ابن الفرات Admin
الساعة : عدد المساهمات : 2577 نقاط : 6061 التقيم : 19 تاريخ الميلاد : 06/04/1984 تاريخ التسجيل : 03/04/2012 العمر : 40
| | الطريق الى دولة العصابة 11: ولادة سوريا اﻷسد | |
الطريق الى دولة العصابة 11: ولادة سوريا اﻷسدon 21 فبراير, 2012 12:44 ص in الطريق الى دولة العصابة, توثيق تاريخي, مقالات / 2 تعليقات منذ أول مقالة تطرقت ﻹنشاء دولة اﻷسد وعلاقاتها المشبوهة خاصة مع العدو اﻹسرائيلي ، تلقينا العشرات من التعليقات التي تنتقد “نقص المراجع ” التي نعتمد عليها وخاصة السؤال الذي يعاد طرحه بعد كل مقال : “أين الدليل على خيانة النظام ؟ “.انعدام التوثيق المستقل ﻷعمال النظام أو ندرته الشديدة ولجوء الرئيس المؤسس له لكاتب سيرة “مساير” مثل “باتريك سيل” وبعده “جوشوا لانديس” يكفيان للتشكيك في مصداقية هذين الكاتبين و في حيادية مصادرهما. هل نتصور مثلاً كاتباً لسيرة “ستالين ” يقدر على كشف سادية هذا اﻷخير التي نعرفها الآن، ويستطيع التحرك والسؤال بحرية في اتحاد سوفييتي تحت الحكم الستاليني ؟ هناك العشرات ممن كتبوا سيرة ستالين و ماو وكيم ايل سونغ وكلهم يمجدون هؤلاء الطغاة. فقط حين يسقط النظام تتبين الحقيقة عارية.ممنوع في سوريا ذكر اسم الرئيس “بغير الخير…” فما بالك بنبش أسرار عائلته ! كمثال واحد : ” دانييل لوغاك”(La Syrie du Général Assad) المراسل الصحفي الفرنسي في لبنان خصص كتاباً لسياسة اﻷسد ذكر فيه في سطرين ما غاب عن فصلين كاملين في كتاب “باتريك سيل” : وهو أن “مواهب الجد المؤسس للعائلة ووالد اﻷسد اﻷب وقوتهم الجسدية كانتا في خدمة اﻹقطاعيين العلويين ” وأن الاثنين كانا “شبيحة” في خدمة ملاكي اﻷراضي الذين كانوا يسلطون عائلة اﻷسد على الفلاحين العلويين الفقراء. وهناك الكثير من اﻷمثلة من نفس النوع، مثل اﻷثمان المرتفعة التي تقاضاها اﻷسد لقاء تحرير الرهائن الغربيين في لبنان والتي غابت تماماً عن كتب “سيل” و”لانديس”. ”سيل” لم يكن محايدأ ولا مجنوناً أو انتحارياً ليفضح أسرار اﻷسد فالرجل “يريد أن يعيش” مثله مثل “جوشوا لانديس” ومثل كل من تسولوا مكرمات النظام وحسناته. فلا يظنن أحد أن “سيل” و”لانديس” يعتاشون من بيع كتبهم التي تمجد اﻷسد !ثم كيف ٳثبات العلاقة العضوية بين نظام اﻷسد والنظام العنصري اﻹسرائيلي ؟ فقط حين نقبض على مسؤولين ٳسرائيليين في دمشق، لكن من سوف يقبض على هؤلاء ٳن كان نظام الممانعة في دمشق لم يقبض على أي جاسوس ٳسرائيلي أو حتى عميل ٳسرائيلي منذ “كوهين” في حين تم ٳلقاء القبض على الكثير من “عملاء العدو” في لبنان “غير المقاوم” ! طريقة أخرى هي الحصول على وثائق ومحاضر اجتماعات مسؤولي النظام مع العدو ، لكن هذه الوثائق لن تكون في متناول الباحثين ﻷسباب أكثر من مفهومة وربما لن يتم العثور عليها قبل سقوط النظام.دعنا ٳذا نطرح السؤال بشكله الصحيح على مبدأ “البينة على من ادعى واليمين على من أنكر”. كاتب هذه السطور لا يدعي لا ممانعة ولا صموداً ولا حتى معارضة، فرصيدنا من الاعتقال والصفعات لا يكفي ﻹعطائنا هذا الشرف ، لكن نظام اﻷسد يدعي الممانعة والصمود والتصدي للعدوان الصهيوني والوقوف في وجه الامبريالية ومخططاتها. أما نحن فنقسم بأغلظ اﻷيمان أن هذا النظام هو نظام قاتل ، خائن و لا وطني وأنه لا يتصدى لغير شعبه المنكوب به ولا يصمد سوى أمام المتظاهرين العزل المطالبين بالحرية.