منتدى دير الزور
عزيزي الزائر الكريم .. زيارتك لنا أسعدتنا كثيراً .. و لكن لن تكتمل سعادتنا إلا بانضمامك لأسرتنا .. لذا نرجوا منك الضغط على زر التسجيل التالي من فضلك
واملىء حقول التسجيل ،ملاحة ضع بريد صحيحا لتفعيل عضويتك من بريدك الشخصي
بعد التسجيل تصلك رسالة بريدية على بريدك الشخصي تجد فيها تعليمات تفعيل العضوية
وشكرا
مع تحيات ادارة منتديات دير الزور
منتدى دير الزور
عزيزي الزائر الكريم .. زيارتك لنا أسعدتنا كثيراً .. و لكن لن تكتمل سعادتنا إلا بانضمامك لأسرتنا .. لذا نرجوا منك الضغط على زر التسجيل التالي من فضلك
واملىء حقول التسجيل ،ملاحة ضع بريد صحيحا لتفعيل عضويتك من بريدك الشخصي
بعد التسجيل تصلك رسالة بريدية على بريدك الشخصي تجد فيها تعليمات تفعيل العضوية
وشكرا
مع تحيات ادارة منتديات دير الزور
منتدى دير الزور
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


لا للظلم لا لسرقة أحلام الشعب السوري لا لسرقة خيرات الشعب السوري لا لسرقة عرق الشعب السوري لا لسرقة دماء الشعب السوري لا لحكم الأسرة الواحدة لا لآل الأسد الحرية لشعبنا العظيم و النصر لثورتنا المجيدة المصدر : منتديات دير الزور: https://2et2.yoo7.com
 
الرئيسيةمجلة الديرأحدث الصورالتسجيلدخولمجلة الديرزخرف نيمك الخاص بالفيس بوكأضف موقع

مساحة اعلانية
مساحة اعلانية Check Google Page Rank منتديات دير الزور 3 بيج رنك

 

  الجامع لأحكام الحج والعمرة

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
حمدان
ديري مبدع
ديري مبدع
حمدان


الساعة :
دعاء
عدد المساهمات : 1104
نقاط : 2370
التقيم : 28
تاريخ التسجيل : 05/05/2012

 الجامع لأحكام الحج والعمرة Empty
مُساهمةموضوع: الجامع لأحكام الحج والعمرة    الجامع لأحكام الحج والعمرة Icon_minitimeالخميس مايو 10, 2012 10:05 am





<table style="border-top-style: solid; border-right-style: solid; border-bottom-style: solid; border-left-style: solid; border-collapse: collapse; " border="1" cellpadding="0" cellspacing="0" width="100%"><tr><td colspan="2" width="95%"> التصنيـف العـام > فقه العبادات</td></tr><tr><td colspan="2" bgcolor="#6BA9DA" width="45%" align="center">
 الجامع لأحكام الحج والعمرة Paper بيانات الكتاب ..
</td></tr><tr><td height="25" width="10%" align="center">العنوان</td><td height="25" width="37%" align="right"> الجامع لأحكام الحج والعمرة</td></tr><tr><td height="25" width="10%" align="center">المؤلف</td><td height="25" width="37%" align="right"> عبدالرحمن بن محمد الهرفي</td></tr><tr><td height="25" width="10%" align="center">نبذة عن الكتاب</td><td height="25" width="37%" align="right">يشمل على :
اختيارات سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز في الحج
اختيارات سماحة الشيخ محمد بن عثيمين في الحج
اختيارات سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم في الحج
اختيارات سماحة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في الحج
اختيارات ابن قيم الجوزية في الحج
اختيارات ابن قدامة في الحج
واختيارات الشيخ ابن سعدي في الحج
فهارس الاختيارات الفقهية في الحج


</td></tr><tr><td height="25" width="10%" align="center">تاريخ الإضافة</td><td height="25" width="37%" align="right"> 22-2-1426</td></tr><tr><td height="25" width="10%" align="center">عدد القراء</td><td height="25" width="37%" align="right"> 30817</td></tr><tr><td height="25" width="10%" align="center">رابط القراءة</td><td height="25" width="37%" align="right">  الجامع لأحكام الحج والعمرة Html << اضغط هنا >>  الجامع لأحكام الحج والعمرة Msword << اضغط هنا >></td></tr><tr><td height="25" width="10%" align="center">رابط التحميل</td><td height="25" width="37%" align="right">  الجامع لأحكام الحج والعمرة Zip << اضغط هنا >></td></tr></table>

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://2et2.yoo7.com/forum
حمدان
ديري مبدع
ديري مبدع
حمدان


الساعة :
دعاء
عدد المساهمات : 1104
نقاط : 2370
التقيم : 28
تاريخ التسجيل : 05/05/2012

 الجامع لأحكام الحج والعمرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجامع لأحكام الحج والعمرة    الجامع لأحكام الحج والعمرة Icon_minitimeالخميس مايو 10, 2012 10:07 am

بسم الله
الرحمن الرحيم














الجامع لأحكام الحج والعمرة





ابن قدامة - النووي - ابن تيمية - ابن القيم - ابن سعدي


محمد
بن إبراهيم - الشنقيطي - ابن باز - ابن عثيمين









تأليف


عبد
الرحمن بن محمد بن علي الهرفي



الداعية
بوزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد


















تقريظ


سماحة الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله
آل الشيخ



رئيس اللجنة الدائمة بمجلس القضاء الأعلى سابقا مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء


سماحة
الشيخ صالح بن فوزان الفوزان



عضو هيئة كبار العلماء


































بسم الله الرحمن الرحيم


ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً









الحمد لله وحده وأصلي وأسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه
،وبعد: فقط اطلعت على مسودة كتاب "الجامع لأحكام الحج والعمرة "الذي قام
بجمعه وتأليفه وتنسيقه فضيلة الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن علي الهرفي الداعية
بوزارة الشؤون الإسلامية .فوجدته قد جمع فيه ما يتعلق بمناسك الحج والعمرة من ما
ذكره الإمام الموفق في كتاب المغني ومنسك الإمام النووي ،وفتاوى شيخ الإسلام ابن
تيمية وتلميذه ابن القيم الجوزية ،ومؤلفات شيخنا عبدالرحمن السعدي ،وفتاوى شيخنا
محمد بن إبراهيم آل الشيخ ،وكتاب أضواء البيان للشيخ الشنقيطي ،وفتاوى شيخنا
عبدالعزيز ابن باز ،وكتاب الممتع للشيخ محمد بن عثيمين .



وقد أعجبني هذا جمعه في هذا الكتاب لهذه الأحكام الكثيرة من تلك
المؤلفات المتعددة ،وتنسقه لمسائلها وترتيبها حسب وقائعها ،وأوصيه بطبع الكتاب
ونشره ،لعل الله أن ينفع به.



وإني أوصي كل من يرغب الاطلاع على تفاصيل أحكام المناسك أن يجعل هذا
الكتاب من أهم مراجعه لأن مؤلفه انتخبه من مؤلفات خيار العلماء المقتدى بهم ،ونسب
كل قول إلى قائله ،وأحال عليه بصفحته من نفس الكتاب وطبعته فوثّق النقل وقرب
المسائل وأوضح الدلائل ،وجاء هذا الكتاب مرجعا علميا متكاملا ،نسأل الله أن ينفع
به المسلمين ،وكتبه عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل رئيس اللجنة الدائمة بمجلس
القضاء الأعلى سابقا ـ حامدا لله مصليا
مسلما على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.



التوقيع






الحمد
لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:



فقد
اطلعت على كتاب (الجامع لأحكام الحج والعمرة ) لأخينا الشيخ/عبدالرحمن بن محمد بن
علي الهرفي ،جمع فيه آراء جملة من العلماء المحققين في أحكام المناسك ،وألفيته
جمعا نافعا نوصي بالاستفادة منه ،وأشكر لأخينا الشيخ/عبدالرحمن الهرفي هذه الهمة وهذا الجهد المبارك ،وأوصيه بتقوى
الله عز وجل ،ثم مواصلة طريق البحث فإن هذا هو العلم الحقيقي كما قال شيخ الإسلام
ابن تيمية رحمه الله: والعلم إما بحث محقق أو نقل مصدق ،فجزى الله أخانا خير
الجزاء وبارك فيه ونفع بجهوده وجعلها خالصة لوجه الله نافعة لعباد الله إنه سبحانه
جواد كريم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


مفتي
عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء


الشيخ
عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ










الإهــداء





أهــــدي هذا الجـــامع


لشقيق نفسي وصنو روحي الأستاذ الأديب الشاعر


خالد بن عبد الله بن علي الغازي


جمعني الله وإياه على منابر من نور يوم القيامة... آمين.









مقدمة الطبعة الثانية





الحمد لله الذي فرض الحج على عباده المؤمنين وجعله ركن دينه
القويم، والصلاة والسلام على سيد الناس أجمعين وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه
الميامين تسليًما كثيرًا مزيدًا إلى يوم الدين، أما بعد:



فبعد أن منّ الله تعالى عليّ بإخراج الطبعة
الأولى من كتاب:
(الجامع لأحكام الحج والعمرة)، وانتشرت بين طلاب
العلم -ولله الحمد والمنة- عزمت على إعداد الطبعة الثانية التي كنت قد وعدت بها..
وإن كان سبب ظهور الكتاب بطبعته الأولى هو سماحة والدنا وشيخنا الإمام القدوة عبد
العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله؛ حيث شجعني حين أرسل لي الجزء الخاص به؛ فإن
سبب ظهور هذه الطبعة الثانية هو سماحة والدنا الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل
الشيخ مفتي الديار، فقد اتصل بي في أوائل شهر شوال من عام (1427هـ) وحثني على
إكمال الكتاب، وذكر لي أنه قرأه مرتين، وأثنى خيرًا على ما قرأه.



وهذا من تواضعه -
رفع الله قدره - وكمال خلقه، وحسن رعايته لأبنائه من صغار طلاب العلم. وقد حثني
هذا التشجيع على العمل على إخراج الطبعة الثانية، والتي كنت قد انتهيت من أكثرها
قبل ما يزيد على عام، ولكن ضعفت الهمة عن إخراجها، وانشغل البال بغيرها، فجزى الله
سماحة الشيخ خير الجزاء على هذا التشجيع الأبوي الكريم.



مميزات هذه
الطبعة:


وقد تميزت هذه الطبعة بالآتي:


1- تلخيص
منسك الإمام النووي من كتاب الإيضاح في مناسك الحج والعمرة.



2- تلخيص
منسك شيخ الإسلام ابن تيمية وفتاواه من المجموع، وشرح العمدة
([sup][1])[/sup]، وتتبعت
ما نقله طلابه ومن جاء بعدهم ممن اعتنى بكلام الشيخ رحمه الله فنقلت ما جمعه ابن
مفلح في الفروع، وابن عبد الهادي في اختيارات شيخ الإسلام، وبرهان الدين ابن القيم
في اختيارات شيخ الإسلام، والبعلي في الاختيارات الفقهية، وانتقيت بعض ما نسبه
المرداوي في الإنصاف للشيخ مما لم يذكره غيره أو فيه زيادة بيان
([sup][2])[/sup].


تلخيص جميع ما وقع تحت يدي من كتب العلامة الفقيه المربي
الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله في مسائل الحج والعمرة.



تصحيح الأخطاء التي وقعت في الطبعة السابقة.


اختصار التراجم؛ حيث وضعتُ لكل إمام ترجمة مختصرة تشتمل على
اسمه ومولده ووفاته؛ وذلك مراعاة لكبر حجم الكتاب؛ فالهدف منه أن يستغني طالب
العلم به عن غيره في حجه وعمرته.



طريقة
العمل في هذه الطبعة:


طريقة التلخيص هي نفس الطريقة التي ذكرتها في مقدمة الطبعة
الأولى؛ فأكتفي بذلك عن إعادتها هنا.



الطبعات التي اعتمدت عليها:


1- اعتمدت
في تلخيص منسك الإمام النووي
على شرح الإيضاح في مناسك الحج، والذي عليه
حاشية العلامة ابن حجر الهيتمي، وتتميز هذه النسخة بأن الهيتمي عمدة فقهاء
الشافعية المتأخرين، ومن مميزات شرحه للإيضاح: أنه إذا ذكر الإمام النووي كلامًا
في المنسك وله كلام آخر يخالفه في كتبه المتأخرة -كالمجموع مثلاً- فإنه يشير إلى
ذلك ويبينه.



أما الطبعة فهي التي
طبعها نزار مصطفى الباز، بتحقيق عبد المنعم إبراهيم
([sup][3])[/sup].


2-كتب
شيخ الإسلام ابن تيمية:



أ- المنسك: اعتمدت على النسخة التي حققها أخي المفضال المحقق
الشيخ على بن محمد العمران، وطبعها دار عالم الفوائد للأستاذ طلال الملوح، وفيها
فروق عما في مجموع الفتاوى، وفروق بعضها مؤثرة في المعنى.



ب- الفتاوى: مجموع فتاوى شيخ الإسلام، الجزء السادس والعشرون.


ج- وأما شرح العمدة فأخذتها من طبعته الوحيدة، والتي حققها
الدكتور صالح الحسن، وهي تقع في جزأين.



والذي كان يشغلني كثيرًا في الجزء الخاص بشيخ الإسلام هو
معرفة القول المتقدم من القول المتأخر لشيخ الإسلام، ومن المعلوم أن العمدة من
أوائل ما كتبه رحمه الله، والمنسك من آخر ما كتبه رحمه الله؛ كما قرره ابن عبد
الهادي، ولكن بقي ما بين ذلك، فيحتاج لمزيد تأمل ونظر، ومعرفة بتاريخ التأليف.



3- كتب السعدي رحمه الله:


اعتمدت في الأصل على المجموع الذي أخرجه مركز صالح بن صالح
الثقافي، فإذا وجدت نسخة أخرى محققة أحلت عليها وبينت أن النقل منها.



الطبعة
القادمة إن شاء الله:


1- مقارنة ما رجحه الإمام النووي في المجموع وشرح مسلم بما
ذكره في المنسك، وسأبذل قصارى جهدي على جمع باقي كلام شيخ الإسلام حول المناسك من
عامة كتبه، وكذلك الإمام ابن القيم، وكذلك البحث عن مسائل المناسك فيما طبع مؤخرًا
من كتب الشيخ محمد الأمين الشنقيطي. أما باقي الأئمة رحمهم الله فإن ما في المغني
خلاصة آراء الموفق ابن قدامة، وقد جمعت كل ما وقع تحت يدي من كلام الشيخ السعدي، وما
في مجموع الشيخ محمد بن إبراهيم هو كل ما وجد عنه، وما كتبه لي الشيخ ابن باز يعتبر
آخر كلامه في الحج، وما في الممتع هو المعتمد من كلام الشيخ العثيمين رحم الله
الجميع وغفر لهم.



2- لقد عزمت - بإذن الله تعالى - على إخراج منسك بعض
المحققين من أهل العلم؛ حتى أشعر أن الكتاب قد حوى آراء جمع من العلماء المنتصرين
للدليل الشرعي من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكلام السلف الصالح رضي
الله عنهم من مختلف المذاهب الفقهية، وبعد المشاورة بدأت في جمع منسك الإمام ابن
عبد البر رحمه الله، وقد أضم إليه منسك الملا علي قارئ أيضًا، نسأل الله تعالى أن
ييسر إكمالها وطبعها.













شكر وتقدير





بعد شكر الله تعالى أشكر سماحة شيخنا ووالدنا شيخ الحنابلة
العلامة الفقيه عبد الله بن عبد العزيز ابن عقيل رعاه الله من كل مكروه على حنوه
الدائم وتلطفه المتتابع على ابنه المحب فقد كان لتقريظه أكبر الأثر في نفسي، وأجدد
الشكر والتقدير لسماحة والدنا الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتي الديار
على تشجيعه مرة تلو أخرى والذي توجه بهذا التقريظ، وأشكر الفقيه الشيخ صالح بن عبد
الله الدرويش على حسن رعايته وتشجيعه حتى أتممت ترتيب الكتاب، ثم أشكر أخي فضيلة
الشيخ عبد الله بن حمد الزيداني، على ما تكرم به من مراجعة القسم الخاص بسماحة
الشيخ محمد بن صالح ابن عثيمين رحمه الله. وكذلك أشكر أخي فضيلة الشيخ أحمد حسان
رعاه الله، الذي كانت له اليد الطولى في إخراج هذه الطبعة، فجزاهم الله تعالى
خيرًا.






والحمد لله أولاً وآخرًا..





وكتبه راقمه


 الجامع لأحكام الحج والعمرة Clip_image002


aalharfi@hotmail.com


الدمام: (24/10/1427هـ)









خطاب الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله





من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم فضيلة
مدير مكتب الدعوة والإرشاد بالدمام وفقه
الله لكل خير آمين. سلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:



فقد وصلنا كتابكم الكريم رقم (22/1/1557)
وتاريخ (24/1/1418هـ) وصلكم الله بحبل الهدى والتوفيق، واطلعت على ما جمعه الأخ في
الله الشيخ
عبد الرحمن بن محمد الهرفي من الاختيارات الصادرة مني في
مسائل الحج والعمرة، وقد قرأتها كلها، وهي مائة وستون اختيارًا، وحررتها وأوضحت ما
يحتاج إلى مزيد إيضاح أو بيان بعض الأدلة، وهي إليكم برفقه.



وأسأل الله أن يضاعف مثوبته، وأن ينفع
بها المسلمين، وأن يوفقنا وإياكم وإياه لكل خير إنه سميع قريب، والسلام عليكم
ورحمة الله وبركاته...






مفتي عام المملكة العربية
السعودية



ورئيس هيئة كبار العلماء
وإدارة البحوث العلمية والإفتاء



(24/4/1419هـ)












خطاب الشيخ محمد المختار بن الشيخ محمد الأمين الشنقيطي





بسم الله الرحمن الرحيم


صاحب الفضيلة أخي في الله
الشيخ عبد الرحمن بن محمد الهرفي حفظه الله السلام عليكم
ورحمة الله تعالى وبركاته وبعد:



فإني أشكر لفضيلتكم على حسن
ظنكم بي، وطلبكم مني قراءة ما جمعتموه من اختيارات الوالد الشيخ محمد الأمين
رحمه الله، وقد قرأته رغم كثرة المشاغل، وقد حرصت أن أبين لفضيلتكم رأيي فيما أظن
أنه لا يعد اختيارًا للشيخ رحمه الله، وأسكت عما تبين لي أنه اختيار له أو ما يظهر
لي أنه اختيار له، وذلك فيما لو قال: الظاهر لي، أو التحقيق، أو الراجح، أو الصحيح،
ونحو ذلك، أو ما جزم فيه بحكم ولم ينسبه لأحد، أو للإجماع، أو للاتفاق، ثم إني
أعتذر عن إبداء الرأي في المسائل الإحدى عشرة لاشتغالي عن البحث فيها، وفي الختام أرجو
الله عز وجل أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه، وأن يجزل لفضيلتكم المثوبة على ما
قمتم به من جمع اختيارات بعض الأئمة الأعلام فيما يتعلق بالحج والعمرة، بمن فيهم
الشيخ الوالد رحمهم الله جميعًا، وليعلم الناظر في هذه السطور أنه لا مانع عندي
أنا وأخي الدكتور عبد الله -وفقه الله- من قيام فضيلة
الشيخ عبد الرحمن بن محمد الهرفي من جمع اختيارات والدنا
المرحوم فضيلة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي، والقيام
بطبعها، وفق الله الجميع.






والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته


محمد المختار بن الشيخ محمد الأمين الشنقيطي


(20/6/1420هـ)






خطاب الشيخ صالح بن فوزان الفوزان


حفظه الله تعالى





وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته وبعد:
قد نظرت في المجموع فوجدته والحمد لله مفيدًا وفيه خير كثير، ولي عليه الملاحظات
المدونة على الغلاف.



محبــــكم:


صالــــــــح الفـــــوزان


(16/3/1422هـ)









مقدمة الطبعة الأولى





إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور
أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد
أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:



فما زلت منذ بضع سنين وأنا أعيد النظر في هذا
الجامع الذي تراه بين يدك في هذه الحلة، أقدم رِجلاً وأُأَخر أخرى، فأنا حريص كل
الحرص على نشر هذا السفر؛ لما صح عن النبي
صلى
الله عليه وسلم
أنه قال: (إذا
مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاث:...أو علم ينتفع به..)
([sup][4])[/sup]، ولما ظهر
لي من حاجة المتصدين للفتوى وتعليم الناس في الحج لمثله؛ حيث إن كثيرًا منهم يحمل
معه عددًا من المراجع للوقوف على أقوال العلماء المعتبرين في مسائل الحج، فأحببت
أن أجمع لهم أقوال عدد من أهل العلم في سفر واحد.



وقد بدأت العمل في هذا الجامع منذ التحاقي بوزارة الشؤون
الإسلامية؛ حيث إنني التحقت بها في بداية موسم الحج لعام ألف وأربعمائة وستة عشر
للهجرة، فوقفت على حاجة طلبة العلم لمثل هذا الكتاب.



ومن تلك السنة وأنا أجمع وأدون ما يقع تحت يدي من كتب أهل
العلم في الحج، ثم رأيت الاقتصار على عدد منها، وانتقيت منها ما ستراه إن شاء الله.



وكانت أول مجموعة لخصتها هي الخاصة بسماحة
والدنا الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز؛ فأرسلتها لسماحته
في شوال عام ألف وأربعمائة وثمانية عشر، ولما طال جواب الشيخ يئست من رده؛ خاصة مع
علمي بكثرة مشاغله وأعماله التي نذر نفسه لها، ثم بُشِّرت بوصول جوابه -جزاه الله
خيرًا ورفع منزلته- في ربيع الثاني للعام الذي يليه؛ فسررتُ بجوابه، وعزمت من
وقتها على إكمال مشوار الجمع في الحج.



ثم أرسلت ما لخصته من كلام العلامة الفقيه
الشيخ محمد الأمين الشنقيطي لابنه فضيلة الدكتور محمد المختار الشنقيطي، وبعثت نفس الجزء لفضيلة الشيخ
الدكتور خالد بن عثمان السبت؛ فتفضلا بمراجعته، جزاهما الله
عني وعمن ينظر في هذا الجامع خير الجزاء.



وأرسلت الجزء الخاص بسماحة الشيخ محمد ابن عثيمين للأخ محمد الذياب،
صاحب (توجيه الراغبين إلى اختيارات الشيخ ابن عثمين)، فراجعه أحسن الله إليه.



وبقي البحث على هذا، وأنا أكرر النظر فيه عامًا
بعد عام، ثم إنني بعثت به في صفر عام ألف وأربعمائة واثنين وعشرين للهجرة لشيخنا
معالي الشيخ صالح بن فوزان الفوان -وفقه الله- فبقي عنده أربعة
وعشرين يومًا، ثم أعاده لي وقد راجعه كاملاً مراجعة دقيقة؛ فجزاه الله عني وعمن
ينظر في هذا الجامع خير الجزاء، وقد سجل معاليه ملحوظات على طُرَّة الكتاب أصلحتها
كلها بحمد الله، وله تعليقات في بعض المواضع، ولكن معاليه لم يطلع على تراجم أصحاب
الفضيلة العلماء رحمهم الله.



وما زلت أعيد النظر فيه، ثم في أوائل عام ألف وأربعمائة
وخمسة وعشرين بعثت به للإخوة الفضلاء في (دار الصديق)، الذين أعادوا صفه ومراجعته
كذلك احتسابًا للأجر من الله تعالى، فجزاهم الله عني كل خير.



وقد بقي لسنوات في الشبكة العنكبوتية، ينظر فيه الناس، وذكر
لي غير واحد أنه طبعه كاملاً أو أجزاء منه ووزعه في بلاده، فسرني ذلك، وبلغتني بعض
الملحوظات النافعة ممن قرأه في الشبكة.



وبعد أن شارك هذا العدد المبارك في مراجعته عقدت العزم على
نشره، ولا حول ولا قوة إلا بالله.



وكان عملي في هذا الجامع على وفق
التالي:



أقرأ الكتاب المراد تلخيصه مرة أولى، وأسجل الفوائد التي
أراها مناسبة على هيئة فقرات لتظهر كل مسألة على حدة، وأحرص على المحافظة على صيغة
كلام المؤلف.



أعيد قراءة الكتاب نفسه مرة أخرى، مع النظر فيما كتبت
سابقًا، وأصلح ما أراه خطًا، وأكمل ما تركته سهوًا.



ثم أنتقل لباقي الكتب، وأعمل فيها ما عملته في الأول.


ثم أعود للكتب مرة أخرى وأصلح ما وجدته من خلل، وأكمل النقص،
وأقل كتاب من هذه الكتب قرأته أربع مرات وأكثرها سبع مرات.



وأحرص على إظهار ما يدل على أن هذا رأي العالم؛ كقوله: (الراجح)
أو (الصحيح) أو (هذا الذي يقتضيه النظر) أو (الأقرب) أو (الأظهر)، ونحو ذلك من
العبارات، فأُثبتها في أول الكلام غالبًا.



وعمدت إلى ترك الأدلة إلا فيما ندر؛ وذلك للاختصار، ومن
أراد الدليل وعلة الترجيح فعليه مراجعة الكتاب المنقول عنه.



وأكتب بعد كل فقرة رقم الصفحة التي نقلت عنها.


وراعيت في التلخيص ترتيب الكتاب المنقول عنه، ولم أنظر
لترتيب المسائل، ولكن راعيت ذلك في الفهرس.



ثم عمدت إلى تخريج الأحاديث تخريجـًا يسيرًا، مع محاولة
نسبة الحديث لمن أخرجه، وذكر حكم أحد العلماء على الحديث إن وجدته.



ثم عمدت إلى كتابة الفهرس لهذا العمل، وهذا هو لـُبُّ
الجامع، وفيه تكمن الفائدة من هذا العمل، فالجامع بدون الفهرس الدقيق للمسائل صعب
المنال على كاتبه فكيف بغيره؟! فرتبت الفهرس على المسائل العامة في الحج، وتحت كل
مسألة عامة ما يندرج تحتها من المسائل، وأشير إلى اختيار كل عالم بحسب رقم المسألة،
وهو الرقم الذي على اليمين كما ستراه.



1)
انتقيت عددًا من الكتب،
حيث وجدت طلبة العلم يراجعونها أكثر من غيرها، ولكن قصرت بي همتي فاقتصرت على ستة
منها فقط، وهي: المغني للإمام الموفق ابن قدامة، وزاد المعاد للإمام ابن القيم، وأضفت إليه تهذيب سنن أبي داود،
ومجموع فتاوى العلامة مفتي الديار سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم،
وأضواء البيان للعلامة الفقيه الشيخ محمد الأمين الشنقيطي- وما أدراك ما
أضواء البيان!- ومجموع فتاوى العلامة مفتي الديار سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز،
والممتع للعلامة الفقيه الشيخ محمد ابن عثيمين رحمهم الله جميعًا.
وأما الكتب التي قصرت بي همتي عن إكمالها فهي: المنسك للإمام النووي،
والمنسك للشيخ السندي([sup][5])[/sup]،
والمنسك والفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية، وإن كنت قد قطعت شوطًا
كبيرًا في تلخيصها، ولكن عزمت بحول الله وقوته على أن أخص شيخ الإسلام بتلخيص جميع
آرائه في الحج من كل كتبه، ولعلي أكمل ما بقي في طبعة قادمة إن شاء الله.



أما الطبعات التي نقلت عنها فهي:


1) المغني
لابن قدامة - تحقيق: معالي الأستاذ الدكتور: عبد الله التركي، والدكتور: محمد الحلو -
هجر للطباعة والنشر - الطبعة الأولى (1408هـ).



2) زاد
المعاد - تحقيق: شعيب الأرنؤوط وعبد القادر الأرنؤوط
- مؤسسة الرسالة - الطبعة الرابعة عشرة (1410هـ).



3) تهذيب
سنن أبي داود بحاشية عون المعبود - المكتبة السلفية
بالمدينة المنورة - الطبعة الثانية (1388هـ).



4) فتاوى
ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ - جمع: محمد بن عبد الرحمن بن قاسم - مطبعة الحكومة -
الطبعة الأولى (1399هـ).



5) منسك
الإمام الشنقيطي - جمع: أ.د. عبد الله الطيار
ود. عبد العزيز الحجيلان - دار الوطن - الطبعة الأولى (1416هـ).



6) مجموع
فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - إعداد: أ.د.عبد الله الطيار، وأحمد ابن باز
- دار الوطن - الطبعة الأولى (1416هـ).



وأنبه هنا على أمر مهم ألا وهو: أن سماحة الشيخ
عبد العزيز ابن باز رحمه الله أعاد طباعة ما أرسلته له
من جديد، فيكون ما نشر في الجامع آخر ما كتبه سماحته، ومما قاله في خطابه الذي
أرسله: (وحررتها وأوضحت ما يحتاج إلى مزيد إيضاح أو بيان بعض الأدلة)، وهناك فروق
بين نسخة فضيلة الدكتور عبد الله الطيار وأحمد ابن باز،
وكذلك نسخة معالي الدكتور محمد الشويعر، وأكثر الفروق كانت
زيادات توضيحية أو معلومات جديدة، وليس فيها أي ترجيحات علمية مختلفة، وذكرت ذلك
للتنبيه.



7) الشرح
الممتع على زاد المستقنع - محمد ابن عثيمين - مؤسسة آسام -
الطبعة الأولى (1416هـ).



وبقي أمر كنت أقلب فيه النظر، ألا وهو العنوان
المناسب لهذا الكتاب، ثم استقر الرأي بعد المشورة على تسميته بـ:
(الجامع لأحكام الحج والعمرة).
















([1]) يتعجب
المرء من زهد كثير من طلبة العلم بهذا السفر النفيس والدر المكنون بدعوى أن الشيخ
رجع عنه!! وأين لهم ذلك؟ ولو رجع الشيخ عن بعض الترجيحات ففي الكتاب نفائس وفرائد
وفوائد تستحق العناية بها، ويظهر في الكتاب نفس شيخ الإسلام وحدة ذكائه وتعظيمه
للنص واستيعابه للأقوال في وقت مبكر جدًا؛ حتى ليقول المرء: ليته ألف في الفقه!







([2]) لو سأل
سائل عن الذي يقدم عند وجود تعارض في كلام الشيخ رحمه الله فالمنسك هو العمدة في
الباب، ثم اختيارات طلابه خاصة ابن مفلح، ثم الفتاوى؛ لأنها في الغالب بعد العمدة،
ثم شرح العمدة.







([3]) عناية
المحقق كانت منصبة على التخريج، ولم يعتن بالتحقيق، وهذا فعل كثير ممن يدَّعي
التحقيق من المتأخرين .







([4]) رواه
مسلم (1631).







([5]) أهداه لي
أخي الفاضل الشيخ مراد الملا جزاه الله خيرًا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://2et2.yoo7.com/forum
حمدان
ديري مبدع
ديري مبدع
حمدان


الساعة :
دعاء
عدد المساهمات : 1104
نقاط : 2370
التقيم : 28
تاريخ التسجيل : 05/05/2012

 الجامع لأحكام الحج والعمرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجامع لأحكام الحج والعمرة    الجامع لأحكام الحج والعمرة Icon_minitimeالخميس مايو 10, 2012 10:09 am



شـكر وتقديــر





أكرر شكري وتقديري وخالص الدعاء لكل من ساهم في
إخراج البحث، وأخص بالشكر هنا اثنين: أما أولهما: فأخي الأستاذ خالد بن عبد الله الغازي،
الذي شهد مولد الكتاب، وما زال معي يرعاه حتى خرج. وأما الآخر: فهي زوجتي أم محمد، التي هيأت لي الجو المناسب للبحث، وقامت بمراجعة
الفهارس كلمة كلمة، ومطابقة كل مسألة على أصلها، وبيان المسائل التي لم أفهرسها؛
مع رعايتها لأبنائي -أصلحهم الله- ومع ما يشغل الزوجة من أعمال الدار، وفوق ذلك
كانت حاملاً ببنيتي الصغرى. فكتب الله لهما الأجر والمثوبة وأحسن إليهما... آمين.



والله أسأل أن يجعله من الأعمال الخالصة لوجهه الكريم، وأن
يتقبله، وأن يجزي كاتبه ومن أعان على نشره كل خير وبر وإحسان عاجل وآجل.






[center]وكتبه راقمه:


عبد الرحمن بن محمد بن عليّ
الهرفيّ



الداعية بوزارة الشؤون
الإسلامية



والأوقاف والدعوة والإرشاد


aalharfi@hotmail.com


الدمام (1/12/1422هـ)






المبحث الأول
تلخيص ما كتبه الإمـام ابن قدامــة المقدسي رحمه الله
في مسائل الحج والعمرة



من
كتـاب المغنـي - الجزء الخامس






ترجمة مختصرة للإمام ابن قدامة رحمه الله([1])





اسمه
ونسبه:



هو أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة بن
مقدام بن نصر المقدسي الجمَّاعيلي
، شيخ المذهب، الإمام، بحر علوم
الشريعة المطهرة.






مولده:


ولد رحمه الله بجمَّاعيل
من أعمال نابلس في فلسطين سنة (541هـ)، وقدم دمشق مع أهله.






وفاتــه:


توفي رحمه الله يوم
السبت في يوم عيد الفطر عام (620هـ)، ودفن من الغد في جبل قاسيون خلف الجامع
المظفري، رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة، آمين.







مسائل الحج والعمرة
من كتاب المغني - الجزء الخامس






(1) الكافر غير مخاطب بفروع الدين خطابًا يلزمه أداء، ولا يوجب قضاءً.(6)


(2) لا يلزم المسلم الحج ببذل غيره له، ولا يصير مستطيعًا بذلك، سواء كان
الباذل قريبـًا أو أجنبيًا، وسواء بذل له الركوب والزاد، أو بذل له مالاً.(9)



(3) من تكلف الحج ممن لا يلزمه، فإن أمكنه ذلك من غير ضرر يلحق بغيره، مثل
أن يمشي ويكتسب بصناعة، ولا يسأل الناس، استحب له الحج؛ لقول الله تعالى: ((
يَأْتُوكَ
رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ
)) [الحج:27]،
فقدم ذكر الرجال. ولأن في ذلك مبالغة في طاعة الله عز وجل، وإن كان يسأل الناس كره
له الحج.(10)



(4) يختص اشتراط الراحلة بالبعيد الذي بينه وبين البيت مسافة القصر، فأما
القريب الذي يمكنه المشي فلا يعتبر وجود الراحلة في حقه؛ لأنها مسافة قريبة، يمكنه
المشي إليها، فلزمه، وإن كان ممن لا يمكنه المشي اعتبر وجود الحمولة في حقه؛ لأنه عاجز
عن المشي، فهو كالبعيد. وأما الزاد فلا بد منه، فإن لم يجد زادًا، ولا قدر على كسبه،
لم يلزمه الحج.(10)



(5) الزاد الذي تشترط القدرة عليه هو ما يحتاج إليه في ذهابه ورجوعه؛ من مأكول
ومشروب وكسوة، فإن كان يملكه، أو وجده يباع بثمن المثل في الغلاء والرخص، أو بزيادة
يسيرة لا تجحف بماله؛ لزمه شراؤه، وإن كانت تجحف بماله لم يلزمه.(11)



(6) يشترط أن يجد من أراد الحج راحلة تصلح لمثله، إما شراءً أو كراءً، لذهابه
ورجوعه.(11)



(7) يعتبر أن يكون الزاد والراحلة فاضلين عما يحتاج إليه لنفقة عياله الذين
تلزمه مئونتهم في مضيه ورجوعه؛ لأن النفقة متعلقة بحقوق الآدميين، وهم أحوج، وحقهم
آكد.(11)



(Cool تجب العمرة على من يجب عليه الحج، قال تعالى: ((وَأَتِمُّوا
الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ
)) [البقرة:196]،
ومقتضى الأمر الوجوب، ثم عطفها على الحج، والأصل التساوي بين المعطوف والمعطوف عليه.(13)



(9) ليس على أهل مكة عمرة. نص عليه أحمد رحمه
الله، وقال: «
كان ابن عباس رضي الله عنهما يرى العمرة
واجبة، ويقول: يا أهل مكة! ليس عليكم عمرة، إنما عمرتكم طوافكم بالبيت
».(14)



(10) تجزئ عمرة المتمتع، وعمرة القارن، والعمرة من أدنى الحل عن العمرة الواجبة،
ولا نعلم في إجزاء عمرة التمتع خلافًا. كذلك قال ابن عمر، وعطاء، وطاوس، ومجاهد.(15)



(11) لا بأس أن يعتمر في السنة مرارًا. روي ذلك عن علي، وابن عمر، وابن عباس، وأنس، وعائشة، فأما الإكثار من الاعتمار والموالاة بينهما فلا
يستحب في ظاهر قول السلف، وقال بعض أصحابنا: يستحب الإكثار من الاعتمار، وأقوال السلف
وأحوالهم تدل على ما قلناه، ولأن النَّبِـيَّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله
عنهم لم ينقل عنهم الموالاة بينهما، وإنما نقل عنهم إنكار ذلك، والحق في اتباعهم. وقد
اعتمر النَّبِي صلى الله عليه وسلم أربع عمر في أربع سفرات، لم يزد في كل سفرة على
عمرة واحدة، ولا أحد ممن معه، ولم يبلغنا أن أحدًا منهم جمع بين عمرتين في سفر واحد
معه، إلا عائشة حين حاضت فأعمرها من التنعيم؛ لأنها اعتقدت أن عمرة
قرانها بطلت، ولو كان فيه فضل لما اتفقوا على تركه.(16)



(12) إن لم يجد المريض مالاً يستنيب به فلا حج عليه بغير خلاف؛ لأن الصحيح
لو لم يجد ما يحج به لم يجب عليه، فالمريض أولى.(21)



(13) متى أحج المريض عن نفسه ثم عوفي، لم يجب عليه حج آخر؛ لأنه أتى بما أمر
به فخرج من العهدة.(21)



(14) فإن عوفي قبل فراغ النائب من الحج فينبغي أن لا يجزئه الحج([sup][2])[/sup]؛
لأنه قدر على الأصل قبل تمام البدل، فلزمه، كالمتيمم إذا رأى الماء في صلاته.(21)



(15) وإن برأ قبل إحرام النائب لم يجزئه بحال.(21)


(16) من يرجى زوال مرضه، والمحبوس ونحوه، ليس له أن يستنيب، فإن فعل لم يجزئه،
وإن لم يبرأ؛ لأنه يرجو القدرة على الحج بنفسه، فلم يكن
له الاستنابة، ولا تجزئه إن فعل.(22)



(17) لا يجوز أن يستنيب من يقدر على الحج بنفسه في الحج الواجب إجماعًا.(22)



(18) إن كان عاجزًا عن حج النفل عجزًا مرجو الزوال، كالمريض مرضـًا يرجى برؤه،
والمحبوس، جاز له أن يستنيب فيه.(23)



(19) إذا سلك النائب طريقًا يمكنه سلوك أقرب منه، ففاضل النفقة في ماله. وإن
تعجل عجلة يمكنه تركها، فكذلك. وإن أقام بمكة أكثر من مدة القصر بعد إمكان السفر للرجوع
أنفق من مال نفسه؛ لأنه غير مأذون له فيه. فأما من لا يمكنه الخروج قبل ذلك فله النفقة؛
لأنه مأذون له فيه، وله نفقة الرجوع.(26)



(20) إن أقام النائب بمكة سنين فله نفقة الرجعة ما لم يتخذها دارًا، فإن اتخذها
دارًا ولو ساعة لم يكن له نفقة رجوعه؛ لأنه صار بنية الإقامة مكيًا، فسقطت نفقته، فلم
تُعَدّ.(26)



(21) إن مرض النائب في الطريق فعاد فله نفقة رجوعه؛ لأنه لا بد له منه، وحصل
بغير تفريطه، فأشبه ما لو قطع عليه الطريق أو أحصر. وإن قال: خفت أن أمرض فرجعت. فعليه
الضمان؛ لأنه متوهم.(26)



(22) إن شرط أحدهما -أي: النائب أو المستنيب- أن الدماء الواجبة عليه على غيره،
لم يصح الشرط؛ لأن ذلك من موجبات فعله، أو الحج الواجب عليه، فلم يجز شرطه على غيره،
كما لو شرطه على أجنبي.(26)



(23) يجوز أن ينوب الرجل عن الرجل والمرأة، والمرأة عن الرجل والمرأة في الحج،
في قول عامة أهل العلم، لا نعلم فيه مخالفًا، إلا الحسن بن صالح.(27)



(24) لا يجوز الحج والعمرة عن حي إلا بإذنه، فرضـًا كان أو تطوعـًا، فأما الميت
فيجوز عنه بغير إذن، واجبًا كان أو تطوعًا؛ لأن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أمر
بالحج عن الميت، وقد علم أنه لا إذن له، وما جاز فرضه جاز نفله، كالصدقة.(27)



(25) إذا أمره المستنيب بحج فتمتع أو اعتمر لنفسه من الميقات ثم حج، نظرتَ؛
فإن خرج إلى الميقات فأحرم منه بالحج جاز، ولا شيء عليه، وإن أحرم بالحج من مكة فعليه
دم؛ لترك ميقاته، ويرد من النفقة بقدر ما ترك من إحرام الحج فيما بين الميقات ومكة.(27)



(26) إن أمره بالتمتع فقرن، وقع عن الآمر؛ لأنه أمر بهما، وإنما خالف في أنه
أمره بالإحرام بالحج من مكة فأحرم به من الميقات. وإن أفرد وقع عن المستنيب أيضًا،
ويرد نصف النفقة؛ لأنه أخل بالإحرام بالعمرة من الميقات، وقد أمره به، وإحرامه بالحج
من الميقات زيادة لا يستحق به شيئًا. وإن أمره بالقران فأفرد أو تمتع، صح ووقع النسكان
عن الآمر، ويرد من النفقة بقدر ما ترك من إحرام النسك الذي تركه من الميقات. وفي جميع
ذلك إذا أمره بالنسكين ففعل أحدهما دون الآخر؛ رد من النفقة بقدر ما ترك، ووقع المفعول
عن الآمر، وللنائب من النفقة بقدره.(28)



(27) إذا استنابه رجل في الحج وآخر في العمرة، وأذنا له في القران ففعل، جاز؛
لأنه نسك مشروع. وإن قرن من غير إذنهما صح، ووقع عنهما، ويرد من نفقة كل واحد منهما
نصفها؛ لأنه جعل السفر عنهما بغير إذنهما. وإن أذن أحدهما دون الآخر، رد على غير الآمر
نصف نفقته وحده.(29)



(28) إن أُمِر -أي النائب- بالحج، فحج ثم اعتمر لنفسه، أو أمره بعمرة، فاعتمر
ثم حج عن نفسه، صح ولم يرد شيئًا من النفقة؛ لأنه أتى بما أمر به على وجهه.(29)



(29) إن أمر المستنيب النائب بالإحرام من ميقات فأحرم من غيره جاز؛ لأنهما
سواء في الإجزاء. وإن أمره بالإحرام من بلده فأحرم من الميقات جاز؛ لأنه الأفضل. وإن
أمره بالإحرام من الميقات فأحرم من بلده جاز؛ لأنه زيادة لا تضر. وإن أمره بالحج في
سنة، أو بالاعتمار في شهر، ففعله في غيره جاز؛ لأنه مأذون فيه في الجملة.(29)



(30) إن استنابه اثنان في نسك، فأحرم به عنهما، وقع عن نفسه دونهما؛ لأنه لا
يمكن وقوعه عنهما، وليس أحدهما بأولى من صاحبه.(29)



(31) إن أحرم عن نفسه وغيره، وقع عن نفسه؛ لأنه إذا وقع عن نفسه ولم ينوها
فمع نيته أولى.(30)



(32) إن أحرم عن أحدهما -أي: واحد ممن أنابه للحج- غير معين، احتمل أن يقع
عن نفسه أيضًا؛ لأن أحدهما ليس بأولى من الآخر، فأشبه ما لو أحرم عنهما. واحتمل أن
يصح؛ لأن الإحرام يصح بالمجهول، فصح عن المجهول، وله صرفه إلى من شاء منهما، فإن لم
يفعل حتى طاف شوطًا وقع عن نفسه، ولم يكن له صرفه إلى أحدهما؛ لأن الطواف لا يقع عن
غير مُعَيَّن.(30)



(33) الظاهر أن الحج لا يجب على المرأة التي لا محرم لها.(30)


(34) نفقة المحرم في الحج على المرأة. نص عليه أحمد رحمه
الله؛ لأنه من سبيلها، فكان عليها نفقته كالراحلة.(34)



(35) الصحيح أنه لا يلزم المحرم الحج مع امرأته الباذلة للنفقة؛ لأن في الحج
مشقة شديدة، وكلفة عظيمة، فلا تلزم أحدًا لأجل غيره، كما لم يلزمه أن يحج عنها إذا
كانت مريضة.(34)



(36) إذا مات محرم المرأة في الطريق، فقال أحمد رحمه
الله: إذا تباعدت مضت فقضت الحج. لكن إن كان حجها تطوعًا، وأمكنها الإقامة في بلد،
فهو أولى من سفرها بغير محرم.(34)



(37) ليس للرجل منع امرأته من حجة الإسلام، ويستحب أن تستأذنه في ذلك؛ فإن
أذن وإلا خرجت بغير إذنه. فأما حج التطوع فله منعها منه، وليس له منعها من الحج المنذور؛
لأنه واجب عليها، فأشبه حجة الإسلام.(35)



(38) لا تخرج المرأة إلى الحج في عدة الوفاة، ولها أن تخرج إليه في عدة الطلاق
المبتوت، وأما عدة الرجعية فالمرأة فيه بمنزلتها في صُـلْبِ النكاح؛ لأنها زوجة.(35)



(39) متى توفي من وجب عليه الحج ولم يحج وجب أن يخرج عنه من جميع ماله ما يحج
به عنه ويعتمر، سواء فاته بتفريط أو بغير تفريط.(38)



(40) فإن خرج للحج فمات في الطريق، حج عنه من حيث مات؛ لأنه أسقط بعض ما وجب
عليه، فلم يجب ثانيًا.(39)



(41) لو أحرم بالحج ثم مات، صحت النيابة عنه فيما بقي من النسك؛ سواء كان إحرامه
لنفسه أو لغيره.(40)



(42) يستحب أن يحج الإنسان عن أبويه إذا كانا ميتين أو عاجزين؛ لأن النبي صلى
الله عليه وسلم أمر أبا رزين([sup][3])[/sup] رضي
الله عنه فقال:
(حج عن أبيك واعتمر)([sup][4])[/sup].
ويستحب البداية بالحج عن الأم إن كان تطوعًا أو واجبًا عليهما، وإن كان الحج واجبًا
على الأب دونها بدأ به؛ لأنه واجب، فكان أولى من التطوع.(41)



(43) إن أحرم بتطوع أو نذر من لم يحج حجة الإسلام وقع عن حجة الإسلام.(43)



(44) إن أحرم بتطوع وعليه منذورة وقعت عن المنذورة؛ لأنها واجبة، فهي كحجة
الإسلام.(43)



(45) العمرة كالحج فيما ذكرنا؛ لأنها أحد النسكين، فأشبهت الآخر. أي: في المسألة
السابقة والتي قبلها.(43)



(46) إذا أحرم بالمنذورة من عليه حجة الإسلام، فوقعت عن حجة الإسلام، فالمنصوص
عن أحمد رحمه الله أن المنذورة لا تسقط عنه؛ لأنها حجة واحدة،
فلا تجزئ عن حجتين، ويحتمل أن تجزئ؛ لأنه قد أتى بالحجة ناويـًا بها نذره فأجزأته،
وهذا مثل ما لو نذر صومَ يومَ يقْدُم فلانٌ فقدِمَ في يوم من رمضان، فنواه عن فرضه
ونذره.(44)



(47) إن بلغ الصبي، أو عتق العبد بعرفة أو قبلها، غير محرمين، فأحرما ووقفا
بعرفة، وأتما المناسك، أجزأهما عن حجة الإسلام. لا نعلم فيه خلافـًا؛ لأنه لم يفتهما
شيء من أركان الحج، ولا فعلا شيئًا منها قبل وجوبه.(45)



(48) إذا بلغ الصبي أو عتق العبد قبل الوقوف أو في وقته، وأمكنهما الإتيان
بالحج، لزمهما ذلك؛ لأن الحج واجب على الفور، فلا يجوز تأخيره مع إمكانه، كالبالغ الحر.
وإن فاتهما الحج لزمتهما العمرة؛ لأنها واجبة أمكن فعلها، فأشبهت الحج، ومتى أمكنهما
ذلك فلم يفعلا استقر الوجوب عليهما، سواء كانا موسرين أو معسرين؛ لأن ذلك وجب عليهما
بإمكانه في موضعه، فلم يسقط بفوات القدرة بعده.(46)



(49) الحكم في الكافر يسلم، والمجنون يفيق، حكم الصبي يبلغ في جميع ما فصلناه،
إلا أن هذين لا يصح منهما إحرام، ولو أحرما لم ينعقد إحرامهما؛ لأنهما من غير أهل العبادات،
ويكون حكمهما حكم من لم يحرم.(47)



(50) ليس للعبد أن يحرم بغير إذن سيده؛ لأنه يفوت به حقوق سيده الواجبة عليه
بالتزام ما ليس بواجب، فإن فعل انعقد إحرامه صحيحًا؛ لأنها عبادة بدنية، فصح من العبد
الدخول فيها بغير إذن سيده، كالصلاة والصوم.(47)



(51) إذا نذر العبد الحج صح نذره؛ لأنه مكلف، فانعقد نذره كالحر، ولسيده منعه
من المضي فيه؛ لأن فيه تفويت حق سيده الواجب، فإن أعتق لزمه الوفاء به بعد حجة الإسلام،
فإن أحرم به أولاً انصرف إلى حجة الإسلام كالحر إذا نذر حجًا.(48)([sup][5])[/sup].



