلِمَةَ التَّقْوَى
(
قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ )
رواه
الترمذي (صحيح)
.



10.
هي القول الثابت في قوله تعالى: )
يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا
بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ
( كما في حديث البراء t أنّ رسول الله r قال: ( الْمُسْلِمُ إِذَا سُئِلَ فِي الْقَبْرِ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ
إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَذَلِكَ
قَوْلُهُ ) يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ
() رواه الشيخان .


11.
أن من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك
له ... الخ، حصل على ما في حديث أبي هريرة
t
وهو قوله
r : ( مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ
لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فِي يَوْمٍ
مِائَةَ مَرَّةٍ كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ
وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنْ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ
ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا
أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ
) رواه الشيخان .


12.
أن من قال لا إله إلا الله حصل له من
الأجر كما في حديث أبي هريرة، وهو قوله
r : ( مَنْ قَالَ عَشْرَ مَرَّاتٍ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ
لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى
كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ كَانَتْ لَهُ عِدْلَ أَرْبَعِ رِقَابٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ

) رواه الترمذي
(صحيح)
.


13.
أنها من غراس الجنة، كما قال r في حديث ابن مسعود t: ( لَقِيتُ
إِبْرَاهِيمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَقْرِئْ أُمَّتَكَ مِنِّي
السَّلَامَ وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الْجَنَّةَ طَيِّبَةُ التُّرْبَةِ عَذْبَةُ الْمَاءِ
وَأَنَّهَا قِيعَانٌ وَأَنَّ غِرَاسَهَا سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا
إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ
) رواه الترمذي (حسن) .








شروط لا إله إلا الله




· هذه
الشروط التي يجب على العبد أن يأتي بها كلها بدون مناقضته لشيء منها حتى يموت
عليها، فإن فعل ذلك (جاء بها كلها ومات على ذلك، نفعته لا إله إلا الله) .



·
ولا يشترط حفظ هذه الشروط، وإنما الواجب
القيام بها اعتقاداً وعملاً .







1.العلم
بمعناها نفياً وإثباتاً المنافي للجهل
:


فيعلم أنه لا إله يستحق العبادة إلا الله، كما
قال تعالى:
) فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ([ محمد
: 19 ]
.
وكما قال تعالى:
)
إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ
يَعْلَمُونَ
([ الزخرف : 86 ]. وقال r في حديث عثمان t : ( مَنْ
مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ
الْجَنَّةَ ) رواه مسلم .


2.اليقين
المنافي للشك

:



يكون
القائل مستيقناً أنه لا إله إلا الله يقيناً جازماً لا شك عنده في ذلك، كما قال
تعالى:
)
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا
بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا
...الآية([ الحجرات
: 15 ]

, فأما إن شك
فإنه منافق ولا تنفعه لا إله إلا الله كما قال تعالى:
)
إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا
يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي
رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ
([ التوبة
: 45 ]
.
وقال r في حديث أبي هريرة: ( أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ
لَا يَلْقَى اللَّهَ بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ فِيهِمَا إِلَّا دَخَلَ
الْجَنَّةَ ) رواه مسلم.


3.الإخلاص :


وذلك بأن يعمل العمل خالصاً
لله عن جميع شوائب الشرك، كما قال تعالى :
)
وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ
مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ
وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ
([ البينة
: 5 ]

. وقال r في حديث أبي هريرة t: ( أَسْعَدُ
النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ خَالِصًا
مِنْ قَلْبِهِ أَوْ نَفْسِهِ

)
رواه
البخاري
.


4.الصدق
فيها المنافي للكذب

:



كما قال تعالى: ) الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا
وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ
اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ
([ العنكبوت
: 1-3 ]

. وقال تعالى: )
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا
اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ
([التوبة:119]. وقال الله تعالى في شأن المنافقين
الذين قالوا لا إله إلا الله كذباً:
) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ
الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا
يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ
اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ
([ البقرة :8-10]. وقال تعالى: )
إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا
نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ
يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ
([المنافقون: 1].
وقال
r في حديث معاذ بن جبل t: ( مَا
مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ
صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ
) رواه الشيخان .


5.القبول
لما اقتضته (لا إله إلا الله) بقلبه ولسانه وجوارحه
:


وقد قص الله علينا في كتابه
من أنباء من آمن بالله وقَبِل (لا إله إلا الله) ونجاه الله من العذاب، ومن ردّها
وانتقم الله منه، كما قال تعالى :
) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ
فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا
عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ
([الروم
:47]
. وأخبر
الله عن المستكبرين عن (لا إله إلا الله) وأنهم يستحقون العذاب بسبب استكبارهم
عنها، فقال تعالى :
) احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا
يَعْبُدُونَ
([الصافات: 22]. إلى قوله تعالى: )
إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ
لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ
* وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا
آَلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ
([الصافات
: 35-36]
. وقال
r في حديث أبي موسى t: ( إِنَّ مَثَلَ مَا
بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنْ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ أَصَابَ
أَرْضًا فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ قَبِلَتْ الْمَاءَ فَأَنْبَتَتْ الْكَلَأَ وَالْعُشْبَ
الْكَثِيرَ وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتْ الْمَاءَ فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا
النَّاسَ فَشَرِبُوا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا وَأَصَابَتْ مِنْهَا طَائِفَةً أُخْرَى إِنَّمَا
هِيَ قِيعَانٌ لَا تُمْسِكُ مَاءً وَلَا تُنْبِتُ كَلَأً فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ
فِي دِينِ اللَّهِ وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ وَمَثَلُ
مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ
بِهِ

) رواه
الشيخان
.





6.الانقياد
لما دلت عليه (لا إله إلا الله) المنافي للترك
:


كما قال تعالى: )
وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا
لَهُ

([الزمر:54]. وقال تعالى: )
وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ
وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى
([ لقمان
: 22 ]
.
يُسلم وجهه
يعني : ينقاد , وهو محسن : موحِّد , وأما من لم يُسلم وجهه إلى الله، ولم يكُ
موحداً فإنه لم يستمسك بالعروة الوثقى، كما قال تعالى:
)
وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ
إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ
الصُّدُورِ * نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ
([ لقمان
: 23 ، 24 ]
.
وقال r: ( لا
يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به
) قال النووي: رويناه في
كتاب الحجة بإسناد صحيح
.



7.محبة
(لا إله إلا الله) ولما دلت عليه واقتضته، ولأهلها العاملين بها، وبغض ما ناقض ذلك
:


وهو بمعنى الولاء لأهلها،
والبراءة من غير أهلها، كما قال تعالى :
)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا
تَتَّخِذُوا آَبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ
عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ
( [ التوبة : 23 ] . وقال تعالى: )
وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ
مِنْهُمْ

( [ المائدة : 51 ]. وقال r في حديث أبي هريرة : (
لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ
أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ
) رواه الشيخان. وقال تعالى في اشتراط متابعة
رسوله
r: )
قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ
فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ
رَحِيمٌ
* قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ
فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ
( [ آل عمران : 31 ] .





دروس مستفادة من شروط لا إله إلا الله




1.لا تتم
شهادة أن لا إله إلا الله، إلا بشهادة أن محمداً رسول الله
r، وقد قال تعالى : )
قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ
وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ
تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ
وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ
وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ
([التوبة:24] .


2.فتجب
محبة الله ورسوله (شرط من شروط لا إله إلا الله) وتجب محبة المؤمنين ويجب كراهة الكفار
وعداوتهم، وقد قال تعالى:
) إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا ([النساء:101]. وتجب أن تكون عداوة الكفار ظاهرةً
واضحةً أبديةً، إلا إن خيف منهم فلا تُظهَر
) إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ( [ آل عمران : 28 ]. وقد قال تعالى عن إبراهيم والذين معه
:
)
إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ
مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا
وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ
([ الممتحنة
: 4 ]

.


3.ويجب الكفر
بكل ما يعبد من دون الله، وقد قال
r في حديث أبي مالك الأشجعي عن أبيه t: ( مَنْ
قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَرُمَ
مَالُهُ وَدَمُهُ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ
)رواه مسلم.


4.ويجب
أن تكون محبة الله ورسوله أحب إلى العبد من كل شيء، كما قال تعالى :
) قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ ....الآية([التوبة:24]. بل حتى من نفسه، كما قال r في حلاوة الإيمان: ( أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ) رواه الشيخان , وقال r في حديث أبي هريرةt: (
لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ
أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ
) رواه الشيخان .


5.ويجب
أن يحب المرء لأخيه المسلم ما يحب لنفسه، كما قال
r[fon
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ديري نشمي
ديري مبدع
ديري مبدع
ديري نشمي


الساعة :
دعاء
ذكر
عدد المساهمات : 474
نقاط : 944
التقيم : 4
وسام وسام : كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Tmqn3
تاريخ الميلاد : 10/05/1991
تاريخ التسجيل : 29/04/2012
العمر : 33

كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ محمد بن شامي شيبة   كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Icon_minitimeالجمعة يونيو 22, 2012 3:18 pm


فصل
الولاء والبراء

( أ ) فإن كان العبد قد حقق شروط لا إله إلا الله، ووالى الله ورسوله، فكان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما حتى من نفسه, وأحب للمؤمنين ما أحب لنفسه وتبرأ من الكفر وأهله وعاداهم في الله العداوة التامة لكفرهم، فهو مؤمن كامل الإيمان الواجب " عمل الواجبات وترك المحرمات " .
(ب) وإن جاء العبد بالإيمان الواجب وزاد بفعل المندوبات وترك المكروهات فهذا أكمل بزيادة ما جاء به من المندوبات، وقد قال الله تعالى في الحديث القدسي : ( وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ...الحديث) رواه البخاري .
( ج ) وإن جاء العبد بأصل الولاء والبراء، ولكن كان يحب الله ورسوله كما يحب نفسه، ولم يكن يحبهما أكثر من نفسه، أو كان يحب الله ورسوله ولكن يحب نفسه أكثر مما يحب الله ورسوله، فإنه يكون ناقص الإيمان الواجب فهو آثمٌ فاسقٌ بذلك .
( د ) وإن جاء العبد بأصل الولاء والبراء ولكنه كان يبغض شيئاً من دين الله، فهذا ليس مؤمناً لأنه إذا أبغض شيئاً من دين الله حتى ولو كان من المندوبات فإنه يكون مرتداً، كما قال تعالى:  ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُواْ مَآ أَنزَلَ الله فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ [ محمد : 9 ].
( هـ) وإن كان العبد قد جاء بالولاء والبراء، فهو يحب الله ورسوله أكثر من نفسه، ولكنه لا يحب للمؤمنين كما يحب لنفسه، بل يحب لنفسه أكثر مما يحب لأخيه المؤمن فهو ناقص الإيمان الواجب فهو آثم فاسق .

من مظاهر
موالاة المؤمنين
والتحذير ممّا يخالفها

1- يجب عليك أيها المسلم أن تهاجر من بلاد الكفار إلى بلاد المسلمين، إذا كنت لا تستطيع إظهار شعائر دينك، وقد قال تعالى:  إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا * إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا * فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا  [ النساء : 97-99 ].
2- يجب عليك مناصرة المسلمين ومعاونتهم فيما يحتاجون إليه في دينهم، كما قال تعالى:  وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ  [الأنفال:72].
3- يجب أن تحبّ للمسلمين ما تحب لنفسك، وقد قال : ( لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ ) رواه الشيخان عن أنس .
4- لا تحتقر أخاك المسلم، ولا تخذله، ولا تسلمه، وقد قال : ( الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ ) روه مسلم عن أبي هريرة .
5- لا تبغض أخاك المسلم، ولا تبع على بيعه، وكن أخاً له، كما قال : ( لَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا ) رواه مسلم عن أبي هريرة .
6- احترم أخاك المسلم، ويحرم عليك السخرية منه، أو اغتيابه، وقد قال تعالى:  ياأيها الذين آمَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عسى أَن يَكُونُواْ خَيْراً مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَآءٌ مِّن نِّسَآءٍ عسى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلاَ تلمزوا أَنفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُواْ بالألقاب بِئْسَ الاسم الفسوق بَعْدَ الإيمان وَمَن لَّمْ يَتُبْ فأولئك هُمُ الظالمون * ياأيها الذين آمَنُواْ اجتنبوا كَثِيراً مِّنَ الظن إِنَّ بَعْضَ الظن إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُواْ وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ واتقوا الله إِنَّ الله تَوَّابٌ رَّحِيمٌ  [ الحجرات : 11 - 12 ] .
7- انصح لأخيك المسلم، فقد قال  في حديث تميم الداري  : ( الدِّينُ النَّصِيحَةُ قُلْنَا لِمَنْ قَالَ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِم ) رواه مسلم . وقد بايع جرير  النبي  على: ( إِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ ) رواه الشيخان.
8- شدّ من أزر أخيك المؤمن، وقد قال  في حديث أبي موسى : ( الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا) رواه الشيخان.
9- لا تخطب على خطبة أخيك المسلم حتى يأذن أو يُردّ، وقد قال : (لَا يَسُمْ الْمُسْلِمُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ وَلَا يَخْطُبْ عَلَى خِطْبَتِهِ ) رواه مسلم.
10- خالط إخوانك المسلمين، واصبر على أذاهم، وقد قال  في حديث ابن عمر : (الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ ، وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ ، أَفْضَلُ مِنَ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لا يُخَالِطُ النَّاسَ ، وَلا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ) رواه أحمد والترمذي وابن ماجة (صحيح).
11- كفّ على أخيك المؤمن ضيعته، وحُطْه من ورائه، كما قال  في حديث أبي هريرة : ( الْمُؤْمِنُ مِرْآةُ الْمُؤْمِنِ وَالْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ يَكُفُّ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ وَيَحُوطُهُ مِنْ وَرَائِهِ ) رواه أبو داود (حسن).
12- كن مع إخوانك المؤمنين، تفرح لفرحهم وتتألّم لألمهم، وقد قال  في حديث سهل بن سعد : ( إِنَّ الْمُؤْمِنَ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنْ الْجَسَدِ يَأْلَمُ الْمُؤْمِنُ لِأَهْلِ الْإِيمَانِ كَمَا يَأْلَمُ الْجَسَدُ لِمَا فِي الرَّأْسِ ) رواه أحمد (حسن).
13- ليأمنك الناس ومنهم المؤمنون على دمائهم وأموالهم وأنفسهم، وقد قال  في حديث فضالة بن عبيد : ( الْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ الْخَطَايَا وَالذُّنُوبَ ) رواه ابن ماجة (صحيح).
14- كن ممن يألفه إخوانه المؤمنون، وممن ينفعهم، وقد قال  في حديث سهل بن سعد : ( الْمُؤْمِنُ يَأْلَفُ وَ يُؤْلَفُ وَلَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يَأْلَفُ وَلَا يُؤْلَفُ ) رواه أحمد. وزاد في حديث جابر : ( وخَيْرُ النَّاسِ أَنْفَعَهُمْ لِلنَّاسِ ).
15- كن مع المؤمنين يداً على غير المؤمنين، وقد قال  في حديث علي : (الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ) رواه أبو داود والنسائي (صحيح). وفي حديث عبد الله بن عمرو : (الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ...) وفيه: ( يَرُدُّ مُشِدُّهُمْ عَلَى مُضْعِفِهِمْ وَمُتَسَرِّيهِمْ عَلَى قَاعِدِهِمْ ...الحديث ) رواه أبو داود وابن ماجة (حسن).
16- ليسلم المسلمون من لسانك ويدك، وقد قال  في حديث عبد الله بن عمرو : (الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ...الحديث) رواه البخاري.
17- بيِّن العيب في السلعة التي تبيعها لأخيك المسلم، وقد قال  في حديث عقبة بن عامر : ( الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ بَاعَ مِنْ أَخِيهِ بَيْعًا فِيهِ عَيْبٌ إِلَّا بَيَّنَهُ لَهُ ) رواه أحمد وابن ماجة والترمذي (صحيح).
18- لا تخن أخاك المسلم، ولا تكذبه، ولا تخذله، وقد قال  في حديث أبي هريرة : (الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَخُونُهُ وَلَا يَكْذِبُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ...الحديث ) رواه الترمذي (صحيح).
19- لا تظلم أخاك المسلم، ولا تسلمه، وكن في حاجته، وفرِّج عنه الكُربة واستره، وقد قال  في حديث ابن عمر : (الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) رواه الشيخان.
20- لا تحسد أخاك، ولا تبع عليه بالنجش، ولا تبغضه، وقد قال  في حديث أبي هريرة : (لَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا...الحديث) رواه مسلم.
21- زُر أخاك المسلم، واجتمع به، واجعل محبّتك له لوجه الله، وفي حديث السبعة الذين يُظلّهم الله في ظلّه يوم لا ظلّ إلا ظلّه، وذكر منهم: ( وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ )رواه الشيخان. وقال  في حديث معاذ : ( قَالَ اللَّهُ  وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ ) رواه أحمد (صحيح).
22- أدِّ إلى المسلم حقوقه، كما جاء في حديث أبي هريرة ، فقد قال : (حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ قِيلَ مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَسَمِّتْهُ وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ ) رواه مسلم.
23- انصر أخاك بالوقوف معه حتى يأخذ حقّه ممّن ظلمه، وإن كان ظالماً فاردعه عن الظّلم، وقد قال  في حديث أنس : (انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ قَالَ تَحْجُزُهُ أَوْ تَمْنَعُهُ مِنْ الظُّلْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ ) رواه البخاري.
24- ارحم الصغير ووقِّر الكبير، وارحم أخاك المؤمن، وقد قال  في حديث عبادة بن الصامت : (لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ ) رواه أحمد (حسن). وقال  في حديث عبد الله بن عمرو: ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ شَرَفَ كَبِيرِنَا ) رواه أحمد والترمذي (صحيح).
25- استغفر لأخيك المؤمن، وقد قال تعالى:  واستغفر لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ والمؤمنات  [ محمد : 19 ].


التحذير من مظاهر موالاة الكفار

1- أخي المسلم، احذر من التشبه بالكفار في الملابس وغيرها مما هو من خصائصهم وعاداتهم وعباداتهم، وقد قال : (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ) رواه أبو داود.
2- احذر من التشبه بهم في حلق اللحية وإطالة الشوارب، والكلام بلغتهم بلا حاجة.
3- لا تسافر إلى بلاد الكفار لغير ضرورة، واحذر من الإقامة في بلاد الكفار، وهاجر منها إلا أن تكون غير قادر على الهجرة.
4- لا تقم بإعانة الكفار ومناصرتهم على المسلمين.
5- لا تمدح الكفار ولا تُثنِ عليهم، فإن ّالمدافعة عنهم والإعجاب بهم دون النظر إلى عقيدتهم الباطلة الفاسدة من موالاتهم المحرّمة.
6- احذر من التسمِّي بأسمائهم ومحبتهم ونحو ذلك.
7- لا تستغفر للكفار، ولا تترحّم على موتاهم.
8- تجنّب مشاركتهم في أعيادهم، أو معاونتهم في إقامتها، أو تهنئتهم بها، أو حضورها.
9- يحرم على المسلم اتخاذهم بطانة، أو توليتهم ولايةً فيها سلطة على المسلمين، أو الاستعانة بهم في القتال، إلا في حال الضرورة مع أمانة المُستعان به في ذلك.
10- يحرم التأريخ بتاريخهم الذي يُعبّر عن عبادتهم وأعيادهم، كالتاريخ الميلادي.




حكم السفر إلى بلاد الكفار
• إن كان سافر لعمل مشروع كدعوة إلى الله عز وجل أو لعلم يحتاجه المسلمون ولا يوجد في بلاد المسلمين فهذا سفر مشروع .
• وإن كان سافر لعلاج لا يوجد إلا في بلاد الكفار أو نحو ذلك فهذا سفر مباح .
• وأما السفر للنزهة بحيث يرى المنكرات والمحرمات ولا يستطيع الإنكار فإنه سفر محرم . والله أعلم
حكم التشبة بالكفار
أما التشبه بالكفار فيما هو من خصائصهم فإنه محرم لقوله  : ( مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ ) رواه أبو داود (صحيح) .
















فصل
الهجــــــــرة


معنى الهجرة
الهجرة : هي الانتقال من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام .

حكم الهجرة
• إذا كان المسلم المقيم في بلاد الكفار لا يستطيع إظهار شعائر دينه، فإنه يجب عليه أن يهاجر إلى بلاد الإسلام إن استطاع أن يهاجر لقوله تعالى:  أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا...الآية[ النساء : 97 ]. وقال  في حديث جرير: ( أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ قَالَ لَا تَرَاءَى نَارَاهُمَا ) رواه أبو داود (صحيح) .
• إن كان المسلم لا يستطيع أن يهاجر إلى بلاد الإسلام فهذا معفوٌ عنه حتى يستطيع الهجرة فيهاجر كما قال تعالى:  إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا * فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ...الآية[النساء:98] .
• إن كان المسلم يستطيع إظهار شعائر دينه في بلاد الكفار فإنه يسن له الهجرة إلى بلاد الإسلام إلا إن كان بقاؤه لعملٍ مشروع كدعوة إلى الله ونحو ذلك فهذا يشرع له البقاء لنشر دين الله في تلك البلاد .








الباب الثاني
العبــــــــــــادة

معنى العبادة
العبادة التي خلق الله لها الخلق هي: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة .
فالظاهرة: كالتلفظ بالشهادتين وإقام الصلاة وإخراج الزكاة والصوم والحج والجهاد في سبيل الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإكرام الضيف والجار والصدقات والدعوة إلى الله عز وجل.
والباطنة: كالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره وخشية الله وخوفه ورجائه والحب في الله والبغض في الله وغير ذلك .

أقسام العبادة
من حيث الوجوب وعدمه
1- عبادات واجبة: (فعل الواجبات وترك المحرمات)، وقد جاء رجل إلى النبي  فقال : (يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِذَا صَلَّيْتُ الْمَكْتُوبَاتِ وَصُمْتُ رَمَضَانَ وَحَرَّمْتُ الْحَرَامَ وَأَحْلَلْتُ الْحَلَالَ وَلَمْ أَزِدْ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا أَفَأَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَالَ نَعَمْ فَقَالَ وَاللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا ) رواه أحمد. وهذه العبادات الواجبة هي أحبّ ما تقرّب به العبد إلى الله ، كما قال الله تعالى في الحديث القدسي: ( وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ) رواه البخاري.
2- عبادات مسنونة: ( نوافل ) وبها يزداد الإيمان ( الكمال المستحب) وكلّما زاد العبد من التقرّب إلى الله بالنّوافل أحبه الله، كما في الحديث القدسي: ( وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ) رواه البخاري.





معنى العبودية لله

- العبدُ إن أُريد به المعبّد المذلل المسخر، دخل فيه جميع المخلوقات كما قال تعالى:  إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا  [ مريم :93 ].
- وإن أريد بالعبد العابد فإنه يكون خاصاً بالمؤمنين كما قال تعالى: إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ  [الإسراء: 65] .

مناط العبادة الصحيحة

• مناط العبادة الصحيحة (ركائزها):
- الحب - والخوف - والرجاء.
• وهي غاية الحب مع غاية الذل، (كمال الحب مع كمال الذل لله ) كما قال تعالى:  وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ [البقرة: 165] وقال تعالى عن رسله وأنبيائه:  إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ [الأنبياء:90].
- فالعبد إذا عبد الله بالحب وحده بلا تذلل ولا خوف ولا رجاء، فإنه يقع في معاصي الله ولا يبالي , فدعوى عبادة الله بالمحبة فقط دعوى كاذبة، وإنما المحبة الحقيقية هي موافقة العبد ربه فيحب ما يحبه ربه ويكره ما يكرهه ربه .
- وعبادة الله بالرجاء فقط تحمل العبد على التجرؤ على معاصي الله والأمن من مكر الله وقد قال الله تعالى :  فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ  [ الأعراف : 99 ].
- وعبادة الله بالخوف وحده تحمل العبد على إساءة الظن بربه والقنوط من رحمته واليأس من روحه وقد قال تعالى:  إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ [ يوسف : 87 ]. وقال تعالى :  وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ [ الحجر : 56 ]. فيجب أن يجمع العبد بين الحب والخوف والرجاء في عبادة الله كما قال تعالى:  وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ  [ الإسراء : 57 ].

ما يشمله مسمّى العبادة
1- تشمل العبادة كل الطاعات:
- الطاعات الظاهرة على اللسان: كالذكر والتهليل والتسبيح وتلاوة القرآن والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك.
- والطاعات الظاهرة على الجوارح: كالصلاة والزكاة والحج والصيام والجهاد في سبيل الله وغير ذلك.
- والطاعات القلبية (أعمال القلوب): كحب الله ورسوله  وخشية الله والتوكل عليه ورجاء رحمة الله وغير ذلك .
2- وتشمل العادات، إذا قصد بها العبد التقوِّي على طاعة الله، كالأكل والشرب وطلب الرزق والنكاح وغير ذلك , فليحرص العبد عل أن تكون كل أعماله طاعة لله، وقد قال الله تعالى لرسوله  :  قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ  الآيات .
3- وتشمل الهمّ بالحسنات، كما قال  : ( فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً...الحديث ) رواه الشيخان .

أيها العبد: اجعل كل عملك عبادة

1- أيها العبد، كن يقظاً لكل ما يصدر منك من كلامٍ أو فعلٍ أو إرادةٍ، بحيث تجعل ذلك كله عبادة لله، واجعل هذه الآية نصب عينك:  قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للَّهِ رَبِّ العالمين لاَ شَرِيكَ لَهُ وبذلك أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ المسلمين  [ الأنعام : 162 ، 163 ].
2- كن حسن القصد (النية)، ولا تكن ممن يغلب عليه العادة، فتوجّه في كل شأن من شئونك إلى الله بالنية الصالحة الحسنة، وقد قال : (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ...الحديث) رواه البخاري.
3- اجتهد في الاشتغال بالطاعات في كل وقت وفي أي مكان، اجعل لسانك ذاكراً، وقلبك شاكراً، ومالك في الصدقة ووجوه الخير، وسمعك وبصرك وفكرك فيما يحبه الله ويرضاه، واجعل حديث أبي ذر  أمامك، وهو قوله : ( اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ وَأَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ ) رواه أبو داود والترمذي وأحمد(حسن).


أركان العبادة (شروط صحة العبادة)

1. الشرط الأول: الإخلاص:
بأن يريد العبد بعمله وجه الله والدار الآخرة كما قال تعالى: ( وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ) وقال تعالى: ( وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا ) وقال تعالى: ( وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى ) وقال : ( إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى... الحديث) رواه الشيخان. وقال : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ ) رواه مسلم عن أبي هريرة  .
• وعلى العبد أن يجتهد في القيام بما أمره الله واجتناب ما نهاه الله عنه وأن يستعد للآخرة مستعيناً بالله وأن يترك الكسل عن طاعة ربه مما أوجبه الله عليه ويشرع للعبد أن يحرص على الإكثار من النوافل وقد قال  في حديث أبي هريرة : ( الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ ) رواه مسلم. وفي الحديث القدسي: (وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ...الحديث) رواه البخاري.
2. الركن الثاني (الشرط الثاني) من شروط العبادة : متابعة الرسول  :
فيعبد العبد ربه بما وافق الشرع (دين الإسلام) وقد قال تعالى: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ  وقال  : ( مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ ) رواه الشيخان عن عائشة رضي الله عنها. وفي رواية لمسلم: ( مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ) .



حال العمل إذا تخلف أحد الركنين

يجب تحقق هذين الشرطين في العبادة (الإخلاص والمتابعة) وعلى ذلك :
أ‌- إن كان عمل العبد إنما بعثه عليه إرادة غير الله من أصل العمل فهو نفاق (كفر أكبر)،كمن قام إلى الصلاة ولكن لا يريد بصلاته أصلاً وجه الله، وإنما من أجل أن يراه الناس فقط، كما قال تعالى عن المنافقين :  وَإِذَا قاموا إِلَى الصلاة قَامُواْ كسالى يُرَآءُونَ الناس وَلاَ يَذْكُرُونَ الله إِلاَّ قَلِيلاً  [ النساء : 142 ].
ب‌- وإن كان العبد إنما يعمل لوجه الله ولكن دخل عليه الرياء في تزيين العمل، كمن يصلي لله ولكن يزين صلاته لما يرى من نظر رجل إليه كان شركاً أصغر، وقد قال  في حديث محمود بن لبيد : ( إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ قَالُوا وَمَا الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الرِّيَاءُ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا جُزِيَ النَّاسُ بِأَعْمَالِهِمْ اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ فِي الدُّنْيَا فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً ) رواه أحمد (صحيح) , لكن إذا غَلَبَت إرادة الرياء على العمل، التَحَقَت بالشرك الأكبر .
ت‌- وإن كان عمل العبد قد أخلص فيه لله ولكنه لم يكن على وفق سنة رسول الله  فهو بدعة وحدث في الدين فهو مردود على صاحبه كبدعة المولد النبوي والجهر بالنية للصلاة والذكر الجماعي والبناء على القبور والتوسل بالموتى إلى الله وغيرها كثير.

عمل المبتدع
• المبتدع عمله مردود عليه بمعنى :
أ‌- أنه لا يقبل منه .
ب‌- أنه يأثم عليه لأنه معصية لله عز وجل .





من أنواع العبادة

1- الدعاء
كما قال تعالى :  وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ  فقد دلت الآية على أن الدعاء عبادة فمن صرف هذه العبادة لغير الله فقد أشرك بالله وارتد عن دينه وقد قال تعالى :  قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ  وقال  في حديث النعمان بن بشير  : ( الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ ) رواه الترمذي وابن ماجة وأحمد وابن حبان والحاكم (صحيح) , وقال  في حديث ابن عباس  : ( إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ ) رواه الترمذي وأحمد (صحيح).

بعض الدروس على هذه العبادة

أ‌- توجّه أيها العبد إلى الله في دعائك، ويشرع أن تُلحّ في الدعاء وسؤال الله المغفرة وكل ما تحتاجه، وقد قال  في حديث أبي هريرة : ( مَنْ لَمْ يَسْأَلْ اللَّهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ ) رواه الترمذي (صحيح) .
ب- أيها العبد اغتنم أوقات ومواطن الإجابة، ومنها:

- بين الأذان والإقامة: كما قال  في حديث أنس : ( الدعاء مستجاب بين النداء و الإقامة ) رواه الحاكم (حسن). وقال  في حديث أنس : ( الدُّعَاءُ لَا يُرَدُّ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ ) رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي (صحيح).
- ومن أوقات الإجابة ساعة الجمعة: وهي من بعد العصر إلى غروب الشمس وهي(قليلة) أو من صعود الإمام .
- ومن مواطن الإجابة (السجود): فقد قال : ( وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ ) رواه مسلم.
- ومن أوقات الإجابة ثلث الليل الآخر: كما قال  في حديث أبي هريرة : ( يَنْزِلُ اللَّهُ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا لِثُلُثِ اللَّيْلِ الْآخِرِ فَيَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ أَوْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ ثُمَّ يَبْسُطُ يَدَيْهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ : مَنْ يُقْرِضُ غَيْرَ عَدِيمٍ وَلَا ظَلُومٍ ) رواه مسلم.
- ومن مواطن الإجابة السفر ودعوة المظلوم ودعوة الوالد لولده: لقوله  في حديث أبي هريرة : ( ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لَا شَكَّ فِيهِنَّ دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ ) رواه أبو داود والترمذي (حسن)، وفي لفظ عن ابن ماجة: ( وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ ) (حسن).
- ومنها دعوة الصائم: كما قال  في حديث أنس : ( ثلاث دعوات لا ترد ) وذكر منها: ( دعوة الصائم ) رواه الضياء (حسن) ورواه البيهقي في الشعب من حديث أبي هريرة (صحيح) .
ج – ادع الله مما نزل أو مما لم ينزل لقوله  في حديث ابن عمر : ( الدعاء ينفع مما نزل و مما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدعاء ) رواه الحاكم (حسن) .
د- ادع الله وأنت موقنٌ بالاجابة، بحضور قلبك، وقد قال  في حديث أبي هريرة : (ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ ) رواه الترمذي (حسن).
هـ- أطب مطعمك ومشربك وغيرها، وقد ذكر النبي  ( الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ ) رواه مسلم.
و- ادع الله  عندما يصيبك الضرّ أو غيره، وعند طلب أي خير، فإنه سبحانه هو الذي يملك ذلك دون سواه، وقد قال  في حديث أبي جُريٍّ : ( أَنَا رَسُولُ اللَّهِ الَّذِي إِذَا أَصَابَكَ ضُرٌّ فَدَعَوْتَهُ كَشَفَهُ عَنْكَ وَإِنْ أَصَابَكَ عَامُ سَنَةٍ فَدَعَوْتَهُ أَنْبَتَهَا لَكَ وَإِذَا كُنْتَ بِأَرْضٍ قَفْرَاءَ أَوْ فَلَاةٍ فَضَلَّتْ رَاحِلَتُكَ فَدَعَوْتَهُ رَدَّهَا عَلَيْكَ ) رواه أبو داود وغيره(صحيح).
ز- أكثر من هذه الدعوة: ( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) فقد كان  هي أكثر دعوة يدعو بها.
ح- ارفع يديك في الدعاء، فقد قال  في حديث سلمان : ( إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي إِذَا رَفَعَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ ) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة (صحيح).
ط- ادع الله لأبيك وأمك بالمغفرة والرحمة، ولإخوانك بظهر الغيب، فقد قال  في حديث أبي الدرداء : ( مَنْ دَعَا لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ آمِينَ وَلَكَ بِمِثْلٍ ) رواه مسلم.
ي- ادع الله سائلاً الفردوس الأعلى، فقد قال : ( فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ...الحديث ) رواه البخاري عن أبي هريرة  .
ك- احرص على الدعاء بالدعوات التي جاءت في القرآن وفي سنة النبي  الصحيحة، ومنها:
1- ما جاء في حديث ابن عباس  أنه  كان يدعو في صلاته وفي خروجه إلى الصلاة فيقول: ( اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي فِي قَلْبِي نُورًا وَفِي لِسَانِي نُورًا وَفِي سَمْعِي نُورًا وَفِي بَصَرِي نُورًا وَمِنْ فَوْقِي نُورًا وَمِنْ تَحْتِي نُورًا وَعَنْ يَمِينِي نُورًا وَعَنْ شِمَالِي نُورًا وَمِنْ بَيْنِ يَدَيَّ نُورًا وَمِنْ خَلْفِي نُورًا وَاجْعَلْ فِي نَفْسِي نُورًا وَأَعْظِمْ لِي نُورًا ) رواه الشيخان.
2- قوله  في حديث أبي هريرة : (اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي وَاجْعَلْ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ وَاجْعَلْ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ) رواه مسلم.
3- قوله  في حديث أبي موسى : ( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَجَهْلِي وَإِسْرَافِي فِي أَمْرِي وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي جِدِّي وَهَزْلِي وَخَطَئِي وَعَمْدِي وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) رواه الشيخان.
4- أذكار وأدعية الصباح والمساء التي فيها سيد الاستغفار.
5- استعذ بالله بأحاديث الاستعاذة الواردة عنه .

من أنواع العبادة
2- التوبة إلى الله

وقد قال تعالى :  وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ  [ النور : 31 ]. وقال  في حديث أنس : ( إني لأتوب إلى الله تعالى في اليوم سبعين مرة ) رواه النسائي وابن حبان (صحيح).

