ابن الدير الحرة مشرف عام
الساعة : عدد المساهمات : 86 نقاط : 233 التقيم : 1 تاريخ الميلاد : 10/02/1990 تاريخ التسجيل : 05/04/2012 العمر : 34 الاقامة : سوريا دير الزور العمل/الترفيه : نجار عادي
| | الحالةِ الفلسطينيةِ الطبيعيةِ، في ظلِّ السلطة الوطنية التي “لم تعدْ كما اتُّفقَ عليه، ... وفقدَت مبر | |
معن البياريدلَّت رسالةُ الرئيس، محمود عباس، إِلى بنيامين نتانياهو، على فقرِ الخيال السياسيِّ لدى من كتَبها، ولدى الرئاسةِ الفلسطينية قبله وبعدَه. كأَنها تُؤشر، ابتداءً، إِلى أَنَّ مئاتِ المحادثات مع الجانبِ الإسرائيلي لم تفلحْ في إِقناعِه بأَبسط استحقاقاتِ الحالةِ الفلسطينيةِ الطبيعيةِ، في ظلِّ السلطة الوطنية التي “لم تعدْ كما اتُّفقَ عليه، ... وفقدَت مبرِّرَ وجودِها”، بحسبِ الرسالة، ناهيك عن إِلزامِه بها.
ومدهشٌ أَنَّ عباس، في المكتوبِ الذي بعثَه، زادَ وعادَ كثيراً فيما يخصُّ السلطة، في إِيحاءٍ بأَنَّ إِنقاذَها مما هي فيه هو الموضوع الأَساس، مع إِتيانِه على قضية الاستيطان. ولأَنَّ تلك المحادثات، والتي طريفٌ أَنّها، بعد دوامِ عليها أَزيدَ من عشرين عاماً، صارت استكشافيّة، كذلك، لم يبقَ إلا توسُل الاحتلال في رسالةٍ مثلِ هذه، عديمةِ الجدوى وبالغةِ الأَذى بالفلسطينيين، وربما أَضحكت نتانياهو من بؤس هذا الخيار المستجدِّ لدى عباس، ومن توسُّلٍ في نبرتِها لا يليقُ بكفاحِ الشعب الفلسطيني وصمودِه.
ولا غلوَّ في الزعمِ هنا أَنَّ العجزَ المريعَ الذي تقيمُ فيه المؤسسة الفلسطينية، فيما يخصُّ جهدَها لانتزاعِ الحقوقِ في الأَرض والسيادة والاستقلال، يذهبُ في الرسالةِ الأُعجوبة هذه خطوةً أُخرى إِلى القاع، وهذا زادَ إِلى الأَسفل كثيراً في الانقسام والتقسيم المُخزييْن، واللذيْن يعجز طرفاه الصنديدان عن اتخاذ إِجراءٍ وحيدٍ باتجاه إِنهائهما، وعن البديهيِّ الأوجبِ من لقاءاتِهما المملةِ، وهو تبييضُ سجونِهما من المختطفين لديهما للأسبابِ التنظيميةِ المعلومة.
كان أَجدى أَنْ يُوجِّه أَبو مازن رسالةً إلى شعبِه، يُصارِحُه فيها بشأنِ تفاصيل الحال الفلسطيني البائس، ويطرحُ عليه مقتضياتٍ قد تصيرُ مستحقةً للانتهاءِ منه. وكان طيِّباً لو أَنَّ الرئيس يعلنُ في مثل هكذا رسالةٍ انعطافاً جوهرياً إِلى خياراتٍ كفاحية، سياسيةٍ وتعبويةٍ وميدانيةٍ، لا يعدمُ الشعبُ الفلسطينيُّ قدرةً على ابتكارِها، تثمر مساراً غيرَ الذي تهوي به السلطةُ إِلى حيث لا تدري من قيعانٍ وارتهاناتٍ.
لا تُشهر هذه السطور هذا الكلامَ هنا، تنظيراً على عواهِنه يطلبُ من الشعب دفعَ أَكلافٍ مضافةٍ إِلى ما قدَّم وأَعطى، بل للتأكيدِ على أَنَّ في وسعِ الفلسطينين أَنْ يُوازنوا بين إِمكاناتِهم والمناخ السياسيِّ والإقليميِّ المحيط بهم من جانب وبين طرائقَ كفاحيةٍ مدنيةٍ، وأُخرى تُواجه المستوطنين والمعتدين بكيفياتٍ مسلحةٍ على غير إِطلاق الصواريخ عديمة الأثر العسكري، على مستعمرةِ سديروت وجوارِها، وعلى غير العملياتِ الاستشهادية، ومعلومة ما كان من نتائجَ باهظةٍ لهذيْن النهجين. وفي موازاةِ هذا الأَمر الذي يحسنُ أَنْ يتداولَ فيه الأَدرى به جماهيرياً، ثمة استعادةُ منظمة التحرير من الموت السريريِّ الذي أُخِذت إِليه، وهو أَمرٌ خيض فيه كثيراً، وجاءَت عليه وثائقُ المصالحاتِ إِياها بين “حماس” و”فتح”.
صيغٌ غير قليلة، في وسعِ قيادةٍ فلسطينيةٍ جسورةٍ، ذاتِ شجاعةٍ سياسيةٍ مؤكدة، أَنْ تُبادرَ إِليها، في أُفقٍ من الوفاقِ الوطنيِّ الواسع غير المستحيل، وتعودُ بنفعٍ وجدوى كثيريْن، ليس منها رسالةٌ غزيرةُ العيوبِ إِلى نتانياهو، كانَ الصديق ماجد كيالي محقّاً في كتابتِه أَنَّ صوتَ أَعلامٍ إِسرائيليين يُساندون الحقوق الفلسطينية أَعلى من صوت محمود عباس فيها. ومؤسفٌ أَنَّ الرسالةَ هذه جاءَت على التزام فلسطينيٍّ بوقف التحريض ضد إِسرائيل، وهذه مسألةٌ يستسهلُ فخامتُه الكلامَ كثيراً عنها، باستخفافٍ وفير، لا ينمُّ عن إِدراكٍ لمخاطرِه، ويتعامى عن شناعاتٍ إسرائيليةٍ في التحريضِ على إِزهاقِ أَرواحِ الفلسطينيين وضمِّ أَراضيهم، وهذا موضوعٌ آخر.
نقلاً عن جريدة "الدستور الأردنية"
| |
|