الطريقة الصوفية سؤال وجواب ..؟؟

( سؤال وجواب )

وإن كان هناك إشكال عند البعض في أصل تسمية التصوف...

فالجواب : هناك مصطلحات وأسماء لعلوم كثيرة لم تكن هذه المصطلحات معروفة في زمن النبي عليه الصلاة والسلام , كالنحو , والصرف , والبلاغة , والعَروض , والأصول , والمصطلح ، والمنطق , ولا نَجِد مسلماً ينكرها , فلماذا ينكر التصوف ؟ !

ثم لابد من التنويه أن المسلمين بعد رسول الله لم يتسموا باسم سوى صحابة ، إذ لا فضيلة فوقها ،

ولكن مع مرور الزمن اختلف الناس وتباينت المراتب ، فقيل لِخواص الناس مِمَّن لهم شِدَّة عِناية بأمر دينهم الزهاد والعباد , ثم ظهرت الفتنة وحصل التداعي بين الناس والفرق , فكل فرقة ادَّعوا أن فيهم زُهاداً وعُباداً , وانفرد خواص أهل السنة المُراعون أنفسهم في الله الحافظون قلوبهم من طوارق الغفلة باسم الصوفية ، واشتهر هذا الاسم لهؤلاء الأكابر قبل المائتين من الهجرة .

وإن قيل : لِمَ لَمْ تظهر الطرق الصوفية في العصر الأول وانتشرت في العصور التالية ؟؟؟
فالجواب ذلك لعدم الحاجة إليها في عصر النبي وصحابته الكرام ، فالله أكرمهم بقلوب عامرة بحب الله وذكره وحب الحبيب محمد والتزام منهجه ، ولم يكن لِحُبِّ الدنيا سبيل إلى قلوبهم ، فهم الذين قال الله في حقهم : كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ، وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ وقال : رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وقال: رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا وقال في حقهم النبي : (( أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم )) وقال أيضاً : (( لو أنفق أحدكم مثل أُحد ذهباً ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نُصيفه )) .
ولكن عندما تَسرَّب حب الدنيا إلى قلوب الأجيال التالية , صارت الحاجة ماسَّة إلى وجود رجال يسعون لتنبيه الناس إلى الجانب الروحي , وتصفية القلوب , وتزكية النفوس , والزهد في الدنيا .
فالحبيب المصطفى قال : (( ازْهَدْ في الدُّنيا يُحِبَّكَ اللَّه ، وَازْهَدْ فِيمَا عِنْدَ النَّاسِ يُحبَّكَ النَّاسُ )) .

ومن كلمات الشيخ محمد مطاع قدس سره : الطريقة لازمة على كل إنسان , إلا صاحب القلب السليم , وصاحب القلب السليم : هو الذي لا تُحدِّثه نفسه بمعصية أبداً . أمثال سيدنا حارثة الذي سأله النبي مرة فقال له : (( كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا حَارِثُ ؟ " قَالَ : أَصْبَحْتُ مُؤْمِنًا حَقًّا ، فَقَالَ : " انْظُرْ مَا تَقُولُ ؟ فَإِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ حَقِيقَةً ، فَمَا حَقِيقَةُ إِيمَانِكَ ؟ " فَقَالَ : قَدْ عَزَفَتْ نَفْسِي عَنِ الدُّنْيَا ، وَأَسْهَرْتُ لِذَلِكَ لِيَلِي ، وَاطْمَأَنَّ نَهَارِي ، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى عَرْشِ رَبِّي بَارِزًا ، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ يَتَزَاوَرُونَ فِيهَا ، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ النَّارِ يَتَضَاغَوْنَ فِيهَا ، فَقَالَ : " يَا حَارِثُ عَرَفْتَ فَالْزَمْ )) .
فنقول لمن يسأل هذا السؤال : لماذا لم يظهر عِلم النحو في زمن النبي ؟ ولماذا لم يظهر عِلم العَروض وعِلم التجويد ؟ .
فلو سُئل صحابي عن المد العارض للسكون ، أو مد العِوض والبدل لما أجاب ، ولكنه عمليَّاً يُتقنها ، ولو سُئل صحابي عن إعراب جُملة لما استخدم المصطلحات الحالية ( فعل ، وفاعل ، ومفعول به ، وبدل ، وحرف جر ) ولكنه لا يُخطي ، فلماذا لا يعرفون تلك المصطلحات ؟!
الجواب معروف : لأنه لم تكن هناك حاجة لتعلُّمها , فهي موجودة سليقة , كذلك الطرق الصوفية لم تظهر في زمن النبي والصحابة رضي الله عنهم , لأنهم كانوا صوفية بالفعل والسلوك العملي , فكيف نطالبهم بتعلُّم علم هم أساتذة الأمة فيه .
وما تسعى إليه الطرق الصوفية إنما هو تعليم المسلمين أخلاق الرسول وآداب الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين ، والسعي لِتحويل الجانب النظري إلى فعل وسلوك عملي ، أي قرن القول بالعمل .
فأين الحرج ؟!
وعلى كل حال فلنعتبر هذا الاسم كغيره من المصطلحات ، والمعروف أنه لا مشاحّة في الاصطلاح .
والسلام

بارك الله بك واسعدك بالدنيا والاخرة
وجزاك الله كل خير
تقديري

اسأل الله العظيم
أن يرزقك الفردوس الاعلي من الجنان
في انتظار جديدك المميز
دمت بسعادة مدي الحياة