بعض الدروس على هذه العبادة
• أيها العبد، تبْ إلى الله من جميع الذنوب، فالتوبة من الذنوب واجبة، كما قال تعالى:  وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ  [ النور : 31 ] .
• أكثر من التوبة كل يوم، كما كان  يستغفر الله ويتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة، وفي الحديث قوله : ( وَاللَّهِ إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً ) رواه البخاري من حديث أبي هريرة  .
• أيها العبد، أكثر من التوبة في المجلس، ففي حديث ابن عمر  قال: (إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ  فِي الْمَجْلِسِ يَقُولُ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ مِائَةَ مَرَّةٍ ) رواه ابن ماجة (صحيح).
• اعلم أيها العبد أن الله يفرح بتوبة عبده، كما قال  في حديث أنس  : ( لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ إِذَا اسْتَيْقَظَ عَلَى بَعِيرِهِ قَدْ أَضَلَّهُ بِأَرْضِ فَلَاةٍ ) رواه الشيخان .
• وأن الله يُبدِّل سيئات التائب حسنات، كما قال تعالى:  فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ...الآية  [ الفرقان : 70 ].
• حقق شروط التوبة :
1- اندم على فعل الذنب، فقد قال  في حديث ابن مسعود : ( النَّدَمُ تَوْبَةٌ ) رواه أحمد وابن ماجة (صحيح).
2- اقلع عن الذنب فوراً.
3- اعزم على عدم العودة إلى الذنب.
4- ردّ المظالم إلى أهلها، أو استحللهم، وهذا الشرط في حقوق العباد.
• إذا تبت فإنّ الذنوب تذهب، كما قال  في حديث أبي سعيد : (وَالتَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لا ذَنْبَ لَهُ) رواه الطبراني في الكبير (حسن).


من أنواع العبادة
3- الخشية
كما قال تعالى :  فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي  [البقرة:150]. وقال تعالى:  إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ [المؤمنون: 57].
بعض الدروس على هذه العبادة
• عليك أيها العبد أن تخشى الله، فقد أمرك الله بذلك، كما قال تعالى: فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي  [البقرة:150].
• عليك أيها العبد أن تكون شديد الخشية من الله، وكلما كان العبد أشد خشية لله كان أحب إلى الله، وقد قال  في حديث عمرو بن أبي سلمة : ( أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَتْقَاكُمْ لِلَّهِ وَأَخْشَاكُمْ لَهُ ) رواه مسلم .
• يجب عليك أيها العبد أن تخشى الله في الغيب والشهادة، وأن تهتم بخشية الله بالغيب؛ لأن من كان كذلك فهو الذي يستفيد من النذارة ويتبع الذكر والعظة، كما قال تعالى:  إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ  [ يس : 11 ]. وقال تعالى عن الذي يخشى الله بالغيب:  إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ  [الملك: 12] .
• يشرع لك أيها العبد أن تسأل الله خشيته بالغيب والشهادة، كما قال  : ( وَأَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ) رواه النسائي والحاكم (صحيح) .
• أيها العبد عليك أن تخشى يوم القيامة (ما فيه من الأهوال)، وذلك باجتناب المحرمات والقيام بالواجبات حتى تلقى الله، وقد قال تعالى:  يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا  [لقمان : 33].
• يُشرع لك أيها العبد البكاء من خشية الله، وقد قال : ( سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ ) وذكر منهم: ( وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ ) رواه الشيخان. وقال  في حديث أبي هريرة : ( لَا يَلِجُ النَّارَ أَحَدٌ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يَعُودَ اللَّبَنُ فِي الضَّرْعِ وَلَا يَجْتَمِعُ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ فِي مَنْخِرَيْ امْرِئٍ أَبَدًا ) رواه الترمذي وأحمد والنسائي (صحيح) . وقال  في حديث أبي أمامه : ( لَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ قَطْرَتَيْنِ وَأَثَرَيْنِ قَطْرَةٌ مِنْ دُمُوعٍ فِي خَشْيَةِ اللَّهِ وَقَطْرَةُ دَمٍ تُهَرَاقُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأَمَّا الْأَثَرَانِ فَأَثَرٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأَثَرٌ فِي فَرِيضَةٍ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ ) رواه الترمذي (حسن) .
• عليك أيها العالم أن تدرس نفسك عند هذه الآية  إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ  [فاطر: 28]. وليجتهد المسلم أن يكون عالماً بدين الله متخلقاً بالخشية من الله.





من أنواع العبادة
4- التوكل على الله والثقة به

وأن الله كافي العبد كما قال تعالى :  وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ  [المائدة:23]. وقال تعالى لرسوله :  فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ  [ النمل : 79 ].

دروس على التوكل
1. يجب عليك أيها المسلم أن تتوكل على الله، بأن يعتمد قلبك على الله في كل أمورك، كما قال تعالى:  وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ  [المجادلة:9-10]. وقال تعالى: وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ  [إبراهيم:11-12]. 
2. يشرع لك أيها العبد عندما تُهدَد من غيرك، أو عدوك أو نحو ذلك، أن تقول: حسبنا الله ونعم الوكيل، فقد قال ابن عباس  في هذه الآية  حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ  : ( قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَام حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ  حِينَ قَالُوا  إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ  ) رواه البخاري .
3. لتعلم أيها العبد أن الطّير متوكّل على الله، وكذا بقية الحيوانات في رزقها، فتوكل على الله في رزقك وغيره التوكل الكامل، وقد قال  في حديث عمر : ( لَوْ أَنَّكُمْ تَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا ) رواه الترمذي وابن ماجة وأحمد والحاكم (صحيح) .
4. عليك أيها العبد فعل الأسباب التي هي أسباب، مع توكلك على الله وتعتقد أنها أسباب، وأن الأمر بيد الله  فهو خالق الأسباب والمسببات، وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، كما قال : ( وَاعْلَمْ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ ) رواه الطبراني في الكبير والحاكم (صحيح) .
5. لتجتهد أيها العبد أن تكون من السبعين ألفاً، كما في قوله  : ( يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ قَالُوا مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ هُمْ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وَلَا يَكْتَوُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) رواه الشيخان .
6. إذا حصل في نفسك أيها العبد شيءٌ من الطيرة فتوكل على الله، فإنّ الله يُذهبه وقد قال  في حديث ابن مسعود : ( الطِّيَرَةُ شِرْكٌ ) قال ابن مسعود : ( وَمَا مِنَّا إِلَّا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ ) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة وأحمد والحاكم (صحيح) .

من أنواع العبادة
5- الخشوع والخضوع والتذلل لله
والرغبة فيما عنده من حسن الثواب

وقد قال تعالى في آل زكريا: إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ  [ الأنبياء : 90 ]. وقال تعالى :  وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا  [الإسراء: 109].

بعض الدروس على هذه العبادة

1. يجب عليك أيها العبد أن تكون خاضعاً في قلبك لربك، متذللاً له راغباً فيما عنده من الثواب بعبادتك له وحده لا شريك له.
2. يجب أن تحذر من الكبر، وقد قال  في حديث أبي هريرة : ( الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا قَذَفْتُهُ فِي النَّارِ ) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة (صحيح) .
3. يشرع لك أيها العبد أن تكون حتى في عاداتك بحيث تقصد بها التقوي على طاعة الله، كأكلك وشربك ولباسك وغير ذلك، راغباً في ثواب الله، فتجعل كل حركة من حركات حياتك لربك بالنية الصالحة الصادقة، كما قال تعالى لرسوله :  قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ  [ الأنعام : 162 ، 163 ].
4. يشرع لك أيها العبد أن تدعو عند نومك بما جاء عنه ، وهذا الدعاء هو : ( اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ ) رواه الشيخان .
5. اعتن أيها العبد بالخشوع في صلاتك، وقد قال  للمسيء في صلاته : ( ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا...الحديث)رواه الشيخان , وهذا الخشوع يشمل خشوع القلب والجوارح , ويشرع لك أيها العبد أن تصلي صلاة مودع، كما قال : ( فَصَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ ) رواه ابن ماجه وأحمد (صحيح) .
6. يشرع لك أيها العبد أن تقول في ركوعك وسجودك ما جاء عنه  أنه كان يدعو به: ( خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعَظْمِي وَعَصَبِي ) رواه مسلم , وليدرس المسلم نفسه، هل خشعت منه تلك الجوارح حقيقة في صلاته .

من أنواع العبادة
6- تسبيح الله وتحميده وتهليله وتكبيره

كما قال تعالى:  سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى  [الأعلى: 1]. وقال تعالى:  يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ  [الجمعة : 1]. وقال تعالى:  قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى  [ النمل : 59] وقال تعالى :  وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا...الآية  [الإسراء : 111]. وقال تعالى:  شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ...الآية [آل عمران : 18]. وقال تعالى : ¬ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا [الإسراء : 111].
بعض الدروس على هذه العبادة

أ‌- أيها المسلم: تعبَّد ربك بهذه الكلمات الأربع، كما قال  في حديث سمرة : ( أَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ أَرْبَعٌ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ ) رواه مسلم. وقال  في حديث أبي ذر : ( أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَحَبِّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِأَحَبِّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ فَقَالَ إِنَّ أَحَبَّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ ) رواه مسلم.
ب‌- أكثر -أيها العبد- من هاتين الكلمتين اللتين في قوله  في حديث أبي هريرة : ( كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ ) رواه الشيخان .
ج- إن هذه الكلمات هي غراس الجنة، فأكثر -أيها العبد- من غراسك في الجنة، وقد قال  في حديث بن مسعود : ( لَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَقْرِئْ أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلَامَ وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الْجَنَّةَ طَيِّبَةُ التُّرْبَةِ عَذْبَةُ الْمَاءِ وَأَنَّهَا قِيعَانٌ وَأَنَّ غِرَاسَهَا سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ ) رواه الترمذي (حسن) .
د- أكثر من قول (لا إله إلا الله) فقد قال  في حديث أبي هريرة : ( الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ ) رواه مسلم.
هـ- قل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، كل يوم مائة مرة أو أكثر، فقد قال  في حديث أبي هريرة : ( مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنْ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ) رواه الشيخان.
و- أو قل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، عشراً، فهي كعدل أربع رقاب كما في الحديث: ( مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ عَشْرَ مِرَارٍ كَانَ كَمَنْ أَعْتَقَ أَرْبَعَةَ أَنْفُسٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَعِيلَ ) رواه مسلم.
ز- قل: سبحان الله وبحمده، في كل يوم مائة مرة، فق
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ديري نشمي
ديري مبدع
ديري مبدع
ديري نشمي


الساعة :
دعاء
ذكر
عدد المساهمات : 474
نقاط : 944
التقيم : 4
وسام وسام : كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Tmqn3
تاريخ الميلاد : 10/05/1991
تاريخ التسجيل : 29/04/2012
العمر : 33

كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ محمد بن شامي شيبة   كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Icon_minitimeالجمعة يونيو 22, 2012 3:19 pm

من أنواع العبادة
7- تلاوة القرآن
وتدبُّره، وتعلُّمه، وتعليمه، والعمل به

وقد قال تعالى :  اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ...الآية  [العنكبوت: 45]. وقال تعالى :  لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ  [ص: 29].

بعض الدروس على هذه العبادة
1. يجب عليك -أيها العبد- أن تتعلّم من كتاب الله وسنة رسوله  ما لا تصح عبادتك إلا به، كالفاتحة .
2. ويشرع لك -أيها العبد- أن تتعلم القرآن وتعلِّمه، كما قال : ( خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ ) رواه الشيخان , فتجلس في حِلَق القرآن، وتدرّس القرآن، وتشجع على تدريسه، وتدعم ذلك بمالك ووقتك حسب استطاعتك .
3. يجب عليك -أيها العبد- أن تعمل بهذا القرآن، ولا تجفو عنه، ولا تغلو فيه، وقد قال  في حديث عبد الرحمن بن شبل : ( اقْرَءُوا الْقُرْآنَ وَلَا تَغْلُوا فِيهِ وَلَا تَجْفُوا عَنْهُ وَلَا تَأْكُلُوا بِهِ وَلَا تَسْتَكْثِرُوا بِهِ ) رواه أحمد (صحيح) , ولا تجعل القرآن لتأكل به في المآتم ونحوها، وإنما يجوز أخذ الأجرة على تعليم القرآن والرقية به، لقوله : ( إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ ) رواه البخاري .
4. لِتَسْتشفِ -أيها العبد- بالقرآن لجميع الأمراض القلبية والبدنية, ومن أنفع الرقى الرقية بالفاتحة كما في قصة اللّديغ، والله سبحانه هو الشافي .
5. عليك -أيها العبد- أن تبتغي بقراءة القرآن وجه الله، وقد قال  في حديث جابر : ( اقْرَءُوا الْقُرْآنَ وَابْتَغُوا بِهِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ قَوْمٌ يُقِيمُونَهُ إِقَامَةَ الْقِدْحِ يَتَعَجَّلُونَهُ وَلَا يَتَأَجَّلُونَهُ ) رواه أبو داود وأحمد (حسن) .
6. ولْتسألِ الله بالقرآن ولا تسأل به الناس، وقد قال  في حديث عمران بن حصين : ( اقْرَءُوا الْقُرْآنَ وَسَلُوا اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَجِيءَ قَوْمٌ يَسْأَلُونَ النَّاسَ بِهِ ) رواه أحمد (صحيح) .
7. لتقرأ -أيها العبد- القرآن، ولْتقرأ البقرة وآل عمران، كما قال  في حديث أبي أمامه : ( اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ ) رواه مسلم . " الْبَطَلَةَ : السَّحَرَةُ" .
8. أيها العبد يحرم عليك المجادلة بالباطل في القرآن، وقد قال  في حديث أبي هريرة : ( الْمِرَاءُ فِي الْقُرْآنِ كُفْرٌ ) رواه أبو داود والحاكم (صحيح), وقال  في حديث جندب : ( اقْرَءُوا الْقُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ فَإِذَا اخْتَلَفْتُمْ فَقُومُوا عَنْهُ ) رواه الشيخان .
9. لتجتهد أيها العبد في قراءة القرآن، وفهمه والتفقه فيه، فقد قال  في حديث ابن عمرو : ( اقرأ القرآن في كل شهر اقرأه في عشرين ليلة اقرأه في عشر اقرأه في سبع و لا تزد على ذلك ) رواه الشيخان , وقال : ( مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ ) رواه الشيخان , ولتحرص أيها العبد على فهم تفسير القرآن حتى لو أخذت تفسيراً مختصراً .

من أنواع العبادة
8- الرجاء " يرجو لقاء الله "

كما قال تعالى:  فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا  [الكهف: 110].
بعض الدروس على هذه العبادة

أ‌- أيها العبد، ظن بربك خيراً لتجد خيراً ولا تظن بربك شراً وقد قال  في حديث واثلة  : ( قَالَ اللَّهُ :أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاءَ ) رواه الحاكم وغيره (صحيح) , وقال  في حديث أبي هريرة : ( قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي إِنْ ظَنَّ بِي خَيْرًا فَلَهُ وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ ) رواه أحمد (صحيح) .
ب‌- أحبب لقاء الله ليحب الله لقاءك، ولا تكره لقاء الله فيكره الله لقائك، كما قال  في حديث أبي هريرة : ( قَالَ اللَّهُ إِذَا أَحَبَّ عَبْدِي لِقَائِي أَحْبَبْتُ لِقَاءَهُ وَإِذَا كَرِهَ لِقَائِي كَرِهْتُ لِقَاءَهُ ) رواه البخاري .
ج- إذا أحببت لقاء الله فتقرّب إلى الله بالطاعات؛ ليتقرب إليك وليوفقك ويعينك على كل خير، كما في حديث أنس  عن  يرويه عن ربه: ( إِذَا تَقَرَّبَ الْعَبْدُ إِلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِذَا تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا وَإِذَا أَتَانِي مَشْيًا أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ) رواه البخاري .
د- ادع الله عند الكرب بما في حديث أبي بكرة  قال رسول الله : ( دَعَوَاتُ الْمَكْرُوبِ اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو فَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ) رواه أبو داود (حسن).
هـ- لتكن خائفاً من الله، راجياً له فالخوف يمنعك من معاصي الله، والرجاء يحدوك إلى القيام بالطاعات، وقد قال تعالى: ( وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ) [الإسراء:57]. وقال  في حديث أبي هريرة : ( إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَوْمَ خَلَقَهَا مِائَةَ رَحْمَةٍ فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً وَأَرْسَلَ فِي خَلْقِهِ كُلِّهِمْ رَحْمَةً وَاحِدَةً فَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنْ الرَّحْمَةِ لَمْ يَيْئَسْ مِنْ الْجَنَّةِ وَلَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنْ الْعَذَابِ لَمْ يَأْمَنْ مِنْ النَّارِ ) رواه البخاري .
و- واحذر أيها العبد من الاعتماد على رحمة الله بدون طاعة الله، بل يجب عليك الحذر من الذنوب، وعليك القيام بما أوجب الله عليك، وقد قال تعالى :  أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ  [ الزمر : 9 ].

من أنواع العبادة
9- الاستعاذة بالله والالتجاء إليه

كما قال تعالى :  وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ  [الأعراف: 200].

بعض الدروس على هذه العبادة
• استعذ بالله -أيها العبد- من الشيطان الرجيم إذا قرأت القرآن الكريم، كما قال تعالى:  فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ  [ النحل : 98 ] .
واستعذ بالله من همزات الشياطين وأن يحضروك، كما قال تعالى:  وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ  [ المؤمنون : 97-98 ]. وأن تستعيذ بالله عندما ينزغك نزغٌ من الشيطان،كما قال تعالى: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [الأعراف: 200].

• ويشرع لك أيها العبد أن تستعيذ بالمعوذات ( قل هو الله أحد )، و( الفلق )، و( الناس ) حين تمسي وحين تصبح ثلاثاً، لحديث معاذ بن عبد الله عن أبيه  أن رسول الله  قال له: ) قُلْ فَقُلْتُ مَا أَقُولُ قَالَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِي وَحِينَ تُصْبِحُ ثَلَاثًا يَكْفِيكَ كُلَّ شَيْءٍ) رواه النسائي والترمذي (حسن) , وفي حديث عقبة بن عامر  أن  قال: ( مَا تَعَوَّذَ بِمِثْلِهِنَّ أَحَدٌ ) رواه النسائي (صحيح) .
• تعوّذ -أيها العبد- بالله من الفتن، فقد قال  في حديث أبي سعيد : ( تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ الْفِتَنِ ) رواه مسلم .
• تعوذ -أيها العبد- بالله من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء، لقوله  في حديث أبي هريرة : ( تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ وَدَرَكِ الشَّقَاءِ وَسُوءِ الْقَضَاءِ وَشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ ) رواه البخاري .
• تعوذ بالله من جار السوء في دار المقام، لقوله  في حديث أبي هريرة : ( تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جَارِ السَّوْءِ فِي دَارِ الْمُقَامِ فَإِنَّ جَارَ الْبَادِيَةِ يَتَحَوَّلُ عَنْكَ ) رواه النسائي (صحيح) .
• تعوذ بالله من يوم السوء، وليلة السوء، ومن ساعة السوء، ومن صاحب السوء، ومن جار السوء في دار المقامة، لقوله  في حديث عقبة بن عامر : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ يَوْمِ السُّوءِ، وَمِنْ لَيْلَةِ السُّوءِ، وَمِنْ سَاعَةِ السُّوءِ، وَمِنْ صَاحِبِ السُّوءِ، وَمِنْ جَارِ السُّوءِ فِي دَارِ الْمُقَامَةِ ) رواه الطبراني في الكبير (حسن) .
• تعوذ بالله من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء والأدواء، لقوله  : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ مُنْكَرَاتِ الْأَخْلَاقِ وَالْأَعْمَالِ وَالْأَهْوَاءِ ) رواه الترمذي (صحيح) .
• تعوذ بالله مما تعوذ منه  في حديث أبي هريرة : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ وَمِنْ دُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ وَمِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعِ ) رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه (صحيح) .
• تعوذ بالله مما تعوذ منه  في حديث عبد الله بن عمرو  فقال: ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الْعَدُوِّ وَشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ ) رواه النسائي والحاكم (صحيح) .
• تعوذ بالله مما تعوذ منه  في حديث أنس  فقال: ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ وَعَمَلٍ لَا يُرْفَعُ وَدُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ ) رواه أحمد (صحيح) .
• تعوذ بالله مما تعوذ منه  في حديث أبي هريرة  فقال: ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ ) رواه البخاري.
• تعوذ بالله مما تعوذ منه  في حديث عائشة رضي الله عنها فقال: ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَمِلْتُ وَمِنْ شَرِّ مَا لَمْ أَعْمَلْ ) رواه مسلم .
• تعوذ بالله مما تعوذ منه  في حديث شَكَل  فقال: ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ سَمْعِي وَمِنْ شَرِّ بَصَرِي وَمِنْ شَرِّ لِسَانِي وَمِنْ شَرِّ قَلْبِي وَمِنْ شَرِّ مَنِيِّي ) رواه أبو داود والحاكم (صحيح) .
• تعوذ بالله مما تعوذ منه  في حديث ابن عمر  فقال : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وَجَمِيعِ سَخَطِكَ ) رواه مسلم .
• تعوذ بالله مما تعوذ منه  في حديث أنس  فقال : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ ) رواه الشيخان .
• تعوذ بالله مما تعوذ منه  في حديث عائشة رضي الله عنها فقال : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ وَالْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ فِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ النَّارِ وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْغِنَى وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْفَقْرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ ) رواه الشيخان .
• تعوذ بالله مما تعوذ منه  في حديث أبي هريرة  فقال : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْفَقْرِ وَالْقِلَّةِ وَالذِّلَّةِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ ) رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه (صحيح) .
• تعوذ بالله مما تعوذ منه  في حديث أنس  فقال : ( اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل ، والجبن والبخل ، والهرم والقسوة ، والغفلة ، والعيلة والذلة والمسكنة ، وأعوذ بك من الفقر والكفر ، والفسوق ، والشقاق ، والنفاق والسمعة ، والرياء ، وأعوذ بك من الصمم والبكم والجنون ، والجذام ، والبرص ، وسيئ الأسقام ) رواه الحاكم (صحيح) .
• تعوذ بالله مما تعوذ منه  في حديث أبي هريرة  فقال : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُوعِ فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْخِيَانَةِ فَإِنَّهَا بِئْسَتِ الْبِطَانَةُ ) رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه (حسن) .
• تعوذ بالله مما تعوذ منه  في حديث أبي اليسر  فقال : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ التَّرَدِّي وَالْهَدْمِ وَالْغَرَقِ وَالْحَرِيقِ وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَتَخَبَّطَنِي الشَّيْطَانُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ فِي سَبِيلِكَ مُدْبِرًا وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ لَدِيغًا ) رواه النسائي (صحيح) .
• تعوذ برضا الله مما تعوذ منه  في حديث عائشة رضي الله عنها فقال : ( اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ ) رواه مسلم .
• تعوذ بالله مما تعوذ منه رسول الله  في حديث ابن عمر  فقال: ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي ) رواه النسائي وابن ماجه (صحيح) .
• تعوذ بالله من ضيق المقام يوم القيامة، كما جاء عنه  أنه: ( كان يَتَعَوَّذُ مِنْ ضِيقِ الْمَقَامِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) رواه النسائي (صحيح) .
• تعوذ بالله من سوء العمر، وفتنة الصدر، ففي الحديث: (كَانَ النَّبِيُّ  يَتَعَوَّذُ مِنْ خَمْسٍ ) وذكر منها: ( وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ سُوءِ الْعُمُرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الصَّدْرِ ) رواه النسائي (صحيح) .
• تعوذ بالله من الشح، ففي الحديث: ( كَانَ  يَتَعَوَّذُ مِنْ الشُّحِّ ) رواه النسائي (صحيح) .
• تعوذ بالله من شر مَنيِّك، ومن شر قلبك، وفي حديث شَكَل أن النبي  قال له: ( قُلْ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ سَمْعِي وَشَرِّ بَصَرِي وَشَرِّ لِسَانِي وَشَرِّ قَلْبِي وَشَرِّ مَنِيِّي قَالَ سَعْدٌ وَالْمَنِيُّ مَاؤُهُ ) رواه النسائي (صحيح) .
• تعوذ بالله أن ترد إلى أرذل العمر، وفي حديث سعد  أنه  كان يدعو ويقول: ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْبُخْلِ ) الحديث وفيه: ( وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ) رواه النسائي وبعضه في الصحيح (صحيح) .
• وتعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، ومن تعوُّذ النبي  : ( أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ) رواه مسلم .
• إذا دخلت المسجد فقل كما في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص  أَنَّهُ  Sad كَانَ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَبِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ وَسُلْطَانِهِ الْقَدِيمِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ قَالَ أَقَطْ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ قَالَ الشَّيْطَانُ حُفِظَ مِنِّي سَائِرَ الْيَوْمِ ) رواه أبو داود (صحيح) , وغير ذلك مما ورد في السنة الصحيحة .
• من استعاذ بالله فأعذه إن كان في حق، كما قال  في حديث عمر : ( مَنْ اسْتَعَاذَ بِاللَّهِ فَأَعِيذُوهُ وَمَنْ سَأَلَ بِاللَّهِ فَأَعْطُوهُ...الحديث) رواه أبو داود (صحيح) .

من أنواع العبادة
10- الاستغاثة بالله من جلب خير أو دفع ضر

كما قال تعالى:  إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ  [ الأنفال : 9 ].

دروس على الاستغاثة
• إذا نزل بك همٌ أو غمٌ يُشرع لك أن تقول ما جاء في حديث ابن مسعود : ( أنه  كان إذا نزل به هم أو غم قال يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ) رواه الحاكم (حسن) .
• وإذا طلبتَ الغوث بالمطر، فيُشرع لك أن تقول ما جاء في حديث أنس  أنه  رفع يديه في الاستسقاء ثم قال : ( اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا ) رواه الشيخان .
• إذا استُغيث بك -أيها العبد- فيما لا يقدر عليه إلا الله فقل ما جاء في الحديث: ( أن منافقاً كان يؤذي المؤمنين فقال بعضهم قوموا بنا نستغيث رسول الله  من هذا المنافق فقال  : "إنه لا يستغاث بي وإنما يستغاث بالله ) رواه الطبراني في الكبير (حسن) .
• ما كان العبد قادراً عليه فإنه يجوز الاستغاثة به في ذلك، وقد قال تعالى:  فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ  [ القصص : 15 ].
• أيها المسلم أعِنْ ذا الحاجة الملهوف، فقد قال  في حديث أبي موسى  : ( عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ قَالُوا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ قَالَ فَيَعْمَلُ بِيَدَيْهِ فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ قَالُوا فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ قَالَ فَيُعِينُ ذَا الْحَاجَةِ الْمَلْهُوفَ قَالُوا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ قَالَ فَيَأْمُرُ بِالْخَيْرِ أَوْ قَالَ بِالْمَعْرُوفِ قَالَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ قَالَ فَيُمْسِكُ عَنْ الشَّرِّ فَإِنَّهُ لَهُ صَدَقَةٌ ) رواه الشيخان. وقال  في حديث أبي ذر : ( عَلَى كُلِّ نَفْسٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ صَدَقَةٌ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ ) الحديث وفيه: ( وَتَسْعَى بِشِدَّةِ سَاقَيْكَ إِلَى اللَّهْفَانِ الْمُسْتَغِيثِ وَتَرْفَعُ بِشِدَّةِ ذِرَاعَيْكَ مَعَ الضَّعِيفِ...الحديث) رواه أحمد والنسائي (صحيح) .




من أنواع العبادة
11- المحبة

كما قال تعالى:  وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ  [البقرة:165]. وقال تعالى:  يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ  [ المائدة : 54 ]. وقال  في حديث أنس : ( ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ ) رواه الشيخان.
أنواع المحبة
1- المحبة التي هي عبادة لله: وهي المحبة التي تكون في القلب ومعها الذل والرهبة والرغبة , ولا تُسمّى عبادة إلا مع ذلك، فالمحبّ الصادق في محبته هو المطيع للمحبوب، الساعي فيما يرضيه، المتجنِّب لما يكره المحبوب , فيجب على العبد إفراد الله بهذه المحبة، فإذا أشرك فيها مع الله كان شركاً أكبر .
2- المحبة في الله: وهي من أنواع العبادة، وتكون بمحبة ما يحبه الله ورسوله، وهي واجبة على العبد، كمحبة الرسل والأنبياء وعباد الله الصالحين، ومحبة العبادات كالصلاة والزكاة، وكل ما يحبه الله ورسوله، وهذه المحبة تابعة لمحبة الله، فيجب أن يحب ما يحبه الله، وأن يبغض ما يبغضه الله ورسوله .
3- المحبة مع الله: كمحبة المشركين لمعبوداتهم، فهي محبة مع رغبة ورهبة، فهذه هي المحبة الشركية (شرك أكبر) .
4- محبة تكون معصية لله ولا تكون شركاً: كمن يحب الله ورسوله، (عنده أصل المحبة لله ولرسوله ولدينه) ولكنه يحب بعض المعاصي والذنوب، ويحب العصاة، ويحب نفسه أكثر من محبته لله ولرسوله ، ولم يشرك بالله الشرك الأكبر، فهذا عاصٍ لله؛ لأن المحبة الكاملة وجوباً أن يحب الله ورسوله كما قال  : ( أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ) رواه الشيخان .
5- المحبة الطبيعية: كمحبة الولد، والأهل، والوالد، والزوجة ( ليس فيها رغب ورهب وانزعاج قلب بذلك ) فهذه محبة جائزة، وإذا كان قصد العبد الإعانة بها على طاعة الله فهي عبادة , فإن صدّت العبد عن طاعة الله أو مالت به إلى ما حرّم الله كان عاصياً لله آثماً .

بعض الدروس على المحبة
1- أيها العبد الذي تدّعي أنك صادق في محبتك لله ولرسوله ، عليك أن تقدّم طاعة الله ورسوله على كل أحد، ولْتدرس نفسك في هذه الآية:  قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ  [التوبة : 24].

2- مسألة مهمةٌ جداً: عليك أيها العبد أن تدرس نفسك في تطبيق هذا الحديث، وهو قوله  : ( لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ ) رواه الشيخان, فإن كنت تحب لإخوانك المسلمين ما تحب لنفسك فهذه هي المحبة الكاملة وجوباً، وإن كنت تحب لنفسك أكثر، فأنت ناقص الإيمان الواجب، فتكون آثماً .
3- لتحذر أيها المسلم أن يحملك حب الولد والمال على الشرك بالله، أو معصية الله، كما حصل لبعض ذرية آدم  فَلَمَّا آَتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آَتَاهُمَا  [الأعراف:190]. ولا تبخل أيها المسلم بما أوجبه الله عليك من أجل أولادك، وقد قال  في حديث أبي سعيد : ( الولد مجبنة و مبخلة محزنة ) رواه أبو يعلى (صحيح) .
4- احرص -أيها المسلم- أن تكون محبتك لأخيك المسلم في الله، لا لغرضٍ آخر، ليكون اجتماعكما وافتراقكما على ذلك، فمن فعل ذلك كان من السبعة الذين يُظلهم الله يوم القيامة، يوم لا ظل إلا ظله، وقد قال : ( سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ ) الحديث وفيه: ( وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ ) رواه الشيخان .
5- لتكن محبتك لله ولرسول الله  وللعلماء وللصالحين , وكلما كان العبد أكثر طاعة لله فلتكن محبتك له أكثر من غيره، بل أحبب الأخيار حتى وإن لم تعمل بعملهم، وفي حديث أنس : ( قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ الرَّجُلُ يُحِبُّ الرَّجُلَ عَلَى الْعَمَلِ مِنْ الْخَيْرِ وَلَا يَعْمَلُ بِمِثْلِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ ) رواه الشيخان , وفي حديث أبي ذر  أنه قال:
( يَا رَسُولَ اللَّهِ الرَّجُلُ يُحِبُّ الْقَوْمَ وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَعْمَلَ كَعَمَلِهِمْ قَالَ أَنْتَ يَا أَبَا ذَرٍّ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ قَالَ فَإِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَالَ فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ ) رواه أبو داود (صحيح) .
6- إذا أحببت عبداً (رجلاً أو امرأة في الله) فأخبره أنك تحبه، وقد قال  في حديث المقدام بن معد يكرب : ( إِذَا أَحَبَّ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَلْيُخْبِرْهُ أَنَّهُ يُحِبُّهُ ) رواه أبو داود والترمذي وأحمد (صحيح) وقال  في حديث أبي ذر : ( إِذَا أَحَبَّ أَحَدُكُمْ صَاحِبَهُ فَلْيَأْتِهِ فِي مَنْزِلِهِ فَلْيُخْبِرْهُ أَنَّهُ يُحِبُّهُ لِلَّهِ ) رواه أحمد (صحيح) .
7- إذا كنت تحب الله فأطعه، وكلما كان المرء أكثر حباً لله كان أكثر تقرباً إليه، فيحبه الله (تقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض) وقد قال  فيما يرويه عن ربه  في الحديث القدسي : ( وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ ) رواه البخاري .
8- واعلم أيها العبد أنك كلما تقربت إلى الله بالفرائض وبعدها بالنوافل أحبك الله، ( أكثر من التقرب إلى الله بالنوافل ) فإن الله إذا أحبك حصلت على خير عظيم، ومنه ما جاء في حديث أبي هريرة  أنه  قال : ( إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ ) رواه الشيخان .
9- احذر -أيها العبد- من الوقوع فيما حرّم الله عليك مما يبغضه الله ورسوله  حتى لا يبغضك الله، واعلم أن العبد إذا أبغضه الله فهو كما قال  في حديث أبي هريرة : ( وَإِذَا أَبْغَضَ اللَّهُ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ إِنِّي أَبْغَضْتُ فُلَانًا فَيُنَادِي فِي السَّمَاءِ ثُمَّ تَنْزِلُ لَهُ الْبَغْضَاءُ فِي الْأَرْضِ ) رواه الترمذي (صحيح) .
10- لتكن محبتك في الله وموالاتك في الله، ومعاداتك في الله، وبغضك في الله، فتلك أوثق عرى الإيمان، كما قال  في حديث ابن عباس : ( أَوْثَقُ عُرَى الإِيمَانِ: الْمُوَالاةُ فِي اللَّهِ، وَالْمُعَادَاةُ فِي اللَّهِ، وَالْحُبُّ فِي اللَّهِ، وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ  ) رواه الطبراني في الكبير (صحيح) .
11- إذا أحببت عبداً فلتكن محبتك له على قدر طاعته لله، وبغضك له على قدر ما عنده من معصية الله؛ لأن الولاء والبراء يتفاوت, ويجب البراءة من فعل العبد للمعصية، ولمّا حصل من خالد  بعض الشيء قال : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ ) رواه البخاري .
12- أيها العبد، لتكن محبة الله عندك مقدمة على كل شيء، فإذا أحببت الله عز وجل أحبك , بل قد يحصل لك ابتلاء من الله لأنه يحبك، وقد قال  في حديث أنس : ( إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ ) رواه الضياء والبيهقي في الشعب (صحيح) , فإذا ابتُليت فاصبر، واعلم أن ذلك الابتلاء قد يكون فيه رفع لدرجتك، وغير ذلك من الخير .
13- أيها العبد، قدم محبة الله على كل شيء، ولا يحملك طمعٌ في الدنيا على الإقلال من محبة الله، واعلم أن الله قد يحميك الدنيا لأنه يحبك، وقد قال  في حديث قتادة بن النعمان : ( إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا حَمَاهُ الدُّنْيَا كَمَا يَظَلُّ أَحَدُكُمْ يَحْمِي سَقِيمَهُ الْمَاءَ ) رواه الترمذي والحاكم (صحيح) .
14- من ادّعى محبة الله (أنه يحب الله) فعليه بطاعته بالقيام بأوامره وترك نواهيه، وعليه بمتابعة رسوله ، وقد ادّعى قومٌ محبة الله فاختبرهم الله، وقال:  قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ  [آل عمران : 31]. وكلما زاد العبد في التقرب إلى الله بالطاعات زادت محبته لله، وإذا وقع في الذنوب نقصت محبته لله إلا أن يتوب إلى الله .
15- من تدبر أسماء الله وصفاته ومن أسماء الله ( الجميل، الحميد، الشكور، الرزاق، المعطي، المانع ) فإنه يحب الله محبةً لا تقاربها محبة، فتراه مقبلاً على ربه، منتهياً عما نهاه عنه، فتدبّر ذلك. والله الموفق.
من أنواع العبادة
12-الخوف من الله والوجل منه

كما قال تعالى:  فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ  [ آل عمران : 175 ]. وقال تعالى:  وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ  [ المؤمنون : 60 ]. فالخوف من العبادات القلبية العظيمة التي لا تصلح إلا لله تعالى، كالرجاء والمحبة والتوكل على الله، فتكميل هذه العبادة تكميل لكمال التوحيد الواجب، والنقص فيها نقص لكمال التوحيد الواجب، فالنقص إثم.