فليتفضل النظام ٳذاً ويعطينا البينة على أنه نظام مقاوم “يقاوم ” فعلاً لا بالكلام الفارغ وأنه “ممانع ” يمانع بالفعل والموقف لا بالخطابات الجوفاء. منذ 1974 يتم التجديد دورياً لقوات الفصل التي تحرس الاحتلال الصهيوني للجولان في حين أن “كرواتيا” رفضت التمديد للقوات التي كانت ترابط على حدود أراضيها المحتلة من قبل “صربيا” اﻷقوى عسكريا “لكي لا تستمر القوات الدولية بحراسة الاحتلال الصربي ﻷرض كرواتيا…”.عودة ٳلى موضوعنا اﻷساسي وهي كيف تطور النظام اﻷسدي في ظل اتفاق الفصل الشائن.اتفاق الفصل أتاح للأسد ٳعادة تشكيل الجيش والمجتمع السوري بعدما اطمأن لزوال التهديد العسكري اﻹسرائيلي المباشر و بعدما وقع النظامان اتفاق تفاهم ينهي عملياً حالة الحرب بينهما مع ٳبقائها قائمة نظرياً لضرورات داخلية لدي الطرفين. ٳسرائيل بحاجة لبعبع خارجي يسمح باستمرار حالة ومجتمع الحرب وتكريس الممارسات العنصرية اﻹسرائيلية ضد غير اليهود مع استمرار تدفق المساعدات الخارجية ، ٳضافة ٳلى تجييش الطائفة اليهودية وتخويفها بحجة حماية ٳسرائيل الواقعة تحت تهديد “العربي البشع”. النخبة اﻹسرائيلية من جهتها وجدت لها مصلحة عليا في هذا التوافق وهي استمرار تحكم النخب العسكرية في مسار المجتمع اﻹسرائيلي ، على حساب الحركات المدنية والحقوقية وراء واجهة ديمقراطية مجتزأة.اﻷسد كان الرابح اﻷكبر في هذه الصفقة فقد ” أقطعه ” الغرب والشرق وحتى العدو اﻹسرائيلي كامل التراب السوري عدا الجولان، وصار بمقدوره بناء “سوريا اﻷسد ” التي كان يحلم بها.اﻷسد بنى دولته اعتماداً على عدة نماذج ، منها الكوري الشمالي والجنوب أفريقي وحتى اﻹسرائيلي. لم يكتف اﻷسد بٳعادة ٳنتاج نظام دكتاتوري غوغائي على نمط الانقلابيين الذين سبقوه. اﻷسد أدرك ضرورة تسييس المجتمع ولكن على طريقته هو بحيث يتم خلق فضاء سياسي كلامي أجوف، لا سلطة حقيقية له ، و يدور دون هدف في حلقة مفرغة من اللاعقلانية ومن الممانعة والصمود اللفظيين. وجد اﻷسد والذي يمثل “الجناح اليميني” في حزب البعث ضالته في الخطاب و التشكيلات اليسارية في هذا الحزب.هكذا ساهم اﻷسد في بناء “نخبة ” مجتمعية منتفعة وذلك بٳلهاء كوادر ريفية ومن “صغار الكسبة ” وتأطيرها في حزب البعث وفي منظمات لا تعد ولا تحصى ، واحدة للشبيبة وأخرى للنساء وغيرها للعمال واتحاد للفلاحين وآخر للطلاب الخ. الدخول في هذه اللعبة المتحزبة كان شرط النجاح والصعود الاجتماعي في سوريا اﻷسد، و لكي تتربى اﻷجيال المقبلة على حب وعبادة اﻷسد “استورد” هذا اﻷخير فكرة “طلائع البعث” من صديقه الكوري الشمالي وأرسل الوفود ٳلى “بيونغ يانغ” كي تتعلم كيفية تدمير عقول اﻷطفال وتخريب طويتهم على أصولها وعلى يد “اﻷخ اﻷكبر” الكوري و الذي سوف نرى مآثره في تجويع بلاده وتدمير ٳنسانها في حين ارتفع مستوى المعيشة في كوريا الجنوبية بشكل صاروخي.من خلال تأطير العناصر الطموحة و المتعاونة مع النظام حزبياً وفي منظمات شعبية تمكن اﻷسد من ٳيهام هؤلاء أن لهم دوراً ومصلحة في استتباب اﻷمر للنظام وسيستمر هذا الوضع ما دام اﻷسد محتاجاً لغطاء شعبي في معادلة رابحة للطرفين ، اﻷسد والمنتفعين من نظامه ، لكن على حساب حرية الشعب وآماله في التطور.