(52) ما جنى العبد على إحرامه لزمه حكمه، وحكمه فيما يلزمه حكم الحر المعسر
فرضه الصيام، وإن تحلل بحصر عدو أو حلله سيده فعليه الصيام.(48)



(53) إن أذن له سيده في تمتع أو قران، فعليه الصيام بدلاً عن الهدي الواجب
بهما. وقيل: على سيده الهدي، وإن تمتع أو قرن بغير إذن سيده فالصيام عليه بغير خلاف،
وإن أفسد حجه فعليه أن يصوم لذلك؛ لأنه لا مال له، فهو كالمعسر من الأحرار.(49)



(54) إذا وطئ العبد في إحرامه قبل التحلل الأول فسد، ويلزمه المضي في فاسده
كالحر، وعليه القضاء؛ سواء كان الإحرام مأذونـًا فيه أو غير مأذون، ويصح القضاء في
حال رقه؛ لأنه وجب فيه فصح منه كالصلاة والصيام، ثم إن كان الإحرام الذي أفسده مأذونـًا
فيه، فليس لسيده منعه من قضائه؛ لأن إذنه في الحج الأول إذن في موجبه ومقتضاه، ومن
موجبه القضاء لما أفسده.(49)



(55) إن أعتق العبد قبل القضاء فليس له فعل القضاء قبل حجة الإسلام؛ لأنها
آكد، فإن أحرم بالقضاء انصرف إلى حجة الإسلام، وبقي القضاء في ذمته.(50)



(56) إن عتق في أثناء قضاء الحجة الفاسدة، وأدرك من الوقوف ما يجزئه، أجزأه
القضاء عن حجة الإسلام؛ لأن المقضي لو كان صحيحًا أجزأه، فكذلك قضاؤه.(50)



(57) يصح حج الصبي، فإن كان مميزًا أحرم بإذن وليه، وإن كان غير مميز أحرم
عنه وليه؛ فيصير محرمًا بذلك، وإن أحرم بدون إذنه لم يصح؛ لأن هذا عقد يؤدي إلى لزوم
مال، فلم ينعقد من الصبي بنفسه كالبيع.(50)



(58) إن كان الصبي غير مميز، فأحرم عنه من له ولاية على ماله صح. ومعنى إحرامه
عنه أنه يعقد له الإحرام، فيصح للصبي دون الولي.(51)



(59) لا يضاف الأجر للولي إلا لكون الصبي تبعًا له في الإحرام.(51)


(60) أما الأجانب عن الصبي فلا يصح إحرامهم عنه، وجهًا واحدًا.(52)


(61) كل ما أمكن الصبي فعله بنفسه لزمه فعله، ولا ينوب غيره عنه فيه، كالوقوف
والمبيت بمزدلفة ونحوهما، وما عجز عنه عمله الولي عنه.(52)



(62) يجب تجريد الصبي المحرم من الثياب كما يجرد الكبير، وقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تجرد الصبيان إذا دنوا من
الحرم.(53)



(63) محظورات الإحرام بالنسبة للصبي قسمان: أحدهما: ما يختلف عمده وسهوه، كاللباس
والطيب، الثاني: ما لا يختلف، كالصيد، وحلق الشعر، وتقليم الأظفار. فالأول لا فدية
على الصبي فيه؛ لأن عمده خطأ، والثاني عليه فيه الفدية. ولو وطئ أفسد حجه كالكبير،
وفي القضاء وجهان.(53)



(64) الأولى في نفقة الصبي في الحج أن ما زاد على نفقة الحضر فهي في مال
الولي؛ لأنه كلفه ذلك ولا حاجة به إليه.(54)



(65) إذا أغمي على بالغ لم يصح أن يحرم عنه رفيقه؛ لأنه بالغ، فلا يصير محرمـًا
بإحرام غيره كالنائم، ولو أنه أذن في ذلك وأجازه لم يصح، فمع عدم هذا أولى أن لا يصح.(54)



(66) من طيف به محمولاً لعذر فلا يخلو: إما أن يقصدا جميعًا عن المحمول، فيصح
عنه دون الحامل بغير خلاف نعلمه، أو يقصدا جميعًا عن الحامل فيقع عنه أيضًا، ولا شيء
للمحمول، أو يقصد كل واحد منهما الطواف عن نفسه، فإنه يقع للمحمول دون الحامل، وهو
الأولى. فإن نوى أحدهما نفسه دون الآخر صح الطواف له، وإن عدمت النية منهما، أو نوى
كل واحد منهما الآخر، لم يصح لواحد منهما.(55)



(67) إذا كان الميقات قرية فانتقلت إلى مكان آخر، فموضع الإحرام من الأولى
وإن انتقل الاسم إلى الثانية؛ لأن الحكم تعلق بذلك الموضع، فلا يزول بخرابه.(58)



(68) الصحيح أن المكي من أي الحرم أحرم بالحج جاز؛ لأن المقصود من الإحرام
به الجمع في النسك بين الحل والحرم، وهذا يحصل بالإحرام من أي موضع كان.(61)



(69) إن أحرم من الحل نظرت، فإن أحرم من الحل الذي يلي الموقف فعليه دم؛ لأنه
أحرم من دون الميقات. وإن أحرم من الجانب الآخر ثم سلك الحرم فلا شيء عليه.(62)



(70) لو أحرم المكي من الحل ولم يسلك الحرم فعليه دم؛ لأنه لم يجمع بين الحل
والحرم.(62)



(71) حكم من سلك طريقًا بين ميقاتين أنه يجتهد حتى يكون إحرامه بحذو الميقات
الذي هو إلى طريقه أقرب، وهذا مما يعرف بالاجتهاد والتقدير، فإذا اشتبه دخله الاجتهاد
كالقبلة.(63)



(72) إن لم يعرف حذو الميقات المقارب لطريقه احتاط؛ بحيث يتيقن أنه لم يجاوز
الميقات إلا محرمـًا؛ لأن الإحرام قبل الميقات جائز، وتأخيره عنه لا يجوز، فالاحتياط
فعل ما لا شك فيه.(63)



(73) من سلك طريقًا فيها ميقات فهو ميقاته، فإذا حج الشامي من المدينة فمر
بذي الحليفة فهي ميقاته، وهكذا كل من مر على ميقات غير ميقات بلده صار ميقاتـًا له.(64)



(74) لا خلاف في أن من أحرم قبل الميقات يصير محرمـًا، تثبت في حقه أحكام الإحرام،
ولكن الأفضل الإحرام من الميقات، ويكره قبله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه
رضي الله عنهم أحرموا من الميقات، ولا يفعلون إلا الأفضل.(65)



(75) من جاوز الميقات مريدًا للنسك غير محرم فعليه أن يرجع إليه ليحرم منه
إن أمكنه؛ سواء تجاوزه عالمًا به أو جاهلاً، علم تحريم ذلك أو جهله، فإن رجع إليه فأحرم
منه فلا شيء عليه. لا نعلم في ذلك خلافًا. وإن أحرم من دون الميقات فعليه دم؛ سواء
رجع إلى الميقات أو لم يرجع.(69)



(76) لو أفسد المحرم من دون الميقات حجه لم يسقط عنه الدم؛ لأنه واجب عليه
بموجب هذا الإحرام، فلم يسقط بوجوب القضاء.(70)









[/center]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://2et2.yoo7.com/forum
حمدان
ديري مبدع
ديري مبدع
حمدان


الساعة :
دعاء
عدد المساهمات : 1104
نقاط : 2370
التقيم : 28
تاريخ التسجيل : 05/05/2012

 الجامع لأحكام الحج والعمرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجامع لأحكام الحج والعمرة    الجامع لأحكام الحج والعمرة Icon_minitimeالخميس مايو 10, 2012 10:10 am

(77) أما المجاوز للميقات ممن لا يريد النسك فعلى قسمين:



أحدهما:
لا يريد دخول الحرم، بل يريد حاجة فيما سواه، فهذا لا يلزمه الإحرام بغير خلاف، ولا
شيء عليه في ترك الإحرام.




القسم الآخر:
من يريد دخول الحرم، إما إلى مكة أو غيرها، فهم على ثلاثة أضرب: أحدها: من يدخلها
لقتال مباح، أو من خوف، أو لحاجة متكررة، كالحشاش، والحطاب، فهؤلاء لا إحرام عليهم.
النوع الثاني: من لا يكلف الحج، كالعبد، والصبي، والكافر إذا أسلم بعد مجاوزة
الميقات، أو عتق العبد وبلغ الصبي، وأرادوا الإحرام، فإنهم يحرمون من موضعهم، ولا دم
عليهم. النوع الثالث: المكلف الذي يدخل لغير قتال ولا حاجة متكررة، فلا يجوز
له تجاوز الميقات غير محرم.(70-72)




(78) من دخل الحرم بغير إحرام ممن يجب عليه الإحرام فلا قضاء عليه؛ لأنه مشروع
لتحية البقعة، فإذا لم يأت به سقط كتحية المسجد، فأما إن تجاوز الميقات ورجع ولم يدخل
الحرم فلا قضاء عليه، بغير خلاف نعلمه؛ سواء أراد النسك أو لم يرده.(72)




(79) لا خلاف في أن من خشي فوات الحج برجوعه إلى الميقات، أنه يحرم من موضعه
فيما نعلمه، وعليه دم.(73)




(80) لا ينبغي أن يحرم الحاج بالحج قبل أشهره، وهذا هو الأولى، فإن الإحرام
بالحج قبل أشهره مكروه؛ لكونه إحرامًا به قبل وقته، فأشبه الإحرام به قبل ميقاته، فإن
أحرم به قبل أشهره صح، وإذا بقي على إحرامه إلى وقت الحج جاز.(74)




(81) يستحب لمن أراد الإحرام أن يتطيب في بدنه خاصة، ولا فرق بين ما يبقى عينه
كالمسك والغالية([sup][6])[/sup]،
أو أثره كالعود والبخور وماء الورد.(77)




(82) إن طيب ثوبه فله استدامة لبسه ما لم ينزعه، فإن نزعه لم يكن له أن يلبسه،
فإن لبسه افتدى، وكذلك إن نقل الطيب من موضع من بدنه إلى موضع آخر افتدى، وكذا إن تعمد
مسه بيده، أو نحاه من موضعه ثم رده إليه، فأما إن عرق الطيب أو ذاب بالشمس فسال من
موضعه إلى موضع آخر فلا شيء عليه.(80)




(83) المستحب أن يحرم عقيب الصلاة، فإن حضرت صلاة مكتوبة أحرم عقيبها، وإلا
صلى ركعتين تطوعًا وأحرم عقيبهما.(80)




(84) أجمع أهل العلم على جواز الإحرام بأي الأنساك الثلاثة شاء، واختلفوا في
أفضلها، فاختار إمامنا التمتع، ثم الإفراد، ثم القران.(82)




(85) من أراد الإحرام بعمرة فالمستحب أن يقول: اللهم إني أريد العمرة فيسرها
لي، وتقبلها مني، ومحلي حيث تحبسني. فإنه يستحب للإنسان النطق بما أحرم به، ليزول الالتباس،
فإن لم ينطق بشيء واقتصر على مجرد النية كفاه في قول إمامنا.(91)




(86) إن لبى المحرم، أو ساق الهدي من غير نية، لم ينعقد إحرامه؛ لأن ما اعتبرت
له النية لم ينعقد بدونها.(92)




(87) يستحب لمن أحرم بنسك أن يشترط عند إحرامه، فيقول: إن حبسني حابس فمحلي
حيث حبستني.(92)




(88) إن أطلق الإحرام، فنوى الإحرام بنسك، ولم يعين حجًا ولا عمرة صح، وصار
محرمًا؛ لأن الإحرام يصح مع الإبهام فصح مع الإطلاق، فإذا أحرم مطلقـًا فله صرفه إلى
أي الأنساك شاء، والأولى صرفه إلى العمرة.(96)




(89) إذا أحرم بنسك ثم نسيه قبل الطواف، فله صرفه إلى أي الأنساك شاء، فأما
إن شك بعد الطواف لم يجز صرفه إلا إلى العمرة؛ لأن إدخال الحج على العمرة بعد الطواف
غير جائز.(98)




(90) لا تستحب الزيادة على تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تكره.(103)




(91) يستحب ذكر ما أحرم به في تلبيته، وإن لم يذكر ذلك في تلبيته فلا بأس؛
فإن النية محلها القلب، والله أعلم بها.(104)




(92) إن حج عن غيره كفاه مجرد النية عنه، وإن ذكره في التلبية فحسن.(105)



(93) يستحب استدامة التلبية والإكثار منها على كل حال.(105)



(94) لا يستحب رفع الصوت بالتلبية في الأمصار، ولا في مساجدها، إلا في مكة
والمسجد الحرام، ومساجد الحرم، كمسجد منى وعرفات.(106)




(95) الاغتسال مشروع للنساء عند الإحرام كما يشرع للرجال؛ لأنه نسك. وإن رجت
الحائض الطهر قبل الخروج من الميقات، أو النفساء، استحب لها تأخير الاغتسال حتى تطهر؛
ليكون أكمل لها، فإن خشيت الرحيل قبله اغتسلت وأحرمت.(108)




(96) من أحرم وعليه قميص خلعه ولم يشقه، وهذا قول أكثر أهل العلم، وإذا نزع
في الحال فلا فدية عليه؛ لأن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لم يأمر الرجل بفدية، في
الحديث المروي عن يعلى بن أمية، أن رجلاً أتى النبي صلى
الله عليه وسلم فقال: (
يا رسول الله! كيف ترى في
رجل أحرم بعمرة في جبة، بعدما تضمخ بطيب؟ فنظر إليه النبي

صلى الله عليه وسلم
ساعة، ثم سكت، فجاءه الوحي،
فقال له النبي
صلى الله عليه وسلم:
أما الطيب الذي بك فاغسله، وأما الجبة فانزعها، ثم اصنع في عمرتك ما تصنع في حجك)
([sup][7])[/sup].(109)




(97) اختلفت الرواية عن أحمد رحمه الله في إباحة قتل القمل:
فعنه إباحته؛ لأنه من أكثر الهوام أذى، فأبيح قتله، كالبراغيث وسائر ما يؤذي، والصئبان
كالقمل في ذلك، ولا فرق بين قتل القمل، أو إزالته بإلقائه على الأرض، أو قتله بالزئبق،
فإن قتله لم يحرم لحرمته، لكن لما فيه من الترفه، فعم المنع إزالته كيفما كانت. ولا
يتفلى؛ فإن التفلي عبارة عن إزالة القمل، وهو ممنوع منه.(115)




(98) يجوز للمحرم حك رأسه، ويرفق في الحك كي لا يقطع شعرًا أو يقتل قملة، فإن
حك فرأى في يده شعرًا، أحببنا أن يفديه احتياطًا، ولا يجب عليه حتى يستيقن أنه قلعه.(116)




(99) إن خالف وتفلى، أو قتل قملاً، فلا فدية فيه؛ فإن كعب بن عجرة رضي
الله عنه حين حلق رأسه قد أذهب قملاً كثيرًا، ولم يجب عليه لذلك شيء، وإنما وجبت الفدية
بحلق الشعر، ولأن القمل لا قيمة له، فأشبه البعوض والبراغيث، ولأنه ليس بصيد ولا هو
مأكول.(116)




(100) لا بأس أن يغسل المحرم رأسه وبدنه برفق، وفعل ذلك عمر وابنه رضي
الله عنهما، وأجمع أهل العلم على أن المحرم يغتسل من الجنابة.(117)




(101) الصحيح أنه لا بأس في الغطس داخل الماء، وليس ذلك بستر، وقد فعله عمر وابن عباس رضي الله عنهما وهما محرمان.(117)



(102) يكره للمحرم غسل رأسه بالسدر والخطمي ونحوهما؛ لما فيه من إزالة الشعث،
والتعرض لقلع الشعر، فإن فعل فلا فدية عليه.(118)




(103) لا نعلم خلافًا بين أهل العلم في أن للمحرم أن يلبس السراويل إذا لم يجد
الإزار، والخفين إذا لم يجد نعلين، ولا فدية عليه في لبسهما عند ذلك.(120)




(104) لبس الخف المقطوع محرم مع القدرة على النعلين، كلبس الصحيح، وفيه إتلاف
ماله، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعته.(121)




(105) إذا لبس الخفين لعدم النعلين، لم يلزمه قطعهما في المشهور عن أحمد، ويروى ذلك عن علي بن أبي طالب
رضي الله عنه؛ والأولى قطعهما عملاً بحديث ابن عمر رضي الله عنهما الصحيح:
(فمن لم يجد نعلين فليلبس الخفين، وليقطعهما حتى يكونا أسفل من
الكعبين)
([sup][8])[/sup]،
وخروجًا من الخلاف، وأخذًا بالاحتياط.(120)




(106) إن لبس الخف المقطوع مع وجود النعل فعليه الفدية، وليس له لبسه؛ لأن النبي
صلى الله عليه وسلم شرط في إباحة لبسهما عدم النعلين، فدل على أنه لا يجوز مع وجودهما،
ولأنه مخيط لعضو على قدره، فوجبت على المحرم الفدية بلبسه كالقفازين.(122)




(107) أما النعل فيباح لبسها كيفما كانت، ولا يجب قطع شيء منها؛ لأن إباحتها
وردت مطلقـًا. وهذا هو الصحيح؛ فإنه إذا لم يجب قطع الخفين الساترين للقدمين والساقين
فقطع سير النعل أولى أن لا يجب، ولأن ذلك معتاد في النعل، فلم تجب إزالته كسائر سيورها،
ولأن قطع القيد والعقب ربما تعذر معه المشي في النعلين؛ لسقوطهما بزوال ذلك، فلم يجب.(123)




(108) ليس للمحرم أن يعقد عليه الرداء ولا غيره، إلا الإزار والهميان، وليس
له أن يجعل لذلك زرًا وعروة، ولا يخلله بشوكة ولا إبرة ولا خيط؛ لأنه في حكم المخيط.(124)




(109) أما الحجامة إذا لم يقطع شعرًا فمباحة من غير فدية في قول الجمهور؛ لما
رواه ابن عباس رضي الله عنهما: (
أن
النبي
صلى الله عليه وسلم احتجم وهو
محرم)
([sup][9])[/sup].
ولم يذكر فدية، فإن احتاج في الحجامة إلى قطع شعر فله قطعه؛ وعليه الفدية.(126)




(110) لا تحل للمحرم الإعانة على الصيد بشيء.(132)



(111) إذا دل المحرم حلالاً على الصيد فأتلفه، فالجزاء كله على المحرم.(133)




(112) إن دل محرم محرمًا على الصيد فقتله فالجزاء بينهما، ولو دل محرم محرمـًا
على صيد، ثم دل الآخر آخر، ثم كذلك إلى عشرة، فقتله العاشر، كان الجزاء على جميعهم،
وإن وجد من المحرم حدث عند رؤية الصيد، من ضحك، أو استشراف إلى الصيد، ففطن له غيره
فصاده فلا شيء على المحرم.(133)




(113) إن أعار المحرم قاتل الصيد سلاحًا فقتله به، فهو كما لو دله عليه، سواء
كان المستعار مما لا يتم قتله إلا به، أو أعاره شيئًا هو مستغن عنه، مثل أن يعيره رمحًا
ومعه رمح، وكذلك إن أعاره سكينًا فذبحه بها.(134)




(114) إن أعار المحرم غيره آلة ليستعملها في غير الصيد، فاستعملها في الصيد،
لم يضمن؛ لأن ذلك غير محرم عليه.(134)




(115) إن دل الحلال محرمًا على الصيد فقتله فلا شيء على الحلال؛ لأنه لا يضمن
الصيد بالإتلاف، فبالدلالة أولى، إلا أن يكون ذلك في الحرم فيشاركه في الجزاء؛ لأن
صيد الحرم حرام على الحلال والحرام.(134)




(116) إن صاد المحرم صيدًا لم يملكه، فإن تلف في يده فعليه جزاؤه، وإن أمسكه
حتى حل لزمه إرساله، وليس له ذبحه.(135)




(117) ما حرم على المحرم لكونه صيد من أجله، أو دل عليه، أو أعان عليه، لم يحرم
على الحلال أكله.(138)




(118) إذا ذبح المحرم الصيد صار ميتة يحرم أكله على جميع الناس؛ لأنه حيوان
حرم عليه ذبحه لحق الله تعالى، فلم يحل بذبحه كالمجوسي، وكذلك الحكم في صيد الحرم إذا
ذبحه الحلال.(139)




(119) إذا اضطر المحرم فوجد صيدًا وميتة أكل الميتة. وبهذا قال مالك وغيره، وقال الشافعي وغيره:
يأكل الصيد. وهذه المسألة مبنية على أنه إذا ذبح الصيد كان ميتة، فيساوي الميتة في
التحريم، ويمتاز بإيجاب الجزاء، وما يتعلق به من هتك حرمة الإحرام، فلذلك كان أكل الميتة
أولى، إلا أن لا تطيب نفسه بأكلها، فيأكل الصيد، كما لو لم يجد غيره.(140)




(120) النبات الذي تستطاب رائحته على ثلاثة أضرب:



أحدها:
ما لا ينبت للطيب، ولا يتخذ منه، كنبات الصحراء، من الشيح والقيصوم والخزامى، والفواكه
كلها من الأترج والتفاح والسفرجل وغيره، وما ينبته الآدميون لغير قصد الطيب، كالحناء
والعصفر، فمباح شمه ولا فدية فيه، ولا نعلم فيه خلافًا.




الثاني:
ما ينبته الآدميون للطيب، ولا يتخذ منه طيب، كالريحان الفارسي، والمرزجوش([sup][10])[/sup]،والنرجس، والبرم([sup][11])[/sup]،
ففيه وجهان.




الثالث:
ما ينبت للطيب ويتخذ منه طيب، كالورد والبنفسج والياسمين والخيري، فهذا إذا استعمله
وشمه ففيه الفدية؛ لأن الفدية تجب فيما يتخذ منه، فكذلك في أصله.(141)




(121) إن مس من الطيب ما يعلق بيده، كالغالية، وماء الورد، والمسك المسحوق الذي
يعلق بأصابعه، فعليه الفدية؛ لأنه مستعمل للطيب، وإن مس ما لا يعلق بيده، كالمسك غير
المسحوق، وقطع الكافور، والعنبر، فلا فدية؛ لأنه غير مستعمل للطيب، فإن شمه فعليه الفدية؛
لأنه يستعمل هكذا، وإن شم العود فلا فدية عليه؛ لأنه لا يتطيب به هكذا.(142)




(122) كل ما صبغ بزعفران أو ورس، أو غمس في ماء ورد، أو بُخِّـرَ بعود، فليس
للمحرم لبسه، ولا الجلوس عليه، ولا النوم عليه؛ وذلك لأنه استعمال له فأشبه لبسه.(143)




(123) إن انقطعت رائحة الثوب - أي المطيب - لطول الزمن عليه، أو لكونه صبغ بغيره
فغلب عليه، بحيث لا يفوح له رائحة إذا رش فيه الماء؛ فلا بأس باستعماله لزوال الطيب
منه.(143)




(124) أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من قلم أظفاره إلا من عذر، فإن انكسر
فله إزالته من غير فدية تلزمه.(146)




(125) لا ينظر المحرم للمرآة لإزالة شعث أو شيء من زينة، ولا فدية عليه بالنظر
في المرآة على كل حال، وإنما ذلك أدب لا شيء على تاركه، لا نعلم أحدًا أوجب في ذلك
شيئًا. وقد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما، وعمر بن عبد العزيز رحمه الله أنهما كانا ينظران في المرآة
وهما محرمان.(147)




(126) الزعفران وغيره من الأطياب إذا جعل في مأكول أو مشروب فلم تذهب رائحته
لم يبح للمحرم تناوله، نيئًا كان أو قد مسته النار([sup][12])[/sup].(147)




(127) أما المطيب من الأدهان، كدهن الورد، والبنفسج، والزنبق، والخيري، واللَّيْنُوفَر([sup][13])[/sup]،
فليس في تحريم الادهان به خلاف في المذهب؛ لأنه يتخذ للطيب، وتقصد رائحته، فكان طيبـًا،
كماء الورد. فأما ما لا طيب فيه، كالزيت، والشيرج([sup][14])[/sup]،
والسمن، والشحم، ودهن ألبان الساذج، فلا يحرم.(149)




(128) لا يقصد المحرم شم الطيب من غيره بفعل منه، نحو أن يجلس عند العطارين
لذلك، أو يدخل الكعبة حال تجميرها ليشم طيبها، فأما شمه من غير قصد، كالجالس عند العطار
لحاجته، وداخل السوق، أو داخل الكعبة للتبرك بها([sup][15])[/sup]،
ومن يشتري طيبًا لنفسه وللتجارة ولا يمسه، فغير ممنوع منه؛ لأنه لا يمكن التحرز من
هذا فعفي عنه.(150)




(129) إن حمل على رأسه مكتلاً أو طبقًا أو نحوه فلا فدية عليه.(152)



(130) يباح للمحرم تغطية وجهه، روي ذلك عن عثمان بن عفان،
وعبد الرحمن بن عوف، وزيد بن ثابت،
وابن الزبير، وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم، ولم
نعرف لهم مخالفًا في عصرهم، فيكون إجماعًا.(153)




(131) المرأة يحرم عليها تغطية وجهها في إحرامها، كما يحرم على الرجل تغطية
رأسه. لا نعلم في هذا خلافًا، إلا ما روي عن أسماء أنها كانت
تغطي وجهها وهي محرمة([sup][16])[/sup].
ويحتمل أنها كانت تغطيه بالسدل عند الحاجة، فلا يكون اختلافـًا. وذكر أنه لابد أن يكون
متجافيـًا، والظاهر خلافه؛ فإن الثوب المسدول لا يكاد يسلم من إصابة البشرة، فلو كان
هذا شرطًا لبُيّن.(154)




(132) لا بأس أن تطوف المرأة منتقبة إذا كانت غير محرمة، وطافت عائشة رضي الله عنها وهي منتقبة.(155)



(133) الكحل بالإثمد في الإحرام مكروه للمرأة والرجل، ولا فدية فيه. ولا أعلم
فيه خلافًا.(156)




(134) يحرم على المرأة لبس القفازين، وفيه الفدية؛ لأنها لبست ما نهيت عن لبسه
في الإحرام، فلزمتها الفدية.(158)




(135) ظاهر كلام الخرقي أنه لا يجوز لبس الخلخال وما أشبهه من الحلي، مثل السوار
والدملوج([sup][17])[/sup].
وظاهر مذهب أحمد الرخصة فيه. وهو قول ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم وأصحاب الرأي. قال أحمد في رواية حنبل: تلبس المحرمة الحلي والمعصفر.(159)




(136) يستحب للمرأة أن تختضب بالحناء عند الإحرام؛ لما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (من السنة أن تدلك المرأة يديها في حناء)،
وما روي عن عكرمة أنه قال: (
كانت
عائشة وأزواج النبي
صلى الله عليه وسلم يختضبن بالحناء وهن حرم)([sup][18])[/sup]،
ولأن الأصل الإباحة، وليس ههنا دليل يمنع من نص ولا إجماع، ولا هي في معنى المنصوص.(160)




(137) إذا أحرم الخنثى المشكل لم يلزمه اجتناب المخيط؛ لأننا لا نتيقن الذكورية
الموجبة لذلك، وإن غطى وجهه وحده لم يلزمه فدية لذلك، وإن جمع بين تغطية وجهه بنقاب
أو برقع، وبين تغطية رأسه، أو لبس المخيط على بدنه لزمته الفدية؛ لأنه لا يخلو أن يكون
رجلاً أو امرأة.(161)




(138) يستحب للمرأة الطواف ليلاً؛ لأنه أستر لها، وأقل للزحام، فيمكنها أن تدنو
من البيت وتستلم الحجر.(161)




(139) متى تزوج المحرم أو زوج، أو زُوِّجَتْ محرمة، فالنكاح باطل؛ سواء كان
الكل محرمين أو بعضهم؛ لأنه منهي عنه فلم يصح، كنكاح المرأة على عمتها أو خالتها.(164)




(140) تكره الخطبة للمحرم، وخطبة المحرمة، ويكره للمحرم أن يخطب للمحلين؛ لأنه
قد جاء في بعض ألفاظ حديث عثمان:

(لا يَنكِح المحرم، ولا ينكح، ولا يخطب)
([sup][19])[/sup]،
ولأنه تسبب إلى الحرام، فأشبه الإشارة إلى الصيد.(165)




(141) الإحرام الفاسد كالصحيح في منع النكاح وسائر المحظورات؛ لأن حكمه باقٍ
في وجوب ما يجب في الإحرام، فكذلك ما يحرم به.(165)




(142) يكره أن يشهد في النكاح؛ لأنه معاونة على النكاح فأشبه الخطبة، وإن شهد
أو خطب لم يفسد النكاح.(165)




(143) الصحيح -إن شاء الله- أن من وطىء دون الفرج أنزل أو لم ينزل فعليه دم
ولا يفسد حجه؛ لأنه استمتاع لا يجب بنوعه الحد، فلم يفسد الحج، كما لو لم ينزل، ولأنه
لا نص فيه ولا إجماع، ولا هو في معنى المنصوص عليه.(169)




(144) أما مجرد النظر من غير مني ولا مذي فلا شيء فيه، فقد كان النبي صلى
الله عليه وسلم ينظر إلى نسائه وهو محرم، وكذلك أصحابه.(172)




(145) إن فكر فأنزل فلا شيء عليه؛ فإن الفكر يعرض للإنسان من غير إرادة ولا
اختيار، فلم يتعلق به حكم.(173)




(146) العمد والنسيان في الوطء سواء.(173)



(147) للمحرم أن يتجر ويصنع الصنائع، ولا نعلم في إباحتهما اختلافـًا، ويرتجع
زوجته المطلقة.(174)




(148) شراء الإماء مباح، سواء قصد به التسري أو لم يقصد. لا نعلم فيه خلافًا.(175)




(149) للمحرم أن يقتل الحدأة، والغراب، والفأرة، والعقرب، والكلب العقور، وكل
ما عدا عليه، أو آذاه، ولا فداء عليه، والغراب يجوز قتله سواء كان أبقع أم لا؛ لأن
الحديث الذي لم يذكر الأبقع أصح من الحديث الذي ذكر الأبقع([sup][20])[/sup]،
والسبع ما كان طبعه الأذى والعدوان وإن لم يوجد منه أذى في الحال، سواء كان من سبع
البهائم أو الجوارح.(175)




(150) ما لا يؤذي بطبعه ولا يؤكل، كالرخم والديدان؛ فلا أثر للحرم ولا للإحرام
فيه، ولا جزاء فيه إن قتله.(177)




(151) لا تأثير للإحرام ولا للحرم في تحريم شيء من الحيوان الأهلي، كبهيمة الأنعام
ونحوها؛ لأنه ليس بصيد، وليس في هذا خلاف.(178)




(152) يحل للمحرم صيد البحر؛ وصيد البحر: الحيوان الذي يعيش في الماء ويبيض
فيه ويفرخ فيه، كالسمك، والسلحفاة ([sup][21])[/sup]،
والسرطان، ونحو ذلك، أما طير الماء كالبط ونحوه فهو من صيد البر في قول عامة أهل العلم،
وفيه الجزاء.(178)




(153) في صيد الحرم الجزاء على من يقتله، ويجزى بمثل ما يجزى به الصيد في الإحرام.(179)




(154) ما يحرم ويضمن في الإحرام يحرم ويضمن في الحرم، وما لا فلا، إلا شيئين:
أحدهما: القمل. مختلف في قتله في الإحرام، وهو مباح في الحرم بلا اختلاف. الثاني:
صيد البحر. مباح في الإحرام بغير خلاف، ولا يحل صيده من آبار الحرم وعيونه.(180)




(155) يضمن صيد الحرم في حق المسلم والكافر، والكبير والصغير، والحر والعبد؛
لأن الحرمة تعلقت بمحله بالنسبة إلى الجميع، فوجب ضمانه كالآدمي.(180)




(156) من ملك صيدًا في الحل فأدخله الحرم، لزمه رفع يده عنه وإرساله، فإن تلف
في يده أو أتلفه فعليه ضمانه، كصيد الحل في حق المحرم.(180)




(157) يضمن صيد الحرم بالدلالة والإشارة، كصيد الإحرام، والواجب عليهما جزاء
واحد. نص عليه أحمد، وظاهر كلامه أنه لا فرق بين كون الدال في الحل أو
الحرم.(181)




(158) إذا رمى الحلال من الحل صيدًا في الحرم فقتله، أو أرسل كلبه عليه فقتله،
أو قتل صيدًا على فرع في الحرم أصله في الحل، ضمنه.(181)




(159) إن أمسك طائرًا في الحل، فهلك فراخه في الحرم، ضمن الفراخ، ولا يضمن الأم؛
لأنها من صيد الحل، وهو حلال.(182)




(160) إن رمى من الحرم صيدًا في الحل، أو أرسل كلبه عليه، أو قتل صيدًا على
غصن في الحل أصله في الحرم، أو أمسك حمامة في الحرم فهلك فراخها في الحل، فلا ضمان
عليه.(182)




(161) لا بأس بقطع اليابس من الشجر والحشيش؛ لأنه بمنزلة الميت، ولا بأس بقطع
ما انكسر ولم يَبِنْ؛ لأنه قد تلف، وهو بمنزلة الظفر المنكسر.(186)




(162) لا بأس بالانتفاع بما انكسر من الأغصان وانقلع من الشجر بغير فعل آدمي،
ولا ما سقط من الورق. نص عليه أحمد، ولا نعلم فيه خلافـًا؛ لأن الخبر
إنما ورد في القطع وهذا لم يقطع.(187)




(163) يباح أخذ الكمأة([sup][22])
[/sup]
من الحرم، وكذلك الفقع؛ لأنه لا أصل له، فأشبه الثمرة.(188)




(164) يجب في إتلاف الشجر والحشيش الضمان.(188)



(165) من قلع شجرة من الحرم فغرسها في مكان آخر فيبست ضمنها؛ لأنه أتلفها، وإن
غرسها في مكان من الحرم فنبتت لم يضمنها؛ لأنه لم يتلفها، ولم يزل حرمتها، وإن غرسها
في الحل فنبتت فعليه ردها إليه؛ لأنه أزال حرمتها، فإن تعذر ردها أو ردها فيبست ضمنها.(189)




(166) يباح لمن وجد آخذ الصيد أو قاتله في حرم المدينة، أو قاطع الشجر سلبه،
وهو: أخذ ثيابه حتى سراويله، فإن كان على دابة لم يملك أخذها؛ لأن الدابة ليست من السلب،
وإنما أخذها قاتل الكافر في الجهاد لأنه يستعان بها على الحرب بخلاف مسألتنا، وإن لم
يسلبه أحد فلا شيء عليه سوى الاستغفار والتوبة.(192)




(167) يفارق حرم المدينة حرم مكة في شيئين: أحدهما: أنه يجوز أن يؤخذ
من شجر حرم المدينة ما تدعو الحاجة إليه، للمساند والوسائد والرحل، ومن حشيشها ما تدعو
الحاجة إليه للعلف. الثاني: أن من صاد صيدًا خارج المدينة ثم أدخله إليها لم
يلزمه إرساله.(193)




(168) صيد وج وشجره مباح -وهو واد بالطائف- لأن الأصل الإباحة، والحديث الوارد
فيه ضعيف([sup][23])[/sup]،
ضعفه أحمد رحمه الله.(194)




(169) لا فرق بين الحصر العامِّ في حق الحاجِّ كله، وبين الخاص في حق شخص واحد،
مثل أن يحبس بغير حق، أو أخذته اللصوص وحده؛ لعموم النص، ووجود المعنى في الكل.(195)




(170) إذا كان على المحصر دين مؤجل يحل قبل قدوم الحاج، فمنعه صاحبه من الحج،
فله التحلل من الحج؛ لأنه معذور.(195)




(171) لو أحرم العبد بغير إذن سيده، أو المرأة للتطوع بغير إذن زوجها، فلهما
منعهما، وحكمهما حكم المحصر.(195)




(172) إذا قدر المحصر على الهدي فليس له الحل قبل ذبحه، فإن كان معه هدي قد
ساقه أجزأه، وإن لم يكن معه لزمه شراؤه إن أمكنه، وقيل: لا يحل إلا في الحرم، وهذا
-والله أعلم- فيمن كان حصره خاصًا، وأما الحصر العام فلا ينبغي أن يقوله أحد؛ لأن ذلك
يفضي إلى تعذر الحل لتعذر وصول الهدي إلى محله، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه
نحروا هداياهم في الحديبية، وهي من الحل.(196)




(173) من يتمكن من البيت ويُصَدُّ عن عرفة فله أن يفسخ نية الحج ويجعله عمرة،
ولا هدي عليه؛ لأننا أبحنا له ذلك من غير حصر، فمع الحصر أولى، فإن كان قد طاف وسعى
للقدوم ثم أحصر أو مرض حتى فاته الحج، تحلل بطواف وسعي آخر؛ لأن الأول لم يقصد به طواف
العمرة ولا سعيها، وليس عليه أن يجدد إحرامًا.(199)




(174) إذا تحلل المحصر من الحج، فزال الحصر وأمكنه الحج؛ لزمه ذلك إن كانت حجة
الإسلام، أو كانت الحجة واجبة في الجملة؛ لأن الحج يجب على الفور.(200)




(175) إن أحصر في حج فاسد فله التحلل؛ لأنه إذا أبيح له التحلل في الحج الصحيح
فالفاسد أولى. فإن حل ثم زال الحصر وفي الوقت سعة، فله أن يقضي في ذلك العام، وليس
يتصور القضاء في العام الذي أفسد الحج فيه في غير هذه المسألة.(200)




(176) المحصر إذا عجز عن الهدي انتقل إلى صوم عشرة أيام ثم حل.(200)



إن نوى المحصر التحلل قبل الهدي
أو الصيام، لم يتحلل، وكان على إحرامه حتى ينحر الهدي أو يصوم؛ لأنهما أقيما مقام أفعال
الحج، فلم يحل قبلهما، وليس عليه في نية الحل فدية؛ لأنها لم تؤثر في العبادة، فإن
فعل شيئًا من محظورات الإحرام قبل ذلك فعليه












([1])
هو شيخ المذهب الحنبلي بلا منازع، وقد ترجم له في: مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي
(8/627)، ومعجم البلدان لياقوت الحموي (2/113)، وسير أعلام النبلاء للذهبي
(22/165)، وذيل طبقات الحنابلة لابن رجب (2/133)، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي
(6/256)، وشذرات الذهب (5/88)، والمقصد الأرشد (2/15)، والدر للعليمي (1/346)، وتسهيل
السابلة برقم (1131)، وعلماء الحنابلة برقم (1233).



وقد أفرد الضياء
المقدسي سيرة شيخه الموفق في جزأين، وكذلك أفردها الذهبي رحمهم الله.







([2]) لعل هذا
يقيد بما إذا لم يقف بعرفة، فإن الحج عرفة.







([3]) هو أبو
رزين العقيلي لقيط بن صبرة رضي الله عنه .







([4]) رواه الترمذي
(930)، وقال: حسن صحيح، وأبو داود (1810)، وابن ماجه (2906)، والنسائي (2637).







([5]) انظر
المسألة رقم (46).







([6]) الغالية:
أخلاط من الطيب كالمسك والعنبر.







([7]) رواه البخاري (1789)، ومسلم
(1180).







([8]) رواه البخاري
(1841)، ومسلم (1178).







([9]) رواه البخاري (1835)، ومسلم
(1202).







([10]) من الرياحين دقيق الورق بزهر
أبيض عطري.







([11]) زهر أصفر طيب الرائحة لشجرة تسمي
شجرة إبراهيم.







([12])
يظهر أن الزعفران لم يعد طيبًا، ولا يعرف في هذه الأزمنة من يتطيب بالزعفران،
وإنما يستعمل في الأطعمة والأشربة، فيجوز أكله وشربه للمحرم، فإن وجد من يتطيب به
فيحرم استعماله.







([13]) اللَّيْنُوفَر
ضرب من النبات ينبت في المياه الراكدة تظهر أوراقه وزهره على سطح الماء.







([14]) الشيرج:
دهن السمسم.







([15]) قال
المحقق: «هكذا قال
رحمه
الله
، مع أنه لا يجوز التبرك
بالمخلوق؛ لا الكعبة ولا غيرها، وما صح من تبرك الصحابة
رضي الله عنهم بما انفصل من جسم الرسول صلى الله عليه
وسلم فهذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم حال حياته».



الصحيح أن التبرك من خصائصه صلى
الله عليه وسلم حال حياته وبعد مماته، أي: يجوز التبرك بأثره المنفصل عنه ولو بعد
مماته؛ كما ثبت في الصحيح وغيره: (أن أم سلمة رضي الله عنها كان عندها جلجل من فضة
فيه شعر للنبي صلى الله عليه وسلم ، فكان الناس يستشفون به فيشفون)، والاستشفاء به
نوع من التبرك، ولا يثبت بسند صحيح أنه بقي شيء من آثار النبي صلى الله عليه وسلم إلى
يومنا هذا .







([16]) رواه مالك (1050)، وابن خزيمة
(2690) وصححه.








([17]) الدملوج: سوار يحيط بالعضد.






([18]) رواه
الطبراني في الكبير (11/105)(11186).







([19]) رواه مسلم (1409).






([20]) [الحديث الأول] قال صلى الله
عليه وسلم
: (خمس فواسق يقتلن في الحرم: الحية،
والغراب الأبقع، والفأرة، = = والكلب العقور، والحدأة) رواه مسلم (1198). قال
الموفق
رحمه الله : وهذا يقيد المطلق في الحديث الآخر، ولا
يمكن حمله على العموم، بدليل أن المباح من الغربان لا يحل قتله، ولنا ما روت عائشة
رضي الله عنها قالت [الحديث الثاني]: (أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل خمس
فواسق في الحل والحرم: الحدأة، والغراب، والفأرة، والعقرب، والكلب العقور)[رواه
أحمد (25349)]. وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (خمس من الدواب
ليس على المحرم جناح في قتلهن) وذكر مثل حديث عائشة. متفق عليه [صحيح البخاري
(3315)، صحيح مسلم (1200)]، وفي لفظ لمسلم (1199) من حديث ابن عمر: (خمس لا جناح
على من قتلهن في الحرم والإحرام).







([21])
السلحفاة تبيض في البر بجانب شاطئ البحر .







([22]) الكمأة والفقع: نبات يشبه
البطاطس (البطاطا) ينبت في داخل الأرض، ويوجد في موسم الأمطار.







([23]) نص
الحديث: (إن صيد وج وعضاهه حرام محرم لله) رواه أبو داود (2032) واللفظ له، وأحمد
(1416)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/200)، وإسناده لا يصح، فيه محمد بن عبد الله
بن إنسان، قال عنه أبو حاتم: ليس بالقوي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://2et2.yoo7.com/forum
حمدان
ديري مبدع
ديري مبدع
حمدان


الساعة :
دعاء
عدد المساهمات : 1104
نقاط : 2370
التقيم : 28
تاريخ التسجيل : 05/05/2012

 الجامع لأحكام الحج والعمرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجامع لأحكام الحج والعمرة    الجامع لأحكام الحج والعمرة Icon_minitimeالخميس مايو 10, 2012 10:11 am

(1)
فديته، كما
لو فعل القادر ذلك قبل أفعال الحج.(201)



(2)
إن أحصر الحجاج
بعدو وأذن لهم في العبور، فلم يثقوا بهم، فلهم الانصراف؛ لأنهم خائفون على أنفسهم،
فكأنهم لم يأمنوهم، وإن وثقوا بأمانهم وكانوا معروفين بالوفاء لزمهم المضي على إحرامهم؛
لأنه قد زال حصرهم.(202)



(3)
وإن طلب العدو
خفارة على تخلية الطريق، وكان ممن لا يوثق بأمانه، لم يلزمهم بذله؛ لأن الخوف باقٍ
مع البذل، وإن كان موثوقـًا بأمانه والخفارة كثيرة لم يجب بذله، بل يكره إن كان العدو
كافرًا؛ لأن فيه صغارًا وتقويةً للكفار، وإن كانت يسيرة فقياس المذهب وجوب بذله.(202)



(4)
المشهور في
المذهب أن من يتعذَّر عليه الوصول إلى البيت لغير حصر العدو، من مرض، أو عرج، أو ذهاب
نفقة، ونحوه؛ أنه لا يجوز له التحلل بذلك.(203)



(5)
إن شرط في
ابتداء إحرامه أن يحل متى مرض، أو ضاعت نفقته، أو نفدت، أو نحوه، أو قال: إن حبسني
حابس فمحلي حيث حبستني. فله الحل متى وجد ذلك، ولا شيء عليه، لا هدي ولا قضاء ولا غيره.(204)



(6)
الحج لا يفسد
إلا بالجماع، فإذا فسد فعليه إتمامه، وليس له الخروج منه؛ لقوله تعالى: ((
وَأَتِمُّوا
الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ
)) [البقرة:196]،
وروي ذلك عن عمر، وعلي، وأبي هريرة، وابن عباس رضي الله عنهم، ولم نعرف لهم مخالفًا.(205)



(7)
يحرم من جامع
بالقضاء من أبعد الموضعين: الميقات، أو موضع إحرامه الأول؛ لأنه إن كان الميقات أبعد
فلا يجوز له تجاوز الميقات بغير إحرام، وإن كان موضع إحرامه أبعد فعليه الإحرام بالقضاء
منه. نص عليه أحمد رحمه الله.(207)



(Cool
إذا قضيا -أي
من جامع وزوجته- تفرقا من موضع الجماع حتى يقضيا حجهما. روي هذا عن عمر وابن عباس رضي الله عنهما؛ لأن التفريق
بينهما خوفـًا من معاودة المحظور، وإنما اختص التفريق بموضع الجماع؛ لأنه ربما يذكره
برؤية مكانه، فيدعوه ذلك إلى فعله، ومعنى التفرق أن لا يركب معها في محمل، ولا ينزل
معها في فسطاط ونحوه.(207)



(9)
التفريق مستحب
ولا يجب، وهذا هو الأولى.(208)



(10)
العمرة فيما
ذكرناه كالحج -أي: في قضاء فاسدها- فإن كان المعتمر مكيًا، وكان قد أحرم بها من الحل،
أحرم للقضاء من الحل، وإن كان أحرم بها من الحرم أحرم للقضاء من الحل، ولا فرق بين
المكي ومن حصل بها من المجاورين.(208)



(11)
إن أفسد المتمتع
عمرته ومضى في فاسدها فأتمها، فقال أحمد: يخرج إلى الميقات فيحرم منه للحج،
فإن خشي الفوات أحرم من مكة وعليه دم، فإذا فرغ من حجه خرج إلى الميقات فأحرم منه بعمرة
مكان التي أفسدها، وعليه هدي يذبحه إذا قدم مكة؛ لما أفسد من عمرته.(208)



(12)
لو أفسد الحاج
حجته وأتمها، فله الإحرام بالعمرة من أدنى الحل، كالمكيين.(208)



(13)
إذا أفسد القضاء
لم يجب عليه قضاؤه، وإنما يقضي عن الحج الأول، كما لو أفسد قضاء الصلاة والصيام، وجب
القضاء للأصل دون القضاء، كذا ههنا؛ وذلك لأن الواجب لا يزداد بفواته، وإنما يبقى ما
كان واجبًا في الذمة على ما كان عليه، فيؤديه القضاء.(208)



(14)
إذا دخل المحرم
المسجد الحرام فذكر فريضة أو فائته، أو أقيمت الصلاة المكتوبة، قدمهما على الطواف؛
لأن ذلك فرض والطواف تحية.(212)



(15)
إن خاف فوت
ركعتي الفجر أو الوتر، أو أحضرت جنازة، قدمها على الطواف؛ لأنها سنة يخاف فوتها، والطواف
لا يفوت.(212)



(16)
يستحب للمحرم
استلام الحجر، ويحاذيه بجميع بدنه، والمرأة كالرجل، ولا يستحب لها مزاحمة الرجال.(215)



(17)
الرمل لا يسن
في غير الأشواط الثلاثة الأول من طواف القدوم، أو طواف العمرة، فإن ترك الرمل فيها
لم يقضه في الأربعة الباقية؛ لأنها هيئة فات موضعها فسقطت.(220)



(18)
الطهارة من
الحدث والنجاسة، والستارة -يريد ستر العورة- شرائط لصحة الطواف.(222)



(19)
إذا شك في
الطهارة وهو في الطواف، لم يصح طوافه ذلك؛ لأنه شك في شرط العبادة قبل الفراغ منها.(224)



(20)
إن شك في الطهارة
بعد الفراغ من الطواف لم يلزمه شيء؛ لأن الشك في شرط العبادة بعد فراغها لا يؤثر فيها.(224)



(21)
إن شك في عدد
الطواف بنى على اليقين، وإن أخبره ثقة عن عدد طوافه رجع إليه إذا كان عدلاً.(224)



(22)
إن شك في ذلك
بعد فراغه من الطواف لم يلتفت إليه، كما لو شك في عدد الركعات بعد فراغ الصلاة.(224)



(23)
إذا فرغ المتمتع
ثم علم([sup][1])[/sup]
أنه كان على غير طهارة في أحد الطوافين لا بعينه، بنى الأمر على الأشد: وهو أنه كان
محدثًا في طواف العمرة، فلم يصح ولم يحل منها، فيلزمه دم للحلق، ويكون قد أدخل الحج
على العمرة فيصير قارنـًا، ويجزئه الطواف للحج عن النسكين، ولو قدرناه من الحج لزمه
إعادة الطواف، ويلزمه إعادة السعي على التقديرين؛ لأنه وجد بعد طواف غير معتد به. وإن
كان وطئ بعد حله من العمرة حكمنا بأنه أدخل حجـًا على عمرة فأفسده ([sup][2])[/sup]
فلا تصح، ويلغو ما فعله من أفعال الحج، ويتحلل بالطواف الذي قصده للحج من عمرته الفاسدة،
وعليه دم للحلق ودم للوطء في عمرته، ولا يحصل له حج ولا عمرة. ولو قدرناه من الحج لم
يلزمه أكثر من إعادة الطواف والسعي، ويحصل له الحج والعمرة.(225)



(24)
الصحيح أن
المحرم لا يقبل الركن اليماني، بل يستلمه فقط، ويستلم الحجر ويقبله. وهو قول أكثر أهل
العلم.(225)



(25)
يستلم الركنين
الأسود واليماني في كل طوافه، وإن لم يتمكن من تقبيل الحجر استلمه وقبل يده، وإن كان
في يده شيء يمكن أن يستلم الحجر به استلمه وقبله؛ فإن لم يمكنه استلامه أشار إليه وكبر.(227)



(26)
يكبر كلما
أتى الحجر أو حاذاه، ويقول بين الركنين: ((
رَبَّنَا
آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ
النَّارِ
)) [البقرة]([sup][3])[/sup].(228)



(27)
لو طاف على
جدار الحجر وشاذروان الكعبة، وهو ما فَـضُلَ من حائطها، لم يجز؛ لأن ذلك من البيت،
فإذا لم يطف به، فلم يطف بكل البيت؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم طاف من وراء ذلك.(231)



(28)
لو نكس الطواف
فجعل البيت على يمينه لم يجزئه.(231)



(29)
يسن للطائف
أن يصلي بعد فراغه من الطواف ركعتين، ويستحب أن يركعهما خلف المقام؛ وهي سنة مؤكدة
غير واجبة، ولا بأس أن يصليهما إلى غير سترة، ويمر بين يديه الطائفون من الرجال والنساء،
فإن النبيَّ صلى الله عليه وسلم صلاهما والطوَّاف بين يديه ليس بينهما شيء. وكان ابن الزبير رضي الله عنهما يصلي والطواف بين يديه، فتمر
المرأة بين يديه فينتظرها حتى ترفع رجلها ثم يسجد. وكذلك سائر الصلوات في مكة لا يعتبر
لها سترة.(231)



(30)
إذا صلى المكتوبة
بعد طوافه أجزأته عن ركعتي الطواف.(233)



(31)
لا بأس أن
يجمع بين الأسابيع([sup][4])[/sup]،
فإذا فرغ منها ركع لكل أسبوع ركعتين، فعل ذلك عائشة رضي
الله عنها، والمسور بن مخرمة رضي الله عنه، وإن ركع لكل أسبوع عقيبه
كان أولى.(233)



(32)
الموالاة غير
معتبرة بين الطواف والركعتين، بدليل أن عمر رضي الله عنه صلاهما بذي طوى، وأخرت
أم سلمة رضي الله عنها ركعتي طوافها حين طافت راكبة بأمر
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخر عمر بن عبد العزيز رحمه الله ركوع الطواف
حتى طلعت الشمس، وإن ركع لكل أسبوع عقبه كان أولى، وفيه اقتداء بالنبي صلى الله
عليه وسلم وخروج من الخلاف.(233)



(33)
إذا فرغ من
الركوع وأراد الخروج إلى الصفا استحب أن يعود فيستلم الحجر؛ لأن النبيَّ صلى الله
عليه وسلم فعل ذلك، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يفعله.(234)



(34)
إن لم يرق
المحرم على الصفا فلا شيء عليه، لكن يجب عليه أن يستوعب ما بين الصفا والمروة.(235)



(35)
إن ترك المحرم
مما بين الصفا والمروة شيئًا، ولو ذراعـًا، لم يجزئه حتى يأتي به.(236)



(36)
المرأة لا
يسن لها أن ترقى الصفا؛ لئلا تزاحم الرجال، وترك ذلك أستر لها، ولا ترمل في طواف ولا
سعي، والحكم في وجوب استيعابها ما بينهما بالمشي كحكم الرجل.(236)



(37)
الأولى أن
السعي واجب وليس بركن، وعلى من تركه دم.(238)



(38)
السعي تبع
للطواف، لا يصح إلا أن يتقدمه طواف، فإن سعى قبله لم يصح، فعلى هذا إن سعى بعد طوافه،
ثم علم أنه طاف بغير طهارة، لم يعتد بسعيه ذلك.(240)



(39)
لا تجب الموالاة
بين الطواف والسعي.(240)



(40)
من كان معه
هدي فليس له أن يتحلل -أي: بعد السعي- لكن يقيم على إحرامه، ويدخل الحج على العمرة،
ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعًا.(241)



(41)
المستحب في
حق المتمتع عند حله من عمرته التقصير؛ ليكون الحلق للحج، ولم يأمر النبي صلى الله
عليه وسلم أصحابه إلا بالتقصير؛ فقال صلى الله عليه وسلم:
(أحلوا من
إحرامكم بطواف البيت وبين الصفا والمروة وقصروا)([sup][5])[/sup].(243)



(42)
قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أنه لا رمل على النساء
حول البيت، ولا بين الصفا والمروة؛ وذلك لأن الأصل فيها إظهار الجَلَـد، ولا يقصد ذلك
في حق النساء، ولأن النساء يقصد فيهن الستر، وفي الرمل تعرض للتكشف.(246)



(43)
إذا تلبس بالطواف
أو بالسعي، ثم أقيمت المكتوبة، فإنه يصلي مع الجماعة، وإذا صلى بنى على طوافه وسعيه.
قال أحمد: ويكون ابتداؤه من الحجر. يعني أنه يبتدئ الشوط الذي
قطعه من الحجر حين يشرع في البناء.(247)



(44)
فإن ترك الموالاة
في الطواف لغير الصلاة وطال الفصل ابتدأ الطواف، ولا فرق بين ترك الموالاة عمدًا أو
سهوًا، وإن لم يطل الفصل بنى.(248)



(45)
من حيث أحرم
الحاج من مكة جاز.(261)



(46)
يجوز الجمع
لكل من بعرفة، من مكي وغيره، أما قصر الصلاة فلا يجوز لأهل مكة.(264)



(47)
يجب على المحرم
الوقوف إلى غروب الشمس؛ ليجمع بين الليل والنهار في الوقوف بعرفة، فإن دفع قبل الغروب
فحجه صحيح، وعلى من دفع قبل الغروب دم.(272)



(48)
فإن دفع قبل
الغروب، ثم عاد نهارًا فوقف حتى غربت الشمس، فلا دم عليه.(273)



(49)
وقت الوقوف
من طلوع الفجر يوم عرفة إلى طلوع الفجر من يوم النحر، فمن أدرك عرفة في شيء من هذا
الوقت وهو عاقل فقد تم حجه، وإن وقف وهو مغمى عليه أو مجنون، ولم يفق حتى خرج منها
لم يجزئه.(274)



(50)
كيفما حصل
بعرفة وهو عاقل أجزأه، قائمًا أو جالسًا أو راكبًا أو نائمًا، وإن مر بها مجتازًا فلم
يعلم أنها عرفة، أجزأه أيضًا؛ لأنه حصل بعرفة في زمن الوقوف وهو عاقل، فأجزأه كما لو
علم.(275)



(51)
لا يشترط للوقوف
طهارة، ولا ستارة، ولا استقبال، ولا نية. ولا نعلم في ذلك خلافـًا، ويستحب أن يكون
طاهرًا. قال أحمد: يستحب له أن يشهد المناسك كلها على وضوء.(275)



(52)
لمزدلفة ثلاثة
أسماء: مزدلفة، وجمع، والمشعر الحرام. وحدها من مأزمي عرفة إلى قرن محسِّر، ففي أي
موضع وقف منها أجزأه، وليس وادي محسِّر من مزدلفة.(283)



(53)
المبيت بمزدلفة
واجب، من تركه فعليه دم.(284)