أقسام الخوف
ينقسم الخوف إلى أربعة أقسام :
1- الخوف من الله: وهو عبادة واجبة، وقد نهى الله المؤمنين أن يخافوا غيره، فقال تعالى:  فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ  [ آل عمران : 175 ].
2- خوف السّر (وهذا الخوف شركي): كمن يخاف من أصحاب القبور (الموتى) أن يضروه , أو يخاف من الأصنام أن تصيبه بسوء، فهذا شرك أكبر ينافي أصل التوحيد .
3- الخوف المحرّم: كمن يخاف من بعض الخلق فيترك ما أوجبه الله عليه، أو يفعل ما حرم الله عليه بلا إكراه ( وهذا الخوف عند بعض العلماء هو من الشرك الذي ينافي كمال التوحيد الواجب ) وفي الحديث أنه  قال : ) أَلَا لَا يَمْنَعَنَّ رَجُلًا هَيْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ إِذَا عَلِمَهُ ) رواه ابن ماجه (صحيح) .
4- الخوف الطبيعي: وهو جائز، كالخوف من سبع أو من عدو أو من سيل ونحو ذلك، وقد قال تعالى عن موسى :  قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ  [ القصص : 33 ]. وقوله :  فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ  [الشعراء:21] .

دروس على عبادة الخوف

1- الشيطان يخوِّف المؤمنين الموحدين من أوليائه ليترك المؤمنون ما فرض الله عليهم، فعلى العبد المؤمن أن لا يخاف من أولياء الشيطان (أعداء الله)، وإنما يكون خوفه من ربه، وقد قال تعالى :  إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ  [ آل عمران : 175 ].
2- أيها المسلم، إن كنت تخاف الله فقم بما أوجب الله عليك، واترك ما حرّمه عليك، واحذر عذاب الله وخف منه، وقد قال تعالى لرسوله :  قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ [ الزمر : 15 ] .
3- سارع -أيها المسلم- إلى كل طريق يؤدي إلى النجاة من عذاب الله ويؤدي إلى الجنة، وقد قال  في حديث أبي هريرة : ( مَنْ خَافَ أَدْلَجَ وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ ) رواه الترمذي (صحيح) .
4- أيها المسلم، اهرب من النار، واجتهد في ذلك، وفكر في نجاة نفسك وفكاك رقبتك، وقد قال  : ( كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا ) رواه مسلم , وقال  في حديث أبي هريرة : ( مَا رَأَيْتُ مِثْلَ النَّارِ نَامَ هَارِبُهَا وَلَا مِثْلَ الْجَنَّةِ نَامَ طَالِبُهَا ) رواه الترمذي (حسن) .
5- تفكّر -أيها المسلم- في قبرك واستعدّ لذلك، فهو منظر فظيع , واجعل ذلك على البال، وقد كان عثمان  ( إِذَا وَقَفَ عَلَى قَبْرٍ بَكَى حَتَّى يَبُلَّ لِحْيَتَهُ فَقِيلَ لَهُ تُذْكَرُ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فَلَا تَبْكِي وَتَبْكِي مِنْ هَذَا فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ  قَالَ إِنَّ الْقَبْرَ أَوَّلُ مَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ فَإِنْ نَجَا مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ قَالَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ  مَا رَأَيْتُ مَنْظَرًا قَطُّ إِلَّا الْقَبْرُ أَفْظَعُ مِنْهُ ) رواه الترمذي وابن ماجه (حسن) .
6- أيها المسلم، خَفْ من عذاب الله، وتفكّر في هذا الحديث، وهو قوله  في حديث أبي ذر : ( وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشِ وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ ) رواه الترمذي وابن ماجه (حسن) .
7- كن -أيها المسلم- ممن يعملون بالطاعات ويخافون أن لا يتقبل منهم، لما جاء عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ  عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ  وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ  قَالَتْ عَائِشَةُ أَهُمْ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ قَالَ لَا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ وَلَكِنَّهُمْ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ ) رواه الترمذي وابن ماجه (حسن) .
8- أيها المسلم، إن الملائكة يخافون الله كما قال تعالى:  يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ  [ النحل : 50 ]. فلتكن خائفاً من الله، وليكن خوفك حائلاً بينك وبين معاصي الله، ولا تقنط من رحمة الله (كن خائفاً راجياً ) كما قال تعالى :  وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ  [ الإسراء : 57 ] .
9- إذا قرأت القرآن فمررت بآية خوف فتعوّذ , وإذا مررت بآية رحمة فاسأل , وإذا مررت بآية فيها تنزيه لله فسبح؛ لأنه  كما في حديث حذيفة  قال: ( كَانَ إِذَا مَرَّ بِآيَةِ خَوْفٍ تَعَوَّذَ و إِذَا مَرَّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ سَأَلَ وَإِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَنْزِيهٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ سَبَّحَ ) رواه مسلم .
10- ابك خوفاً من الله واجتهد في طاعة الله وتأمل أنك لا تدري ما يفعل بك وقد كان  ( يسمع لصَدْرِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ مِنْ الْبُكَاءِ وهو يصلي)رواه النسائي وأحمد والحاكم وابن حبان/صحيح , وقال  في حديث أم العلاء رضي الله عنها: ( وَاللَّهِ مَا أَدْرِي وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ ) رواه البخاري .
11- تطلب أن تكون من السبعة الذين يظلهم الله يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله الذين ذكرهم  ومنهم: ( وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ ) رواه الشيخان .
12- اقرأ سورة هود والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت وتأثر بما فيها فإنها قد شيبت رسول الله  وقد قال أبو بكر رضي الله عنه : ( يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ شِبْتَ قَالَ شَيَّبَتْنِي هُودٌ وَالْوَاقِعَةُ وَالْمُرْسَلَاتُ وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ وَإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ) رواه الترمذي والحاكم (صحيح) .
13- إن العالِم وغيره من الموحدين ممن قوي إيمانهم هم الذين يقولون كلمة الحق والعدل عند السلطان الجائر ولا يخافونه، ولا يخافون إلا الله، وقد قال  في حديث أبي سعيد : ( أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ ) رواه ابن ماجه (صحيح) .




من أنواع العبادة
الاستعانة بالله

وهي طلب العون من الله عز وجل كما قال تعالى:  إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ  [الفاتحة: 5]. وقال تعالى عن يعقوب عليه السلام:  فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ  [ يوسف : 18 ].
أقسام الاستعانة
تنقسم الاستعانة إلى قسمين:
1) القسم الأول: ما هو عبادة لله ولا يجوز أن يصرف إلى غير الله وهي الاستعانة فيما لا يقدر عليه إلا الله .
2) القسم الثاني: ما يجوز أن يستعان بالعبد فيه وهو ما يقدر عليه غير الله .

دروس على الاستعانة
أ‌- عليك أيها العبد أن تستعين بالله، فإنه إذا لم يعنك الله فلا يتيسر لك شيء، وقد قال  لابن عباس : ( إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ ) رواه الترمذي والحاكم وأحمد (صحيح) , وقال  في حديث أبي هريرة : ( احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ ) رواه مسلم .
ب‌- يشرع لك أيها العبد أن تستعين بالله على ذكره وشكره وحسن عبادته (قبل سلامك من صلاتك)، وقد قال  لمعاذ : ( أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ ) رواه أحمد وأبو داود والنسائي (صحيح) .
ت‌- لا تُعن أحداً على الظلم، وقد قال تعالى:  وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ  [المائدة:2]. وقال  في حديث ابن عمر : ( مَنْ أَعَانَ عَلَى خُصُومَةٍ بِظُلْمٍ لَمْ يَزَلْ فِي سَخَطِ اللَّهِ حَتَّى يَنْزِعَ ) رواه ابن ماجه والحاكم (صحيح) .
ث‌- أيها العبد أعن أخاه في أموره، ومن ذلك أن تُعينه على دابته، كما قال  في حديث أبي هريرة : ( كُلُّ سُلَامَى مِنْ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ...الحديث ) وفيه: ( وَتُعِينُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُهُ عَلَيْهَا أَوْ تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ...الحديث ) رواه الشيخان .
ج‌- يشرع للمسلمين الاستعانة بالله في كل أمورهم، ومن ذلك الاستعانة بالله على جهاد الكفار وقد قال  في حديث حذيفة : ( فُوا لَهَمْ وَنَسْتَعِينُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ ) رواه أحمد (صحيح) .
ح‌- اعلم أيها العبد أن الله عز وجل إذا أعانك على طاعته فهذا من توفيق الله لك (فمن عمل الطاعة فقد وفّقه الله لعملها) فأكثر من حمد الله وشكره والتقرب إليه والتوبة إليه، فإنه هو الموفق للتوبة ولقبولها  غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ  [غافر : 3] .
خ‌- استعن -أيها العبد- بالله واصبر، وصلّ مستعيناً بذلك، كما قال تعالى:  وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ  وقد كان النّبيّ : ( إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى ) رواه أحمد وأبو داود (حسن) .
د‌- يجوز الاستعانة بالمشركين للضرورة ونحوها؛ لأنه  استعان بابن أريقط هادياً خِرِّيتاً .
ذ‌- التسمية على الطعام أو غيره، هي استعانةٌ بالله وتبرك باسمه سبحانه وتعالى.

من أنواع العبادة
14- الـــذّبح
والذبح: هو إزهاق روح الحيوان وإراقة دمه .
أنواع الذبح
1- ذبح عبادة تقرباً إلى الله: كالهدي والأضحية والعقيقة ونحو ذلك، كما قال تعالى:  قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ  [ الأنعام : 162 ، 163 ]. وقال تعالى :  فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ  [الكوثر : 2]. وقد ( أَهْدَى النَّبِيُّ  مِائَةَ بَدَنَةٍ ) رواه البخاري , وقد ( ضَحَّى النَّبِيُّ  بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ) رواه الشيخان , وقال  في حديث أسماء بنت يزيد رضي الله عنها: ( الْعَقِيقَة حَقٌ عَنْ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُتَكَافِئَتَانِ وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةٌ ) رواه أحمد .
فيشرع للمسلم هذه الذبائح من هدي، أو أضحية، أو عقيقة تقرباً إلى الله ، ولا تكون هذه العبادات ( الهدي للتمتع والقران ونحوه، والأضحية، والعقيقة ) إلا من بهيمة الأنعام (الإبل والبقر والغنم) فمن ضحّى أو عقَّ أو جعل هديَه من غير بهيمة الأنعام، كان مبتدعاً في الدين لمخالفته هدي النبي  في ذلك .
2- ذبح عادة : كالذبح للضيف أو ليأكله ونحو ذلك , لكن فيه جهة عبادة لله من حيث أنه يسمي الله عليه، فإذا ترك التسمية عليه متعمداً لم يحلّ أكله، لقوله تعالى:  وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ  [ الأنعام : 121 ].
3- ذبح لغير الله: وهذا شرك بالله عز وجل (شرك أكبر)، كالذبح للجن والقبور، وكذا لو قصد بإراقة الدم والتعظيم فلاناً من الناس ونحو ذلك، وقد قال : ( لَعَنَ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ) رواه مسلم .
والذبح لغير الله يتناول :
- من ذبح لغير الله حتى لو ذكر اسم الله، كمن يذبح للجن، فهو شرك أكبر في العبادة.
- من ذبح وذكر غير اسم الله، حتى لو أراد وجه الله، فهذا أشرك في الربوبية (شرك أكبر).

4- ذبح بدعة: كالذبح لله وباسم الله عند القبور تقرباً إلى الله تعالى، أو كمن ذبح دجاجة أو بطاً قاصداً بها عقيقة أو أضحية، فهذا بدعة في الدين، وهذا محرم (لأن البدع محرمة).

أقسام الذبح الذي لا محذور فيه
وينقسم الذبح الذي لا محذور فيه إلى قسمين :
1- الذبح الذي هو تقرب إلى الله: كالهدى والأضاحي والعقيقة فهذا يجب أن يكون قصد الذابح التقرب إلى الله وأن يذكر اسم الله على الذبيحة وقد قال تعالى:  قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ  [ الأنعام : 162].
2- الذبح الذي هو جائز: كالذبح للأكل، فهذا يجب على الذابح أن يذكر اسم الله على الذبيحة، ولا يجب عليه قصد التقرب إلى الله ،لكن يحرم قصد التقرب إلى غير الله  .

مسائل
تتعلق بالذبح
المسألة الأولى: لو ذبح ما لا يؤكل لحمه تقرُّباً لغير الله وتعظيماً له، فإن ذلك من الشرك الأكبر ( مُخرجٌ من ملةِ الإسلام ) .
المسألة الثانية: الذبح لله وباسم الله في الأماكن التي بها أوثان، أو بها عيدٌ من أعياد الجاهلية، هذا الذبح بدعة محرمة، فلا تفعل ذلك أيها المسلم؛ لأنّ رجلاً نذر أن ينحر إبلاً ببُوانة فأتى النبي َ فقال: ( إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَنْحَرَ إِبِلًا بِبُوَانَةَ فَقَالَ النَّبِيُّ  هَلْ كَانَ فِيهَا وَثَنٌ مِنْ أَوْثَانِ الْجَاهِلِيَّةِ يُعْبَدُ قَالُوا لَا قَالَ هَلْ كَانَ فِيهَا عِيدٌ مِنْ أَعْيَادِهِمْ قَالُوا لَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  أَوْفِ بِنَذْرِكَ ) رواه أبو داود (صحيح) , وهذا الابتداع يعود إلى عمل الذابح، وأما الذبيحة فإنه يحل أكلها .
المسألة الثالثة: أيها المسلم، إذا نسيت التسمية على الذبيحة، فإنها تَحِل ولا تحرُم؛ لقوله  في حديث ثوبان : ( وُضِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ ) رواه الطبراني في الكبير (صحيح).
المسألة الرابعة: يشرع لك أيها العبد إذا ذبحت للأكل أو للضيف، أن تكون قاصداً التقرب إلى الله عز وجل بإراقة الدم، لتكون عبادة تُثاب عليها بقصدك، وقد قال : ( إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ) رواه الشيخان .
المسألة الخامسة: يجب عليك أيها العبد التسمية على الذبيحة، ويسنُّ أن تكبِّر بعد التسمية "الله أكبر"، وفي حديث جابر بن عبد الله  قال: ( شَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ  الْأَضْحَى بِالْمُصَلَّى فَلَمَّا قَضَى خُطْبَتَهُ نَزَلَ عَنْ مِنْبَرِهِ فَأُتِيَ بِكَبْشٍ فَذَبَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ  بِيَدِهِ وَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ هَذَا عَنِّي وَعَمَّنْ لَمْ يُضَحِّ مِنْ أُمَّتِي ) رواه الترمذي وأبو داود (صحيح) .

بعض الدروس على الذبح
1- أيها العبد، اجتهد أن تُضحّي إذا كنت ذا سعةٍ وقادراً على التضحية، والأفضل أن تُضحّي بالكبش الأقرن، وقد قال  في حديث أبي هريرة : ( مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ وَلَمْ يُضَحِّ فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا) رواه ابن ماجه والحاكم (صحيح). وقد ( ضَحَّى النَّبِيُّ  بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا ) رواه الشيخان عن أنس .

2- إذا كنت حاجّاً متمتعاً أو قارناً (فالهدي واجب)، فليكن هديُك من الإبل؛ فإنّ النبي  أهدى إبلاً (رواه مسلم) ويجوز الهدي من البقر والغنم.
3- إذا وُلد لك مولود ( ذكر )، فعُقّ عنه بشاتين، وإن وُلد لك ( أُنثى ) فعُقّ عنها بشاة، وقد قال  في حديث أمّ كِرز الكعبية : ( عَنْ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُتَكَافِئَتَانِ وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةٌ ) وفي لفظ: ( لَا يَضُرُّكُمْ أَذُكْرَانًا كُنَّ أَمْ إِنَاثًا ) رواه أبو داود (صحيح). وقال  في حديث سمُرة : (كُلُّ غُلَامٍ رَهِينَةٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ السَّابِعِ وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ وَيُسمَّى ) رواه أبو داود (صحيح).
4- أيها المسلم، إذا تيسّر لك أن تهدي هدياً إلى بيت الله الحرام من بهيمة الأنعام، حتى ولو كنت مقيماً في بلدك، فهذا سنة، فإنّ في حديث عائشة رضي الله عنها: ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  أَهْدَى مَرَّةً غَنَمًا مُقَلَّدَةً ) رواه الشيخان. وعنها رضي الله عنها: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ  يُهْدِي مِنْ الْمَدِينَةِ...الحديث) رواه الشيخان.
5 -أيها المسلم، كل ما كان مشروعاً من الهدي والأضاحي والعقيقة ونحو ذلك، أو أي ذبيحة، فقم به ولا تبخل على نفسك، واحتسب ذلك عند الله ، واجعل هذه الآية نصب عينيك :  قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ  [ الأنعام : 162 ].

من أنواع العبادة
15- النــّذر
كما قال تعالى:  يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ديري نشمي
ديري مبدع
ديري مبدع
ديري نشمي


الساعة :
دعاء
ذكر
عدد المساهمات : 474
نقاط : 944
التقيم : 4
وسام وسام : كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Tmqn3
تاريخ الميلاد : 10/05/1991
تاريخ التسجيل : 29/04/2012
العمر : 33

كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ محمد بن شامي شيبة   كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Icon_minitimeالجمعة يونيو 22, 2012 3:20 pm

النوع الثاني من الكفر :
كفر أصغر
لا يُخرج من ملة الإسلام
وهذا هو الكفر العملي، وهو المعاصي التي أطلق عليها في القرآن والسنة أنها كفر ولا تصل إلى حد الكفر الأكبر، ومن ذلك :
1) كفر النعمة، في قوله تعالى:  وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ  [ النحل : 112 ].
2) قتال المؤمن، كما قال : ( سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ ) رواه الشيخان .
3) ادعاء نسب لا يُعرف أو جحده وإن دقّ، لقوله  في حديث عبد الله بن عمرو : ( كُفْرٌ بِامْرِئٍ ادِّعَاءُ نَسَبٍ لَا يَعْرِفُهُ أَوْ جَحْدُهُ وَإِنْ دَقَّ ) رواه ابن ماجة (حسن) , وعند البزّار من حديث أبي بكر قوله : ( كُفْرٌ بِاللَّهِ تَبَرُّؤٌ مِنْ نَسَبٍ وَإِنْ دَقَّ ) حسن .
4) الحلف بغير الله "في اللفظ" لقوله : ( مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ ) رواه الترمذي (صحيح).
5) الطعن في النسب والنياحة على الميت، كما قال  في حديث أبي هريرة : ( اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ وَالنِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ ) رواه مسلم .
6) ما يقع بين المسلمين فيقتل بعضهم بعضاً، وقد قال : ( لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ ) رواه الشيخان. وقد سمّى الله الطائفتين المقتتلتين مؤمنين في قوله تعالى:  وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا [ الحجرات : 9 ]. وجعلهما إخوة للمؤمنين فقال:  إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ [الحجرات : 10].
فدلّ على أنّ الكفر في الحديث هو كفرٌ أصغر، "كفر دون كفر". والله أعلم.




الفرق بين الكفر الأكبر والكفر الأصغر

1. الكفر الأكبر يُخرِج من ملة الإسلام، والكفر الأصغر لا يُخرِج من ملة الإسلام .
2. الكفر الأكبر يُحبط جميع الأعمال إن مات عليه، كما قال تعالى:  فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ  الآية [ البقرة : 217 ], وأمّا الكفر الأصغر فلا يحبط الأعمال، لكن صاحبه مُعرّض للوعيد.
3. إن الكفر الأكبر يُخلِّد صاحبه في النار، كما قال تعالى:  إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا...الآية  [الأحزاب:64،65], وأمّا الكفر الأصغر فإن صاحبه إذا دخل النار فلا يخلد فيها، وقد يعفو الله عنه فلا يدخل النار.
4. الكفر الأكبر يُبيح الدّم والمال، كما قال : ( أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا...الحديث) رواه الشيخان , وأما الكفر الأصغر فإنه لا يُبيح الدم والمال .
5. الكفر الأكبر يُوجب العداوة لصاحبه عداوةً خالصةً كاملة، فيعاديه المؤمنون عداوة كاملة بيِّنةً ظاهرة، كما قال تعالى:  إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ  [ الممتحنة : 4], وأما الكفر الأصغر فإنه يُوالى صاحبه بقدر ما فيه من الإيمان، ويُعادى بقدر ما فيه من معصية لله.

فيا أيها العبد:
1- احذر من الكفر بنوعيه ( الأكبر والأصغر )! وتعاهد نفسك في قولك وفعلك وقصدك.
2- استعذ بالله من الكفر! وقد جاء في حديث أنس  قوله : ( اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل...الحديث ) وفيه: ( وأعوذ بك من الفقر والكفر ، والفسوق) رواه الحاكم (صحيح).
3- حافظ على الصلاة، ولا تكن سبّاباً للمؤمنين، واحمد الله على نعمه، واشكره عليها، ولا تطعن في الأنساب، فتقول: فلان خط مائة وعشرة ونحو ذلك، واحذر من النياحة! ولا تتبرأ من نسبك حتّى وإن ضعُف، ولا تفخر بآبائك، واعلم أن الناس كما قال  في حديث حذيفة : (كلكم بنو آدم وآدم خلق من تراب لينتهين قوم يفتخرون بآبائهم أو ليكونن أهون على الله من الجعلان ) رواه البزّار (صحيح).
4- لا تكن ممن يعمل الأعمال الصالحة ثم يحبطها بالشرك، أو بالرياء، فيكون كمن نقضت غزلها، ولكن حافظ على أعمالك من الشرك ومن الرياء، ومن السمعة، ومن إعطاء غيرك يوم القيامة. والله الموفق.





فصل
من أسباب الكفر والشرك

أسباب الكفر والشرك بالله والضلال كثيرة، فمنها :

1- الغلو في الصالحين
كما حصل في قوم نوح ،كما قال ابن عباس  في ودّ، وسواع، ويعوق، ويغوث، ونسر، ومن الصالحين الملائكة والأنبياء , وقد قال تعالى :  وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ  [ آل عمران : 80 ] .
• ومعنى الغلو في الصالحين : مجاوزة ما أمر الله به في حقهم بالزيادة عليه .
• مما يدخل تحت الغلو في الصالحين :
أ‌- مدحهم بالزيادة عن حقهم ورفع مرتبتهم إلى مرتبة الربوبية: كما قال البوصيري في مدح النبي  في (البردة) :
فإنّ من جُودك الدّنيا وضرّتها ... ومن علُومك علم اللّوحِ والقَلمِ
فيا أيها العبد:
1- احذر من إطراء النبي  ! وقل: عبد الله ورسوله، فإنه قد نهى عن إطرائه، وقد قال  في حديث عمر : ( لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْد فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ) رواه البخاري.
2- لا ترفع النبي  فوق منزلته، فإنه  قد أخبر أنه لا يحب رفعه فوق منزلته التي أنزله الله عليها، فقال في حديث أنس : ( أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنْ تَرْفَعُونِي فَوْقَ مَنْزِلَتِي الَّتِي أَنْزَلَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ) رواه أحمد (صحيح).
3- لا يستجرينّك الشيطان برفعه  فوق منزلته، وقد نهاهم  أن يستجرينَّهم الشيطان برفعه فوق منزلته، وفي حديث عبد الله بن الشِّخير  قال: ( انْطَلَقْتُ فِي وَفْدِ بَنِي عَامِرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ  فَقُلْنَا أَنْتَ سَيِّدُنَا فَقَالَ السَّيِّدُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قُلْنَا وَأَفْضَلُنَا فَضْلًا وَأَعْظَمُنَا طَوْلًا فَقَالَ قُولُوا بِقَوْلِكُمْ أَوْ بَعْضِ قَوْلِكُمْ وَلَا يَسْتَجْرِيَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ ) رواه أحمد وأبو داود (صحيح) .
ب‌- اتخاذ قبورهم مساجد: أي أماكن للعبادة على قبورهم.
فيا أيها العبد:
1- لا تتخذ على القبور مساجد! فتدخل في اللّعنة، فقد لعن النبيُّ  فاعلَ ذلك، فقال في حديث عائشة وابن عباس رضي الله عنهما: ( لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا ) رواه الشيخان.
2- واعلم أن النبي  نهى عن اتخاذ القبور مساجد وقال: ( أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ إِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ ) رواه مسلم.
ت‌- بناء المساجد على قبورهم: فيا أيها العبد، لا تبن المساجد على القبور، فتكون من شرار الخلق عند الله، ولمّا ذكرت أم سلمة رضي الله عنها لِرَسُولِ اللَّهِ  كَنِيسَةً رَأَتْهَا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ يُقَالُ لَهَا مَارِيَةُ فَذَكَرَتْ لَهُ مَا رَأَتْ فِيهَا مِنْ الصُّوَرِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ  أُولَئِكَ قَوْمٌ إِذَا مَاتَ فِيهِمْ الْعَبْدُ الصَّالِحُ أَوْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ أُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّه ) رواه الشيخان .
ث‌- الصلاة إلى قبورهم: وقد نهى النبي  عن ذلك فقال: (لَا تُصَلُّوا إِلَى الْقُبُورِ وَلَا تَجْلِسُوا عَلَيْهَا ) رواه مسلم وقال  في حديث ابن عمر : ( اجْعَلُوا مِنْ صَلَاتِكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا ) رواه الشيخان .
ج‌- ومن الغلو في الصالحين: أن تُجصص قبورهم، أو يُبنى عليها القباب وغيرها، وأن يُكتب عليها، فاحذر أيها المسلم من ذلك، وفي حديث جابر  قال: ( نَهَى رَسُولُ اللَّهِ  أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ) رواه مسلم. وعند الترمذي: ( نَهَى النَّبِيُّ  أَنْ تُجَصَّصَ الْقُبُورُ وَأَنْ يُكْتَبَ عَلَيْهَا وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهَا وَأَنْ تُوطَأَ ) صحيح .
ح‌- ومن الغلو رفع القبور حتى تكون مشرفة، وعليك أيها العبد:
1- أن تهدم القباب التي على القبور لتكون مستوية، وعليك أن تسوي القبور بحيث تكون فسيحة.
2- ويجب عليك طمس التماثيل والصور.
وقد أمر النبي  بتسويتها وقد قال أبو الهياج: ( قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَلَا أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ  أَنْ لَا تَدَعَ تِمْثَالًا إِلَّا طَمَسْتَهُ وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إِلَّا سَوَّيْتَهُ ) رواه مسلم .



من أسباب الكفر والضلال :
2- الغلو في الدين
إمّا الغلو الذي هو كفر، كما غلت اليهود والنصارى، وقد قال تعالى:  لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ  [ النساء : 172 ], وإمّا الغلو في بعض العبادات الذي هو ضلال، وقد قال ابن عباس : ( قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ  غَدَاةَ الْعَقَبَةِ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ هَاتِ الْقُطْ لِي فَلَقَطْتُ لَهُ حَصَيَاتٍ هُنَّ حَصَى الْخَذْفِ فَلَمَّا وَضَعْتُهُنَّ فِي يَدِهِ قَالَ بِأَمْثَالِ هَؤُلَاءِ وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ ) رواه النسائي (صحيح) .
• وقد حذر الله ورسوله من الغلو، فيا أيها العبد :
أ‌- لا تغلُ في الدين، واعلم أنّ الله نهى عن الغلو في الدين فقال تعالى:  لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقَِ  [ النساء : 172 ].
ب‌- احذر من الغلو في الدين، واعلم أنّ النبي  حذر من الغلو وقال: ( وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ ) رواه النسائي (صحيح).
ت‌- لا تقع في الغلو فتدخل في من دعا عليه النبي ، فقد دعا بالهلاك على المتنطعين الغالِين فقال في حديث ابن مسعود : ( هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ قَالَهَا ثَلَاثًا ) رواه مسلم .
ث‌- لا تغلُ في الكلام فيبغضك الله ، فقد أخبر  أن الله يبغض الغالِين في الكلام، كما في حديث عبد الله بن عمرو : ( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبْغِضُ الْبَلِيغَ مِنْ الرِّجَالِ الَّذِي يَتَخَلَّلُ بِلِسَانِهِ تَخَلُّلَ الْبَاقِرَةِ بِلِسَانِهَا ) رواه أبو داود (صحيح). وعند الترمذي: ( كَمَا تَتَخَلَّلُ الْبَقَرَةُ ) صحيح .


من أسباب الكفر والضلال :
3- الغلو في النجوم والكواكب والشمس والقمر
وقد غلا فيها أقوام حتى عُبدت، وقد قال تعالى:  لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ  [فصلت: 37]. ومن الغلو فيها النسبة إليها أنها تؤثر في العالم وفي حركات المخلوقات , وكذلك الغلو في بعض الأزمنة كشهر صفر ورجب , أو في بعض الأمكنة كغار ثور وحراء , أو في بعض الأحداث كالغلو في المولد , أو في بعض الحيوانات كالبقر , أو في الجن أو في غير ذلك من المخلوقات.

فيا أيها العبد:
اعلم أنّ الشمس والقمر هي كما قال  في حديث ابن عمر : ( إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ يُخَوِّفُ بِهِمَا عِبَادَهُ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلك فَصَلُّوا وَادْعُوا حَتَّى يَنكشفَ مَا بِكُمْ ) رواه الشيخان.

من أسباب الكفر والضلال :
4- الكِــبْر
وقد قال تعالى:  فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ  [ فصلت:15 ]. وقال تعالى لإبليس:  أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ  [ ص : 75 ]. وقال  في حديث أبي هريرة : ( وَلَكِنَّ الْكِبْرَ مَنْ بَطِرَ الْحَقَّ وَغَمَطَ النَّاسَ ) رواه أبو داود والحاكم (صحيح) ورواه مسلم من حديث ابن مسعود .

فيا أيها العبد:
1- دع عنك الكبر (لا تردّ الحقّ)، وقد قال  في حديث ابن مسعود : (الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ) رواه مسلم. ومعنى بطر الحق: ردّه، وعدم قبوله، ومعنى غمط الناس: احتقارهم وازدراؤهم.
2- اعلم أنّك إن تكبّرت فإنّك تتشبّه بإبليس في معصيته لربّه، ولكنّ المعاصي منها ما هو كفر، كالشرك الأكبر، ومنها ما هو فسق، كالزِّنا.
3- اعلم أنّ المتكبّرين يُحشرون في ذلٍّ ومهانةٍ أمثال الذّر، وقد قال  في حديث عبد الله بن عمرو : (يُحْشَرُ الْمُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ فِي صُوَرِ الرِّجَالِ يَغْشَاهُمْ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَيُسَاقُونَ إِلَى سِجْنٍ فِي جَهَنَّمَ يُسَمَّى بُولَسَ تَعْلُوهُمْ نَارُ الْأَنْيَارِ يُسْقَوْنَ مِنْ عُصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ طِينَةَ الْخَبَالِ) رواه أحمد والترمذي (حسن).
4- احذر من الكبرياء، فإنّها رداء الله، وأنّه يُعذّب من نازَعه فيها، وقد قال  في حديث أبي هريرة : ( الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا قَذَفْتُهُ فِي النَّارِ ) رواه أحمد وأبو داود (صحيح).
من أسباب الكفر والضلال :
5- التقليد
كما قال تعالى عن الكفار:  إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ  [الزخرف : 23] .
ومن ذلك من سنَّ سنّةً سيئةً فيقلده من يأتي بعده فيها، وفي الحديث: ( مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ ) رواه مسلم .

فيا أيها العبد:
1- لا تقلد في دينك الرّجال، وخذ دينك من كتاب الله وسنة رسوله .
2- إذا جهلت شيئاً فاسأل العلماء، وقد قال تعالى:  فاسألوا أَهْلَ الذكر إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ  [ النحل : 43 ].


من أسباب الكفر والضلال :
6- الجهل ونسيان العلم
وقد قال تعالى:  وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ  [الأنعام: 111]. وقال ابن عباس  في ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر: ( أنها أسماء قوم صالحين ) وفيه: ( حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ وَتَنَسَّخَ الْعِلْمُ عُبِدَتْ ) رواه البخاري. وقال  في حديث ابن عمرو : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا ) رواه الشيخان .

فيا أيها العبد:
1- تعلّم ما أوجب الله عليك ممّا تصح به عبادتك ( يجب عليك)، وقد قال : (طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ) رواه البيهقي في الشعب (صحيح).
2- يسنّ لك أن تجتهد في طلب العلم الشرعي؛ لتصبح عالماً، وقد قال تعالى:  يَرْفَعِ الله الذين آمَنُواْ مِنكُمْ والذين أُوتُواْ العلم دَرَجَاتٍ  [ المجادلة : 11 ]. وقال  في حديث أبي الدرداء : (مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الْمَاءِ وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ) رواه أهل السنن (صحيح).

من أسباب الكفر والضلال :
7- وسوسة الشيطان وتزيينه وإلقاء الشبه على الخلق

كما قال تعالى:  وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ  [العنكبوت: 38] وقال تعالى:  وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ  [الأنعام: 43]. وقال : ( إِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْتِي أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ السَّمَاءَ؟ فَيَقُولُ: اللَّهُ...الحديث) وفيه: ( فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ اللَّهَ؟ فَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ أَحَدُكُمْ، فَلْيَقُلْ: آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ) رواه الطبراني في الكبير (صحيح) .

فيا أيها العبد:
1- إذا وسوس لك الشيطان في العقيدة فقل: آمنت بالله ورسوله، لقوله : ( إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ فَلْيَقُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ) رواه أحمد (صحيح).
2- إذا وسوس لك الشيطان فلا تتمادى في الوساوس، ولكن اِنْتَه عن ذلك، وفي الحديث: (وَلْيَنْتَهِ ) رواه الشيخان.
3- استعذ بالله من الشيطان عند قراءة القرآن، لقوله تعالى:  فَإِذَا قَرَأْتَ القرآن فاستعذ بالله مِنَ الشيطان الرجيم  [ النحل : 98 ].
4- لا تطع الشيطان في معصية الله، بل اعصه، وقد قال : ( إِنَّ الشَّيْطَانَ قَعَدَ لِابْنِ آدَمَ بِأَطْرُقِهِ فَقَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْإِسْلَامِ فَقَالَ تُسْلِمُ وَتَذَرُ دِينَكَ وَدِينَ آبَائِكَ وَآبَاءِ أَبِيكَ فَعَصَاهُ فَأَسْلَمَ ثُمَّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْهِجْرَةِ فَقَالَ تُهَاجِرُ وَتَدَعُ أَرْضَكَ وَسَمَاءَكَ وَإِنَّمَا مَثَلُ الْمُهَاجِرِ كَمَثَلِ الْفَرَسِ فِي الطِّوَلِ فَعَصَاهُ فَهَاجَرَ ثُمَّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْجِهَادِ فَقَالَ تُجَاهِدُ فَهُوَ جَهْدُ النَّفْسِ وَالْمَالِ فَتُقَاتِلُ فَتُقْتَلُ فَتُنْكَحُ الْمَرْأَةُ وَيُقْسَمُ الْمَالُ فَعَصَاهُ فَجَاهَدَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَمَنْ قُتِلَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَإِنْ غَرِقَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ وَقَصَتْهُ دَابَّتُهُ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ ) رواه أحمد والنسائي (صحيح).
5- إذا وسوس لك الشيطان، فاستعذ بالله منه وقل: بسم الله، ولا تقل: تعس الشيطان، وقد قال  في حديث والد أبي المليح : ( لَا تَقُلْ تَعِسَ الشَّيْطَانُ فَإِنَّه يعظُم حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الْبَيْتِ وَيَقُولُ بِقُوَّتِي صَرعتُه وَلَكِنْ قُلْ بِسْمِ اللَّهِ فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ تَصَاغَرَ حَتَّى يَصير مِثْلَ الذُّبَابِ ) رواه أحمد وأبو داود والنسائي (صحيح).
6- اعلم أن الشيطان هو كما قال : (إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ الْإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ) رواه الشيخان. فكن مُتيقّظاً لذلك ! واذكر اسم الله حتى لا يستحلّ الشيطان طعامك، وإذا سقطت منك اللقمة فأمطْ ما عليها من أذى وكُلها، ولا تَدَعها للشيطان، وإذا لبَّس الشيطان عليك في صلاتك، فاسجد سجدتي السهو. والله الموفق.