في مجتمع “النمل ” اﻷسدي ، لكل دوره ومكانه المخصص وله أمان نسبي ما دام يساهم في ازدهار تجارة اﻷسد ويقوم بما هو مطلوب منه. من الظلم القول أن النظام الذي بناه اﻷسد في تلك المرحلة كان شراً كله، فالتعليم المجاني والطبابة للجميع ولو بحدها اﻷدنى كانت مكاسب لا يستهان بها بالنسبة للفقراء ومحدودي الدخل. تدفق المعونات والمال الخليجي بعد الطفرة النفطية ساهما في ٳعطاء دفعة قوية للمجتمع السوري الذي سيعيش فترة نمو “ذهبية ” ما بين 1974 و 1979 تاريخ بدء التدهور الاقتصادي وتراجع الامتيازات التي كان النظام قد وفرها للفقراء، لصالح نمو طبقة طفيلية كومبرادورية و بعد اتضاح الدور القذر لنظام اﻷسد وطبيعته الفئوية وممارساته الطائفية.في نهاية “شهر العسل ” اﻷسدي بدت واضحة سياسات اﻷسد في تقسيم المجتمع على أسس اقتصادية وطائفية ، بشكل يختلف عن النموذج الكوري الشمالي الستاليني المعتاد. نظام اﻷسد كان قد طور ، جنباً ٳلى جنب مع النموذج الستاليني، سياسات مستقاة من النموذج العنصري الجنوب أفريقي.دولة جنوب أفريقيا والتي استقلت بعد الحرب العالمية الثانية طبقت سياسة الفصل العنصري منذ عام 1948. قبل هذا التاريخ كانت هناك تفرقة عنصرية لكن دون وجود سياسة متكاملة للفصل بين اﻷعراق. اﻷسد استلهم النموذج الجنوب أفريقي الذي طبقه البيض لتسهيل سيطرتهم على بلاد واسعة لا يشكل البيض فيها أكثر من 21 % في حين يشكل السود 67 % في عام 1948. البيض الذين كانوا يخافون من التكاثر السكاني للسود وضعوا قوانين للفصل العنصري كان المعلن من أهدافها هو “مساعدة السود على التطور اجتماعياً ” في حان كانت نتيجتها الفعلية هي حصر بعض المهن والمواقع الاجتماعية الهامة بالبيض ومن تحالفوا معهم من الهنود والملونين.هكذا ومع الزمن اصبح البيض وحلفاؤهم أكثرية ساحقة في الرتب العليا في الجيش والشرطة والقضاء ويشكلون اﻷكثرية في فرق النخبة العائدة لجيش جنوب أفريقيا القوي والمحترف.اﻷسد طبق سياسات وحوافز جعلت من أبناء طائفته العلوية أكثرية في في الجيش خاصة في الرتب العليا وهم يشكلون الجسم اﻷساسي لقوات النخبة من الفرقة الرابعة والقوات الخاصة والحرس الجمهوري ، ٳضافة ٳلى تغلغلهم في أجهزة اﻷمن السرطانية بنسب تقارب ال 80 %.في مجتمع النمل اﻷسدي ، الطائفة العلوية منوط بها دور ” الجندي ” حامل السلاح وحامي حمى “المستعمرة ” اﻷسدية والتي يقبع اﻷسد وعائلته في قلبها. هذا كان يقتضي تشويه التطور الطبيعي للطائفة ﻹبقائها في دورها المدروس وهو يفسر بطء تطور المناطق العلوية قياساً ٳلى غيرها فشباب الطائفة مقدر لهم أن يبقوا على الجهل والغفلة لكي يسهل التحكم بهم في سوريا اﻷسد.في حين كان أبناء باقي الطوائف يمارسون المهن المختلفة وينفتحون على العالم الواسع ، يدرسون أو يهاجرون ومنهم من يعود بثروات طائلة ، بقي أبناء “الطائفة الكريمة ” محبوسين في سجن ذي قضبان مطلية بالذهب العائد لآل اﻷسد ، مهمتهم حراسة دوام نظام القمع الذي يبقيهم في دور الجنود اﻷذلاء ويجود عليهم ببعض فتات مما يجنيه ناهبو البلد من كل الطوائف.