ابن الفرات Admin
الساعة : عدد المساهمات : 2577 نقاط : 6061 التقيم : 19 تاريخ الميلاد : 06/04/1984 تاريخ التسجيل : 03/04/2012 العمر : 40
| موضوع: نزاهة التصوف الحق من التهم الباطلة : الخميس يوليو 12, 2012 6:37 am | |
| نزاهة التصوف الحق من التهم الباطلة :
حينما نتحدث عن التصوف فليكن معلوماً أن المراد [التصوف الحق] أي الذي يتمشى مع الشريعة فهذا هو التصوف الذي نعنيه ، أما الذي يخالف الشرع فإطلاق اسم التصوف عليه تحكم محض ، لأنه إما أن يكون من قبيل البدع أو الشعوذة أو الفلسفة أو جر النفع الدنيوي والمصالح الشخصية ، فهذا ليس بتصوف بل التصوف منه بريء ، لأن التصوف الحق نزيه عن كل ما يفترونه بأهوائهم وتجاوزاتهم ا لمائلة إلى الغلو حيناً ، وإلى التقصير حيناً آخر ، فدين الله بين الغالي فيه والجافي عنه ، ومن خصائص هذا الدين الوسطية والاعتدال، قال تعالى : ] وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا [[2] لهذا سيكون عمدتنا هو القرآن الكريم والسنة المشرفة فيما فيه نص ، فإذا لم نجد نصاً من كتاب أو سنة أو إجماع رجعنا إلى اجتهاد أئمتنا من علماء المذاهب أساطين العلم ، الذين يعتقدون العقيدة الصحيحة ولا يكفرون مؤمناً ، ويحبون أولياء الله تعالى ، فاجتهادهم أحب إلينا من آراء الخارجين على المذاهب المعادين لأولياء الله تعالى .
وسنقتبس من تراث القوم ما يكشف الغوامض ، وينير العقول ، ويوقظ القلوب ، ويحرك العزائم ، مثل كتب الحارث المحاسبي ، والقشيري ، وأبي طالب المكي ، والغزالي ، وابن عطاء الله ، وغيرهم من تلامذتهم والمقتبسين منهم .. إلى جوار ما نأخذ من المفسرين والمحدثين والفقهاء والمربين ، من القدماء والمحدثين .
والتهم التي يسندونها إلى التصوف كثيرة نذكر منها جملة أمور :
فأما اعتراضهم على الصوفية لثقتهم المطلقة بشيوخهم ، فاعتراض في غير محله ، لأن الطريقة لا تؤخذ إلا عن الوارث المحمدي ، لكن الناس يظنون مشايخ الطريقة كغيرهم والحق أنهم ليسوا كغيرهم ممن تسمى باسم "شيخ" مع أننا لا نعتقد فيهم العصمة ، ولكن الذي لا يثق بشيخه كيف يتخذه شيخاً ، فالشيخ الناقص لا يؤخذ عنه والكامل لا يعترض عليه فإذا قلنا أنه بمثابة الطبيب المتخصص الماهر في المستشفى فينبغي أن يوثق بقوله ، وإلا فلماذا يستشيره هذا المريض ، وإذا لم يثق المريد بقول شيخه ولم يطع أمره فكيف تتم التلمذة ، وكيف يستطيع الشيخ إرشاده ومعالجته من أمراض النفس التي هي أخطر من أمراض الجسد .
والمعروف عند كل أهل الإسلام في شروط الصحبة أن يكون أحدهم أميراً ويجب شرعاً على رفقته أن يسمعوا له ويطيعوا ، فيلزم إذاً سماع قول المرشد وطاعة أمره ، ولذا شاع في التربية قولهم : من قال لشيخه لم لا يفلح ، وقولهم : ينبغي أن يكون المريد بين يدي الشيخ كالميت بين يدي الغاسل ، - وطبيعي أن كل ذلك ضمن إطار الحديث الشريف : (( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ))[3] - لأن كثيراً من المسائل الشرعية لم يرد لها دليل في الكتاب والسنة ، بل دليلها من الإجماع أو من القياس والاجتهاد ، والعامي الذي يجهل كيفية الاستدلال ولا يدري كيف يجتهد فلابد أن يتبع شيخه فيما يرشده إليه .
فالأحكام الشرعية لا تؤخذ إلا من الشريعة الغراء ، لقوله تعالى : ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ [[4] .
قال المفسرون : أولو الأمر هم الأمراء في أمور الدنيا والعلماء في أمور الدين ، ولذا كان الشيخ قدس سره يقول في التوجه :
ومن المحال السير في طرق الصفا يا سعد من غير اتباع المصطفى.
أسأله تعالى أن يجعل نياتنا خالصة لوجهه الكريم ، ويجعل هذه الدراسات قبساً من العلم النافع ، وعوناً على العمل الصالح ، ونوراً يضئ الطريق ، ويجعلها في صحائف مشايخنا الكرام ، وخصوصاً في صحيفة شهيد الحرمين وصحيفة نجله الشيخ محمد مطاع حفظه الله تعالى ، وأن يجعلها سبب حب ووسيلة قرب بين كاتبيها وساداتهم الكرام ، ليفوزوا بالهداية التي وعدها الله بقوله : ] وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [[5] اللهم اجعلنا من عبادك الذين يتعلمون فيعلمون ، ويعلمون فيعملون ، ويعملون فيخلصون ، ويخلصون فيثبتون ، ويثبتون فيقبلون .
هذا شيخنا وقدوتنا الشيخ محمد مطاع الخزنوي | |
|