من أسباب الكفر والضلال :
8- تزيين الشركاء لعابديهم الكفر والضلال
كما قال تعالى:  وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ...الآية  [الأنعام : 137].

فيا أيها العبد:
1- احذر من هؤلاء المجرمين، الذين يزيّنون المعاصي والكفر والذنوب، وهم كثير، وقد قال تعالى:  وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ...الآية [الأنعام: 116].
2- تسلّح بالعلم الشرعي، فإنّ به يُفرّق العبد بين الحق والباطل، وقد قال تعالى:  وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ...الآية  [سبأ:6].







من أسباب الكفر والضلال :
9- الحســـد
كما قال تعالى:  أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ...الآية  [ النساء : 54 ]. وقال:  فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ  [البقرة: 89].

فيا أيها العبد:
1- احذر حسد أخيك المسلم! وقد قال : (لَا تَحَاسَدُوا...الحديث) رواه مسلم.
2- استعذ بالله من شرّ الحاسد،  قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)  [سورة الفلق].
3- اعلم أنّ الحسد من صفات إبليس، ومن صفات اليهود ومن على شاكلتهم، فلا تتشبّه بهم في هذا الخلق القبيح.
4- إذا رأيت من أنعم الله عليه بالمال، فهو يُنفقه في وجوه البِر، أو أنعم الله عليه بالقرآن، فاغبطه ( تتمنّى الحصول على مثل ذلك ) وقد قال : ( لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَقومُ به آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ ) رواه البخاري ومسلم.

ومن أسباب الشرك والضلال :
10- الاغترار بما عند الإنسان من الفرية
والفرح بما عنده من العلم

كما قال تعالى:  وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ [ آل عمران: 24]. وقال تعالى:  فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ  [غافر: 83].

فيا أيها العبد:
1- اعلم أنّ ما عندك من العلم هو قليل،  وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا  [الإسراء:85] .
2- ليكن فرحك بطاعة الله ،  قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ [يونس : 58].
3- اعلم أنّ الافتراء هو أعظم الضلال، وقد قال تعالى:  وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ  [ الأنعام : 21 ].



ومن أسباب الكفر والشرك والضلال :
11- الحرص على المال والجاه
كما قال تعالى:  وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ الآيات [ الزخرف : 33 ].
وقال  في حديث كعب بن مالك : ( مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ ) رواه أحمد والترمذي (صحيح) .

فيا أيها العبد:
1- انتبه! فلا يحملك المال والغنى على الطغيان،  كَلا إِنَّ الإنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى  [العلق: 6، 7].
2- اعلم أنّ المال هو مال الله، وإنّما أنت مُستخلفٌ فيه، وقد قال تعالى:  وَآتُوهُمْ مِّن مَّالِ الله الذي آتَاكُمْ  [ النور : 33 ]. وقال تعالى:  وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ...الآية [الحديد:7]. فالمال عندك أمانة، فكن أميناً بجعله في ما يُرضي الله.
3- انتبه! فلا يحملك الجاه والمنصب على الطغيان، وارتكاب المحرمات والمنكرات والبدع، فإنّ هذا الجاه والسلطان سوف يذهب عنك، وتذكّر هذه الآيات:  مَآ أغنى عَنِّي مَالِيَهْ هَّلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ [ الحاقة : 28-29 ].



ومن أسباب الكفر والضلال :
12- الشك في الآخرة وفي الجزاء الأخروي

كما قال تعالى عن الكفار:  إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ  [الجاثية: 32] .
فيا أيها العبد:
1- اعلم أنّ يوم القيامة واقعٌ لا محالة، وقد أمر الله رسوله  أن يُقسم على ذلك، فقال تعالى:  قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ  [ التغابن : 7 ].
2- استعدّ لقيامتك ( موتك ) بكل عمل صالح، وقد قال : ( أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ يَعْنِي الْمَوْتَ ) رواه الترمذي والنسائي من حديث ابن عمر  (صحيح).
3- هل تريد أن تنظر إلى يوم القيامة كأنها رأي عين ؟ اقرأ ( إذا الشمس كوّرت ) و ( إذا السماء انفطرت ) و ( إذا السماء انشقت ) فقد ثبت ذلك عنه .


ومن أسباب الكفر والضلال :
13- الخوف على المُلْك "وعلى الشرف"
كما حصل لقيصر فقد ضنّ بملكه وبقى على الكفر .

ومن أسباب الكفر والضلال :
14- عدم التفكر في الآيات الكونية والشرعية
وأن يكون المرء تابعاً في كل ما يسمع ويقال من الكبراء والسادة ويسير وراءهم بلا روية وقد قال تعالى:  فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ  [الزخرف:54]. وقال تعالى:  وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا... الآيات [ البقرة:167 ] .

فيا أيها العبد:
1- لا تكن إمّعة تسير وراء الكبراء والسادة بدون تفكُّر ولا رويّة فيستخفنّك السفهاء، وتُطيعهم في معصية الله، كما استخفّ فرعون قومه، وكانوا كما قال الله تعالى عنهم:  إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ  [ الزخرف : 54 ].
2- تفكرّ في آيات الله الكونية ( المخلوقات)، ومن ذلك التفكر في خلق السموات والأرض، واختلاف الليل والنار، وقد قال تعالى:  إِنَّ فِي خَلْقِ السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيَاتٍ لأُوْلِي الألباب  [ آل عمران : 190 ]. وتفكّر في خلقك، وفي كل شيءٍ خلقه الله  ،  أَوَلَمْ يَنْظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السماوات والأرض وَمَا خَلَقَ الله مِن شَيْءٍ ...الآية  [ الأعراف : 185 ]. لتخرج من تفكُّرك أنّ الله هو العظيم القدير، الذي يجب أن يُعبد وحده دون سواه، وأن يُطاع فلا يُعصى، ويُشكر فلا يُكفر.
3- تفكّر في آيات الله الشرعية ( القرآن )، فتدبّر آياته، وقد قال تعالى:  ليدبروا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُو الألباب  [ ص : 29 ]. ومن التدبّر إذا مررت بآية تسبيح فسبِّح، أو استغفار استغفر، أو دعاء ادع، أو آية فيها قصص الكفار الهالكين فاعتبر وهكذا.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ديري نشمي
ديري مبدع
ديري مبدع
ديري نشمي


الساعة :
دعاء
ذكر
عدد المساهمات : 474
نقاط : 944
التقيم : 4
وسام وسام : كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Tmqn3
تاريخ الميلاد : 10/05/1991
تاريخ التسجيل : 29/04/2012
العمر : 33

كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ محمد بن شامي شيبة   كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Icon_minitimeالجمعة يونيو 22, 2012 3:21 pm


من أسباب الكفر والضلال :
15- الخوف من القتل والتعذيب ولحوق الضرر
فيترك المرء دينه لذلك أو يترك بعضاً من دينه أو يدخل في الانحراف لذلك بقلبه وفعله , أما لو أكره في بدنه ولم يكفر بقلبه فهو معذور لقوله تعالى:  إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ [النحل: 106].
فيا أيها العبد:
1- إذا أُمرت بمعصية أو بكفر أو ببدعة فلا تُطع من أمرك، وقد قال : ( إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ ) رواه الشيخان.
2- إذا أُكرهت على الكفر والمعصية فلك أن تصبر ابتغاء ما عند الله من الثواب، وقد أخبر النبي  أنه : (كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الْأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهِ فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ ) رواه البخاري.
3- إذا أُكرهت على الكفر والمعصية فلك أن تتكلم بذلك مع طمأنينة القلب، وقد قال تعالى:  إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بالإيمان  [ النحل : 106 ].
4- احذر من المجاملات! فتتكلم بالكفر أو بالذنوب أو بالمعاصي أو تفعلها أو تُقرّها.
5- أيها المسلم، إنك في زمان صبر على طاعة الله، وعن معصية الله، وعلى أقدار الله المؤلمة (المصائب)؛ لأنّ هناك الكثير من المغريات، فاصبر وتمسّك بدينك! وقد قال  لأصحابه في حديث ابن مسعود : ( إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ زَمَانَ صَبْرٍ، لِلمُتَمَسِّكِ فِيهِ أَجْرُ خَمْسِينَ شَهِيدًا، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مِنَّا أَوْ مِنْهُمْ؟ قَالَ:مِنْكُمْ ) رواه الطبراني في الكبير (صحيح).

الباب الرابع
الشِّـــــــرك

• الشرك الأكبر : هو جعل شريك لله في ربوبيته أو إلاهيته أو أسمائه وصفاته .
• أكثر الإشراك وأغلبه الإشراك في الألوهية (العبادة)، فيصرف شيئاً من العبادة لغير الله (كالدعاء والنذر والذبح والرجاء والخوف والمحبة والاستغاثة وغيرها من أنواع العبادة) .
• الشرك هو ضـد التوحيد .
• الشرك هو الظلم العظيم "أعظم الظلم" وقد قال عبد الله بن مسعود : ( لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ  وَقَالُوا أَيُّنَا لَمْ يَلْبِسْ إِيمَانَهُ بِظُلْمٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ  إِنَّهُ لَيْسَ بِذَاكَ أَلَا تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ لِابْنِهِ { إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ }) رواه الشيخان .






أنواع الشرك
• الشرك نوعان :
النوع الأول
الشرك الأكبر :
وهو صرف شيء من أنواع العبادة لغير الله، كالدعاء والنذر، أو اعتقاد شيء من خصائص الربوبية لغير الله، كالرّزق أو الضر والنفع، أو تمثيل خلق الله بالله ونحو ذلك، وهذا الشرك الأكبر أعظم الذنوب لما يلي :
أ‌- أنه تنقصٌ لله وعيب، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً .
ب‌- أن المشرك بالله الشرك الأكبر خارجٌ من الملة (ملة الإسلام)، فهو تاركٌ لدين الإسلام، وقد قال : ( لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ الثَّيِّبُ الزَّانِي وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ ) رواه مسلم .
ت‌- أن المشرك الشرك الأكبر حلال الدم والمال، لقوله تعالى:  فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ  [التوبة: 5]. وقال : ( أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ ) رواه الشيخان .
ث‌- أن الشرك الأكبر لا يغفره الله لمن مات عليه بلا توبة، لقوله تعالى:  إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ  [النساء: 48]. وقال  في حديث ابن عباس : ( إن الله تبارك وتعالى يقول: مَنْ عَلِمَ مِنْكُمْ أَنِّي ذُو قُدْرَةٍ عَلَى مَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ غَفَرْتُ لَهُ، وَلا أُبَالِي مَا لَمْ يُشْرِكْ بِي شَيْئًا ) رواه الحاكم (حسن) , وقال  في حديث عائشة رضي الله عنها : ( الدَّوَاوِينُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثَلَاثَةٌ...الحديث ) وفيه: ( فَأَمَّا الدِّيوَانُ الَّذِي لَا يَغْفِرُهُ اللَّهُ فَالشِّرْكُ بِاللَّهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ) ) رواه أحمد والحاكم وله شواهد (حسن) .
ج‌- أن الله قد حرم الجنة على المشرك الشرك الأكبر، وأنه مخلد في نار جهنم فلا يخرج منها إذا مات عليه، لقوله تعالى:  إِنَّهُ ُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ  [المائدة:72]. وقال تعالى:  وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ  [ البقرة : 167 ]. وقال  في حديث جابر : ( مَنْ لَقِيَ اللَّهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ لَقِيَهُ يُشْرِكُ بِهِ دَخَلَ النَّارَ ) رواه مسلم .
ح‌- أن الشرك الأكبر يحبط جميع الأعمال لمن مات عليه كما قال تعالى:  وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ  [الأنعام: 88] .
خ‌- أن الشرك أكبر الكبائر سواءً كان أصغر أو أكبر، ولكنّ الشرك الأكبر أكبر من الشرك الأصغر وغيره، وقد قال : ( أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ...الحديث) رواه الشيخان.
د‌- أنّ الشرك الأكبر (بدعوى الولد لله) شتمٌ لله، وقد قال  في حديث أبي هريرة : ( قَالَ اللَّهُ كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَشَتَمَنِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ لَنْ يُعِيدَنِي كَمَا بَدَأَنِي وَلَيْسَ أَوَّلُ الْخَلْقِ بِأَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ إِعَادَتِهِ وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا وَأَنَا الْأَحَدُ الصَّمَدُ لَمْ أَلِدْ وَلَمْ أُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفْئًا أَحَدٌ ) رواه البخاري وفي حديث ابن عباس : ( وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ لِي وَلَدٌ فَسُبْحَانِي أَنْ أَتَّخِذَ صَاحِبَةً أَوْ وَلَدًا ) رواه البخاري .
ذ‌- أن المشركين شركاً أكبر نجس، ولا يُطهِّر هذا النجس شيء، وقد قال تعالى:  إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا  [التوبة: 28] (نجس معنوي) .
ر‌- أنّ المخلوق - من الإنس والجن - لا يرضى أن يشرك عبده وما ملكت يمينه في ما رزقه الله، كما قال تعالى:  ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ...الآية  [الروم : 28]. فالله جلا وعلا لا يرضى أن يشركه أحدٌ في ملكه ولا في عبادته ولا في أسمائه وصفاته وربوبيته .
ز‌- أن الشرك الأكبر أعظم الذنوب، وقد قال ابن مسعود : ( سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ  أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ...الحديث) رواه مسلم .

فيا أيها العبد:
1- احذر من الشرك الأكبر! لا تقع في الشرك الأكبر! تجنّب الشرك الأكبر! ابتعد عن الشرك الأكبر! واجعل هذه الآية نصب عينيك:  واعبدوا الله وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً  [ النساء : 36 ].
2-اعلم أن المشرك الشرك الأكبر هو الخاسر أعظم الخسارة (خسر الدنيا والآخرة)، فلا تكن ممّن خسر دنياه وآخرته، وقد قال تعالى:  قُلْ إِنَّ الخاسرين الذين خسروا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ القيامة أَلاَ ذَلِكَ هُوَ الخسران المبين  [ الزمر : 15 ] .
3- لا تحرم نفسك من الجنة وتوبقها في النار! فإن من مات على الشرك الأكبر بلا توبة فإنه محرومٌ من الجنة، وهي محرمة عليه، وهو من أهل نار جهنم لا يموت فيها ولا يحيا، وقد قال تعالى:  إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بالله فَقَدْ حَرَّمَ الله عَلَيهِ الجنة وَمَأْوَاهُ النار وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ  [ المائدة : 72 ]. وقد قال : ( أَمَّا أَهْلُ النَّارِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا فَإِنَّهُمْ لَا يَمُوتُونَ فِيهَا وَلَا يَحْيَوْنَ...الحديث) رواه مسلم.
4- خَفْ على نفسك من الشرك! ولذلك أكثر من التوبة، وابتعد عن الشرك كبيره وصغيره، واعلم أنّ إبراهيم  قد خاف على نفسه من الشرك، فكيف بي وبك؟.
5- ادعُ الله أن يُجنِّبك وبنيك الشرك! وقد قال إبراهيم :  واجنبني وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأصنام  [ إبراهيم : 35 ].
6- ادعُ الله أن يجعلك وأهلك وذريّتك مقيمي الصلاة، فقد دعا إبراهيم  فقال:  رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ  [ إبراهيم : 40 ].
7- كن من الدعاة إلى الله  ، وغلى التوحيد، وإلى نبذ الشرك، وبيِّن مخاطر الشرك بالله، فتلك هي دعوة الرسل عليه الصلاة والسلام.
9- لقد علمت أنّ المشركين نجس، فكن من هل الطهارة، لا من المشركين (النّجس).


النوع الثاني :
الشرك الأصغر
وهو لا يُخرجُ من الملَّة، لكنه ينقص به التوحيد الواجب , والشرك الأصغر أقسام :

القسم الأول: الرياء: كأن يُحسِّن صلاته لأجل أن يُثني عليه من يراه، وفي الحديث: ( يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ ) رواه ابن ماجه (حسن). ونحو ذلك، وقد قال  في حديث محمود بن لبيد : ( إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ قَالُوا وَمَا الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الرِّيَاءُ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا جُزِيَ النَّاسُ بِأَعْمَالِهِمْ اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ فِي الدُّنْيَا فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً ) رواه أحمد (صحيح).
وقال  في حديث شداد بن أوس : ( مَنْ صَلَّى يُرَائِي فَقَدْ أَشْرَكَ وَمَنْ صَامَ يُرَائِي فَقَدْ أَشْرَكَ وَمَنْ تَصَدَّقَ يُرَائِي فَقَدْ أَشْرَكَ ) رواه أحمد (حسن) .

أقسام الرياء
• الرياء ينقسم إلى قسمين :
أ‌- القسم الأول: أن يُظهر الإسلام ويُبطن الكفر بالله، فهذا كفر أكبر منافٍ لأصل التوحيد، وهذا رياء المنافقين، وقد قال تعالى:  إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ * اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ  [المنافقون:1،2]. وقال تعالى:  يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا  [النساء: 142] .
ب‌- القسم الثاني : هو أن يكون المرء مُسلماً ولكن يرائي أو يسمِّع بعمله أو بقوله، فهذا شرك أصغر منافٍ لكمال التوحيد الواجب .


أيها العبد المرائي :
أ- اعلم أنك إن راءيت في صلاتك فقد استهنت بربك، فقد قال  في حديث ابن مسعود : ( من أحسن الصلاة حيث يراها الناس ، وأساءها حيث يخلو ، فتلك استهانة استهان بها ربه تبارك وتعالى ) رواه أبو يعلى والبيهقي وقال الحافظ بن حجر : حديث حسن .
ب- وأن الله يرائي بك، لقوله  في حديث جندب : ( مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ و مَنْ رَاءَى رَاءَى اللهُ بِهِ و مَنْ شَاقَّ شَقَّ اللهُ عَلَيّهِ يَوْمَ القِّيَامَةِ ) رواه البخاري .

القسم الثاني (من الشرك الأصغر): السمعة: كأن يذكر الله ليسمعه الناس فيثنوا عليه، وقد قال  في حديث ابن عباس : ( مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ وَمَنْ رَاءَى رَاءَى اللَّهُ بِهِ ) رواه مسلم . وليعلم هذا المرائي والمسمع بعلمه أن الله يسمع به ما سمع بخلقه ويصغره ويحقره كما قال  في حديث عبد الله بن عمرو : ( مَنْ سَمَّعَ النَّاسَ بِعَمَلِهِ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ سَامِعَ خَلْقِهِ وَصَغَّرَهُ وَحَقَّرَهُ ) رواه أحمد (صحيح).
ويدخل في الرياء : كل عمل مما يتقرب به إلى الله يريد به العبد مدح الناس وثناءهم عليه .
• الرياء أو السمعة إذا خالط العمل أبطله كما قال تعالى:  فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا  [الكهف: 110]. وقال  في حديث أبي هريرة  قال الله تعالى : ( أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ ) رواه مسلم .

فيا أيها العبد:
1- احذر من السمعة بقولك أو عملك! حتى لا يُسمِّع الله بك، ولا يصغِّرك ولا يحقِّرك، فوالله إن سمّعت فسمّع الله بك وحقّرك وصغّرك فإنك على خطر المهالك، فاتق الله!.
2- إن الخلق ليس عندهم نفعٌ لك إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك، فلمَ تسمّع بعملك وقولك في عبادة ربك، إنّ هذا سفه، فاتق الله أيها العاقل !.
3- اعلم أنّ الله يسمعك ويراك ويعلمك، ولا يخفى عليه شيءٌ منك، فتوجّه إليه، لا إلى الخلق، فإنّما مصلحتك الدينية والدنيوية والأخروية في طاعة ربك، وكن دائماً مُتذكراً قول الله تعالى:  إِنَّ الله سَمِيعٌ بَصِيرٌ  [ الحج : 75 ].  وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ  [ التوبة : 15 ].  يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ  [غافر: 19].  وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ  [ الحديد : 4 ].  إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ  [لقمان: 34].  إِنَّ الله لاَ يخفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأرض وَلاَ فِي السمآء  [ آل عمران : 5 ]. وغيرها من الآيات.
4- استعذ بالله من السمعة والرياء، ففي حديث أنس  قال: (كان رسول الله  يقول في دعائه : اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل ...الحديث) وفيه: ( وأعوذ بك من الفقر والكفر ، والفسوق ، والشقاق ، والنفاق والسمعة ، والرياء ) رواه الحاكم (صحيح).

القسم الثالث (من الشرك الأصغر) : شرك ظاهر على اللسان بألفاظ، ومن ذلك: الحلف بغير الله (من غير اعتقاد وتعظيم المحلوف به كما يعظم الله)، ومنه الحلف بالطلاق، وقد قال  في حديث ابن عمر : ( مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ ) رواه أحمد والترمذي والحاكم (صحيح). ومن ذلك قول ما شاء الله وشئت، وفي حديث ابن عباس  قال: ( جاء رجل إلى النبي  فراجعه في بعض الكلام فقال : ما شاء الله وشئت ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أجعلتني مع الله عدلا ( وفي لفظ : ندا ) ؟ ! لا بل ما شاء الله وحده ) رواه أحمد والبيهقي والبخاري في الأدب المفرد وابن ماجه، وله شاهد من حديث قتيلة (صحيح). ومن ذلك الحلف بالأمانة وقد قال  في حديث بُريده : ( مَنْ حَلَفَ بِالْأَمَانَةِ فَلَيْسَ مِنَّا ) رواه أبو داود (صحيح) .
فيا أيها العبد:
1- لا تحلف بأبيك، ولا بالطواغيت، ولا بأمك ولا بغير الله ، وقد قال  في حديث عبد الرحمن بن سمرة : ( لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ وَلَا بِالطَّوَاغِيتِ ) رواه النسائي وابن ماجه (صحيح). وقال  في حديث أبي هريرة : ( لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ وَلَا بِأُمَّهَاتِكُمْ وَلَا بِالْأَنْدَادِ...الحديث ) رواه أبو داود والنسائي (صحيح).
2- لا تحلف إلا بالله، وقد قال : (مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلَا يَحْلِفْ إِلَّا بِاللَّهِ) رواه مسلم.
3- لا تحلف إلا وأنت صادق، وقد قال : ( وَلَا تَحْلِفُوا بِاللَّهِ إِلَّا وَأَنْتُمْ صَادِقُونَ ) رواه أبو داود والنسائي.
4- لا تقل ما شاء الله وشئت، وقل ما شاء الله وحده.
5- لا تحلف بالطلاق، لأنه حلف بغير الله، فهو كفر أصغر أو شرك أصغر.

القسم الرابع (من الشرك الأصغر): شرك ظاهر على الجوارح كالرقى المحرمة إن اعتقدها سبباً وكالتمائم إن اعتقدها سبباً والتولة (شيء يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها والزوج إلى زوجته) فاعتقده سبباً وقد قال  في حديث ابن مسعود : ( إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ ) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والحاكم (صحيح).
وكل شيء اعتقده المرء سبباً وليس بسبب فهو من الشرك الأصغر وأما إن اعتقد أنه فاعل مؤثر بنفسه فهذا شرك أكبر.
فيا أيها العبد:
1- تجنّب الرقى الشركية والبدعية، وخذ الرقى الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله ، ومنها الرقية بالفاتحة.
2- اعلم أنّ الرقى الشرعية سبب فقط، والله هو الشافي، وقد قال : ( أَنْتَ الشَّافِي لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ...الحديث ) رواه الشيخان.

فصل
كيف حدث الشرك في بني آدم ؟
• خلق الله الخلق لعبادته وحده لا شريك له كما قال تعالى:  وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ* مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ[الذاريات:56،58]. وفطر الله الناس على عبادته وحده لا شريك له، كما قال : ( كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ ) رواه البخاري , وقد بقوا على الإسلام كما قال ابن عباس : ( كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على شريعة من الحق ) رواه الحاكم (صحيح) .
• أول ما حدث الانحراف عن التوحيد ( عن عبادة الله وحده لا شريك له ) إلى الشرك في قوم نوح، فكان نوح  أول رسول إلى البشر بعد حدوث الشرك فيهم، كما قال تعالى:  إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ  [ النساء : 163 ]. وقال تعالى:  كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ  [ البقرة : 213 ].
• وأكثر الأمم يؤمنون بتوحيد الربوبية وإنما وقع شركهم في توحيد الألوهية (العبادة)، وقد قال تعالى :  وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ  [ يوسف : 106 ].
• أول من سيَّب السَّوائب، وغيَّر دين إسماعيل، فنَصَب الأوثان وبحَّر البحيرة وسيّب السائبة وحمى الحامي، هو عمرو بن لحُيّ الخزاعي، وقد قال  في حديث أبي هريرة : ( رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرِ بْنِ لُحَيٍّ الْخُزَاعِيَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ ) رواه الشيخان. وقال  في حديث أبي هريرة  عن عمرو بن لحي: ( إنه كان أول من غير دين إسماعيل فنصب الأوثان وبحر البحيرة وسيب السائبة وحمى الحامي) رواه أحمد وهو في سيرة بن هشام (صحيح) .
• وقال ابن عباس  في ودّ وسواع ويغوث ويعوق ونسر : ( هذه أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ فَلَمَّا هَلَكُوا أَوْحَى الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْمِهِمْ أَنْ انْصِبُوا إِلَى مَجَالِسِهِمْ الَّتِي كَانُوا يَجْلِسُونَ أَنْصَابًا وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ فَفَعَلُوا فَلَمْ تُعْبَدْ حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ وَتَنَسَّخَ الْعِلْمُ عُبِدَتْ ) رواه البخاري. فهذا يدل على أن سبب شرك بني آدم (الشرك الأكبر) هو الغلو في الصالحين .


دروس على ذلك
التحذير من سنّ السنن السيئة
1- أيها العبد، احذر من إحداث أمر محرّم (سنّ سنة سيئة) فيتابعك الناس فيها، كما حصل لعمرو بن لحي الخزاعي، الذي غيّر دين إسماعيل ، وأدخل الشرك بالله ، ومن تلك السنن السيئة الشركية بناء المساجد على القبور؛ ليطوف الناس بها، ويدعوها من دون الله، ويتمسّحوا بها، ويتبرّكوا بها، ومن تلك السنن السيئة فتح القنوات الفضائية التي تدعو إلى السحر والكفر والرذيلة، فيقلِّدك فيها من يفتح على غرارها فتحمِل إثماً عظيماً، وقد قال تعالى:  وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ [العنكبوت : 13]. وقال  في حديث جرير : (وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْء ) رواه مسلم.
2- قم – وفقك الله – في سنّ السنة الحسنة ( نشر ما يدعو إليه الإسلام من التوحيد، والقرآن، وسنة رسول الله  )، ومن تلك السنّن الحسنة التي يجب أن تُنشر، منع إقامة المساجد على القبور، وهدم المساجد التي بُنيت على القبور، وإخراج القبور التي وُضعت في المساجد، ومنع البدع المحرّمة، كبدعة الصّوفية، ومنع السحرة والمشعوذين، والضرب على أيديهم بمحاكمتهم شرعاً، وهدم القباب التي على القبور، وقفل القنوات والمواقع التي تدعو إلى المحرمات والرذيلة، وسارع إلى إقامة هذه السنن الحسنة لتحصل على ثواب عظيم، وقد قال  في حديث جرير : (مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ) رواه مسلم.
3- قد أخبر النبي  فقال: ( لَا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الْأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ ) رواه الشيخان. فكيف أيها العبد بمن سنّ الشرك والبدع والمحرّمات، فتنبّه ! رحمك الله.



الفرق بين الشرك الأكبر والشرك الأصغر
1. الشرك الأكبر يُخرج صاحبه من ملة الإسلام؛ لأنه يناقض أصل التوحيد وأما الشرك الأصغر فإنه لا يُخرج صاحبه من ملة الإسلام، لكنه يُنقص كمال التوحيد الواجب، وصاحبه آثم .
2. الشرك الأكبر يُخلِّد صاحبه في النار إذا مات عليه بلا توبة، وأما الشرك الأصغر فلا يُخلّد صاحبه في النار إذا دخلها، بل إنه يخرج إلى الجنة.
3. الشرك الأكبر يُحبط جميع الأعمال إذا مات عليه بلا توبة، وأما الشرك الأصغر (الرياء) فإنه يحبط العمل الذي دخل فيه دون غيره .
4. الشرك الأكبر يُبيح الدم والمال، وأما الشرك الأصغر فإنه لا يبيح الدم والمال، بل يبقى معصوم الدم والمال .

الباب الخامس
النِّفــــاق
• النفاق الإعتقادي تعريفه: هو إظهار الإسلام وإبطان الكفر, فالمنافقون خارجون من الإسلام كما قال تعالى:  إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ  [ التوبة : 67 ]. وهذا هو الفسق الأكبر (كفر أكبر).
• قد أُطلق الرياء في كتاب الله كثيراً ويراد به النفاق الذي هو أعظم الكفر، كما قال تعالى :  وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا [ النساء : 38 ]. وقال تعالى:  يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا  [النساء: 142] . وقال تعالى:  كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ  [البقرة: 264].

أنواع النفاق
النفاق نوعان :
النوع الأول:
النفاق الإعتقادي
وهو النفاق الأكبر الذي يظهر صاحبه الإسلام ويبطن الكفر.


من خصائص وصفات المنافقين نفاقاً اعتقادياً
وهذا النفاق يتميز أهله بخصائص وصفات منها:
1- أنهم ليسوا مؤمنين "فهم كفار"، كما قال تعالى:  وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ  [البقرة: 8].
2- أنهم خارجون عن الإسلام، كما قال تعالى:  إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ  [ التوبة : 67 ]. الخارجون من دين الله وشرعه .
3- أنهم في الدرك الأسفل من النار إن ماتوا عليه بلا توبة، كما قال تعالى:  إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ  [النساء: 145] .
4- أنهم يخادعون الله والمؤمنين، كما قال تعالى:  يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ  [البقرة:9].
5- أنهم في قلوبهم مرض النفاق، كما قال تعالى:  فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ  [البقرة:10].
6- أنهم يكذبون في قولهم أنهم مؤمنين، وقد قال تعالى:  وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ [البقرة:10] وقال تعالى:  إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ  [المنافقون: 1] .
7- أنهم يستهزئون بدين الله وبأهله، كما قال تعالى:  قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ  [البقرة: 14]. وكما قال تعالى :  قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ [التوبة :65] .
8- أنهم كفار كما قال تعالى :  لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [التوبة : 66].
9- قال  في حديث حذيفة: ( فِي أُمَّتِي اثْنَا عَشَرَ مُنَافِقًا { لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ } وَلَا يَجِدُونَ رِيحَهَا {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ }ثَمَانِيَةٌ مِنْهُمْ تَكْفِيكَهُمُ الدُّبَيْلَةُ سِرَاجٌ مِنْ النَّارِ يَظْهَرُ فِي أَكْتَافِهِمْ حَتَّى يَنْجُمَ مِنْ صُدُورِهِمْ ) رواه مسلم .
10- أن رؤساء المنافقين شياطينٌ لهم، كما قال تعالى:  وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ  [البقرة: 14] .
11- أنّ منهم من لا يعرف من دين الله شيئاً، وقد قال  في حديث عائشة رضي الله عنها: ( مَا أَظُنُّ فُلَانًا وَفُلَانًا يَعْرِفَانِ مِنْ دِينِنَا شَيْئًا قَالَ اللَّيْثُ كَانَا رَجُلَيْنِ مِنْ الْمُنَافِقِينَ ) رواه البخاري .
12- ومن صفات المنافقين أنهم إخوة لليهود والنصارى(في الكفر)، وأنهم يتّفقون مع اليهود والنصارى ويساعدونهم ضد المؤمنين، وقد يكذبون عليهم، كما قال تعالى:  أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ  [الحشر: 11].
13- ومن صفات المنافقين أنهم يسارعون في موالاة الكفار والتقرب إليهم، كما قال تعالى: فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ  [المائدة: 52].
14- ومن صفات المنافقين أنهم كُسالى عند قيامهم إلى الصلاة، كما قال تعالى:  وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا  [النساء: 142].
15- ومن صفات المنافقين أنهم إنما يبحثون وراء المال في خروجهم مع المؤمنين للقتال، ولا يطلبون جهاداً في سبيل الله، ولا يخرجون إذا كان الجهاد بعيداً، كما قال تعالى:  لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ  [ التوبة : 42 ].
16- أنهم يستأذنون في التخلف عن جهاد الكفار، كما قال تعالى:  إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ  [ التوبة : 45 ] .
17- ومن صفاتهم أنهم يسعون للتفرقة بين المؤمنين وبث الفتنة فيهم، كما قال تعالى:  لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ  [ التوبة : 47 ].
18- ومن صفاتهم تقليب الأمور للمسلمين وكراهتهم دين الله، كما قال تعالى:  لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ  [ التوبة : 48 ] .
19- ومن صفاتهم أنهم يستاءون إذا أُصيب المسلمون بالخير، وأنهم يفرحون إذا أُصيب المسلمون بالمصائب، وأنهم يتربصون بالمسلمين الدوائر، كما قال تعالى:  إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ  [ التوبة : 50 ] .
20- ومن صفاتهم أن الله لا يتقبل نفقاتهم، وإن إنفاقهم على كره، كما قال تعالى:  قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ  [ التوبة : 53 ].
21- ومن صفاتهم أنهم جبناء، كما قال تعالى:  لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ  [التوبة: 57] .
22- ومن صفاتهم أنهم يلمزون النبي  في الصدقات لِيُعطوا منها، وكذلك يلمزون كل من يقوم على الصدقات من المؤمنين وولاة الأمر الصالحين، كما قال تعالى :  وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ  [التوبة: 58].
23- أنهم يحلفون كاذبين ليرضوا المؤمنين، كما قال تعالى:  يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ  [التوبة: 96].
24- ومن صفاتهم ما قاله الله عنهم:  الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ  [ التوبة : 67].
25- وقد لعنهم الله كما قال تعالى:  وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ  [ التوبة : 68 ] .
26- من صفات بعضهم أنه يعاهد الله ولا يف بذلك كما قال تعالى:  وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آَتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آَتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ  [ التوبة : 75 - 76 ].
27- أنهم يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات، ويسخرون منهم، كما قال تعالى:  الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ  [ التوبة : 79 ].
28- يكرهون الجهاد للكفار بالنفس والمال، كما قال تعالى:  وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ  [ التوبة :81].
29- لا يُصلّى عليهم ولا يقام على قبورهم، كما قال تعالى:  وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ  [ التوبة : 84 ].
30- لا يعجبك أموالهم ولا أولادهم، كما قال تعالى:  وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ [التوبة: 85 ].
31- أنهم رجس، كما قال تعالى :  إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ  [ التوبة : 95 ] .
32- إذا أنفقوا عدّوه مغرماً، ويتربصون بالمسلمين الدوائر، كما قال تعالى:  وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ  [ التوبة : 98 ].
33- يسعون في الضرار بالمسلمين، والتفريق بينهم، والمساعدة لمن حارب الله ورسوله، كما قال تعالى:  وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [ التوبة: 107] .
34- أن القرآن يزيدهم رجساً إلى رجسهم , وأنهم لا يذّكّرون ولا يتوبون، كما قال تعالى:  وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ * أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ  [التوبة: 125، 126].
• ومن صفاتهم ما تحدثت عنه سورة المنافقين .
• مشروعية جهاد المنافقين،كما قال تعالى:  يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ  [التوبة: 73 ، والتحريم:9].


من أنواع النفاق الاعتقادي :
• تكذيب الرسول .
• أو تكذيب بعض ما جاء به الرسول .
• أو بغض الرسول  أو بغض ما جاء به أو بعضه.
• أو المسرّة بانخفاض دين الإسلام الذي جاء به النبي  أو الكراهية لانتصار دين الإسلام (ما جاء به ) وغير ذلك .



