مهند الاحمد مشرف عام
الساعة : عدد المساهمات : 644 نقاط : 1611 التقيم : 11 وسام : تاريخ الميلاد : 05/03/1990 تاريخ التسجيل : 06/04/2012 العمر : 34 الاقامة : سوريا العمل/الترفيه : نجار عادي
| | بازارات الثورة السورية , من يزيد ..!؟ | |
بازارات الثورة السورية , من يزيد ..!؟on 4 أغسطس, 2012 22:14 / تناقلت وسائل الإعلام مؤخراً أخبار تهافت أطياف المعارضة السورية كل على حدة لتشكيل حكومة انتقالية تتولى إدارة شئون البلاد في مرحلة ما بعد الأسد ,الشيء الذي يعد دليلاً جديداً على عدم نضوج أي من هذه القوى الثورية وعدم وجود رؤية وطنية شاملة لدى أي منها ,وهنا لا أقصد التقليل من وطنية أي من المعارضين أو التقليل من تضحياتهم ولكن ضعف قراءة هؤلاء للواقع السوري يعد شيئاً مقلقاً للغاية. تدل المؤشرات على الأرض ومعظم التحليلات العسكرية إلى أن الأسد لن يرحل قريباً بأي حال من الأحوال بل إنه من المرجح امتداد الصراع المسلح لفترة زمنية طويلة دون أن يكون لأي من الطرفين القدرة على الحسم العسكري , فروسيا و إيران مازالتا تقفان بثبات وراء نظام “الممانعة” ولا تتورعان عن دعمه مادياً وعسكرياً كما يقف الغرب وبعض العرب وراء التسليح المتزايد كماً ونوعاً للثوار حيث شكلت صواريخ أرض- جو التي حصل عليها هؤلاء مؤخراً والضربات المتتالية التي عانت منها قوات الأسد مؤشراً إضافياً على دخول العمل الثوري المسلح مرحلة التنظيم والفعل بعد أن كان مجرد رد فعل يهدف إلى حماية المتظاهرين. ومع انعدام أفق التوصل إلى حل سلمي خاصةً بعد استقالة أنان , شكلت الإعدامات الميدانية للمنشقين قناعة لدى مقاتلي الجيش الحر بأنهم يخوضون معركة حياة أو موت لا مكان فيها للأسرى ما سيزيد من شراسة العمليات ويؤدي إلى تحقيق نتائج ملموسة على الأرض تزيد من التفاف هؤلاء حول قادتهم الميدانيين وهكذا ستعلو أصوات العسكر المنتصرين على أصوات الساسة الذين لم يحققوا أي انجاز يذكر. من الطبيعي أن يتوقع كل من ضحى في سبيل قضية إلى أن ينال التقدير والاحترام المناسبين عندما تنتصر هذه القضية ,لذلك يعتقد المعارضون بشكل عام ومن أمضوا سنوات في غياهب سجون الأسد بشكل خاص بأحقيتهم في المشاركة في صياغة مستقبل الدولة كأقل رد جميل ممكن لتضحياتهم ,بينما ينظر العسكر عادةً لهؤلاء كمتشدقين يتسابقون للظهور على شاشات التلفاز والخوض في نقاشات فكرية لا تقدم ولا تؤخر بينما يحمل المقاتلون أرواحهم على أكفهم ويعانون الأمرين في المعارك. فهل أتى تشكيل هذه الحكومات جراء شعور الساسة بالحاجة إلى تقديم أي إضافة إلى مسار الثورة يعيد إظهارهم على واجهة الأحداث بعدما ثبت فشل كل محاولاتهم للتوحد ضمن إطار وطني شامل يشكل مرجعية سياسية ثورية ,أم أن استيلاء العسكر على الأرض وعلى قلوب جماهير الثورة سيطرح مخاوف تبلور واقع جديد يضمن لهؤلاء “نصيب الأسد” من كعكة سوريا ما بعد الأسد؟ لا يتوقع أشد المتفائلين المتابعين لمسارات الثورة السورية قيام دولة مدنية على أنقاض ما سيخلفه نظام الطاغية بعد رحيله ,إذ جرت عادة الثورات على أن يمسك جنرالات الحرب بمقاليد السلطة كمرحلة أولية يتم تسليم الحكم بعدها إلى سلطة مدنية منتخبة مع المحافظة على بعض المكتسبات التي يتم التفاوض عليها عادةً كميزانية الدفاع ورواتب العسكر …الخ ,وهذا للحق يبدو حلاً مقبولاً نسبياً لدى أغلب فئات الشعب باعتبار أن هاجس عودة الأمان والاستقرار هو المطلب الأساسي لهذه الفئات كما أن تدخل العسكر بالحكم هو أمر اعتاده السوريين خلال الخمسين عاماً الماضية ,ولنكن واقعيين فحتى في الأنظمة الديمقراطية يبقى العسكر قوة مؤثرة (وليست مسيطرة) في صنع القرار,ويكفي النظر إلى مدى النفوذ الذي تتمتع به جمعية المحاربين القدامى في الولايات المتحدة لنفهم أن تشكيل مجلس عسكري مؤقت يعتبر الحل الأكثر منطقيةً لتجاوز المرحلة الانتقالية التي تلي سقوط النظام ,لا أن يتم تشكيل حكومة انتقالية لا تملك تأثيراً على الأرض كما لا تملك شرعية شعبية! ما يثير الضحك هو قراءة الأسماء التي جرى تسريبها للإعلام من كل طرف كوزراء محتملين في الحكومة الانتقالية “العتيدة”,فمع الاحترام الكامل والتقدير لتضحياتهم إلا أن أحداً من هؤلاء لا يصلح لأن يكون رجل دولة بأي شكل من الأشكال ,فمنهم من لا يملك الخبرة ومنهم من لم يمارس أي عمل حكومي في حياته ومنهم من عاش معظم حياته في الخارج ولم يزر سوريا منذ ثلاثين عاماً علاوةً على أن أغلب تلك الأسماء لا تحظى بإجماع المعارضين أنفسهم فكيف تحظى بإجماع شعبي ؟! إذاً ,لكي تنجح الثورات فلا بد من أن تأكل أبناءها, ويجب على رموز المعارضة التعالي عن المكاسب الشخصية ليصبحوا بذلك رموزاً وطنيةً خالدة بينما يتم إفساح المجال أمام رجالات الدولة لقيادة دفتها بهدوء وثبات ,ولنا في سلطان باشا الأطرش أسوة حسنة حين رفض أي منصب سياسيي بعد الاستقلال لأنه يعرف جيداً أنه رجل ثورة لا رجل دولة. من الطبيعي أن يشكل تقاسم النفوذ أول المعضلات التي تواجهها الثورات بعد نجاحها , أما أن يبدأ “البازار” ولازال أمام الثورة درب طويل لتمشيه وتضحيات طويلة لتقدمها فهذا يعد بحق براءة اختراع تسجل لصالح الثورة السورية التي يبدو أن أبناءها يريدون أن يتغدوا بها قبل أن تتعشى بهم!
بقلم : زياد المحمود , بعد صمت طويل
| |
|