(54)
من بات بمزدلفة
لم يجز له الدفع قبل نصف الليل، فإن دفع بعده فلا شيء عليه، فمن دفع من جمع قبل نصف
الليل ولم يعد في الليل فعليه دم، وإن عاد في الليل فلا دم عليه.(284)



(55)
من لم يوافق
مزدلفة إلا في النصف الأخير من الليل فلا شيء عليه؛ لأنه لم يدرك جزءًا من النصف الأول،
فلم يتعلق به حكمه، كمن أدرك الليل بعرفات دون النهار.(286)



(56)
يجزئ الرمي
بكل ما يسمى حصى، وهي الحجارة الصغار، سواء كان أسود أو أبيض أو أحمر، من المرمر، أو
البرام، أو المرو -وهو الصوان- أو الرخام، أو الكذان -وهو الحجارة التي ليست بصلبة-
أو حجر المسن، والنبي صلى الله عليه وسلم رمى بالحصى، وأمر بالرمي بمثل حصى الخذف،
فلا يتناول غير الحصى، ويتناول جميع أنواعه، فلا يجوز تخصيصه بغير دليل ولا إلحاق غيره
به؛ لأنه موضع لا يدخل القياس فيه.(289)



(57)
إن رمى بحجر
أخذ من المرمى لم يجزئه.(290)



(58)
إن رمى بخاتم
فضة حجرًا لم يجزئه في أحد الوجهين؛ لأنه تبع، والرمي بالمتبوع لا بالتابع.(290)



(59)
الصحيح أنه
لا يستحب غسل الحصى، فإن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لما لقطت له الحصيات وهو راكب
على بعيره يقبضهن في يده لم يغسلهن، ولا أمر بغسلهن، فإن رمى بحجر نجس أجزأه.(291)



(60)
حد منى ما
بين جمرة العقبة ووادي محسِّر، وليس محسِّر والعقبة من منى.(291)



(61)
يرمي المحرم
جمرة العقبة راكبًا أو راجلاً، كيفما شاء.(293)



(62)
لرمي جمرة
العقبة وقتان: وقت فضيلة، ووقت إجزاء: فأما وقت الفضيلة فبعد طلوع الشمس. وأما وقت
الجواز فأوله نصف الليل من ليلة النحر، وإن أخر الرمي إلى آخر النهار جاز، فإن أخرها
إلى الليل لم يرمها حتى تزول الشمس من الغد.(294)



(63)
لا يجزئه الرمي
إلا أن يقع الحصى في المرمى، فإن وقع دونه لم يجزئه، ولا نعلم فيه خلافًا. وكذلك إن
وضعها بيده في المرمى لم يجزئه في قولهم جميعـًا؛ لأنه مأمور بالرمي ولم يرم، وإن طرحها
طرحًا أجزأه؛ لأنه يسمى رميًا.(296)



(64)
إن رمى حصاة
فوقعت في غير المرمى، فأطارت حصاة أخرى فوقعت في المرمى، لم يجزئه؛ لأن التي رماها
لم تقع في المرمى.(296)



(65)
إن رمى حصاة
فالتقمها طائر قبل وصولها لم يجزئه؛ لأنها لم تقع في المرمى.(296)



(66)
إن وقعت الحصاة
على موضع صلب في غير المرمى، ثم تدحرجت على المرمى، أو على ثوب إنسان ثم طارت فوقعت
في المرمى أجزأته؛ لأن حصوله بفعله.(296)



(67)
إن رمى حصاة
فشك: هل وقعت في المرمى أم لا؟ لم يجزئه؛ لأن الأصل بقاء الرمي في ذمته، فلا يزول بالشك،
وإن كان الظاهر أن الحصاة وقعت فيه أجزأته؛ لأن الظاهر دليل.(296)



(68)
إن رمى الحصيات
دفعة واحدة لم يجزئه إلا عن واحدة.(296)



(69)
يستحب توجيه
الذبيحة إلى القبلة، ويقول: بسم الله والله أكبر. وإن اقتصر على التسمية ووجه الذبيحة
إلى غير القبلة ترك الأفضل وأجزأه. والصحيح أن ذلك -أي: توجيه الذبيحة إلى القبلة-
غير واجب، ولم يقم على وجوبه دليل.(299)



(70)
وقت نحر الأضحية
والهدي ثلاثة أيام: يوم النحر، ويومان بعده.(300)



(71)
إذا نحر الهدي
فرقه على المساكين من أهل الحرم، وهم من كان في الحرم، فإن أطلقها لهم جاز، وإن قسمها
فهو أحسن وأفضل؛ لأنه بقسمها يكون على يقين من إيصالها إلى مستحقها، ويكفي المساكين
مؤنة النهب والزحام عليها.(301)



(72)
لا يجوز بيع
شيء من الهدي، ولا يعطي الجازر بأجرته شيئًا منها، وإن كان الجازر فقيرًا فأعطاه لفقره
سوى ما يعطيه أجره جاز.(302)



(73)
السنة النحر
بمنى؛ لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم نحر بها، وحيث نحر من الحرم أجزأه.(302)



(74)
ليس من شرط
الهدي أن يجمع فيه بين الحل والحرم، ولا أن يقفه بعرفة، لكن يستحب ذلك.(302)



(75)
الحلق والتقصير
نسك في الحج والعمرة.(304)



(76)
يجوز تأخير
الحلق والتقصير إلى آخر أيام النحر؛ لأنه إذا جاز تأخير النحر المقدم عليه فتأخيره
أولى.(306)



(77)
الأصلع الذي
لا شعر على رأسه يستحب أن يمر الموسى على رأسه.(306)



(78)
يستحب لمن
حلق أو قصر تقليم أظافره والأخذ من شاربه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعله.(307)



(79)
يستحب إذا
حلق أن يبلغ العظم الذي عند منقطع الصدغ من الوجه.(307)



(80)
الصحيح ـ
إن شاء الله ـ أن المحرم إذا رمى جمرة العقبة فقد حل، وعن أحمد أنه إذا
وطئ بعد جمرة العقبة فعليه دم. ولم يذكر الحلق، وهذا يدل على أن الحلَّ بدون الحلق.
وهذا قول عطاء ومالك وأبي ثور؛ لقوله
صلى الله عليه وسلم في حديث أم سلمة:
(إذا رميتم الجمرة فقد
حل لكم كل شيء إلا النساء)([sup][6])[/sup].(310)



(81)
المشروع للمرأة
التقصير دون الحلق، لا خلاف في ذلك، وتقصر قدر الأنملة، والأنملة هي رأس الأصبع من
المفصل الأعلى.(310)



(82)
إذا رمى ونحر
وحلق أفاض إلى مكة فطاف طواف الزيارة -ويسمى طواف الإفاضة- وهو ركن للحج، لا يتم إلا
به. لا نعلم فيه خلافًا.(311)



(83)
لطواف الإفاضة
وقتان: وقت فضيلة، ووقت إجزاء.. فأما وقت الفضيلة فيوم النحر بعد الرمي والنحر والحلق،
وأما وقت الجواز فأوله من نصف الليل من ليلة النحر، والصحيح أن آخر وقته غير محدود؛
فإنه متى أتى به صح بغير خلاف.(312)



(84)
صفة هذا الطواف
كصفة طواف القدوم، سوى أنه ينوي به طواف الزيارة، ويعينه بالنية. ولا رمل فيه ولا اضطباع.(313)



(85)
يوم الحج الأكبر
يوم النحر.(320)



(86)
في يوم النحر
أربعة أشياء: الرمي، ثم النحر، ثم الحلق، ثم الطواف. والسنة ترتيبها هكذا.(320)



(87)
سائر رمي الجمرات
في أيام التشريق الثلاثة بعد زوال الشمس، فإن رمى قبل الزوال أعاد، ويبتدئ بالجمرة
الأولى، وهي أبعد الجمرات من مكة، ثم يتقدم عنها إلى موضع لا يصيبه الحصى، فيقف طويلاً
يدعو الله تعالى رافعًا يديه، ثم يتقدم إلى الوسطى فيجعلها عن يمينه ويستقبل القبلة،
ويرميها بسبع حصيات، ويفعل من الوقوف والدعاء كما فعل في الأولى، ثم يرمي جمرة العقبة،
ويستقبل القبلة ولا يقف عندها.(326)



(88)
الترتيب في
هذه الجمرات واجب على ما ذكرنا، فإن نكس فبدأ بجمرة العقبة، ثم الثانية، ثم الأولى،
أو بدأ بالوسطى، ورمى الثلاث، لم يجزئه إلا الأولى، وأعاد الوسطى والقصوى.(329)



(89)
إن ترك الوقوف
عندها والدعاء، ترك السنة ولا شيء عليه.(330)



(90)
الأولى أن
لا ينقص في الرمي عن سبع حصيات؛ فإن نقص حصاة أو حصاتين فلا بأس، ولا ينقص أكثر من
ذلك، ولا ينبغي أن يتعمده؛ فإن تعمد ذلك تصدق بشيء.(330)



(91)
متى أخل بحصاة
واجبة([sup][7])
[/sup]
من الأولى لم يصح رمي الثانية حتى يكمل الأولى، فإن لم يدر من أي الجمار
تركها بنى على اليقين، وإن أخل بحصاة غير واجبة لم يؤثر تركها.(331)



(92)
إذا أخر رمي
يوم إلى ما بعده، أو أخر الرمي كله إلى آخر أيام التشريق ترك السنة ولا شيء عليه، إلا
أنه يقدم بالنية رمي اليوم الأول ثم الثاني ثم الثالث.(333)



(93)
الحكم في رمي
جمرة العقبة إذا أخرها كالحكم في رمي أيام التشريق.(333)



(94)
يستحب أن لا
يدع الصلاة في مسجد منى -الخيف- مع الإمام، وهذا إذا كان الإمام مرضيًا، فإن لم يكن
مرضيًا صلى المرء برفقته في رحله.(334)



(95)
يستحب أن يخطب
الإمام في اليوم الثاني من أيام التشريق خطبة يعلم الناس فيها حكم التعجيل والتأخير،
وتوديعهم.(334)



(96)
من كان منزله
في الحرم فهو كالمكي لا وداع عليه، ومن كان منزله خارج الحرم قريبًا منه فلا يخرج حتى
يودع.(337)



(97)
طواف الوداع
إنما يكون عند خروجه؛ ليكون آخر عهده بالبيت، فإن طاف للوداع ثم اشتغل بتجارة أو إقامة
فعليه إعادته.(338)



(98)
فإن خرج المحرم
قبل الوداع، رجع إن كان بالقرب، والقريب هو الذي بينه وبين مكة دون مسافة القصر، وإن
بعد بعث بدم، وإذا رجع البعيد فينبغي أن لا يجوز له تجاوز الميقات إن كان جاوزه إلا
محرمـًا؛ لأنه ليس من أهل الأعذار، فيلزمه طواف لإحرامه بالعمرة والسعي، وطواف لوداعه،
وفي سقوط الدم عنه خلاف.(339)



(99)
إذا نفرت الحائض
بغير وداع فطهرت قبل مفارقة البنيان، رجعت فاغتسلت وودعت؛ لأنها في حكم الإقامة، بدليل
أنها لا تستبيح الرخص.(341)



(100) يستحب أن يقف المودع في الملتزم، وهو ما بين الركن والباب، فيلتزمه ويلصق
به صدره ووجهه، ويدعو الله.(342)



(101) طواف الزيارة ركن الحج لا يتم إلا به، ولا يحل من إحرامه حتى يفعله، فإن
رجع إلى بلده قبله لم ينفك إحرامه، ورجع متى أمكنه محرمـًا، لا يجزئه غير ذلك.(345)



(102) فإن ترك بعض الطواف فهو كما لو ترك جميعه فيما ذكرنا، وسواء ترك شوطًا
أو أقل أو أكثر.(346)



(103) إذا ترك طواف الزيارة بعد رمي جمرة العقبة، فلم يبق محرمـًا إلا عن النساء
خاصة، فإن وطئ لم يفسد حجه ولم تجب عليه بدنة، لكن عليه دم، ويجدد إحرامه ليطوف في
إحرام صحيح.(346)



(104) إن طاف بنية الوداع لم يجزئه عن طواف الزيارة؛ لأن تعيين النية شرط فيه.(346)



(105) إن قتل القارن صيدًا فعليه جزاء واحد، وكذا لو أفسد نسكه بالوطء فعليه
فداء واحد؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم الذين سئلوا عمن أفسد نسكه لم يأمروه إلا بفداء
واحد، ولم يفرقوا بين الأنساك.(349)



(106) يجب دم التمتع على من اجتمعت فيه خمسة شروط وهي:


الأول:
أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج، فإن أحرم بها في غير أشهره لم يكن متمتعًا، سواء وقعت
أفعالها في أشهر الحج أو في غير أشهره.



الثاني:
أن يحج من عامه، فإن اعتمر في أشهر الحج ولم يحج ذلك العام، بل حج من العام القابل،
فليس بمتمتع.



الثالث:
أن لا يسافر بين العمرة والحج سفرًا بعيدًا تقصر في مثله الصلاة.



الرابع:
أن يحل من إحرام العمرة قبل إحرامه بالحج.



الخامس:
أن لا يكون من حاضري المسجد الحرام.(351)



(107) حاضرو المسجد الحرام هم أهل الحرم، ومن بينه وبين مكة دون مسافة القصر.(356)



(108) إذا كان للمتمتع قريتان: قريبة وبعيدة، فهو من حاضري المسجد الحرام؛ لأنه
إذا كان بعض أهله قريبـًا فلم يوجد فيه الشرط، وهو أن لا يكون من حاضري المسجد الحرام،
ولأن له أن يحرم من القريبة، فلم يكن بالتمتع مترفهًا بترك أحد السفرين.(356)



إذا دخل الآفاقي مكة متمتعًا
ناويًا للإقامة بها بعد تمتعه فعليه دم المتعة، ولو كان الرجل












([1])
أي: تيقن.







([2])
هكذا في الكتاب ويظهر أن الصحيح (فأفسدها) والسياق يبين ذلك.







([3]) رواه أبو
داود (1892)، وصححه الحاكم.








([4]) أي: بين
الأطوفة، ويسمى تكرار الطواف أسابيع لأنه سبع بعد سبع.







([5]) رواه
البخاري (1568)، ومسلم (1216).







([6]) رواه
أحمد بلفظه (2090) عن ابن عباس، ولفظ أبي داود (1999) عن أم سلمة: (إن هذا يوم رخص
لكم إذا أنتم رميتم الجمرة أن تحلوا يعني من كل ما حرمتم منه إلا النساء).







([7]) الواجبة
عند المصنف هي خمس كما في المسألة السابقة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://2et2.yoo7.com/forum
حمدان
ديري مبدع
ديري مبدع
حمدان


الساعة :
دعاء
عدد المساهمات : 1104
نقاط : 2370
التقيم : 28
تاريخ التسجيل : 05/05/2012

 الجامع لأحكام الحج والعمرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجامع لأحكام الحج والعمرة    الجامع لأحكام الحج والعمرة Icon_minitimeالخميس مايو 10, 2012 10:12 am

(1)
منشؤه ومولده
بمكة فخرج عنها متنقلاً مقيمًا بغيرها، ثم عاد إليها متمتعًا ناويًا للإقامة بها أو
غير ناوٍ لذلك؛ فعليه دم المتعة، أما إن خرج المكي مسافرًا غير متنقل، ثم عاد فاعتمر
من الميقات، أو قصر وحج من عامه فلا دم عليه؛ لأنه لم يخرج بهذا السفر عن كون أهله
من حاضري المسجد الحرام.(357)



(2)
متعة المكي
صحيحة؛ لأن التمتع أحد الأنساك الثلاثة، فصح من المكي كالنسكين الآخرين.(357)



(3)
نقل عن أحمد رحمه الله: «ليس
على أهل مكة متعة»
. ومعناه: ليس عليهم دم متعة؛ لأن المتعة
له لا عليه، فيتعين حمله على ما ذكرناه([sup][1]).[/sup](357)



(4)
لكل واحد من
صوم الثلاثة والسبعة وقتان: وقت جواز، ووقت استحباب.. فأما وقت الثلاثة، فوقت الاختيار
لها أن يصومها ما بين إحرامه بالحج ويوم عرفة، ويكون آخر الثلاثة يوم عرفة، وإنما أحببنا
له صوم يوم عرفة ههنا لموضع الحاجة. وعلى هذا القول يستحب له تقديم الإحرام بالحج قبل
يوم التروية؛ ليصومها في الحج، وإن صام منها شيئًا قبل إحرامه بالحج جاز. وأما وقت
جواز صومها فإذا أحرم بالعمرة. أما السبعة فلها أيضًا وقتان: وقت اختيار، ووقت جواز..
أما وقت الاختيار فإذا رجع إلى أهله؛ لما روى ابن عمر أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال:
(فمن لم يجد
هديًا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله)
([sup][2])[/sup]،
أما وقت الجواز فمنذ تمضي أيام التشريق.(360)



(5)
أما تقديم
صوم الثلاثة أيام على إحرام العمرة فغير جائز، ولا نعلم قائلاً بجوازه، إلا رواية حكاها
بعض أصحابنا عن أحمد، وليس بشيء؛ لأنه لا يقدم الصوم
على سببه ووجوبه، ويخالف قول أهل العلم، وأحمد ينزه عن هذا.(362)



(6)
لا يجب التتابع
في الصيام للمتعة، لا في الثلاثة ولا في السبعة، ولا التفريق. نص عليه أحمد؛ لأن الأمر ورد بها مطلقـًا، وذلك لا يقتضي جمعـًا
ولا تفريقًا.(363)



(7)
المتمتع إذا
لم يصم الثلاثة في أيام الحج، فإنه يصومها بعد ذلك.(363)



(Cool
وقت وجوب الصوم
وقت وجوب الهدي؛ لأنه بدل، فكان وقت وجوبه وقت وجوب المبدل، كسائر الأبدال.(365)



(9)
من لزمه صوم
المتعة فمات قبل أن يأتي به لعذر منعه عن الصوم، فلا شيء عليه، وإن كان لغير عذر أطعم
عنه، كما يطعم عن صوم أيام رمضان، ولأنه صوم وجب بأصل الشرع فأشبه صوم رمضان.(367)



(10)
المتمتعة إذا
حاضت قبل الطواف للعمرة لم يكن لها أن تطوف بالبيت؛ لأن الطواف بالبيت صلاة، ولأنها
ممنوعة من دخول المسجد، ولا يمكنها أن تحل من عمرتها ما لم تطف بالبيت، فإن خشيت فوات
الحج أحرمت بالحج مع عمرتها، وتصير قارنة.(367)



(11)
كل متمتع خشي
فوات الحج فإنه يحرم بالحج ويصير قارنـًا، وكذلك المتمتع الذي معه هدي، فإنه لا يحل
من عمرته؛ بل يهل بالحج معها فيصير قارنـًا، ولو أدخل الحج على العمرة قبل الطواف من
غير خوف الفوات جاز وكان قارنًا بغير خلاف، فأما بعد الطواف فليس له ذلك، ولا يصير
قارنًا.(371)



(12)
أما إدخال
العمرة على الحج فغير جائز، فإن فعل لم يصح، ولم يصر قارنـًا([sup][3])[/sup].(371)



(13)
الوطء قبل
جمرة العقبة يفسد الحج، ولا فرق بين ما قبل الوقوف وبعده، و يلزم من وطئ بدنة، ولا
دم على الزوجة في حال الإكراه ([sup][4])[/sup].(372)



(14)
من وطئ قبل
التحلل من العمرة فسدت عمرته، وعليه شاة مع القضاء.(373)



(15)
إذا أفسد القارن
والمتمتع نسكهما لم يسقط الدم عنهما.(374)



(16)
إذا أفسد القارن
نسكه ثم قضى مفردًا لم يلزمه في القضاء دم.(374)



(17)
الوطء بعد
رمي جمرة العقبة لا يفسد الحج، ولكنه يفسد الإحرام، والواجب عليه بالوطء شاة، ويلزمه
أن يحرم من الحل ليأتي بالطواف في إحرام صحيح.(374)



(18)
إن طاف للزيارة
ولم يرم ثم وطئ لم يفسد حجه بحال؛ لأن الحج قد تم أركانه كلها، ولا يلزمه إحرام من
الحل، فإن الرمي ليس بركن.(376)



(19)
القارن كالمفرد؛
في أنه إذا وطئ بعد الرمي لم يفسد حجه ولا عمرته؛ لأن الحكم للحج.(377)



(20)
يباح لأهل
السقاية أن يرموا بالليل، وأهل السقاية هم الذين يسقون من بئر زمزم للحاج، فيشتغلون
بسقايتهم نهارًا، فأبيح لهم الرمي في وقت فراغهم تخفيفًا عليهم، فيجوز لهم رمي كل يوم
في الليلة المستقبلة، فيرمون جمرة العقبة في ليلة اليوم الأول من أيام التشريق، ورمي
اليوم الأول في ليلة الثاني، ورمي الثاني في ليلة الثالث، والثالث إذا أخروه إلى الغروب
سقط عنهم كسقوطه عن غيرهم.(377)



(21)
يجوز للرعاة
ترك المبيت بمنى ليالي منى، ويؤخرون رمي اليوم الأول، ويرمون يوم النفر الأول عن الرميين
جميعـًا؛ لما عليهم من المشقة في المبيت والإقامة للرمي.(378)



(22)
الفرق بين
الرعاء وأهل السقاية: أن الرعاء إذا قاموا حتى غربت الشمس لزمهم البيتوتة، وأهل السقاية
بخلاف ذلك؛ لأن الرعاة إنما رعيهم بالنهار، فإذا غربت الشمس فقد انقضى وقت الرعي، وأهل
السقاية يشتغلون ليلاً ونهارًا، فافترقا، وصار الرعاء كالمريض الذي يباح له ترك الجمعة
لمرضه، فإذا حضرها تعينت عليه، والرعاء أبيح لهم ترك المبيت لأجل الرعي، فإذا فات وقته
وجب المبيت.(379)



(23)
أهل الأعذار
من غير الرعاء، كالمرضى، ومن له مال يخاف ضياعه، ونحوهم، كالرعاء في ترك البيتوتة؛
لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لهؤلاء تنبيهـًا على غيرهم ([sup][5])[/sup]،
فوجب إلحاقه بهم.(379)



(24)
إذا كان الرجل
مريضًا، أو محبوسـًا، أو له عذر؛ جاز أن يستنيب من يرمي عنه، وإن أغمي على المستنيب
لم تنقطع النيابة، وللنائب الرمي عنه، كما لو استنابه في الحج ثم أغمي عليه.(379)



(25)
من ترك الرمي
من غير عذر فعليه دم، وفي ترك جمرة واحدة دم أيضًا، نص عليه أحمد. وإن ترك
أقل من جمرة، فالظاهر عن أحمد أنه لا شيء عليه في حصاة ولا في
حصاتين. وعنه أنه يجب الرمي بسبع، فإن ترك شيئًا من ذلك تصدق بشيء، أي شيء كان.(380)



(26)
آخر وقت الرمي
آخر أيام التشريق، فمتى خرجت قبل رميه فات وقته، واستقر عليه الفداء الواجب في ترك
الرمي.(380)



(27)
القدر الذي
يجب به الدم أربع شعرات فصاعدًا.(382)



(28)
شعر الرأس
وغيره سواء في وجوب الفدية؛ لأن شعر غير الرأس يحصل بحلقه الترفه والتنظف، فأشبه الرأس،
فإن حلق من شعر رأسه وبدنه ففي الجميع فدية واحدة وإن كثر، وإن حلق من رأسه شعرتين
ومن بدنه شعرتين فعليه دم واحد.(383)



(29)
الفدية الواجبة
بحلق الشعر هي المذكورة في حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه بِقولِ النبي
صلى الله عليه وسلم: (
احلق رأسك، وصم ثلاثة أيام،
أو أطعم ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع، أو أنسك شاة)
([sup][6])[/sup].
ولا فرق بين العامد والمخطئ، ومن له عذر ومن لا عذر له أيها شاء فعل؛ لأنه أمر بها
بلفظ التخيير.(383)



(30)
يجزئ البر
والشعير والزبيب في الفدية؛ لأن كل موضع أجزأ فيه التمر أجزأ فيه ذلك، كالفطرة وكفارة
اليمين.(384)



(31)
إذا حلق ثم
حلق، فالواجب فدية واحدة، ما لم يكفر عن الأول قبل فعل الثاني، فإن كفر عن الأول ثم
حلق ثانيـًا فعليه للثاني كفارة أيضًا، وكذلك الحكم فيما إذا لبس ثم لبس، أو تطيب ثم
تطيب، أما الصيد ففي كل واحد منها جزاؤه، وسواء فعله مجتمعًا أو متفرقًا، ولا تداخل
فيه.(384)



(32)
إذا حلق المحرم
رأس حلال أو قلم أظفاره فلا فدية عليه.(386)



(33)
إن حلق محرم
رأس محرم بإذنه، فالفدية على من حُلِقَ رأسه، وكذلك إن حلقه حلال بإذنه. وإن حلقه مكرهًا
أو نائمًا، فلا فدية على المحلوق رأسه.(386)



(34)
إذا قلع جلدة
عليها شعر، فلا فدية عليه؛ لأنه أزال تابعـًا لغيره، والتابع لا يضمن، كما لو قلع أشفار
عيني إنسان فإنه لا يضمن أهدابهما.(386)



(35)
إذا خلل شعره
فسقطت شعرة، فإن كانت ميتة فلا فدية فيها، وإن كانت من شعره النابت ففيها الفدية، وإن
شك فيها فلا فدية فيها؛ لأن الأصل نفي الضمان إلى أن يحصل يقين.(387)



(36)
من أبيح له
حلق رأسه لأذى به فهو مخير في الفدية قبل الحلق وبعده.(387)



(37)
في قص بعض
الظفر ما في جميعه، وكذلك في قطع بعض الشعرة مثل ما في قطع جميعها؛ لأن الفدية تجب
في الشعرة والظفر، سواء طال أو قصر، وليس بمقدر بمساحة فيتقدر الضمان عليه، بل هو كالموضحة([sup][7])
[/sup]
يجب في الصغيرة منها مثلما يجب في الكبيرة.(389)



(38)
يلزم المحرم
إن تطيب غسل الطيب وخلع اللباس؛ لأنه فعل محظورًا، فيلزمه إزالته وقطع استدامته كسائر
المحظورات، والمستحب أن يستعين في غسل الطيب بحلال؛ لئلا يباشر المحرم الطيب بنفسه،
ويجوز أن يليه بنفسه ولا شيء عليه.(390)



(39)
إذا احتاج
إلى الوضوء وغسل الطيب، ومعه ماء لا يكفي إلا أحدهما، قدم غسل الطيب وتيمم للحدث؛ لأنه
لا رخصة في إبقاء الطيب، وفي ترك الوضوء إلى التيمم رخصة، فإن قدر على قطع رائحة الطيب
بغير الماء فعل وتوضأ؛ لأن المقصود من إزالة الطيب قطع رائحته، فلا يتعين الماء، والوضوء
بخلافه.(390)



(40)
إذا لبس قميصًا
وعمامة وسراويل وخفين لم يكن عليه إلا فدية واحدة؛ لأنه محظور من جنس واحد، فلم يجب
فيه أكثر من فدية واحدة، كالطيب في بدنه ورأسه ورجليه.(390)



(41)
إن تعذر على
المحرم إزالة الطيب لإكراه أو علة، ولم يجد من يزيله، وما أشبه ذلك، فلا فدية عليه،
وجرى مجرى المكره على الطيب ابتداءً. وحكم الجاهل إذا علم حكم الناسي إذا ذكر، وحكم
المكره حكم الناسي، فإن ما عفي عنه بالنسيان عفي عنه بالإكراه.(393)



(42)
المبيت بمزدلفة
واجب يجب بتركه دم، سواء تركه عمدًا أو خطأ، عالمًا أو جاهلاً؛ لأنه ترك نُسكًا.(394)



(43)
في قتل الصيد
ستة فصول:



الفصل الأول:
في وجوب الجزاء على المحرم بقتل الصيد في الجملة. وقتل الصيد نوعان: مباح ومحرم، فالمحرم
قتله ابتداءً من غير سبب يبيح قتله ففيه الجزاء. والمباح ثلاثة أنواع: أحدها: أن يضطر
إلى أكله، فيباح له ذلك، ومتى قتله ضمنه؛ سواء وجد غيره أو لم يجد. النوع الثاني: إذا
صال عليه صيد فلم يقدر على دفعه إلا بقتله فله قتله، ولا ضمان عليه. النوع الثالث:
إذا خلص صيدًا من سبع أو شبكة صياد، أو أخذه ليخلص من رجله خيطـًا ونحوه، فتلف بذلك
فلا ضمان عليه.



الفصل الثاني:
أنه لا فرق بين الخطأ والعمد في قتل الصيد في وجوب الجزاء؛ لأنه ضمان إتلاف، فاستوى
عمده وخطؤه كمالِ الآدميِّ.



الفصل الثالث:
أن الجزاء لا يجب إلا على المحرم، ولا فرق بين إحرام الحج وإحرام العمرة؛ لعموم النص
فيهما.



الفصل الرابع:
أن الجزاء لا يجب إلا بقتل الصيد؛ لأنه الذي ورد به النص. والصيد ما جمع ثلاثة أشياء:
وهو أن يكون مباحًا أكله، لا مالك له، ممتنعًا.



الفصل الخامس:
أن الجزاء إنما يجب في صيد البر دون صيد البحر.



الفصل السادس:
أن جزاء ما كان دابة من الصيد نظيره من النعم.(395)



(44)
الصحيح أنه
لا جزاء في أم حبين، وأم حبين دابة منتفخة البطن.(398)



(45)
الصحيح أنه
لا جزاء في القمل؛ لأنه غير مأكول، وهو من المؤذيات، ولا مثل له ولا قيمة.(398)



(46)
الصحيح أنه
لا جزاء في السنور([sup][8])[/sup]،أهليـًا كان أو وحشيًا، لأنه سبع وليس بمأكول.(399)



(47)
لو توحش الأهلي
لم يجب فيه شيء، ولو استأنس الوحشي وجب فيه الجزاء، والاعتبار في ذلك بالأصل لا بالحال.(399)



(48)
من صاد صيدًا
لم يحكم فيه الصحابة رضي الله عنهم فيرجع فيه إلى قول عدلين من أهل الخبرة، ويجوز أن
يكون القاتل أحد العدلين.(404)



(49)
إن جنى على
ماخض فأتلف جنينها وخرج ميتًا، ففيه ما نقصت أمه، كما لو جرحها، وإن خرج حيًا لوقت
يعيش لمثله ثم مات، ضمنه بمثله، وإن كان لوقت لا يعيش لمثله فهو كالميت، كجنين الآدمية.(406)



(50)
إن أتلف جزءًا
من الصيد وجب ضمانه؛ لأن جملته مضمونة، فكان بعضه مضمونًا كالآدمي.(407)



(51)
إن جرح صيدًا
فتحامل فوقع في شيء تلف به ضمنه؛ لأنه تلف بسببه، وكذلك إن نفره فتلف في حال نفوره
ضمنه، فإن سكن في مكان وأمن من نفوره ثم تلف لم يضمنه.(408)



(52)
يضمن بيض الصيد
بقيمته، أي صيد كان، فإن لم يكن له قيمة لكونه مذرًا، أو لأن فرخه ميت، فلا شيء فيه.
قال أصحابنا: إلا بيض النعام، فإن لقشره قيمة. والصحيح أنه لا شيء فيه.(410)



(53)
من كسر بيضة
فخرج منها فرخ حي فعاش، فلا شيء فيه، وإن مات ففيه ما في صغار أولاد المتلف بيضه، ففي
فرخ الحمام صغير أولاد الغنم، وفي فرخ النعامة حوار، وفيما عداهما قيمته.(411)



(54)
لا يحل لمحرم
أكل بيض الصيد إذا كسره هو أو محرم سواه، وإن كسره حلال فهو كلحم الصيد، إن كان أخذه
لأجل المحرم لم يبح له أكله، وإلا أبيح. وإن كسر بيض صيد لم يحرم على الحلال؛ لأن حله
لا يقف على كسره، ولا يعتبر له أهلية، بل لو كسره مجوسي أو وثني، أو بغير تسمية، لم
يحرم، فأشبه قطع اللحم وطبخه.(411)



(55)
إن نقل بيض
صيد فجعله تحت آخر، أو ترك مع بيض الصيد بيضًا آخر، أو شيئًا نفره عن بيضه حتى فسد،
فعليه ضمان؛ لأنه تلف بسببه، وإن صحَّ وفَرَّخَ فلا ضمان عليه.(411)













([1])
قال المرداوي في الإنصاف (8/178): «قال الزركشي: قلت: قد يقال: إن هذا من الإمام
أحمد بناء على أن العمرة لا تجب عليهم، فلا متعة عليهم، أي الحج كافيهم، لعدم وجوبها
عليهم»، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الاختيارات (115): «القول بوجوب العمرة على
أهل مكة قول ضعيف جدًا مخالف للسنة الثابتة، ولهذا كان أصح الطريقتين عن أحمد أن
أهل مكة لا عمرة عليهم رواية واحدة».







([2]) رواه البخاري
(1691)، ومسلم (1227).







([3]) أي أنه
متمتع ويريد قلب نسكه للقران.







([4]) المكرهة:
من اغتصبت بالقوة والقهر، أو ضربت، أو أوثقت بالحبال ونحوها، أو هددت بالطلاق فهو
هلاك. انظر رقم (357).







([5]) رواه أبو
داود (1975)، والترمذي (955)، وابن ماجه (3037)، ولفظ أبي داود: (أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم رخص لرعاء الإبل في البيتوتة يرمون يوم النحر ثم يرمون الغد ومن بعد
الغد بيومين ويرمون يوم النفر).







([6]) رواه البخاري
(1814)، ومسلم (1201).







([7]) هي
الطعنة (الضربة) التي توضح العظم.







([8]) السنور:
هو الهر.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://2et2.yoo7.com/forum
حمدان
ديري مبدع
ديري مبدع
حمدان


الساعة :
دعاء
عدد المساهمات : 1104
نقاط : 2370
التقيم : 28
تاريخ التسجيل : 05/05/2012

 الجامع لأحكام الحج والعمرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجامع لأحكام الحج والعمرة    الجامع لأحكام الحج والعمرة Icon_minitimeالخميس مايو 10, 2012 10:12 am

(1)
حكم بيض الجراد
حكم الجراد.(412)



(2)
إن احتلب لبن
صيد ففيه القيمة، كما لو حلب لبن حيوان مغصوب.(412)



(3)
في جزاء الصيد
أربعة فصول:



الفصل الأول:
أن قاتل الصيد مخير في الجزاء، فإن شاء فداه بالنظير، أو قوم النظير بدراهم ونظر كم
يجيء به طعامًا فأطعم كل مسكين مدًا، أو صام عن كل مد يومًا معسرًا كان أو موسرًا.



الفصل الثاني:
إذا اختار المثل ذبحه وتصدق به على مساكين الحرم، ولا يجزئه أن يتصدق به حيًا على المساكين؛
لأن الله تعالى سماه هديًا، والهدي يجب ذبحه، وله ذبحه أي وقت شاء، ولا يختص ذلك بأيام
النحر.



الفصل الثالث:
أنه متى اختار الإطعام فإنه يقوِّم المثل بدراهم، والدراهم بطعام، ويتصدق به على المساكين.



الفصل الرابع:
في الصيام، فعن أحمد أنه يصوم عن كل مد يومـًا، وعنه
أنه يصوم عن كل نصف صاع يومًا.(415-417)



(4)
الطعام المخرج
هو الذي يخرج في الفطرة وفدية الأذى، وهو الحنطة والشعير والتمر والزبيب، ويحتمل أن
يجزئ كل ما يسمى طعامـًا؛ لدخوله في إطلاق اللفظ.(416)



(5)
لا يجزئ إخراج
الطعام إلا لمساكين الحرم؛ لأن قيمة الهدي الواجب لهم فيكون أيضًا لهم؛ لأنه قائم مقام
الهدي الواجب لهم فيكون أيضًا لهم، كقيمة المثلي من مال الآدمي.(417)



(6)
لا يجوز أن
يصوم عن بعض الجزاء ويطعم عن بعض، ولا يصح؛ لأنها كفارة واحدة، فلا يؤدي بعضها بالإطعام
وبعضها بالصيام، كسائر الكفارات.(418)



(7)
ما لا مثل
له من الصيد، يخُيَّرُ قاتله بين أن يشتري بقيمته طعامـًا فيطعمه للمساكين، وبين أن
يصوم. ولا يجوز إخراج القيمة؛ لأنه جزاء صيد، ولأن الله تعالى خير بين ثلاثة أشياء
ليس منها القيمة، وإذا عدم أحد الثلاثة يبقى التخيير بين الشيئين الباقيين، فأما إيجاب
شيء غير المنصوص فلا.(418)



(Cool
يجوز إخراج
جزاء الصيد بعد جرحه وقبل موته؛ لأنها كفارة قتل، فجاز تقديمها على الموت، ككفارة قتل
الآدمي، ولأنها كفارة فأشبهت كفارة الظهار واليمين.(420)



(9)
الصحيح أنه
لو اشترك جماعة في قتل صيد فعليهم جزاء واحد.(420)



(10)
إن كان شريك
المحرم حلالاً أو سبعًا، فلا شيء على الحلال، ويحكم على الحرام، ثم إن كان جرح أحدهما
قبل صاحبه، والسابق الحلال أو السبع، فعلى المحرم جزاؤه مجروحًا، وإن كان السابق المحرم
فعليه جزاء جرحه، وإن كان جرحهما في حال واحدة ففيه وجهان: أحدهما: على المحرم بقسطه،
كما لو كان شريكه محرمًا؛ لأنه إنما أتلف البعض. والثاني: عليه جزاء جميعه؛ لأنه تعذر
إيجاب الجزاء على شريكه.(421)



(11)
إن اشترك حرام
وحلال في صيد حرمي، فالجزاء بينهما نصفين؛ لأن الإتلاف ينسب إلى كل واحد منهما نصفه،
ولا يزداد الواجب على المحرم باجتماع حرمة الإحرام والحرم، فيكون الواجب على كل واحد
منهما النصف، وهذا الاشتراك الذي هذا حكمه هو الذي يقع به الفعل منهما معـًا، فإن سبق
أحدهما صاحبه فحكمه ما ذكرناه فيما ما مضى.(422)



(12)
لا يملك المحرم
الصيد ابتداءً بالبيع ولا بالهبة ونحوهما من الأسباب.(423)



(13)
فإن أخذ المحرم
الصيد بالبيع أو الهبة أو غيرها من الأسباب ثم تلف فعليه جزاؤه، وإن كان مبيعًا فعليه
القيمة لمالكه مع الجزاء؛ لأن ملكه لم يزل عنه، وإن أخذه رهنًا فلا شيء عليه سوى الجزاء،
وإن لم يتلف فعليه رده إلى مالكه، فإن أرسله فعليه ضمانه كما لو أتلفه، وليس عليه جزاء،
وعليه رد المبيع أيضًا.(423)



(14)
لا يسترد المحرم
الصيد الذي باعه وهو حلال بخيار ولا عيب في ثمنه، ولا غيرهما؛ لأنه ابتداء ملك على
الصيد، وهو ممنوع منه، وإن رده المشتري عليه بعيب أو خيار فله ذلك؛ لأن سبب الرد متحقق،
ثم لا يدخل في ملك المحرم ويلزمه إرساله.(424)



(15)
إن ورث المحرم
صيدًا ملكه؛ لأن الملك بالإرث ليس بفعل من جهته، وإنما يدخل في ملكه حكمًا، اختار ذلك
أو كرهه؛ ولهذا يدخل في ملك الصبي والمجنون، فيدخل به المسلم في ملك الكافر، فجرى مجرى
الاستدامة، ويحتمل أن لا يملك به؛ لأنه من جهات التملك، فأشبه البيع وغيره، فعلى هذا
يكون أحق به من غير ثبوت ملكه عليه، فإذا حل ملكه.(424)



(16)
الكلام عمن
لم يقف بعرفة في أربعة فصول، وهي:



الفصل الأول:
أن آخر وقت الوقوف آخر ليلة النحر، فمن لم يدرك الوقوف حتى طلع الفجر يومئذ فاته الحج.



الفصل الثاني:
أن من فاته الحج يتحلل بطواف وسعي وحلاق. هذا الصحيح من المذهب.



الفصل الثالث:
أنه يلزمه القضاء من قابل، سواء كان الفائت واجبـًا أو تطوعًا.



الفصل الرابع:
أن الهدي يلزم من فاته الحج.(424-427)



(17)
إذا أخطأ الناس
العدد فوقفوا في غير ليلة عرفة، أجزأهم ذلك، فإن اختلفوا فأصاب بعض وأخطأ بعض وقت الوقوف
لم يجزئهم؛ لأنهم غير مندوبين في هذا.(429)



(18)
إن أحرمت المرأة
بالحج الواجب، فحلف زوجها بالطلاق الثلاث أن لا تحج العام، فليس لها أن تحج لأنها
بمنزلة المحصر. قال أحمد رحمه الله: «قال عطاء: الطلاق هلاكٌ، هي بمنزلة المحصر»، لأن ضرر الطلاق
عظيم؛ لما فيه من خروجها من بيتها، ومفارقة زوجها وولدها، وربما كان ذلك أعظم عندها
من ذهاب مالها، وهلاك سائر أهلها، ولذلك سماه عطاء هلاكـًا.
ولو منعها عدو من الحج إلا أن تدفع إليه مالها، كان ذلك حصرًا، فههنا أولى. والله أعلم.(433)



(19)
ليس للوالد
منع ولده من الحج الواجب، ولا تحليله من إحرامه، وليس للولد طاعته في تركه.(433)



(20)
للوالد منع
ولده من الخروج إلى حج التطوع؛ فإن له منعه من الغزو، وهو من فروض الكفايات، فالتطوع
أولى.(433)



(21)
إن أحرم الولد
بحج تطوع بغير إذن والده لم يملك تحليله؛ لأنه واجب بالدخول فيه، فصار كالواجب ابتداءً،
أو كالمنذور.(434)



(22)
الواجب من
الهدي قسمان:



أحدهما:
وجب بالنذر في ذمته.



الثاني:
وجب بغيره، كدم التمتع، والقران، والدماء الواجبة بترك واجب، أو فعل محظور.(434)



(23)
جميع الهدي
الواجب ضربان:



أحدهما:
أن يسوقه ينوي به الواجب الذي عليه من غير أن يعينه بالقول، فهذا لا يزول ملكه عنه
إلا بذبحه ودفعه إلى أهله.



الضرب الثاني:
أن يعين الواجب عليه بالقول، فيقول: هذا الواجب علي. فإنه يتعين الوجوب فيه من غير
أن تبرأ الذمة منه، فإن عطب، أو سرق، أو ضل، لم يجزئه، وعاد الوجوب إلى ذمته.و إن ذبحه
فسرق أو عطب فلا شيء عليه.(434)



(24)
إذا عطب الهدي
المعين أو تعيب عيبـًا يمنع الإجزاء، لم يجزئه ذبحه عما في الذمة؛ لأن عليه هديًا سليمًا
ولم يوجد، وعليه مكانه، ويرجع هذا الهدي إلى ملكه فيصنع به ما شاء، من أكل أو بيع وهبة
وصدقة وغيره.(434)



(25)
إن ضل الهدي
المعين فذبح غيره ثم وجده، أو عين غير الضال بدلاً عما في الذمة، ثم وجد الضال، ذبحهما
معًا.(436)



(26)
إن عين هديًا
معيبـًا عما في ذمته لم يجزئه، ولزمه ذبحه، على قياس قوله في الأضحية إذا عينها معيبة
لزمه ذبحها ولم يجزئه.(436)



(27)
إن عين هديًا
صحيحًا فهلك أو تعيب بغير تفريطه، لم يلزمه أكثر مما كان واجبًا في الذمة؛ لأن الزائد
لم يجب في الذمة، وإنما تعلق بالعين، فسقط بتلفها كأصل الهدي إذا لم يجب بغير التعيين.(436)



(28)
إن أتلف الهدي،
أو تلف بتفريطه، لزمه مثل المعين؛ لأن الزائد تعلق به حق الله تعالى، وإذا فوته لزمه
ضمانه، كالهدي المعين ابتداءً.(437)



(29)
يحصل وجوب
الهدي بقوله: هذا هدي. أو بتقليده وإشعاره ناويًا به الهدي، ولا يجب بالشراء مع النية،
ولا بالنية المجردة.(437)



(30)
إذا غصب شاة
فذبحها عن الواجب عليه لم يجزئه، سواء رضي مالكها أو لم يرض، أو عوضه عنها أو لم يعوضه.(437)



(31)
إن تطوع بهدي
غير واجب لم يخل من حالين: أحدهما: أن ينويه هديًا، ولا يوجب بلسانه ولا بإشعاره
وتقليده، فهذا لا يلزمه إمضاؤه، وله أولاده ونماؤه والرجوع فيه متى شاء ما لم يذبحه؛
لأنه نوى الصدقة بشيء من ماله، فأشبه ما لو نوى الصدقة بدرهم. الثاني: أن يوجبه
بلسانه، فيقول: هذا هدي. أو يقلده أو يشعره، ينوي بذلك إهداءه، فيصير واجبـًا مُتعيَّنًا،
يتعلق الوجوب بعينه دون ذمة صاحبه، فإن تلف بغير تفريط منه أو سُرِقَ أو ضل، لم يلزمه
شيء؛ لأنه لم يجب في الذمة، إنما تعلق الحق بالعين.(437)



(32)
إذا أوجب هديًا
فله إبداله بخير منه، وبيعه ليشتري بثمنه خيرًا منه.(441)



(33)
الصحيح أنه
إذا ولدت الهدية فولدها بمنزلتها إن أمكن سوقه، وإلا حمله على ظهرها وسقاه من لبنها،
فإن لم يمكن سوقه ولا حمله صنع به ما يصنع بالهدي إذا عطب، ولا فرق في ذلك بين ما عينه
ابتداءً وبين ما عينه بدلاً عن الواجب في ذمته.(441)



(34)
للمهدي شرب
لبن الهدي؛ لأن بقاءه في الضرع يضر به، فإذا كان ذا ولد لم يشرب إلا ما فضل عن ولده.(442)



(35)
فإن شرب ما
يضر بالأم، أو ما لا يفضل عن الولد ضمنه؛ لأنه تعدى بأخذه.(442)



(36)
إن كان صوف
الهدي يضر بها بقاؤه جزه وتصدق به على الفقراء.(442)



(37)
الفرق بين
الصوف وبين اللبن: أن الصوف كان موجودًا حال إيجابها، فكان واجبًا معها، واللبن متجدد
فيها شيئًا فشيئًا، فهو كنفعها وركوبها.(442)



(38)
لصاحب الهدي
ركوبه عند الحاجة على وجه لا يضر به، وقيل: يجوز ولو من غير حاجة؛ لما روى أبو هريرة وأنس رضي الله عنهما: (
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يسوق بدنة، فقال: اركبها. فقال: يا رسول الله! إنها بدنة.
فقال: اركبها ويلك! في الثانية أو في الثالثة)

([sup][1]
)[/sup]

متفق عليه.(442)



(39)
يستحب للمهدي
أن يتولى نحر الهدي بنفسه؛ لأن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نحر هديه بيده. فإن لم
يذبح بيده فالمستحب أن يشهد ذبحها، ويستحب أن يتولى تفريق اللحم بنفسه؛ لأنه أحوط وأقل
للضرر على المساكين، وإن خلى بينه وبين المساكين جاز.(443)



(40)
يباح للفقراء
الأخذ من الهدي إذا لم يدفعه إليهم بأحد شيئين: أحدهما: الإذن فيه لفظًا، والثاني:
دلالة على الإذن، كالتخلية بينهم وبينه.(444)



(41)
يأكل المحرم
من هدي التمتع والقران دون ما سواهما من الهدايا الواجبة.(444)



(42)
هدي التطوع،
وهو ما أوجبه بالتعيين ابتداءً من غير أن يكون عن واجب في ذمته، وما نحره تطوعًا من
غير أن يوجبه، فيستحب أن يأكل منه؛ لقول الله تعالى: ((
فَكُلُوا
مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ
))
[الحج] وقوله تعالى: ((
فَكُلُوا
مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ
))
[الحج:36]. وأقل أحوال الأمر الاستحباب، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أكل من بدنه،
فإن لم يأكل فلا بأس.(446)



(43)
إن أكل مما
منع من أكله ضمنه بمثله لحمًا، وإن أطعم غنيـًا منها على سبيل الهدية جاز، كما يجوز
له ذلك في الأضحية؛ لأن ما ملك أكله ملك هديته. وإن باع شيئًا منه أو أتلفه ضمنه بمثله؛
لأنه ممنوع من ذلك، فأشبه عطيته للجازر. وإن أتلف أجنبي منه شيئًا، ضمنه بقيمته؛ لأن
المتلف من غير ذوات الأمثال فلزمته قيمته، كما لو أتلف لحمًا لآدمي معين.(447)



(44)
الهدي الواجب
بغير النذر ينقسم إلى قسمين: منصوص عليه، ومقيس على المنصوص:



القسم الأول:
المنصوص عليه:



1-
اثنان على
الترتيب، والواجب فيهما ما استيسر من الهدي، وأقله شاة، أو سبع بدنة، أحدهما دم المتعة،
قال تعالى: ((
فَمَنْ
تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ فَمَنْ
لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا
رَجَعْتُمْ
)) [البقرة:196]، والثاني: دم الإحصار،
قال الله تعالى: ((
فَمَا
اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ
)) [البقرة:196]،
وهو على الترتيب أيضًا، إن لم يجده انتقل إلى صيام عشرة أيام.



2-
اثنان مخيران؛
أحدهما: فدية الأذى، قال الله تعالى: ((
فَمَنْ
كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ
أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ
)) [البقرة:196].
الثاني: جزاء الصيد، وهو على التخيير أيضًا، قال الله تعالى: ((
وَمَنْ
قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ
يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ
طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً
))
[المائدة:95].



القسم الثاني:
ما ليس بمنصوص عليه: فيقاس على أشبه المنصوص عليه به، مثل دم الفوات، فيجب عليه مثل
دم المتعة، وبدله مثل بدله. ويقاس عليه أيضًا كل دم وجب لترك واجب، كترك الإحرام من
الميقات، والوقوف بعرفة إلى غروب الشمس، والمبيت بمزدلفة، وغيرها من الواجبات، فالواجب
فيها ما استيسر من الهدي، فإن لم يجد فصيام عشرة أيام.(447-448)



(45)
مساكين أهل
الحرم من كان فيه من أهله، أو وارد إليه من الحاج وغيرهم، وهم الذين يجوز دفع الزكاة
إليهم.(451)



(46)
ما جاز تفريقه
بغير الحرم لم يجز دفعه إلى فقراء أهل الذمة؛ لأنهم كفار.(451)



(47)
إذا نذر هديًا
وأطلق فأقل ما يجزئه شاة، أو سبع بدنة أو بقرة؛ لأن المطلق في النذر يجب حمله على المعهود
شرعـًا، والهدي الواجب في الشرع إنما هو من النَّعم، وأقله ما ذكرناه فحمل عليه.(451)



(48)
يسن تقليد
الهدي، وهو أن يجعل في أعناقها النعال وآذان القرب وعراها، أو علاقة إداوة؛ وسواء كانت
إبلاً، أو بقرًا، أو غنمًا.(454)



(49)
يسن إشعار
الإبل والبقر، وهو أن يشق صفحة سنامها الأيمن حتى يدميها، في قول عامة أهل العلم. وأما
الغنم فلا يسن إشعارها؛ لأنها ضعيفة، وصوفها وشعرها يستر موضع إشعارها.(455)



(50)
لا يسن الهدي
إلا من بهيمة الأنعام؛ لقول الله تعالى: ((
وَيَذْكُرُوا
اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ
الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ
))
[الحج]. وأفضله الإبل، ثم البقر، ثم الغنم.(456)



(51)
من وجبت عليه
بدنة فذبح سبعًا من الغنم أجزأه مع القدرة على البدنة؛ سواء كانت البدنة واجبة بنذر،
أو جزاء صيد، أو كفارة وطء.(457)



(52)
من وجب عليه
سبع من الغنم في جزاء الصيد لم يجزئه بدنة في الظاهر؛ لأن سبعًا من الغنم أطيب لحمًا،
فلا يعدل عن الأعلى إلى الأدنى.(458)



(53)
من وجبت عليه
بقرة أجزأته بدنة؛ لأنها أكثر لحمًا وأوفر، ويجزئه سبع من الغنم؛ لأنها تجزئ عن البدنة،
فعن البقرة أولى.(458)



(54)
من لزمه بدنة
في غير النذر وجزاء الصيد أجزأته بقرة.(458)



(55)
يجوز أن يشترك
السبعة في البدنة والبقرة، سواء كان واجبًا أو تطوعًا، وسواء أراد جميعهم القربة، أو
بعضهم وأراد الباقون اللحم.(459)



(56)
يمنع من العيوب
في الهدي ما يمنع في الأضحية.(461)



(57)
لا يستحب التمسح
بحائط قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولا تقبيله، قال أحمد: ما أعرف
هذا. وقال الأثرم: رأيت أهل العلم من أهل المدينة لا يمسون قبر النبي
صلى الله عليه وسلم، يقومون من ناحية فيسلمون. وقال أبو عبد الله:
وهكذا كان ابن عمر يفعل. قال: أما المنبر فقد جاء فيه، يعني ما رواه
إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد القارئ، أنه نظر إلى ابن عمر وهو يضع يده على مقعد النبي صلى الله عليه
وسلم من المنبر، ثم يضعها على وجهه([sup][2])[/sup].(468)



(58)
يستحب لمن
رجع من الحج أن يقول ما روى البخاري عن عبد الله بن عمر:
(
أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم
كان إذا قفل من غزو أو حج أو عمرة،
يكبر على كل شرف من الأرض، ثم يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك
وله الحمد وهو على كل شيء قدير، آيبون تائبون عابدون، لربنا حامدون، صدق الله وعده،
ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده)
([sup][3])[/sup].(468)















([1]) رواه
البخاري (1689)، ومسلم (1322).