النوع الثاني من النفاق :
النفاق العملي
وهو عمل بعض أعمال المنافقين مع إيمان القلب, وهذا النفاق لا يُخرج من ملة الإسلام لكنه ينقص به الإيمان الواجب, وقد قال  في حديث ابن عمر : ( أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ ) رواه الشيخان, وقال  في حديث عبد الله بن عمرو : ( أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا : إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ ) رواه الشيخان, فمن وجدت فيه هذه الخصال كلها كان منافقاً خالصاً، بحيث اجتمع فيه خصال الشر من صفات المنافقين, ومن صفات هؤلاء المنافقين نفاقاً عملياً التكاسل عن حضور الجماعة في المسجد، فليحذر المسلم من هذه الصفات الذميمة، وليكن أبعد الناس عنها حتى لا يقع في النفاق العملي .


الفرق بين النفاق الاعتقادي والنفاق العملي
أ‌- أن النفاق الاعتقادي يُخرج صاحبه من ملة الإسلام , وأما النفاق العملي فلا يُخرج من ملة الإسلام.
ب‌- النفاق الاعتقادي لا يقع من المؤمن، وأما النفاق العملي فقد يقع من المؤمن .
• قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وقد اختلف العلماء في قبول توبتهم في الظاهر "المنافق نفاقاً اعتقادياً" لكون ذلك لا يُعلم، إذ هم دائماً يظهرون الإسلام. قلت : والذي يتوجه أنهم تقبل توبتهم في الظاهر، لقوله : ( فَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوٍ مِمَّا أَسْمَعُ...الحديث ) رواه الشيخان .

فيا أيها العبد:
1- طهرّ قلبك، بحيث يكون قلباً مؤمناً بالله ورسوله، مُصدّقاً بما جاء في كتاب الله وفي سنة رسول الله ، وقد قال : ( أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ ) رواه الشيخان.
2- كن صادقاً في قولك وفعلك وحديثك، وكن مُتحرياً الصدق، وابتعد عن الكذب، وقد قال  في حديث ابن مسعود : ( عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا ) رواه مسلم.
3- كن أميناً واحذر من الخيانة! وقد قال تعالى:  والذين هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ [ المؤمنون : 8 ]. واستعذ بالله من الخيانة، وقد قال : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُوعِ فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْخِيَانَةِ فَإِنَّهَا بِئْسَتِ الْبِطَانَةُ ) رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه (صحيح).
4- عليك بالوفاء بالعهود، وعدم الغدر، وقد قال تعالى:  أَوْفُواْ بالعقود  [ المائدة : 1 ] . وقال  في حديث أبي سعيد : ( لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ عِنْدَ اسْتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) رواه مسلم. وقال  في حديث ابن عمر : ( لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يُنْصَبُ بِغَدْرَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) رواه البخاري. وقال  في حديث أبي سعيد : ( لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرْفَعُ لَهُ بِقَدْرِ غَدْرِهِ أَلَا وَلَا غَادِرَ أَعْظَمُ غَدْرًا مِنْ أَمِيرِ عَامَّةٍ ) رواه مسلم.
5- لا تفجر في الخصومة، ولا تخاصم إلا في حق، ولا تُعِن على باطل، وقد قال  في حديث ابن عمر : ( مَنْ أَعَانَ عَلَى خُصُومَةٍ بِظُلْمٍ لَمْ يَزَلْ فِي سَخَطِ اللَّهِ حَتَّى يَنْزِعَ ) رواه ابن ماجة والحاكم (صحيح).
6- لا تخلف الوعد، وكن وفياً بالوعود؛ لأنها من العهد، وقد قال تعالى:  وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ العهد كَانَ مَسْؤُولاً  [ الإسراء : 34 ].
7- استعذ بالله من النفاق، ففي حديث أنس  قوله : ( اللهم ، إني أعوذ بك من العجز والكسل...الحديث) وفيه: ( وأعوذ بك من الفقر، والكفر، والفسوق ، والشقاق ، والنفاق ) رواه الحاكم (صحيح).







الباب السادس
بيان أمور مــــنــها ما هو شرك

من هذه الأمور :
1- التّمـــــائم
• الأصل في التمائم التحريم (يحرم تعليقها) .
• من علّق تميمةً من الخيوط أو الأوتار أو الحلق، أو علّقها على ولده أو دابته أو سيارته أو في منزله أو غير ذلك، فإن كان يعتقد أنها تنفع وتضر بنفسها واعتمد عليها ووثق بها فإنه يكون مشركاً شركاً أكبر, وإن كان يعتقد أنها سبب فقط فإنه يكون مشركاً شركاً أصغر وعلى ذلك :
أ‌- من تعلق خيطاً أو غيره من التمائم من الواهنة (مرض يضعف بسببه الجسم) فإنّ ضرر ما تعلقه من الشرك أعظم من نفعه لو أن فيه نفعاً (مع أنه ليس فيه نفع)، ويجب نزع ما تعلقه من خيط أو غيره, ولو مات وهي عليه ما أفلح أبداً؛ لأنّ في حديث عمران بن حصين : ( أَنَّ النَّبِيَّ  أَبْصَرَ عَلَى عَضُدِ رَجُلٍ حَلْقَةً أُرَاهُ قَالَ مِنْ صُفْرٍ فَقَالَ وَيْحَكَ مَا هَذِهِ قَالَ مِنْ الْوَاهِنَةِ قَالَ أَمَا إِنَّهَا لَا تَزِيدُكَ إِلَّا وَهْنًا انْبِذْهَا عَنْكَ فَإِنَّكَ لَوْ مِتَّ وَهِيَ عَلَيْكَ مَا أَفْلَحْتَ أَبَدًا ) رواه أحمد وابن ماجة (حسن). وكذلك لو علّق تميمةً لدفع البلاء قبل حصوله، أو لرفعه بعد وقوعه، فإنها لا تزيده إلا ضرراً بارتكابه الشرك الذي هو أعظم الذنوب .
ب‌- ومن تعلّق تميمةً فقد دعا عليه النبي  بأن لا يتمّ الله له مطلوبه، ولا يجعله في دعةٍ وراحةٍ كما في حديث عقبة بن عامر  قال : ( مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيمَةً فَلَا أَتَمَّ اللَّهُ لَهُ وَمَنْ تَعَلَّقَ وَدَعَةً فَلَا وَدَعَ اللَّهُ لَهُ ) رواه أحمد وأبو يعلى وصححه الحاكم (صحيح) .
ت‌- من تعلّق تميمةً فإنه يجب قطعها، حتى وإن كانت على دابة أو سيارة أو غيرها، وفي حديث أبي بشير الأنصاري : ( أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ  فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ وَالنَّاسُ فِي مَبِيتِهِمْ فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ  رَسُولًا أَنْ لَا يَبْقَيَنَّ فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلَادَةٌ مِنْ وَتَرٍ أَوْ قِلَادَةٌ إِلَّا قُطِعَتْ ) رواه الشيخان .
ث‌- إنّ تعليق التمائم شرك على التفصيل الذي مر، وقد قال  في حديث ابن مسعود : ( إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ ) رواه أحمد وأبو داود (صحيح) .
ج‌- من تعلّق تميمة أو أي شيءٍ وَكَلَه الله إليه , وإن وكل إلى غير الله فإنه هالك خاسر وقد قال  في حديث عبد الله بن عكيم : ( مَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا وُكِلَ إِلَيْهِ ) رواه الترمذي وأحمد (صحيح) .
ح‌- من تقلد تميمة فإن محمداً  بريء منه كما في قوله : ( يَا رُوَيْفِعُ لَعَلَّ الْحَيَاةَ سَتَطُولُ بِكَ بَعْدِي فَأَخْبِرْ النَّاسَ أَنَّهُ مَنْ عَقَدَ لِحْيَتَهُ أَوْ تَقَلَّدَ وَتَرًا أَوْ اسْتَنْجَى بِرَجِيعِ دَابَّةٍ أَوْ عَظْمٍ فَإِنَّ مُحَمَّدًا بَرِيءٌ مِنْهُ ) رواه أبو داود وأحمد والنسائي (صحيح) .

أقسام التمائم
• التمائم تنقسم إلى قسمين :
القسم الأول: أن تكون من غير القرآن والسنة، كالتي تكون من الطلاسم ومن الخرق والحديد والعظام والخرز والأوتار وغيرها، فهي شرك كما مر، وقد قال : ( إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ ) رواه أحمد وأبو داود (صحيح). وهذا باتفاق أهل العلم .
القسم الثاني: أن تكون من القرآن والسنة، كمن يعلق مصحفاً في رقبته، أو يجعل مصحفاً في سيارته أو في بيته لدفع العين، أو يعلق سورة الفلق أو آية الكرسي في منزله لدفع الضرر، أو يعلق ورقة على صدره فيها أدعية نبوية، أو يعلق لوحة في منزله فيها أدعية نبوية وأذكار نبوية لدفع العين أو لدفع الأضرار، فهذا كله من التمائم التي قد دل الدليل على منعها فهي منهيٌ عنها، وقد قال : ( إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ ) رواه أحمد وأبو داود (صحيح). لكن إذا كانت التمائم من القرآن الكريم فلا يكون تعليقها شركاً؛ لأن القرآن كلام الله وليس بمخلوق إلا أنها داخلة في النهي، وهذا هو المختار من أقوال العلماء .

أيها العبد:
1- يجب عليك قطع التمائم "إذا رأى أحدنا تميمة على شخص وجب عليه قطعها إذا لم يخف ضرراً على نفسه" .
2- وعلى ولاة أمر المسلمين أن يرسلوا من يقطع التمائم، والقضاء على الشرك ووسائله؛ لأن هذا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي حديث أبي بشير : ( أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ  فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ وَالنَّاسُ فِي مَبِيتِهِمْ فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ  رَسُولًا أَنْ لَا يَبْقَيَنَّ فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلَادَةٌ مِنْ وَتَرٍ أَوْ قِلَادَةٌ إِلَّا قُطِعَتْ ) رواه الشيخان. وقد قال تعالى:  الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ  [ الحج : 41 ].
3- يجب عليك أن تبيّن للناس حكم التمائم، كما بيّنه  أنّها شرك، ولا تزيد مُتعلِّقها إلا ضرراً، وأنّ محمداً  بريءٌ من مُتعلقها، وأنّ من يعلقها وَكَلَه الله إليها فهو خاسرٌ هالك، وأنّ الصحيح أنّها ممنوعة حتى لو كانت من القرآن، وأنه يجب قطعها، وأن من مات وهي عليه لم يفلح أبداً .
4- احذر من تعليق التمائم حتى لا تقع في ما دعا به  على مُتعلقها (فَلَا أَتَمَّ اللَّهُ لَهُ)، (فَلَا وَدَعَ اللَّهُ لَهُ) رواه أحمد. فما بالك بمن دعا عليه النبي  أنّه لا يتم له مطلوبه، ولا يحصل على راحة وطمأنينة.
5- بادر أيها المسلم بقطع التمائم المعلقة عليك قبل أن تموت؛ لأنك إن مت وهي عليك ما أفلحت، فانتبه لذلك!.
6- عليكم يا أهل الحسبة أن تسعوا في تتبع معلقي التمائم، وأن تقوموا بقطعها، وبيان حكمها، فهذا من الواجبات عليكم قبل غيركم، وعليك أيها المسلم أن تساعد أهل الحسبة، لقوله تعالى:  وَتَعَاوَنُواْ عَلَى البر والتقوى  [ المائدة : 2 ].
7- على كل مسلم أن يقوم في دفع الشرك ووسائله بما يستطيعه، ولذا عليكم أيها القاعدون على الطرق أن تسعوا في تتبِّع مُعلقي التمائم على السيارات وقطعها، وكذلك كل مسلم له استطاعة في قطع التمائم فليقطعها؛ طلباً لثواب الله ونُصحاً للأُمّة.

من الأمور التي هي شرك:
2- الرقى السحرية وبكلام الشياطين ونحوها

• قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد: الرُّقى: هي التي تسمى العزائم، وخصّ منه الدليل ما خلا من الشرك, فقد ر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ديري نشمي
ديري مبدع
ديري مبدع
ديري نشمي


الساعة :
دعاء
ذكر
عدد المساهمات : 474
نقاط : 944
التقيم : 4
وسام وسام : كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Tmqn3
تاريخ الميلاد : 10/05/1991
تاريخ التسجيل : 29/04/2012
العمر : 33

كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ محمد بن شامي شيبة   كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Icon_minitimeالجمعة يونيو 22, 2012 3:22 pm

من سنن الرقية

1- النفث في الرقية، لحديث سلمة بن الأكوع  لما أُصيب في ساقه قال: ( فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ  فَنَفَثَ فِيهِ ثَلَاثَ نَفَثَاتٍ فَمَا اشْتَكَيْتُهَا حَتَّى السَّاعَةِ ) رواه البخاري . وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي : (كَانَ يَنْفُثُ فِي الرُّقْيَةِ ) رواه بن ماجة (صحيح) .
2- أو تجمع البزاق وتتفل، وفي حديث أبي سعيد : ( فَجَعَلَ يَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَيَجْمَعُ بُزَاقَهُ وَيَتْفِلُ فَبَرَأَ ) رواه الشيخان .
3- أو تمسح بيدك اليمنى، لأنه  ( كَانَ يُعَوِّذُ بَعْضَ أَهْلِهِ يَمْسَحُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى...الحديث) رواه الشيخان.
4- أو تكرر المسح سبع مرات في الرقية وتقول: ( أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ ) رواه الحاكم (صحيح) .
5- أو تجعل شيئاً من ريقك على إصبعك، ثم تقول به في التراب، ثم تمسح مكان الألم وتقول كما قال : ( تُرْبَةُ أَرْضِنَا بِرِيقَةِ بَعْضِنَا يُشْفَى سَقِيمُنَا بِإِذْنِ رَبِّنَا ) رواه الشيخان .
6- وإن كررت الرقية بالفاتحة أو غيرها ثلاثة أيام غدوةً وعشيةً فإنه حسن، وفي حديث خارجة بن الصلت عن عمه لما قرأ على المعتوه قال: ( فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً كُلَّمَا خَتَمْتُهَا أَجْمَعُ بُزَاقِي ثُمَّ أَتْفُلُ فَكَأَنَّمَا نَشَطَ مِنْ عِقَالٍ قَالَ فَأَعْطَوْنِي جُعْلًا...الحديث ) رواه أبو داود (صحيح) .
7- أو تجمع كفيك ثم تنفث فيهما وتقرأ فيهما قل هو الله أحد, وقل أعوذ برب الفلق , وقل أعوذ برب الناس ثم تمسح بهما، لأنه  ( كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا فَقَرَأَ فِيهِمَا قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ) رواه الشيخان .
8- وإذا كانت الرقية من المس (المريض به مس)، وعلمت به أيها الراقي كما لو تكلّم على لسان المريض، فإنك تضرب صدر المريض بيدك، وتأمر الشيطان بالخروج من المريض، كما فعل ، وقد قال عثمان بن أبي العاص  لرسول الله : ( عَرَضَ لِي شَيْءٌ فِي صَلَوَاتِي حَتَّى مَا أَدْرِي مَا أُصَلِّي قَالَ ذَاكَ الشَّيْطَانُ ادْنُهْ فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَجَلَسْتُ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيَّ قَالَ فَضَرَبَ صَدْرِي بِيَدِهِ وَتَفَلَ فِي فَمِي وَقَالَ اخْرُجْ عَدُوَّ اللَّهِ فَفَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ...الحديث ) رواه بن ماجة (صحيح) .
9- ويشرع لك (يسن) التعوذ حتى قبل نزول البلاء، ومن ذلك أن تقول حين تمسي ما جاء في حديث أبي هريرة  وهو قوله : ( مَنْ قَالَ حِينَ يُمْسِي ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ يَضُرَّهُ حُمَةٌ تِلْكَ اللَّيْلَةَ ) رواه الترمذي والحاكم (صحيح) , وقال  في حديث عثمان : ( مَنْ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُصْبِحَ وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُصْبِحُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُمْسِيَ ) رواه أبو داود وبن حبان (صحيح) .

النوع الثالث من الرقى الشرعية : هي الرقية بالأدعية الأخرى:
كما لو دعا: اللهم عافني من هذا المرض ونحو ذلك من الأدعية العامة، أو من الأدعية الخاصة بما أصابه من البلاء والأمراض، لأن الله جل وعلا قال:  وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ  [غافر: 60].


أخذ الأجرة على الرقية
يجوز أخذ الأجرة على الرقية لقوله  لمن أخذوا الجعل على الرقية: ( إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ ) رواه البخاري .

القسم الثاني من الرقى : هو الرقى بغير القرآن، وبغير السنة، وبغير الأدعية الشرعية:
وإنما هي بأسماء الشياطين، أو بألفاظ غير مفهومة، أو بدعاء غير الله، فهذه الرقى المحرمة الشركية في قوله  : ( إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ ) رواه أحمد وأبو داود (صحيح).


فصل :
ومما يُسترقى له:
العـــين

• العين : هي إصابة العائن غيره بعينه .
• ويحرم عليك أيها المسلم أن تحسد أخاك المسلم، وقد قال  في حديث أنس : ( لَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ) رواه الشيخان .
• يسن لك إذا رأيت شيئاً يعجبك من نفس، أو مال، أو غيرها أن تُبرِّك (تدعُو بالبركة) وأما إذا كنت تعلم من نفسك أنك عائن، فيجب عليه أن تُبرِّك، وقد قال  في حديث سهل بن حنيف : ( عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ هَلَّا إِذَا رَأَيْتَ مَا يُعْجِبُكَ بَرَّكْتَ...الحديث ) رواه أحمد وبن ماجة (صحيح) , وفي لفظ ابن ماجة: ( عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مِنْ أَخِيهِ مَا يُعْجِبُهُ فَلْيَدْعُ لَهُ بِالْبَرَكَةِ ) (صحيح) , وفي لفظ عند أحمد: ( إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مِنْ أَخِيهِ أَوْ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ مَالِهِ مَا يُعْجِبُهُ فَلْيُبَرِّكْ فَإِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ ) ورواه الحاكم (صحيح) .
• اعلم أيها المسلم، أنّ العين حق، وإذا علم الشخص أنه عائن وأصاب غيره بعينه متعمداً فقتله فإنه آثمٌ متعمدٌ قتله، وقد قال : ( عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ ) رواه أحمد وبن ماجة (صحيح). وقال  في حديث ابن عباس  : ( الْعَيْنُ حَقٌّ وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ الْقَدَرَ سَبَقَتْهُ الْعَيْنُ وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا ) رواه مسلم .
• ومن تعمد قتل أخيه بعينه فإنه يُقتصُّ منه بعائن مثله، لقوله تعالى:  وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ  وسواء كان القصاص في النفس أو في الطرف أو الجراح .
• العين يحضرها الشيطان وحسد ابن آدم، لقوله  في حديث أبي هريرة : ( الْعَيْنُ حَقٌّ وَيَحْضُرُهَا الشَّيْطَانُ وَحَسَدُ ابْنِ آدَمَ ) رواه أحمد قال الهيثمي رجال أحمد رجال الصحيح .
• إن كل ما يقع في العالم بسبب العين أو غيرها إنما هو بقدر الله عز وجل وقد قال : "واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك" رواه أبو داوود. والعين لا تسبق القدر وقد قال : "ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين" رواه مسلم.

علاج الإصابة بالعين

أ‌- عالج العين بالرقية، لقوله : ( لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ ) رواه الشيخان. ومن الرقية ما رقى به النبي عامر بن ربيعة ( ضَرَبَ صَدْرَهُ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُ حَرَّهَا وَبَرْدَهَا وَوَصَبَهَا ) رواه أحمد (صحيح) .
ب‌- أوعالج العين بالاستغسال من العائن، وقد قال  لعامر بن ربيعة لما أصاب سهلاً بعينه: ( اغْتَسِلْ لَهُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ فِي قَدَحٍ ثُمَّ صُبَّ ذَلِكَ الْمَاءُ عَلَيْهِ يَصُبُّهُ رَجُلٌ عَلَى رَأْسِهِ وَظَهْرِهِ مِنْ خَلْفِهِ يُكْفِئُ الْقَدَحَ وَرَاءَهُ فَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ النَّاسِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ ) رواه أحمد (صحيح) .
ت‌- أو عالج العين بالأدوية، كالإبر وشرب الحبوب التي يعطيها الأطباء في المستشفيات .

أيها المسلم:
• اعلم أن الرقية الشرعية إنما هي سبب، وأنّ الشافي هو الله جلّ وعلا، وقد قال تعالى على لسان إبراهيم :  وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ  [ الشعراء : 80 ].
• إذا طُلب منك الاغتسال -أيها العائن- وجب عليك ذلك، وحَرُم أن تمتنع، لقوله : ( اغْتَسِلْ لَهُ ) رواه أحمد (صحيح), ويكون الاغتسال على الصِّفة التي في حديث سهل  لمّا أصابه عامر بن ربيعة .
• إذا عُرف العائن فإنه يؤمر بالاغتسال لمن أصابه بعينه، وإن لم يُعرف فإنه يشرع أن يسترقى من العين، ففي حديث عائشة رضي الله عنها قالت: ( أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ  أَوْ أَمَرَ أَنْ يُسْتَرْقَى مِنْ الْعَيْنِ ) رواه الشيخان. ولمن أُصيب أن يسترقي من العين حتى مع معرفة من أصابه، لكن الأولى أن يغتسل العائن له لقوله : ( اغْتَسِلْ لَهُ ) رواه أحمد (صحيح) .
• يجوز للمرء أن يرقي دابته أو منزله أو سيارته أو غير ذلك؛ لأن العين تُصيب ذلك كله، وقد قال : ( لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ ) رواه الشيخان . فالحديث عام في كل شيء .

ومما هو من الشرك:
3- التبرك بالأشجار والأحجار ونحوهما

• التبرك: طلب البركة " الخير الكثير " .
• البركة هي من الله , وهو الذي يبارك ويجعل الشيء مُباركاً، قال تعالى:  وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ  [مريم :31]. وهو الذي يجعل البركة في من شاء، كما قال تعالى:  وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ [ الأنبياء : 71 ]. ويبارك على من شاء، كما قال تعالى:  وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ  [ الصافات : 113 ].
• والله الذي يبارك وحده، ولا يجوز للمخلوق أن يقول: باركتُ على الشيء، أو يُقال له: بارك لنا، أو: اجعل لنا بركة.
• ومن صفات الله تعالى أنه تبارك كما قال تعالى:  تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ [ الملك : 1 ] ,  تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا [الفرقان : 61] ,  تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ  [الفرقان:1]. ومن صفات اسمه أنه تبارك كما قال تعالى:  تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ [الرحمن: 78].


أقسام البركة التي جعلها الله في الأشياء

البركة التي جعلها الله في الأشياء تنقسم إلى قسمين :

القسم الأول : بركة ذاتية " جعلها الله في الذوات ": وهذه البركة هي في أجسام الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام , فيجوز أن يتبرك من يشاء من قومهم بهم، إما بالتمسّح بأجسامهم أو بعرقهم أو بشعرهم؛ لأن الله قد جعل أجسامهم مباركة، فمن تبرك بهم تعدت إليه البركة، وقد كان نبينا محمد  ذا جسدٍ مبارك، فكان الصحابة  يتبركون بشعره ، وفي حديث أنس  قال: ( لَمَّا رَمَى رَسُولُ اللَّهِ  الْجَمْرَةَ وَنَحَرَ نُسُكَهُ وَحَلَقَ نَاوَلَ الْحَالِقَ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ فَحَلَقَهُ ثُمَّ دَعَا أَبَا طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيَّ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ ثُمَّ نَاوَلَهُ الشِّقَّ الْأَيْسَرَ فَقَالَ احْلِقْ فَحَلَقَهُ فَأَعْطَاهُ أَبَا طَلْحَةَ فَقَالَ اقْسِمْهُ بَيْنَ النَّاسِ ) رواه مسلم , وكان ( إِذَا تَوَضَّأَ النَّبِيُّ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ ) رواه البخاري. وهذه البركة الذاتية خاصة بالأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام .

القسم الثاني : بركة معنوية، ومنها :
أ‌- بركة المسلم فكل مسلم مبارك, وهي بركة ما معه من الإسلام، والتقوى، ومتابعة رسول الله ، وقد قال : ( إِنَّ مِنْ الشَّجَرِ لَمَا بَرَكَتُهُ كَبَرَكَةِ الْمُسْلِمِ ) رواه البخاري. وهذه بركة عمل وكلما كان المسلم أكثر تمسكاً واتباعاً لرسول الله  كان أكثر بركة, فالتبرك بأهل العلم والتقوى هو الأخذ من علمهم والاقتداء بهم في التقوى والعمل الصالح، ولا يجوز أن يتمسح بهم أو يؤخذ ريقهم للتبرك به لأن الصحابة الكرام  لم يفعلوا ذلك مع خير هذه الأمة بعد نبيها وهو أبو بكر الصديق وعمر وعثمان وعلي  .
ب‌- ومنها بركة بعض البلاد، كبيت الله الحرام، وحول المسجد الأقصى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ  [الإسراء:1]. فهي مباركة بما فيها من الخير الكثير لمن أرادها لعبادة الله وطاعته، وكذلك الحجر الأسود لمن استلمه وقبَّلَه طاعةً لله فيحصل على بركة متابعة رسول الله ، وقد قال عمر  لمّا قبَّل الحجر: ( إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ  يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ ) رواه الشيخان .
ت‌- ومنها بركة بعض الأزمنة، كرمضان، والعشر من ذي الحجة، ففيها بركة بمعنى أن من أطاع الله فيها واجتهد في ذلك فإنه يحصل على ثواب عظيم مما لا يحصل عليه في غيرها من الأزمنة.
ث‌- ومنها بركة بعض الأشجار، كالنخلة وقد قال : ( إِنَّ مِنْ الشَّجَرِ لَمَا بَرَكَتُهُ كَبَرَكَةِ الْمُسْلِمِ ) رواه البخاري , فالبركة فيها لما يحصل عليه الناس منها من المنافع، من ثمرها، وعيدانها، وسعفها ونحو ذلك .



أقسام التبرك

1- التبرك باسم الله ، والاستعانة بالله في التسمية، فهذا مشروع، " باسم الله " فيما شرعت فيه التسمية.
2- التبرك بشعر النبي  ووضوءه، فهذا جائز حتى لو تبرك أحد بشعر النبي  بعد وفاته، فهذا لا محذور فيه.
3- التبرك بالأشجار، والأحجار، والقبور، والحيطان، والغيران كغار ثور وغار حراء، أو بالعيون أو غير ذلك، معتقداً أنه بتمسحه بها، أو أخذ ترابها أو العكوف عندها، أنها تشفع له عند الله وأنها تعطيه الخير الكثير، وتمنحه النفع بنفسها وتدفع عنه الضر، فهذا شركٌ أكبر مخرج من ملة الإسلام، وفي حديث أبي واقد الليثي  قال: ( خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ  إِلَى حُنَيْنٍ وَنَحْنُ حُدَثَاءُ عَهْدٍ بِكُفْرٍ ، ولِلْمُشْرِكِينَ سِدْرَةٌ يَعْكُفُونَ عِنْدَهَا ، ويَنُوطُونَ بِهَا أَسْلِحَتَهُمْ يُقَالُ لَهَا : ذَاتُ أَنْوَاطٍ ، قَالَ : فَمَرَرْنَا بِالسِّدْرَةِ ، فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : اللَّهُ أَكْبَرُ ، إِنَّهَا السُّنَنُ ، قُلْتُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ كَمَا قَالَتْ بنو إِسْرَائِيلَ :  اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ  ، قَالَ: إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ، لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ) رواه أحمد والترمذي والطبراني في الكبير واللفظ له (صحيح) .
4- التبرك بالأشجار، والأحجار، والقبور وغيرها معتقداً أنها سبب لحصول البركة، ولا يعتقد أنها تقرب إلى الله، أو تنفعه وتضره من دون الله، فهذا شركٌ أصغر .
5- التبرك بمعنى أن يُقال: بركة فلان، وذلك بما استفيد منه من العلم والتعليم والدعوة إلى الله  وما حصل بسببه من الخير والصدقات التي يقدمها للفقراء والمساكين والمحتاجين والأيتام فهذا جائز، كما قال أسيد بن الحضير : ( مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ ) رواه البخاري .


ما يشرع للمسلم فعله لتحصيل البركة

• أيها العبد، إذا كنت مُقيماً في الأرض المباركة، أو سافرت إليها فاستغلّ وقتك في أعمال الطاعات، لأن الحسنات فيها تضاعف ومن ذلك :
أ‌- أن كنت مقيماً في مكة، أو سافرت إليها " في حرم مكة "، فيشرع لك الإكثار من الطاعات كالحج والعمرة، ونوافل العبادات كالصلاة والصيام وغيرها، فقد قال  في حديث جابر : ( وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ ) رواه أحمد وابن ماجة (صحيح. والمسجد الحرام هو الحرم كله على المختار.
ب‌- وإن كنت مقيماً في المدينة أو سافرت إليها فيُشرع لك أن تُكثر من الطاعات والنوافل من الصلاة في مسجد النبي ، فقد قال  في حديث أبي هريرة : ( صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ) رواه الشيخان .
ت‌- وإن أدركت الأزمنة الفاضلة كرمضان والعشر، فاستغلّ ذلك الزمان في أعمال الطاعات لتضاعف لك الحسنات، وقد قال  : ( مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ  وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ ) رواه الترمذي وغيره (صحيح) .
ث‌- واستغل أيها المسلم ساعة الإجابة يوم الجمعة، وهي عند صعود الإمام، أو بعد العصر، وهي (قليلة)، فلتُكثر فيها من الدعاء، واستغل أيها المسلم ثلث الليل الآخر فإن الله ينزل فيقول: (هَلْ مِنْ سَائِلٍ يُعْطَى هَلْ مِنْ دَاعٍ يُسْتَجَابُ لَهُ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ يُغْفَرُ لَهُ حَتَّى يَنْفَجِرَ الصُّبْحُ )رواه مسلم .
ج‌- يجب عليك أيها المسلم أن تنتهي عن الذنوب في كل زمان ومكان، ولْتحذر من الوقوع في الذنوب في الأزمنة المباركة والأمكنة المباركة؛ لأن الذنوب فيها تعظُم، وذلك كالمسجد الحرام ومسجد النبي ، وشهر رمضان والعشر، وغيرها من الأزمنة والأمكنة الفاضلة .
• يشرع لك أيها المسلم أن تُسمّي الله متبركاً باسم الله، مستعيناً بالله في كل ما تُشرع فيه التسمية، سواء كانت واجبة أو مندوبة ومن ذلك التسمية على الطعام كما قال  لعمر بن أبي سلمه : ( يَا غُلَامُ سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ ) رواه الشيخان .

• يشرع لك أيها المسلم " يُسنّ لك " أن تتطلّب البركة التي دلَّنا عليها النبي  ومنها:
أ‌- أن تأخذ المال بحقه، قنعاً بما آتاك الله، مؤدِّياً حق الله فيه، ليبارك الله له فيه، وقد قال  في حديث حكيم بن حزام : ( إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرٌ حُلْوٌ فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى ) رواه الشيخان .
ب‌- أن تأكل ايها المسلم أنت ومن معك جميعاً كأهلك ونحوهم، فقد قال  في حديث عمر : ( كُلُوا جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا فَإِنَّ الْبَرَكَةَ مَعَ الْجَمَاعَةِ ) رواه بن ماجة (حسن) .
ت‌- إذا أكلت من القصعة فكل من جوانبها لا من وسطها، فقد قال  في حديث ابن عباس : ( كُلُوا فِي الْقَصْعَةِ مِنْ جَوَانِبِهَا وَلَا تَأْكُلُوا مِنْ وَسَطِهَا فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ فِي وَسَطِهَا ) رواه أحمد (صحيح). وقال  في حديث عبد الله بن بسر : (كُلُوا مِنْ حَوَالَيْهَا وَدَعُوا ذِرْوَتَهَا يُبَارَكْ فِيهَا ) رواه أبو داود وبن ماجة (صحيح) .
ث‌- يسن لك الشرب من ماء زمزم، وقد قال  في حديث أبي ذر : ( إنها لمباركة هي طعام طعم و شفاء سقم ) رواه البزار (صحيح) .
ج‌- يسن أن تكيل الطعام، لقوله  في حديث المقدام بن معد يكرب : ( كِيلُوا طَعَامَكُمْ يُبَارَكْ لَكُمْ ) رواه البخاري .
ح‌- يشرع لك أيها المسلم أن تدعو الله بالبركة إذا رأيت من أخيك أو من نفسك أو من مالك ما يعجبك، لقوله  : ( إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مِنْ أَخِيهِ أَوْ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ مَالِهِ مَا يُعْجِبُهُ فَلْيُبَرِّكْ فَإِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ ) رواه أحمد من حديث سهل بن حنيف (حسن) .
خ‌- إذا أردت أن تعمل فلتتخيّر وقت البكور، فهو مبارك فيه، لقوله  في حديث صخر الغامدي : ( اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا ) رواه أحمد وأهل السنن (صحيح) .
د‌- يسن لك أن تدعو الله أن يبارك في رزقك، وقد قال  في حديث أبي هريرة : ( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي وَوَسِّعْ لِي فِي دَارِي وَبَارِكْ لِي فِي رِزْقِي ) رواه الترمذي (حسن) .
ذ‌- إذا رأيت أول الثمر سُنّ لك أن تدعو الله كما جاء في حديث أبي هريرة : ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  كَانَ يُؤْتَى بِأَوَّلِ الثَّمَرِ فَيَقُولُ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا وَفِي ثِمَارِنَا وَفِي مُدِّنَا...الحديث ) رواه مسلم .
ر‌- إذا أكلت طعاماً فقل ما جاء عنه ، وإذا شربت لبناً فقل ما جاء عنه  في حديث ابن عباس  أنه  قال: ( مَنْ أَطْعَمَهُ اللَّهُ الطَّعَامَ فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيهِ وَأَطْعِمْنَا خَيْرًا مِنْهُ وَمَنْ سَقَاهُ اللَّهُ لَبَنًا فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيهِ وَزِدْنَا مِنْهُ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ  لَيْسَ شَيْءٌ يُجْزِئُ مَكَانَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ غَيْرُ اللَّبَنِ ) رواه الترمذي (صحيح) .
ز‌- يسن أن تحمد الله حمداً كثيراً طيّباً مباركاً فيه إذا رَفَعتَ مائدتك؛ لأن في حديث أبي أمامه : ( أَنَّ النَّبِيَّ  كَانَ إِذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مُوَدَّعٍ وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبَّنَا ) رواه البخاري .
س‌- يسن أن تقرأ سورة البقرة، وقد قال  في حديث أبي أمامه : ( اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ ) رواه مسلم . [ الْبَطَلَةَ : السَّحَرَةُ ].
ش‌- أيها المسلم، اعتن بهذا القرآن المبارك كما قال تعالى :  وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ [الأنعام:155]. فاعتن به في تلاوته , تعبّد الله وافهمه، وتفقه فيه واعمل به، فمن عمل بهذا القرآن حصل على الهداية بفضل الله  إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [ الإسراء : 9 ]. وتمسّك به وبسنة النبي  حتى تلقى الله .
ص‌- كن أيها المسلم مباركاً أينما كنت، فأكثر من ذكر الله وتسبيحه وتهليله وتكبيره وتحميده، وكن آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، مُكثراً من الطاعات، داعياً إلى الله في المجالس والمساجد والطريق والمنزل، ومع الزملاء وفي العمل، وقد قال  : ( اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ ) رواه الترمذي (حسن). وادعُ الله أن يجعلك مباركاً، وأن يبارك في أولادك وأهلك وذريتك، وأن يحفظك وقد قال تعالى :  وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ  [غافر: 60].
ض‌- يسنّ أيها المسلم أن تدعو للمتزوج بالبركة، لأنه  ( كَانَ إِذَا رَفَّأَ الْإِنْسَانَ إِذَا تَزَوَّجَ قَالَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ وَبَارَكَ عَلَيْكَ وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ ) رواه أحمد وأهل السنن من حديث أبي هريرة .

