بسم الله الرحمن الرحيم
لازلت أعيش عقدةً عضالاً إسمها الاستعمار .. تاريخنا مليءٌ بصوره , وأشكاله , أريد أن أكتب عنه , فلا أستطيع , لأنني لا أدري من أين أبدأ ولا أين أنتهي , ماذا تقول عن إنسانٍ مثلك أخرجك من بيتك , وسكن به , وأكل خيراته ؟ غيّر ثقافتك ولغتك وعقيدتك , وجعلك خادماً ذليلاً يضربك كما يضرب حيواناته لتسرع , وإذا قاومته واعترضت قتلك , وقتل أبناءك , واغتصب بناتك , وصفق له بنو جلدتك , ووقفوا يشهدون فظائعه فيك , لكنهم والشهادة لله , يدينون أفعاله , بل ويدينونه بشدة , انظروا حولنا , ترابنا شبع دماً , أعجب لثمار أشجارنا لماذا لاتصبح حمراء , مثل ترابنا .. كل من يتنفس نسيمنا , وكل من يصلي صلاتنا , وكل من يطمح طموحنا , ومن يرى بعيوننا , كل من لايريد إلا حقه مثلنا , كل من يحمل مواصفاتنا ينصب عليه البلاء صبّاً , يأتيه الديمقراطيون من وراء القارّات , ومن أقاصي البحار , يقولون له : طريقة حياتك لاتناسبنا وقد وجب تغييرها , ونحن مَن يغيرها , فيغيرونها بآلاتهم , وأدواتهم , وخسّة أخلاقهم , ولا يتركونها إلا رماداً , ودماراً , وتشريداً
هكذا فعلوا بوطننا الجميل الذي لم يزدد بعد دخول أجدادنا إليه إلا أمجاداً , وحضارات , لايزال الناس يتغنون بها , ويتمنون عودتها ..
وطننا الجميل تقسّم , وتناثر , وفقد الكثير من قوته وتوحده , بفعل هذا الاستعمار , أثار النعرات الطائفية , والعرقية , لفت الأنظار إلى كل مايظن أنه يفرّق , وفَعّلهُ , وتبعه الكثير من أهل الأهواء , والمصالح الرخيصة , فازداد التشتت , بفعل هذا الديمقراطي المخلص المشكلة اليوم أن الحلْقَةَ تضيق , حتى وصلتْ إلى بيوتنا , ومجالس آبائنا , وأماكن سجودهم , وصلت إلى ملاعب أطفالنا ... أذنابهم تعبث في شوارعنا , وتسد أنوفنا بنتنها , ولم يبقَ إلا أن نختنق , لكن هيهات هيهات , من هنا بدأنا , ولن ننتهي إلا عندما نريد
ذات الوشاح الأحمر التي أدرجها الحبيب قائد منذ يومين , كانت بعيدة المغزى لدي , لو يعلم مصورهم أنها كانت النافذة التي رأيت منها الزمان يعود إلى سايكس بيكو , والسنين التي أعادنا فيها الاستعمار إلى الوراء , نتخبط في ظلامه وشقائه ... ذات الوشاح الأحمر , لم أجد في عينيها اعتراض على الاستعمار , ولا على انكشاف شعرها على الديمقراطيين , حتى صورتها اغتصبت ولم يُؤْخَذ رأيها بها , الديمقراطي أراد أن يحصل على جائزة , فأخذ صورة فتاة , من بلادٍ يحتلها , ويعتبر كل الموجودات من حقه , والفتاة من الموجودات , إذاً فليأخذ الصورة بدون شكر , ويرفع بها رصيده الفني والمادي , ويتبجح أمام الناس بفنه الراقي .. هكذا يفعلون بنا ..
أفغانستان بلاد مسلمة ,وهم على شدة بأسهم فقراء مساكين لايريدون إلا حقهم , قانعين بعيشهم , ولكن هذا لايُرضي الديمقراطية الزائفة فجاءت امبراطورية السوفييت تريد العبث بهؤلاء وأمنهم , وظنتْ أن الأمر بقوة الحديد الذي نقلوه إلى روابي أفغانستان , فذُهلوا لما أصابهم وكان هم الذين تغيروا , وتبدلوا كما سيتبدل غيرهم , بعدما أُطيح بهم وبحضارتهم الزائفة الهشّة , لكنهم لم يستفيدوا من أسوأ تجربة مروا بها على الإطلاق عادت فلولهم تغذي ذيولها وتدفعها لحتفها , صدقوني أنني من هنا أستبشر وأتفاءل , وعندها كم من ذات وشاح ستفرح إن شاء الله .
ويفرح المؤمنون بنصرهم
|