([2]) هذا
التبرك على اعتبار أن المنبر كان من آثار النَّبِي صلى الله عليه وسلم ، وقد لامس
جسده الشريف.







([3]) رواه البخاري
(1797)، ومسلم (1344).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://2et2.yoo7.com/forum
حمدان
ديري مبدع
ديري مبدع
حمدان


الساعة :
دعاء
عدد المساهمات : 1104
نقاط : 2370
التقيم : 28
تاريخ التسجيل : 05/05/2012

 الجامع لأحكام الحج والعمرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجامع لأحكام الحج والعمرة    الجامع لأحكام الحج والعمرة Icon_minitimeالخميس مايو 10, 2012 10:13 am

تم المقصود من كتاب المغني لابن
قدامة






المبحث الثاني
تلخيص ما كتبه الإمـام النـووي رحمه الله
في مسائل الحج والعمرة



من كتاب الإيضاح في مناسك الحج والعمرة





ترجمة مختصرة للإمام النووي رحمه الله ([1])


اسمه
ونسبه:



هو الشيخ الإمام القدوة الحافظ الزاهد العابد الفقيه المجتهد
الرباني محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مُرِّي بن حسن بن حسين بن محمد بن
جمعة بن حزام الحزامي النووي الدمشقي الشافعي.



مولده ونشأته:


ولد الإمام النووي بقرية من قرى حوران تسمى (نوى)، على
منزلتين من دمشق، وقد اتفق المؤرخون وأصحاب الطبقات على مولده في شهر المحرم سنة
إحدى وثلاثين وستمائة للهجرة.



وقد نشأ الإمام النووي في كنف أسرة صالحة وأب مشهود له
بالتقى والورع، وتحري الحلال، وقد وجهه والده لحفظ القرآن، وهو ما زال صغيرًا،
فأتم حفظه وقد ناهز الاحتلام، ثم طلب العلم على شيوخ زمانه حتى برع في جميع فنونه،
فأصبح إمام المذهب الشافعي ومحرره ومهذبه، ومحققه ومرتبه.



وقد كان رحمه الله إمامًا بارعًا حافظًا زاهدًا أمارًا
بالمعروف وناهيًا عن المنكر، تاركًا للملذات، ولم يتزوج.



وفاته:


توفي الإمام النووي ببلدته (نوى) في ليلة الأربعاء الرابع
والعشرين من شهر رجب لسنة ست وسبعين وستمائة للهجرة.



وقد عاش خمسًا وأربعين سنة، فرحمه الله تعالى رحمة واسعة
وأسكنه فسيح جناته، وجمعنا به دار كرامته.. إنه ولي ذلك والقادر عليه.










مسائل الحج والعمرة من شرح الإيضاح في مناسك الحج([2])


(1) الرفث: اسم لكل
لغو وخنى وفجور ومجون بغير حق، والفسق: الخروج عن طاعة الله تعالى.(15)



(2) الأصح
أن المبرور هو الذي لا يخالطه مأثم، وقيل: هو المقبول، ومن علامات القبول أن يرجع
خيرًا مما كان، ولا يعاود المعاصي، والدلائل على فضل الحج كثيرة مشهورة.(15)



(3) يستحب
أن يشاور من يثق بدينه وخبرته وعلمه في حجه في هذا الوقت([3]).(19)



(4) إذا عزم على الحج فينبغي
أن يستخير الله تعالى، وهذه الاستخارة لا تعود إلى نفس الحج؛ فإنه خير لا شك فيه،
وإنما تعود إلى وقته([4]).(20)



(5) لو
كان عليه دين حال وهو موسر، فلصاحب الدين منعه من الخروج وحبسه، وإن كان معسرًا لم
يملك مطالبته، وله السفر بغير رضاه، وكذا إن كان الدين مؤجلاً فله السفر بغير رضاه،
ولكن يستحب أن لا يخرج حتى يوكل من يقضي عنه عند حلوله.(25)



(6) للزوج
منع زوجته من حج التطوع، فإن أحرمت بغير إذنه فله تحليلها، وله أيضًا منعها من حج
الإسلام على الأظهر؛ لأن حقه على الفور والحج على التراخي، وإن أحرمت فله تحليلها
على الأظهر.(28)



(7) إن
كانت مطلقة حبسها للعدة، وليس له التحليل إلا أن تكون رجعية، فيراجعها ثم يحللها.(30)



(Cool حيث
قلنا: يحللها، فمعناه يأمرها بذبح شاة، فتنوي هي بها التحلل، وتقصر من رأسها ثلاث
شعرات فصاعدًا، وإن امتنعت من التحلل فللزوج وطؤها والإثم عليها لتقصيرها.(30)



(9) ليحرص
الحاج على أن تكون نفقته حلالاً خالصة من الشبهة، فإن خالف وحج بما فيه شبهة، أو
بمال مغصوب؛ صح حجه في ظاهر الحكم؛ لكنه ليس حجـًا مبرورًا، ويبعد قبوله.(31)



(10) يستحب
تركه المماحكة فيما يشتريه لأسباب حجه، وكذا كل شيء يتقرب به إلى الله تعالى.(32)



(11) الركوب
في الحج أفضل من المشي على المذهب الصحيح.(34)



(12) لا
يليق بالحاج غير التواضع في جميع هيئاته وأحواله في جميع سفره.(35)



(13) [ينبغي] إذا أراد الحج أن يتعلم كيفيته، وهذا فرض عين؛ إذ لا تصح
العبادة ممن لا يعرفها.(38)



(14) يستحب
أن يستصحب معه كتابًا واضحًا في المناسك، جامعًا لمقاصدها، وأن يديم مطالعته
ويكررها في جميع طريقه؛ لتصير محققة عنده، ومن أخل بهذا خفنا عليه أن يرجع بغير حج؛
لإخلاله بشرط من شروطه، أو ركن من أركانه، أو نحو ذلك، وربما قلد كثير من الناس
بعض عوام مكة، وتوهم أنهم يعرفون المناسك، فاغتر بهم، وذلك خطأ فاحش([5]).(38)



(15) يستحب
أن تكون يده فارغة من مال التجارة ذاهبًا وراجعًا؛ فإن ذلك يشغل القلب، فإن اتجر
لم يؤثر ذلك في صحة حجه ([6]
ويجب عليه تصحيح الإخلاص في حجه، وأن يريد به وجه الله تعالى.(40)



(16) ينبغي
لمن حج حجة الإسلام وأراد الحج، أن يحج متبرعـًا متمحضًا للعبادة، فلو حج مكريًا
جماله أو نفسه للخدمة جاز؛ لكن فاتته الفضيلة.(40)



(17) لو
حج عن غيره متبرعًا كان أعظم لأجره، ولو حج عنه بأجرة فقد ترك الأفضل؛ لكن لا مانع
منه، وهو من أطيب المكاسب؛ فإنه يحصل لغيره هذه العبادة العظيمة، ويحصل له حضور
تلك المشاهد الشريفة، فيسأل الله من فضله.(41)



(18) يستحب
إذا أراد الخروج من منزله أن يصلي ركعتين، يقرأ في الأولى بعد الفاتحة: ((قُلْ
يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ)) [الكافرون]، وفي الثانية: ((قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ))
[الإخلاص]، ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (ما خلف أحد عند أهله أفضل من
ركعتين يركعهما عندهم حين يريد السفر)([7])، ويستحب أن يقرأ بعد
سلامه آية الكرسي ولإيلاف قريش؛ فقد جاء فيهما آثار للسلف، مع ما علم من بركة
القرآن في كل شيء وكل وقت.(45)



(19) ينبغي
أن يستعمل الرفق وحسن الخلق مع الغلام والجمال والرفيق والسائل وغيرهم، ويتجنب
المخاصمة والمخاشنة، ومزاحمة الناس في الطريق وموارد الماء إذا أمكنه ذلك، ويصون
لسانه من الشتم والغيبة، وجميع الألفاظ القبيحة، وليلاحظ قوله صلى الله عليه وسلم:
(من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه)([8])، ويرفق بالسائل
والضعيف، ولا ينهر أحدًا منهم، ولا يوبخه على خروجه بلا زاد ولا راحلة؛ بل يواسيه
بشيء مما تيسر، فإن لم يفعل رده ردًا جميلاً، ودعا له بالمعونة.(54)



(20) إذا
ترافق ثلاثة أو أكثر فينبغي أن يؤمروا على أنفسهم أفضلهم وأجودهم رأيًا ثم ليطيعوه
([9]
لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا كانوا
ثلاثة فليؤمروا أحدهم) ([10]
رواه أبو داود بإسناد حسن.(57)



(21) السنة
إذا علا شرفًا من الأرض كبر، وإذا هبط واديـًا ونحوه سبح، وتكره المبالغة برفع
الصوت في هذا التكبير والتسبيح؛ للحديث الصحيح في النهي عنه([11]).(59)



(22) يستحب
الحداء للسرعة في السير، وتنشيط الدواب والنفوس وترويحها، وتسهيل السير، وفيه أحاديث
صحيحة كثيرة.(64)



(23) يستحب
الإكثار من الدعاء في جميع سفره لنفسه ولوالديه وأحبائه.(66)



(24) يستحب
له المداومة على الطهارة، والنوم على الطهارة، ومما يتأكد الأمر به المحافظة على
الصلاة في أوقاتها المشروعة.(68)



(25) له
أن يقصر ويجمع، وله ترك الجمع والقصر، وله فعل أحدهما وترك الآخر؛ لكن الأفضل أن
يقصر وأن لا يجمع، للخروج من خلاف العلماء في ذلك.(68)



(26) لو
فاتته مقصورة فقضاها في السفر فالأولى أن يقضيها تامة، فإن قصرها جاز على الأصح.(71)



(27) يستحب
صلاة الجماعة في السفر، ولكن لا تتأكد كتأكدها في الحضر([12]).(73)



(28) تسن
السنن الراتبة مع الفرائض في السفر كما تسن في الحضر، فمن جمع بين الظهر والعصر
صلى أولاً سنة الظهر التي قبلها، ثم صلى الظهر ثم العصر، ثم سنة الظهر التي بعدها
ثم سنة العصر([13]).(74)



(29) يجوز
التنفل في السفر طويلاً كان أو قصيرًا، على الراحلة وماشيًا، إلى أي جهة توجه.(78)



(30) يشترط
أن يكون ما يلاقي بدن المصلي راكبًا وثيابه من السرج وغيرها طاهرًا، ولو بالت
الدابة، أو وطئت نجاسة، أو كان على السرج نجاسة فسترها وصلى عليه لم يضر، وكذا لو
أوطأها الراكب نجاسة لم يضر على الأصح، ولو وطئ المصلي نجاسة عمدًا بطلت صلاته،
ولا يكلف التحفظ والاحتياط في المشي، ويشترط الاحتراز عن الأفعال التي لا يحتاج
إليها.(81)



(31) يشترط
في التنفل راكبًا وماشيًا دوام السفر والسير، فلو بلغ المنزل في خلال الصلاة اشترط
إتمامها إلى القبلة متمكنًا، وينزل إن كان راكبًا.(82)



(32) إذا
لم يقدر على يقين القبلة، فإن وجد من يخبره عن علم اعتمده ولم يجتهد، بشرط عدالة
المخبر؛ سواء فيه الرجل والمرأة والعبد، ولا يعتمد الكافر ولا الفاسق ولا الصبي،
فإن كان يقدر على الاجتهاد لزمه، واستقبل ما ظنه قبلة، ولا يصح الاجتهاد إلا بأدلة
القبلة، ولا يجوز لهذا القادر التقليد؛ فإن فعل لزمه القضاء وإن أصاب القبلة؛ لأنه
عاصٍ مفرط، فإن ضاق الوقت صلى كيف كان، وتلزمه الإعادة، ولو خفيت الدلائل على
المجتهد لغيم أو ظلمة، أو لتعارض الأدلة؛ فالأصح أنه لا يقلد؛ بل يصلي كيف كان
ويعيد.(84)



(33) لو
صلى ثم تيقن الخطأ في القبلة لزمه الإعادة على الأصح، ولو ظن الخطأ لم تلزمه
الإعادة، حتى لو صلى أربع صلوات إلى أربع جهات فلا إعادة عليه.(85)



(34) إذا
لم يجد ماءً ولا ترابًا صلى على حسب حاله الفريضة وحدها، ولزمه إعادة الصلاة
بالماء التراب.(93)



(35) يجوز
تكفين الميت في جميع أنواع الثياب، إلا الحرير، فلا يجوز تكفين الرجل فيه، ويجوز
تكفين المرأة فيه لكن يكره.(97)



(36) إذا
مات الرجل المحرم لم يكفن في المخيط، ولا يغطى رأسه، ولا يقرب الطيب، وإن كانت
امرأة لم يغطَّ وجهها بشيء، ويجوز كفنها في المخيط، ويجب ستر رأسها وجميع بدنها
سوى الوجه.(97)



(37) لا
يجب الحج على المرأة حتى تأمن على نفسها بزوج أو محرم أو نسوة ثقات.(108)



(38) استطاعة
التحصيل بغيره: هو أن يعجز عن الحج بنفسه؛ بموت، أو كبر، أو زمانة، أو مرض لا يرجى
زواله، أو هرم بحيث لا يستطيع الثبوت على الراحلة إلا بمشقة شديدة، وهذا العاجز
الحي يسمى معضوبًا.(114)



(39) تجب
الاستنابة عن الميت إذا كان قد استطاع في حياته ولم يحج، هذا إذا كان له تركة،
وإلا فلا يجب على الوارث، ويجوز للوارث والأجنبي الحج عنه؛ سواء أوصى به أم لا.(116)



(40) أما
المعضوب([14])
فلا يصح الحج عنه بغير إذنه، وتلزمه الاستنابة إن وجد مالاً يستأجر به من يحج عنه.(116)



(41) إن
لم يجد المال ووجد من يتبرع بالحج عنه من أولاده وأولاد أولاده الذكور والإناث؛
لزمه استنابته، بشرط أن يكون الولد حج عن نفسه، ويوثق به، وهو غير معضوب، ولو بذل
الأخ أو الأجنبي الطاعة فهما كالولد على الأصح.(118)



(42) لو
بذل الولد أو غيره المال لم يلزمه قبوله على الأصح.(119)



(43) تجوز
الاستنابة في حج التطوع للميت والمعضوب على الأصح.(119)



(44) لو
استناب المعضوب من يحج عنه، ثم زال العضب وشفي؛ لم يجزِه على الأصح؛ بل عليه أن
يحج.(119)



(45) إذا
وجدت شرائط وجوب الحج وجب على التراخي، فله تأخيره ما لم يخشَ العضب؛ فإن خشيه حرم
عليه التأخير على الأصح، هذا مذهبنا، ثم عندنا إذا أخر فمات تبين أنه مات عاصيًا
على الأصح لتفريطه، ومن فوائد موته عاصيًا: أنه لو شهد بشهادة ولم يحكم بها حتى
مات لم يحكم بها، كما لو بان فسقه، ويحكم بعصيانه من السنة الأخيرة من سني الإمكان
على الأصح.(121)



(46) من
وجب عليه حجة الإسلام لا يصح منه غيرها قبلها، فلو اجتمع عليه حجة الإسلام وقضاء
ونذر؛ قُدمت حجة الإسلام، ثم القضاء، ثم النذر، ولو أحرم بغيرها وقع عنها لا عما
نوى.(126)



(47) من
عليه قضاء أو نذر لا يحج عن غيره.(126)



(48) لو استأجر المعضوب من يحج
عنه عن النذر وعليه حجة الإسلام؛ وقع عن حجة الإسلام.(127)



(49) الأصح
أن المعضوب لو استأجر شخصين فحجا عنه حجة الإسلام والنذر في سنة واحدة أجزأه.(127)



(50) لا
ينعقد الإحرام بالحج إلا في الميقات الزماني، وهو: شوال، وذو القعدة، وعشر ليالٍ
من ذي الحجة، آخرها طلوع الفجر يوم العيد، فإن أحرم بالحج في غير الميقات الزماني
لم ينعقد حجًا، وانعقد عمرة مجزئة عن عمرة الإسلام على الأصح.(137)



(51) الصحيح
أن من كان بمكة مكيًا أو غريبًا فميقاته بالحج نفس مكة، وله أن يحرم من جميع بقاع
مكة.(138)



(52) الصحيح
أن الأفضل للمكي أن يحرم من باب داره.(142)



(53) الأفضل
في كل ميقات من المواقيت المكانية أن يحرم من طرفه الأبعد من مكة، فلو أحرم من
الطرف الآخر جاز؛ لأنه أحرم منه.(146)



(54) الصحيح
أن الأفضل أن يحرم من الميقات اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، ويجوز أن
يحرم قبل وصوله الميقات.(147)



(55) من
سلك البحر، أو طريقـًا ليس فيه شيء من المواقيت الخمسة؛ أحرم إذا حاذى أقرب
المواقيت إليه.(148)



(56) إن
لم يحاذِ شيئًا أحرم على مرحلتين من مكة، فإن اشتبه عليه الأمر تحرى، وطريق
الاحتياط لا تخفى.(150)



(57) إن
جاوز الميقات غير محرم عصى، ولزمه أن يعود إليه ويحرم منه إن لم يكن له عذر، فإن
كان له عذر؛ كخوف الطريق، أو الانقطاع عن الرفقة، أو ضيق الوقت؛ أحرم ومضى في نسكه،
ولزمه دم إذا لم يعد.(151)



(58) إن
عاد إلى الميقات قبل الإحرام فأحرم منه، أو بعد الإحرام ودخول مكة، قبل أن يطوف أو
يفعل شيئًا من أنواع النسك؛ سقط عنه الدم، وإن عاد بعد فعل النسك لم يسقط عنه الدم،
وسواء في لزوم الدم من جاوز عامدًا أو جاهلاً أو ناسيًا أو معذورًا بغير ذلك،
وإنما يفترقون في الإثم، فلا إثم على الناسي والجاهل، ويأثم العامد.(153)



(59) السنة
أن يغتسل قبل الإحرام غسلاً ينوي به غسل الإحرام، وهو مستحب لكل من يصح منه
الإحرام، حتى الحائض والنفساء والصبي.(154)



(60) يصح
من الحائض والنفساء جميع أعمال الحج، إلا الطواف وركعتيه.(155)



(61) إن
عجز المحرم عن الماء تيمم، وإن وجد ماءً لا يكفيه للغسل توضأ به ثم تيمم؛ فإن ترك
الغسل مع إمكانه كره ذلك، وصح إحرامه.(155)



(62) يستحب
للحاج الغسل في عشرة مواضع: للإحرام، ولدخول مكة، وللوقوف بعرفة، وللوقوف بمزدلفة
بعد الصبح يوم النحر، ولطواف الإفاضة، وللحلق، وثلاثة أغسال لرمي جمار أيام
التشريق، ولطواف الوداع ([15]
ويستوي في استحبابها الرجل والمرأة والحائض.(156)



(63) يستحب
أن يستكمل التنظيف بحلق العانة، ونتف الإبط، وقص الشارب، وتقليم الأظافر ونحوها،
ولو حلق الإبط بدل النتف، ونتف العانة؛ فلا بأس.(157)



(64) الأولى
أن يقتصر المحرم على تطييب بدنه دون ثيابه، وأن يكون بالمسك، والأفضل أن يخلطه
بماء الورد أو نحوه ليذهب جرمه، وله استدامة لبس ما بقي جرمه بعد الإحرام على
المذهب الصحيح.(161)



(65) لو
انتقل الطيب بعد الإحرام من موضع إلى موضع بالعرق ونحوه لم يضر، ولا فدية عليه على
الأصح.(162)



(66) لو
نقل الطيب باختياره، أو نزع الثوب المطيب ثم لبسه؛ لزمه الفدية على الأصح، وسواء
فيما ذكرناه من الطيب الرجل والمرأة.(162)



(67) يستحب
للمرأة أن تخضب يديها بالحناء إلى الكوعين قبل الإحرام، وتمسح وجهها بشيء من
الحناء لتستر البشرة؛ لأنها مأمورة بكشفها، وسواء في استحباب الخضاب المزوجة
وغيرها، والشابة والعجوز، وإذا خضبت عممت اليدين، ويكره النقش والتسويد والتطريف،
وهو خضب بعض الأصابع، ويكره لها الخضاب بعد الإحرام.(163)



(68) الصحيح
أن يحرم إذا ابتدأ السير؛ راكبًا كان أو ماشيًا.(164)



(69) صفة
الإحرام: أن ينوي بقلبه الدخول في الحج والتلبس به، وإن كان معتمرًا نوى الدخول في
العمرة، وإن كان قارنـًا نوى الدخول في الحج والعمرة، والواجب أن ينوي هذا بقلبه،
ولا يجب التلفظ به ولا التلبية، ولكن الأفضل أن يتلفظ به بلسانه وأن يلبي.(165)



(70) يستحب
أن يسمي في هذه التلبية ما أحرم به من حج أو عمرة.(165)



(71) وأما
ما بعد هذه التلبية فالأصح أن لا يذكر ما أحرم به في تلبيته.(166)



(72) لو
نوى الحج ولبى بعمرة، أو نوى العمرة ولبى بالحج، أو نواهما ولبى بأحدهما، أو عكسه؛
فالاعتبار ما نواه دون ما لبى به.(166)



(73) لو
نوى حجتين أو عمرتين انعقدت إحداهما ولم تلزمه الأخرى.(166)



(74) المتمتع
هو الذي يحرم بالعمرة من ميقات بلده، ويفرغ منها ثم ينشئ الحج من مكة، ويحل له
جميع المحظورات إذا فرغ من العمرة؛ سواء كان ساق هديًا أم لم يسقه.(167)



(75) القران
هو أن يحرم بالحج والعمرة جميعـًا، فتندرج أفعال العمرة في أفعال الحج، ويتحد
الميقات والفعل، فيجزي عنهما طواف واحد، وسعي واحد، وحلق واحد، ولا يزيد على ما
يفعله مفرد الحج أصلاً، ولو أحرم بالعمرة وحدها في أشهر الحج، ثم أحرم بالحج قبل
الشروع في طوافها؛ صح إحرامه به أيضًا وصار قارنًا، ولا يحتاج إلى نية القران.(167)



(76) لو
أحرم بالحج أولاً، ثم أحرم بالعمرة قبل شروعه في أفعال الحج؛ لم يصح إحرامه بها
على القول الصحيح، ولو أحرم بالعمرة قبل أشهر الحج، ثم أحرم بالحج في أشهره قبل
شروعه في طواف العمرة؛ صح إحرامه به، وصار قارنـًا على الأصح.(168)



(77) الأفضل
من هذه الأوجه هو الإفراد، ثم التمتع، ثم القران.(169)



(78) التعيين
عند الإحرام أفضل من الإطلاق.(169)



(79) اعلم
أن القران أفضل من إفراد الحج من غير أن يعتمر بعده في سنته؛ فإن تأخير العمرة عن
سنة الحج مكروه.(169)



(80) يجب
على القارن والمتمتع دم؛ شاة فصاعدًا، صفتها صفة الأضحية، ويجزيه سبع بدنة أو سبع
بقرة.(170)



(81) إن
لم يجد الهدي في موضعه، أو وجده بأكثر من ثمن المثل؛ لزمه صوم ثلاثة أيام في الحج
وسبعة إذا رجع إلى أهله.(170)



(82) يجب
الدم على المتمتع بأربعة شروط: أن لا يعود إلى ميقات بلده لإحرام الحج، وأن يكون
إحرامه بالعمرة في أشهر الحج، وأن يحج من عامه، وأن لا يكون من حاضري المسجد
الحرام.(170)



(83) حاضرو
المسجد الحرام هم أهل الحرم ومن كان منه على أقل من مرحلتين.(171)



(84) يجب
الدم على القارن بشرطين: أن لا يعود إلى الميقات بعد دخول مكة، وقيل: يوم عرفة،
وأن لا يكون من حاضري المسجد الحرام.(173)



(85) المستحب
في التلبية أن يقتصر على تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي: (لبيك اللهم
لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك)، فإن زاد
عليها فقد ترك المستحب، ولكن لا يكره على الأصح.(176)



(86) يستحب
أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التلبية، ويسأل الله رضوانه والجنة،
ويستعيذ به من النار، ثم يدعو بما أحب لنفسه ولمن أحب.(177)



(87) يستحب
الإكثار من التلبية.(177)



(88) يتأكد استحباب التلبية عند
تغاير الأحوال والأماكن والأزمان، ويستحب في كل صعود وهبوط، وحدوث أمر؛ من ركوب،
أو نزول، أو اجتماع رفاق، أو قيام أو قعود، وعند السحر، وإقبال الليل والنهار،
والفراغ من الصلاة، ويستحب في المسجد الحرام، ومسجد الخيف بمنى، ومسجد إبراهيم #
بعرفات؛ لأنها مواضع نسك، ويستحب أيضًا في سائر المساجد على الأصح.(177)



(89) يرفع
صوته بالتلبية في المساجد على الأصح.(178)



(90) لا
يلبي المحرم في حال طواف القدوم والسعي على الأصح؛ لأن لهما أذكارًا مخصوصة، وأما
طواف الإفاضة فلا يلبي فيه بلا خلاف؛ لخروج وقت التلبية.(179)



(91) يستحب
للرجل رفع صوته بالتلبية بحيث لا يضر بنفسه، وأما المرأة فلا ترفع صوتها بها؛ بل
تقتصر على إسماعها نفسها، فإن رفعته كره ولم يحرم.(179)



(92) يستحب
تكرار التلبية في كل مرة ثلاث مرات، ويأتي بها متوالية، لا يقطعها بكلام ولا غيره،
فإن سُلِّمَ عليه رد عليه السلام باللفظ.(179)



(93) من
لا يحسن التلبية بالعربية يلبي بلسانه.(180)



(94) يحرم
على الرجل ستر جميع رأسه أو بعضه بكل ما يعد ساترًا.(181)



(95) ما
لا يعد ساترًا فلا بأس أن يستر الرجل رأسه به؛ مثل أن يتوسد عمامة أو وسادة، أو
ينغمس في ماء، أو يستظل بمحمل أو نحوه، فلا بأس به؛ سواء مس المحمل رأسه أم لا،
ولو وضع يده على رأسه وأطال، أو شد عليه خيطـًا لصداعٍ أو غيره فلا بأس.(182)



(96) لو
طلى المحرم رأسه بحناء أو طين أو مرهم؛ فإن كان رقيقـًا فلا شيء عليه، وإن كان
ثخينًا يستر وجبت الفدية على الصحيح.(183)



(97) أما
غير الرأس من الوجه وباقي البدن فلا يحرم ستره بالإزار والرداء ونحوهما، وإنما
يحرم فيه الملبوس، والمعمول على قدر البدن أو قدر عضو منه.(183)



(98) الأصح
تحريم المداس وشبهه، بخلاف النعل.(184)



(99) للمحرم
أن يغرز طرفي ردائه في إزاره، ولا يجوز عقد الرداء، ولا أن يزره، ولا يخله بخلال
أو مسلة، ولا يربط خيطـًا في طرفه ثم يربطه في طرفه الآخر، فافهم هذا فإنه مما
يتساهل فيه عوام الحجاج.(185)



(100) لو
شق الإزار نصفين ولف على كل ساقٍ نصفًا فهو حرامٌ على الأصح، وتجب به الفدية.(185)



(101) أما
المرأة فالوجه في حقها كرأس الرجل، فتستر رأسها وسائر بدنها سوى الوجه، ولها أن
تسدل على وجهها ثوبًا متجافيًا عنه بخشبة ونحوها؛ سواء فعلته لحاجة من حر أو برد،
أو خوف فتنة، أو لغير حاجة؛ فإن وقعت الخشبة فأصاب الثوب وجهها بغير اختيارها
ورفعته في الحال فلا فدية، وإن كان عمدًا، أو وقعت بغير اختيارها فاستدامت؛ لزمتها
الفدية.(185)



(102) إن
ستر الخنثى المشكل وجهه فقط أو رأسه فقط، فلا فدية عليه، وإن سترهما معًا لزمته
الفدية.(187)



(103) يحرم
على الرجل لبس القفازين في يده، ويحرم على المرأة أيضًا على الأصح.(188)



(104) الصحيح
أنه لا فدية على المرأةِ لو اختضبت ولفت على يدها خرقة، أو لفتها بلا خضاب.(188)



(105) لو
احتاج الرجل إلى ستر رأسه، أو لبس المخيط لحر أو برد أو مداواة أو نحوها، أو
احتاجت المرأة إلى ستر وجهها؛ جاز ووجبت الفدية.(189)



(106) لو
لم يجد رداءً ووجد قميصًا لم يجز لبسه؛ بل يرتدي به.(190)



(107) الصحيح
أنه لو لم يجد إزارًا ووجد سراويل؛ جاز له لبسه ولا فدية؛ سواء كان بحيث لو فتقه
جاء منه إزار أو لم يكن، وإذا لبسه ثم وجد إزارًا وجب نزعه، فإن أخر عصى ووجبت
الفدية.(190)



(108) لو
لم يجد نعلين جاز لبس المكعَّب، وإن شاء قطع الخفين أسفل من الكعبين ولبسهما ولا
فدية، وإن لبس المكعَّب أو المقطوع لفقد النعلين، ثم وجدهما؛ وجب النزع، فإن أخر
عصى ووجبت الفدية.(190)



(109) المراد
بفقد الإزار والنعلين أن لا يقدر على تحصيله؛ إما لفقده، وإما لعدم بذل مالكه،
وإما لعجز عن ثمنه أو أجرته، ولو بيع بغبن أو نسيئة، أو وهب له؛ لم يلزمه قبوله،
وإن أعير وجب قبوله.(191)



(110) إذا
أحرم حرم عليه أن يتطيب في بدنه أو ثوبه أو فراشه بما يعد طيبًا، وهو ما يظهر فيه
قصد التطيب وإن كان فيه مقصود آخر.(191)



(111) لا
يحرم ما لا يظهر فيه قصد الرائحة، وإن كان له رائحة طيبة كالفواكه الطيبة الرائحة،
وكذا الأدوية، وسائر أزهار البراري الطيبة التي لا تستنبت قصدًا، وكذا العصفر
والحناء؛ فلا يحرم شيء من هذه، ولا فدية فيه.(192)



(112) يحرم
استعمال الكحل الذي فيه طيب، ودواء العرق الذي فيه طيب.(193)



(113) يحرم
أكل طعام فيه طيب ظاهر الطعم أو الرائحة، فإن كان مستهلكًا فلا بأس به، وإن بقي
اللون دون الرائحة والطعم لم يحرم على الأصح.(193)



(114) لو
انغمر طيب في غيره؛ كماء ورد قليل انمحق في ماء؛ لم يحرم استعماله على الأصح، وإن
بقي طعمه أو ريحه حرم، وإن بقي اللون لم يحرم على الأصح.(194)



(115) اعلم
أن الاستعمال المحرم في الطيب هو أن يلصق الطيب ببدنه أو ثوبه على الوجه المعتاد
في ذلك الطيب.(194)



(116) لا
يحرم أن يجلس في حانوت عطار، أو في موضع يبخَّر، أو عند الكعبة وهي تبخَّر، أو في
بيت يتبخر ساكنوه، وإذا عبقت به الرائحة في هذا دون العين لم يحرم، ولا فدية، ثم
إن لم يقصد الموضع لاشتمام الرائحة لم يكره، وإن قصده لاشتمامها كره على الأصح.(196)



(117) لو
استروح إلى رائحة طيب موضوع بين يديه كره، ولم يحرم؛ لأنه لا يعد تطيبًا.(196)



(118) لو
مس طيبًا فلم يعلق به شيء من عينه لكن عبقت به الرائحة فلا فدية على الأصح.(196)



(119) لو
شم الورد فقد تطيب، ولو شم ماء الورد فليس متطيبـًا، وإنما استعماله أن يصبه على
بدنه أو ثوبه.(197)



(120) لو
جلس على فراش مطيب، أو أرض مطيبة، أو نام عليهما مفضيًا ببدنه أو ملبوسه إليهما؛
أثم ولزمته الفدية، فلو فرش فوقه ثوبًا ثم جلس عليه أو نام فلا فدية، لكن إذا كان
الثوب رقيقًا كُره([16]).(197)



(121) لو
داس بنعله طيبًا لزمته الفدية.(198)



(122) إنما
يحرم الطيب وتجب فيه الفدية إذا كان استعماله عن قصد؛ فإن كان تطيب ناسيًا لإحرامه،
أو جاهلاً بتحريم الطيب، أو مكرهًا؛ فلا إثم ولا فدية.(198)



(123) لو
علم تحريم الطيب وجهل كون المستعمل طيبـًا؛ فلا إثم ولا فدية على الصحيح.(199)



(124) لو
مس طيبًا يظنه يابسًا لا يعلق منه شيء، فكان رطبـًا -أي: علق شيء منه-فالأظهر
ترجيح عدم وجوب الفدية.(199)



(125) يحرم
عليه دهن شعر الرأس واللحية بكل دهن؛ سواء كان مطيبـًا أو غير مطيب، ولو دهن
الأقرع رأسه -وهو الذي لا ينبت برأسه شعر- بهذا الدهن فلا بأس، وكذا لو دهن الأمرد
ذقنه فلا بأس، ولو دهن محلوق الشعر رأسه عصى على الأصح ولزمه الفدية.(200)



(126) يجوز
استعمال الدهن في جميع البدن سوى الرأس واللحية، ولو كان في رأسه شجة فجعل الدهن
في باطنها فلا فدية.(201)



(127) يحرم
إزالة الشعر بحلق، أو تقصير، أو نتف، أو إحراق، أو غير ذلك؛ سواء فيه شعر الرأس
والإبط والعانة والشارب، وغيرها من شعور البدن، حتى يحرم بعض شعرة واحدة من أي
موضع كان من بدنه، وإزالة الظفر كإزالة الشعر، فإن فعل شيئًا من ذلك عصى ولزمته
الفدية.(201)



(128) يحرم
عليه مشط لحيته ورأسه إن أدى إلى نتف شيء من الشعر، فإن لم يؤد إليه لم يحرم؛ لكن
يكره، فإن نتف لزمه الفدية.(202)



(129) إن
سقط شعر فشك هل انتتف بالمشط أم كان منتسلاً؛ فلا فدية عليه على الأصح.(202)



(130) لو
كشط جلد رأسه، أو قطع يده أو بعض أصابعه وعليه شعر أو ظفر؛ فلا فدية عليه؛ لأنهما
تابعان غير مقصودين.(202)



(131) يجوز
للمحرم أن يحلق شعر الحلال، ويحرم على الحلال حلق شعر المحرم، فإن حلق حلال أو
محرم شعر محرم آخر أثم، فإن كان حلق بإذنه فالفدية على المحلوق، وإن حلق بغير إذنه؛
بأن كان نائمًا أو مكرهًا، أو مغمى عليه أو سكت؛ فالأصح أن الفدية على الحالق.(202)



(132) لو
امتنع الحالق من إخراجها فللمحلوق مطالبته بإخراجها على الأصح.(203)



(133) لو
أمر حلالٌ حلالاً بحلق شعر محرم نائم؛ فالفدية على الآمر إن لم يعرف الحالق الحال،
فإن عرف فعليه على الأصح.(204)













([1]) انظر ترجمته في:
تذكرة الحفاظ للإمام الذهبي (4/250-254)، فوات الوفيات للكتبي (4/264-268)، مرآة
الجنان للإمام اليافعي (4/138-140)، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (8/395-399)
ترجمة رقم (1288)، طبقات الشافعية للإسنوي (ص:407) ترجمة رقم (1162)، طبقات
الشافعية لابن قاضي شهبة (2/153-157) ترجمة رقم (454)، البداية والنهاية لابن كثير
(13/283)، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي (7/236-237)، طبقات الحفاظ للسيوطي (ص:539)
ترجمة رقم (1130)، شذرات الذهب لابن العماد (7/618-621)، معجم المؤلفين لعمر كحالة
(4/98) ترجمة رقم (18039)، الأعلام للزركلي (8/149).



وقد ترجم له الإمام السيوطي في كتاب مستقل
سماه: المنهاج السوي في ترجمة الإمام النووي.







([2]) اعتمدت
كتاب: شرح الإيضاح لابن حجر الهيتمي؛ لأنني لم أقف على نسخة الإيضاح؛ ومما يميز
هذا الكتاب أن الهيتمي من محققي الشافعية المتأخرين؛ بل هو عمدتهم، وقد شرح
الإيضاح شرحًا وافيًا، ومن مميزاته أنه إذا وقف على مسألة تغير فيها رأي الإمام
النووي فإنه يشير إليها. وقلما أنقل تعليقات الهيتمي، وإذا نقلت عنه فإني أضع اسمه
بعد الحاشية بين حاصرتين هكذا [].







([3])
يؤخذ منه أن الكلام فيمن لا يتضيق عليه الحج، وأما من تضيق عليه فلا يندب له
الاستشارة؛ إذ لا فائدة فيها مع التضيق نظير ما يأتي في الاستخارة، وظاهر صنيعه أن
الأولى تقديم الاستشارة [الهيتمي].







([4]) لو فرض
أنه لم ينشرح صدره لشيء وإن كرر الصلاة، فإن أمكن التأخير أخر، وإلا شرع فيما يسر
له؛ فإنه علامة الإذن والخير إن شاء الله تعالى [الهيتمي]. ويستخير كذلك للصحبة
ووسيلة النقل ونحو ذلك مما يصاحب الحج، ولا يستخير على ذات الحج.







([5]) أرجو أن
يكون هذا الكتاب وافيًا بالغرض، ويكفي طلاب العلم أولاً، ثم غيرهم ممن يرغب بمعرفة
أحكام الحج.







([6])
قال الله جل وعلا: ﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً
وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا
مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ..﴾
[الحج:27-28].







([7])
رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (4879).







([8]) رواه
البخاري (1521)، ومسلم (1350).







([9]) أي: وجوبـًا، والظاهر وجوب طاعته في كل ما يأمر به وينهى عنه
مما فيه مصلحة، ما لم يخالف الشرع... والذي يظهر أن تأمير الأفضل والأجود أولى لا
واجب؛ بل لا يبعد جواز تأمير الفاسق؛ لأن هذه الولاية منوطة برضا المولين، فحيث
رضوا كلهم بواحد جاز ولو ناقصًا، ومقتضى كلامه والحديث هنا أن الاثنين لا يسن
لأحدهما تأمير صاحبه، ولو قيل به قياسًا لم يبعد؛ لاسيما إذا قلنا: إن مفهوم العدد
ليس بحجة، ولا ينافيه كونهما شيطانين؛ لأن ظاهر كلامهم ندب التأمير للثلاثة ولو في
السفر المكروه، فكذا يقال بمثله هنا. [الهيتمي].







([10]) رواه
أبو داود (2609).







([11]) قال
البخاري رحمه الله : باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير، ثم أخرج عن أبي موسى
الأشعري رضي الله عنه قال: (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكنا إذا
أشرفنا على وادٍ هللنا وكبرنا ارتفعت أصواتنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا
أيها الناس! اربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا، إنه معكم، إنه
سميع قريب تبارك اسمه وتعالى جده)[صحيح البخاري (2992)].







([12]) لوجوبها
في الحضر وندبها في السفر [الهيتمي]. وهذا هو الصحيح الموافق للأدلة الشرعية،
والعجب ممن يلزم المسافر بالصلاة في الجماعة!!







([13]) جاء من
حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا في صحيح مسلم (689): (لو كنت مسبحًا لأتممت)
أي: لو صليت السنة لأتممت الصلاة.







([14])
المعضوب: هو الذي لا يستطيع الثبوت على الراحلة إلا بمشقة شديدة.







([15])
الاستحباب حكم شرعي يفتقر إلى دليل خاص، أو دليل عام يدخل تحته، وبعض هذه الأغسال
صح السند فيها، فهي مستحبة، والأكثر لم يصح فيها شيء؛ بل صح أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يغتسل فيها، فكيف يقال
بالاستحباب؟! بل لو ادعى مدعٍ أنها مكروهة لمخالفتها لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : (خذوا عني مناسككم ) وهو لم
يغتسل في هذه المواضع، وأنها من باب الترفه -كما يعلل الفقهاء كثيرًا- لما أبعد
النجعة، والحق أن الغسل في كل وقت مباح، ويستحب فيما صح فيه الخبر، أو لإبعاد
الرائحة الكريهة. والله أعلم.







([16]) رقيقًا
بشرط أن يمنع الطيب من أن يعلق به شيء منه، وإلا فهو كالعدم، ويؤخذ منه أن كل ما
فيه علوق رائحة من الطيب بالمحرم وإن قلّت يكون مكروهًا [الهيتمي].



ولعل الفرق بين هذه
المسألة والتي قبلها والتي تليها: أن الطيب خلص في الصورتين إلى جسد المحرم أو
ثوبة، ولم يخلص إليه في هذه الصورة، والله أعلم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://2et2.yoo7.com/forum
حمدان
ديري مبدع
ديري مبدع
حمدان


الساعة :
دعاء
عدد المساهمات : 1104
نقاط : 2370
التقيم : 28
تاريخ التسجيل : 05/05/2012

 الجامع لأحكام الحج والعمرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجامع لأحكام الحج والعمرة    الجامع لأحكام الحج والعمرة Icon_minitimeالخميس مايو 10, 2012 10:15 am

(1)
إذا حلق أو قلّم بعذر
فلا إثم، وأما الفدية ففيها صور: منها الناسي والجاهل، فعليهما الفدية على الأصح؛
لأن هذا إتلاف فلا يسقط ضمانه بالعذر، ومنها: ما لو كثر القمل في رأسه، أو كان به
جراحة أحوجه أذاها إلى الحلق، أو تأذى بالحر لكثرة شعره؛ فله الحلق وعليه الفدية،
ومنها: لو نبتت شعرة أو شعرات داخل جفنه وتأذى بها قلعها ولا فدية، وكذا لو طال
شعر حاجبه أو رأسه وغطى عينه قطع المغطي ولا فدية، وكذا لو انكسر بعض ظفره وتأذى
به، قطع المنكسر ولا يقطع معه من الصحيح شيئًا.(205)



(2)
يحرم على المحرم أن
يزوِّج أو يتزوَّج، وكل نكاح كان الولي فيه محرمًا أو الزوج أو الزوجة فهو باطل([1]).(205)



(3)
تجوز الخطبة في
الإحرام على الأصح؛ لكن تكره([2]).(205)



(4)
يجوز أن يكون المحرم
شاهدًا في نكاح الحلالين على الأصح.(205)



(5)
يحرم على المحرم الوطء
في القبل والدبر من كل حيوان.(206)



(6)
تحرم المباشرة فيما
دون الفرج بشهوة؛ كالمفاخذة، والقبلة، واللمس باليد بشهوة.(206)



(7)
لا يحرم اللمس والقبلة
بغير شهوة.(206)



(Cool
التحريم في الجماع
يستمر حتى يتحلل التحللين، وكذا المباشرة بغير الجماع يستمر تحريمها على القول
الأصح، وحيث حرمنا المباشرة فيما دون الفرج فباشر عامدًا عالمًا لزمه الفدية، ولا
يفسد نسكه.(206)



(9)
إن باشر ناسيًا فلا
شيء عليه بلا خلاف، سواء أنزل أم لا.(207)



(10)
الاستمناء باليد يوجب
الفدية.(207)



(11)
لو كرر النظر إلى
امرأة فأنزل من غير مباشرة ولا استمناء فلا فدية عليه عندنا.(207)



(12)
الوطء في قبل المرأة
أو دبرها، أو دبر الرجل، أو البهيمة، يفسد به الحج إن كان قبل التحلل الأول؛ سواء
قبل الوقوف بعرفة أو بعده، وإن كان بين التحللين لم يفسد الحج.(207)



(13)
إن جامع في العمرة قبل
فراغها فسدت.(207)



(14)
إذا فسد الحج أو
العمرة وجب عليه المضي في فاسده، ويجب قضاؤه، وتلزمه بدنة، فإن لم يجد فبقرة، ويجب
القضاء على الفور، هذا إذا جامع عامدًا عالمـًا بالتحريم([3]).(207)



(15)
إن جامع ناسيًا أو جاهلاً
بالتحريم، أو جومعت المرأة مكرهة، لم يفسد الحج على الأصح، ولا فدية أيضًا على
الأصح([4]).(211)



(16)
يحرم بالإحرام إتلاف
كل حيوان بري وحشي، أو في أصله وحشي مأكول، وسواء المستأنس وغيره، والمملوك وغيره،
فإن أتلفه لزمه الجزاء.(214)



(17)
إن كان مملوكًا لزمه
الجزاء لحق الله تعالى، والقيمة للمالك.(214)



(18)
لو توحش إنسي لم يحرم؛
نظرًا لأصله.(214)



(19)
لو تولد من مأكول
وغيره، أو من إنسي وغيره؛ كالمتولد بين الظبي والشاة؛ حرم إتلافه، ويجب به الجزاء
احتياطًا.(214)



(20)
يحرم الجراد، ولا يحرم
السمك([5])
وصيد البحر، وهو ما لا يعيش إلا في البحر، فأما ما يعيش في البر والبحر فحرام([6]).(214)



(21)
الطيور المائية التي
تغوص في الماء وتخرج يحرم صيدها.(214)



(22)
لا يحرم ما ليس مأكولاً،
ولا ما هو متولد من مأكول وغيره.(214)



(23)
بيض الصيد المأكول
ولبنه حرام، ويضمنه بقيمته، فإن كانت البيضة مذرة فأتلفها فلا شيء عليه، إلا أن
تكون بيضة نعامة فيضمنها بقيمتها؛ لأن قشرها ينتفع به.(215)



(24)
لو نفر صيدًا عن بيضته
التي حضنها ففسدت لزمه قيمتها.(215)



(25)
لو كسر بيض صيد فيها فرخ
له روح فطار وسلم فلا ضمان، وإن مات فعليه مثله من النعم إن كان له مثل، وإلا
فعليه قيمته.(215)



(26)
كما يحرم عليه إتلاف
الصيد فيحرم عليه إتلاف أجزائه، ويحرم عليه الاصطياد والاستيلاء، والأصح أنه لا
يملكه بالشراء والهبة والوصية ونحوها.(215)



(27)
إن قبضه بعقد الشراء دخل
في ضمانه، فإن هلك في يده لزمه الجزاء لحق الله تعالى، والقيمة لمالكه، فإن رده
عليه سقطت القيمة، ولم يسقط الجزاء إلا بالإرسال.(216)



(28)
إن قبضه بعقد الهبة أو
الوصية فهو كقبضه بعقد الشراء، إلا أنه إذا هلك في يده لم تلزمه قيمته للآدمي على
الأصح؛ لأن ما لا يضمن في العقد الصحيح لا يضمن في الفاسد كالإجارة.(216)



(29)
لو كان يملك صيدًا
فأحرم؛ زال ملكه عنه على الأصح، ولزمه إرساله، ولا يجب تقديم الإرسال على الإحرام
بلا خلاف.(216)



(30)
يحرم على المحرم
الإعانة على قتل الصيد بدلالة، أو إعارة آلة، أو بصياح ونحو ذلك.(217)



(31)
لو نفر صيدًا فعثر
وهلك به، أو أخذه سَـبُع، أو انصدم بجبل أو شجرة ونحوها لزمه الضمان؛ سواء قصد
تنفيره أو لا، ويكون في عهدة التنفير حتى يعود الصيد إلى عادته في السكون، فإن هلك
بعد ذلك فلا ضمان، ولو هلك في حال نفاره بآفة سماوية فلا ضمان على الأصح.(218)



(32)
الناسي والجاهل في
الصيد كالعامد في وجوب الجزاء، ولا إثم عليهما بخلاف العامد.(218)



(33)
لو صال على المحرم صيد
في الحل أو في الحرم فقتله للدفع عن نفسه فلا ضمان.(218)



(34)
لو ركب إنسان صيدًا
وصال على محرم، ولم يمكن دفعه إلا بقتل الصيد فقتله؛ وجب الجزاء على الأصح؛ لأن
الأذى ليس من الصيد.(218)



(35)
لو وطئ المحرم الجراد
عامدًا أو جاهلاً فأتلفه فعليه الضمان، ويأثم العامد دون الجاهل.(218)



(36)
لو عمّ الجراد المسالك
ولم يجد بدًا من وطئه؛ فلا ضمان عليه على الأصح.(219)



(37)
لو اضطر إلى ذبح صيد
لشدة الجوع؛ جاز أكله وعليه الجزاء؛ لأنه أتلفه لمنفعة نفسه من غير إيذاء من الصيد.(219)



(38)
لو خلصه المحرم من فم
سبع أو هرة ونحوهما، أو أخذه ليداويه ويتعهده، فهلك في يده بلا تفريط؛ فلا ضمان
على الأصح.(219)



(39)
يحرم على المحرم أن
يستودع الصيد وأن يستعيره، فإن خالف وقبضه كان مضمونًا عليه بالجزاء والقيمة
للمالك، فإن رده للمالك سقطت القيمة، ولم يسقط ضمان الجزاء حتى يرسله المالك.(219)



(40)
لو كان المحرم راكب
دابة فتلف صيد برفسها أو عضها، أو بالت في الطريق فزلق صيد فهلك؛ لزمه الضمان.(219)



(41)
لو انفلتت الدابة
فأتلفت صيدًا فلا شيء عليه.(219)



(42)
يحرم على المحرم أكل
صيد ذبحه هو، أو صاده غيره له بإذنه أو بغير إذنه، أو أعان عليه، أو كان له تسبب
فيه، فإن أكل منه عصى، ولا جزاء عليه بسبب الأكل.(219)



(43)
لو صاده حلال لا
للمحرم، ولا تسبب فيه؛ جاز له الأكل منه ولا جزاء عليه.(219)



(44)
لو ذبح المحرم صيدًا
صار ميتة على الأصح، فيحرم على كل أحد أكله، وإذا تحلل هو من إحرامه لم يحل له ذلك
الصيد.(219)



(45)
ربما ارتكب بعض العامة
شيئًا من محرمات الإحرام وقال: أنا أفتدي؛ متوهمـًا أنه بالتزام الفدية يتخلص من
وبال المعصية، وذلك خطأ صريح وجهل قبيح؛ فإنه يحرم عليه الفعل، وإذا خالف أثم
ووجبت الفدية، وليست الفدية مبيحةً للإقدام على فعل المحرم، وجهالة هذا الفاعل
كجهالة من يقول: أنا أشرب الخمر وأزني والحد يطهرني، ومن فعل شيئًا مما يحكم
بتحريمه فقد أخرج حجه عن أن يكون مبرورًا.(222)



(46)
الأولى أن لا يغسل
المحرم رأسه بالسدر أو الخطمي؛ لأن ذلك ضرب من الترفه، والحاج أشعث أغبر.(223)



(47)
غسل البدن جائز للمحرم
في الحمام وغيره ولا يكره.(223)



(48)
له الاكتحال بما لا
طيب فيه، ويكره بالإثمد، إلا للحاجة فلا يكره.(223)



(49)
لا بأس بالفصد
والحجامة إذا لم يقطع شعرًا.(223)



(50)
له حك رأسه بأظفاره
على وجه لا ينتف شعرًا، والمستحب أن لا يفعل، فلو حك رأسه أو لحيته فسقط بحكه
شعرات أو شعرة لزمته الفدية.(223)



(51)
لو سقط شعر وشك: هل
كان زائلاً أم انتتف بحكه؟ فلا فدية على الأصح، وله أن ينحي القمل من بدنه وثيابه.(224)



(52)
ينبغي له بعد إحرامه
بالحج أو العمرة من الميقات أو غيره أن يتوجه إلى مكة، ومنها يكون خروجه إلى عرفات،
فهذه هي السنة، أما ما يفعله حجيج العراق في هذه الأزمان، من عدولهم إلى عرفات قبل
دخول مكة لضيق وقتهم، ففيه تفويت لسنن كثيرة، منها هذه، وطواف القدوم، وتعجيل
السعي، وزيارة البيت، وكثرة الصلاة بالمسجد الحرام، وحضور خطبة الإمام في اليوم
السابع بمكة، والمبيت بمنى ليلة عرفات، والصلوات بها، وحضور تلك المشاهد.(226)



(53)
المذهب الصحيح المختار
الذي عليه المحققون: أن الدخول من الثنية العليا مستحب لكل داخل؛ سواء كانت في صوب
طريقه أو لم تكن في طريقه، فقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل منها، ولم
تكن صوب طريقه.(228)



(54)
اختلف أصحابنا في أن
الأفضل أن يدخل ماشيًا أو راكبًا؛ والأصح أن المشي أفضل، وعلى هذا قيل: الأولى أن
يكون حافيـًا إذا لم يخشَ نجاسة ولا يلحقه مشقة([7]).(229)



(55)
له دخول مكة ليلاً
ونهارًا؛ فقد دخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم نهارًا في الحج، وليلاً في عمرة
له، والأفضل نهارًا.(229)



(56)
ينبغي أن يتحفظ في
دخوله من إيذاء الناس في الزحمة، ويتلطف بمن يزاحمه، ويلحظ بقلبه جلالة البقعة
التي هو فيها، والتي هو متوجه إليها، ويمهد عذر من زاحمه، وما نزعت الرحمة إلا من
قلب شقي.(230)