التبرك غير المشروع

التبرك بالأشجار والأحجار والقبور إذا كان شركاً أكبر فإنه منافٍ لأصل التوحيد، فمن فعله فقد ارتدّ عن الإسلام، وإذا كان التبرك بالأشجار ونحوها شركاً أصغر فإنه لا يكون ردة ولكنه ينقص به كمال التوحيد الواجب، فمن فعله فهو آثم، وهو من كبائر الذنوب.

فيا أيها العبد:
أ- إن كنت من الذين يتبركون بالقبور عند البدوي أو غيره، فاترك هذا العمل فوراً، وعليك أن تتوب إلى الله من هذا العمل "التبرك الشركي".
ب- لا تكن ممن يحبون ملازمة غار ثور أو غار حراء، أو غيرها من الأماكن التي لم يشرع إتيانها، فمن لازمها للعبادة معتقداً أن العبادة هناك لها مزية وقبول، ولم يعتقد في تلك الأماكن النفع والضر، ولم يجعلها وسائط أو أسباباً، فإنّ عمله بدعي محرم، وعليه أن يتوب إلى الله من ذلك العمل البدعي الذي هو وسيلة إلى الشرك بالله، وقد قال : ( مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ) رواه الشيخان.
ج- حذِّر من لازم تلك الأماكن - غار ثور، أو غار حراء، أو غيرها من الأماكن التي لم يشرع إتيانها- معتقداً أنها وسائط بالشفاعة له عند الله، فهذا شرك أكبر، ومن اعتقد أنها أسباب فقط فهذا شرك أصغر فيجب التوبة من ذلك.
د- يجب عليك أنت الذي بيدك الصلاحية وعمل الحسبة أن تمنع مظاهر الشرك بالله، والبدع والمعاصي، ولا يجوز له أن تترك ذلك، كما يجب الإنكار الشديد على كل من يعمل أو يقول الكفر، وعلى أهل المعاصي، وذلك حسب الاستطاعة، لقوله تعالى:وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى  [ المائدة : 2 ]. وقوله تعالى:  فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ  [ التغابن : 16 ]. وقال : ( وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) رواه مسلم. بل يجب على كل مسلم إنكار المنكر من كفر أو بدع أو معاص.
ومن أعظم الكفر في هذا العصر الطواف بالقبور، والنذر لها، ودعاء أصحابها، والعكوف عندها، وغير ذلك من مظاهر الشرك والبدع، وقد أنكر النبي  على من قال له: ما شاء الله وشئت، فقال رسول الله : ( جَعَلْتَنِي لِلَّهِ عَدْلًا بَلْ مَا شَاءَ اللَّهُ وَحْدَهُ ) رواه أحمد وابن ماجة (صحيح) .
هـ- قم أيها المسلم بمساعدة القائمين على الإنكار لهذه المحرمات والشركيات، حسب استطاعتك، واجتهد في عمل وسائل منع قيام هذه البدع، وذلك أنك تبلِّغ المسئولين والولاة عمّا يقع من الجهّال.
فصل
زيارة القبور
زيارة القبور أربعة أقسام :
القسم الأول : الزيارة الشرعية: وهي التي سنها النبي  وحضّ عليها، ولها شروط هي :
1- أن تكون بدون شدِّ رحلٍ إليها (بلا سفر إليها)، لقوله  في حديث أبي سعيد : ( لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ و مَسْجِدِي هَذَا وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ) رواه الشيخان.
2- أن لا يقول الزائر كلاماً محرَّماً، كالنياحة والتمسِّح بالقبر وغير ذلك من المحرم، لقوله  في حديث بريده : ( وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَزُورَ فَلْيَزُرْ وَلَا تَقُولُوا هُجْرًا ) رواه النسائي (صحيح) .
3- أن تكون للرجال دون النساء، لأنه  كما في حديث أبي هريرة : ( لَعَنَ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ ) رواه الترمذي وبن ماجة (صحيح) .

سنن وآداب زيارة القبور

يسن لك أيها الذكر دون الأنثى :
أ‌- أن تزور القبور، فقم بزيارتها الزيارة الشرعية، لقوله  في حديث بريده : ( قَدْ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَقَدْ أُذِنَ لِمُحَمَّدٍ فِي زِيَارَةِ قَبْرِ أُمِّهِ فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْآخِرَةَ ) رواه الترمذي (صحيح) .
ب‌- يسن لك أن تتذكَّر ايها الزائر الآخرة، وأن يرق قلبك، وتدمع عينك، لقوله  في حديث أنس : (كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها ترق القلب و تدمع العين و تذكر الآخرة و لا تقولوا هجرا ) رواه الحاكم (صحيح) .
ج- يسن أن تتذكّر أيها الزائر الموت، لقوله  في حديث أبي هريرة : ( فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْمَوْتَ ) رواه مسلم وأبو داود وغيرهم .
د- يسن أن تقول أيها الزائر لقبور المسلمين ما جاء عنه  في حديث أبي هريرة : ( َأنَّ رَسُولَ اللَّهِ  أَتَى الْمَقْبُرَةَ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ ) رواه مسلم.
أو تقول ما جاء عنه  في حديث بريدة  قال: ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ  يُعَلِّمُهُمْ إِذَا خَرَجُوا إِلَى الْمَقَابِرِ فَكَانَ قَائِلُهُمْ يَقُولُ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ وَفِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَلَاحِقُونَ أَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمْ الْعَافِيَةَ ) رواه مسلم. وزاد مسلم في رواية: ( وَيَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ ). أو يقول ما جاء عنه  في حديث عائشة رضي الله عنها أنه  أتى المقبرة فقال: ( السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا بِكُمْ لَاحِقُونَ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُمْ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ ) رواه أحمد (حسن) .
وهذه الأدعية إنما هي إذا قمت بزيارة قبور المسلمين فقط، وأما تذكُّر الموت والآخرة، ورقَّة القلب ودمع العين فهي في زيارة القبور للمسلمين أو لقبور الكفار .
هـ- يسن أن تزور القبور عموماً، حتى ولو كانت قبور الكفار لتذكر الموت والآخرة، ولكن لا يجوز الاستغفار للكفار، وفي حديث أبي هريرة  قال: ( زَارَ النَّبِيُّ  قَبْرَ أُمِّهِ فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ فَقَالَ اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي وَاسْتَأْذَنْتُهُ فِي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأُذِنَ لِي فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْمَوْتَ ) رواه مسلم.
و- إذا مررت أيها المسلم بقبر كافر فبشِّره بالنار، لأنه  قال للأعرابي في حديث ابن عمر : ( حَيْثُمَا مَرَرْتَ بِقَبْرِ مُشْرِكٍ فَبَشِّرْهُ بِالنَّارِ ) رواه ابن ماجه (صحيح) .

مسألة: سماع الميت للأحياء

الميت يسمع الحي كما قال  : ( إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ ) رواه الشيخان , وقال  في أهل القليب: ( مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ ) رواه الشيخان .

القسم الثاني من زيارة القبور: الزيارة البدعية، (وهي زيارة محرمة) وهي: ما إذا قصد الزائر للقبور للتوسّل (التوسل بذواتهم إلى الله)، كما لو قال: اللهمّ إني أسألك وأدعوك بحق أصحاب القبور، أو بحق صاحب هذا القبر، أو بحق الميت فلان، أو بجسد الميت فلان، أو بجاه فلان، أو بحق النبي فلان، أو بحق رسلك، أو بجاههم، فهذا بدعةٌ سيئةٌ محرمة؛ لأنه إنما دعى الله  وعبَدَه بغير ما شرع، وقد قال : ( مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ ) رواه الشيخان. وفي رواية: ( مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ) رواه مسلم. وقال : ( وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وبن ماجة والحاكم (صحيح) .
القسم الثالث من زيارة القبور: الزيارة الشركية، وذلك كمن يزور القبور فيدعو أصحاب القبور، أو ينذر لهم، أو يجعلهم وسطاء يعتقد أنهم يشفعون له عند الله، أو يطلب منهم أن تحمل زوجته، أو لطلب النفع منهم ونحو ذلك، فهذا كله شركٌ أكبر بالله  وقد قال تعالى :  وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ  [فاطر: 14،13].

رسالة للذين يدعون أصحاب القبور

وليعلم الذين يدعون أصحاب القبور ويشركونهم مع الله (كما يُفعل عند قبر البدوي، والدسوقي، وزينب، والحسين، وغيرهم)، ويعبدون الله عند القبور بالطواف، والاعتكاف ويجعلونهم أسباباً في النفع والضر، أنهم كما يلي :
أ‌- داخلون في لعنة الله، كما قال : (لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ) قالت عائشة رضي الله عنها: ( يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا ) رواه الشيخان.
ب‌- وأنهم داخلون في قوله  في حديث أبي هريرة : ( قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ ) رواه الشيخان.
ت‌- وأنهم من شرار الخلق عند الله، كما قال  في حديث ابن مسعود : ( إِنَّ مِنْ شِرَارِ النَّاسِ مَنْ تُدْرِكُهُ السَّاعَةُ وَهُمْ أَحْيَاءٌ وَمَنْ يَتَّخِذُ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ ) رواه أحمد وبن حبان (حسن) .
ث‌- وأنهم ممن اشتدّ غضبُ الله عليهم، وقد قال  في حديث أبي هريرة : ( اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ ) رواه أحمد (صحيح) .
ج‌- لا فرق بين من يدعو أصحاب القبور ويطلب منهم النفع والضر، وبين من يعبد اللاّت والعزى فكلهم مشركون يعبدون غير الله.
ح‌- وأنهم مُتَّبعون اليهود والنصارى، وقد قال : ( لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالَ فَمَنْ ) رواه الشيخان .

 فيا أيها الذين تدعون البدوي، أو الحسين، أو زينب، أو غيرهم، أو تتعبَّدون عند قبورهم، احذروا من لعنة الله، وشدة غضبه، ومتابعة اليهود والنصارى في هذا المنكر العظيم، والوقوع مع شرار الخلق عند الله، وتوبوا إلى الله  وعودوا إليه، وأتركوا هذا الشرك والبدع، فباب التوبة مفتوح، وقد قال  في حديث أبي موسى : ( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ) رواه مسلم.



القسم الرابع من زيارة القبور: زيارة معصية محرمة، وهي زيارة النساء للقبور، ففي حديث أبي هريرة  أنه  ( لَعَنَ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ ) رواه الترمذي وابن ماجة (حسن) .

 يا أيها النساء، إنكنّ إذا زرتنّ القبور، ودعوتنّ أصحاب القبور من دون الله، أو طفتنّ بالقبور أو اعتكفتنّ عند القبور ونحو ذلك، كان إثمكنّ أشدّ، وذنبكنّ أعظم.
فعليكنّ أيها النساء أن تتقينَ الله، وعلى من حصل منها شيء من ذلك أن تتوب إلى الله وسواء في ذلك قبر البدوي، أو الحسين، أو زينب، أو العيدروس، أو غيرها من القبور.

من أحكام القبور

• لا تقم بتجصيص القبر؛ لأنه يحرم تجصيص القبور أو تبليطها، فالنبي : ( نَهَى عَنْ تَجْصِيصِ الْقُبُورِ ) رواه مسلم من حديث جابر  .
• لا تكتب اسم الميت على على قبره أو غير ذلك؛ لأنه يحرم الكتابة على القبور، وفي حديث جابر  أنه : ( نَهَى أَنْ يُكْتَبَ عَلَى الْقَبْرِ شَيْءٌ ) رواه بن ماجه وغيره (صحيح) .
• لا تقم بالبناء على القبر؛ لأن ذلك يحرم؛ لأنه  في حديث أبي سعيد : ( نَهَى أَنْ يُبْنَى عَلَى الْقَبْرِ ) رواه ابن ماجة (صحيح) ومسلم عن جابر  .
• يسن -أيها المسلم- أن تُعلِّم القبر، ففي حديث أنس : ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  أَعْلَمَ قَبْرَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ بِصَخْرَةٍ) رواه بن ماجة (حسن) .
• لا تجلس على القبر (يحرم الجلوس على القبر)؛ لقوله  في حديث أبي هريرة : ( لَأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتُحْرِقَ ثِيَابَهُ فَتَخْلُصَ إِلَى جِلْدِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ) رواه مسلم .
• لا تمشِ بالنعال بين القبور، لأنه  رأى رجلاً يمشي بين المقابر في نعليه فقال: ( يَا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ أَلْقِهِمَا ) رواه ابن ماجة (حسن) من حديث بشير بن الخصاصية  .
[ السِّبتيَّة : نسبة إلى السبت، وهي جلود البقر المدبوغة بالقرض، يُتَّخذ منها النعال] .
• يجب عليك هدم القباب التي على القبور، ويجب تسوية القبور المشرفة، على ما جاء في حديث أبي الهياج: ( وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إِلَّا سَوَّيْتَهُ ) رواه مسلم. ويُسنّ أن تكون القبور مُسنَّمةً لتُعرف ولأن قبر النبي  رآه سفيان التَّمَّار مسنماً.
• لا تتردّد على القبر فتتخذه عيداً لحرمة ذلك، ويحرم اتخاذ قبره  عيداً؛ لقوله : ( لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي عِيدًا وَلَا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا وَصَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُمَا كُنْتُمْ ) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رواه سعيد بن منصور (صحيح) .
• العيد: اسم لما يعود من الاجتماع العام، على وجهٍ معتاد عائد، إما بعود السنة أو الشهر أو الأسبوع .


باب
ما جاء في السحر
فيه مسائل:
1- تعريفه: السحر هو رقى وعزائم وعقد ينفث فيها الساحر مستخدماً الشياطين ومستعيناً بهم.
2- حكمه: السحر تعلُّمه كفرٌ وشركٌ أكبر بالله جل وعلا، مُنافٍ لأصل التوحيد، عمِل به أو لم يعمل، لقوله تعالى :  وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ [ البقرة : 102 ].
3- حقيقته: السحر حقيقة مؤثرة - بإذن الله - فمنه ما يُمرض حقيقة، ومنه ما يقتل حقيقة ومنه تخييل، كما قال تعالى:  يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى  [طه: 66].
- السحر إنما يضر من أصابه بإذن الله الكوني، كما قال تعالى:  وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ [ البقرة : 102 ] .
4- النبي  سحر: كما في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: ( سُحِرَ النَّبِيُّ  حَتَّى إِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا فَعَلَهُ حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ عِنْدِي دَعَا اللَّهَ وَدَعَاهُ ثُمَّ قَالَ أَشَعَرْتِ يَا عَائِشَةُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ قُلْتُ وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ جَاءَنِي رَجُلَانِ فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالْآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ مَا وَجَعُ الرَّجُلِ قَالَ مَطْبُوبٌ قَالَ وَمَنْ طَبَّهُ قَالَ لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ الْيَهُودِيُّ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ قَالَ فِيمَا ذَا قَالَ فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ قَالَ فَأَيْنَ هُوَ قَالَ فِي بِئْرِ ذِي أَرْوَانَ قَالَ فَذَهَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى الْبِئْرِ فَنَظَرَ إِلَيْهَا وَعَلَيْهَا نَخْلٌ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى عَائِشَةَ فَقَالَ وَاللَّهِ لَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ وَلَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَأَخْرَجْتَهُ قَالَ لَا أَمَّا أَنَا فَقَدْ عَافَانِيَ اللَّهُ وَشَفَانِي وَخَشِيتُ أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ مِنْهُ شَرًّا وَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ ) رواه الشيخان .
المشاطة : ما يخرج من الشعر في المشط .
المشط : أسنان ما يمشط به .
جف طلعة : غشاؤها وهو الوعاء الذي يكون فيه الطلع .

- كثير من السحر يُعمَل بأخذ شعر الشخص الذي يريدون أن يسحروه، ولذا من خشي ذلك فليُتلف الشعر، ولا يتركه ليتلاعب به السحرة.
- كان السحر الذي سُحر به النبي  إنما أثّر على جسده، ولم يؤثر على عقله وروحه وقلبه وعلمه، وإنما كان تخييلاً، فكان يُخيل إليه  أنه يفعل الشيء وما فعله.
5- ضرر تعلُّمه: من تعلّم السحر فقد تعلم ما يضره ولا ينفعه، وليس له في الآخرة من حظٍ ولا نصيب لأنه كافر، وقد قال تعالى:  وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ  [ البقرة : 102 ].
6- السحر كبيرة عظيمة: السحر من السبع الموبقات (المهلكات)، لقوله  في حديث أبي هريرة : ( اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ قَالَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ ) رواه الشيخان .
7- حدُّ الساحر: حد الساحر القتلُ ردةً، رجلاً كان أو امرأةً، فعن بَجَالة بن عَبدَة قال: ( كَتَبَ عُمَرُ  أَنْ اقْتُلُوا كُلَ سَاحِر وَسَاحِرَة قَالَ فَقَتَلْنَا ثَلَاثَ سَوَاحِر )رواه أحمد (صحيح). فهذا مذهب عمر  في أن الساحر يقتل، وقد قال : ( فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ ) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة (صحيح) .
8- توبة الساحر: لا تُقبل توبة الساحر- رجلاً كان أو امرأة- عند الحاكم، بل يجب قتله، ولكن تُقبل توبته بينه وبين الله تعالى، وقد قال : ( إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ ) رواه الترمذي وابن ماجة من حديث ابن عمر (حسن) .
9- من يغلب منه استخدامه: النساء هن اللاتي يغلب أنهن يستخدمن السحر  النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ [ الفلق : 4 ]. فهن اللاتي يعقدن العُقد وينفُثن فيها .
10- الوقاية من السحر:
أيها العبد:
أ- توكّل على الله، واعلم أنّه لن يصيبك إلا ما كتب الله عليك، وقد قال : ( وَاعْلَمْ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ ) رواه الحاكم والطبراني في الكبير (صحيح).
ب- تعوّذ بقراءة سورة الفلق والناس، وفي حديث أبي سعيد  أنه : ( كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْ الْجَانِّ وَعَيْنِ الْإِنْسَانِ حَتَّى نَزَلَتْ الْمُعَوِّذَتَانِ فَلَمَّا نَزَلَتَا أَخَذَ بِهِمَا وَتَرَكَ مَا سِوَاهُمَا ) رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة (صحيح).
ج- ويسن إذا أخذت مضجعك من الليل أن تقول ما جاء في حديث أبي الأزهر الأنماري  أنه : (كَانَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنْ اللَّيْلِ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَضَعْتُ جَنْبِي اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي وَأَخْسِئْ شَيْطَانِي وَفُكَّ رِهَانِي وَاجْعَلْنِي فِي النَّدِيِّ الْأَعْلَى ) رواه أبو داود (صحيح).
د- إذا سُحِرت استعمل الرقى الشرعية، أو الأدوية المباحة التي هي أسباب، والله جلّ وعلا هو الشافي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ديري نشمي
ديري مبدع
ديري مبدع
ديري نشمي


الساعة :
دعاء
ذكر
عدد المساهمات : 474
نقاط : 944
التقيم : 4
وسام وسام : كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Tmqn3
تاريخ الميلاد : 10/05/1991
تاريخ التسجيل : 29/04/2012
العمر : 33

كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ محمد بن شامي شيبة   كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Icon_minitimeالجمعة يونيو 22, 2012 3:24 pm

من أنواع السحر

النوع الأول: كل من عقد عقدةً ثم نفث فيها مستخدماً الشياطين فقد سحر،  وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ [ الفلق : 4 ].
النوع الثاني: علم النجوم ( ما يدّعون فيه التأثير )، وممّا يتعلق بالنجوم في ذلك ما يلي:
أ- علم النجوم (ما يدّعون فيه التأثير)، فهو من السحر، لقوله  في حديث ابن عباس : ( مَنْ اقْتَبَسَ عِلْمًا مِنْ النُّجُومِ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنْ السِّحْرِ زَادَ مَا زَادَ ) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة (صحيح). وكلما زاد في تعلم النجوم مما يدّعون فيه أنها تؤثر في العالم فقد زاد في تعلم السحر .
ب- ومن هذا - تعلُّم النجوم الذي هو من السِّحر- ما تذكره بعض الجرائد من الأبراج، وأنّها تؤثر في العالم، وأنّ من كان برجه كذا فيحصل له كذا، فهذا من السحر، ولذا يجب الحذر من ذلك وإنكاره بكل جد، ومنع تلك الجرائد من هذا العمل ممن هو قادر على منعها، وعقوبة القائمين عليها .
ج- ويحرم التصديق بعلم النجوم "ما يسمى علم التأثير"، وقد قال  في حديث أبي محجن : ( أخاف على أمتي من بعدي ثلاثا : حيف الأئمة و إيمانا بالنجوم و تكذيبا بالقدر ) رواه ابن عساكر (صحيح) , وقال  في حديث أنس : ( أخاف على أمتي من بعدي خصلتين : تكذيبا بالقدر و تصديقا بالنجوم ) رواه أبو يعلى (صحيح) .
النوع الثالث: من تعلّم حروف أبي جاد مستخدماً الشياطين، فهذا من السحر، وقد قال ابن عباس : ( رُبَّ نَاظِرٍ فِي النُّجُومِ وَمُتَعَلِم حُرُوفِ أَبِي جَادٍ لَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ خَلاقٌ ) رواه عبد الرزاق والبيهقي (صحيح) .

مسألة: من سأله أن يسحر له أو أقرّه

يحرم أن يسأل أحدٌ أحداً أن يسحر له، أو يُقرُّه على ذلك، وهذا العمل من كبائر الذنوب , وإذا صدّق الساحر أو غيرَه في ادعاء معرفة الغيب، فهذا كفر أكبر، وقد قال  في حديث عمران بن حصين : ( ليس منا من تطيّر و لا من تطيّر له أو تكهّن أو تكهّن له أو تسحر أو تسحر له...الحديث ) رواه البزار والطبراني في الأوسط من حديث ابن عباس (صحيح) .

أمور تعمل عمل السحر وليست سحراً
منها :
أ‌- البيان: كما قال  في حديث ابن عمر : ( إِنَّ مِنْ الْبَيَانِ لَسِحْرًا ) رواه البخاري. فإذا كانت الفصاحة وقوة المنطق تُظهر الحق باطلاً والباطل حقاً كان ذلك مذموماً محرماً, أمّا إذا كان البيان والفصاحة وقوة المنطق تظهر الحق وتجليه وتوضحه، وتدفع الباطل، فإنّ هذا يكون ممدوحاً بل يجب, فيحرم على من أوتي فصاحةً أن يجعلها في نصرة الباطل، ويجب عليه أن يجعلها في نصرة الحق وعلوه.
ب‌- النميمة: فهي تعمل عمل السحر في التفرقة بين الأحبة، وبين الرجل وزوجه، وتثير العداوات بين الأقارب فهي تعمل عمل السحر، وقد قال  في حديث ابن مسعود : ( أَلَا أُنَبِّئُكُمْ مَا الْعَضْهُ هِيَ النَّمِيمَةُ الْقَالَةُ بَيْنَ النَّاسِ ) رواه مسلم. [ العَضْه : السحر ]. وقال : ( لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ ) رواه الشيخان . [ قتّات : نمام ] .
ت‌- من يُنمي خيراً أو يقولُ خيراً ليصلح بين الناس، فهذا ليس كذّاباً، بل عمله جائز وهو مثاب عليه، وقد قال  في حديث أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها: ( لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَنْمِي خَيْرًا أَوْ يَقُولُ خَيْرًا ) رواه الشيخان .

فيا أيها العبد:
1- اتق الله في كلامك وبلاغتك، واجعلها في بيان الحق ونصرته وعلوِّه، سواء كان كلامك شعراً أو نثراً أو كتابة في صحافة أو مجلة، أو في مواقع الإنترنت، أو في القنوات الفضائية، أو في الإعلام، واجعل هذه الآية نصب عينيك  يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا  [الأحزاب: 70]. واحذر من جعل فصاحتك في الكذب، ونشر الباطل، والدفاع عنه، وانتبه لقوله : ( وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ ) رواه الترمذي وابن ماجة واحمد (صحيح).
2- احذر من النميمة! قإنّ صاحبها ممّن يُعذّب في قبره، وقد مرّ النبي  بقبرين، فقال: ( إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ الْبَوْلِ وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ...الحديث) رواه الشيخان.
3- ساهم في الإصلاح بين الناس، وقد قال تعالى:  لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ الناس  [ النساء : 114 ].


حلُّ السحر
• حلُّ السحر عن المسحور له حالتان :
1- الحالة الجائزة: وهي بما يلي:
أ- استخراج السحر -إذا عُلم- وإبطاله، ولمّا سُحر النبي  قالت عائشة رضي الله عنها: ( أَفَأَخْرَجْتَهُ...الحديث ) رواه الشيخان. وفي حديث زيد بن أرقم  قال: ( سَحَرَ النَّبِيَّ  رَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ فَاشْتَكَى لِذَلِكَ أَيَّامًا فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ  فَقَالَ إِنَّ رَجُلًا مِنْ الْيَهُودِ سَحَرَكَ عَقَدَ لَكَ عُقَدًا فِي بِئْرِ كَذَا وَكَذَا فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ  فَاسْتَخْرَجُوهَا فَجِيءَ بِهَا فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ  كَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ ) رواه النسائي وابن أبي شيبة (صحيح).
ب- حلُّ السحر بالتعاويذ والأدعية والرُّقى الشرعية من الكتاب والسنة، فهذا يُشرع، وقد رقى جبريلُ  النبيَّ  وقال: ( يَا مُحَمَّدُ اشْتَكَيْتَ فَقَالَ نَعَمْ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ اللَّهُ يَشْفِيكَ بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ ) رواه مسلم .
ج- مما يعالج به المسحور: أن تؤخذ سبع ورقات من سدر أخضر، وتُدقّ بين حجرين في ماء يكفي للإغتسال، ويُقرأُ على الماء آية الكرسي، و (قل هو الله أحد) و (الفلق) و (الناس)، وينفث على الماء بذلك، ولو قرأ الآيات التي ذكر فيها السحر في القرآن فهذا جيد، ومنها الآيات في سورة طه، وسورة الشعراء، وسورة يونس، وسورة الأعراف، يقرأها على الماء الذي دقّ فيه السدر، ويشرب منه المريض (المسحور) ثلاث حَسَوَات ويغتسل بالباقي فهو جيد للمسحور وللرجل الذي يؤخذ عن امرأته. والله أعلم.
2- الحالة المحرَّمة: وهي حلُّ السحر بالسحر، فيحرم، وفي حديث جابر  قال: ( سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ  عَنْ النُّشْرَةِ فَقَالَ هُوَ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ) رواه أبو داود وأحمد (صحيح). ولأنّ حلّ السحر بسحر معاونة للساحر، وإقرار له على عمله، وقد قال تعالى:  وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ  [ المائدة :2].
فليحذر المسلم من الذهاب إلى السحرة للمعالجة! ومن حصل منه شيءٌ من ذلك فليتب إلى الله! .

باب:
ما جاء في الكهان والعرافين ونحوهم

وفيه مسائل:

أ- تعريف الكاهن: الكاهن هو الذي يدّعي معرفة المغيبات في المستقبل .
ب- من هو العرّاف ؟ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: العراف: اسمٌ للكاهن والمنجِّم والرّمَّال ونحوهم ممن يتكلم في معرفة الأمور بهذه الطرق، يعني بادعاء معرفة الأمور بمقدِّمات يستدلّ بها على المسروق، أو يُخبر عما في الضمير، ونحو ذلك.
ج- حكم الكهانة: الكهانة استخدام للجن بالتقرب إليهم، وهذا كفرٌ وشركٌ أكبر ينافي أصل التوحيد, فالكاهن مشرك بالله الشرك الأكبر.
د- الطريق الذي يأتي الكاهن الناس منه: والكاهن الذي يدّعي معرفة المغيبات إنما يأتي للناس -ممن يأتيه- عن طريق بعض الأمور الظاهرة، كقراءة الكفّ، والفنجان، أو الخط، أو النجوم، أو رمي الحصا، أو حبات البن والنظر فيها، فيغترّ بعض الناس بذلك، ويظنون أنّ هذا علمٌ استفاده من الأمور التي يفعلها، مع أن الحقيقة أن عملهم خداع وتلبيس، وأن ما يُخبر به الكهان هو من استخدام الشياطين والجن وعن طريقهم، فليحذر المسلم من تصديقهم وإتيانهم! .
هـ- أمور متعلقة بالكهّان ومن يأتيهم:
انتبه أيها المسلم لما يلي:
1- أن الكهان ليسوا بشيء، ويكذبون مع الكلمة أكثر من مائة كذبة فلا تُصدقهم، وفي حديث عائشة رضي الله عنها قالت: ( سَأَلَ أُنَاسٌ النَّبِيَّ  عَنْ الْكُهَّانِ فَقَالَ إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِشَيْءٍ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ بِالشَّيْءِ يَكُونُ حَقًّا قَالَ فَقَالَ النَّبِيُّ  تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنْ الْحَقِّ يَخْطَفُهَا الْجِنِّيُّ فَيُقَرْقِرُهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ كَقَرْقَرَةِ الدَّجَاجَةِ فَيَخْلِطُونَ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كَذْبَةٍ ) رواه الشيخان .
2- أن أكثر ما يقوله الكهان هو كذب ولا يكون صدقاً، إلا الكلمة التي سمعت من السماء، فإذا صدق في تلك الكلمة التي سمعت من السماء صدَّقه الذين يأتونه في غيرها مع أنه كذب، وقد قال  في حديث أبي هريرة : ( إِذَا قَضَى اللَّهُ الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتْ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ فَإِذَا  فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا  لِلَّذِي قَالَ  الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ  فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُ السَّمْعِ وَمُسْتَرِقُ السَّمْعِ هَكَذَا بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ وَوَصَفَ سُفْيَانُ بِكَفِّهِ فَحَرَفَهَا وَبَدَّدَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ فَيَسْمَعُ الْكَلِمَةَ فَيُلْقِيهَا إِلَى مَنْ تَحْتَهُ ثُمَّ يُلْقِيهَا الْآخَرُ إِلَى مَنْ تَحْتَهُ حَتَّى يُلْقِيَهَا عَلَى لِسَانِ السَّاحِرِ أَوْ الْكَاهِنِ فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهَا وَرُبَّمَا أَلْقَاهَا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ فَيُقَالُ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ لَنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا فَيُصَدَّقُ بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ الَّتِي سَمِعَ مِنْ السَّمَاءِ ) رواه البخاري.
3- لا تصدِّق الكهّان! فأن من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ، لقوله  في حديث أبي هريرة : ( مَنْ أَتَى حَائِضًا أَوْ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ ) رواه ابن ماجة (صحيح). ورواه أبو داود بلفظ: ( مَنْ أَتَى كَاهِنًا قَالَ مُوسَى فِي حَدِيثِهِ فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ ثُمَّ اتَّفَقَا أَوْ أَتَى امْرَأَةً قَالَ مُسَدَّدٌ امْرَأَتَهُ حَائِضًا أَوْ أَتَى امْرَأَةً قَالَ مُسَدَّدٌ امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا فَقَدْ بَرِئَ مِمَّا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ ) صحيح.
فمن صدّق الكاهن في ادعاء معرفة الغيب في ما يقول فقد كفر كفراً أكبر مخرجاً من ملة الإسلام؛ لأنه قد علم من كلام النبي  أنه يكذب مع الكلمة التي تأتيه مائة كذبة فلا يكون ما يقوله كله صدقاً، فمن صدَّقه فقد كذَّب رسول الله  فيكفر الكفر الأكبر .
4- لا تُصدِّق العرّاف ولا الكاهن! فأن من أتى عرافاً أو كاهناً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة لقوله  في حديث بعض أزواج النبي : ( مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ) رواه مسلم . وهذا هو الذي سأله ولم يصدِّقه، كمن سأله عن شيء وقال: أنا لا أصدقه لكن رغبة في ذلك.
5- أما من أتى العرَّاف أو الكاهن فسأله للإنكار عليه، أو لاختباره للقبض عليه، فهذا لا يدخل في النهي, بل يجب الإنكار على الكاهن والعرّاف، ويجب أخذه وتأديبه بما يستحقه شرعاً .
6- ومن سأل العراف أو الكاهن بعد توبته (توبة العراف والكاهن) عما كان يأتيه حال عرافته وكهانته فهذا جائز، كما سأل عمر  سَوَاد بن قَارب. والله أعلم.
و- حكم من رضي بالكهانة، أو طلبها من غيره: أن من تَكهّن أو رضي بالكهانة أو طلبها من غيره فهو ليس من النبي ، كما قال  في حديث عمران بن حصين : ( ليس منا من تطير و لا من تطير له أو تكهن أو تكهن له أو تسحر أو تسحر له ) رواه البزار (صحيح) .