من لم يكن مؤهلاً للعمل العسكري من أبناء الطائفة ، كذلك اﻷمر مع بناتها ، فتح لهم اﻷسد أبواب التوظيف في دوائر الدولة المختلفة ووزاراتها بحيث يقتاتون بالقليل الذي يجود به عليهم سيد الشام وبحيث يبقى مصيرهم ومصير وظائفهم البسيطة مرهوناً ببقاء النظام. هذا الوضع خلق منافسة بين فقراء الطائفة العلوية وباقي الفقراء والمعدمين من كل الطوائف الذين أصبح حلمهم هو الحصول على وظيفة براتب ضئيل يقيهم شر الحاجة. كلما ازدادت هذه المنافسة كلما زاد تعلق فقراء الطائفة بالسلطة وكلما ازداد ولاء هؤلاء “المنتفعين ” الصغار لآل اﻷسد ، دون أن يدركوا أنهم قد وقعوا في شرك لا مخرج منه بغير سقوط النظام وبغير التوافق مع باقي مكونات الشعب.مع قدوم الآلاف المؤلفة من أهل الريف وبخاصة من الطائفة العلوية لملء الشواغر في الجيش واﻷمن وفي الوظائف الحكومية المتاحة لهم ، حصلت أزمة سكن خانقة في المدن الكبرى ، خاصة تلك التي هي في قلب السلطة السياسية والاقتصادية مثل دمشق وحلب فكيف قام اﻷسد “بحل ” هذه المشكلة ؟في هذا المضمار استلهم اﻷسد النموذج اﻹسرائيلي ، فهناك خلقوا “كيبوتزات” و مستوطنات ، أما في سوريا اﻷسد فقد ابتدع النظام “العشوائيات” وهي حارات شبه منظمة و تتلقى خدمات لا بأس بها من ماء وكهرباء وصرف صحي ﻷكثرها، وأحياناً بالمجان ! هذه المستوطنات أخذت شكل أحياء متكاملة ومتجانسة طائفياً على أطراف المدن الكبرى مثل “عش الورور” و”مساكن الحرس” في ضواحي دمشق وغيرها. هذه المستوطنات سوف تلعب دور خط دفاع متقدم عن النظام وهو ما نشهده اليوم في حمص وقد نشهده في غيرها من المدن السوريةللتغطية على الطبيعة الوظيفية والطائفية لهذه اﻷحياء تعامى النظام عن “عشوائيات ” أخرى ﻷصحاب الدخل المحدود دون أن تتمتع هذه اﻷخيرة بنفس المستوى من الخدمات ودون أن تكون متجانسة طائفياً كحال ” مستوطنات ” النظام.بناء العشوائيات كان فرصة للنظام كي يتفاهم مع برجوازية جديدة طفيلية استفادت من بيع اﻷراضي ومواد البناء. لكن اﻷهم من وجهة نظرنا هو محاولة فهم عدم رغبة النظام في تنظيم هذه اﻷحياء و في جعلها ضواحي سكنية حقيقية وعدم قيام النظام ببناء ما يكفي من الوحدات السكنية لزبانيته رغم أنه استفاد من الطفرة النفطية ورغم توافر السيولة النقدية لديه.الحقيقة أن ٳبقاء سكان العشوائيات في وضع غير نظامي يسمح بالتحكم بهم وبمسار حياتهم ، فلو أن مساكن العشوائيات أصبحت منظمة وشرعية فٳن هذا كان سيخفض أسعار البيوت في المدن الكبرى وسيضر بطبقة تجار البيوت المرتبطة بالنظام واﻷهم من ذلك أن ساكني هذه البيوت في العشوائيات سيصبحون مالكين لها وقادرين على بيعها والاستفادة من ثمنها في ٳقامة مشروعات اقتصادية تحقق لهم بعض الاستقلالية عن النظام ، أو الانتقال ٳلى مناطق أخرى بما يتيح اختلاطهم بباقي فئات الشعب واندماجهم الناجز في النسيج الوطني السوري الواسع. هذان الاحتمالان ، الاستقلالية أو الاندماج كانا خطاً أحمر للنظام.هكذا تمكن اﻷسد من تطويع الطائفة العلوية ومن السيطرة على المجتمع السوري كله عبر التحكم في معيشة المواطنين كافة وفي فرص كل منهم في التطور والارتقاء ، بخاصة الأقليات والطبقات الموسرة وحيتان المال والذين سوف نخصص لهم مقالة مقبلة.في النهاية تبقى الطائفة العلوية أحد أكبر ضحايا دولة اﻷسد ، فهذه الطائفة تجد نفسها وقد صار معاش أبنائها ورواتبهم وسكناهم وحتى مستقبلهم بيد النظام يفعل بهم ما يشاء. هذه الطائفة قد تدفع الثمن اﻷكبر لسقوط النظام الحتمي ٳن هي استمرت في الانخراط في السياسة القذرة التي رسمها اﻷسد اﻷب لطائفته وجاء اﻷسد الابن لكي يعمقها ويجعل منها سياسة انتحارية بامتياز.د.أحمد الشامي | |
|