(57)
ينبغي لمن يأتي من غير
الحرم أن لا يدخل مكة إلا محرمـًا بحج أو عمرة.(230)



(58)
اعلم أنه ينبغي أن
يستحضر عند رؤية الكعبة ما أمكنه من الخشوع والتذلل والخضوع؛ فهذه عادة الصالحين
وعباد الله العارفين؛ لأن رؤية البيت تذكر وتشوق إلى رب البيت.(233)



(59)
الدخول من باب بني
شيبة مستحب لكل قادم من أي جهة كان بلا خلاف.(234)



(60)
لو قدمت امرأة جميلة
أو شريفة لا تبرز للرجال؛ استحب لها أن تؤخر الطواف ودخول المسجد إلى الليل.(235)



(61)
إذا دخل المسجد ينبغي
أن لا يشتغل بصلاة تحية المسجد ولا غيرها؛ بل يقصد الحجر الأسود، ويبدأ بطواف
القدوم، وهو تحية المسجد الحرام.(237)



(62)
الطواف مستحب لكل داخل،
محرمـًا كان أو غير محرم، إلا إذا دخل وقد خاف فوت الصلاة المكتوبة، أو فوت الوتر،
أو سنة الفجر، أو غيرها من السنن الراتبة، أو فوت الجماعة في المكتوبة، وإن كان
وقتها واسعًا، أو كان عليه فائتة مكتوبة؛ فإنه يقدم كل ذلك على الطواف ثم يطوف،
ولو دخل وقد مُنع الناس من الطواف صلى تحية المسجد.(238)



(63)
اعلم أن في الحج ثلاثة
أطوفة: القدوم، وطواف الإفاضة، وطواف الوداع، ويشرع له طواف رابع وهو المتطوع به
غير هذه الثلاثة، ويستحب الإكثار من الطواف.(238)



(64)
طواف القدوم له خمسة
أسماء: القدوم، والقادم، والورود، والوارد، وطواف التحية.(238)



(65)
طواف الإفاضة له أيضًا
خمسة أسماء: طواف الإفاضة، وطواف الزيارة، وطواف الفرض، وطواف الركن، وطواف الصدر.(238)



(66)
أما طواف الوداع فيقال
له أيضًا: طواف الصدر.(238)



(67)
محل طواف الإفاضة بعد
الوقوف ونصف ليلة النحر، وطواف الوداع عند إرادة السفر من مكة بعد قضاء جميع
المناسك.(239)



(68)
اعلم أن طواف القدوم
سنة ليس بواجب فلو تركه لم يلزمه شيء.(239)



(69)
اعلم أن طواف الإفاضة
ركن لا يصح الحج إلا به، ولا يجبر بدم ولا غيره.(239)



(70)
اعلم
أن طواف الوداع واجب على الأصح، وليس بركن.(239)



(71)
اعلم أن طواف القدوم
إنما يتصور في حق مفرد الحج وفي حق القارن إذا كانا قد أحرما من غير مكة ودخلاها
قبل الوقوف، فأما المكي فلا يتصور في حقه طواف قدوم؛ إذ لا قدوم له.(239)



(72)
من أحرم بالعمرة فلا
يتصور في حقه طواف قدوم؛ بل إذا طاف عن العمرة أجزأه عنها وعن طواف القدوم.(239)



(73)
من لم يدخل مكة قبل
الوقوف فليس في حقه طواف القدوم؛ بل الطواف الذي يفعله بعد الوقوف هو طواف الإفاضة،
فلو نوى به القدوم وقع عن طواف الإفاضة إن كان دخل وقته.(239)



(74)
إذا دخل المسجد فليقصد
الحجر الأسود، ويستحب أن يستقبل الحجر الأسود بوجهه ويدنو منه، بشرط أن لا يؤذي
أحدًا بالمزاحمة؛ فيستلمه، ثم يقبله من غير صوت يظهر في القبلة، ويسجد عليه، ويكرر
التقبيل والسجود عليه ثلاثًا، ثم يبتدئ الطواف.(240)



(75)
يستحب أن يضطبع مع
دخوله في الطواف، فإن اضطبع قبله بقليل فلا بأس.(241)



(76)
كيفية الطواف: أن
يحاذي بجميعه جميع الحجر الأسود، فلا يصح طوافه حتى يمر بجميع بدنه على جميع الحجر،
وذلك بأن يستقبل البيت ويقف على جانب الحجر الذي إلى جهة الركن اليماني، بحيث يصير
جميع الحجر عن يمينه، ويصير منكبه الأيمن عند طرف الحجر.(241)



(77)
الظاهر أنه لا كراهية
في تسمية الطواف شوطا أو دورًا، وقد كرهه الشافعي رحمه الله، وروي كراهيته عن
مجاهد رحمه الله، وقد ثبت في صحيحي البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى عن ابن عباس
تسمية الطواف شوطًا([8]
والله أعلم.(242)



(78)
إذا طاف مكشوف جزء من
عورته، أو محدثًا، أو عليه نجاسة غير معفو عنها، أو وطئ نجاسة في مشية عامدًا أو
ناسيًا؛ لم يصح طوافه.(244)



(79)
من طافت من النساء
الحرائر مكشوفة الرجل أو شيء منها، أو طافت كاشفة جزء من رأسها؛ لم يصح طوافها،
حتى لو ظهرت شعرة من شعر رأسها، أو ظفر رجلها لم يصح طوافها؛ لأن ذلك عورة منها،
يشترط ستره في الطواف كما يشترط في الصلاة، وإذا طافت هكذا ورجعت؛ فقد رجعت بغير
حج صحيح لها ولا عمرة.(244)



(80)
اعلم أن عورة الرجل
والأمة ([9])
ما بين السرة والركبة، وعورة الحرة جميع بدنها إلا الوجه والكفين([10]
هذا هو الأصح.(246)



(81)
مما تعم به البلوى في
الطواف ملامسة النساء للزحمة، فينبغي للرجل أن لا يزاحمهن.(246)



(82)
مما عمت به البلوى
غلبة النجاسة في موضع الطواف من جهة الطير وغيره، وقد اختار جماعة من أصحابنا
المتأخرين المحققين المطلعين أنه يعفى عنها، وينبغي أن يقال: يعفى عما يشق
الاحتراز عنه من ذلك.(247)



(83)
يجب أن يكون الطواف في
المسجد، ولا بأس بالحائل بين الطائف والبيت؛ كالسقاية والسواري، ويجوز الطواف في
أخريات المسجد، وفي أروقته، وعند بابه من داخله، وعلى أسطحته، ولا خلاف في شيء من
هذا، واتفق أصحابنا على أنه لو طاف خارج المسجد لم يصح طوافه بحال([11]).(249)



(84)
يجب استكمال سبع طوفات،
فلو شك لزمه الأخذ بالأقل، ووجبت الزيادة حتى يتيقن السبع، إلا إن شك بعد الفراغ
منه فلا يلزمه شيء.(249)



(85)
يجب أن يجعل البيت عن
يساره في طوافه، فلو جعل البيت عن يمينه ومر من الحجر الأسود إلى الركن اليماني لم
يصح طوافه، ولو لم يجعل البيت على يمينه ولا على يساره؛ بل استقبله بوجهه وطاف
معترضًا، أو جعل البيت على يمينه ومشى قهقرى إلى جهة الملتزم والباب؛ لم يصح طوافه
على الأصح، وكذا لو مر معترضـًا مستديرًا لم يصح على الصحيح.(252)



(86)
يجب أن يكون في طوافه
خارجًا بجميع بدنه عن جميع البيت، فلو طاف على شاذَروان البيت، أو في الحِجْر لم
يصح طوافه؛ لأنه طاف في البيت لا بالبيت، وقد أمر الله تعالى بالطواف بالبيت،
والشاذَروان والحِجْر من البيت.(253)



(87)
لو طاف خارج
الشاذَروان وكان يضع إحدى رجليه أحيانـًا على الشاذروان ويقفز بالأخرى لم يصح
طوافه، ولو طاف خارج الشاذَروان ولمس بيده الجدار في موازاة الشاذروان أو غيره من
أجزاء البيت؛ لم يصح طوافه أيضًا على المذهب الصحيح الذي قطع به الجماهير؛ لأن بعض
بدنه في البيت.(254)



(88)
ينبغي أن يتنبه هنا
لدقيقة وهي: أن من قبـّل الحجر الأسود فرأسه في حد التقبيل في جزء من البيت،
فيلزمه أن يقر قدميه في موضعهما حتى يفرغ من التقبيل ويعتدل قائمًا؛ لأنه لو زالت
قدماه من موضعهما إلى جهة الباب قليلاً ولو قدر بعض شبر في حال تقبيله، ثم لما فرغ
من التقبيل اعتدل عليهما في الموضع الذي زالتا إليه ومضى من هناك في طوافه؛ لكان
قد قطع جزءًا من مطافه وبدنه في هواء الشاذَروان، فتبطل طوفته تلك.(256)



(89)
المذهب الصحيح أنه يجب
الطواف بجميع الحِجْـر، فلو طاف في جزء منه حتى على جداره لم يصح طوافه؛ لأن النبي
صلى الله عليه وسلم طاف خارج الحِجْـر، وهكذا الخلفاء الراشدون وغيرهم من الصحابة
ومن بعدهم، وأما حديث عائشة رضي الله عنها ([12]) فقد قال الشيخ الإمام
أبو عمر بن الصلاح رحمه الله: قد اضطربت فيه الروايات، ففي رواية الصحيحين: (الحِجْـر
من البيت)، وروي: (ستة أذرع نحوها)، وروي: (خمسة أذرع)، وروي: (قريبًا من سبعة
أذرع)، وإذا اضطربت الروايات تعين الأخذ بأكثرها ليسقط الفرض بيقين. قلتُ: ولو سلم
أن بعض الحِجر ليس من البيت، لا يلزم منه أنه لا يجب الطواف خارج جميعه؛ لأن
المعتمد في باب الحج الاقتداء بفعل النبي صلى الله عليه وسلم، فيجب الطواف بجميعه؛
سواء كان من البيت أم لا، والله تعالى أعلم.(257)



(90)
لو حمل رجل محرمـًا من
صبي أو مريض أو غيرهما وطاف به، فإن كان الطائف حلالاً أو محرمًا قد طاف عن نفسه
حسب الطواف للمحمول بشرطه، وإن كان محرمًا لم يطف عن نفسه نظر: إن قصد الطواف عن
نفسه فقط، أو عنهما، أو لم يقصد شيئًا؛ وقع عن الحامل، وإن قصده عن المحمول؛ وقع
عن المحمول على الأصح.(261)



(91)
إن طاف راكبًا لعذر
يشق معه الطواف ماشيًا، أو طاف راكبًا ليظهر ويُـستفتى ويُقتدى بفعله جاز ولا
كراهة فيه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم طاف راكبًا في بعض أطوفته، ولو طاف
راكبًا بلا عذر جاز أيضًا.(263)



(92)
الأصح أنه إذا فرغ من
الطواف أزال الاضطباع وصلى، فإذا فرغ من الصلاة أعاد الاضطباع وسعى مضطبعًا، وإنما
الاضطباع في الطواف الذي يرمل فيه، وما لا رمل فيه لا اضطباع فيه.(265)



(93)
الرمل مستحب في
الطوفات الثلاث الأول، ويسن المشي على الهِينة في الأربع الأخيرة، والصحيح أنه
يستوعب البيت بالرمل، وإن ترك الرمل في الثلاث الأول لم يقضه في الأربع الأخيرة؛
لأن السنة في الأخيرة المشي على الهِينة، فإن كان راكبـًا حرك دابته في موضع الرمل،
وإن حمله إنسان رمل به الحامل، ولا ترمل المرأة بحال.(267)



(94)
اعلم أن القرب من
البيت مستحب في الطواف، ولا نظر إلى كثرة الخطا لو تباعد، فلو تعذر الرمل مع القرب
للزحمة، فإن كان يرجو فرجة وقف لها ليرمل فيها إن لم يؤذ بوقوفه أحدًا، وإن لم
يرجها فالمحافظة على الرمل مع البعد عن البيت أفضل من القرب بلا رمل؛ لأن الرمل
شعار مستقل، ولأن الرمل فضيلة تتعلق بنفس العبادة، والقرب فضيلة تتعلق بموضع
العبادة، والتعلق بنفس العبادة أولى بالمحافظة، ألا ترى أن الصلاة بالجماعة في
البيت أفضل من الانفراد في المسجد.(267)



(95)
لو كان إذا بعُد وقع
في صف النساء؛ فالقرب بلا رمل أولى من البعد إليهن مع الرمل؛ خوفًا من انتقاض
الوضوء ([13]
ومن الفتنة بهن، وكذا لو كان بالقرب أيضًا نساء وتعذر الرمل في جميع المطاف لخوف
الملامسة فترك الرمل أولى.(269)



(96)
اعلم أن ما ذكرناه من
استحباب القرب من البيت في الطواف هو في حق الرجل، وأما المرأة فيستحب لها أن لا
تدنو منه؛ بل تكون في حاشية المطاف، ويسن لها أن تطوف ليلاً؛ لأنه أستر لها، وأصون
لها ولغيرها من الملامسة والفتنة، فإن كان المطاف خاليًا عن الناس استحب لها القرب
كالرجل.(271)



(97)
لا يستحب للنساء
استلام ولا تقبيل، إلا في الليل عند خلو المطاف.(275)



(98)
يدعو فيما بين طوفاته
بما أحب من دين ودنيا، لنفسه ولمن أحب وللمسلمين عامة، ولو دعا واحد وأمن جماعة
فحسن، وينبغي الاجتهاد في ذلك الموطن الشريف.(279)



(99)
قال أصحابنا: وقراءة
القرآن في الطواف أفضل من الدعاء غير المأثور، وأما المأثور فهو أفضل منها على
الصحيح.(280)



(100) الموالاة
بين الطوفات سنة مؤكدة، ليست بواجبة على الأصح، فإن فرق كثيرًا -وهو ما يظن الناظر
إليه أنه قطع طوافه أو فرغ منه- فالأحوط أن يستأنف ليخرج من الخلاف، وإن بنى على
الأول ولم يستأنف جاز على الأصح.(281)



(101) الأصح
أنه إذا أحدث في الطواف عمدًا أو غير عمد وتوضأ وبنى على ما فعل جاز، والأحوط
الاستئناف.(282)



(102) إذا
أقيمت الجماعة المكتوبة وهو في الطواف، أو عرضت حاجة ماسة قطع الطواف لذلك، فإذا
فرغ بنى، والاستئناف أفضل.(282)



(103) يكره
قطع الطواف المفروض لصلاة جنازة، أو لصلاة نافلة راتبة.(282)



(104) يكون
في طوافه خاضعًا متخشعًا حاضر القلب، ملازم الأدب بظاهره وباطنه، وفي حركته ونظره
وهيئته؛ فإن الطواف صلاة، فينبغي أن يتأدب بآدابها، ويستشعر بقلبه عظمة من يطوف
بيته، ويكره له الأكل والشرب في الطواف، وكراهة الشرب أخف، ولو فعلهما لم يبطل
طوافه، ويكره أن يضع يده على فمه كما يكره ذلك في الصلاة، إلا أن يحتاج إليه أو
يتثاءب، فإن السنة وضع اليد على الفم عند التثاؤب.(282)



يستحب أن لا يتكلم فيه بغير الذكر إلا كلامًا هو
محبوب؛ كأمر بمعروف أو نهي عن منكر، أو لفائدة علم، ويكره أن يشبك أصابعه، أو
يفرقع بهما كما يكره ذلك في الصلاة، ويكره أن يطوف وهو يدافع البول أو الغائط أو
الريح، أو وهو شديد التوقان












([1])
لو اختلف الزوجان في وقوع العقد حال الإحرام ولا بينة، فإن ادعت وقوعه فيه صدق
بيمينه، وفي عكسه تصدق بيمينها، بالنسبة لوجوب المسمى وسائر مؤن النكاح، ويحكم
بانفساخه، ولو ادعى أنه فيه وقالت: لا أدري؛ حكم ببطلانه ولا مهر لها؛ لأنها لم
تدعه، والإحرام الفاسد كالصحيح في جميع ما ذكر
[الهيتمي].







([2])
يجوز أن تزف المحرمة إلى الحلال وعكسه، نعم لا يبعد كراهة ذلك كالخطبة [الهيتمي].







([3]) للمفرد المفسد
لأحد نسكين أن يقضيه مع الآخر قرانًا أو تمتعًا، وللمتمتع والقارن القضاء إفرادًا،
ولا يسقط بذلك الدم [الهيتمي].







([4]) مثلها:
الرجل إذا جامع مكرهًا؛ لأن الأصح تصور إكراهه علىه - كما في المجموع-، وظاهر
كلامه وغيره أنه لا فرق في الإكراه على الجماع بين الزنا وغيره، وهو ظاهر. ولو
ارتد في نسكه بطل من أصله، ولا مضي ولا قضاء، وإن أسلم فورًا [الهيتمي]. مراد
الإمام النووي رحمه الله : أن المرأة لو جومعت مكرهة فلا فدية عليها، ولكن يلزم من
جامعها بلا ريب، فقد ألزم من حلق شعر المحرم بالفدية فهنا أولى، والله أعلم.







([5]) أي: ولو
كان البحر أو نحو البئر في الحرم [الهيتمي].







([6]) هذا
مشكل؛ لأن مجرد كونه بريًا لا يقتضي تحريمًا؛ بل لابد من زيادة كونه مأكولاً
وحشيًا، فليس هنا حرام حتى يغلّب، وليس كالبري الذي أحد أصليه وحشي ومأكول؛ لأنه
وإن كان غير مأكول إلا أن في أحد أصليه ما يحرم التعرض له، فألحق هو به تغليبًا
[الهيتمي].







([7])
يشير الإمام النووي إلى ما رواه ابن ماجه (2939) عن عبد الله بن عباس رضي الله
عنهما قال: (كانت الأنبياء تدخل الحرم مشاة حفاة، ويطوفون بالبيت ويقضون المناسك
حفاة مشاة)، قال الألباني: ضعيف. ضعيف ابن ماجه (582)، وكذلك ما في مصنف ابن أبي
شيبة (13803) عن مجاهد قال: (كانت الأنبياء إذا أتت على الحرم نزعوا نعالهم)، ولكن
لو أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل حافيًا لنقل الصحابة رضي الله عنهم هذا عنه،
فقد نقلوا ما هو دون ذلك.







([8]) رواه
البخاري (3924)، ومسلم (2220).







([9]) أي:
بالنسبة للطواف والصلاة، أما في النظر فكل بدنها [الهيتمي].







([10]) أي: في
الصلاة والطواف، أما في النظر فكل بدنها [الهيتمي].







([11]) نقل
الإمام النووي تصحيح أبي القاسم الرافعي رحمه الله للطواف على سطح الحرم ولو كان
أعلى من الكعبة.(ص:249).







([12])
يريد الشيخ ما أخرجه مسلم (1333) عن عائشة لقالت: قال رسول اللهصلى الله
عليه وسلم : (يا عائشة! لولا أن قومك حديثو عهد بشرك لهدمت الكعبة فألزقتها
بالأرض، وجعلت لها بابين: بابـًا شرقيـًا وبابـًا غربيـًا، وزدت فيها ستة أذرع من
الحجر، فإن قريشًا اقتصرتها حيث بنت الكعبة)، وقال في شرح مسلم: «لا يصح طوافه في
شيء من الحجر ولا على جداره، ولا يصح حتى يطوف خارجـًا من جميع الحجر، وهذا هو
الصحيح، وهو الذي نص عليه الشافعي، وبه قال جميع علماء المسلمين، سوى أبي حنيفة
فإنه قال: إن طاف في الحجر وبقي في مكة أعاده، وإن رجع من مكة بلا إعادة أراق دمًا
وأجزأه طوافه».







([13]) أي: نقض
الوضوء بملامسة بشرة الرجل للمرأة، كما هو مذهب الشافعية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://2et2.yoo7.com/forum
حمدان
ديري مبدع
ديري مبدع
حمدان


الساعة :
دعاء
عدد المساهمات : 1104
نقاط : 2370
التقيم : 28
تاريخ التسجيل : 05/05/2012

 الجامع لأحكام الحج والعمرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجامع لأحكام الحج والعمرة    الجامع لأحكام الحج والعمرة Icon_minitimeالخميس مايو 10, 2012 10:16 am

(1)
إلى الأكل، وما في
معنى ذلك، كما تكره الصلاة في هذه الأحوال.(283)



(2)
يجب أن يصون نظره عما
لا يحل له النظر إليه؛ من امرأة، وأمرد حسن الصورة، فليحذر ذلك؛ لاسيما في هذه
المواطن الشريفة، ويصون نظره وقلبه عن احتقار من يراه من ضعفاء المسلمين أو غيرهم؛
كمن في بدنه نقص، أو جهل شيئًا من المناسك أو غلط، فينبغي أن يعلمه ذلك برفق.(285)



(3)
إذا فرغ من الطواف صلى
ركعتي الطواف، وهما سنة مؤكدة على الأصح.(286)



(4)
السنة أن يصلي ركعتي
الطواف خلف المقام، فإن لم يصلهما خلف المقام لزحمة أو غيرها صلاهما في الحِجر،
فإن لم يفعل ففي المسجد، وإلا ففي الحرم، وإلا فخارج الحرم، ولا يتعين لهما مكان
ولا زمان؛ بل يجوز أن يصليهما بعد رجوعه إلى وطنه وفي غيره، ولا يفوتان ما دام
حيًا.(286)



(5)
تمتاز ركعتا الطواف عن
غيرها بشيء: وهو أنها تدخلها النيابة؛ فإن الأجير يصليهما عن المستأجر، هذا هو
الأصح.(287)



(6)
لو أراد أن يطوف
طوافين أو أكثر استحب له أن يصلي عقب كل طواف ركعتين، فلو طاف طوافين أو أكثر بلا
صلاة، ثم صلى لكل طواف ركعتين جاز؛ لكن ترك الأفضل.(288)



(7)
يستحب أن يقرأ في
الركعة الأولى منهما بعد الفاتحة: ((قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ)) [الكافرون]،
وفي الثانية: ((قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)) [الإخلاص]، ويجهر بالقراءة إن صلاهما
ليلاً، ويسر إن كان نهارًا.(288)



(Cool
إذا فرغ من ركعتي
الطواف، فالسنة أن يرجع إلى الحجر الأسود فيستلمه، ثم يخرج من باب الصفا إلى
المسعى، ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(291)



(9)
الصحيح -وهو قول
جماهير أصحابنا وغيرهم- أن لا يشتغل عقب الصلاة إلا بالاستلام ثم الخروج إلى السعي.(292)



(10)
إذ صعد على الصفا يدعو
بما أحب من أمر الدين والدنيا، وحسن أن يقول: اللهم إنك قلت وقولك الحق: ((ادْعُونِي
أَسْتَجِبْ لَكُمْ)) [غافر:60]، وإنك لا تخلف الميعاد، وإني أسألك كما هديتني
للإسلام أن لا تنزعه مني، وأن تتوفاني مسلمًا، ثم يضم إليه ما شاء من الدعاء، ولا
يلبي على الأصح.(295)



(11)
يجب أن يقطع جميع
المسافة بين الصفا والمروة، فلو بقي منها بعض خطوة لم يصح سعيه.(297)



(12)
قال بعض أصحابنا: يجب
الرقي على الصفا والمروة بقدر قامة، وهذا ضعيف، والصحيح المشهور أنه لا يجب.(297)



(13)
يحسب الذهاب من الصفا
مرة، والعود من المروة مرة ثانية، هذا هو المذهب الصحيح الذي قطع به جماهير
العلماء من أصحابنا وغيرهم، وعليه عمل الناس في الأزمان المتقدمة والمتأخرة.(298)



(14)
ذهب جماعة من أصحابنا
إلى أنه يستحب الذهاب والعود مرة واحدة، قاله من أصحابنا: أبو عبد الرحمن ابن بنت
الشافعي، وأبو حفص بن الوكيل، وأبو بكر الصيرفي، وهذا قول فاسد لا اعتداد به ولا
نظر إليه، وإنما ذكرته للتنبيه على ضعفه؛ لئلا يغتر به من وقف عليه، والله تعالى
أعلم.(298)



(15)
يجب أن يكون السعي بعد
طواف صحيح؛ سواء كان بعد طواف القدوم أو طواف الزيارة، ولا يتصور وقوعه بعد طواف
الوداع؛ لأن طواف الوداع هو المأتي به بعد فراغ المناسك، وإذا بقي السعي لم يكن
المأتي به طواف وداع.(299)



(16)
إذا سعى بعد طواف
القدوم أجزأه، ووقع ركنًا، وتكره إعادته بعد طواف الإفاضة؛ لأن السعي ليس من
العبادات المستقلة التي يشرع تكريرها والإكثار منها، وثبت في الصحيح عن جابر رضي
الله عنه قال: (لم يطف رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه رضي الله عنهم بين
الصفا والمروة إلا طوافًا واحدًا، وهو طوافه الأول)([1]).(300)



(17)
أما المرأة فالأصح
أنها لا تسعى أصلاً؛ بل تمشي على هينتها بكل حال.(304)



(18)
إذا كثرت الزحمة
فينبغي أن يتحفظ من إيذاء الناس، وترك هيئة السعي أهون من إيذاء المسلم، أو من
تعرض نفسه إلى الأذى.(304)



(19)
إذا عجز عن السعي
الشديد في موضعه للزحمة، تشبه في حركته بالساعي.(304)



(20)
خطب الحج أربع خطب:
إحداهن يوم السابع بمكة، والثانية: يوم عرفة، والثالثة: يوم النحر بمنى، والرابعة:
يوم النفر الأول بمنى أيضًا، وكلهن أفراد وبعد صلاة الظهر، إلا التي بعرفة فإنهما
خطبتان وقبل صلاة الظهر.(307)



(21)
يخرج الحجاج إلى منى
اليوم الثامن بعد صلاة الصبح بمكة، بحيث يصلون الظهر بمنى، وهذا هو المذهب الصحيح
المشهور من نصوص الشافعي والأصحاب رحمهم الله تعالى.(309)



(22)
إن كان اليوم الثامن
يوم الجمعة خرجوا قبل طلوع الفجر؛ لأن السفر يوم الجمعة إلى حيث لا تُصلى الجمعة
حرام أو مكروه، وهم لا يصلون الجمعة بمنى ولا بعرفات؛ لأن شرطها دار الإقامة.(310)



(23)
اليوم الثامن من ذي
الحجة يسمى: يوم التروية؛ فإنهم يتروون ومعهم الماء من مكة، واليوم التاسع: يوم
عرفة، واليوم العاشر يوم النحر، والحادي عشر: القَرّ، بفتح القاف وتشديد الراء؛
لأنهم يقرون فيه بمنى، والثاني عشر يوم النفر الأول، والثالث عشر: يوم النفر
الثاني.(312)



(24)
أما ما يفعله الناس في
هذه الأزمان من دخولهم أرض عرفات في اليوم الثامن فخطأ مخالف للسنة.(315)



(25)
الأصح أن الجمع بعرفة
بسبب السفر، فيختص بالمسافر سفرًا طويلاً، وهو مرحلتان، ولا يقصر إلا من كان
مسافرًا طويلاً بلا خلاف، وإذا سلم الإمام قال: يا أهل مكة ومن سفره قصير أتموا
فإن قوم سفر.(316)



(26)
عرفات كلها موقف، ففي
أي موضع وقف منها أجزأه؛ لكن أفضلها موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو عند
الصخرات الكبار المفترشة في أسفل جبل الرحمة، وهو الجبل الذي بوسط عرفات، ويقال له:
إلال.(318)



(27)
اعلم أنه ليس من عرفات
وادي عرنة، ولا نمرة، ولا المسجد الذي يصلي فيه الإمام المسمى مسجد إبراهيم عليه
السلام، ويقال له أيضًا: مسجد عرنة؛ بل هذه المواضع خارج عرفات على طرفها الغربي
مما يلي مزدلفة ومنى ومكة، وهذا الذي ذكرناه -من كون المسجد ليس من عرفات- هو نص
الشافعي رحمه الله.(320)



(28)
واجب الوقوف بعرفات
شيئان:



أحدهما: كونه في وقته
المحدود، وهو من زوال الشمس يوم عرفة إلى طلوع الفجر ليلة العيد، فمن حصل بعرفة في
لحظة لطيفة من هذا الوقت صح وقوفه وأدرك الحج.



والثاني: كونه أهلاً للعبادة،
وسواء فيه الصبي والنائم وغيرهما، وأما المغمى عليه والسكران فلا يصح وقوفهما؛
لأنهما ليسا من أهل العبادة.(321)



(29)
سواء حضر عرفات عمدًا -أي:
تعمد الدخول- أو وقف مع الغفلة، أو مع البيع والشراء، أو التحدث واللهو، أو في
حالة النوم، أو اجتاز بعرفات في وقت الوقوف وهو لا يعلم أنها عرفات، ولم يلبث أصلاً؛
بل اجتاز مسرعًا في طرف من أرضها المحدودة، أو كان نائمًا على بعيره، فانتهى به
البعير إلى عرفات، فمر بها البعير ولم يستيقط راكبه حتى فارقها، أو اجتازها في طلب
غريم هارب بين يديه، أو بهيمة شاردة، أو غير ذلك مما هو في معناه؛ صح وقوفه في
جميع ذلك، ولكن يفوته كمال الفضيلة.(322)



(30)
ما اشتهر عند العوام
من الاعتناء بالوقوف على جبل الرحمة الذي بوسط عرفات، وترجيحهم له على غيره من أرض
عرفات، حتى ربما توهم كثير من جهلتهم أنه لا يصح الوقوف إلا به؛ فخطأ مخالف للسنة.(323)



(31)
الأفضل أن يكون مفطرًا
فلا يصوم؛ سواء كان يضعف به أم لا؛ لأن الفطر أعون له على الدعاء، وقد ثبت في
الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف مفطرًا، والله تعالى أعلم.(325)



(32)
لا بأس بالدعاء
المسجوع إذا كان محفوظًا، أو قاله بلا تكلف ولا فكر فيه؛ بل يجري على لسانه من غير
تكلف لترتيبه وإعرابه وغير ذلك مما يشغل قلبه، ويستحب أن يخفض صوته بالدعاء، ويكره
الإفراط في رفع الصوت، وينبغي أن يكثر من التضرع فيه والخشوع، وإظهار الضعف
والافتقار والذلة، ويلح في الدعاء، ولا يستبطئ الإجابة؛ بل يكون قوي الرجاء
للإجابة، ويكرر كل دعاء ثلاثًا، ويفتتح دعاءه بالتحميد لله تعالى والتسبيح،
والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويختمه بمثل ذلك، وليكن
متطهرًا، متباعدًا عن الحرام والشبهة في طعامه وشرابه، ولباسه ومركوبه، وغير ذلك
مما معه؛ فإن هذه من آداب جميع الدعوات، وليختم دعاءه بـ(آمين)، وليحذر كل الحذر
من التقصير في ذلك، فإن هذا اليوم لا يمكن تداركه، بخلاف غيره.(326)



(33)
الأفضل للواقف أن لا
يستظل؛ بل يبرز للشمس، إلا لعذر؛ بأن يتضرر، أو أن ينقص دعاؤه واجتهاده.(330)



(34)
ينبغي أن يبقى في
الموقف حتى تغرب الشمس، فيجمع في وقوفه بين الليل والنهار، فإن أفاض قبل غروب
الشمس فعاد إلى عرفات قبل طلوع الفجر فلا شيء عليه، وإن لم يعد بعد أراق دمًا،
والأصح أن ذلك مستحب.(330)



(35)
إذا غلط الحجاج فوقفوا
في غير يوم عرفة نُظر: إن غلطوا بالتأخير فوقفوا العاشر من ذي الحجة؛ أجزأهم وتم
حجهم ولا شيء عليهم، وسواء بان الغلط بعد الوقوف أو حال الوقوف، ولو غلطوا فوقفوا
في الحادي عشر، أو غلطوا في التقديم فوقفوا في الثامن، أو غلطوا في المكان فوقفوا
في أرض غير أرض عرفات؛ فلا يصح حجهم بحال، ولو وقع الغلط بالوقوف في العاشر لطائفة
يسيرة لا للحجيج لم يجزهم على الأصح، ولو شهد واحد أو عدد برؤية هلال ذي الحجة
فردت شهادتهم؛ لزم الشهود الوقوف في التاسع عندهم، وإن كان الناس يقفون بعده.(333)



(36)
لو أن محرمًا بالحج
سعى إلى عرفة فقرب منها قبل طلوع الفجر ليلة النحر، بحيث بقي بينه وبينها قدر يسع
صلاة العشاء، ولم يكن بعد صلى العشاء، فقد تعارض في حقه أمر الوقوف وصلاة العشاء؛
فالصحيح أنه يذهب لإدراك الوقوف؛ فإنه يترتب على فواته مشاق كثيرة؛ من وجوب القضاء،
ووجوب الدم للقضاء، وربما تعذر القضاء، وفيه تغرير عظيم بالحج، فينبغي أن يحافظ
عليه ويؤخر الصلاة؛ فإنه يجوز تأخيرها بعذر الجمع، وهذا أشد حاجة منه.(337)



(37)
من البدع القبيحة: ما
اعتاده العوام في هذه الأزمان من إيقاد الشمع بجبل عرفات ليلة التاسع، وهذه ضلالة
فاحشة جمعوا فيها أنواعـًا من القبائح: منها إضاعة المال في غير وجهه، ومنها:
إظهار شعار المجوس في النار، ومنها: اختلاط النساء بالرجال والشموع بينهم ووجوههن
بارزة، ومنها: تقديم دخول عرفات على وقته المشروع، ويجب على ولي الأمر وكل من
يتمكن من إزالة هذه البدع إنكارها وإزالتها.(338)



(38)
حد المزدلفة ما بين
مأزمي عرفة المذكورين، وقرب محسِّر يمينًا وشمالاً من تلك المواطن القوابل
والظواهر والشعاب والجبال، فكلها من مزدلفة، وليس المأزمان ولا وادي محسِّر من
مزدلفة، وسمي بذلك لأن فيل أصحاب الفيل حسر فيه، أي: أعيا وكل عن المسير، وهو وادٍ
بين منى والمزدلفة.(339)



(39)
اعلم أن بين مكة ومنى
فرسخًا، ومزدلفة متوسطة بين عرفات ومنى، بينها وبين كل واحد منهما فرسخ، وهو ثلاثة
أميال.(341)



(40)
وقت الاختيار للعشاء
هو ثلث الليل على القول الأصح.(342)



(41)
إذا وصلوا مزدلفة
باتوا، وهذا المبيت نسك، ويحصل هذا المبيت بالحضور في أي بقعة من مزدلفة، ويستحب
أن يبقى بمزدلفة حتى يطلع بها الفجر ويصلي.(344)



(42)
ليلة العيد ليلة عظيمة
جامعة لأنواع من الفضل، منها شرف الزمان والمكان؛ فإن المزدلفة من الحرم -كما سبق-
وانضم إلى هذا جلالة أهل الجمع الحاضرين بها، وهم وفد الله وخير عباده، ومن لا
يشقى بهم جليسهم، فينبغي أن يعتني الحاضر بها بإحيائها بالعبادة؛ من الصلاة
والتلاوة والذكر والدعاء والتضرع.(346)



(43)
يتأهب بعد نصف الليل،
ويأخذ من المزدلفة حصى الجمار لجمرة العقبة يوم النحر، وهي سبع حصيات، والاحتياط
أن يزيد؛ فربما سقط منها شيء.(346)



(44)
من أي موضع أخذ الجمار
جاز؛ لكن يكره من المسجد، ومن الحش، ومن المواضع النجسة، ومن الجمرات التي رماها
هو أو غيره، ولو رمى بكل ما كرهناه جاز.(348)



(45)
السنة أن يقدم الضعفة
من النساء وغيرهن قبل طلوع الفجر إلى منى؛ ليرموا جمرة العقبة قبل زحمة الناس،
ويكون تقديمهم بعد نصف الليل، وأما غيرهم فيمكثون حتى يصلوا الصبح بمزدلفة، فإذا
صلوها دفعوا متوجهين إلى منى، فإذا وصلوا قُزح -وهو آخر المزدلفة، وهو جبل صغير،
وهو المشعر الحرام- صعده إن أمكنه، وإلا وقف عنده أو تحته، ويقف مستقبل الكعبة،
فيدعو ويحمد الله تعالى، ويكبره ويهلله ويوحده.(350)



(46)
اعلم أن حد منى ما بين
وادي محسِّر وجمرة العقبة، ومنى طوله نحو ميلين وعرضه يسير، والجبال المحيطة به ما
أقبل منها عليه فهو من منى، وما أدبر منها فليس من منى.(354)



(47)
الأعمال المشروعة يوم
النحر أربعة: رمي جمرة العقبة، ثم ذبح الهدي، ثم الحلق، ثم الذهاب إلى مكة لطواف
الإفاضة، وهي على هذا الترتيب مستحبة، فلو خالف فقدم بعضها على بعض جاز وفاتته
الفضيلة، ويدخل في وقت الرمي والحلق والطواف بنصف الليل من ليلة العيد.(355)



(48)
أما الحلق والطواف فلا
آخر لوقتهما؛ بل يبقيان ما دام حيـًا ولو طال سنين متكاثرة.(356)



(49)
ينبغي إذا وصل منى أن
لا يعرج على شيء قبل جمرة العقبة، وتسمى الجمرة الكبرى، وهي تحية منى، فلا يبدأ
قبلها بشيء، ويرميها قبل نزوله وحط رحله.(356)



(50)
الصحيح المختار في
كيفية وقوفه ليرميها: أن يقف تحتها في بطن الوادي، فيجعل مكة عن يساره ومنى عن
يمينه ويستقبل العقبة ثم يرمي.(357)



(51)
السنة أن يرفع يده في
رميها حتى يرى بياض إبطه، ولا ترفع المرأة.(359)



(52)
يجب أن يرمي سبع مرات
بما يسمى حجرًا بحيث يسمى رميـًا، فيرمي سبع حصيات واحدة واحدة حتى يستكملهن، فلو
وضع الحجر في المرمى لم يعتد به؛ لأنه لا يسمى رميًا.(361)



(53)
يشترط قصد المرمى، فلو
رمى في الهواء فوقع في المرمى لم يعتد به.(361)



(54)
لا يشترط بقاء الحصاة
في المرمى؛ فلا يضر تدحرجها أو خروجها بعد الوقوع فيه.(361)



(55)
لا يشترط وقوف الرامي
خارج المرمى؛ فلو وقف في طرف المرمى ورمى إلى طرفه الآخر أجزأه.(361)



(56)
لو انصدمت الحصاة
المرمية بالأرض خارج الجمرة، أو بمحمل في الطريق، أو عنق بعير، أو ثوب إنسان، ثم
ارتدت فوقعت في المرمى اعتد بها؛ لحصولها في المرمى بفعله من غير معاونة، ولو حرك
صاحب المحمل فنفضها، أو صاحب الثوب، أو تحرك البعير فدفعها فوقعت في المرمى لم
يعتد بها، ولو وقعت على المحمل أو عنق البعير، ثم تدحرجت إلى المرمى، ففي الاعتداد
بها وجهان لأصحابنا، أظهرهما لا يعتد بها.(361)



(57)
لو وقعت في غير المرمى
ثم تدحرجت إلى المرمى، أو ردتها الريح إليه اعتد بها على الأصح.(362)



(58)
لا يجزئ الرمي عن
القوس، ولا الدفع بالرجل.(363)



(59)
لو شك في وقوع الحصاة
في المرمى لم يعتد بها على المذهب الصحيح.(363)



(60)
يشترط أن يرمي الحصيات
في سبع مرات، فلو رمى حصاتين أو سبعًا دفعة واحدة فوقعت في المرمى معًا، أو بعضهن
بعد بعض؛ لم تحسب إلا حصاة واحدة.(363)



(61)
لو رمى حصاة ثم أتبعها
حصاة أخرى حسبت الحصاتان رميتين؛ سواء وقعتا معًا أو الثانية قبل الأولى أو عكسه.(363)



(62)
لو رمى بحجر قد رمى به
غيره، أو رمى به إلى جمرة أخرى، أو إلى هذه الجمرة في يوم آخر؛ أجزأه بلا خلاف.(363)



(63)
وإن رمى به هو إلى تلك
الجمرة في ذلك اليوم أجزأه أيضًا على الأصح.(363)



(64)
شرط ما يرمى به كونه
حجرًا، فيجزئ المرمر، والبرام، والكذان، وسائر أنواع الحجر، ويجزئ حجر الحديد على
المذهب الصحيح؛ لأنه حجر في الحال، إلا أن فيه حديدًا كامنًا يستخرج بالعلاج،
وفيما يتخذ منه الفصوص كالفيروز، والياقوت، والعقيق، والزمرد، والبلور، والزبرجد،
وجهان لأصحابنا، أصحهما الإجزاء؛ لأنهما أحجار، ويجزئ ما لا يسمى حجرًا كاللؤلؤ،
والزرنيخ، والإثمد، والمدر، والجص، والذهب، والفضة، والنحاس، والحديد، وسائر
الجواهر المنطبعة.(363)



(65)
من عجز عن الرمي بنفسه
لمرض أو حبس يستنيب من يرمي عنه، ويستحب أن يناول النائب الحصى إن قدر ويكبر هو،
وإنما تجوز النيابة لعاجز بعلة لا يرجى زوالها قبل خروج وقت الرمي، ولا يمنع
زوالها بعده.(364)



(66)
لا يصح رمي النائب عن
المستنيب إلا بعد رميه عن نفسه، فلو خالف وقع عن نفسه كأصل الحج، ولو أغمي عليه
ولم يأذن لغيره في الرمي لم يجز الرمي عنه، ولو أذن أجزأ الرمي عنه على الأصح.(365)



(67)
لو رمى النائب ثم زال
عذر المستنيب والوقت باقٍ، فالمذهب الصحيح أنه ليس عليه إعادة الرمي.(366)



(68)
سوق الهدي لمن قصد مكة
حاجًا أو معتمرًا سنة مؤكدة أعرض أكثر الناس أو كلهم عنها في هذه الأزمان، والأفضل
أن يكون هديه معه من الميقات مشعرًا مقلدًا، ولا يجب ذلك إلا بالنذر، وإذا ساق هديًا
تطوعًا أو منذورًا؛ فإن كان بدنة أو بقرة استحب له أن يقلدها نعلين، وليكن لهما
قيمة ليتصدق بهما، وأن يشعرها أيضًا.(367)



(69)
اعلم أن الأفضل سوق
الهدي من بلده، فإن لم يكن فمن طريقه من الميقات أو غيره، أو مكة أو منى.(369)



(70)
صفات الهدي المطلق
كصفات الأضحية المطلقة، ولا يجزئ فيهما جميعـًا إلا الجذع من الضأن، أو الثني من
المعز أو الإبل أو البقر، ولا يجزئ فيهما معيب بعيب يؤثر في نقص اللحم تأثيرًا
بينًا، ولا يجزئ ما قطع من أذنه جزء بيّن، ويجزئ الخصي، وذاهب القرن، والتي لا
أسنان لها إذا لم تكن هزلت، وتجزئ الشاة عن واحد، والبدنة عن سبعة، والبقرة عن
سبعة؛ سواء كانوا أهل بيت واحد أو أجانب، ولو كان بعضهم يريد اللحم وبعضهم يريد
الأضحية جاز.(372)



(71)
اعلم أن الشاة أفضل من
المشاركة بسبع بدنة.(372)



(72)
لو نذر شاة أضحية ثم
حدث بها عيب ينقص اللحم لم يبال به؛ بل يذبحها على ما هي عليه ويجزئ، هذا هو
المذهب الصحيح.(372)



(73)
يستحب للرجل أن يتولى
ذبح هديه وأضحيته بنفسه، ويستحب للمرأة أن تستنيب رجلاً يذبح عنها.(374)



(74)
يستحب أن يوجه مذبح
الذبيحة إلى القبلة، وأن يسمي الله تعالى عند الذبح ويصلي على النبي صلى الله عليه
وسلم.(375)



(75)
لو ضحى عن غيره بغير
إذنه، أو عن ميت لا يقع عنه، إلا أن يكون قد أوصاه الميت، ولا يقع عن المباشر
أيضًا؛ لأنه لم ينوها عن نفسه، إلا أن يكون جعلها منذورة.(376)



(76)
لا يجوز بيع شيء من
الأضحية ولا الهدي؛ سواء كان واجبًا أو تطوعًا، فيحرم بيع شيء من لحمها وجلدها
وشحمها، وغير ذلك من أجزائها، فإن كانت واجبة وجب التصدق بجلدها وغيره من أجزائها،
وإن كانت تطوعـًا جاز الانتفاع بجلدها، وادخار شحمها وبعض لحمها للأكل والهدية.(377)



(77)
يدخل وقت ذبح الأضحية
والهدي المتطوع بهما والمنذورين إذا مضى قدر صلاة العيد وخطبتين معتدلتين بعد طلوع
الشمس يوم النحر، ويبقى إلى غروب الشمس من آخر أيام التشريق، ويجوز في الليل لكنه
مكروه، والأفضل أن يذبح عقيب رمي جمرة العقبة قبل الحلق.(378)



(78)
أما الدماء الواجبة في
الحج بسبب التمتع أو القران، أو اللبس، أو غير ذلك من فعل محظور أو ترك مأمور،
فوقتها من حين وجوبها بوجود سببها، ولا تختص بيوم النحر ولا غيره؛ لكن الأفضل فيما
يجب منها في الحج أن يذبحه يوم النحر بمنى في وقت الأضحية.(380)



(79)
لا يجوز أن يأكل من
المنذور شيئًا أصلاً، ويجب تفريق جميع لحمه وأجزائه.(380)



(80)
لو عطب الهدي في
الطريق؛ فإن كان تطوعـًا فعل به ما شاء من بيع وأكل وغيرهما، وإن كان واجبًا لزمه
ذبحه، فإن تركه فمات ضمنه، وإذا ذبحه غمس النعل التي قلده بها في دمه وضرب بها
سنامه وتركه؛ ليعلم من مر به أنه هدي فيأكل منه، ولا يتوقف إباحة الأكل منه على
قوله: أبحته، على الأصح، ولا يجوز للمهدي ولا لأحد من رفقته الأغنياء ولا الفقراء
الأكل منه.(381)



(81)
اعلم أن الصحيح في
الحلق والتقصير أنه نسك مأمور به، وهو ركن لا يصح الحج إلا به، ولا يجبر بدم ولا
غيره، ولا يفوت وقته ما دام حيـًا؛ لكن أفضل أوقاته أن يكون عقيب النحر، ولا يختص
بمكان؛ لكن الأفضل أن يكون بمنى، فلو فعله في بلد آخر إما في وطنه وإما في غيره
جاز؛ ولكن لا يزال حكم الإحرام جاريًا عليه حتى يحلق.(383)



(82)
الأصح أنه يجزئ
التقصير من أطراف ما نزل من شعر الرأس عن حد الرأس، ويقوم مقام الحلق والتقصير في
ذلك النتف والإحراق، والأخذ بالنورة أو بالقص، والقطع بالأسنان وغيرها، والأفضل أن
يحلق أو يقصر الجميع دفعة واحدة.(385)



(83)
من نذر الحلق في وقته
فيلزمه الجميع، ولا يجزئه التقصير، ولا النتف، ولا الإحراق، ولا النورة، ولا القص،
ولابد في حلقه من استئصال جميع الشعر.(386)



(84)
أما المرأة فلا تحلق
بل تقصر، ويستحب أن يكون تقصيرها بقدر أنملة من جميع جوانب رأسها.(388)



(85)
طواف الإفاضة ركن لا
يصح الحج بدونه، ووقت هذا الطواف يدخل بنصف ليلة النحر، ويبقى إلى آخر العمر،
والأفضل في وقته أن يكون في يوم النحر، ويكره تأخيره إلى أيام التشريق من غير عذر،
وتأخيره إلى ما بعد أيام التشريق أشد كراهة، وخروجه من مكة بلا طواف أشد كراهة،
ولو طاف للوداع ولم يكن طاف للإفاضة وقع عن طواف الإفاضة، ولو لم يطف أصلاً لم تحل
له النساء، وإن طال الزمان ومضت عليه سنون، والأفضل أن يفعل هذا الطواف يوم النحر
قبل زوال الشمس، ويكون ضحوة بعد فراغه من الأعمال الثلاثة.(389)



(86)
للحج تحللان: أول
وثانٍ يتعلقان بثلاثة من هذه الأعمال الأربعة، وهي: رمي جمرة العقبة، والحلق،
والطواف مع السعي إن لم يكن سعى، وأما النحر فلا مدخل له في التحلل، فيحصل التحلل
الأول باثنين من ثلاثة، ويحصل التحلل الثاني بالعمل الباقي من الثلاثة، هذا على
المذهب الصحيح المختار، إلا الاستمتاع بالنساء فإنه يستمر تحريم الجماع حتى يتحلل
التحللين، وكذا يستمر تحريم المباشرة بغير الجماع على الأصح، أما العمرة فليس لها
إلا تحلل واحد، وهو بالطواف والسعي والحلق.(393)



(87)
يستحب للحجاج بمنى أن
يكبروا عقب صلاة الظهر يوم النحر، وما بعدها من الصلوات التي يصلونها بمنى، وآخرها
الصبح من اليوم الثالث من أيام التشريق.(395)



(88)
الأقوى أن غير الحجاج
يكبرون من صلاة الصبح يوم عرفة إلى أن يصلوا العصر من آخر أيام التشريق.(395)



(89)
الصحيح أن يوم الحج
الأكبر هو يوم النحر؛ لأن معظم أعمال المناسك فيه، وإنما قيل له: الحج الأكبر، من
أجل قول الناس: العمرة الحج الأصغر.(397)



(90)
أيام التشريق هي
الثلاثة بعد يوم النحر؛ سميت به لأن الناس يشرقون فيها لحوم الهدايا والضحايا، أي:
ينشرونها في الشمس ويقددونها، وهذه الأيام الثلاثة هي الأيام المعدودات.(397)



(91)
وأما الأيام المعلومات
فهي العشر الأول من ذي الحجة، يوم النحر منها وهو آخرها.(397)



(92)
ينبغي أن يبيت بمنى في
لياليها، والأظهر أنه واجب.(397)



(93)
المعتبر أن يكون
حاضرًا بها عند طلوع الفجر، ولو ترك المبيت في الليالي الثلاث جبرهن بدم واحد، وإن
ترك ليلة فالأصح أنه يجبرها بمد من طعام، وقيل: بثلث دم.(397)



(94)
إن ترك المبيت ليلة
المزدلفة وحدها جبرها بدم، وإن تركها مع الليالي بمنى لزمه دمان على الأصح.(399)



(95)
من ترك مبيت مزدلفة أو
منى لعذر فلا شيء عليه.(400)



(96)
لو انتهى ليلة العيد
إلى عرفات فاشتغل بالوقوف عن مبيت مزدلفة فلا شيء عليه، وإنما يؤمر بالمبيت
المتفرغون.(402)



(97)
يجب أن يرمي في كل يوم
من أيام التشريق الجمرات الثلاث، كل جمرة بسبع حصيات، فيأتي الجمرة الأولى، وهي
تلي مسجد الخيف، وهي أولهن من جهة عرفات، فيأتيها من أسفل منى، ويصعد إليها
ويعلوها، ويستقبل القبلة ثم يرميها بسبع حصيات واحدة واحدة، ويكبر عقب كل حصاة، ثم
يتقدم عنها وينحرف قليلاً ويجعلها في قفاه، ويقف في موضع لا يصيبه المتطاير من
الحصى الذي يرمى به، ويستقبل القبلة ويحمد الله تعالى، ويكبر ويهلل ويسبح ويدعو،
مع حضور القلب وخشوع الجوارح، ويمكث كذلك قدر سورة البقرة، ثم يأتي الجمرة الثانية،
وهي الوسطى، ويصنع فيها كما صنع في الأولى، ويقف للدعاء كما وقف في الأولى، إلا
أنه لا يتقدم عن يساره كما فعل في الأولى؛ لأنه لا يمكنه ذلك فيها؛ بل يتركها
بيمين ويقف في بطن المسيل منقطعـًا عن أن يصيبه الحصى، ثم يأتي الجمرة الثالثة،
وهي جمرة العقبة التي رماها يوم النحر، فيرميها من بطن الوادي، ولا يقف عندها
للدعاء.(403)



(98)
لا يصح الرمي في هذه
الأيام إلا بعد زوال الشمس، ويبقى وقته إلى غروبها.(404)



(99)
العدد شرط في الرمي،
فيرمي كل يوم إحدى وعشرين حصاة، إلى كل جمرة سبع حصيات، كل حصاة برمية.(405)



(100) الترتيب
بين الجمرات شرط؛ فيبدأ بالجمرة الأولى، ثم يرمي الوسطى، ثم جمرة العقبة، ولا يجزئه
غير ذلك، فلو ترك حصاة لم يدر من أين تركها جعلها من الأولى، فيلزمه أن يرمي إليها
حصاة ثم يرمي الجمرتين الأخيرتين.(405)



(101) الموالاة
بين رمي الجمرات ورميات الجمرة الواحدة سنة على الأصح.(405)



(102) إذا
ترك شيئًا من الرمي نهارًا، فالأصح أنه يتداركه فيرميه ليلاً، أو فيما بقي من أيام
التشريق؛ سواء تركه عمدًا أو سهوًا، وإذا تداركه فيها فالأصح أنه أداء لا قضاء،
وإذا لم يتداركه حتى زالت الشمس من اليوم الذي يليه فالأصح أنه يجب عليه الترتيب.(405)



(103) اعلم
بأنه يفوت كل الرمي بأنواعه بخروج أيام التشريق من غير رمي، ولا يؤدى شيء منه
بعدها لا أداء ولا قضاءً، ومتى فات الرمي ولم يتداركه حتى خرجت أيام التشريق وجب
عليه جبره بالدم، فإن كان المتروك ثلاث حصيات أو أكثر، أو جميع رمي أيام التشريق
ويوم النحر؛ لزمه دم واحد على الأصح، وإن ترك حصاة واحدة من الجمرة الأخيرة في
اليوم الأخير؛ لزمه مد من طعام على الأظهر، وفي حصاتين مدان.(406)



(104) يستحب
الإكثار من الصلاة في مسجد الخيف.(410)



(105) يستحب
أن يحافظ على صلاة الجماعة مع الإمام في الفرائض.(410)



(106) يسقط
رمي اليوم الثالث عمن نفر النفر الأول، وهو اليوم الثاني من أيام التشريق، وهذا
النفر وإن كان جائزًا فالتأخير إلى اليوم الثالث أفضل.(411)



(107) لا
يرمي في اليوم الثاني عن الثالث.(411)



(108) لو
لم ينفر المتعجل حتى غربت الشمس وهو بعد في منى؛ لزمه المبيت بها، والرمي في اليوم
الثالث بعد زوال الشمس ثم ينفر، ولو رحل فغربت الشمس قبل انفصاله من منى فله
الاستمرار في السير، ولا يلزمه المبيت بها ولا الرمي، ولو غربت وهو في شغل
الارتحال جاز النفر على الأصح، ولو نفر قبل الغروب وعاد إلى منى لحاجة قبل الغروب
أو بعده جاز النفر على الأصح.(411)



(109) العمرة
فرض على المستطيع كالحج؛ هذا هو المذهب الصحيح، ولا تجب العمرة إلا مرة واحدة
كالحج، ولكن يستحب الإكثار منها لا سيما في رمضان.(418)



(110) لو
أحرم بالعمرة في الحرم انعقد إحرامه، ويلزمه الخروج إلى الحل محرمـًا، ثم يدخل
فيطوف ويسعى ويحلق، وقد تمت عمرته ولا دم عليه.(421)



(111) لا
يصح إحرام الحاج بالعمرة أيام التشريق، وكذا لا يصح إحرامه بها بعد التحللين ما
دام مقيمًا بمنى للرمي.(422)



(112) لو
جامع قبل التحلل فسدت عمرته، حتى لو طاف وسعى وحلق شعرتين فجامع قبل أن يحلق
الشعرة الثالثة فسدت عمرته، وحكم فسادها كالحج، فيجب المضي في فاسدها، ويلزمه
القضاء، ويجب عليه بدنة.(424)













([1]) رواه
مسلم (1215)، وقال في الشرح: «يعني النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان من أصحابه
قارنًا، فهؤلاء لم يسعوا بين الصفا والمروة إلا مرة واحدة، وأما من كان متمتعًا
فإنه سعى سعيين: سعيًا لعمرته، ثم سعيًا آخر لحجه يوم النحر».
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://2et2.yoo7.com/forum
حمدان
ديري مبدع
ديري مبدع
حمدان


الساعة :
دعاء
عدد المساهمات : 1104
نقاط : 2370
التقيم : 28
تاريخ التسجيل : 05/05/2012

 الجامع لأحكام الحج والعمرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجامع لأحكام الحج والعمرة    الجامع لأحكام الحج والعمرة Icon_minitimeالخميس مايو 10, 2012 10:17 am

(1)
مكة أفضل بقاع الأرض
عندنا، وهو قول أكثر الفقهاء.(425)



(2)
ينبغي للحاج أن يغتنم
بعد قضاء مناسكه مدة مقامه بمكة، ويستكثر من الاعتمار ومن الطواف في المسجد الحرام.(427)



(3)
يستحب التطوع بالطواف
لكل أحد، سواء الحاج وغيره، ويستحب في الليل والنهار، وفي أوقات كراهة الصلاة، ولا
يكره في ساعة من الساعات، وكذا لا تكره صلاة التطوع في وقت من الأوقات بمكة ولا
بغيرها من بقاع الحرم كله، بخلاف غير مكة.(430)



(4)
لا يرمل ولا يضطبع في
الطواف خارج الحج بلا خلاف.(431)



(5)
لا
يقبل مقام إبراهيم ولا يستلمه؛ فإنه بدعة.(431)



(6)
يستحب لمن جلس في
المسجد الحرام أن يكون وجهه إلى الكعبة، فيقرب منها وينظر إليها إيمانًا واحتسابًا؛
فإن النظر إليها عبادة، فقد جاءت آثار كثيرة في فضل النظر إليها([1]).(432)



(7)
إذا دخل البيت فليكن
شأنه الدعاء والتضرع إلى الله بخضوع وخشوع مع حضور القلب، وليكثر من الدعوات
المهمة، ولا يشتغل بالنظر إلى ما يلهيه؛ بل يلزم الأدب، وليعلم أنه في أفضل الأرض.(434)



(Cool
ليحذر كل الحذر من
الاغترار بما أحدثه بعض أهل الضلالة في الكعبة المكرمة، قال شيخنا الإمام أبو عمرو
بن الصلاح رحمه الله: ابتدع من قريب بعض الفجرة المحتالين في الكعبة المكرمة أمرين
باطلين عظم ضررهما على العامة:



أحدهما: ما يذكرونه من
العروة الوثقى، عمدوا إلى موضع عالٍ من جدار البيت المقابل لباب البيت فسموه:
العروة الوثقى، وأوقعوا في نفوس العامة أن من ناله بيده فقد استمسك بالعروة الوثقى،
فأحوجوهم إلى أن يقاسوا في الوصول إليها شدة وعناء، ويركب بعضهم ظهر بعض، وربما
صعدت المرأة على ظهر الرجل، ولامست الرجال ولامسوها، فيلحقهم بذلك أنواع من الضرر
دينًا ودنيا.