باب
التطـــيُّر
وفيه مسائل:
أ- تعريفه: التطير هو التشاؤم أو التفاؤل بالطير أو بغيره.
ب- حركة الطير بقَدَر: ليعلم المسلم أن كل شيء في هذا العالم فهو بقدر الله، سواء كان من الطيور في حركتها وسكونها، أو من غير الطيور، وقد قال تعالى:  إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ  [ القمر : 49 ]. وقال  في حديث عائشة رضي الله عنها: ( الطير تجري بقدر ) رواه الحاكم (حسن) .
ج- التطيُّر ليس خاصاً بالطيور: ليس التشاؤم أو التفاؤل خاصاً بالطيور، بل يشمل الحوادث والأشخاص والأزمنة والأمكنة، مما يُمضي أو يَرُدّ عن المقصود، فلو خرج المسلم من بيته قاصداً مقر عمله فرأى عند الباب ثعلباً أو رجلاً أعور العين فتشاءم من ذلك ورجع ولم يذهب إلى عمله، فقد وقع في الطيرة المحرمة التي نهى عنها النبي  .
د- عدم تأثير الطيرة: الطيرة غير مؤثِّرة، وقد قال  في حديث أبي هريرة : ( لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ ) رواه الشيخان. وإنما هي توهُّم يقع في النفس، ولا أثر له في قضاء الله وقدره، ولما قال معاوية السلمي  لرسول الله : ( وَمِنَّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ قَالَ ذَاكَ شَيْءٌ يَجِدُونَهُ فِي صُدُورِهِمْ فَلَا يَصُدَّنَّهُمْ ) رواه مسلم .
هـ- الطيرة تنقسم إلى قسمين :
القسم الأول : أن يعتقد أن ما تطيّر به - من شخص أو حيوان أو كلام أو طير أو غير ذلك- يستقلّ بالفعل بذاته، أو يستقل بدفع الضر بذاته، فهذا شركٌ أكبر في ربوبية الله؛ لأنه اعتقد خالقاً آخر مع الله, فإذا خاف مما تطير به أن يصيبه كان شركاً في العبادة (عبادة الخوف) وقد قال  في حديث ابن مسعود : ( الطِّيَرَةُ شِرْكٌ ) رواه أهل السنن وأحمد (صحيح).
القسم الثاني: أن يعتقد أن ما تطير به لا يستقل بالفعل ولكنه سبب للخير والشر وأن الله هو خالق كل شيء، فهذا شرك أصغر؛ لأنه جعل ما ليس سبب سبباً، وقد قال : ( الطِّيَرَةُ شِرْكٌ ) رواه أحمد وأهل السنن (صحيح) .
و- المسلم والطيرة:
1- عليك أيها المسلم أن لا تتطيّر من شيء (يحرم التطيُّر)، وفي حديث بريدة  أنه  ( كَانَ لَا يَتَطَيَّرُ مِنْ شَيْءٍ ) رواه أبو داود (صحيح) .
2- ويجب عليك أيها المسلم أن تمضي لحاجتك ولا تردك الطيرة، وأن تتوكل على الله ، وقد قال  في حديث ابن عمرو : ( مَنْ رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ عَنْ حَاجَتِهِ فَقَدْ أَشْرَكَ ) رواه أحمد (صحيح). وإذا توكل العبد على الله أذهب الله ما وقع في نفسه من التطير، وقد قال ابن مسعود : ( وَمَا مِنَّا إِلَّا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ ) رواه أبو داود (صحيح) .
3- فإذا لم تردَّك الطيرة عن حاجتك، ولم تُلقِ لها بالاً، بل أعرضت عنها، فلا حرج عليه في ذلك، وتوكل على الله وأحسن الظن بربك، واعلم أن الأمر كله لله.
4- ولتحذر أيها المسلم من أن تردَّك الطيرة عن حاجتك؛ لأنه  نهى المسلم أن تردَّه الطيرة، فقال في حديث عقبة بن عامر لما ذُكرت عنده الطيرة: ( أَحْسَنُهَا الْفَأْلُ وَلَا تَرُدُّ مُسْلِمًا...الحديث ) رواه أبو داود (صحيح) .
• إذا رأيت أيها المسلم ما تكره، فقم بما يلي:
1- امضِ لحاجتك ولا ترجع عنها.
2- وتوكل على الله.
3- وقل ما جاء عنه  في حديث عقبة بن عامر ، وهو قوله : ( فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ لَا يَأْتِي بِالْحَسَنَاتِ إِلَّا أَنْتَ وَلَا يَدْفَعُ السَّيِّئَاتِ إِلَّا أَنْتَ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ ) رواه أبو داود (صحيح) .
4- وأتِ بكفارة ذلك مما حصل في نفسك، فتقول ما جاء في حديث ابن عمرو  أنهم قالوا Sad يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَفَّارَةُ ذَلِكَ قَالَ أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمْ اللَّهُمَّ لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُكَ وَلَا طَيْرَ إِلَّا طَيْرُكَ وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ ) رواه أحمد (صحيح) .
5- واعلم أنّ أحسن الطيرة الفأل، لقوله  في حديث عقبة : ( أَحْسَنُهَا الْفَأْلُ ) رواه أبو داود (صحيح).
ويسن للمسلم أن يعجبه الفأل وهو الكلمة الطيبة، وقد قال  في حديث أنس : ( وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ قَالَ قِيلَ وَمَا الْفَأْلُ قَالَ الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ ) رواه الشيخان. وفي حديث أبي هريرة أنه : ( سَمِعَ كَلِمَةً فَأَعْجَبَتْهُ فَقَالَ أَخَذْنَا فَأْلَكَ مِنْ فِيكَ ) رواه أبو داود (صحيح). وفي حديث أنس  أنه  ( كَانَ يُعْجِبُهُ إِذَا خَرَجَ لِحَاجَةٍ أَنْ يَسْمَعَ يَا رَاشِدُ يَا نَجِيحُ ) رواه الترمذي (صحيح). وفي حديث بريده  أنه  ( كَانَ لَا يَتَطَيَّرُ مِنْ شَيْءٍ وَكَانَ إِذَا بَعَثَ عَامِلًا سَأَلَ عَنْ اسْمِهِ فَإِذَا أَعْجَبَهُ اسْمُهُ فَرِحَ بِهِ وَرُئِيَ بِشْرُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ وَإِنْ كَرِهَ اسْمَهُ رُئِيَ كَرَاهِيَةُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ وَإِذَا دَخَلَ قَرْيَةً سَأَلَ عَنْ اسْمِهَا فَإِنْ أَعْجَبَهُ اسْمُهَا فَرِحَ وَرُئِيَ بِشْرُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ وَإِنْ كَرِهَ اسْمَهَا رُئِيَ كَرَاهِيَةُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ ) رواه أبو داود (صحيح).
وإنما كان الفأل ممدوحاً لأن المتفائل محسنُ الظن بالله جل وعلا، راجٍ ما عنده واثقٌ بوعده، مُعرضٌ عن تحزين الشيطان  لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آَمَنُوا  [ المجادلة : 10 ].
6- ويجب عليك - أيها المسلم - أن تتوكّل على الله في أمورك كلها، فتعتمد بقلبك على الله، وعليك أن تفعل الأسباب الشرعية والقدرية، معتقداً أنها أسباب، والله هو خالق الأسباب والمسببات، فهو الخالق وحده سبحانه.
7- يشرع لك - أيها المسلم- عدم الالتفات إلى الطيرة كلياً، اعتماداً على الله وإخلاصاً له في عبادتك، وثقةً به، وإحساناً للظن بربك، لتدخل في السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب، كما قال  في حديث ابن عباس : ( لَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وَلَا يَكْتَوُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) رواه الشيخان

باب
ماجاء في العدوى

• العدوى : هي اعتقاد سِراية العلة وانتقالها من صاحبها إلى غيره .
• يحرم اعتقاد العدوى، وهو على قسمين :
القسم الأول : من اعتقد أن العدوى مؤثرة بنفسها فاعلة، فهذا شرك أكبر في ربوبية الله  وهذا الشرك منافٍ لأصل التوحيد.
القسم الثاني : إن اعتقد أن العدوى سبب في انتقال المرض، فهذا شرك أصغر، منافٍ لكمال التوحيد الواجب؛ لأنه جعل ما ليس سبب سبباً، وقد قال  في حديث أبي هريرة : ( لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَلَا هَامَةَ وَلَا صَفَرَ ) رواه الشيخان .

فيا أيها العبد:
1- قل: لا عدوى! لأنّ النبي  قد نفى العدوى، فقال: ( لَا عَدْوَى ) وقال  في حديث ابن مسعود : ( لَا يُعْدِي شَيْءٌ شَيْئًا فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ الْبَعِيرُ الْجَرِبُ الْحَشَفَةُ بِذَنَبِهِ فَتَجْرَبُ الْإِبِلُ كُلُّهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنْ أَجْرَبَ الْأَوَّلَ لَا عَدْوَى وَلَا صَفَرَ خَلَقَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ وَكَتَبَ حَيَاتَهَا وَرِزْقَهَا وَمَصَائِبَهَا ) رواه الترمذي وأحمد (صحيح) .
2- إن اعتقدت العدوى ففيك أمرٌ من أمور الجاهلية؛ لقوله  في حديث أبي هريرة : ( أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ لَنْ يَدَعَهُنَّ النَّاسُ النِّيَاحَةُ وَالطَّعْنُ فِي الْأَحْسَابِ وَالْعَدْوَى أَجْرَبَ بَعِيرٌ فَأَجْرَبَ مِائَةَ بَعِيرٍ مَنْ أَجْرَبَ الْبَعِيرَ الْأَوَّلَ وَالْأَنْوَاءُ مُطِرْنَا بِنَوْءٍ كَذَا وَكَذَا ) رواه الترمذي (حسن) .
3- إذا سمعت بالطاعون في أرض فلا تدخل عليه وإذا وقع في أرض أنت فيها فراراً منه لقوله : "إذا سمعتم بالطاعون في أرض فلا تدخلوا عليه وإذا وقع وأنتم في أرض فلا تخرجوا فراراً منه"رواه الشيخان.
4- لا تورد إبلك أو غنمك أو بقرك أو غيرها من بهائمك المريضة على من بهائمه صحيحة لقوله : "لا يوردن ممرض على مصح" رواه الشيخان.
5- ليس في حديث اسامة  ما يدل على العدوى، حيث قال  في حديث أسامة بن زيد : ( إِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ بِأَرْضٍ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِ وَإِذَا وَقَعَ وَأَنْتُمْ بِأَرْضٍ فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ ) رواه الشيخان. وقال  في حديث أبي هريرة : ( لَا يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ ) رواه الشيخان. فليس في هذين الحديثين ما يثبت العدوى، وإنما قال ذلك  - والله أعلم- حمايةً للتوحيد، وسد كل طريق يؤدي إلى الشرك (فمن أصابه المرض فلا يقل إن ذلك من العدوى)، بل يعلم أنّ ذلك مقدر عليه من الله ، لأن النبي  قد نفى العدوى في قوله: ( لَا عَدْوَى ). ولما خُشي أن يقول الذي أصابه المرض: أنها العدوى، فقد نهاه  أن يدخل على الطاعون، وكذا نهاه أن يخرج فراراً منه؛ لأنه إن اعتقد العدوى وقع في الشرك الأصغر أو الأكبر، فكان هذا النهي من النبي  هو حماية لجناب التوحيد .

باب
ما جاء في التنجيم

ومما يذهب بأصل التوحيد أو كماله الواجب التنجيم
• والتنجيم ينقسم إلى أقسام :
القسم الأول: اعتقاد أن النجوم فاعلة مؤثرة بنفسها في الحوادث الأرضية، كما هو مذهب الصابئة عباد الكواكب، فهذا كفر وشرك أكبر في ربوبية الله , فإنْ عَبَدَ الكواكب كان مع ذلك مشركاً في العبادة، وهذا مناف لأصل التوحيد .
القسم الثاني: اعتقاد أن النجوم سبب في ما يحصل من الحوادث، وليست فاعلة مؤثرة كمن يعتقد أن النجوم سبب في نزول الأمطار، فيقول: مطرنا بنوء كذا وكذا، فهذا كفر أصغر وشرك أصغر مناف لكمال التوحيد الواجب، وهو من أعمال الجاهلية، وقد قال  في حديث أبي مالك الأشعري : ( أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يَتْرُكُونَهُنَّ الْفَخْرُ فِي الْأَحْسَابِ وَالطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ وَالْاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ وَالنِّيَاحَةُ...الحديث ) رواه مسلم.
ولما صلّى النبي  الصبح بالحديبية على إثر مطر كان من الليل، أقبل  على الناس فقال: ( هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ قَالَ أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ وَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ ) رواه الشيخان .
فإن طَلَبَ السقيا من النجوم واعتقد أنها (النجوم) هي الفاعلة المؤثرة التي تحدث الأمطار وغيرها من الحوادث في الأرض، فإنه يكون كافراً الكفر الأكبر المنافي لأصل التوحيد .
القسم الثالث : تعلُّم منازل النجوم، كتعلم القبلة، وما يتعلمه المزارعون من الأوقات التي تصلح للزراعة والتي لا تصلح بحيث يرى أن النجوم وحركتها علامات على أوقات للزراعة ونحو ذلك، فهذا جائز وقد قال تعالى:  وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ  [النحل: 16] .


اعلم أيها العبد:
أّن الله  خلق النجوم والكواكب لمصالح عباده، ولحكمة يعلمها سبحانه وتعالى، فما أخبرنا به أخذناه ومن ذلك:
أ‌- أنّ النجوم أَمَنَةٌ للسماء، كما قال  في حديث أبي موسى : ( النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ فَإِذَا ذَهَبَتْ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ وَأَنَا أَمَنَةٌ لِأَصْحَابِي فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ ) رواه مسلم .
ب‌- أن النجوم زينة للسماء، كما قال تعالى:  إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ  [ الصافات : 6 ].
ت‌- وأن النجوم حفظٌ للسماء من كل شيطان، كما قال تعالى:  وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ [ الصافات : 7 ].
ث‌- وأن النجوم رجوماً للشياطين، كما قال تعالى:  وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ [الملك: 5].
ج‌- علامات يُهتدى بها، كما قال تعالى:  وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ  [ النحل : 17 ].

أيها المسلم، لا تتكلّف مالا علم لك به! ومن ذلك ما لم نُخبر عنه فيما يتعلق بالنجوم، فلا يجوز أن نتكلف ما لا علم لنا به، وقد قال  في حديث ابن مسعود : ( إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابِي فَأَمْسِكُوا ، وَإِذَا ذُكِرَتِ النُّجُومُ فَأَمْسِكُوا ، وَإِذَا ذُكِرَ الْقَدَرُ فَأَمْسِكُوا ) رواه الطبراني في الكبير (صحيح) .

مسألة حكم تعلُّم منازل القمر: يجوز تعلم منازل القمر بلا كراهة، لقوله تعالى:  وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ [ يونس : 5 ]. فقد امتنّ الله على عباده بتعلم ذلك فهو جائز .

باب
من الشرك
إرادة الإنسان بعمله الدنيا

• الإرادة بالعمل تنقسم إلى أقسام :
القسم الأول: أن يريد العبد بعباداته وجه الله والدار الآخرة، فهو يريد بصلاته وصيامه ونحو ذلك مما لم يأت فيه الشرع بثواب دنيوي (يُريد به وجه الله والدار الآخرة)، فهذا واجب على العبد، وليس له أن يريد الدنيا بتلك العبادات وليس له أن يريد وجه الله والدار الآخرة والدنيا، فإن فعل كان مشركاً، كما لو أراد بصلاته وجه الله ورياضة الجسم، وقد قال تعالى:  وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا [الإسراء: 19]. وأما العادات فلا يضر أن لا يتطلب بها وجه الله والدار الآخرة لكن إذا حسنت نيته فأراد بها الاستعانة على طاعة الله أثيب عليها .
القسم الثاني: أن يريد العبد بصلاته وصيامه وعباداته كلها الدنيا فقط، حتى ولو أراد وجه الله لكنه يصلي ويصوم ونحو ذلك وهو مخلص لله في ذلك ولكنه يريد فقط أن يتقوى جسمه ويتريّض، وتصح معدته بالصيام، وتخلو من الأمراض، ولا يريد بذلك ثواباً عند الله في الآخرة، فهذا شرك بالله جل وعلا، شركاً أكبر ينافي أصل التوحيد، وقد قال تعالى:  مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [ هود :15،16 ].
القسم الثالث: أن يريد العبد بعبادته التي رتّب الشرع عليها ثواباً دنيوياً (الدنيا والآخرة) مثل صلة الرحم، فقد قال  في حديث أنس : ( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ ) رواه الشيخان. وكالإنفاق فقد قال  في حديث أبي هريرة : ( مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا وَيَقُولُ الْآخَرُ اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا ) رواه الشيخان . فإذا وصل العبد رحمه مريداً وجه الله والثواب في الآخرة وأن يُبسط له في رزقه, وأنفق العبد مُريداً وجه الله وثواب الآخرة والخلف من الله فهذا لا بأس به، ولا كراهة فيه .
القسم الرابع : من كان يريد في الأصل بعباداته وجه الله والدار الآخرة، ولكن يطرأ عليه الرياء، فإن الرياء يحبط ثواب العمل الذي يقارنه .
القسم الخامس: أن تكون العبادات ليست كالصلاة والصوم، ولكنها أقل منها، ومع الشخص أصل الإيمان، كما لو طلب العلم ليحصل على الشهادة والوظيفة فقط, أو تعلم القرآن ليكون معلماً في حلقة قرآن لأجل المال فقط فهذا مذموم؛ لأنّ هذا من الشرك الأصغر وقد دعا عليه النبي  وقال في حديث أبي هريرة : ( تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ تَعِسَ وَانْتَكَسَ وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ...الحديث ) رواه البخاري .

فيا أيها العبد:
1- ابتعد عن إرادة الدنيا بعباداتك، واطلب ما عند الله والدار الآخرة، حتى لا تقع في الشرك، ولا تقع في دعاء النبي  على من وقع في ذلك.
2- تفطّن لقصدك ونيتك في كل أعمالك، وعليك أن تعي ما تُريد، ولتكن همتك عالية في كل شأن من شئونك، حتى تكون حركاتك وسكناتك وكلماتك وهمومك كلها لله وحده، طلباً لثوابه واهتماماً بآخرتك، ليُشكر سعيك كله وليبارك الله لك فيه، ويزيدك من فضله كما قال تعالى:  مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآَخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ [الشورى:20]. وقال : ( إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى...الحديث ) رواه الشيخان .
3- تنبّه لقلبك كل التنبّه! واجتهد في أن تكون كل حياتك لربك في أعمالك وأقوالك وهمومك، ومن ذلك: همّ بالحسنات! فقد قال : ( مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً...الحديث ) رواه مسلم.




باب
طاعة العلماء والأمراء
في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله

• يجب على العبد أن يكون مطيعاً لله ، فيُحلّ ما أحل الله ويحرم ما حرم الله، وليس لأحد أن يحلل أو يحرم من عنده، فمن حرم ما أحل الله أو أحل ما حرم الله فقد كفر كفراً أكبر ينافي أصل التوحيد، وقد قال تعالى:  وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ  [ النحل : 116 ].
• إنما طاعة العلماء والأمراء هي تابعة لطاعة الله عز وجل كما قال تعالى:  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ [ النساء : 59 ] .
• فإذا أمروا بمعصية فإنه لا تجوز طاعتهم في ذلك، وقد قال  في حديث علي : ( لَا طَاعَةَ لِأَحَدٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ ) رواه الشيخان. وقال  في حديث عمران والحكم بن عمرو رضي الله عنهما: ( لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِق ) رواه أحمد والحاكم (صحيح). وقال  في حديث أنس : ( لَا طَاعَةَ لِمَنْ لَمْ يُطِعْ اللَّهَ  ) رواه أحمد (صحيح) .
• من كان مجتهداً وعرف الدليل أو بلغه فليس له العدول عنه، ووجب عليه الأخذ به وحرم عليه تركه وتقليد غيره مهما كان ذلك الغير، وقد قال تعالى:  اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ...الآية [ الأعراف : 3 ].
• من كان غير مجتهد (لا يستطيع الاجتهاد) فعليه أن يسأل العلماء المجتهدين ممن يثق بهم، كما قال تعالى:  فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ  [النحل:43].
• طاعة العلماء والأمراء وغيرهم في معصية الله تنقسم إلى أقسام :
القسم الأول : طاعتهم في تحريم الحلال وتحليل الحرام، كما لو جعل العلماء أو الأمراء الربا حلالاً فأطاعهم المسلم وجعل الربا حلالاً مُطيعاً لهم فيما جعلوه، وهو عالم أن الربا حرام، فهذا كفرٌ أكبر منافٍ لأصل التوحيد، وفي حديث عدي بن حاتم  أنه سمع النبي  يقرأ : (  اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ  قَالَ أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَحَلُّوا لَهُمْ شَيْئًا اسْتَحَلُّوهُ وَإِذَا حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ شَيْئًا حَرَّمُوهُ ) رواه أحمد والترمذي وهذا لفظ الترمذي (حسن) .
القسم الثاني : طاعتهم في فعل المعصية التي لا يكفر فاعلها لا في التحليل والتحريم، بحيث أن العبد بقي معتقداً بتحريم الحرام وتحليل الحلال ولكنه أطاعهم في الظلم مثلاً أو في إسبال الثوب، فهذا معصية لله، وحكم من أطاعهم في ذلك كغيره من أصحاب الذنوب الذين معهم أصل الإيمان، وهم من أهل الوعيد إذا ماتوا على ذلك بلا توبة إلا أن يعفو الله عنهم .
القسم الثالث : طاعتهم في المعصية التي يكفر مرتكبها، كما لو أطاعهم في ترك الصلاة حتى وإن كان يعتقد وجوبها فإنه يكفر بتركها، لقوله  في حديث جابر : ( بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ ) رواه مسلم .

فيا أيها العبد:
1- اعلم أن التحليل والتحريم إنما ذلك إلى الله ، في كتابه أو سنة رسوله ، وليس لك خيارٌ في ذلك، وقد قال تعالى:  وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى الله وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الخيرة مِنْ أَمْرِهِمْ  [الأحزاب :36].
2- لا تُطع أحداً في معصية الله، مهما كان ذلك الأحد! واعلم أن طاعة أكثر من في الأرض هي ضلال عن سبيل الله، كما قال تعالى:  وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأرض يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ الله إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظن وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ  [ الأنعام : 116 ]. وقال تعالى:  وَمَآ أَكْثَرُ الناس وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ  [ يوسف : 103]. واعلم أن طاعة الله ورسوله هي الفوز، وقد قال تعالى:  وَمَن يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ الله وَيَتَّقْهِ فأولئك هُمُ الفآئزون  [ النور : 52 ] . فاسلك طريق الفوز والنجاة من الآن.




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ديري نشمي
ديري مبدع
ديري مبدع
ديري نشمي


الساعة :
دعاء
ذكر
عدد المساهمات : 474
نقاط : 944
التقيم : 4
وسام وسام : كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Tmqn3
تاريخ الميلاد : 10/05/1991
تاريخ التسجيل : 29/04/2012
العمر : 33

كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ محمد بن شامي شيبة   كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Icon_minitimeالجمعة يونيو 22, 2012 3:25 pm

من أنواع السحر

النوع الأول: كل من عقد عقدةً ثم نفث فيها مستخدماً الشياطين فقد سحر،  وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ [ الفلق : 4 ].
النوع الثاني: علم النجوم ( ما يدّعون فيه التأثير )، وممّا يتعلق بالنجوم في ذلك ما يلي:
أ- علم النجوم (ما يدّعون فيه التأثير)، فهو من السحر، لقوله  في حديث ابن عباس : ( مَنْ اقْتَبَسَ عِلْمًا مِنْ النُّجُومِ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنْ السِّحْرِ زَادَ مَا زَادَ ) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة (صحيح). وكلما زاد في تعلم النجوم مما يدّعون فيه أنها تؤثر في العالم فقد زاد في تعلم السحر .
ب- ومن هذا - تعلُّم النجوم الذي هو من السِّحر- ما تذكره بعض الجرائد من الأبراج، وأنّها تؤثر في العالم، وأنّ من كان برجه كذا فيحصل له كذا، فهذا من السحر، ولذا يجب الحذر من ذلك وإنكاره بكل جد، ومنع تلك الجرائد من هذا العمل ممن هو قادر على منعها، وعقوبة القائمين عليها .
ج- ويحرم التصديق بعلم النجوم "ما يسمى علم التأثير"، وقد قال  في حديث أبي محجن : ( أخاف على أمتي من بعدي ثلاثا : حيف الأئمة و إيمانا بالنجوم و تكذيبا بالقدر ) رواه ابن عساكر (صحيح) , وقال  في حديث أنس : ( أخاف على أمتي من بعدي خصلتين : تكذيبا بالقدر و تصديقا بالنجوم ) رواه أبو يعلى (صحيح) .
النوع الثالث: من تعلّم حروف أبي جاد مستخدماً الشياطين، فهذا من السحر، وقد قال ابن عباس : ( رُبَّ نَاظِرٍ فِي النُّجُومِ وَمُتَعَلِم حُرُوفِ أَبِي جَادٍ لَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ خَلاقٌ ) رواه عبد الرزاق والبيهقي (صحيح) .

مسألة: من سأله أن يسحر له أو أقرّه

يحرم أن يسأل أحدٌ أحداً أن يسحر له، أو يُقرُّه على ذلك، وهذا العمل من كبائر الذنوب , وإذا صدّق الساحر أو غيرَه في ادعاء معرفة الغيب، فهذا كفر أكبر، وقد قال  في حديث عمران بن حصين : ( ليس منا من تطيّر و لا من تطيّر له أو تكهّن أو تكهّن له أو تسحر أو تسحر له...الحديث ) رواه البزار والطبراني في الأوسط من حديث ابن عباس (صحيح) .

أمور تعمل عمل السحر وليست سحراً
منها :
أ‌- البيان: كما قال  في حديث ابن عمر : ( إِنَّ مِنْ الْبَيَانِ لَسِحْرًا ) رواه البخاري. فإذا كانت الفصاحة وقوة المنطق تُظهر الحق باطلاً والباطل حقاً كان ذلك مذموماً محرماً, أمّا إذا كان البيان والفصاحة وقوة المنطق تظهر الحق وتجليه وتوضحه، وتدفع الباطل، فإنّ هذا يكون ممدوحاً بل يجب, فيحرم على من أوتي فصاحةً أن يجعلها في نصرة الباطل، ويجب عليه أن يجعلها في نصرة الحق وعلوه.
ب‌- النميمة: فهي تعمل عمل السحر في التفرقة بين الأحبة، وبين الرجل وزوجه، وتثير العداوات بين الأقارب فهي تعمل عمل السحر، وقد قال  في حديث ابن مسعود : ( أَلَا أُنَبِّئُكُمْ مَا الْعَضْهُ هِيَ النَّمِيمَةُ الْقَالَةُ بَيْنَ النَّاسِ ) رواه مسلم. [ العَضْه : السحر ]. وقال : ( لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ ) رواه الشيخان . [ قتّات : نمام ] .
ت‌- من يُنمي خيراً أو يقولُ خيراً ليصلح بين الناس، فهذا ليس كذّاباً، بل عمله جائز وهو مثاب عليه، وقد قال  في حديث أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها: ( لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَنْمِي خَيْرًا أَوْ يَقُولُ خَيْرًا ) رواه الشيخان .

فيا أيها العبد:
1- اتق الله في كلامك وبلاغتك، واجعلها في بيان الحق ونصرته وعلوِّه، سواء كان كلامك شعراً أو نثراً أو كتابة في صحافة أو مجلة، أو في مواقع الإنترنت، أو في القنوات الفضائية، أو في الإعلام، واجعل هذه الآية نصب عينيك  يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا  [الأحزاب: 70]. واحذر من جعل فصاحتك في الكذب، ونشر الباطل، والدفاع عنه، وانتبه لقوله : ( وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ ) رواه الترمذي وابن ماجة واحمد (صحيح).
2- احذر من النميمة! قإنّ صاحبها ممّن يُعذّب في قبره، وقد مرّ النبي  بقبرين، فقال: ( إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ الْبَوْلِ وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ...الحديث) رواه الشيخان.
3- ساهم في الإصلاح بين الناس، وقد قال تعالى:  لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ الناس  [ النساء : 114 ].


حلُّ السحر
• حلُّ السحر عن المسحور له حالتان :
1- الحالة الجائزة: وهي بما يلي:
أ- استخراج السحر -إذا عُلم- وإبطاله، ولمّا سُحر النبي  قالت عائشة رضي الله عنها: ( أَفَأَخْرَجْتَهُ...الحديث ) رواه الشيخان. وفي حديث زيد بن أرقم  قال: ( سَحَرَ النَّبِيَّ  رَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ فَاشْتَكَى لِذَلِكَ أَيَّامًا فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ  فَقَالَ إِنَّ رَجُلًا مِنْ الْيَهُودِ سَحَرَكَ عَقَدَ لَكَ عُقَدًا فِي بِئْرِ كَذَا وَكَذَا فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ  فَاسْتَخْرَجُوهَا فَجِيءَ بِهَا فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ  كَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ ) رواه النسائي وابن أبي شيبة (صحيح).
ب- حلُّ السحر بالتعاويذ والأدعية والرُّقى الشرعية من الكتاب والسنة، فهذا يُشرع، وقد رقى جبريلُ  النبيَّ  وقال: ( يَا مُحَمَّدُ اشْتَكَيْتَ فَقَالَ نَعَمْ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ اللَّهُ يَشْفِيكَ بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ ) رواه مسلم .
ج- مما يعالج به المسحور: أن تؤخذ سبع ورقات من سدر أخضر، وتُدقّ بين حجرين في ماء يكفي للإغتسال، ويُقرأُ على الماء آية الكرسي، و (قل هو الله أحد) و (الفلق) و (الناس)، وينفث على الماء بذلك، ولو قرأ الآيات التي ذكر فيها السحر في القرآن فهذا جيد، ومنها الآيات في سورة طه، وسورة الشعراء، وسورة يونس، وسورة الأعراف، يقرأها على الماء الذي دقّ فيه السدر، ويشرب منه المريض (المسحور) ثلاث حَسَوَات ويغتسل بالباقي فهو جيد للمسحور وللرجل الذي يؤخذ عن امرأته. والله أعلم.
2- الحالة المحرَّمة: وهي حلُّ السحر بالسحر، فيحرم، وفي حديث جابر  قال: ( سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ  عَنْ النُّشْرَةِ فَقَالَ هُوَ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ) رواه أبو داود وأحمد (صحيح). ولأنّ حلّ السحر بسحر معاونة للساحر، وإقرار له على عمله، وقد قال تعالى:  وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ  [ المائدة :2].
فليحذر المسلم من الذهاب إلى السحرة للمعالجة! ومن حصل منه شيءٌ من ذلك فليتب إلى الله! .

باب:
ما جاء في الكهان والعرافين ونحوهم

وفيه مسائل:

أ- تعريف الكاهن: الكاهن هو الذي يدّعي معرفة المغيبات في المستقبل .
ب- من هو العرّاف ؟ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: العراف: اسمٌ للكاهن والمنجِّم والرّمَّال ونحوهم ممن يتكلم في معرفة الأمور بهذه الطرق، يعني بادعاء معرفة الأمور بمقدِّمات يستدلّ بها على المسروق، أو يُخبر عما في الضمير، ونحو ذلك.
ج- حكم الكهانة: الكهانة استخدام للجن بالتقرب إليهم، وهذا كفرٌ وشركٌ أكبر ينافي أصل التوحيد, فالكاهن مشرك بالله الشرك الأكبر.
د- الطريق الذي يأتي الكاهن الناس منه: والكاهن الذي يدّعي معرفة المغيبات إنما يأتي للناس -ممن يأتيه- عن طريق بعض الأمور الظاهرة، كقراءة الكفّ، والفنجان، أو الخط، أو النجوم، أو رمي الحصا، أو حبات البن والنظر فيها، فيغترّ بعض الناس بذلك، ويظنون أنّ هذا علمٌ استفاده من الأمور التي يفعلها، مع أن الحقيقة أن عملهم خداع وتلبيس، وأن ما يُخبر به الكهان هو من استخدام الشياطين والجن وعن طريقهم، فليحذر المسلم من تصديقهم وإتيانهم! .
هـ- أمور متعلقة بالكهّان ومن يأتيهم:
انتبه أيها المسلم لما يلي:
1- أن الكهان ليسوا بشيء، ويكذبون مع الكلمة أكثر من مائة كذبة فلا تُصدقهم، وفي حديث عائشة رضي الله عنها قالت: ( سَأَلَ أُنَاسٌ النَّبِيَّ  عَنْ الْكُهَّانِ فَقَالَ إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِشَيْءٍ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ بِالشَّيْءِ يَكُونُ حَقًّا قَالَ فَقَالَ النَّبِيُّ  تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنْ الْحَقِّ يَخْطَفُهَا الْجِنِّيُّ فَيُقَرْقِرُهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ كَقَرْقَرَةِ الدَّجَاجَةِ فَيَخْلِطُونَ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كَذْبَةٍ ) رواه الشيخان .
2- أن أكثر ما يقوله الكهان هو كذب ولا يكون صدقاً، إلا الكلمة التي سمعت من السماء، فإذا صدق في تلك الكلمة التي سمعت من السماء صدَّقه الذين يأتونه في غيرها مع أنه كذب، وقد قال  في حديث أبي هريرة : ( إِذَا قَضَى اللَّهُ الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتْ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ فَإِذَا  فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا  لِلَّذِي قَالَ  الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ  فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُ السَّمْعِ وَمُسْتَرِقُ السَّمْعِ هَكَذَا بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ وَوَصَفَ سُفْيَانُ بِكَفِّهِ فَحَرَفَهَا وَبَدَّدَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ فَيَسْمَعُ الْكَلِمَةَ فَيُلْقِيهَا إِلَى مَنْ تَحْتَهُ ثُمَّ يُلْقِيهَا الْآخَرُ إِلَى مَنْ تَحْتَهُ حَتَّى يُلْقِيَهَا عَلَى لِسَانِ السَّاحِرِ أَوْ الْكَاهِنِ فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهَا وَرُبَّمَا أَلْقَاهَا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ فَيُقَالُ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ لَنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا فَيُصَدَّقُ بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ الَّتِي سَمِعَ مِنْ السَّمَاءِ ) رواه البخاري.
3- لا تصدِّق الكهّان! فأن من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ، لقوله  في حديث أبي هريرة : ( مَنْ أَتَى حَائِضًا أَوْ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ ) رواه ابن ماجة (صحيح). ورواه أبو داود بلفظ: ( مَنْ أَتَى كَاهِنًا قَالَ مُوسَى فِي حَدِيثِهِ فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ ثُمَّ اتَّفَقَا أَوْ أَتَى امْرَأَةً قَالَ مُسَدَّدٌ امْرَأَتَهُ حَائِضًا أَوْ أَتَى امْرَأَةً قَالَ مُسَدَّدٌ امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا فَقَدْ بَرِئَ مِمَّا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ ) صحيح.
فمن صدّق الكاهن في ادعاء معرفة الغيب في ما يقول فقد كفر كفراً أكبر مخرجاً من ملة الإسلام؛ لأنه قد علم من كلام النبي  أنه يكذب مع الكلمة التي تأتيه مائة كذبة فلا يكون ما يقوله كله صدقاً، فمن صدَّقه فقد كذَّب رسول الله  فيكفر الكفر الأكبر .
4- لا تُصدِّق العرّاف ولا الكاهن! فأن من أتى عرافاً أو كاهناً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة لقوله  في حديث بعض أزواج النبي : ( مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ) رواه مسلم . وهذا هو الذي سأله ولم يصدِّقه، كمن سأله عن شيء وقال: أنا لا أصدقه لكن رغبة في ذلك.
5- أما من أتى العرَّاف أو الكاهن فسأله للإنكار عليه، أو لاختباره للقبض عليه، فهذا لا يدخل في النهي, بل يجب الإنكار على الكاهن والعرّاف، ويجب أخذه وتأديبه بما يستحقه شرعاً .
6- ومن سأل العراف أو الكاهن بعد توبته (توبة العراف والكاهن) عما كان يأتيه حال عرافته وكهانته فهذا جائز، كما سأل عمر  سَوَاد بن قَارب. والله أعلم.
و- حكم من رضي بالكهانة، أو طلبها من غيره: أن من تَكهّن أو رضي بالكهانة أو طلبها من غيره فهو ليس من النبي ، كما قال  في حديث عمران بن حصين : ( ليس منا من تطير و لا من تطير له أو تكهن أو تكهن له أو تسحر أو تسحر له ) رواه البزار (صحيح) .

