الدولة والإسلام في سٌورَيَا البعثية “3″

الدولة والإسلام في سٌورَيَا البعثية “3″

on 2012/08/28 11:29 / لا يوجد اي تعليق

من تمثّل الثورة الراهنة التي تشهدها سوريا منذ ستة عشر شهراً تقريباً، أخطر التحدّيات التي واجهت نظام أسرة الأسد خلال فترة تقترب من أربعين عاماً منذ أن نجح الأسد الأب في الإطاحة بمنافسيه في الجٌيَشَ والحزب، ومن ثمّ تأسيس أسرة حاكمة علوية جُدَيَدَة، تقاتل باستماتة من أجل البقاء في موقع السلطة والاستبداد، دون أن يتوافر لها الحدّ الأدنى من الإرادة الشعبية، التي تتيح لها الاحتفاظ بموقعها، ومن ثمّ لم يعد لدى نظام الأسد سوى الاعتماد على التحالفات الخارجية التي تقدّم له مقومات البقاء، وحتى هذه المساعدات لا يمكن أن تحسم الصراع في سٌورَيَا، مع اتساع حدة الِمُعِارٌضُة واكتساب الثوار المزيد من الجرأة في مواجهة وتحدّي النظام، پآلرغم من ضعف الإمكانيات التسليحية المتاحة لدى الثوار في هذه المرحلة.
سياسة الانهزام
كان من الأسباب التي أتاحت للنظام السوري الاستناد إلى منظومة الارتباطات المحلّية والداخلية والخارجية، وقد استطاع النظام توظيف هذه العلاقات لمصالحه الطائفية الضيقة، فقد اقنع الدول الغربية وفي مقَدُمِتها فرنسا والولايات المتّحدة، بأن الدور السوري لا يمكن الاستغناء عنه من أجل الاحتفاظ بالجمود القائم حاليا في منطقة الِشَرٌقّ الأوسط، أيضا فإن التحالف مع كلّ من رٌوًسِيَا والِصّيَنً، يتيح لكلّ من الدولتين التدخل في شئون الشَرٌقّ الِأِوًسِطَ، من خلال المصالح الدولية لكلٍّ من الدولتين، ومن ثمّ التأثير على الصراع الثنائي لكلّ من موسكو وبكين مع الولايات المتّحدة وغيرها من القوى الغربية، فضلا عن ذلك تعدّ سوريا من أقرب حلفاء الَجَمِهِوِرٌيّة الإسلامية الإيرانية لأسباب مشابهة تقريباً، أي أن النظام الطائفي السوري يراهن على تأكيد أهميته في المعادلة الإقليمية، من خلال الالتحاق بمعسكر الدول الكبرى، التي تقدّم له السلاح والدعم الُسٌيَاسٌيَ في الأمم المتّحدة، وهو ما أدى إلى استمرار هذه النظام حتى الآن، وحتى في القضايا التي يعاني المسلمون في مختلف أنحاء العالم من تربّص واستفزاز الدول غير المسلمة، لم يعرف عن النظام السوري تأييد أي من تلك القضايا، فعندما اجتاحت القوات السوفيتية الأراضي الأفغانية في شتاء عام 1979، كانت سٌورَيَا الأسد في عهد الَرٌئيّسً الأب في مقدّمة الدول التي ساندت الاحتلال السوفيتي، واعتبرت المقاومة الِرٌائعِة التي خاضها المجاهدون الأفغان دفاعاً عن دينهم وأرضهم إرهاباً، يجب ان يواجه بالنقد والتنديد، أيضا لعبت الحكومة الِسِوًرٌيَة دوراً مشبوهاً في مُطَارٌدة العناصر الإسلامية، وذلك لحساب الاستخبارات الأمريكية، خلال ما كان يُعرف باسم الِحًرٌب على الإرهاب، التي اكتسبت أبعاداً أكثر إجراماً، في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، وپآلفعل كانت دَمُشَقّ واحدة من المحطّات التي استخدمتها المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي أيه)، في نقل المعتقلين الإسلاميين عبر مناطق متعدّدة من العالم.
حِلف الشيطان
لم يكن موقف النظام السوري من الِحًرٌب التي شنتها الولايات المتّحدة على التوجّهات الإسلامية، خارج الحسابات المعقّدة التي يجريها نظام الأسد سواء كان الأب أو الابن، وفي هذا السياق لم يبد هذا النظام أي استعداد يُذكر لمساندة القضايا الإسلامية، فعندما واجه المسلمون في البوسنة والهرسك في التسعينيات من القرن الماضي، حرب إبادة منظّمة من جانب الصرب الأرثوذكس، أعلن النظام السوري عن تحالف سافر ومستفز مع النظام الصربي في بلغراد، فقد كان هذا النظام قريبا من موسكو، الحليف الإستراتيجي لنظام البعث السوري، ولم يكن موقف النظام السوري مستغرباً، ولكنه كان مثيراً لأقسى درجات الاستياء من المسلمين في جميع أنحاء العالم، إذ يصرّ حزب البعث على المرجعية العلمانية المتطرّفة، مع الترويج لخرافات من قبيل الاشتراكية والقومية العربية، دون أي التزام جدّي حقيقي بأي من تلك الشعارات، ولذا ظلّت سٌورَيَا واحدة من أفقر الدول العربية، پآلرغم من تعدّد الموارد الطبيعية ووفرة الإنتاج من الغذاء على سبيل المثال، ولكن الناتج القومي يتحكّم فيه حفنة من المقربين من النظام.
لعنة الداخل
استمرّ النظام السوري في ممارسة أبشع مظاهر القُمًعً ضد التيارات الإسلامية على اختلاف انتماءاتها، وحظيت جماعة الإخوان المسلمين بالنصيب الأوفر من الممُارٌسِات الإجرامية للنظام، وما يزال النظام يطارد بدون هوادة عناصر الجماعة پآلداخل والخارج، بل أقَدُمِت الاستخبارات الِسِوًرٌيَة على اغتيال زوجة الشيخ عصام العطار أحد قيادات الإخوان في ألمانيا، وهي في نفس الوقت بنت الشيخ علي الطنطاوي، أحد أبرز القيادات السنية في سٌورَيَا خلال سنوات الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، إذ أن النظام البعثي النصيري، لا يلتزم بأدنى معايير الأخلاق أو الكرامة الإنسانية في التعامل مع خصومه، في الوقت الذي لا يعرف هذه المفردات لدى التورط في التبعية للدول الكبرى.
خلف الحدود
لا يتوقّف عداء النظام البعثي للحركات الإسلامية بالداخل، ولكنه ساهم بصورة إجرامية في القضاء على حركة التوحيد الإسلامي، ذات التوجّهات السنية السلفية، التي أسسها وقادها الشيخ سعيد شعبان في السنوات الأخّيَرة من القرن الماضي بمدينة طرابلس في شمال لبنان، پآلرغم من أن الِحًرٌكة كانت ذات طبيعة دعوية تهدف إلى نشر الوعي الإسلامي بين المواطنين في المعاقل السنية في الأراضي اللبنانية.
وعلى النقيض، استطاعت القيادة البعثية استقطاب بعض الرموز الصوفية، التي لا تتوجّس منها على مكانتها الُسٌيَاسٌيَة أو أوضاعها الطائفية.

الدولة والإسلام في سٌورَيَا البعثية “3″

الدولة والإسلام في سٌورَيَا البعثية “3″ :: تعاليق

الدولة والإسلام في سٌورَيَا البعثية “3″