الثاني: مسمار في وسط البيت
سموه: سرة الدنيا، وحملوا العامة على أن يكشف أحدهم سرته وينبطح على ذلك المسمار؛
ليكون واضعًا سرته على سرة الدنيا، قاتل الله واضع ذلك ومخترعه! والله المستعان.(435)



(9)
يستحب الشرب من ماء
زمزم والإكثار منه، وقد شرب جماعة من العلماء ماء زمزم لمطالب لهم جليلة فنالوها.(439)



(10)
يستحب لمن أراد الشرب
للمغفرة أو الشفاء من مرض ونحوه أن يستقبل القبلة، ثم يذكر اسم الله تعالى، ثم
يقول: اللهم إنه بلغني عن رسولك صلى الله عليه وسلم قال: (ماء زمزم لما شرب له)([2]
اللهم وإني أشربه لتغفر لي، اللهم فاغفر لي، أو اللهم إني أشربه مستشفيًا به من
مرضي، اللهم فاشفني، ونحو هذا.(439)



(11)
يستحب أن يتنفس ثلاثًا،
ويتضلع منه.(439)



(12)
يستحب لمن دخل مكة
حاجـًا أو معتمرًا أن يختم القرآن فيها قبل رجوعه.(439)



(13)
ينبغي أن يقع طواف
الوداع بعد الفراغ من جميع أشغاله، ويعقبه الخروج من غير مكث، فإن مكث بعده لغير
عذر، أو لشغل غير أسباب الخروج؛ كشراء متاعٍ، أو قضاء دينٍ، أو زيارة صديق، أو
عيادة مريضٍ ونحو ذلك؛ فعليه إعادة الطواف.(443)



(14)
اختلف أصحابنا في أن
طواف الوداع من جملة مناسك الحج أم عبادة مستقلة؟ [الأصح أنه عبادة مستقلة]، ومما
يستدل به من السنة لكونه ليس من المناسك: ما ثبت في صحيح مسلم وغيره أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال: (يقيم المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثـًا)([3]
وجه الدلالة: أن طواف الوداع يكون عند الخروج، وسماه قبله قاضيًا للمناسك، وحقيقته
أن يكون قضاها كلها، والله أعلم.(444)



(15)
المذهب الصحيح الذي
جزم به جماعة من أصحابنا: أنه يخرج ويولي ظهره إلى الكعبة، ولا يمشي قهقرى كما
يفعله كثير من الناس، قالوا: بل المشي قهقرى مكروه؛ فإنه ليس فيه سنة مروية ولا
أثر محكي، وما لا أصل له لا يعرج عليه.(446)



(16)
لا يجوز أن يأخذ شيئًا
من تراب الحرم وأحجاره معه إلى بلاده ولا إلى غيره من الحل، وسواء في ذلك تراب نفس
مكة وتراب ما حواليها من جميع الحرم وأحجاره، ويكره إدخال تراب الحل وأحجاره إلى
الحرم، ويجوز إخراج ماء زمزم وغيره من جميع مياه الحرم ونقله إلى جميع البلدان؛
لأن الماء يستخلف بخلاف التراب والحجر.(447)



(17)
لا يجوز أخذ شيء من
طيب الكعبة لا للتبرك ولا لغيره، ومن أخذ شيئًا من ذلك لزمه رده إليها.(448)



(18)
اعلم أن الحرم الكريم
هو ما طاف بمكة وأحاط بها من جوانبها، جعل الله عز وجل له حكمها في الحرمة تشريفًا
لها.(449)



(19)
الأحكام التي يخالف
الحرم فيها غيره من البلاد:



أحدها: أن لا يدخل إليها
أحد إلا بإحرام، وهل ذلك واجب أم مستحب؟ فيه خلاف.



الثاني: يحرم صيده على جميع
الناس، حتى أهل الحرم والمحلين.



الثالث: يحرم شجره وحشيشه.


الرابع: أنه يمنع جميع من
خالف دين الإسلام من دخوله؛ مقيمًا كان أو مارًا.



الخامس: لا تحل لقطته للتملك،
فلا تحل إلا لمنشد.



السادس: تغليظ الدية بالقتل
فيه.



السابع: تحريم دفن المشرك
فيه، ولو دفن فيه نبش ما لم يتقطع.



الثامن: يحرم إخراج أحجاره
وترابه إلى الحل، ويكره إدخال ذلك من الحل إليه.



التاسع: يختص ذبح دماء الحيوانات
والهدايا به.



العاشر: لا دم على المتمتع
والقارن إذا كان من أهله.



الحادي عشر: لا تكره صلاة
النافلة التي لا سبب لها في وقت من الأوقات في الحرم؛ سواء فيه مكة وسائر الحرم.



الثاني عشر: إذا نذر قصده لزمه
الذهاب إليه بحج أو عمرة، بخلاف غيره من المساجد؛ فإنه لا يجب الذهاب إليه إذا
نذره، إلا مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسجد الأقصى على أحد القولين.



الثالث عشر: يحرم استقبال الكعبة
واستدبارها بالبول والغائط في الصحراء.



الرابع عشر: تضعيف الأجر في
الصلوات بمكة، وكذا سائر أنواع الطاعات.



الخامس عشر: يستحب لأهل مكة أن
يصلوا العيد في المسجد الحرام لا في الصحراء.



السادس عشر: إذا نذر النحر وحده
بمكة لزمه النحر بها، وتفرقة اللحم على مساكين الحرم، ولو نذر ذلك في بلد آخر لم
يصح نذره في أصح الوجهين.



السابع عشر: لا يجوز إحرام
المقيم في الحرم بالحج خارجه، والله أعلم.(456)



(20)
مذهبنا أنه يجوز بيع
دور مكة وشراؤها وإجارتها كما يجوز في غيرها.(460)



(21)
مذهبنا أن النبي صلى
الله عليه وسلم فتح مكة صلحًا لا عنوة؛ لكن دخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم متأهبًا
للقتال خوفًا من غدر أهلها.(460)



(22)
اعلم أن لمكة ستة عشر
اسمًا: مَكّة، وبَكّة، والبلد، وأمُّ القرى، والبلد الأمين، وأم رُحْم؛ لأن الناس
يتراحمون ويتواصلون فيها، وصَلاحِ؛ سميت بذلك لأمنها، ويقال لها المُقدَّسة،
والقَادِسة، مأخوذان من التقديس وهو التطهير، والناسَّـة، والنسَّاسة؛ لأنها
تَنُسُّ من ألحد فيها، أي: تطرده وتنفيه، وقال الأصمعي: النسُّ اليَبس، وقيل لمكة:
ناسَّة لقلة مائها، ويقال: الباسَّـة، بالباء الموحدة؛ لأنها تَـبُسُّ الملحد، أي:
تحطمه وتهلكه، ومنه قول الله تعالى: ((وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسّاً)) [الواقعة:5]،
ويقال لها: الحاطِمة؛ لحطْمِها الملحد، ويقال لها: العُـرُش، ويقال لها: كُوثَى،
فهذه ستة عشر اسمًا.(469)



(23)
اعلم أن كثرة الأسماء
تدل على عظم المسمى، كما في أسماء الله تعالى وأسماء رسوله صلى الله عليه وسلم،
ولا يعرف بلد من البلاد أكثر أسماء من مكة والمدينة؛ لكونهما أشرف الأرض.(470)



(24)
قال جماعة من العلماء:
بكة ومكة بمعنى واحد، وقال آخرون: هما بمعنيين، واختلفوا على هذا، فقيل: مكة
بالميم الحرم كله، وبكة المسجد خاصة، وقيل: بل البيت خاصة، سميت بكة لازدحام الناس
بها يبكُّ بعضهم بعضًا، أي: يدفعه في زحمة الطواف، وأما مكة بالميم فهي مأخوذة من
قولهم: تمكَّكت الشيء إذا استخرجته؛ لأنها تمكُّ الفاجر عنها وتخرجه منها، وقيل:
لأنها تمكُّ الذنوب أي: تذهبها، وقيل: لقلة مائها، من قولهم: امتكَّ الفصيل ضرع
أمه إذا امتصه.(470)



(25)
يكره حمل السلاح بمكة
لغير حاجة، ثبت في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(لا يحل أن يحمل السلاح بمكة)([4]).(471)



(26)
من فروض الكفاية: أن
تحج الكعبة كل سنة فلا تعطل، ولا يشترط لعدد المحصلين لهذا الفرض قدر مخصوص؛ بل
الغرض أن يوجد حجها في الجملة من المكلفين في كل سنة مرة.(471)



(27)
يجوز صلاة الفرض
والنفل جميعـًا في الكعبة، والنافلة في البيت أفضل منها خارجه، وكذا الفريضة إذا
لم تكن جماعة، وإن كانت جماعة فخارجه.(472)



(28)
إذا صلوا جماعة خارج
البيت، ووقف الإمام عند المقام أو غيره ووقف المأمومون خلفه مستديرين فصلاتهم
صحيحة، فلو كان بعضهم أقرب إلى الكعبة من الإمام نظر إن كان أقرب وهو في جهة
الإمام بأن يقف قدامه لم تصح صلاة المأموم على الأصح، وإن كان أقرب في جهة أخرى؛
بأن استقبل الإمام الجدار من جهة الباب، واستقبل المأموم من جهة الحجر أو غيرها؛
صحت صلاته على المذهب الصحيح.(472)



(29)
لو وقفوا خلف الإمام
آخر المسجد وامتد صف طويل جازت صلاتهم، وإن وقفوا بقرب البيت وامتد الصف، فصلاة
الخارجين عن محاذاة الكعبة باطلة على الأصح.(473)



(30)
قال أبو الوليد
الأزرقي: أول من دار الصفوف حول الكعبة وراء الإمام خالد بن عبد الله القسري، حين
كان واليـًا على مكة في خلافة عبد الملك بن مروان، وكان سبب ذلك: أنه ضاق على
الناس موقفهم وراء الإمام، فأدارهم حول الكعبة، وكان عطاء بن أبي رباح وعمرو بن
دينار ونظراؤهما من العلماء يرون ذلك ولا ينكرونه.(474)



(31)
لو صلى منفردًا عند
طرف ركن من أركان الكعبة وبعض بدنه محاذي الركن وبعضه يخرج عنه؛ لم تصح صلاته على
الأصح.(474)



(32)
لو استقبل حِجْر
الكعبة ولم يستقبلها مع تمكنه منها؛ فالأصح أنه لا تصح صلاته.(474)



(33)
لو وقف على سطح الكعبة،
فإن لم يكن بين يديه شاخص لم تصح صلاته على الصحيح، وإن كان شاخص من نفس الكعبة
وهو ثلثا ذراع صحت صلاته وإلا فلا، ولو وضع بين يديه متاعًا لم يكفه.(474)



(34)
قال ابن جريج: كان تبع
الحميري أول من كسا البيت كسوة كاملة، أُري في المنام أن يكسوها فكساها الأنطاع،
ثم أُري في المنام أن يكسوها الوصائل، وهي ثياب حبرة من عصْب اليمن، ثم كساها
الناس بعده في الجاهلية.(475)



(35)
روى الأزرقي في روايات
متفرقة حاصلها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كسا الكعبة ثيابـًا يمانية، ثم كساها
أبو بكر، وعمر، وعثمان، ومعاوية، وابن الزبير رضي الله عنهم ومن بعدهم، وإن عمر رضي
الله عنه كان يكسوها من بيت المال فيكسوها القباطي، وكساها ابن الزبير ومعاوية رضي
الله عنهما الديباج، وكانت تكسى يوم عاشوراء، ثم صار معاوية رضي الله عنه يكسوها
مرتين، ثم كان المأمون يكسوها ثلاث مرات، فيكسوها الديباج الأحمر يوم التروية،
والقباطي يوم هلال رجب، والديباج الأبيض يوم سبع وعشرين من رمضان، وهذا الأبيض
ابتدأه المأمون سنة ست ومائتين.(476)



(36)
كل ما على الميزاب
والأركان من الذهب فهو من عمل الوليد بن عبد الملك، وهو أول من ذهّب البيت في
الإسلام، وعمل الوليد بن عبد الملك الرخام الأحمر والأخضر والأبيض في بطنها
مؤزِّرًا به جدرانها وفرشها بالرخام، فجميع ما في الكعبة من الرخام هو من عمل
الوليد بن عبد الملك، وهو أول من فرشها بالرخام وأزَّر به جدرانها، وهو أول من
زخرف المساجد.(477)



(37)
روى الأزرقي: أن عبد
الله بن الزبير رضي الله عنهما كان يجمر الكعبة كل يوم برطل، ويوم الجمعة برطلين
مجمرًا، وأن ابن الزبير خلّـق جوف الكعبة كله، وقال ابن جريج: كان معاوية أول من
طيب الكعبة بالخلوق والمجمر، وأجرى الزيت لقناديل المسجد من بيت المال، والله أعلم.(477)



(38)
اعلم أن لمدينة رسول
الله صلى الله عليه وسلم أسماء خمسة: المدينة، وطابة، وطيبة، والدار، ويثرب.(479)



(39)
لا يجوز أن يطاف بقبر
النبي صلى الله عليه وسلم، ويكره إلصاق البطن والظهر بجدار القبر، ويكره مسحه
باليد وتقبيله؛ بل الأدب أن يبعد منه كما يبعد منه لو حضر في حياته، هذا هو الصواب،
وهو الذي قاله العلماء وأطبقوا عليه، وينبغي أن لا يغتر بكثير من العوام في
مخالفتهم ذلك؛ فإن الاقتداء والعمل إنما يكون بأقوال العلماء، ولا يلتفت إلى
محدثات العوام وجهالاتهم، ولقد أحسن السيد الجليل أبو علي الفضيل بن عياض رحمه
الله في قوله ما معناه: اتبع طرق الهدى، ولا يضرك قلة السالكين، وإياك وطرق
الضلالة، ولا تغتر بكثرة الهالكين. ومن خطر بباله أن المسح باليد ونحوه أبلغ في
البركة فهو من جهالته وغفلته؛ لأن البركة إنما هي فيما وافق الشرع وأقوال العلماء،
وكيف يبتغى الفضل في مخالفة الصواب؟! (491)



(40)
ينبغي له مدة إقامته
بالمدينة أن يصلي الصلوات كلها بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.(493)



(41)
يستحب أن يخرج كل يوم
إلى البقيع خصوصًا يوم الجمعة، ويكون ذلك بعد السلام على رسول الله صلى الله عليه
وسلم، ويزور القبور الظاهرة فيه؛ كقبر إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وعثمان، والعباس، والحسن بن علي، والحسين بن علي، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد
وغيرهم، ويختم بقبر صفية رضي الله عنها عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت
في الصحيح في فضل قبور البقيع وزيارتها أحاديث كثيرة([5]).(493)



(42)
يستحب استحبابًا
متأكدًا أن يأتي مسجد قباء، وهو في يوم السبت أولى.(495)



(43)
من جهالة العامة
وبدعهم تقربهم بأكل التمر الصيحاني في الروضة الكريمة، وقطعهم شعورهم ورميها في
القنديل، هذا من المنكرات الشنيعة.(501)



(44)
كره مالك رحمه الله لأهل
المدينة كلما دخل أحدهم المسجد وخرج الوقوف بالقبر، قال: وإنما ذلك للغرباء، قال:
ولا بأس لمن قدم منهم من سفر أو خرج إلى سفر أن يقف عند قبر النبي صلى الله عليه
وسلم، فيصلي عليه ويدعو له ولأبي بكر وعمر رضي الله عنهما.(501)



(45)
يستحب أن يصوم
بالمدينة ما أمكنه، وأن يتصدق بما أمكنه على جيران رسول الله صلى الله عليه وسلم؛
فإن ذلك من جملة بره.(503)



(46)
يحرم صيد حرم المدينة
وأشجاره على الحلال والمحرم.(503)



(47)
ينبغي أن يعتنى
بالمحافظة على الصلاة فيما كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإن الحديث: (صلاة
في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد) ([6])، إنما يتناول ما كان
في زمنه صلى الله عليه وسلم، لكن إذا صلى جماعة فالتقدم إلى الصف الأول ثم ما يليه
أفضل، فليفطن إلى ما نبهت عليه.(508)



(48)
من العامة من زعم أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من زارني وزار أبي إبراهيم في عام واحد ضمنت
له الجنة)، وهذا باطل، ليس هو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يعرف في كتاب؛
بل وضعه الفجرة.(508)



(49)
إن لم يجد الهدي لعجزه
عن الثمن في الحج، أو لكونه يحتاج إليه في نفقته ومئونة سفره، أو لكونه لا يباع
إلا بأكثر من ثمن المثل في ذلك الموضع؛ انتقل إلى الصوم، فصيام ثلاثة أيام في الحج
وسبعة إذا رجع إلى أهله. ووقت وجوب دم التمتع إذا أحرم بالحج، فإذا وجب جازت
إراقته، ولم يتوقف بوقت كسائر دماء الجبرانات؛ لكن الأفضل إراقته يوم النحر، ويجوز
إراقته بعد الفراغ من العمرة وقبل الإحرام بالحج على الأصح، ولا يجوز قبل التحلل
من العمرة على الأصح.(514)



(50)
أما الصوم فلا يجوز
تقديمه على الإحرام بالحج، ولا يجوز صوم شيء من الثلاثة في يوم النحر ولا في أيام
التشريق، ويستحب أن يصوم الثلاثة قبل يوم عرفة؛ لأنه يستحب للحاج أن لا يصوم يوم
عرفة، وإنما يمكنه هذا إذا قدم إحرامه على يوم السادس من ذي الحجة.(514)



(51)
إذا فاته صوم الثلاثة
بالحج لزم قضاؤه، وأما السبعة فوقت وجوبها إذا رجع إلى أهله، فلو صامها في الطريق
لم يصح على الأصح، وإذا لم يصم الثلاثة حتى رجع لزمه أن يفرق بين الثلاثة والسبعة
بفطر أربعة أيام، ومدة إمكان السير إلى أهله على العادة الغالبة، هذا هو الأصح،
ويستحب التتابع في صوم الثلاثة، وكذا في صوم السبعة، ولا يجب.(515)



(52)
إذا لم يجد الهدي فشرع
في صوم الثلاثة أو السبعة ثم وجده لم يلزمه الهدي؛ بل يستمر في الصوم، لكن يستحب
الرجوع إلى الهدي.(518)



(53)
من فاته الوقوف بعرفة
لزمه دم كدم التمتع، ويلزمه أن يتحلل بعمل عمرة وهو الطواف والسعي والحلق، ولا
يحسب ذلك عمرة، وعليه قضاء الحج؛ سواء كان إحرامه بحج واجب أو تطوع، ويجب القضاء
على الفور في السنة المستقبلة على الأصح، فلا يجوز تأخيره عنها بغير عذر، سواء في
هذا كله كان الفوات بعذر كالنوم والنسيان والضلال عن الطريق وغير ذلك، أو كان بلا
عذر؛ لكن يختلفان في الإثم، فلا إثم على المعذور ويأثم غيره، والله أعلم.(520)



(54)
من حلق الشعر، أو قلم
الأظفار، أو لبس، أو تطيب، أو دهن الرأس أو اللحية، أو باشر فيما دون الفرج بشهوة؛
لزمه أن يذبح شاة، أو يطعم ستة مساكين، كل مسكين نصف صاع، أو يصوم ثلاثة أيام، وهو
مخير بين الأمور الثلاثة.(520)



(55)
أما الجماع فيجب فيه
بدنة، فإن لم يجد فبقرة، فإن لم يجد فسبع من الغنم، فإن لم يجد قومت البدنة دراهم
والدراهم طعامًا وتصدق به، فإن لم يجد صام عن كل مدٍّ يومًا.(521)



(56)
الصيد المحرم بالإحرام
أو الحرم يجب فيما له مثل من النعم مثله من النعم، فيجب في النعامة بدنة، وفي حمار
الوحش وبقره بقرة، وفي الضبع كبش، وفي الغزال عنز، وفي الأرنب عناق، وفي الضب جدي،
وفي اليربوع جفرة، وما سوى المذكور إن كان فيه حكم عدلين من السلف عملنا به، وإن
لم يكن رجعنا فيه إلى قول عدلين عارفين، فإن كان قاتل الصيد أحد العدلين وقد قتله
خطأ أو مضطرًا جاز على الأصح، وإن كان قتله عدوانًا لم يجز؛ لأنه يفسق فلا يقبل
حكمه.(521)



(57)
ما كان له مثل فهو
مخير: إن شاء الله أخرج المثل، وإن شاء قومه دراهم واشترى به طعامًا وتصدق به، وإن
شاء صام عن كل مد يومـًا، وإن كان مما لا مثل له فهو مخير: إن شاء أخرج بالقيمة
طعامًا، وإن شاء صام عن كل مد يومـًا.(525)



(58)
يضمن المحرم والحلال
صيد حرم مكة كما يضمن صيد الإحرام، ويضمنان شجره، فمن قلع شجرة كبيرة ضمنها ببقرة،
وإن كانت صغيرة ضمنها بشاة، ثم يتخير بين البقرة والشاة والطعام والصيام، كما سبق
في جزاء الصيد، وإن كانت صغيرة جدًا وجبت القيمة، ثم يتخير بين الطعام والصيام،
وكذا حكم الأغصان، وأما الأوراق فيجوز أخذها، لكن لا يخبطها مخافة أن يصيب قشورها،
ويحرم قطع حشيش الحرم؛ فإن قلعه لزمه القيمة، وهو مخير بين الطعام والصيام، فإن
أخلف الحشيش سقطت القيمة، وإن كان يابسًا فلا شيء عليه في قطعه، فلو قطعه لزمه
الضمان؛ لأنه لو لم يقلعه لنبت.(526)



(59)
يجوز تسريح البهائم في
حشيش الحرم لترعى، فلو أخذ الحشيش لعلف البهائم جاز على الأصح، ولا شيء عليه،
بخلاف من يأخذ للبيع أو غيره، ويستثنى من البيع الإذخر؛ فإنه يجوز للحاجة، ودليله
الحديث الصحيح([7]).(529)



(60)
لو احتيج إلى شيء من
نبات الحرم للدواء جاز قطعه على الأصح.(529)



(61)
اعلم أن الدم الواجب
في المناسك -سواء تعلق بترك واجب أو ارتكاب منهي- متى أطلقناه أردنا به ذبح شاة،
فإن كان الواجب غيرها كالبدنة في الجماع قيدناه، ولا يجزئ فيها إلا ما يجزئ في
الأضحية، إلا في جزاء الصيد فإنه يجب فيه المثل، في الصغير صغير وفي الكبير كبير،
وكل من لزمه شاة جاز له ذبح بقرة أو بدنة مكانها إلا في جزاء الصيد، ولو ذبح بدنة
ونوى التصدق بسبعها عن الشاة الواجبة وأكل الباقي جاز، ولو نحر بدنة أو بقرة عن
سبع شياه لزمته جاز.(530)



(62)
الدماء الواجبة لارتكاب
محظور أو ترك مأمور لا تختص بزمان؛ بل تجوز في يوم النحر وغيره، ثم ما سوى دم
الفوات يراق في النسك الذي هو فيه، وأما دم الفوات فيجب إلى القضاء، ويدخل وقته
بالإحرام بالقضاء، وأما مكانه فيختص بالحرم، فيجب ذبحه بالحرم وتفرقة لحمه على
المساكين الموجودين في الحرم؛ سواء المستوطنون والغرباء الطارئون، لكنِ المستوطنون
أفضل، ولو ذبحه في طرف الحل ونقل لحمه إلى الحرم قبل تغيره لم يجزه على الأصح،
وسواء في هذا كله دم التمتع والقران وسائر ما يجب بسبب في الحل أو الحرم، أو سبب
مباح كالحلق للأذى أو بسبب محرم.(530)



(63)
أفضل الحرم للذبح في
حق الحاج منى، وفي حق المعتمر المروة.(532)



(64)
لو كان يتصدق بالطعام
بدلاً عن الذبح وجبت تفرقته على المساكين الموجودين في الحرم كاللحم، ولو كان يأتي
بالصوم جاز أن يصوم حيث شاء من الحرم ووطنه وغيرهما؛ لأنه لا غرض للمساكين فيه.(532)



(65)
من أحصره عدو أو غيره
مما يلحق به فله ذبح دم الإحصار وتفرقة لحمه حيث أحصر.(532)



(66)
يحرم التعرض لصيد حرم
المدينة وأشجاره، فإن أتلفه لا يضمن، وهو الأصح عند أصحابنا.(533)



(67)
يحرم صيد وج، وهو وادٍ
بالطائف؛ لكن لا ضمان فيه، وأما النقيع -وهو الموضع الذي حماه رسول الله صلى الله
عليه وسلم لإبل الصدقة- فليس بحَـرَم، ولا يحرم صيده، ولكن لا يتلف شجره وحشيشه،
فإن أتلفهما أحد فالأصح أنه يلزمه القيمة، ومصرفها مصرف نعم الصدقة والجزية.(534)



(68)
إذا فعل المحرم
محظورين أو أكثر هل يتداخل؟ فإن كان استهلاك كالحلق واستمتاع كالطيب، فإن اختلف
النوع كالحلق واللبس تعددت الفدية، وكذا إتلاف الصيود تتعدد الفدية فيه، وكذا
إتلاف الصيد مع الحلق أو اللبس، لكن لو لبس ثوبًا مطيبًا لم تتعدد الفدية على
الأصح، ولو حلق شعر جميع رأسه وشعر بدنه متواصلاً فعليه فدية واحدة على الصحيح.(534)



(69)
لو حلق رأسه في مكانين،
أو في مكان في زمانين متفرقين فعليه فديتان.(535)



(70)
لو تطيب بأنواع من
الطيب، أو لبس أنواعـًا كالقميص والعمامة والسراويل والخف، أو نوعًا واحدًا مرة
بعد أخرى؛ فإن كان ذلك في مكان واحد على التوالي فعليه فدية واحدة، وإن كان في
مكانين أو في مكان وتخلل زمان فعليه فديتان، سواء تخلل بينهما تكفير عن الأول أم
لا، هذا هو الأصح.(535)



(71)
إذا أحصر العدو المحرم
عن المضي في الحج من كل الطرق فله التحلل؛ سواء كان وقت التحلل واسعًا أو ضيقًا،
ثم إن كان الوقت واسعًا فالأفضل أن لا يعجل التحلل، فربما زال الإحصار فأتم الحج،
وإن كان الوقت ضيقًا فالأفضل أن يعجل التحلل لئلا يفوت الحج.(537)



(72)
يجوز للمحرم بالعمرة
التحلل إذا أحصر كالحج، ولو منعوا ولم يتمكنوا من المضي إلا ببذل مال فلهم التحلل،
ولا يبذلون المال وإن قل؛ بل يكره البذل إن كان الطالب كافرًا؛ لأن فيه صغارًا على
الإسلام، وإن احتاجوا إلى قتال فلهم التحلل، ولا يلزمهم القتال؛ سواء كان العدو
مسلمين أو كفارًا، قليلاً أو كثيرًا؛ لكن إن كان في المسلمين قوة فالأولى أن
يقاتلوا الكفار، وإن كان فيهم ضعف فالأولى أن يتحللوا، ومتى قاتلوا فلهم لبس
الدروع والمغافر وعليهم الفدية، ثم إنه يلزم المتحلل بالإحصار ذبح شاة يفرقها حيث
أحصر، ولا يعدل عن الشاة إلى بدلها إن وجدها، فإن لم يجدها فالأصح أنه يأتي ببدلها،
وهو إخراج طعام بقيمتها، فإن عجز صام عن كل مد يومًا.(538)



(73)
اعلم أن التحلل يحصل
بثلاثة أشياء: ذبح، ونية التحلل بذبحها، والحلق، إذا قلنا بالأصح: إنه نسك، ولا
يحصل إلا باجتماع هذه الثلاثة؛ فإن لم يجد الشاة وكان يطعم بدلها توقف التحلل عليه
كتوقفه على الذبح، وكذا إن كان يصوم على الأصح، فإن عجز عن الشاة وبدلها ثبتت
الشاة أو بدلها في ذمته، وجاز له التحلل في الحال بالنية والحلق على الأصح.(540)



(74)
ليس للمحرم التحلل
بعذر المرض؛ بل يصبر حتى يبرأ؛ سواء كان محرمـًا بحج أو عمرة، فإذا برئ فإن كان
محرمًا بعمرة أتمها، وإن كان بحج أتمه، وإن كان قد فاته تحلل بعمل عمرة، وعليه
القضاء.(541)



(75)
هذا إذا لم يشترط
التحلل بالمرض، فإن كان قد شرط عند إحرامه أنه إذا مرض تحلل، أو شرط التحلل لغرض
آخر؛ كضلال عن الطريق، أو ضياع النفقة، أو الخطأ في العدد، أو نحو ذلك؛ فالصحيح
أنه يصح شرطه وله التحلل.(541)



(76)
الحصر الخاص الذي يتفق
لواحد أو شرذمة من الرفقة ينظر فيه؛ فإن لم يكن المحرم معذورًا كمن حبس في دين
يتمكن من أدائه، لم يجز له التحلل؛ بل عليه أن يؤدي الدين ويمضي في حجه، فإن فاته
الحج في الحبس لزمه المسير إلى مكة، ويتحلل بعمل عمرة، ويلزمه القضاء كما تقدم،
وإن كان معذورًا كمن حبسه السلطان ظلمًا أو بدين لا يتمكن من أدائه جاز له التحلل.(542)



(77)
إذا تحلل المحصر إن
كان نسكه تطوعـًا فلا قضاء عليه، وإن لم يكن تطوعـًا نظر؛ إن لم يكن مستقرًا كحجة
الإسلام في السنة الأولى من سني الإمكان فلا حج عليه، إلا أن يجتمع فيه شروط
الاستطاعة بعد ذلك، وإن كان مستقرًا كحجة الإسلام فيما بعد السنة الأولى، وكالقضاء
والنذر؛ فهو باقٍ في ذمته، وسواء في هذا كله الحصر العام والخاص على الأصح.(542)



(78)
لا فرق في جواز التحلل
بالإحصار بين أن يتفق ذلك قبل الوقوف أو بعده، ولا بين الإحصار عن البيت فقط، أو
عن الوقوف، أو عنهما، فإذا تحلل بالإحصار الواقع بعد الوقوف فلا قضاء عليه على
المذهب الصحيح كما قبل الوقوف.(543)



(79)
اعلم أن الصبي لا يجب
عليه الحج، ولكن يصح، فإن كان مميزًا أحرم بإذن وليه، فإن أحرم بغير إذنه لم يصح
على الأصح، ولو أحرم عنه وليه صح على الأصح، ولا يشترط حضور الصبي ومواجهته
بالإحرام على الأصح، والمجنون كالصبي الذي لا يميز، يحرم عنه وليه.(544)



(80)
المغمى عليه لا يجوز
إحرام غيره عنه كالمريض.(545)



(81)
متى صار الصبي محرمًا
فعل ما قدر عليه بنفسه، وفعل به الولي ما عجز عنه.(545)



(82)
يمنع الصبي المحرم من
محظورات الإحرام، فإن تطيب أو لبس ناسيًا فلا فدية، وإن كان عامدًا وجبت الفدية
على الأصح؛ سواء كان بحيث يلتذ بالطيب واللباس أم لا، وإن حلق الشعر أو قلم الظفر
أو أتلف صيدًا وجبت الفدية عمدًا كان أو سهوًا، ومتى وجبت الفدية فهي في مال الولي
على الأصح إن كان أحرم بإذنه.(546)



(83)
إذا جامع الصبي أو
جومعت الصبية، إن كان ناسيًا أو مكرهًا لم يفسد حجه، وإن كان عامدًا فسد على الأصح،
ووجب قضاؤه على الأصح، ويجزئه القضاء في حال الصبا على الأصح، فلو شرع في القضاء
فبلغ قبل الوقوف بعرفات وقع عن حجة الإسلام وعليه القضاء، وإذا فسد وجبت الكفارة.(547)



(84)
إحرام العبد صحيح بإذن
سيده وبغير إذنه، فإن أحرم العبد بإذنه لم يكن له تحليله؛ سواء بقي نسكه صحيحًا أو
أفسده، ولو باعه لم يكن للمشتري تحليله، وله الخيار إن جهل إحرامه، فإذا أحرم بغير
إذنه فالأولى أن يأذن له في إتمام نسكه، فإن حلله جاز.(549)



(85)
لو أفسد العبد الحج
لزمه قضاؤه، ويجزئه قضاؤه في حال الرق على الأصح، ولا يلزم أن يأذن له في القضاء؛
سواء كان إحرامه الأول بإذنه أو بغير إذنه، وكل دم لزمه بمحظور أو تمتع أو قران أو
فوات أو إحصار لا يجب منه شيء على السيد، سواء كان أحرم بإذنه أو بغير إذنه،
وواجبه الصوم، وللسيد منعه، إلا صوم التمتع والقران إذا أذن فيه.(551)



(86)
إذا جاز للسيد تحليله
جاز له هو التحلل، وتحلله يحصل بنية التحلل مع الحلق.(551)



(87)
أم الولد، والمدبر،
والمعلق عتقه، والمكاتب، ومن بعضه حر؛ لهم حكم العبد، والأمة المزوجة لا يجوز لها
الإحرام إلا بإذن الزوج والسيد جميعًا.(552)






تم المقصود من كتاب الإيضاح في مناسك الحج والعمرة












المبحث الثالث
تلخيص ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية
رحمه
الله

في مسائل الحج والعمرة



من كتبه


منسك شيخ الإسلام - مجموع الفتاوى - شرح
العمدة - الاختيارات





ترجمة مختصرة
لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله(
[8])


اسمه ونسبه:


هو الشيخ الإمام العالم المفسر
الفقيه المجتهد الحافظ الناقد المحدث، شيخ الإسلام، علم الزهاد، نادرة العصر، ذو
التصانيف الباهرة، والذكاء المفرط، تقي الدين أبو العباس أحمد بن العالم المفتي
شهاب الدين عبد الحليم ابن الإمام المجتهد شيخ المذهب في زمانه مجد الدين أبي
البركات عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم الحراني ابن تيمية، وهو لقب لجده
الأعلى، ويرجع نسبه لقبيلة نمير.



مولده ونشأته:


ولد في عاشر ربيع الأول سنة إحدى
وستين وستمائة بحران، ثم انتقل به أبوه وأقاربه إلى دمشق سنة سبع وستين وستمائة
خوفًا من التتار.



وقد سمع في دمشق من كبار علمائها
حتى برع في جميع علوم الشريعة، فقد عني بالحديث وخرّج وانتقى، وبرع في الرجال وعلل
الحديث وفقهه، وصار من أئمة النقد ومن علماء الأثر، ثم أقبل على الفقه ودقائقه
وقواعده وحججه، والإجماع والاختلاف حتى كان يقضى منه العجب إذا ذكر مسألة من مسائل
الخلاف، ثم يستدل ويرجح ويجتهد، وحق له ذلك؛ فإن شروط الاجتهاد كانت قد اجتمعت فيه.



وكان رحمه الله من بحور العلم، ومن
الأذكياء المعدودين، ومن الزهاد الأفراد، والشجعان الكبار، والكرماء الأجواد، أثنى
عليه الموافق والمخالف، وسارت بتصانيفه الركبان.



وكان رحمه الله من أكثر من رد على
الكفرة والملاحدة، وأهل البدع، وبيّن ضلالهم وانحرافهم، وانتصر للكتاب والسنة،
ودافع عنهما، وناظر أهل البدع حتى كان يفحمهم ويسكتهم جميعًا، وحصل له من ذلك أمور
كثيرة، ولأجل ذلك فقد ناله البلاء من أعدائه وخصومه؛ بل من أعداء السنة وخصومها من
أهل البدع، فسجن وأوذي عدة مرات، وهو صابر محتسب، لا يخاف في الله لومة لائم، ولا
يرده ذلك ولا يثنيه عن دعوته وإيمانه وعقيدته.



وقد كان رحمه الله كريًما شجاعًا
مجاهدًا مقدامًا، وله في جهاد التتار وقائع مشهودة، ظهرت فيها شجاعته وإقدامه
وتضحيته في سبيل الله.



وقد صنف التصانيف الكثيرة المفيدة
في شتى العلوم والفنون، وقد بلغت تصانيفه ثلاثمائة مجلد أو أكثر،وما زال أهل السنة
يستظلون بظلالها،وأهل البدعة يكتوون بنارها.



وفاته:


توفي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في قلعة دمشق معتقًلا بها بعد مرض ألمَّ به أيامًا، في ليلة
الإثنين العشرين من ذي القعدة، سنة ثمان وعشرين وسبعمائة للهجرة.



وصلي عليه بجامع دمشق، وامتلأ
الجامع بالمصلين، وأقل ما قيل في عدد من شهده خمسون ألفًا، وقيل: ستون ألفًا، وقيل:
بلغوا مائتي ألف رجل وامرأة، ولم يخلف بعده مثله في العلم ولا من يقاربه.



فرحمه الله رحمة واسعة، ورضي عنه،
وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة، وجمعنا به في دار كرامته في جنات النعيم، إنه نعم
المولى ونعم النصير.







أولاً: مسائل الحج والعمرة من كتاب
منسك شيخ الإسلام ابن تيمية(
[9])


(1) أول ما يفعله قاصد الحج والعمرة إذا أراد الدخول فيهما: أن يحرم بذلك،
وقبل الإحرام فهو قاصد الحج أو العمرة ولم يدخل فيهما، بمنزلة الذي يخرج إلى صلاة
الجمعة، فله أجر السعي، ولا يدخل في الصلاة حتى يحرم بها، وعليه إذا وصل إلى
الميقات أن يحرم([sup][10])[/sup].(18)



(2) ذو الحليفة هي أبعد المواقيت عن مكة، وفيها بئر تسميها جهال العامة: (بئر
علي)؛ لظنهم أن عليًا رضي الله عنه قاتل الجن بها، وهو كذب؛ فإن الجن لم يقاتلهم
أحد من الصحابة، وعليٌّ أرفع قدرًا من أن يثبت الجن لقتاله، ولا فضيلة لهذا البئر
ولا مذمة، ولا يستحب أن يرمي بها حجرًا ولا غيره.(19)



(3)
الجحفة بينها وبين مكة نحو ثلاث مراحل، وهي قرية
كانت قديمة معمورة، وكانت تسمى: (مَهْيَعة)، وهي اليوم خراب؛ ولهذا صار الناس
يحرمون قبلها من المكان الذي يسمى رابغًا، وهذا ميقات لمن حج من ناحية المغرب؛
كأهل الشام ومصر وسائر المغرب.(20)



(4)
إذا اجتاز أهل الشام ومصر وسائر المغرب بالمدينة
النبوية -كما يفعلونه في هذه الأوقات- أحرموا من ميقات أهل المدينة؛ فإن هذا هو
المستحب لهم بالاتفاق، فإن أخروا الإحرام إلى الجحفة ففيه نزاع.(20)



(5) ليس لأحد أن يجاوز الميقات إذا أراد الحج أو العمرة إلا بإحرام.(21)


(6) إن قصد مكة للتجارة أو الزيارة فينبغي له أن يحرم، وفي الوجوب نزاع.(21)


(7) التحقيق أنه يختلف الأفضل في الأنساك باختلاف حال الحاج؛ فإن كان
يسافر سفرة للعمرة، وللحج سفرة أخرى، أو يسافر إلى مكة قبل أشهر الحج ويعتمر ويقيم
بها حتى يحج؛ فهذا الإفراد له أفضل باتفاق الأئمة الأربعة. أما إذا فعل ما يفعله
غالب الناس، وهو أن يجمع بين العمرة والحج في سفرة واحدة، ويقدم مكة في أشهر الحج،
فهذا إن ساق الهدي فالقران أفضل له، وإن لم يسق الهدي فالتحلل من إحرامه بعمرة
أفضل([sup][11])[/sup].(22)



(Cool
الإحرام بالحج قبل أشهره ليس مسنونًا؛ بل مكروه،
وإذا فعله فهل يصير محرمًا بعمرة أو بحج؟ فيه نزاع.(22)



(9) لم يعتمر بعد الحج أحد ممن كان مع النبي إلا عائشة وحدها؛ لأنها كانت
قد حاضت، فلم يمكنها الطواف.(24)



(10)التنعيم هو أقرب الحل إلى مكة.(24)


(11)في التنعيم اليوم مساجد تسمى (مساجد عائشة)، ولم تكن هذه على عهد
النبي صلى الله عليه وسلم وإنما بنيت بعد ذلك، علامة على المكان الذي أحرمت منه
عائشة، وليس دخول هذه المساجد ولا الصلاة فيها - لمن اجتاز بها محرمًا -لا فرضًا
ولا سنة؛ بل قصد ذلك واعتقاد أنه يستحب بدعة مكروهة، لكن من خرج من مكة ليعتمر
فإنه إذا دخل واحدًا منها وصلى فيه لأجل الإحرام فلا بأس بذلك.(24)



(12) لم يكن على عهد النبي وخلفائه الراشدين أحد يخرج من مكة ليعتمر
إلا لعذر، لا في رمضان ولا في غير رمضان.(25)



(13)الذين حجوا مع النبي ليس فيهم من اعتمر بعد الحج من مكة إلا عائشة، ولا
كان هذا من فعل الخلفاء الراشدين.(25)



(14)الذين استحبوا الإفراد من الصحابة([sup][12])[/sup]
إنما استحبوا أن يحج في سفرة ويعتمر في أخرى، ولم يستحبوا أن يحج ويعتمر عقب
ذلك عمرة مكية؛ بل هذا لم يكونوا يفعلونه قط؛ اللهم إلا أن يكون شيئًا نادرًا.(25)



(15) تنازع السلف فيمن اعتمر بعد حجه: هل يكون متمتعًا عليه دم أم لا؟
وهل تجزئه هذه العمرة عن عمرة الإسلام أم لا؟(25)



(16)اعتمر النبي بعد هجرته أربع عمر: عمرة الحديبية([sup][13])[/sup]،
وصل إلى الحديبية فصده المشركون عن البيت، فصالحهم وحل من إحرامه وانصرف، وعمرة
القضية، اعتمر من العام القابل، وعمرة الجِعْرَانة([sup][14])[/sup]؛
فإنه كان قد قاتل المشركين بحنين، والعمرة الرابعة مع حجته، فإنه قرن بين العمرة
والحج باتفاق أهل المعرفة بسنته، وباتفاق الصحابة على ذلك.(26)



(17) لم ينقل عن أحد من الصحابة أنه تمتع تمتعًا حل فيه؛ بل كانوا
يسمون القران تمتعًا، ولا نقل عن أحد من الصحابة أنه لما قرن طاف طوافين وسعى
سعيين.(27)



(18)عامة المنقول عن الصحابة في صفة حجته ليست بمختلفة، وإنما اشتبهت على
من لم يعرف مرادهم، وجميع الصحابة الذين نقل عنهم أنه أفرد الحج؛ كعائشة، وابن عمر،
وجابر رضي الله عنهم، قالوا: إنه تمتع بالعمرة إلى الحج. فقد ثبت في الصحيحين عن
عائشة وابن عمر بإسناد أصح من إسناد الإفراد، ومرادهم بالتمتع: القران([sup][15])[/sup]،
كما ثبت ذلك في الصحاح أيضًا.(27)



(19)إذا أراد الحاج الإحرام؛ فإن كان قارنًا قال: لبيك عمرة وحجًا، وإن
كان متمتعًا قال: لبيك عمرةً متمتعًا بها إلى الحج، وإن كان مفردًا قال: لبيك حجة.(28)



(20) يجوز أن يقول: اللهم إني أوجبت عمرةً وحجًا، أو أوجبت عمرةً أتمتع بها
إلى الحج، أو أوجبت حجًا، أو أريد الحج، أو أريدهما، أو أريد التمتع بالعمرة إلى
الحج.(28)



(21) مهما قال مما سبق أجزأه باتفاق الأئمة، ليس في ذلك عبارة مخصوصة، ولا
يجب شيء من هذه العبارات باتفاق الأئمة، كما لا يجب التلفظ بالنية في الطهارة
والصلاة والصيام باتفاق الأئمة؛ بل متى لبى قاصدًا للإحرام انعقد إحرامه باتفاق
المسلمين، ولا يجب عليه أن يتكلم قبل التلبية بشيء.(28)



(22) لو أحرم إحرامًا مطلقًا جاز، فلو أحرم بالقصد للحج من حيث الجملة،
ولا يعرف التفصيل السابق جاز.(31)



(23)لو أهلّ ولبى كما يفعل الناس قاصدًا للنسك ولم يسمّ شيئًا بلفظه، ولا
قصد بقلبه لا تمتعًا ولا إفرادًا ولا قرانًا؛ صح حجه أيضًا، وفعل واحدًا من
الثلاثة: فإن فعل ما أمر به النبي أصحابه كان حسنًا.(31)



(24)إن اشترط المحرم على ربه خوفًا من العارض فقال: وإن حبسني حابس فمحلي
حيث حبستني؛ كان حسنًا، فإن النبي أمر ابنة عمه ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب أن
تشترط على ربها لما كانت شاكية([sup][16])[/sup]،
فخاف أن يصدها المرض عن البيت، ولم يكن يأمر بذلك كل من حج.(31)



(25) إن شاء المحرم أن يتطيب في بدنه فهو حسن، ولا يؤمر المحرم قبل
الإحرام بذلك؛ فإن النبي فعله ولم يأمر به الناس.(32)



(26) لم يكن النبي يأمر أحدًا بعبارة بعينها، وإنما يقال: أهلَّ بالحج،
أهلَّ بالعمرة، أو يقال: لبى بالحج، لبى بالعمرة، وهو تأويل قوله تعالى: ((
الْحَجُّ
أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ
وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ)) [البقرة:197].(32)



(27)ثبت عنه في الصحيحين أنه قال: (من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق
خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه)([sup][17])[/sup]،
والرفث اسم للجماع قولاً وعملاً، والفسوق اسم للمعاصي كلها، وليس في المحظورات ما
يفسد الحج إلا جنس الرفث، فلهذا ميّز بينه وبين الفسوق.(32)



(28)الجدال: المراء في أمر الحج([sup][18])[/sup]،
فإن الله قد أوضحه وبينه، وقطع المراء فيه، كما كانوا في الجاهلية يتمارون في
أحكامه، وقد تفسر بأن لا يماري الحا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://2et2.yoo7.com/forum
حمدان
ديري مبدع
ديري مبدع
حمدان


الساعة :
دعاء
عدد المساهمات : 1104
نقاط : 2370
التقيم : 28
تاريخ التسجيل : 05/05/2012

 الجامع لأحكام الحج والعمرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجامع لأحكام الحج والعمرة    الجامع لأحكام الحج والعمرة Icon_minitimeالخميس مايو 10, 2012 10:21 am



(1) الحا، والحاجة:
مثل البرد الذي يخاف أن يمرضه إذا لم يغط رأسه، أو مثل مرض نزل به يحتاج معه إلى
تغطية رأسه، فيلبس قدر الحاجة، فإذا استغنى عنه نزع.(42)



(2) على المحرم أن يفتدي -إذا فعل محظورًا للحاجة- إما بصيام ثلاثة أيام،
وإما بنسك شاة، أو بإطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع؛ من تمر، أو شعير، أو مد
من بر، وإن أطعمه خبزًا جاز، وينبغي أن يكون مأدومًا، وإن أطعمه مما يؤكل؛
كالبقسماط، والرقاق، ونحو ذلك جاز، وهو أفضل من أن يعطيه قمحًا أو شعيرًا.(42)



(3) كذلك في سائر الكفارات، إذا أعطاه مما يقتات به مع أدمه فهو أفضل من
أن يعطيه حبًا مجردًا، إذا لم يكن عادتهم أن يطحنوا بأيديهم، ويخبزوا بأيديهم، والواجب
في ذلك كله ما ذكره الله تعالى بقوله: ((
فَكَفَّارَتُهُ
إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ
كِسْوَتُهُمْ)) [المائدة:89] الآية، فأمر الله تعالى بإطعام المساكين من أوسط ما يطعم
الناس أهليهم، والراجح في هذا كله أن يرجع فيه إلى العرف، فيطعم كل قوم مما يطعمون
أهليهم.(43).