باب
التطـــيُّر
وفيه مسائل:
أ- تعريفه: التطير هو التشاؤم أو التفاؤل بالطير أو بغيره.
ب- حركة الطير بقَدَر: ليعلم المسلم أن كل شيء في هذا العالم فهو بقدر الله، سواء كان من الطيور في حركتها وسكونها، أو من غير الطيور، وقد قال تعالى:  إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ  [ القمر : 49 ]. وقال  في حديث عائشة رضي الله عنها: ( الطير تجري بقدر ) رواه الحاكم (حسن) .
ج- التطيُّر ليس خاصاً بالطيور: ليس التشاؤم أو التفاؤل خاصاً بالطيور، بل يشمل الحوادث والأشخاص والأزمنة والأمكنة، مما يُمضي أو يَرُدّ عن المقصود، فلو خرج المسلم من بيته قاصداً مقر عمله فرأى عند الباب ثعلباً أو رجلاً أعور العين فتشاءم من ذلك ورجع ولم يذهب إلى عمله، فقد وقع في الطيرة المحرمة التي نهى عنها النبي  .
د- عدم تأثير الطيرة: الطيرة غير مؤثِّرة، وقد قال  في حديث أبي هريرة : ( لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ ) رواه الشيخان. وإنما هي توهُّم يقع في النفس، ولا أثر له في قضاء الله وقدره، ولما قال معاوية السلمي  لرسول الله : ( وَمِنَّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ قَالَ ذَاكَ شَيْءٌ يَجِدُونَهُ فِي صُدُورِهِمْ فَلَا يَصُدَّنَّهُمْ ) رواه مسلم .
هـ- الطيرة تنقسم إلى قسمين :
القسم الأول : أن يعتقد أن ما تطيّر به - من شخص أو حيوان أو كلام أو طير أو غير ذلك- يستقلّ بالفعل بذاته، أو يستقل بدفع الضر بذاته، فهذا شركٌ أكبر في ربوبية الله؛ لأنه اعتقد خالقاً آخر مع الله, فإذا خاف مما تطير به أن يصيبه كان شركاً في العبادة (عبادة الخوف) وقد قال  في حديث ابن مسعود : ( الطِّيَرَةُ شِرْكٌ ) رواه أهل السنن وأحمد (صحيح).
القسم الثاني: أن يعتقد أن ما تطير به لا يستقل بالفعل ولكنه سبب للخير والشر وأن الله هو خالق كل شيء، فهذا شرك أصغر؛ لأنه جعل ما ليس سبب سبباً، وقد قال : ( الطِّيَرَةُ شِرْكٌ ) رواه أحمد وأهل السنن (صحيح) .
و- المسلم والطيرة:
1- عليك أيها المسلم أن لا تتطيّر من شيء (يحرم التطيُّر)، وفي حديث بريدة  أنه  ( كَانَ لَا يَتَطَيَّرُ مِنْ شَيْءٍ ) رواه أبو داود (صحيح) .
2- ويجب عليك أيها المسلم أن تمضي لحاجتك ولا تردك الطيرة، وأن تتوكل على الله ، وقد قال  في حديث ابن عمرو : ( مَنْ رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ عَنْ حَاجَتِهِ فَقَدْ أَشْرَكَ ) رواه أحمد (صحيح). وإذا توكل العبد على الله أذهب الله ما وقع في نفسه من التطير، وقد قال ابن مسعود : ( وَمَا مِنَّا إِلَّا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ ) رواه أبو داود (صحيح) .
3- فإذا لم تردَّك الطيرة عن حاجتك، ولم تُلقِ لها بالاً، بل أعرضت عنها، فلا حرج عليه في ذلك، وتوكل على الله وأحسن الظن بربك، واعلم أن الأمر كله لله.
4- ولتحذر أيها المسلم من أن تردَّك الطيرة عن حاجتك؛ لأنه  نهى المسلم أن تردَّه الطيرة، فقال في حديث عقبة بن عامر لما ذُكرت عنده الطيرة: ( أَحْسَنُهَا الْفَأْلُ وَلَا تَرُدُّ مُسْلِمًا...الحديث ) رواه أبو داود (صحيح) .
• إذا رأيت أيها المسلم ما تكره، فقم بما يلي:
1- امضِ لحاجتك ولا ترجع عنها.
2- وتوكل على الله.
3- وقل ما جاء عنه  في حديث عقبة بن عامر ، وهو قوله : ( فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ لَا يَأْتِي بِالْحَسَنَاتِ إِلَّا أَنْتَ وَلَا يَدْفَعُ السَّيِّئَاتِ إِلَّا أَنْتَ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ ) رواه أبو داود (صحيح) .
4- وأتِ بكفارة ذلك مما حصل في نفسك، فتقول ما جاء في حديث ابن عمرو  أنهم قالوا Sad يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَفَّارَةُ ذَلِكَ قَالَ أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمْ اللَّهُمَّ لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُكَ وَلَا طَيْرَ إِلَّا طَيْرُكَ وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ ) رواه أحمد (صحيح) .
5- واعلم أنّ أحسن الطيرة الفأل، لقوله  في حديث عقبة : ( أَحْسَنُهَا الْفَأْلُ ) رواه أبو داود (صحيح).
ويسن للمسلم أن يعجبه الفأل وهو الكلمة الطيبة، وقد قال  في حديث أنس : ( وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ قَالَ قِيلَ وَمَا الْفَأْلُ قَالَ الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ ) رواه الشيخان. وفي حديث أبي هريرة أنه : ( سَمِعَ كَلِمَةً فَأَعْجَبَتْهُ فَقَالَ أَخَذْنَا فَأْلَكَ مِنْ فِيكَ ) رواه أبو داود (صحيح). وفي حديث أنس  أنه  ( كَانَ يُعْجِبُهُ إِذَا خَرَجَ لِحَاجَةٍ أَنْ يَسْمَعَ يَا رَاشِدُ يَا نَجِيحُ ) رواه الترمذي (صحيح). وفي حديث بريده  أنه  ( كَانَ لَا يَتَطَيَّرُ مِنْ شَيْءٍ وَكَانَ إِذَا بَعَثَ عَامِلًا سَأَلَ عَنْ اسْمِهِ فَإِذَا أَعْجَبَهُ اسْمُهُ فَرِحَ بِهِ وَرُئِيَ بِشْرُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ وَإِنْ كَرِهَ اسْمَهُ رُئِيَ كَرَاهِيَةُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ وَإِذَا دَخَلَ قَرْيَةً سَأَلَ عَنْ اسْمِهَا فَإِنْ أَعْجَبَهُ اسْمُهَا فَرِحَ وَرُئِيَ بِشْرُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ وَإِنْ كَرِهَ اسْمَهَا رُئِيَ كَرَاهِيَةُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ ) رواه أبو داود (صحيح).
وإنما كان الفأل ممدوحاً لأن المتفائل محسنُ الظن بالله جل وعلا، راجٍ ما عنده واثقٌ بوعده، مُعرضٌ عن تحزين الشيطان  لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آَمَنُوا  [ المجادلة : 10 ].
6- ويجب عليك - أيها المسلم - أن تتوكّل على الله في أمورك كلها، فتعتمد بقلبك على الله، وعليك أن تفعل الأسباب الشرعية والقدرية، معتقداً أنها أسباب، والله هو خالق الأسباب والمسببات، فهو الخالق وحده سبحانه.
7- يشرع لك - أيها المسلم- عدم الالتفات إلى الطيرة كلياً، اعتماداً على الله وإخلاصاً له في عبادتك، وثقةً به، وإحساناً للظن بربك، لتدخل في السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب، كما قال  في حديث ابن عباس : ( لَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وَلَا يَكْتَوُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) رواه الشيخان

باب
ماجاء في العدوى

• العدوى : هي اعتقاد سِراية العلة وانتقالها من صاحبها إلى غيره .
• يحرم اعتقاد العدوى، وهو على قسمين :
القسم الأول : من اعتقد أن العدوى مؤثرة بنفسها فاعلة، فهذا شرك أكبر في ربوبية الله  وهذا الشرك منافٍ لأصل التوحيد.
القسم الثاني : إن اعتقد أن العدوى سبب في انتقال المرض، فهذا شرك أصغر، منافٍ لكمال التوحيد الواجب؛ لأنه جعل ما ليس سبب سبباً، وقد قال  في حديث أبي هريرة : ( لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَلَا هَامَةَ وَلَا صَفَرَ ) رواه الشيخان .

فيا أيها العبد:
1- قل: لا عدوى! لأنّ النبي  قد نفى العدوى، فقال: ( لَا عَدْوَى ) وقال  في حديث ابن مسعود : ( لَا يُعْدِي شَيْءٌ شَيْئًا فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ الْبَعِيرُ الْجَرِبُ الْحَشَفَةُ بِذَنَبِهِ فَتَجْرَبُ الْإِبِلُ كُلُّهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنْ أَجْرَبَ الْأَوَّلَ لَا عَدْوَى وَلَا صَفَرَ خَلَقَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ وَكَتَبَ حَيَاتَهَا وَرِزْقَهَا وَمَصَائِبَهَا ) رواه الترمذي وأحمد (صحيح) .
2- إن اعتقدت العدوى ففيك أمرٌ من أمور الجاهلية؛ لقوله  في حديث أبي هريرة : ( أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ لَنْ يَدَعَهُنَّ النَّاسُ النِّيَاحَةُ وَالطَّعْنُ فِي الْأَحْسَابِ وَالْعَدْوَى أَجْرَبَ بَعِيرٌ فَأَجْرَبَ مِائَةَ بَعِيرٍ مَنْ أَجْرَبَ الْبَعِيرَ الْأَوَّلَ وَالْأَنْوَاءُ مُطِرْنَا بِنَوْءٍ كَذَا وَكَذَا ) رواه الترمذي (حسن) .
3- إذا سمعت بالطاعون في أرض فلا تدخل عليه وإذا وقع في أرض أنت فيها فراراً منه لقوله : "إذا سمعتم بالطاعون في أرض فلا تدخلوا عليه وإذا وقع وأنتم في أرض فلا تخرجوا فراراً منه"رواه الشيخان.
4- لا تورد إبلك أو غنمك أو بقرك أو غيرها من بهائمك المريضة على من بهائمه صحيحة لقوله : "لا يوردن ممرض على مصح" رواه الشيخان.
5- ليس في حديث اسامة  ما يدل على العدوى، حيث قال  في حديث أسامة بن زيد : ( إِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ بِأَرْضٍ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِ وَإِذَا وَقَعَ وَأَنْتُمْ بِأَرْضٍ فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ ) رواه الشيخان. وقال  في حديث أبي هريرة : ( لَا يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ ) رواه الشيخان. فليس في هذين الحديثين ما يثبت العدوى، وإنما قال ذلك  - والله أعلم- حمايةً للتوحيد، وسد كل طريق يؤدي إلى الشرك (فمن أصابه المرض فلا يقل إن ذلك من العدوى)، بل يعلم أنّ ذلك مقدر عليه من الله ، لأن النبي  قد نفى العدوى في قوله: ( لَا عَدْوَى ). ولما خُشي أن يقول الذي أصابه المرض: أنها العدوى، فقد نهاه  أن يدخل على الطاعون، وكذا نهاه أن يخرج فراراً منه؛ لأنه إن اعتقد العدوى وقع في الشرك الأصغر أو الأكبر، فكان هذا النهي من النبي  هو حماية لجناب التوحيد .

باب
ما جاء في التنجيم

ومما يذهب بأصل التوحيد أو كماله الواجب التنجيم
• والتنجيم ينقسم إلى أقسام :
القسم الأول: اعتقاد أن النجوم فاعلة مؤثرة بنفسها في الحوادث الأرضية، كما هو مذهب الصابئة عباد الكواكب، فهذا كفر وشرك أكبر في ربوبية الله , فإنْ عَبَدَ الكواكب كان مع ذلك مشركاً في العبادة، وهذا مناف لأصل التوحيد .
القسم الثاني: اعتقاد أن النجوم سبب في ما يحصل من الحوادث، وليست فاعلة مؤثرة كمن يعتقد أن النجوم سبب في نزول الأمطار، فيقول: مطرنا بنوء كذا وكذا، فهذا كفر أصغر وشرك أصغر مناف لكمال التوحيد الواجب، وهو من أعمال الجاهلية، وقد قال  في حديث أبي مالك الأشعري : ( أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يَتْرُكُونَهُنَّ الْفَخْرُ فِي الْأَحْسَابِ وَالطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ وَالْاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ وَالنِّيَاحَةُ...الحديث ) رواه مسلم.
ولما صلّى النبي  الصبح بالحديبية على إثر مطر كان من الليل، أقبل  على الناس فقال: ( هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ قَالَ أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ وَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ ) رواه الشيخان .
فإن طَلَبَ السقيا من النجوم واعتقد أنها (النجوم) هي الفاعلة المؤثرة التي تحدث الأمطار وغيرها من الحوادث في الأرض، فإنه يكون كافراً الكفر الأكبر المنافي لأصل التوحيد .
القسم الثالث : تعلُّم منازل النجوم، كتعلم القبلة، وما يتعلمه المزارعون من الأوقات التي تصلح للزراعة والتي لا تصلح بحيث يرى أن النجوم وحركتها علامات على أوقات للزراعة ونحو ذلك، فهذا جائز وقد قال تعالى:  وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ  [النحل: 16] .


اعلم أيها العبد:
أّن الله  خلق النجوم والكواكب لمصالح عباده، ولحكمة يعلمها سبحانه وتعالى، فما أخبرنا به أخذناه ومن ذلك:
أ‌- أنّ النجوم أَمَنَةٌ للسماء، كما قال  في حديث أبي موسى : ( النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ فَإِذَا ذَهَبَتْ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ وَأَنَا أَمَنَةٌ لِأَصْحَابِي فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ ) رواه مسلم .
ب‌- أن النجوم زينة للسماء، كما قال تعالى:  إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ  [ الصافات : 6 ].
ت‌- وأن النجوم حفظٌ للسماء من كل شيطان، كما قال تعالى:  وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ [ الصافات : 7 ].
ث‌- وأن النجوم رجوماً للشياطين، كما قال تعالى:  وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ [الملك: 5].
ج‌- علامات يُهتدى بها، كما قال تعالى:  وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ  [ النحل : 17 ].

أيها المسلم، لا تتكلّف مالا علم لك به! ومن ذلك ما لم نُخبر عنه فيما يتعلق بالنجوم، فلا يجوز أن نتكلف ما لا علم لنا به، وقد قال  في حديث ابن مسعود : ( إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابِي فَأَمْسِكُوا ، وَإِذَا ذُكِرَتِ النُّجُومُ فَأَمْسِكُوا ، وَإِذَا ذُكِرَ الْقَدَرُ فَأَمْسِكُوا ) رواه الطبراني في الكبير (صحيح) .

مسألة حكم تعلُّم منازل القمر: يجوز تعلم منازل القمر بلا كراهة، لقوله تعالى:  وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ [ يونس : 5 ]. فقد امتنّ الله على عباده بتعلم ذلك فهو جائز .

باب
من الشرك
إرادة الإنسان بعمله الدنيا

• الإرادة بالعمل تنقسم إلى أقسام :
القسم الأول: أن يريد العبد بعباداته وجه الله والدار الآخرة، فهو يريد بصلاته وصيامه ونحو ذلك مما لم يأت فيه الشرع بثواب دنيوي (يُريد به وجه الله والدار الآخرة)، فهذا واجب على العبد، وليس له أن يريد الدنيا بتلك العبادات وليس له أن يريد وجه الله والدار الآخرة والدنيا، فإن فعل كان مشركاً، كما لو أراد بصلاته وجه الله ورياضة الجسم، وقد قال تعالى:  وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا [الإسراء: 19]. وأما العادات فلا يضر أن لا يتطلب بها وجه الله والدار الآخرة لكن إذا حسنت نيته فأراد بها الاستعانة على طاعة الله أثيب عليها .
القسم الثاني: أن يريد العبد بصلاته وصيامه وعباداته كلها الدنيا فقط، حتى ولو أراد وجه الله لكنه يصلي ويصوم ونحو ذلك وهو مخلص لله في ذلك ولكنه يريد فقط أن يتقوى جسمه ويتريّض، وتصح معدته بالصيام، وتخلو من الأمراض، ولا يريد بذلك ثواباً عند الله في الآخرة، فهذا شرك بالله جل وعلا، شركاً أكبر ينافي أصل التوحيد، وقد قال تعالى:  مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [ هود :15،16 ].
القسم الثالث: أن يريد العبد بعبادته التي رتّب الشرع عليها ثواباً دنيوياً (الدنيا والآخرة) مثل صلة الرحم، فقد قال  في حديث أنس : ( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ ) رواه الشيخان. وكالإنفاق فقد قال  في حديث أبي هريرة : ( مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا وَيَقُولُ الْآخَرُ اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا ) رواه الشيخان . فإذا وصل العبد رحمه مريداً وجه الله والثواب في الآخرة وأن يُبسط له في رزقه, وأنفق العبد مُريداً وجه الله وثواب الآخرة والخلف من الله فهذا لا بأس به، ولا كراهة فيه .
القسم الرابع : من كان يريد في الأصل بعباداته وجه الله والدار الآخرة، ولكن يطرأ عليه الرياء، فإن الرياء يحبط ثواب العمل الذي يقارنه .
القسم الخامس: أن تكون العبادات ليست كالصلاة والصوم، ولكنها أقل منها، ومع الشخص أصل الإيمان، كما لو طلب العلم ليحصل على الشهادة والوظيفة فقط, أو تعلم القرآن ليكون معلماً في حلقة قرآن لأجل المال فقط فهذا مذموم؛ لأنّ هذا من الشرك الأصغر وقد دعا عليه النبي  وقال في حديث أبي هريرة : ( تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ تَعِسَ وَانْتَكَسَ وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ...الحديث ) رواه البخاري .

فيا أيها العبد:
1- ابتعد عن إرادة الدنيا بعباداتك، واطلب ما عند الله والدار الآخرة، حتى لا تقع في الشرك، ولا تقع في دعاء النبي  على من وقع في ذلك.
2- تفطّن لقصدك ونيتك في كل أعمالك، وعليك أن تعي ما تُريد، ولتكن همتك عالية في كل شأن من شئونك، حتى تكون حركاتك وسكناتك وكلماتك وهمومك كلها لله وحده، طلباً لثوابه واهتماماً بآخرتك، ليُشكر سعيك كله وليبارك الله لك فيه، ويزيدك من فضله كما قال تعالى:  مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآَخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ [الشورى:20]. وقال : ( إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى...الحديث ) رواه الشيخان .
3- تنبّه لقلبك كل التنبّه! واجتهد في أن تكون كل حياتك لربك في أعمالك وأقوالك وهمومك، ومن ذلك: همّ بالحسنات! فقد قال : ( مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً...الحديث ) رواه مسلم.




باب
طاعة العلماء والأمراء
في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله

• يجب على العبد أن يكون مطيعاً لله ، فيُحلّ ما أحل الله ويحرم ما حرم الله، وليس لأحد أن يحلل أو يحرم من عنده، فمن حرم ما أحل الله أو أحل ما حرم الله فقد كفر كفراً أكبر ينافي أصل التوحيد، وقد قال تعالى:  وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ  [ النحل : 116 ].
• إنما طاعة العلماء والأمراء هي تابعة لطاعة الله عز وجل كما قال تعالى:  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ [ النساء : 59 ] .
• فإذا أمروا بمعصية فإنه لا تجوز طاعتهم في ذلك، وقد قال  في حديث علي : ( لَا طَاعَةَ لِأَحَدٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ ) رواه الشيخان. وقال  في حديث عمران والحكم بن عمرو رضي الله عنهما: ( لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِق ) رواه أحمد والحاكم (صحيح). وقال  في حديث أنس : ( لَا طَاعَةَ لِمَنْ لَمْ يُطِعْ اللَّهَ  ) رواه أحمد (صحيح) .
• من كان مجتهداً وعرف الدليل أو بلغه فليس له العدول عنه، ووجب عليه الأخذ به وحرم عليه تركه وتقليد غيره مهما كان ذلك الغير، وقد قال تعالى:  اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ...الآية [ الأعراف : 3 ].
• من كان غير مجتهد (لا يستطيع الاجتهاد) فعليه أن يسأل العلماء المجتهدين ممن يثق بهم، كما قال تعالى:  فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ  [النحل:43].
• طاعة العلماء والأمراء وغيرهم في معصية الله تنقسم إلى أقسام :
القسم الأول : طاعتهم في تحريم الحلال وتحليل الحرام، كما لو جعل العلماء أو الأمراء الربا حلالاً فأطاعهم المسلم وجعل الربا حلالاً مُطيعاً لهم فيما جعلوه، وهو عالم أن الربا حرام، فهذا كفرٌ أكبر منافٍ لأصل التوحيد، وفي حديث عدي بن حاتم  أنه سمع النبي  يقرأ : (  اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ  قَالَ أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَحَلُّوا لَهُمْ شَيْئًا اسْتَحَلُّوهُ وَإِذَا حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ شَيْئًا حَرَّمُوهُ ) رواه أحمد والترمذي وهذا لفظ الترمذي (حسن) .
القسم الثاني : طاعتهم في فعل المعصية التي لا يكفر فاعلها لا في التحليل والتحريم، بحيث أن العبد بقي معتقداً بتحريم الحرام وتحليل الحلال ولكنه أطاعهم في الظلم مثلاً أو في إسبال الثوب، فهذا معصية لله، وحكم من أطاعهم في ذلك كغيره من أصحاب الذنوب الذين معهم أصل الإيمان، وهم من أهل الوعيد إذا ماتوا على ذلك بلا توبة إلا أن يعفو الله عنهم .
القسم الثالث : طاعتهم في المعصية التي يكفر مرتكبها، كما لو أطاعهم في ترك الصلاة حتى وإن كان يعتقد وجوبها فإنه يكفر بتركها، لقوله  في حديث جابر : ( بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ ) رواه مسلم .

فيا أيها العبد:
1- اعلم أن التحليل والتحريم إنما ذلك إلى الله ، في كتابه أو سنة رسوله ، وليس لك خيارٌ في ذلك، وقد قال تعالى:  وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى الله وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الخيرة مِنْ أَمْرِهِمْ  [الأحزاب :36].
2- لا تُطع أحداً في معصية الله، مهما كان ذلك الأحد! واعلم أن طاعة أكثر من في الأرض هي ضلال عن سبيل الله، كما قال تعالى:  وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأرض يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ الله إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظن وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ  [ الأنعام : 116 ]. وقال تعالى:  وَمَآ أَكْثَرُ الناس وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ  [ يوسف : 103]. واعلم أن طاعة الله ورسوله هي الفوز، وقد قال تعالى:  وَمَن يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ الله وَيَتَّقْهِ فأولئك هُمُ الفآئزون  [ النور : 52 ] . فاسلك طريق الفوز والنجاة من الآن.




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ديري نشمي
ديري مبدع
ديري مبدع
ديري نشمي


الساعة :
دعاء
ذكر
عدد المساهمات : 474
نقاط : 944
التقيم : 4
وسام وسام : كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Tmqn3
تاريخ الميلاد : 10/05/1991
تاريخ التسجيل : 29/04/2012
العمر : 33

كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ محمد بن شامي شيبة   كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Icon_minitimeالجمعة يونيو 22, 2012 3:25 pm


فصل
طاعة ولاة الأمر

1- اعلم -أيها العبد- أن طاعة ولاة الأمر هي تابعةٌ لطاعة الله،فطاعتهم في المعروف عبادة لله وطاعة لله، كما قال تعالى:  يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ أَطِيعُواْ الله وَأَطِيعُواْ الرسول وَأُوْلِي الأمر مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا  [النساء:59].
2- تجب عليك طاعة ولاة الأمر إذا أمروا بالمعروف، لقوله  في حديث علي : ( إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ ) رواه الشيخان.
3- يجب عليك السمع لولاة الأمر، وطاعتهم في المعروف فيما أحببت أو كرهت، وفي عُسرك ويُسرك، ومنشطك ومكرهك، وأَثَرةٍ عليك، وقد قال  في حديث أبي هريرة : ( عَلَيْكَ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ فِي عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ وَمَنْشَطِكَ وَمَكْرَهِكَ وَأَثَرَةٍ عَلَيْكَ ) رواه مسلم.
4- لا تجب عليك طاعةٌ لأحد في معصية الله ، وتحرم طاعة المخلوق في معصية الله، وقد قال  في حديث علي : ( لَا طَاعَةَ لأحدٍ فِي مَعْصِيَة الله إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ ) رواه الشيخان. وقال : ( لا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ ) رواه أحمد (صحيح). وقال  في حديث أنس : ( لَا طَاعَةَ لِمَنْ لَمْ يُطِعْ اللَّهَ  ) رواه أحمد.
5- إذا أُمِرت أيها العبدُ بمعصية الله، فيحرم عليه السمع والطاعة في ذلك، وقد قال  في حديث ابن عمر : ( عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ إِلَّا أَنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةٍ فَإِنْ أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ ) رواه مسلم. وقال  في حديث أبي سعيد : ( مَنْ أَمَرَكُمْ مِنْهُمْ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ فَلَا تُطِيعُوهُ ) رواه ابن ماجة وأحمد (حسن).
6- ويجب عليك -أيها المسلم- الصبر على ما يلقى من الأَثَرة في المال والولايات وغير ذلك، وقد قال  في حديث أسيد بن حُضير : ( إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ ) رواه الشيخان.
7- المعروف هو: ما كان مما أمر الله به أو أمر به رسوله  من الواجبات وترك المحرّمات، وممّا يكون فيه مصالح المسلمين، ولا يتعارض مع القرآن والسنة. والله الموفق.
8- ويجب على المسلم النصيحة لولاة الأمر، وقد قال  في حديث تميم الدّاري : (إِنَّمَا الدِّينُ النَّصِيحَةُ قَالُوا لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ) رواه مسلم.
9- ويجب النّفير إذا استنفر الإمامُ المسلمين للجهاد في سبيل الله، وقد قال  في حديث ابن عباس : (وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا) رواه الشيخان.
10- وطاعة ولي الأمر هي فيما استطاع العبد، وقد قال  في حديث عبد الله بن عمرو : (وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ فَلْيُطِعْهُ إِنْ اسْتَطَاعَ فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الْآخَرِ) رواه مسلم وغيره.
11- وتجب طاعة الإمام الذي يقود الناس بكتاب الله وسنة رسول الله ، وقد قال : (وَلَوْ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ يَقُودُكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا) رواه مسلم.
12- ويجب على من غزا في سبيل الله أن يكون في غزوه مبتغياً وجه الله، مُطيعاً لإمامه في المعروف، مُجتنباً الفساد؛ ليحصل على الأجر العظيم، وقد قال  في حديث معاذ : ( الْغَزْوُ غَزْوَانِ فَأَمَّا مَنْ ابْتَغَى وَجْهَ اللَّهِ وَأَطَاعَ الْإِمَامَ وَأَنْفَقَ الْكَرِيمَةَ وَيَاسَرَ الشَّرِيكَ وَاجْتَنَبَ الْفَسَادَ كَانَ نَوْمُهُ وَنُبْهُهُ أَجْرًا كُلُّهُ وَأَمَّا مَنْ غَزَا رِيَاءً وَسُمْعَةً وَعَصَى الْإِمَامَ وَأَفْسَدَ فِي الْأَرْضِ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِالْكَفَافِ) رواه أبو داود والنسائي(حسن).

و الله أعلم ، و الحمد لله رب العالمين ، و صلى الله و سلم على نبينا
محمد  و على آله و أصحابه، و التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.



الفهرس

المقدمة......................................................................2
 الباب الأول: توحيد الطلب والقصد:
- معنى توحيد الألوهية ..........................................................3
- طريقة القرآن في الاستدلال على توحيد الألوهية ................................3
- الأدلة على توحيد الألوهية ....................................................3
- توحيد الربوبية يستلزم توحيد الألوهية .........................................4
- حقيقة توحيد الألهية ( العبادة ) ................................................5
- فضل التوحيد ................................................................6
- مسألة : الوعيد لعصاة الموحدين بدخول النار ...................................6
- توحيد الإلهية هو شهادة أن لا إله إلا الله .......................................7
- من فضائل شهادة أن لا إله إلا الله .............................................7
- شروط لا إله إلا الله ........................................................9
- دروس مستفادة من شروط لا إله إلا الله .....................................12
- الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله ..........................................13
- مسائل هامة تتعلق بتحقيق لا إله إلا الله .....................................13
فصل: الولاء والبراء
- الولاء والبراء ..............................................................14
- من مظاهر موالاة المؤمنين والتحذير مما يخالفها ...............................15
- التحذير من مظاهر موالاة الكفار ...........................................18
- حكم السفر إلى بلاد الكفار ...............................................19
- حكم التشبه بالكفار ......................................................19
فصل: الهجرة
- معنى الهجرة ..............................................................20
- حكم الهجرة .............................................................20
 الباب الثاني: العبادة
- معنى العبادة .............................................................21
- أقسام العبادة من حيث الوجوب وعدمه ...................................21
- معنى العبودية لله .........................................................22
- مناط العبادة الصحيحة ...................................................22
- ما يشمله مسمى العبادة ..................................................23
- أيها العبد اجعل كل عملك عبادة .........................................23
- أركان العبادة (شروط صحة العبادة) ......................................24
- حال العمل إذا تخلف أحد الركنين ........................................25
- عمل المبتدع .............................................................25
فصل: من أنواع العبادة :
1- الدعاء ................................................................26
2- التوبة إلى الله ..........................................................28
3- الخشية ................................................................29
4- التوكل على الله والثقة به وأنه كافي العبد ................................31
5- الخشوع لله والخضوع له والتذلل........................................32
6- تسبيح الله وتحميده وتهليله وتكبيره ......................................33
7- تلاوة القرآن وتدبره وتعلمه وتعليمه والعمل به ...........................35
8- الرجاء ................................................................36
9- الاستعاذة بالله والالتجاء إليه ............................................37
10- الاستغاثة بالله من جلب خير أو دفع ضر ................................41
11- المحبة .................................................................42
12- الخوف من الله والوجل منه ............................................45
13- الاستعانة بالله .........................................................48
14- الذبح ...............................................................49
- مسائل تتعلق بالذبح .....................................................51
15- النذر .................................................................52
- مسائل على النذر ......................................................53
- ماجاء في النهي عن النذر ...............................................54
- حكم من صرف شيئاً من العبادة لغير الله .................................55
 الباب الثالث: الكفر
- أنواع الكفر .............................................................56
- الفرق بين الكفر الأكبر والكفر الأصغر.....................................58
من أسباب الكفر والشرك
1- الغلو في الصالحين .....................................................60
2- الغلو في الدين .........................................................62
3- الغلو في النجوم والكواكب والشمس والقمر..............................62
4- الكبر ..................................................................63
5- التقليد ................................................................64
6- الجهل ونسيان العلم ...................................................64
7- وسوسة الشيطان وتزيينه وإلقاء الشبه على الخلق .........................65
8- تزيين الشركاء لعابديهم الكفر والضلال ................................66
9- الحسد ...............................................................67
10- الاغترار بما عند الإنسان من الفرية والعلم ..............................67
11- الحرص على المال والجاه ..............................................68
12 - الشك في الآخرة وفي الجزاء الأخروي ................................69
13- الخوف على المُلْك ..................................................69
14 - عدم التفكر في الآيات الكونية والشرعية ..............................69
15- الخوف من القتل والتعذيب ولحوق الضر .............................70
 الباب الرابع: الشرك .
- الشرك الأكبر ............................................................71
- الشرك الأصغر ...........................................................74
- كيف حديث الشرك في بني آدم ...........................................77
- التحذير من سنّ السنة السيئة ..............................................78
- الفرق بين الشرك الأكبر والشرك الأصغر ...................................79
 الباب الخامس: النفاق
- النفاق الإعتقادي ........................................................80
- من خصائص وصفات المنافقين نفاقاً إعتقادياً................................80
- من أنواع النفاق الإعتقادي ...............................................84
- النفاق العملي ............................................................85
- الفرق بين النفاق الاعتقادي والنفاق العملي .................................85
 الباب السادس: أمور منها ما هو شرك
1- التمائم..................................................................87
2- الرقى السحرية ..........................................................89
- أقسام الرقية .........................................................89
- شروط جواز الرقية ..................................................91
- أنواع الرقى الشرعية .................................................91
- العين ...............................................................95
3- التبرك بالأشجار ....................................................... 97
- أقسام البركة التي جعلها الله في الأشياء ....................................97
- اقسام التبرك ...........................................................99
- ما يشرع للمسلم فعله لتحصيل البركة ...................................99
- التبرك غير المشروع ....................................................102
- فصل: زيارة القبور .....................................................103
- سنن وآداب زيارة القبور................................................104
- مسالة: سماع الأموات للأحياء............................................105
- رسالة للذين يدعون أصحاب القبور......................................106
- من أحكام القبور .......................................................107
- باب: ما جاء في السحر .................................................108
- من أنواع السحر .......................................................110
- مسالة: من سأله أن يسحر له ...........................................111
- هناك أمر تعمل عمل السحر وليست سحراً ..............................111
- حل السحر ............................................................112
- باب: الكهان والعرافون ونحوهم .........................................113
- باب: التطير ............................................................115
- باب: ما جاء في العدوى ................................................118
- باب: ما جاء في التنجيم..................................................119
- باب: ومن الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا ..............................121
- باب: طاعة العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله..... ...123
- باب: فيما يتعلق بالنعم ..................................................125
- باب: الحلف بالله والحلف بغيره ..........................................127
- باب: ما جاء في سب الدهر ..............................................129
- باب: ما جاء في "لو" ....................................................131
- حالات يجوز فيها استعمال "لو" ..........................................131
- باب: من تعظيم الله عز وجل في العهود وغيرها ............................132
 الباب: السابع: الذنوب
- تعبيد الاسم لغير الله ..................................................136
- قول: اللهم اغفر لي إن شئت ..........................................138
- الإقسام على الله ......................................................139
- تصوير ذوات الأرواح ................................................141
- مسائل تتعلق بالصور .................................................142
- سبّ الريح ..........................................................143
- ما ذا يفعل عند ما تعصف الريح .......................................144
- من ساله أحد بالله فلم يُعطه ...........................................144
- الظن بالله ظنّ السوء .................................................145
- حالات الظن السيء بالله تعالى ........................................145
- نصيحة لمن ابتلي بشيء من ذلك .....................................146
- قول السيد عبدي وأمتي .............................................147
- التسمية للمخلوق باسم من أسماء الله .................................149
- قول: السلام على الله ...............................................150
- عدم حفظ الأيمان ..................................................151
- ادّعاء النسب أو جحده .............................................154
- طرق تكفير الذنوب ...............................................154
- فصل: مسائل تتعلق بالكبائر .........................................158
الباب الثامن: البدعة
- من صفات البدع وأهلها ........................................... 162
- أقسام البدع .......................................................164
- الواجب على المسلم تجاه البدع ......................................165
الباب التاسع: وجوب طاعة الله ورسوله
- ثمار طاعة الله  وطاعة رسوله  ................................. 167
- مغبة مخالفة الله  ورسوله  ...........................................169
- ثمار معصية الله ورسوله، والإعراض عن دين الله ....................169
- فصل: طاعة ولي الأمر .......................................172
- الفهرس ....................................................173

-
الفهرس .


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ محمد بن شامي شيبة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى دير الزور :: المنتدى الديني derezzor :: منتدى الشيخ محمد شامي شيبة :: منتدى كتب الشيخ محمد شامي شيبة-
انتقل الى:  

كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Button1-bm

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر المنتدى ~

تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتدى دير الزور على موقع حفض الصفحات
اخر مواضيع المنتدى
<div style="background-color: none transparent;"><a href="http://www.rsspump.com/?web_widget/rss_ticker/news_widget" title="News Widget">News Widget</a></div>
أفضل 10 فاتحي مواضيع
ابن الفرات
كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Vote_rcap1كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Voting_barكتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Vote_lcap 
حمدان
كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Vote_rcap1كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Voting_barكتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Vote_lcap 
مهند الاحمد
كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Vote_rcap1كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Voting_barكتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Vote_lcap 
ديري نشمي
كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Vote_rcap1كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Voting_barكتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Vote_lcap 
الاسمر
كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Vote_rcap1كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Voting_barكتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Vote_lcap 
ريم الساهر
كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Vote_rcap1كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Voting_barكتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Vote_lcap 
نبض الأمل
كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Vote_rcap1كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Voting_barكتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Vote_lcap 
الدير نت
كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Vote_rcap1كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Voting_barكتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Vote_lcap 
ديرية حرة
كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Vote_rcap1كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Voting_barكتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Vote_lcap 
العاشق لاحباب
كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Vote_rcap1كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Voting_barكتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Vote_lcap 
المواضيع الأخيرة
» دورة مهارات تقييم الاداء الوظيفي للمديرين والمشرفين
كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Icon_minitimeالإثنين فبراير 03, 2020 12:32 pm من طرف Manal

» دورة التحليل الفنى لتداولات الأسهم
كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Icon_minitimeالأربعاء يناير 22, 2020 11:48 am من طرف Manal

» التحليل. الاحصائى .للبوصات
كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Icon_minitimeالثلاثاء يناير 21, 2020 11:53 am من طرف Manal

» دورة اساسيات الرقابة الصحية على الاغذية
كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Icon_minitimeالإثنين يناير 20, 2020 9:28 am من طرف Manal

» تطبيق نظام haccp في إعداد وتصنيع وتداول الغذاء
كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Icon_minitimeالأحد يناير 19, 2020 9:24 am من طرف Manal

» دورة ادارة مخاطر التأمين الصحي
كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Icon_minitimeالخميس يناير 16, 2020 10:22 am من طرف Manal

» #دورة_ إدارة_الجودة_الشاملة_في_مجال_المشتريات_والمخازن
كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Icon_minitimeالأربعاء يناير 15, 2020 8:39 am من طرف Manal

» التحليل .المالِى. spss
كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Icon_minitimeالثلاثاء يناير 14, 2020 9:42 am من طرف Manal

» دورة. التحليل .المالِى
كتاب التوحيد والعقيدة الشيخ  محمد بن شامي شيبة Icon_minitimeالأحد يناير 12, 2020 9:11 am من طرف Manal