(4) لما كان كعب بن عجرة رضي الله عنه ونحوه يقتاتون التمر؛ أمره النبي أن
يطعم فرْقًا من التمر بين ستة مساكين، والفرْق: ستة عشر رطلاً بالبغدادي.(43)



(5) الفدية يجوز أن يخرجها إذا احتاج إلى فعل المحظور قبله وبعده، ويجوز
أن يذبح النسك قبل أن يصل إلى مكة، ويصوم الأيام الثلاثة متتابعة إن شاء ومتفرقة
إن شاء، فإن كان له عذر أخر فعلها، وإلا عجل فعلها.(43)



(6) إذا لبس ثم لبس مرارًا، ولم يكن أدى الفدية؛ أجزأته فدية واحدة في
أظهر قولي العلماء.(44)



(7) إذا أحرم لبى بتلبية رسول الله: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك
لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك)، وإن زاد على ذلك: لبيك ذا المعارج،
أو لبيك وسعديك، ونحو ذلك جاز؛ كما كان الصحابة يزيدون ورسول الله يسمعهم، فلم
ينههم، وكان هو يداوم على تلبيته.(44)



(Cool يلبي من حين يحرم؛ سواء ركب دابةً أو لم يركبها، وإن أحرم بعد ذلك
جاز.(45)



(9) التلبية: هي إجابة دعوة الله تعالى لخلقه حين دعاهم إلى حج بيته على
لسان خليله إبراهيم، والملبي هو المستسلم المنقاد لغيره، كما ينقاد الذي لُبب وأُخذ
بلبته، والمعنى: إنا مجيبوك لدعوتك، مستسلمون لحكمتك، مطيعون لأمرك مرةً بعد مرة، لا
نزال على ذلك. والتلبية شعار الحج.(45)



(10)أفضل الحج العج والثج؛ فالعج: رفع الصوت بالتلبية، والثج: إراقة دماء
الهدي.(45)



(11)يستحب رفع الصوت بالتلبية للرجل، بحيث لا يجهد نفسه، والمرأة ترفع
صوتها بحيث تسمع رفيقتها، ويستحب الإكثار منها عند اختلاف الأحوال؛ مثل أدبار
الصلوات، ومثلما إذا صعد نشزًا، أو هبط واديًا، أو سمع ملبيًا، أو أقبل الليل
والنهار، أو التقت الرفاق، وكذلك إذا فعل ما نهي عنه، وقد روي: أنه من لبى حتى
تغرب الشمس فقد أمسى مغفورًا له.(46)



(12)إن دعا عقيب التلبية، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم وسأل الله
رضوانه والجنة، واستعاذ برحمته من سخطه والنار؛ فحسنٌ.(46)



(13)مما ينهى عنه المحرم: أن يتطيب بعد الإحرام في بدنه أو ثيابه، أو
يتعمد شم الطيب، وأما الدهن في رأسه أو بدنه بالزيت والسمن ونحوه، إذا لم يكن فيه
طيب ففيه نزاع مشهور، وتركه أولى.(46)



(14)لا يقلم المحرم أظفاره، ولا يقطع شعره.(47)


(15)للمحرم أن يحك بدنه إذا حكه.(47)


(16)للمحرم أن يحتجم في رأسه وغير رأسه، وإن احتاج أن يحلق شعرًا لذلك
جاز؛ فإنه قد ثبت في الصحيح أن النبي احتجم في وسط رأسه وهو محرم([sup][1])[/sup]،
ولا يمكن ذلك إلا مع حلق بعض الشعر.([sup][2])[/sup](47)



(17) إذا اغتسل المحرم وسقط شيء من شعره بذلك لم يضره، وإن تيقن أنه
انقطع بالغسل.(47)



(18)يفتصد المحرم إذا احتاج إلى ذلك.(47)


(19)للمحرم أن يغتسل من الجنابة بالاتفاق، وكذلك لغير الجنابة.(47)


(20)لا يَنكح المحرم ولا يُنكح ولا يَخطب.(47)


(21)لا يصطاد المحرم صيدًا بريًا، ولا يتملكه بشراء، ولا اتهاب، ولا غير
ذلك، ولا يعين على صيد، ولا يذبح صيدًا، فأما صيد البحر كالسمك ونحوه فله أن
يصطاده ويأكله.(47)



(22)للمحرم أن يقطع الشجر، لكن نفس الحرم لا يقطع شيئًا من شجره، وإن كان
غير محرم، ولا من نباته المباح إلا الإذخر، وأما ما غرس الناس أو زرعوه فهو لهم، وكذلك
ما يبس من النبات يجوز أخذه.(48)



(23)لا يصطاد بالحرم صيدًا، وإن كان من الماء كالسمك على الصحيح([sup][3])[/sup].(48)


(24) لا يُنفّر المحرم صيد الحرم؛ مثل أن يقيمه ليقعد مكانه.(48)


(25)وكذلك حرم مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ما بين لابتيها([sup][4])[/sup]،
وهو بريد في بريد، وهو من عير إلى ثور([sup][5])[/sup]،
فهذا الحرم أيضًا لا يصاد صيده، ولا يقطع شجره إلا لحاجة؛ كآلة الركوب والحرث، ويؤخذ
من حشيشه ما يحتاج إليه للعلف؛ فإن النبي رخص لأهل المدينة في هذا؛ لحاجتهم إلى
ذلك؛ إذ ليس حولهم ما يستغنون به عنه، بخلاف الحرم المكي.(49)



(26)إذا أُدْخِل عليه صيد -أي: في حرم المدينة- لم يكن عليه إرساله.(49)


(27)ليس في الدنيا حرم -لا بيت المقدس ولا غيره- إلا هذان الحرمان، ولا
يسمى غيرهما حرمًا كما يسمي الجهال، فيقولون: حرم المقدس، وحرم الخليل. فإن هذين
وغيرهما ليسا بحرم باتفاق المسلمين، والحرم المجمع عليه حرم مكة، وأما المدينة
فلها حرم أيضًا عند الجمهور، كما استفاضت بذلك الأحاديث عن النبي صلى الله عليه
وسلم ولم يتنازع المسلمون في حرم ثالث إلا في (وج)، وهو وادٍ بالطائف، وهو عند
بعضهم حرم، وعند الجمهور ليس بحرم.(49)



(28)للمحرم أن يقتل ما يؤذي بعادته الناس؛ كالحية، والعقرب، والفأرة، والغراب،
والكلب العقور.(50)



(29)للمحرم أن يدفع ما يؤذيه من الآدميين والبهائم، حتى لو صال عليه أحد
ولم يندفع إلا بالقتال قاتله؛ فإن النبي قال: (من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل
دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون حرمته فهو شهيد)([sup][6])[/sup].(50)



(30)إذا قرصته البراغيث والقمل فله إلقاؤها عنه، وله قتلها، ولا شيء عليه،
وإلقاؤها أهون من قتلها، وكذلك ما يتعرض له من الدواب فينهى عن قتله، وإن كان في
نفسه محرمًا؛ كالأسد والفهد، فإذا قتله فلا جزاء عليه في أظهر قولي العلماء.(50)



(31)أما التفلي بدون التأذي فهو من الترفه، فلا يفعله، ولو فعله فلا شيء
عليه.(51)



(32) يحرم على المحرم الوطء ومقدماته، ولا يطأ شيئًا؛ سواء كان امرأة
ولا غير امرأة، ولا يتمتع بقبلة، ولا مس بيد، ولا نظر بشهوة، فإن جامع فسد حجه.(51)



(33)في الإنزال بغير الجماع نزاع، ولا يفسد الحج بشيء من المحظورات إلا
بهذا الجنس.(51)



(34)إن قبل المحرم بشهوة أو أمذى لشهوة فعليه دم.(51)


(35)إذا أتى مكة جاز أن يدخل مكة والمسجد من جميع الجوانب، لكن الأفضل أن
يأتي من وجه الكعبة، اقتداء بالنبي؛ فإنه دخلها من وجهها من الناحية العليا التي
فيها اليوم باب المعْلاة.(51)



(36)لم يكن على عهد النبي لمكة ولا للمدينة سور ولا أبواب مبنية، ولكن
دخلها من الثنية العليا ثنية كَدَاء([sup][7])[/sup]،
المشرفة على المقبرة.(51)



(37)دخل النبي المسجد من الباب الأعظم الذي يقال له: باب بني شيبة([sup][8])[/sup]،
ثم ذهب إلى الحجر الأسود، فإن هذا أقرب الطرق إلى الحجر الأسود لمن دخل من باب
المعْلاة.(51)



(38)لم يكن قديمًا بمكة بناء يعلو على البيت، ولا كان فوق الصفا والمروة
والمشعر الحرام بناء، ولا كان بمنى ولا بعرفات مسجد، ولا عند الجمرات مساجد؛ بل كل
هذه محدثة بعد الخلفاء الراشدين، ومنها ما أحدث بعد الدولة الأموية، ومنها ما أحدث
بعد ذلك؛ فكان البيت يرى قبل دخول المسجد.(52)



(39)ذكر ابن جرير أن النبي كان إذا رأى البيت رفع يديه وقال: (اللهم زد
هذا البيت تشريفًا وتعظيمًا وتكريمًا ومهابةً وبرًا، وزد من شرفه وكرمه ممن حجه أو
اعتمره تشريفًا وتعظيمًا)([sup][9])[/sup]،
فمن رأى البيت قبل دخول المسجد فعل ذلك، وقد استحب ذلك من استحبه عند رؤية البيت، ولو
كان بعد دخول المسجد.(52)



(40)بعد أن دخل النبي المسجد ابتدأ بالطواف، ولم يصل قبل ذلك تحية المسجد،
ولا غير ذلك؛ بل تحية المسجد الحرام هو الطواف بالبيت.(53)



(41) كان يغتسل لدخول مكة كما يبيت بذي طوى، وهو عند الآبار التي يقال
لها: آبار الزاهر، فمن تيسر له المبيت بها والاغتسال ودخول مكة نهارًا وإلا فليس
عليه شيء من ذلك.(53)



(42) إذا دخل المسجد بدأ بالطواف، فيبتدئ من الحجر الأسود، يستقبله
استقبالاً ويستلمه ويقبله إن أمكن، ولا يؤذي أحدًا بالمزاحمة عليه، فإن لم يمكن
استلمه وقبل يده، وإلا أشار إليه، ثم ينتقل للطواف ويجعل البيت عن يساره.(53)



(43)ليس على المحرم أن يذهب إلى ما بين الركنين، ولا يمشي عرضًا ثم ينتقل
للطواف؛ بل ولا يستحب ذلك. ويقول إذا استلمه: باسم الله، والله أكبر، وإن شاء قال:
اللهم إيمانًا بك، وتصديقًا بكتابك، ووفاءً بعهدك، واتباعًا لسنة نبيك محمد([sup][10])[/sup].
ويجعل البيت عن يساره.(54)



(44)يطوف سبعًا، ولا يخترق الحِجْر في طوافه، لما كان أكثر الحِجْر من
البيت، والله أمر بالطواف به لا بالطواف فيه.(54)



(45)لا يستلم من الأركان إلا الركنين اليمانيين دون الشاميين؛ فإن النبي
إنما استلمهما خاصة؛ لأنهما على قواعد إبراهيم، والآخران هما في داخل البيت.(54)



(46)الركن الأسود يستلم ويقبل، واليماني يستلم ولا يقبل، والآخران لا
يستلمان ولا يقبلان، والاستلام هو مسحه باليد.(55)



(47)
سائر
جوانب البيت -إلا ما تقدم- ومقام إبراهيم، وسائر ما في الأرض من المساجد، وحيطانها،
ومقابر الأنبياء والصالحين؛ كحجرة نبينا صلى الله عليه وسلم ومغارة إبراهيم؛، ومقام
نبينا الذي كان يصلي فيه، وغير ذلك من مقابر الأنبياء والصالحين، وصخرة بيت المقدس؛
فلا تستلم ولا تقبل باتفاق الأئمة.(55)



(48)
أما
الطواف بذلك -أي: بما تقدم- فهو من أعظم البدع المحرمة، ومن اتخذه دينًا يستتاب؛
فإن تاب وإلا قتل([sup][11])[/sup].(55)



(49)
لو وضع الطائف
يده على الشاذَرْوان الذي يربط فيه أستار الكعبة، لم يضره ذلك في أصح قولي العلماء،
وليس الشاذَرْوان من البيت؛ بل جعل عمادًا للبيت.(56)



(50)
يستحب للطائف
في الطواف الأول أن يرمل من الحَجَر إلى الحَجَر، في الأطواف الثلاثة، والرمل مثل
الهرولة، وهو مسارعة المشي مع تقارب الخطى، فإن لم يمكن الرمل للزحمة؛ كان خروجه
إلى حاشية المطاف والرمل أفضل من قربه إلى البيت بدون الرمل، وأما إذا أمكن القرب
من البيت مع إكمال السنة فهو أولى.(56)



(51)
يجوز أن
يطوف من وراء قبة زمزم، وما وراءها من السقائف المتصلة بحيطان المسجد([sup][12])[/sup].(56)



(52)
لو صلى
المصلي في المسجد والناس يطوفون أمامه لم يكره؛ سواء مر أمامه رجل أو امرأة، وهذا
من خصائص مكة([sup][13])[/sup].(56)



(53)
يستحب أن
يضطبع المحرم في هذا الطواف، والاضطباع: هو أن يبدي ضبعه الأيمن، فيضع وسط الرداء
تحت إبطه الأيمن، وطرفيه على عاتقه الأيسر.(57)



(54)
إن ترك المحرم
الرمل والاضطباع فلا شيء عليه.(57)



(55)
يستحب للطائف
أن يذكر الله تعالى ويدعوه بما يشرع، وإن قرأ القرآن سرًا فلا بأس، وليس فيه ذكر
محدود عن النبي؛ لا بأمره ولا بقوله ولا بتعليمه؛ بل يدعو فيه بسائر الأدعية
الشرعية، وما يذكره كثير من الناس من دعاء معين تحت الميزاب ونحو ذلك فلا أصل له.(57)



(56) كان
النبي يختم طوافه بين الركنين بقوله:
((رَبَّنَا آتِنَا فِي
الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ))
[البقرة:201]، كما كان يختم سائر دعائه بذلك،
وليس في ذلك ذكر واجب باتفاق الأئمة
.(57)


(57)
الطواف بالبيت كالصلاة، إلا أن الله أباح فيه
الكلام، فمن تكلم فيه فلا يتكلم إلا بخير، ولهذا يؤمر الطائف أن يكون متطهرًا
الطهارتين الصغرى والكبرى، ويكون مستور العورة، مجتنب النجاسة التي يجتنبها المصلي
والطائف طاهرًا.(58)



(58)
في وجوب
الطهارة في الطواف نزاع بين العلماء؛ فإنه لم ينقل أحد عن النبي أنه أمر بالطهارة
للطواف، ولا نهى المحدث أن يطوف، ولكن طاف طاهرًا؛ لكنه ثبت عنه أنه نهى الحائض عن
الطواف، وقد قال النبي: (مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم)([sup][14])[/sup]،
فالصلاة التي أوجب لها الطهارة ما كان يُفتتح بالتكبير، ويُختم بالتسليم؛ كالصلاة
التي فيها ركوع وسجود، وكصلاة الجنازة، وسجدتي السهو، وأما الطواف وسجود التلاوة
فليسا من هذا. والاعتكاف يشترط له المسجد، ولا يشترط له الطهارة بالاتفاق، والمعتكفة
الحائض تنهى عن اللبث في المسجد مع الحيض، وإن كانت تلبث في المسجد وهي محدثة. قال
أحمد بن حنبل رحمه الله في (مناسك الحج) لابنه عبد الله: حدثنا سهل بن يوسف، أنبأنا
شعبة، عن حماد ومنصور قال: «سألتهما عن الرجل يطوف بالبيت وهو غير متوضئ، فلم يريا
به بأسًا». قال عبد الله: سألت أبي عن ذلك فقال: «أحب إليَّ أن لا يطوف بالبيت وهو
غير متوضئ؛ لأن الطواف بالبيت صلاة». وقد اختلفت الرواية عن أحمد رحمه الله في
اشتراط الطهارة فيه ووجوبها، كما هو أحد القولين في مذهب أبي حنيفة؛ لكن لا يختلف
مذهب أبي حنيفة أنها ليست بشرط.(58)



(59)
من طاف في
جورب ونحوه لئلا يطأ نجاسة من ذرق الحمام، أو غطى يديه لئلا يمس امرأة، ونحو ذلك؛
فقد خالف السنة، فإن النبي وأصحابه والتابعين ما زالوا يطوفون بالبيت، وما زال
الحمام بمكة؛ لكن الاحتياط حسن ما لم يخالف السنة المعلومة، فإذا أفضى إلى ذلك كان
خطأ.(60)



(60)
اعلم أن
الفعل الذي يتضمن مخالفة السنة خطأ؛ كمن يخلع نعليه في الصلاة المكتوبة، أو صلاة
الجنازة خوفًا من أن يكون فيهما نجاسة؛ فإن هذا خطأ مخالف للسنة؛ فإن النبي كان
يصلي في نعليه، وقال: (إن اليهود لا يصلون في نعالهم فخالفوهم)([sup][15])[/sup]،
وقال: (إذا أتى المسجد أحدكم فلينظر في نعليه؛ فإن كان فيهما أذى فليدلكهما في
التراب، فإن التراب لهما طهور)([sup][16])[/sup]،
وكما يجوز أن يصلي في نعليه فكذلك يجوز أن يطوف في نعليه.(61)



(61)
إن لم
يمكنه الطواف ماشيًا فطاف راكبًا أو محمولاً أجزأه بالاتفاق.(61)



(62)
ما يعجز
عنه من واجبات الطواف؛ مثل من كان به نجاسة لا يمكنه إزالتها؛ كالمستحاضة، ومن به
سلس البول؛ فإنه يطوف ولا شيء عليه باتفاق الأئمة، وكذلك لو لم يمكنه الطواف إلا
عريانًا فطاف بالليل، كما لو لم يمكنه الصلاة إلا عريانًا.(61)



(63)
المرأة
الحائض إذا لم يمكنها طواف الفرض إلا حائضًا؛ بحيث لا يمكنها التأخر بمكة، ففي أحد
قولي العلماء الذين يوجبون الطهارة على الطائف: إذا طافت الحائض أو الجنب أو
المحدث أو حامل النجاسة مطلقًا أجزأه الطواف وعليه دم: إما شاة، وإما بدنة مع
الحيض والجنابة، وشاة مع الحدث الأصغر.(61)



(64)
منع
الحائض من الطواف قد يُعلل بأنه يشبه الصلاة، وقد يُعلل بأنها ممنوعة من المسجد، كما
تمنع منه بالاعتكاف، وكما قال عز وجل لإبراهيم وابنه: ((
أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ
لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ))
[سورة البقرة]، فأمره بتطهيره لهذه العبادات، فمنعت
الحائض من دخوله.(62)



(65)
اتفق العلماء على أنه لا يجب للطواف ما يجب
للصلاة؛ من تحريم وتحليل وقراءة وغير ذلك، ولا يبطله ما يبطلها؛ من الأكل والشرب
والكلام وغير ذلك، ولهذا كان مقتضى تعليل من منع الحائض لحرمة المسجد: أنه لا يرى
الطهارة شرطًا؛ بل مقتضى قوله أنه يجوز لها ذلك عند الحاجة، كما يجوز لها دخول
المسجد عند الحاجة، وقد أمر الله تعالى بتطهيره للطائفين والعاكفين والركع السجود،
والعاكف فيه لا يشترط له الطهارة، ولا تجب عليه الطهارة من الحدث الأصغر باتفاق
المسلمين، ولو اضطرت العاكفة الحائض إلى لبثها فيه للحاجة جاز ذلك. وأما الركع
السجود فهم المصلون، والطهارة شرط للصلاة باتفاق المسلمين، والحائض لا تصلي لا
قضاء ولا أداء. يبقى الطائف: هل يلحق بالعاكف أو بالمصلي أو يكون قسمًا ثالثًا
بينهما؟ هذا محل اجتهاد.(63)



(66)
قوله: (الطواف بالبيت صلاة)([sup][17])[/sup]
لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن هو ثابت عن ابن عباس رضي الله عنهما، وقد
روي مرفوعًا، ونقل بعض الفقهاء عن ابن عباس أنه قال: (إذا طاف بالبيت وهو جنب عليه
دم)([sup][18])[/sup]،
ولا ريب أن المراد بذلك أنه يشبه الصلاة من بعض الوجوه، ليس المراد أنه نوع من
الصلاة التي يشترط لها الطهارة، وهكذا قوله: (إذا أتى أحدكم المسجد فلا يشبك بين أصابعه
فإنه في صلاة)([sup][19])[/sup]،
وقوله: (إن العبد في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه، وما دام ينتظر الصلاة، وما كان
يعمد إلى الصلاة)([sup][20])[/sup]،
ونحو ذلك.(63)



(67)
لا يجوز
لحائض أن تطوف إلا طاهرة إذا أمكنها ذلك باتفاق العلماء، ولو قدمت المرأة حائضًا
لم تطف بالبيت؛ لكن تقف بعرفة وتفعل سائر المناسك كلها مع الحيض، إلا الطواف فإنها
تنتظر حتى تطهر إن أمكنها ذلك ثم تطوف، وإن اضطرت إلى الطواف فطافت أجزأها ذلك على
الصحيح من قولي العلماء.(64)



(68)
إذا قضى
الطواف صلى ركعتين للطواف، وإن صلاهما عند مقام إبراهيم؛ فهو أحسن، ويستحب أن يقرأ
فيهما بسورتي الإخلاص: ((
قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ)) [الكافرون:1] و((قُلْ
هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)) [الإخلاص:1]، ثم إذا صلاهما استحب له أن يستلم الحجر، ثم يخرج إلى الطواف
بين الصفا والمروة، ولو أخر ذلك إلى بعد طواف الإفاضة جاز.(65)



(69)
الحج فيه
ثلاثة أطوفة:



طواف عند الدخول، وهو يسمى: طواف القدوم، والدخول،
والورود.



والطواف الثاني: هو بعد التعريف، ويقال له:
طواف الإفاضة، والزيارة، وهو طواف الفرض الذي لا بد منه، كما قال تعالى: ((
ثُمَّ لْيَقْضُوا
تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)) [الحج:29].



والطواف الثالث: هو لمن أراد الخروج من
مكة، وهو طواف الوداع.(65)



(70)
إذا سعى
عقيب واحد منها -أي: الأطوفة الثلاثة- أجزأه، فإذا خرج للسعي خرج من باب الصفا.(65)



(71)
كان النبي
يرقى على الصفا والمروة، وهما في جانب جبلي مكة، فيكبر ويهلل ويدعو الله تعالى،
واليوم قد بني فوقهما دكتان، فمن وصل إلى أسفل البناء أجزأه السعي، وإن لم يصعد
فوق البناء، فيطوف بالصفا والمروة سبعًا، يبتدئ بالصفا ويختم بالمروة، ويستحب أن
يسعى في بطن الوادي؛ من العلم إلى العلم، وهما معلمان هناك، وإن لم يسع في بطن
الوادي بل مشى على هيئته جميع ما بين الصفا والمروة؛ أجزأه باتفاق العلماء، ولا
شيء عليه.(66)



(72)
لا صلاة
عقيب الطواف بالصفا والمروة، وإنما الصلاة عقيب الطواف بالبيت، بسنة رسول الله صلى
الله عليه وسلم واتفاق السلف والأئمة، فإذا طاف بين الصفا والمروة حل من إحرامه؛
كما أمر النبي أصحابه لما طافوا بهما أن يحلوا، إلا من كان معه هدي فلا يحل حتى
ينحره.(66)



(73)
المفرد
والقارن لا يحلان إلا يوم النحر.(66)



(74)
يستحب له -أي
المتمتع- أن يقصر من شعره ليدع الحلاق للحج، وكذلك أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم
وإذا أحل حل له ما حرم عليه بالإحرام.(67)



(75)
إذا كان
يوم التروية أحرم وأهل بالحج، فيفعل كما فعل عند الميقات، وإن شاء أحرم من مكة، وإن
شاء من خارج مكة، هذا هو الصواب.(67)



(76)
أصحاب
النبي إنما أحرموا كما أمرهم النبي من البطحاء، والسنة أن يحرم من الموضع الذي هو
نازل فيه، وكذلك المكي يحرم من أهله، كما قال النبي: (من كان منزله دون مكة فمهله
من أهله، حتى أهل مكة يهلون من مكة)([sup][21])[/sup].(67)



(77)
السنة أن
يبيت الحاج بمنى؛ فيصلون بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ولا يخرجون
منها حتى تطلع الشمس، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.(68)



(78)
أما
الإيقاد فهو بدعة مكروهة باتفاق العلماء، وإنما الإيقاد بمزدلفة خاصة بعد الرجوع
من عرفة، وأما الإيقاد بمنى أو عرفة فبدعة أيضًا.(68)



(79)
يسير
الحاجّ من منى إلى نمرة على طريق ضبٍّ من يمين الطريق.(68)



(80)
نمرة كانت قرية خارجة عن عرفات من جهة اليمين، فيقيمون
بها إلى الزوال، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ثم يسيرون منها إلى بطن الوادي،
وهو موضع النبي الذي صلى فيه الظهر والعصر، وخطب وهو في حدود عرفة ببطن عرنة، وهناك
مسجد يقال له: مسجد إبراهيم، وإنما بني في أول دولة بني العباس، فيصلي هناك الظهر
والعصر قصرًا، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ويصلي خلفه جميع الحاج؛ أهل مكة
وغيرهم قصرًا وجمعًا، يخطب بهم الإمام كما خطب النبي على بعيره، ثم إذا قضى الخطبة
أذن المؤذن وأقام، ثم يصلي، كما جاءت بذلك السنة.(68)



(81)
يصلي
بعرفة ومزدلفة ومنى قصرًا، ويقصر أهل مكة وغير أهل مكة، وكذلك يقصرون الصلاة بعرفة
ومزدلفة ومنى، كما كان أهل مكة يفعلون خلف النبي بعرفة ومزدلفة ومنى، وكذلك كانوا
يفعلون خلف أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ولم يأمر النبي ولا خلفاؤه أحدًا من أهل
مكة أن يتموا الصلاة، ولا قالوا لهم بعرفة ومزدلفة ومنى: أتموا صلاتكم فإنا قوم
سفر، ومن حكى ذلك عنهم فقد أخطأ، ولكن المنقول عن النبي أنه قال ذلك في غزوة الفتح
لما صلى بهم بمكة([sup][22])[/sup]،
وأما في حجه فإنه لم ينزل بمكة، ولكن كان نازلاً خارج مكة، وهناك كان يصلي بأصحابه،
ثم لما خرج إلى منى وعرفة خرج معه أهل مكة وغيرهم، ولما رجع من عرفة رجعوا معه، ولما
صلى بمنى أيام منى صلوا معه، ولم يقل لهم: أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر.(69)



(82)
لم يحد
النبي السفر لا بمسافة ولا بزمان.(70)



(83)
لم يكن
بمنى أحد ساكنًا في زمنه صلى الله عليه وسلم ولهذا قال: (منى مناخ من سبق)([sup][23])[/sup]،
ولكن قيل: إنها سكنت في خلافة عثمان، وأنه بسبب ذلك أتم عثمان الصلاة؛ لأنه كان
يرى أن المسافر من يحمل الزاد والمزاد.(70)



(84)
ثم بعد ذلك يذهب إلى عرفات، فهذه السنة([sup][24])[/sup].(70)


(85)
لكن في
هذه الأوقات لا يكاد يذهب أحد إلى نمرة، ولا إلى مصلى النبي؛ بل يدخلون عرفات
بطريق المأزمين، ويدخلونها قبل الزوال، ومنهم من يدخلها ليلاً، ويبيتون بها قبل
التعريف، وهذا الذي يفعله الناس كله يجزي معه الحج، لكن فيه نقص عن السنة، فيفعل
ما يمكن من السنة مثل الجمع بين الصلاتين، فيؤذن أذانًا واحدًا ويقيم لكل صلاة.(70)



(86)
الإيقاد
بعرفة بدعة مكروهة، وكذلك الإيقاد بمنى بدعة باتفاق العلماء، وإنما يكون الإيقاد
بمزدلفة خاصة في الرجوع.(71)



(87)
يقفون
بعرفات إلى غروب الشمس، ولا يخرجون منها حتى تغرب الشمس، وإذا غربت الشمس يخرجون
إن شاءوا بين العلمين، وإن شاءوا من جانبيهما، والعلمان الأولان حد عرفة، فلا
يجاوزهما حتى تغرب الشمس.(71)



(88)
الميلان
بعد ذلك حد مزدلفة، وما بينهما بطن عرنة.(71)



(89)
يجتهد في
الذكر والدعاء هذه العشية؛ فإنه ما رئي إبليس في يوم هو فيه أصغر ولا أحقر ولا
أغيظ ولا أدحض من عشية عرفة؛ لما يرى من تنزيل الرحمة، وتجاوز الله سبحانه عن
الذنوب العظام، إلا ما رئي يوم بدر؛ فإنه رأى جبريل يزع الملائكة.(71)



(90)
يصح وقوف
الحائض وغير الحائض.(72)



(91)
يجوز
الوقوف ماشيًا وراكبًا، وأما الأفضل فيختلف باختلاف الناس؛ فإن كان ممن إذا ركب
رآه الناس لحاجتهم إليه، أو كان يشق عليه ترك الركوب؛ وقف راكبًا، فإن النبي وقف
راكبًا، وهكذا الحج؛ فإن من الناس من يكون حجه راكبًا أفضل، ومنهم من يكون حجه
ماشيًا أفضل، ولم يعين النبي لعرفة دعاء ولا ذكرًا؛ بل يدعو الرجل بما شاء من
الأدعية الشرعية، وكذلك يكبر ويهلل ويذكر الله تعالى حتى تغرب الشمس.(72)



(92)
الاغتسال
لعرفة قد روي في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما،
وغيره.(72)



(93)
لم ينقل
عن النبي ولا عن أصحابه في الحج إلا ثلاثة أغسال: غسل الإحرام، والغسل عند دخول
مكة، والغسل يوم عرفة، وما سوى ذلك؛ كالغسل لرمي الجمار، وللطواف، والمبيت بمزدلفة؛
فلا أصل له، لا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه، ولا استحبه جمهور
الأئمة؛ لا مالك، ولا أبو حنيفة، ولا أحمد، وإن كان قد ذكره طائفة من متأخري أصحابه؛
بل هو بدعة([sup][25])[/sup]،
إلا أن يكون هناك سبب يقتضي الاستحباب، مثل أن يكون عليه رائحة يؤذي الناس بها
فيغتسل لإزالتها.(72)



(94)
عرفة كلها
موقف، ولا يقف ببطن عرنة.(73)



(95)
وأما صعود
الجبل الذي هناك فليس من السنة، ويسمى: جبل الرحمة، ويقال له: إلال، على وزن هلال،
وكذلك القبة التي فوقه التي يقال لها: قبة آدم، لا يستحب دخولها ولا الصلاة فيها، والطواف
بها من الكبائر، وكذلك المساجد التي عند الجمرات لا يستحب دخول شيء منها، ولا
الصلاة فيها، وأما الطواف بها، أو بالصخرة، أو بحجرة النبي صلى الله عليه وسلم وما
كان غير البيت العتيق؛ فهو من أعظم البدع المحرمة.(73)



(96)
إذا أفاض
من عرفات ذهب إلى المشعر الحرام على طريق المأزمين، وهو طريق الناس اليوم، وإنما
قال الفقهاء: على طريق المأزمين؛ لأنه إلى عرفة طريق أخرى تسمى: طريق ضب، ومنها
دخل النبي إلى عرفات، وخرج على طريق المأزمين.(74)



(97)
كان في
المناسك والأعياد يذهب من طريق ويرجع من أخرى؛ فدخل من الثنية العليا وخرج من
الثنية السفلى، ودخل المسجد من باب بني شيبة، وخرج بعد الوداع من باب حزورة اليوم،
ودخل إلى عرفات من طريق ضب، وخرج من طريق المأزمين، وأتى إلى جمرة العقبة -يوم
العيد- من الطريق الوسطى التي يخرج منها إلى خارج منى، ثم يعطف على يساره إلى
الجمرة، ثم لما رجع إلى موضعه بمنى الذي نحر فيه هديه وحلق رأسه رجع من الطريق
المتقدمة، التي يسير منها جمهور الناس اليوم.(74)



(98)
يؤخر
المغرب إلى أن يصليها مع العشاء بمزدلفة، ولا يزاحم الناس؛ بل إن وجد خلوة أسرع، فإذا
وصل إلى المزدلفة صلى المغرب قبل تبريك الجمال إن أمكن، ثم إذا بركوها صلوا العشاء،
وإن أخر العشاء لم يضر ذلك، ويبيت بمزدلفة.(75)



(99)
مزدلفة
كلها يقال لها: المشعر الحرام، وهي ما بين مأزمي عرفة إلى بطن محسِّر، فإن بين كل
مشعرين حدًا ليس منهما: فإن بين عرفة ومزدلفة بطن عرنة، وبين مزدلفة ومنى بطن محسِّر،
قال النبي: (عرفة كلها موقف، وارفعوا عن بطن عرنة، ومزدلفة كلها موقف، وارفعوا عن
بطن محسِّر، ومنى كلها منحر، وفجاج مكة كلها طريق)([sup][26])[/sup].(75)



(100) السنة أن يبيت بمزدلفة إلى أن يطلع الفجر، فيصلي بها الفجر في أول
الوقت، ثم يقف بالمشعر الحرام إلى أن يسفر جدًا قبل طلوع الشمس، فإن كان من الضعفة
كالنساء والصبيان ونحوهم فإنه يتعجل من مزدلفة إلى منى إذا غاب القمر.(76)



(101) لا ينبغي لأهل القوة أن يخرجوا من مزدلفة حتى يطلع الفجر، فيصلوا بها
الفجر ويقفوا بها.(76)



(102) مزدلفة كلها موقف، لكن الوقوف عند قُزَح([sup][27])[/sup]
أفضل، وهو جبل الميقدة([sup][28])[/sup]،
وهو المكان الذي يقف فيه الناس اليوم، وقد بني عليه بناء، وهو المكان الذي يخصه
كثير من الفقهاء باسم: المشعر الحرام.(76)



(103) إذا كان قبل طلوع الشمس أفاض من مزدلفة إلى منى، فإذا أتى محسِّرًا
أسرع قدر رمية بحجر.(77)



(104) إذا أتى منى رمى جمرة العقبة بسبع حصيات، ويرفع يده في الرمي، وهي
الجمرة التي هي آخر الجمرات من ناحية منى، وأقربهن من مكة، وهي الجمرة الكبرى، ولا
يرمي يوم النحر غيرها، يرميها مستقبلاً لها، يجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه،
هذا هو الذي صح عن النبي فيها، ويستحب أن يكبر مع كل حصاة، وإن شاء قال مع ذلك:
اللهم اجعله حجًا مبرورًا وسعيًا مشكورًا وذنبًا مغفورًا، ويرفع يديه في الرمي.(77)



(105) لا يزال -المحرم- يلبي في ذهابه من مشعر إلى مشعر، مثل ذهابه إلى
عرفات، وذهابه من عرفات إلى مزدلفة، حتى يرمي جمرة العقبة، فإذا شرع في الرمي قطع
التلبية؛ فإنه حينئذٍ يشرع في التحلل.(77)



(106) العلماء في التلبية على ثلاثة أقوال: منهم من يقول: يقطعها إذا وصل
إلى عرفة، ومنهم من يقول: بل يلبي بعرفة وغيرها إلى أن يرمي الجمرة، والقول الثالث:
أنه إذا أفاض من عرفة إلى مزدلفة لبى، وإذا أفاض من مزدلفة إلى منى لبى، حتى يرمي
جمرة العقبة، وهكذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم.(78)



(107) أما التلبية في وقوفه بعرفة ومزدلفة فلم ينقل عن النبي صلى الله عليه
وسلم وقد نقل عن الخلفاء الراشدين وغيرهم أنهم كانوا لا يلبون بعرفة.(78)



(108) إذا رمى جمرة العقبة نحر هديه إن كان معه هدي.(78)


(109) يستحب أن تنحر الإبل مستقبلة القبلة، قائمة معقولة اليد اليسرى، والبقر
والغنم يضجعها على شقها الأيسر، مستقبلاً بها القبلة، ويقول: باسم الله والله أكبر،
اللهم منك ولك، اللهم تقبل مني كما تقبلت من إبراهيم خليلك.(78)



(110) كل ما ذبح بمنى وقد سيق من الحل إلى الحرم فإنه هدي؛ سواء كان من
الإبل أو البقر أو الغنم، ويسمى أيضًا: أضحية، بخلاف ما يذبح يوم النحر بالحل فإنه
أضحية وليس بهدي، وليس بمنى ما هو أضحية وليس بهدي كما في سائر الأمصار.



(111) إذا اشترى الهدي من عرفات وساقه إلى منى فهو هدي باتفاق العلماء، وكذلك
إن اشتراه من الحرم فذهب به إلى التنعيم، أما إذا اشترى الهدي من منى وذبحه فيها
ففيه نزاع: فمذهب مالك أنه ليس بهدي، وهو منقول عن ابن عمر رضي الله عنهما، ومذهب
الثلاثة أنه هدي، وهو منقول عن عائشة رضي الله عنها.(79)



(112) له أن يأخذ الحصى من حيث شاء، لكن لا يرمي بحصى قد رمي به، ويستحب أن
يكون فوق الحمص ودون البندق، وإن كسره -أي: من الجبل- جاز.(79)



(113) التقاط الحصى أفضل من تكسيره من الجبل.(79)


(114) ثم يحلق رأسه أو يقصر، والحلق أفضل من التقصير، وإذا قصره جمع الشعر
وقص منه بقدر الأنملة أو أقل أو أكثر، والمرأة لا تقص أكثر من ذلك، وأما الرجل فله
أن يقصر ما شاء.(79)



(115) إذا فعل ذلك فقد تحلل باتفاق المسلمين التحلل الأول، فيلبس الثياب،
ويقلم أظفاره، وله على الصحيح أن يتطيب، ويتزوج، وأن يصطاد -أي: خارج الحرم- ولا
يبقى عليه من المحظورات إلا النساء.(80)



(116) بعد ذلك يدخل مكة فيطوف طواف الإفاضة إن أمكنه ذلك يوم النحر، وإلا
فعله بعد ذلك، لكن ينبغي أن يكون في أيام التشريق، فإن تأخيره عن ذلك فيه نزاع.(80)



(117) ثم يسعى بعد ذلك سعي الحج.(80)


(118) ليس على المفرد إلا سعي واحد، وكذلك القارن عند جمهور العلماء، وكذلك
المتمتع([sup][29])[/sup]
في أصح أقوالهم، وهو أصح الروايتين عند أحمد، وليس عليه إلا سعي واحد؛ فإن الصحابة
الذين تمتعوا مع النبي لم يطوفوا بين الصفا والمروة إلا مرة واحدة قبل التعريف.(80)



(119) إذا اكتفى المتمتع بالسعي الأول أجزأه ذلك، كما يجزئ المفرد والقارن،
وكذلك قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: قيل لأبي: «المتمتع كم يسعى بين الصفا
والمروة؟ قال: إن طاف طوافين -يعني بالبيت وبين الصفا والمروة- فهو أجود، وإن طاف
طوافًا واحدًا فلا بأس، وإن طاف طوافين فهو أعجب إلي»، وعن عطاء عن ابن عباس أنه
كان يقول: (المفرد والمتمتع يجزئه طواف بالبيت وسعي بين الصفا والمروة).(81)



(120) اختلف العلماء في الصحابة المتمتعين مع النبي -أي: كم طوافًا طافوا- مع
اتفاق الناس على أنهم طافوا أولاً بالبيت وبين الصفا والمروة، ولما رجعوا من عرفة
قيل: إنهم سعوا أيضًا بعد طواف الإفاضة، وقيل: لم يسعوا، وهذا هو الذي ثبت في صحيح
مسلم عن جابر قال: (لم يطف النبي وأصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافًا واحدًا
طوافه الأول)([sup][30])[/sup]،
وقد روي في حديث عائشة أنهم طافوا مرتين، لكن هذه الزيادة قيل: إنها من قول الزهري
لا من قول عائشة رضي الله عنها، وقد احتج بها بعضهم على أنه يستحب طوافان بالبيت، وهذا
ضعيف، والأظهر ما في حديث جابر، ويؤيده قوله: (دخلت العمرة في الحج إلى يوم
القيامة)([sup][31])[/sup]،
فالمتمتع من حين أحرم بالعمرة دخل بالحج، لكنه فصل بتحلل ليكون أيسر على الحاج، وأحب
الدين إلى الله الحنيفية السمحة.(81)



(121) لا يستحب للمتمتع ولا لغيره أن يطوف للقدوم بعد التعريف؛ بل هذا
الطواف هو السنة في حقه، كما فعل الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم فإذا طاف
طواف الإفاضة فقد حل له كل شيء؛ النساء وغير النساء.(83)



(122)
ليس بمنى صلاة عيد؛ بل رمي جمرة العقبة لهم
كصلاة العيد لأهل الأمصار، والنبي لم يصلِّ جمعة ولا عيدًا في السفر؛ لا بمكة ولا
عرفة؛ بل كانت خطبته بعرفة خطبة نسك لا خطبة جمعة، ولم يجهر بالقراءة في الصلاة
بعرفة.(83)



(123) ثم يرجع إلى منى فيبيت بها، ويرمي الجمرات الثلاث كل يوم بعد الزوال،
يبتدئ بالجمرة الأولى التي هي أقرب إلى مسجد الخيف، ويستحب أن يمشي إليها فيرميها
بسبع حصيات.(83)



(124) يستحب للمحرم أن يكبر مع كل حصاة، وإن شاء قال: اللهم اجعله حجًا
مبرورًا وسعيًا مشكورًا وذنبًا مغفورًا.(84)



(125) يستحب للمحرم إذا رمى الجمرة أن يتقدم قليلاً إلى موضع لا يصيبه
الحصى، فيدعو الله تعالى مستقبل القبلة رافعًا يديه بقدر سورة البقرة، ثم يذهب إلى
الجمرة الثانية فيرميها كذلك، فيتقدم عن يساره يدعو مثلما فعل عند الأولى، ثم يرمي
الثالثة، وهي جمرة العقبة، فيرميها بسبع حصيات أيضًا، ولا يقف عندها.(84)



(126) ثم يرمي في اليوم الثاني من أيام منى مثلما رمى في الأول، ثم إن شاء
رمى في اليوم الثالث وهو الأفضل، وإن شاء تعجل في اليوم الثاني بنفسه قبل غروب
الشمس، كما قال تعالى: ((
فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ
عَلَيْهِ)) [البقرة:203] الآية.(84)



(127) إذا غربت الشمس وهو بمنى أقام
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://2et2.yoo7.com/forum
حمدان
ديري مبدع
ديري مبدع
حمدان


الساعة :
دعاء
عدد المساهمات : 1104
نقاط : 2370
التقيم : 28
تاريخ التسجيل : 05/05/2012

 الجامع لأحكام الحج والعمرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجامع لأحكام الحج والعمرة    الجامع لأحكام الحج والعمرة Icon_minitimeالخميس مايو 10, 2012 10:21 am

(131) ثم إذا نفر الناس من منى؛ فإن بات بالمحصَّب([sup][32])[/sup]،
ثم نفر بعد ذلك فحسن؛ فإن النبي بات به وخرج، ولم يقم بمكة بعد صدوره من منى؛ لكنه
ودع البيت وقال: (لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت)([sup][33])[/sup].(85)




(132) لا يخرج الحاج حتى يودع البيت، فيطوف طواف الوداع، حتى يكون آخر عهده
بالبيت، ومن أقام بمكة فلا وداع عليه.(86)




(133) هذا الطواف يؤخره الصادر من مكة حتى يكون بعد جميع أموره، فلا يشتغل
بعده بتجارة ونحوها؛ لكن إن قضى حاجته، أو اشترى شيئًا في طريقه بعد الوداع، أو
دخل إلى المنزل الذي هو فيه ليحمل المتاع على دابته، ونحو ذلك مما هو من أسباب
الرحيل؛ فلا إعادة عليه، وإن أقام بعد الوداع أعاده.(86)




(134) طواف الوداع واجب عند الجمهور، لكن يسقط عن الحائض.(87)



(135) إن أحب أن يأتي الملتزم -وهو ما بين الحجر الأسود والباب- فيضع عليه
صدره ووجهه وذراعيه وكفيه، ويدعو ويسأل الله تعالى حاجته؛ فعل ذلك، وله أن يفعل
ذلك قبل طواف الوداع، فإن هذا الالتزام لا فرق بين أن يكون حال الوداع أو غيره،
والصحابة كانوا يفعلون ذلك حين يدخلون مكة. وإن شاء قال في دعائه الدعاء المأثور
عن ابن عباس: (اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، حملتني على ما سخرت لي من خلقك،
وسيرتني في بلادك حتى بلغتني بنعمتك إلى بيتك، وأعنتني على أداء نسكي، فإن كنت
رضيت عني فازدد عني رضًا، وإلا فمن الآن فارضَ عني قبل أن تنأى عن بيتك داري، فهذا
أوان انصرافي، إن أذنت لي غير مستبدل بك ولا ببيتك، ولا راغب عنك ولا عن بيتك، اللهم
فأصحبني العافية في بدني، والصحة في جسمي، والعصمة في ديني، وأحسن منقلبي، وارزقني
طاعتك ما أبقيتني، واجمع لي بين خيري الدنيا والآخرة، إنك على كل شيء قدير)([sup][34])[/sup]،
ولو وقف عند الباب ودعا هناك من غير التزام للبيت كان حسنًا.(87)




(136) إذا ولى لا يقف ولا يلتفت، ولا يمشي القهقرى، وكذلك عند سلامه على
النبي لا ينصرف، ولا يمشي القهقرى؛ بل يخرج كما يخرج الناس من المساجد عند الصلاة.(88)




(137) ليس في عمل القارن زيادة على عمل المفرد، لكن عليه وعلى المتمتع هدي؛
بدنة أو بقرة أو شاة، أو شرك في دم، فمن لم يجد الهدي صام ثلاثة أيام قبل يوم
النحر، وسبعة إذا رجع، وله أن يصوم الثلاثة من حين أحرم بالعمرة في أظهر أقوال
العلماء.(88)




(138) الأرجح أن العاجز عن الهدي يصوم الأيام الثلاثة([sup][35])[/sup]
من حين الإحرام بالعمرة. وقد قيل: إنه يصومها بعد التحلل من العمرة، فإنه حينئذ
شرع في الحج، ولكن دخلت العمرة في الحج كما دخل الوضوء في الغسل، قال النبي: (دخلت
العمرة في الحج إلى يوم القيامة)([sup][36])[/sup]،
وأصحاب رسول الله كانوا متمتعين معه، وإنما أحرموا بالحج يوم التروية، وحينئذ فلا
بد من صوم بعض الثلاثة قبل الإحرام بالحج.(89)




(139) يستحب أن يشرب من ماء زمزم، ويتضلع منه، ويدعو عند شربه بما شاء من
الأدعية الشرعية، ولا يستحب الاغتسال منها([sup][37])[/sup].(90)




(140) أما زيارة المساجد التي بنيت بمكة غير المسجد الحرام؛ كالمسجد الذي
تحت الصفا، وما في سفح أبي قبيس، ونحو ذلك من المساجد التي بنيت على آثار النبي
وأصحابه؛ كمسجد المولد وغيره؛ فليس قصد شيء من ذلك من السنة، ولا استحبه أحد من
الأئمة، وإنما المشروع إتيان المسجد الحرام خاصة والمشاعر؛ عرفة، ومزدلفة، والصفا
والمروة، وكذلك قصد الجبال والبقاع التي حول مكة -غير المشاعر عرفة ومزدلفة ومنى-
مثل جبل حراء، والجبل الذي عند منى الذي يقال: إنه كان فيه قبة الفداء، ونحو ذلك؛
فإنه ليس من سنة رسول الله زيارة شيء من ذلك؛ بل هو بدعة، وكذلك ما يوجد في
الطرقات من المساجد المبنية على الآثار والبقاع التي يقال: إنها من الآثار، لم
يشرع النبي زيارة شيء من ذلك بخصوصه، ولا زيارة شيء من ذلك.(90)




(141) دخول الكعبة ليس بفرض ولا سنة مؤكدة؛ بل دخولها حسن، والنبي لم
يدخلها في الحج ولا في العمرة؛ لا عمرة الجعرانة، ولا عمرة القضية، وإنما دخلها
عام فتح مكة، ومن دخلها يستحب له أن يصلي فيها ويكبر الله ويدعوه ويذكره، فإذا دخل
مع الباب تقدم حتى يصير بينه وبين الحائط ثلاثة أذرع والباب خلفه، فذلك هو المكان
الذي صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم ولا يدخلها إلا حافيًا.(91)




(142) الِحجْر: أكثره من البيت من حيث ينحني حائطه، فمن دخله فهو كمن دخل
الكعبة، وليس على داخل الكعبة ما ليس على غيره من الحجاج؛ بل يجوز له من المشي
حافيًا وغير ذلك ما يجوز لغيره.(91)




(143) الإكثار من الطواف بالبيت من الأعمال الصالحة، فهو أفضل من أن يخرج
الرجل من الحرم ويأتي بعمرة مكية، فإن هذا لم يكن من أعمال السابقين الأولين من
المهاجرين والأنصار، ولا رغب فيه النبي لأمته؛ بل كرهه السلف.(91)




(144) إذا دخل المدينة قبل الحج أو بعده فإنه يأتي مسجد النبي ويصلي فيه،
والصلاة فيه خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام.(92)




(145) لا تشد الرحال إلا إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى
المسجد الحرام، والمسجد الأقصى([sup][38])[/sup]،
هكذا ثبت في الصحيحين([sup][39])[/sup]
من حديث أبي هريرة وأبي سعيد، وهو مروي من طرق أخر.(92)




(146) مسجده كان أصغر مما هو اليوم، وكذلك المسجد الحرام، لكن زاد فيهما
الخلفاء الراشدون ومن بعدهم، وحكم الزيادة حكم المزيد في جميع الأحكام.(92)




(147) ثم يُسلّم على النبي وصاحبيه؛ فإنه قد قال: (ما من رجل يسلم علي إلا
رد الله علي روحي حتى أرد
عليه السلام)([sup][40])[/sup]،
وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول إذا دخل المسجد: (السلام عليك يا رسول
الله! السلام عليك يا أبا بكر! السلام عليك يا أبت!) ثم ينصرف، وهكذا كان الصحابة
يسلمون عليه، مستقبلي الحجرة مستدبري القبلة عند أكثر العلماء؛ كمالك والشافعي
وأحمد، وأبو حنيفة قال: يستقبل القبلة، فمن أصحابه من قال: يستدبر الحجرة، ومنهم
من قال: يجعلها عن يساره، واتفقوا على أنه لا يستلم الحجرة، ولا يقبلها، ولا يطوف
بها، ولا يصلي إليها.(92)




(148) إذا قال في سلامه: السلام عليك يا رسول الله! يا نبي الله! يا خيرة
الله من خلقه! يا أكرم الخلق على ربه! يا إمام المتقين! فهذا كله من صفاته بأبي هو
وأمي صلى الله عليه وسلم وكذلك إذا صلى عليه مع السلام عليه فهذا مما أمر الله به.(93)




(149) لا يدعو هناك مستقبل الحجرة؛ فإن هذا كله منهي عنه باتفاق الأئمة، ومالك
من أعظم الأئمة كراهية لذلك، والحكاية المروية عنه أنه أمر المنصور أن يستقبل
الحجرة وقت الدعاء كذب على مالك.(93)




(150) لا يقف عند القبر للدعاء لنفسه؛ فإن هذا بدعة، ولم يكن أحد من
الصحابة يقف عنده يدعو لنفسه، ولكن كانوا يستقبلون القبلة ويدعون في مسجده، فإنه
قال: (اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد)([sup][41])[/sup]،
وقال: (لا تجعلوا قبري عيدًا، ولا تجعلوا بيوتكم قبورًا، وصلوا علي حيثما كنتم، فإن
صلاتكم تبلغني)([sup][42])[/sup]،
وقال: (أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة وليلة الجمعة، فإن صلاتكم معروضة علي،
فقالوا: كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت -أي بليت-؟ قال: إن الله حرم على الأرض أن
تأكل أجساد الأنبياء)([sup][43])[/sup]،
فأخبر أنه يسمع الصلاة والسلام من القريب، وأنه يبلغه ذلك من البعيد، وقال: (لعن
الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، يحذر ما فعلوا، قالت عائشة:
ولولا ذلك لأبرز قبره، ولكنه كره أن يتخذ مسجدًا)([sup][44])[/sup].(94)




(151) دفن الصحابة رضي الله عنهم النبي في موضعه الذي مات فيه من حجرة
عائشة، وكانت هي وسائر الحجر خارج المسجد من قبليه وشرقيه، لكن لما كان في زمن
الوليد بن عبد الملك عمر هذا المسجد وغيره، وكان نائبه على المدينة عمر بن عبد
العزيز، فأمر أن تشترى الحجر ويزاد في المسجد، فدخلت الحجرة في المسجد من ذلك
الزمان، وبنيت منحرفة عن القبلة مسنمة؛ لئلا يصلي أحد إليها؛ فإنه قال: (لا تجلسوا
على القبور ولا تصلوا إليها)([sup][45])[/sup].(95)




(152) زيارة
القبور على وجهين: زيارة شرعية وزيارة بدعية، فالشرعية المقصود بها السلام على
الميت والدعاء له، كما يقصد بالصلاة على جنازته، فزيارته بعد موته من جنس الصلاة
عليه، فالسنة أن يسلم على الميت ويدعو له؛ سواء كان نبيًا أو غير نبي.(96)




(153) ليست
الصلاة عند قبورهم -أي: الأنبياء- أو قبور غيرهم مستحبة عند أحد من أئمة المسلمين؛
بل الصلاة في المساجد التي ليس فيها قبر أحد من الأنبياء والصالحين وغيرهم، أفضل
من الصلاة في المساجد التي فيها ذلك باتفاق أئمة المسلمين؛ بل الصلاة في المساجد
التي على القبور إما محرمة وإما مكروهة.(97)




(154) الزيارة
البدعية: أن يكون مقصود الزائر أن يطلب حوائجه من ذلك الميت، أو يقصد الدعاء عند
قبره، أو يقصد الدعاء به، فهذا ليس من سنة النبي، ولا استحبه أحد من سلف الأمة
وأئمتها؛ بل هو من البدع المنهي عنها باتفاق سلف الأمة وأئمتها.(97)




(155) كره
مالك رحمه الله وغيره أن يقول القائل: زرت قبر النبي،
وهذا اللفظ لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ بل الأحاديث المذكورة في هذا
الباب مثل قوله: (من زارني وزار أبي إبراهيم في عام واحد ضمنت له على الله الجنة)،
وقوله: (من زارني بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي، ومن زارني بعد مماتي حلت عليه
شفاعتي)، ونحو ذلك -كلها أحاديث ضعيفة؛ بل موضوعة
([sup][46])[/sup]، ليست في
شيء من دواوين الإسلام التي يعتمد عليها، ولا نقلها إمام من أئمة المسلمين؛ لا
الأئمة الأربعة ولا غيرهم، ولكن روى بعضها البزار والدارقطني ونحوهما بأسانيد
ضعيفة.(98)




(156) فإذا
كانت هذه الأمور -أي: التي ذكرها فيما سبق- التي فيها شرك وبدعة نهى عنها عند قبره
-وهو أفضل الخلق- فالنهي عن ذلك عند قبر غيره أولى وأحرى.(98)




(157) يستحب
أن يأتي مسجد قباء ويصلي فيه؛ فإن النبي قال: (من تطهر في بيته وأحسن الطهور، ثم
أتى مسجد قباء لا يريد إلا الصلاة فيه؛ كان له كأجر عمرة)([sup][47])[/sup]،
وقال النبي: (الصلاة في مسجد قباء كعمرة)([sup][48])[/sup].(99)




(158) السفر
إلى المسجد الأقصى، والصلاة فيه، والدعاء، والذكر، والقراءة، والاعتكاف مستحب في أي
وقت شاء؛ سواء كان عام الحج أو بعده، ولا يفعل فيه وفي مسجد النبي إلا ما يفعل في
سائر المساجد، وليس فيها شيء يتمسح، ولا يقبل، ولا يطاف به؛ هذا كله ليس إلا في
المسجد الحرام خاصة، ولا تستحب زيارة الصخرة؛ بل المستحب أن يصلي في قبلي المسجد
الأقصى الذي بناه عمر بن الخطاب للمسلمين.(100)




(159) لا
يسافر أحد ليقف بغير عرفات، ولا يسافر للوقوف بالمسجد الأقصى، ولا للوقوف عند قبر أحد؛
لا من الأنبياء، ولا المشايخ، ولا غيرهم باتفاق المسلمين؛ بل أظهر قولي العلماء أنه
لا يسافر أحد لزيارة قبر من القبور، ولكن تزار القبور بالزيارة الشرعية، من كان
قريبًا، ومن اجتاز بها.(101)




(160) الدين
مبني على أصلين: أن لا يعبد إلا الله وحده لا شريك له، وأن لا يعبد إلا بما شرع، لا
نعبده بالبدع.(101)




(161) المقصود
بجميع العبادات أن يكون الدين كله لله وحده، فالله هو المعبود والمسئول الذي يخاف
ويرجى ويسأل ويعبد، فله الدين خالصًا، وله أسلم من في السماوات والأرض طوعًا وكرهًا،
والقرآن مملوء من هذا.(102)




(162) يجب
على المسلم أن يعلم أن الحج من جنس الصلاة ونحوهما من العبادات التي يعبد الله بها
وحده لا شريك له، وأن الصلاة على الجنائز وزيارة قبور الأموات من جنس الدعاء لهم، والدعاء
للخلق من جنس المعروف والإحسان الذي هو من جنس الزكاة.(104)




(163) العبادات
التي أمر الله بها توحيد وسنة، وغيرها فيها شرك وبدعة؛ كعبادات النصارى ومن أشبههم؛
مثل قصد البقعة لغير العبادات التي أمر الله بها؛ فإنه ليس من الدين، ولهذا كان
أئمة العلماء يعدون من جملة البدع المتكررة: السفر لزيارة قبور الأنبياء والصالحين،
وهذا في أصح القولين غير مشروع، حتى صرح بعض من قال ذلك: أن من سافر هذا السفر لا
يقصر في الصلاة؛ لأنه سفر معصية، وكذلك من يقصد بقعة لأجل الطلب من مخلوق هي
منسوبة إليه؛ كالقبر والمقام، أو لأجل الاستعاذة به ونحو ذلك؛ فهذا شرك وبدعة، كما
تفعله النصارى من جنس ما يفعلونه من الشرك والبدع.(104)




(164) نهى
العلماء عمَّا فيه عبادة لغير الله، وسؤال لمن مات من الأنبياء أو الصالحين؛ مثل
من يكتب رقعة ويعلقها عند قبر نبي أو صالح، أو يسجد لقبر، أو يدعوه، أو يرغب إليه،
وقالوا: إنه لا يجوز بناء المساجد على القبور؛ لأن النبي قال قبل أن يموت بخمس
ليال: (إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد؛
فإني أنهاكم عن ذلك)([sup][49])[/sup].(105)




(165) من
حمل شيئًا من ماء زمزم جاز، فقد كان السلف يحملونه.(106)




(166) رفع
الصوت في المساجد منهي عنه، وقد ثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى رجلين
يرفعان أصواتهما في المسجد فقال: (لو أعلم أنكما من أهل البلد لأوجعتكما ضربًا، إن
الأصوات لا ترفع في مسجده)، فما يفعل بعض جهّال العامة من رفع الصوت عقيب الصلاة
من قولهم: السلام عليك يا رسول الله! بأصوات عالية؛ من أقبح المنكرات، ولم يكن أحد
من السلف يفعل شيئًا من ذلك عقيب السلام بأصوات عالية ولا منخفضة؛ بل ما في الصلاة
من قول المصلي: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، هو المشروع، كما أن
الصلاة عليه مشروعة في كل زمان ومكان.(107)




(167) كان
السلف يكثرون الصلاة والسلام عليه في كل مكان وزمان، ولم يكونوا يجتمعون عند قبره؛
لا لقراءة ختمة، ولا إيقاد شمع، وإطعام وإسقاء، ولا إنشاد قصائد، ولا نحو ذلك؛ بل
هذا من البدع؛ بل كانوا يفعلون في مسجده ما هو المشروع في سائر المساجد؛ من الصلاة،
والقراءة، والذكر، والدعاء، والاعتكاف، وتعليم القرآن والعلم وتعلمه، ونحو ذلك،
وقد علموا أن النبي له مثل أجر كل عمل صالح تعمله أمته؛ فإنه قال: (من دعا إلى هدى
فله من الأجر مثل أجور من اتبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيئًا)([sup][50])[/sup]،
وهو الذي دعا أمته إلى كل خير، فكل خير يعمله أحد من الأمة فله مثل أجره، فلم يكن
يحتاج إلى أن يهدى إليه ثواب صلاة أو صدقة أو قراءة من أحد؛ فان له مثل أجر ما
يعملونه من غير أن ينقص من أجورهم شيئًا.(109)




(168) كل
من كان للنبي أطوع وأتبع؛ كان أولى الناس به في الدنيا والآخرة، قال تعالى: ((قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى
بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي)) [يوسف:108]،
وقال: (إن آل أبي فلان ليسوا لي بأولياء، إنما وليي الله وصالح المؤمنين)([sup][51])[/sup]،
وهو أولى بكل مؤمن من نفسه، وهو الواسطة بين الله وبين خلقه في تبليغ أمره ونهيه، ووعده
ووعيده، فالحلال ما حلله، والحرام ما حرمه، والدين ما شرعه.(110)




الله جل وعلا هو المعبود المسئول المستعان به، الذي
يخاف ويرجى ويتوكل عليه، قال












([1])
رواه البخاري (1836)، ومسلم (1203).







([2])
كأن الشيخ رحمه الله لا يرى على من حلق بعض شعره مع الحاجة فدي.







([3])
أجاز الشيخ صيد البحر للمحرم في المسألة السابقة، وهنا صحح تحريم صيد البحر في
الحرم، وهذا على فرض وجوده، والفرق بين المسألتين: أن الأولى للمحرم خارج الحرم،
والثانية: داخل الحرم للمحرم وغير المحرم.







([4]) قال شيخ
الإسلام: «اللابة هي الحرة، وهي الأرض التي فيها حجارة سود».







([5]) قال شيخ
الإسلام: «عَير: هو جبل عند الميقات يشبه العير، وهو الحمار، وثور: هو جبل من
ناحية أحد، وهو غير جبل ثور الذي بمكة».







([6])
رواه أبو داود (4772)، والترمذي (1418)، والنسائي (7/115)، وابن ماجه (2580)، من
حديث سعد بن زيد رضي الله عنه
.






([7])
قال أبو محمد بن حزم: كداءُ الممدودة، بأعلى مكة عند المحصب، دار النبي من ذي طوًى إليها.
معجم البلدان (3/467)، وفي يوم فتح مكة قال رسول الله لرجل من الأنصار: (كيف قال
حسان بن ثابت؟) فقال: قال حسان:



عدمنا
خيلنا إن لم تروهــا تثير النقع موعـدها
كــداءُ



ينازعن
الأعنة مصغياتٍ على أكتافها الأسل
الظماءُ



تظل
جيادنا متمطـــراتٍ يلطمهن بالخمـر
النســاءُ



فأمر
النبي الجيش أن يدخل من حيث قال حسان.







([8])
قال الشيخ محمد بن عثيمين في الممتع (7/264): «هذا الباب عفا، ولا أثر له الآن...
وأدركنا مكانًا قريبًا من مقام إبراهيم يقال: إنه باب بني شيبة».







([9])
رواه الشافعي في الأم (2/144)، والبيهقي في الكبرى (5/73)، وقال: منقطع. وقال
الهيثمي في المجمع (3/241): رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وفيه عاصم بن سليمان
الكوزي، وهو متروك.







([10])
جاء عن علي رضي الله عنه ، رواه الطبراني في الأوسط (492)، وفيه الحارث الأعور، وهو
ضعيف، وجاء عن ابن عمر، رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح، كذا قال
الهيثمي في المجمع (3/243).







([11]) يختار
بعض أهل العلم أن الطواف بأي بقعة كانت شرك أكبر؛ لأن الطواف عبادة محضة، ولا تشرع
إلا لله عند الكعبة، وشيخ الإسلام رحمه الله يفرق بين من طاف لله عند الولي ونحوه؛
فهذه بدعة يستتاب منها، فإن تاب وإلا قتل، وبين من طاف للولي ونحوه؛ فهذا هو الشرك
الأكبر، وكلام شيخ الإسلام هو الأصوب، والله أعلم.







([12]) أكثر
هذه المعالم أزيلت لما تسببه من زحام، وعسى أن يؤخَّر مقام إبراهيم؛ لما يسببه من
زحام كذلك.







([13])
وكذلك المسجد النبوي، والمشقة تجلب التيسير، وإذا ضاق الأمر اتسع.







([14])
رواه أبو داود (61)، والترمذي (3)، وابن ماجه (275) من حديث علي رضي الله عنه .







([15])
رواه أبو داود (652) من حديث شداد بن أوس، وصححه الألباني.







([16])
رواه أبو داود (650)، وأحمد (3/20)، وابن خزيمة (1017). وسنده صحيح.







([17]) رواه
النسائي (5/222)، وابن حبان (3836)، والحاكم (1/630).







([18]) رواه
الترمذي (960)، والحاكم (1/459)، ورجح النسائي والبيهقي وابن الصلاح والمنذري
والنووي وابن حجر أنه موقوف عل ابن عباس، وهو الراجح. انظر: تلخيص الحبير (1/138).







([19])
رواه أبو داود (562)، والترمذي (386).







([20])
رواه البخاري (659)، ومسلم (649)، ولفظ البخاري: (لا يزال أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة
تحبسه).







([21])
رواه البخاري (1526)، ومسلم (1181)، ولفظ البخاري: (فمن كان دونهن فمهله من أهله وكذاك
حتى أهل مكة يهلون منها).







([22])
رواه أبو داود (1229) بلفظ: (صلوا أربعًا فإنا قوم سفر).







([23])
رواه أبو داود (2019)، والترمذي (881)، وابن ماجه (3006) من حديث عائشة رضي الله
عنها .







([24])
يريد الشيخ جميع ما سبق ذكره من أعمال الحج.







([25])
بدعة لمن اعتقد فضيلة الغسل لرمي الجمار مثلاً.







([26])
انظر: نصب الراية (3/60-62)، وتلخيص الحبير (2/274).







([27])
قُزَح:
بضم أوله وفتح ثانيه وحاء مهملة: قَوس السماء الذي نهي أن يقال له: قوس قُزَح، قالوا:
لأن قُزَحَ اسم للشيطان، ولا ينصرف؛ لأنه معدول ومعرفة، وهو القرن الذي يقف الإمام
عنده بالمزدلفة عن يمين الإمام.







([28]) الميقدة: هو الموضع الذي كانت توقد فيه النيران في الجاهلية،
وهو موقف قريش في الجاهلية؛ إذ كانت لا تقف بعرفة. معجم البلدان (3/392).







([29])
قال جابر رضي الله عنه : (لم يطف النبي وأصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافًا
واحدًا) رواه النسائي (2986).







([30])
رواه مسلم (1279).







([31])
رواه مسلم (1218).







([32]) قال شيخ
الإسلام: «وهو الأبطح، وهو ما بين الجبلين إلى المقبرة»، وسمي بالمحصب لاجتماع
الحصباء فيه.







([33])
رواه البخاري (1755)، ومسلم (1327) من حديث ابن عباس رضي الله عنها .







([34])
رواه البيهقي في السنن الكبرى (5/164)(9548).







([35]) الأيام الثلاثة هي الواردة
في قوله تعالى: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ
مِنْ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ
وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ
أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: 196].







([36]) تقدم.






([37]) قال شيخ
الإسلام رحمه الله في مجموع الفتاوى (12/600): «وقد كان العباس بن عبد المطلب يقول
فى ماء زمزم: لا أحله لمغتسل، ولكن لشارب حل وبل. وروي عنه أنه قال: لشارب
ومتوضىء، ولهذا اختلف العلماء: هل يكره الغسل والوضوء من ماء زمزم؟ وذكروا في
روايتين عن أحمد، والشافعى احتج بحديث العباس، والمرخص احتج بحديث فيه: أن النبى
توضأ من ماء زمزم، والصحابة توضئوا من الماء الذى نبع من بين أصابعه مع بركته، لكن
هذا وقت حاجة، والصحيح أن النهي من العباس إنما جاء عن الغسل فقط لا عن الوضوء، والتفريق
بين الغسل والوضوء هو لهذا الوجه، فإن الغسل يشبه إزالة النجاسة، ولهذا يجب أن
يغسل فى الجنابة ما يجب أن يغسل من النجاسة، وحينئذ فصون هذه المياه المباركة من
النجاسات متوجه».







([38])
هذه إحدى المسائل التي ابتلي من أجلها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وقد ذكر
الخلاف بين علماء أهل السنة ورجح المنع. انظر: مجموع الفتاوى (27/215).







([39])
رواه البخاري (1189)، ومسلم (1396) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .







([40])
رواه أبو داود (2041).







([41])
رواه مالك في الموطأ (1/172)، وعبد الرزاق في المصنف (1/406)، عن زيد بن أسلم
مرسلاً، وله شاهد من حديث أبي هريرة أخرجه أحمد في المسند (2/246).







([42])
رواه الإمام أحمد (8790)، وأبو داود (2042)، وصححه النووي، وحسنه شيخ الإسلام والحافظ
ابن حجر.







([43])
رواه أحمد (814)، وأبو داود (1047
)، والنسائي (3/91)، من حديث أوس بن أوس رضي الله عنه .






([44])
رواه البخاري (435)، ومسلم (529).







([45]) رواه مسلم
(972).







([46]) انظر في
بيان ضعفها: الصارم المنكي في الرد على السبكي لابن عبد الهادي.







([47]) رواه ابن ماجه
(1412).







([48]) رواه الترمذي
(324)، وابن ماجه (1411).







([49]) رواه مسلم (531).






([50]) رواه مسلم
(2674).







([51]) رواه البخاري
(5990).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://2et2.yoo7.com/forum
حمدان
ديري مبدع
ديري مبدع
حمدان


الساعة :
دعاء
عدد المساهمات : 1104
نقاط : 2370
التقيم : 28
تاريخ التسجيل : 05/05/2012

 الجامع لأحكام الحج والعمرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجامع لأحكام الحج والعمرة    الجامع لأحكام الحج والعمرة Icon_minitimeالخميس مايو 10, 2012 10:23 am

(1)
تعالى: ((وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ
وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ)) [النور:52]،
فجعل الطاعة لله والرسول، فليس لأحد أن يأخذ إلا ما أباحه الرسول، وإن كان الله
آتاه ذلك من جهة القدرة والملك؛ فإنه يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء.(110)



(2)
أما التوكل فعلى الله
وحده والرغبة فإليه وحده، كما قال تعالى: ((وَقَالُوا
حَسْبُنَا اللَّهُ
)) [آل عمران:173]، ولم يقل: ورسوله.(112)


(3)
لله تعالى حق لا يشركه
فيه مخلوق؛ كالعبادات، والإخلاص، والتوكل، والخوف، والرجاء، والحج، والصلاة، والزكاة،
والصيام، والصدقة.(113)



(4)
الرسول له حق؛ كالإيمان
به، وطاعته، واتباع سنته، وموالاة من يواليه، ومعاداة من يعاديه، وتقديمه في المحبة
على الأهل والمال والنفس؛ بل يجب تقديم الجهاد الذي أمر به على هذا كله.(114)






تم المقصود من منسك شيخ
الإسلام ابن تيمية









ثانيًا: مسائل الحج والعمرة من
كتاب مجمــوع الفتاوى(
[1])
الجزء السادس والعشرون



(5)
الراجح
عدم وجوب العمرة؛ فإن الله إنما أوجب الحج بقوله: ((
وَلِلَّهِ عَلَى
النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ)) [آل عمران:97]، ولم يوجب
العمرة، وإنما أوجب إتمامهما، فأوجب إتمامهما لمن شرع فيهما، وفي الابتداء إنما
أوجب الحج، وهكذا سائر الأحاديث الصحيحة ليس فيها إلا إيجاب الحج.(5)



(6)
سائر أفعال
الحج لم يفرض الله منها شيئًا مرتين؛ فلم يفرض وقتين، ولا طوافين، ولا سعيين، ولا
فرض الحج مرتين.(5)



(7)
الصحابة رضي
الله عنهم المقيمون بمكة لم يكونوا يعتمرون بمكة؛ لا على عهد النبي، ولا على عهد
خلفائه؛ بل لم يعتمر أحد عمرة بمكة على عهد النبي إلا عائشة رضي الله عنها وحدها
لسبب عارض.(6)



(Cool
أصح
القولين أن فرض الحج كان متأخرًا، ومن قال: إنه فرض سنة ست فإنه احتج بآية الإتمام:
((
وَأَتِمُّوا
الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ)) [البقرة:196]، وهو
غلط؛ فإن الآية إنما أمر فيها بإتمامهما لمن شرع فيهما، لم يأمر فيها بابتداء الحج
والعمرة.(7)



(9)
الحديث
المأثور في: (أن العمرة هي الحج الأصغر)، قد احتج به بعض من أوجب العمرة، وهو إنما
يدل على أنها لا تجب؛ لأن هذا الحديث دال على حجين: أكبر وأصغر، كما دل على ذلك
القرآن في قوله: ((
يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ)) [التوبة:3]،
وإذا كان كذلك فلو أوجبناها لأوجبنا حجين: أكبر وأصغر، والله تعالى لم يفرض حجين، وإنما
أوجب حجًا واحدًا، والحج المطلق إنما هو الحج الأكبر، وهو الذي فرضه الله على
عباده، وجعل له وقتًا معلومًا لا يكون في غيره، كما قال: ((
يَوْمَ الْحَجِّ
الأَكْبَرِ)) [التوبة:3]، بخلاف العمرة فإنها لا تختص
بوقت بعينه؛ بل تفعل في سائر شهور العام.(9)



(10) العمرة مع الحج كالوضوء مع الغسل، والمغتسل للجنابة يكفيه الغسل ولا
يجب عليه الوضوء عند جمهور العلماء، فكذلك الحج; فإنهما عبادتان من جنس واحد: صغرى
وكبرى، فإذا فعل الكبرى لم يجب عليه فعل الصغرى، ولكن فعل الصغرى أفضل وأكمل، كما
أن الوضوء مع الغسل أفضل وأكمل.(9)



(11) إن كانت المرأة من القواعد اللاتي لم يحضن، وقد يئست من النكاح، ولا
محرم لها؛ فإنه يجوز في أحد قولي العلماء أن تحج مع من تأمنه، وهو إحدى الروايتين
عن أحمد، ومذهب مالك والشافعي.(13)



(12) يجوز للمرأة أن تحج عن امرأة أخرى باتفاق العلماء؛ سواء كانت بنتها
أو غير بنتها، وكذلك يجوز أن تحج المرأة عن الرجل عند الأئمة الأربعة وجمهور
العلماء، كما أمر النبي المرأة الخثعمية أن تحج عن أبيها لما قالت: (يا رسول الله!
إن فريضة الله في الحج على عباده أدركت أبي وهو شيخ كبير. فأمرها النبي أن تحج عن
أبيها)([sup][2])[/sup]،
مع أن إحرام الرجل أكمل من إحرامها.(13)



(13) في الحج عن الميت أو المعضوب([sup][3])[/sup]
بمال يأخذه إما نفقة فإنه جائز بالاتفاق، أو بالإجارة أو بالجعالة على نزاع بين
الفقهاء في ذلك، ويستحب للحاج أن ينوب عن غير القادر إذا كان مقصوده أحد شيئين:



الأول: الإحسان
إلى المحجوج عنه، أو نفس الحج لنفسه؛ وذلك أن الحج عن الميت إن كان فرضًا فذمته
متعلقة به، فإذا كان مقصود الحاج قضاء هذا الدين الواجب عن هذا فهذا محسن إليه، والله
يحب المحسنين، فيكون مستحبًا، ويأخذ من المال ما يستعين به على أداء الحج عنه، وعلامة
ذلك أن يطلب مقدار كفاية حجه، ولهذا جوزنا نفقة الحج بلا نزاع.



والموضع
الثاني:
إذا كان الرجل مؤثرًا أن يحج محبة للحج، وشوقًا إلى المشاعر، وهو
عاجز، فيستعين بالمال المحجوج به على الحج، وهذا قد يعطى المال ليحج به لا عن أحد،
كما يعطى المجاهد المال ليغزو به، فلا شبهة فيه، فيكون لهذا أجر الحج ببدنه ولهذا
أجر الحج بماله، كما في الجهاد؛ فإنه من جهز غازيًا فقد غزا، وقد يعطى المال ليحج
به عن غيره، فيكون مقصود المعطى الحج عن المعطى عنه، ومقصود الحاج ما يحصل له من
الأجر بنفس الحج لا بنفس الإحسان إلى الغير. وهذا أيضًا إنما يأخذ ما ينفقه في
الحج كما لا يأخذ إلا ما ينفقه في الغزو، فهاتان صورتان مستحبتان، وهما الجائزتان
من أن يأخذ نفقة الحج ويرد الفضل.(14)



(14) إذا كان قصد النائب الاكتساب بذلك، وهو أن يستفضل مالاً، فهذا صورة
الإجارة والجعالة، والصواب أن هذا لا يستحب، ومن أراد الدنيا بعمل الآخرة فليس له
في الآخرة من خلاق.(14)



(15) أما الحاج عن الغير لأن يوفي دينه فقد اختلف فيها العلماء أيهما أفضل؟
والأصح أن الأفضل الترك، وهذا المدين يأخذ من الزكاة ما يوفي به دينه، خير له من
أن يقصد أن يحج ليأخذ دراهم يوفي بها دينه.(19)



(16) يجوز أن يحج المدين المعسر إذا حججه غيره، ولم يكن في ذلك إضاعة لحق
الدين؛ إما لكونه عاجزًا عن الكسب، وإما لكون الغريم غائبًا لا يمكن توفيته من
الكسب.(20)



(17) لا يسقط الحج عمن خرج حاجًا إلى بيت الله الحرام بالزاد والراحلة
فأدركه الموت في الطريق، ثم إن كان خرج إلى الحج حين وجب عليه من غير تفريط مات
غير عاصٍ، وإن فرط بعد الوجوب مات عاصيًا، ويُحج عنه من حيث بلغ، وإن كان قد خلف
مالاً فالنفقة من ذلك واجبة في أظهر قولي العلماء.(21)



(18) لا خلاف بين أصحابنا وسائر المسلمين أن الحج لا يصح إلا بالنية، إما
من الحاج نفسه، وإما من يحج به، كما يحج ولي الصبي، ولو عمل الرجل أعمال الحج من
غير قصد لم يصح الحج؛ كما لا تصح الصلاة والصوم بغير نية.(22)



(19) فرق بين النية المشترطة للحج، والنية التي ينعقد بها الإحرام؛ فإن
الرجل يمكنه أن ينوي الحج من حين يخرج من بيته، كما هو الواقع، ويقف ويطوف مستصحبًا
لهذه النية ذكرًا وحكمًا، وإن لم يقصد الإحرام ولا يخطر بقلبه. والنبي صلى الله
عليه وسلم ميز بين مقصود ومقصود، وهذا المقصود في الجملة لا بد منه في كل فعل
اختياري، وأما قصد العبادة فقصد العمل الخاص.(23)



(20) الركن اليماني لا يقبَّل على القول الصحيح، وأما سائر جوانب البيت، والركنان
الشاميان، ومقام إبراهيم، فلا يقبل، ولا يتمسح به باتفاق المسلمين المتبعين للسنة
المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم فإذا لم يكن التمسح بذلك وتقبيله مستحبًا
فأولى أن لا يقبل ولا يتمسح بما هو دون ذلك.



واتفق
العلماء على أنه لا يستحب لمن سلم على النبي عند قبره أن يقبل الحجرة، ولا يتمسح
بها؛ لئلا يضاهي بيت المخلوق بيت الخالق، وقد حكى بعض العلماء في هذا خلافًا مرجوحًا،
وأما الأئمة المتبعون والسلف الماضون فما أعلم بينهم في ذلك خلافًا.(97)



(21) من توهم من بعض الفقهاء أنه اعتمر بعد حجته، كما يفعله المختارون
للإفراد إذا جمعوا بين النسكين؛ فهذا لم يروه أحد، ولم يقله أحد أصلاً من العالمين
بحجته صلى الله عليه وسلم فإنه لا خلاف بينهم أنه لا هو ولا أحد من أصحابه اعتمر
بعد الحج إلا عائشة، ولهذا لا يعرف موضع الإحرام بالعمرة إلا بمساجد عائشة؛ حيث لم
يخرج أحد من الحرم إلى الحل فيحرم بالعمرة إلا هي.(165)



(22) سبب غلط بعض الفقهاء في حجه ألفاظ مشتركة سمعها في ألفاظ الصحابة
الناقلين لحجة النبي؛ فإنه قد ثبت في الصحاح عن غير واحد -منهم: عائشة وابن عمر
وغيرهما-: (أنه تمتع بالعمرة إلى الحج)، وثبت أيضًا عنهم: (أنه أفرد الحج)، وعامة
الذين نقل عنهم أنه أفرد الحج ثبت عنهم أنهم قالوا: (إنه تمتع بالعمرة إلى الحج)، وثبت
عن أنس بن مالك أنه قال: سمعت رسول الله يقول: (لبيك عمرة وحجًا)([sup][4])[/sup]،
وعن عمر أنه أخبر عن النبي أنه قال: (أتاني آتٍ من ربي -يعني بوادي العقيق- وقال:
قل: عمرة في حجة)([sup][5])[/sup]،
ولم يحكِ أحد لفظ النبي الذي أحرم به إلا عمر وأنس؛ فلهذا قال الإمام أحمد: «لا
أشك أن النبي كان قارنًا».(166)



(23) الهدي المسوق لا ينحر حتى يقضي التفث، كما قال تعالى: ((ثُمَّ لْيَقْضُوا
تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ)) [الحج:29]، وذلك
إشارة إلى الهدي المسوق؛ فإنه نذر.(166)



(24)
لو عطب الهدي المسوق دون
محله وجب نحره؛ لأن نحره إنما يكون عند بلوغه محله، وإنما يبلغ محله إذا بلغ صاحبه
محله؛ لأنه تبع له، وإنما يبلغ صاحبه محله يوم النحر؛ إذ قبل ذلك لا يحل مطلقًا؛
لأنه يجب عليه أن يحج.(167)



(25) ما تضمنته سنة رسول الله من المقام بمنى يوم التروية، والمبيت بها
الليلة التي قبل يوم عرفة، ثم المقام بعرنة -التي بين المشعر الحرام وعرفة- إلى
الزوال، والذهاب منها إلى عرفة، والخطبة، والصلاتين في أثناء الطريق ببطن عرنة؛
فهذا كالمجمع عليه بين الفقهاء، وإن كان كثير من المصنفين لا يميزه، وأكثر الناس
لا يعرفه لغلبة العادات المحدثة.(168)



(26) من سنة رسول الله أنه جمع بالمسلمين جميعهم بعرفة بين الظهر والعصر،
وبمزدلفة بين المغرب والعشاء، وكان معه خلق كثير ممن منزله دون مسافة القصر من أهل
مكة وما حولها، ولم يأمر حاضري المسجد الحرام بتفريق كل صلاة في وقتها، ولا أن
يعتزل المكيون ونحوهم فلم يصلوا معه العصر، وأن ينفردوا فيصلوها في أثناء الوقت
دون سائر المسلمين.(168)



(27) من اشترط السفر في الجمع في عرفة ومزدلفة من أصحاب أحمد فهو أبعد عن
أصوله من أصحاب الشافعي؛ فإن أحمد يجوز الجمع لأمور كثيرة غير السفر، حتى قال
القاضي أبو يعلى وغيره -تفسيرًا لقول أحمد: إنه يجمع لكل ما يبيح ترك الجماعة-: «فالجمع
ليس من خصائص السفر، وهذا بخلاف القصر؛ فإنه لا يشرع إلا للمسافر».(169)



(28) الحُجة مع من قال: إن المكيين يقصرون وغيرهم، وأن القصر هناك لأجل
النسك؛ لأنه لم يثبت أن النبي أمر من صلى خلفه بعرفة ومزدلفة ومنى من المكيين أن
يتموا الصلاة، كما أمرهم أن يتموا لما كان يصلي بهم بمكة أيام فتح مكة حين قال لهم:
(أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر).(170)



(29) مما قد يغلط فيه الناس: اعتقاد بعضهم أنه يستحب صلاة العيد بمنى يوم
النحر، حتى قد يصليها بعض المنتسبين إلى الفقه، أخذًا فيها بالعمومات اللفظية أو
القياسية، وهذه غفلة عن السنة ظاهرة.(170)



(30) مثل هذا -أي: الأخذ بالعمومات اللفظية أو القياسية- ما قاله طائفة -منهم
ابن عقيل- أنه يستحب للمحرم إذا دخل المسجد الحرام أن يصلي تحية المسجد كسائر
المساجد، ثم يطوف طواف القدوم أو نحوه. وأما الأئمة وجماهير الفقهاء من أصحاب أحمد
وغيرهم فعلى إنكار هذا.(171)



وأشنع من هذا: استحباب بعض
أصحاب الشافعي لمن سعى بين الصفا والمروة أن يصلي ركعتين بعد السعي على المروة
قياسًا على الصلاة بعد الطواف، وقد أنكر ذلك












([1])
تنبيه: هذه المسائل هي التي سبقت المنسك وتلته في مجموع الفتاوى.







([2]) رواه
البخاري (1513)، ومسلم (1334).







([3]) هو الذي
لا يثبت على الراحلة.







([4]) رواه مسلم
(1232).







([5]) رواه
البخاري (1534).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://2et2.yoo7.com/forum
حمدان
ديري مبدع
ديري مبدع
حمدان


الساعة :
دعاء
عدد المساهمات : 1104
نقاط : 2370
التقيم : 28
تاريخ التسجيل : 05/05/2012

 الجامع لأحكام الحج والعمرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجامع لأحكام الحج والعمرة    الجامع لأحكام الحج والعمرة Icon_minitimeالخميس مايو 10, 2012 10:23 am

(1)
سائر
العلماء من أصحاب الشافعي وسائر الطوائف، ورأوا أن هذه بدعة ظاهرة القبح.(171)



(2)
الحائض حدثها
دائم لا يمكنها طهارة تمنعها عن الدوام، فهي معذورة في مكثها ونومها وأكلها وغير
ذلك؛ فلا تمنع مما يمنع منه الجنب مع حاجتها إليه، ولهذا كان أظهر قولي العلماء: أنها
لا تمنع من قراءة القرآن إذا احتاجت إليه؛ فإنها محتاجة إليها، ولا يمكنها الطهارة
كما يمكن الجنب، وإن كان حدثها أغلظ من حدث الجنب من جهة أنها لا تصوم ما لم ينقطع
الدم، والجنب يصوم، ومن جهة أنها ممنوعة من الصلاة طهرت أو لم تطهر، ويمنع الرجل
من وطئها أيضًا، فهذا يقتضي أن المقتضي للحظر في حقها أقوى، لكن إذا احتاجت إلى
الفعل استباحت المحظور مع قيام سبب الحظر؛ لأجل الضرورة، كما يباح سائر المحرمات
مع الضرورة: من الدم والميتة ولحم الخنزير، وإن كان ما هو دونها في التحريم لا
يباح من غير حاجة: كلبس الحرير، والشرب في آنية الذهب والفضة، ونحو ذلك.(179)



(3)
إذا قُدِّر
جنب استمرت به الجنابة وهو لا يقدر على غسل أو تيمم؛ فهذا كالحائض في الرخصة، وإن
كان هذا نادرًا.(180)



(4)
أمر النبي
الحيض أن يخرجن في العيد، ويشهدن الخير ودعوة المسلمين، ويكبرن بتكبير الناس، وكذلك
الحائض والنفساء أمرهما النبي بالإحرام والتلبية، وما فيهما من ذكر الله، وشهودهما
عرفة مع الذكر والدعاء، ورمي الجمار مع ذكر الله.. وغير ذلك، ولا يكره لها ذلك؛ بل
يجب عليها، والجنب يكره له ذلك حتى يغتسل؛ لأنه قادر على الطهارة، بخلاف الحائض.
فهذا أصل عظيم في هذه المسائل ونوعها، لا ينبغي أن ينظر إلى غلظ المفسدة المقتضية
للحظر إلا وينظر مع ذلك إلى الحاجة الموجبة للإذن؛ بل الموجبة للاستحباب أو
الإيجاب.(180)



(5)
تعليل منع
طواف الحائض بأنه لأجل حرمة المسجد، رأيته يعلل به بعض الحنفية؛ فإن مذهب أبي
حنيفة أن الطهارة واجبة له، لا فرض فيه، ولا شرط له، ولكن هذا التعليل يناسب القول
بأن طواف المحدث غير محرم، وهذا مذهب منصور بن المعتمر وحماد بن أبي سليمان، رواه
أحمد عنهما([sup][1])[/sup].(182)



(6)
على قول
هؤلاء([sup][2])[/sup]
لا يحرم طواف الجنب والحائض إذا اضطرا إلى ذلك، كما لا يحرم عندهم الطواف على
المحدث بحال؛ لأنه لا يحرم عليهما دخول المسجد حينئذ، وهما إذا كانا مضطرين إلى
ذلك أولى بالجواز من المحدث الذي يجوزون له الطواف مع الحدث من غير عذر، ألا ترى
أن المحدث منع من الصلاة ومس المصحف مع قدرته على الطهارة! وذلك جائز للجنب مع
التيمم، وإذا عجز عن التيمم صلى بلا غسل ولا تيمم في أحد قولي العلماء، وهو المشهور
في مذهب الشافعي وأحمد، كما ثبت في الصحيح أن الصحابة صلوا مع الجنابة قبل أن تنزل
آية التيمم.



وإذا كانت إنما منعت من الطواف لأجل
المسجد، فمعلوم أن إباحة ذلك للعذر أولى من إباحة مس المصحف للعذر، ولو كان لها
مصحف ولم يمكنها حفظه إلا بمسه، مثل أن يريد أن يأخذه لص أو كافر أو ينهبه أحد، أو
يتهبه منها، ولم يمكنها منعه إلا بمسه؛ لكان ذلك جائزًا لها، مع أن المحدث لا يمس
المصحف، ويجوز له الدخول في المسجد؛ فعلم أن حرمة المصحف أعظم من حرمة المسجد، وإذا
أبيح لها مس المصحف للحاجة فالمسجد الذي حرمته دون حرمة المصحف أولى بالإباحة.(183)



(7)
إن كان
المنع من الطواف للحائض لمعنى في نفس الطواف، كما منع من غيره، أو كان لذلك
وللمسجد: كل منهما علة مستقلة، فنقول: إذا اضطرت إلى ذلك بحيث لم يمكنها الحج بدون
طوافها وهي حائض؛ لتعذر المقام عليها إلى أن تطهر، فهنا الأمر دائر بين أن تطوف مع
الحيض، وبين الضرر الذي ينافي الشريعة؛ فإن إلزامها بالمقام إذا كان فيه خوف على
نفسها ومالها، وفيه عجزها عن الرجوع إلى أهلها، وإلزامها بالمقام بمكة مع عجزها عن
ذلك، وتضررها به لا تأتي به الشريعة؛ فإن مذهب عامة العلماء: أن من أمكنه الحج ولم
يمكنه الرجوع إلى أهله لم يجب عليه الحج، وكثير من النساء إذا لم ترجع مع من حجت
معه لم يمكنها بعد ذلك الرجوع، ولو قُدر أنه يمكنها بعد ذلك الرجوع فلا يجب عليها
أن يبقى وطؤها محرمًا مع رجوعها إلى أهلها، ولا تزال كذلك إلى أن تعود؛ فهذا أيضًا
من أعظم الحرج الذي لا يوجب الله مثله؛ إذ هو أعظم من إيجاب حجتين، والله تعالى لم
يوجب إلا حجة واحدة. ومن وجب عليه القضاء كالمفسد فإنما ذاك لتفريطه بإفساد الحج. وإذا
قيل في هذه المرأة: بل تتحلل كما يتحلل المحصر، فهذا لا يفيد سقوط الفرض عنها، فتحتاج
مع ذلك إلى حجة ثانية، ثم هي في الثانية تخاف ما خافته في الأولى.(185)



(Cool
لا يجب
القضاء على المحصر في أظهر قولي العلماء؛ لعدم التفريط، ومن أوجب القضاء على من
فاته الحج فإنه يوجبه لأنه مفرط عنده.(186)



(9)
المحصر لا
يحل إلا مع العجز الحسي؛ إما بعدو، أو بمرض، أو فقر، أو حبس. فأما من جهة الشرع
فلا يكون أحد محصرًا، وكل من قدر على الوصول إلى البيت لم يكن محصرًا في الشرع.(186)



(10) يجوز الطواف راكبًا ومحمولاً للعذر بالنص واتفاق العلماء، وبدون ذلك
ففيه نزاع.(188)



(11) ليس في منع الحائض من قراءة القرآن سنة أصلاً؛ فإن قوله: (لا تقرأ
الحائض ولا الجنب شيئًا من القرآن) حديث ضعيف باتفاق أهل المعرفة بالحديث.(191)



(12) كان النساء يحضن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلو كانت
قراءة القرآن محرمة عليهن كالصلاة لكان هذا مما بينه النبي لأمته، وتعلمه أمهات
المؤمنين، وكان ذلك مما ينقلونه إلى الناس، فلما لم ينقل أحد عن النبي في ذلك نهيًا؛
لم يجز أن تجعل حرامًا، مع العلم أنه لم ينه عن ذلك، وإذا لم ينه عنه مع كثرة
الحيض في زمنه علم أنه ليس بمحرم.(191)



(13) لو كان المني نجسًا لكان النبي يأمر الصحابة بإزالته من أبدانهم
وثيابهم؛ لأنه لا بد أن يصيب أبدان الناس وثيابهم في الاحتلام، فلما لم ينقل أحد
عنه أنه أمر بإزالة ذلك لا بغسل ولا فرك، مع كثرة إصابة ذلك الأبدان والثياب على
عهده وإلى يوم القيامة؛ عُلِمَ أنه لم يأمر بذلك، ويمتنع أن تكون إزالته واجبة ولا
يأمر به، مع عموم البلوى بذلك، كما أمر بالاستنجاء من الغائط والبول، والحائض
بإزالة دم الحيض من ثوبها.(191)



(14) لم يأمر النبي المسلمين بالوضوء من لمس النساء ومن النجاسات الخارجة
من غير السبيلين، مع كثرة ابتلائهم به، ولو كان واجبًا لكان يجب الأمر به، وكان
إذا أمر به فلا بد أن ينقله المسلمون؛ لأنه مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله.(192)



(15) أمره بالوضوء من مس الذكر ومما مست النار أمر استحباب.(192)


(16) الآثار عن النبي والصحابة والتابعين وسائر العلماء بالفرق بين مسمى
الصلاة ومسمى الطواف متواترة؛ فلا يجوز أن يجعل نوعًا من الصلاة.(193)



(17) تنازع السلف ومن بعدهم في وجوب الوضوء من الحدث للطواف، والوضوء
للصلاة معلوم بالاضطرار من دين الإسلام، ومن أنكره فهو كافر، ولم ينقل شيء عن
النبي في وجوب الوضوء للطواف، ومنع الحائض لا يستلزم منع المحدث.(193)



(18) سجود التلاوة تنازع العلماء: هل هو من الصلاة التي تشترط لها الطهارة؟
مع أنه سجود، وهو أعظم أركان الصلاة الفعلية، وهذا السجود لم يروَ عن النبي أنه أمر
له بالطهارة؛ بل ثبت في الصحيح: (أن النبي لما قرأ سورة النجم سجد معه المسلمون
والمشركون والجن والإنس)([sup][3])[/sup]،
وسجد سحرة فرعون على غير طهارة، وثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سجد للتلاوة
على غير وضوء، ولم يروَ عن أحد من الصحابة أنه أوجب فيه الطهارة.(194)



(19) من قال من العلماء: إن طواف أهل الآفاق أفضل من الصلاة بالمسجد، فإنما
ذلك لأن الصلاة تمكنهم في سائر الأمصار، بخلاف الطواف فإنه لا يمكن إلا بمكة، والعمل
المفضول في مكانه وزمانه يقدم على الفاضل، فالطواف قدم لأنه يفوت الآفاقي إذا خرج،
فقدم ذلك لا لأن جنسه أفضل من جنس الصلاة؛ بل ولا مثلها، فإن هذا لا يقوله أحد، والحج
كله لا يقاس بالصلاة التي هي عمود الدين؛ فكيف يقاس بها بعض أفعاله؟! (196)



(20) لم يوجب الله تعالى شيئًا من أعمال الحج مرتين؛ بل إنما فرض طوافًا
واحدًا ووقوفًا واحدًا، وكذلك السعي عن أحمد في أنص الروايتين عنه لا يوجب على
المتمتع إلا سعيًا واحدًا([sup][4])[/sup]،
إما قبل التعريف، وإما بعده بعد الطواف، ولهذا قال أكثر العلماء: إن العمرة لا تجب،
كما هو مذهب مالك وأبي حنيفة، وهو أحد القولين في مذهب الشافعي وأحمد، وهو الأظهر
في الدليل؛ فإن الله لم يوجب إلا حج البيت، لم يوجب العمرة.(197)



(21) مما يفرق بين طواف الحائض وصلاة الحائض: أنها تحتاج إلى الطواف الذي
هو فرض عليها مرة في العمر، وقد تكلفت السفر الطويل، وحملت الإبل أثقالها إلى بلد
لم يكن الناس بالغيه إلا بشق الأنفس([sup][5])[/sup]،
فأين حاجة هذه إلى الطواف من حاجتها إلى الصلاة التي تستغني عنها زمن الحيض بما
تفعله زمن الطهر؟! وقد تقدم أن الحائض لم تمنع من القراءة لحاجتها إليها، وحاجتها
إلى هذا الطواف أعظم.(198)



(22) من أوجب للطواف الطهارة الصغرى فلا بد له من دليل شرعي، وما أعلم ما
يوجب ذلك. ثم تدبرت وتبين لي أن طهارة الحدث لا تشترط في الطواف، ولا تجب فيه بلا
ريب، ولكن تستحب فيه الطهارة الصغرى؛ فإن الأدلة الشرعية إنما تدل على عدم وجوبها
فيه، وليس في الشريعة ما يدل على وجوب الطهارة الصغرى فيه، وحينئذ فلا نسلم أن جنس
الطواف أفضل من جنس قراءة القرآن؛ بل جنس القراءة أفضل منه، فإنها أفضل ما في
الصلاة من الأقوال.(199)



(23) مس المصحف يشترط له الطهارة الكبرى والصغرى عند جماهير العلماء، وكما
دل عليه الكتاب والسنة، وهو ثابت عن سلمان وسعد وغيرهم من الصحابة، وحرمة المصحف
أعظم من حرمة المساجد، ومع هذا إذا اضطر الجنب والمحدث والحائض إلى مسِّه مسَّه؛ فإذا
اضطر إلى الطواف الذي لم يقم دليل شرعي على وجوب الطهارة فيه مطلقًا كان أولى
بالجواز.(200)



(24) ليس لأحد أن يحتج بقول أحد في مسائل النزاع، وإنما الحجة النص
والإجماع، ودليل مستنبط من ذلك تقرر مقدماته بالأدلة الشرعية لا بأقوال بعض
العلماء؛ فإن أقوال العلماء يحتج لها بالأدلة الشرعية، لا يحتج بها على الأدلة
الشرعية. ومن تربى على مذهب قد تعوده واعتقد ما فيه، وهو لا يحسن الأدلة الشرعية
وتنازع العلماء؛ لا يفرق بين ما جاء عن الرسول وتلقته الأمة بالقبول بحيث يجب
الإيمان به، وبين ما قاله بعض العلماء ويتعسر أو يتعذر إقامة الحجة عليه، ومن كان لا
يفرق بين هذا وهذا لم يحسن أن يتكلم في العلم بكلام العلماء، وإنما هو من المقلدة
الناقلين لأقوال غيرهم، مثل المحدِّث عن غيره، والشاهد على غيره لا يكون حاكمًا، والناقل
المجرد يكون حاكيًا لا مفتيًا.(202)



(25) الذي لا أعلم فيه نزاعًا أنه ليس للمرأة أن تطوف مع الحيض إذا كانت
قادرة على الطواف مع الطهر، فما أعلم منازعًا أن ذلك يحرم عليها وتأثم به، وتنازعوا
في إجزائه.(205)



(26) نقل عن عطاء: أن المرأة إذا حاضت في أثناء الطواف فإنها تتم طوافها، وهذا
صريح عن عطاء أن الطهارة من الحيض ليست شرطًا.(208)



(27) الصواب أنه لا تشترط الطهارة للطواف، وهذا قول أكثر السلف، وهو مذهب
أبي حنيفة وغيره، والمشترطون في الطواف شروط الصلاة ليس معهم حجة إلا قوله: (الطواف
بالبيت صلاة)، وهذا لو ثبت عن النبي لم يكن لهم فيه حجة.(212)



(28) من جامعها زوجها بعد التحلل الأول وقبل التحلل الثاني لم يفسد حجها
بذلك؛ لكن يفسد ما بقي، وعليها طواف الإفاضة باتفاق الأئمة. فأما إن كانت رجعت إلى
بلدها ووطأها زوجها؛ فلا بد لها إذا رجعت أن تحرم بعمرة من الميقات.(247)



(29)
لا يدخل أحد مكة إلا محرمًا
بحج أو عمرة، إما وجوبًا أو استحبابًا؛ إلا من له حاجة متكررة ونحو ذلك.(247)



(30) من كان بمكة من مستوطن ومجاور وقادم وغيرهم؛ فإن طوافه بالبيت أفضل
له من العمرة -وهذا مما لا يستريب فيه من كان عالمًا بسنة رسول الله وسنة خلفائه، وآثار
الصحابة وسلف الأمة وأئمتها- وسواء خرج في ذلك إلى أدنى الحل وهو التنعيم، أو أقصى
الحل من أي جوانب الحرم، وهذا المتفق عليه بين سلف الأمة، وما أعلم فيه مخالفًا من
أئمة الإسلام في العمرة المكية. وأما العمرة من الميقات؛ بأن يذهب إلى الميقات
فيحرم منه، أو يرجع إلى بلده ثم ينشئ السفر منه للعمرة؛ فهذه ليست عمرة مكية؛ بل
هذه عمرة تامة، وليس الكلام هنا فيها.(248)



وأما الاعتمار للمكي بخروجه
إلى الحل فهذا لم يفعله أحد على عهد رسول الله قط، إلا عائشة في حجة الوداع، مع أن
النبي لم يأمرها به؛ بل أذن فيه بعد مراجعتها إياه، فأما أصحابه الذين حجوا معه
حجة الوداع كلهم من أولهم إلى آخرهم فلم يخرج أحد منهم لا قبل الحجة ولا بعدها؛ لا
إلى التنعيم، ولا إلى الحديبية، ولا إلى الجعرانة، ولا غير ذلك لأجل العمرة، وكذلك
أهل مكة المستوطنون لم يخرج أحد منهم إلى الحل لعمرة، وهذا متفق عليه معلوم لجميع
العلماء الذين يعلمون سنته وشريعته. وكذلك أيضًا أصحابه












([1])
قال شيخ الإسلام رحمه الله في مجموع الفتاوى (26/182): «قال عبد الله في مناسكه:
حدثني أبي، حدثنا سهل بن يوسف، أنبأنا شعبة، عن حماد ومنصور قال: سألتهما عن الرجل
يطوف بالبيت وهو غير متوضئ، فلم يريا به بأسًا. وقال عبد الله بن أحمد: سألت أبي
عن ذلك فقال: أحب إلي أن يطوف بالبيت وهو متوضئ؛ لأن الطواف صلاة».







([2])
يريد
من سبق ذكرهم وهم: حماد، ومنصور، وبعض الحنفية.







([3]) رواه
البخاري (1071)، ومسلم (576).







([4]) قال إسحاق بن منصور الكوسج: «قلت لأحمد:
المتمع كم يسعى بين الصفا والمروة؟ قال: إن طاف طوافين فهو أجود، وإن طاف طوافًا
واحدًا فلا بأس. قلت: كيف هذا؟ قال: أصحاب النبي لما رجعوا من منى لم يطوفوا بين
الصفا والمروة. وقال إسحاق: يجزئه طواف بين الصفا والمروة لحجه وعمرته». مسائل
الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه رواية إسحاق بن منصور الكوسج (1/525).







([5])
في
هذه الأزمنة الأمر أشق وأصعب، فأكثر الناس يقدم بالطائرات، وهي لا تنتظر أحدًا من
الناس، فلابد لمن قدم من خارج السعودية فيزا يصعب الحصول عليها، وكذا من جاءت من
داخل السعودية ربما رفض وليها البقاء معها، فتقع في أشد الحرج؛ خاصة مع فساد
الذمم، وتخلي الكثير من الأولياء عن واجباتهم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://2et2.yoo7.com/forum
حمدان
ديري مبدع
ديري مبدع
حمدان


الساعة :
دعاء
عدد المساهمات : 1104
نقاط : 2370
التقيم : 28
تاريخ التسجيل : 05/05/2012

 الجامع لأحكام الحج والعمرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجامع لأحكام الحج والعمرة    الجامع لأحكام الحج والعمرة Icon_minitimeالخميس مايو 10, 2012 10:24 am

(1)
الذين
كانوا مقيمين بمكة من حين فتحه مكة من شهر رمضان سنة ثمان وإلى أن توفي، لم يعتمر
أحد منهم من مكة، ولم يخرج أحد منهم إلى الحل ويهل منه، ولم يعتمر النبي وهو بمكة
قط([sup][1])[/sup].(252)



(2)
من توهم
أن النبي خرج من مكة فاعتمر من الحديبية أو الجعرانة؛ فقد غلط غلطًا فاحشًا منكرًا،
لا يقوله إلا من كان من أبعد الناس عن معرفة سنة النبي وسيرته، وإن كان قد غلط في
الاحتجاج بذلك على العمرة من مكة طوائف من أكابر أعيان العلماء، فقد ظهر أن النبي
وأصحابه جميعهم لم يعتمر أحد منهم في حياته من مكة بعد فتح مكة ومصيرها دار إسلام
إلا عائشة.(255)



(3)
المنقول
الصريح عمن أوجب العمرة من الصحابة والتابعين لم يوجبها على أهل مكة. قال أحمد بن
حنبل([sup][2])[/sup]:
«كان ابن عباس يرى العمرة واجبة ويقول: يا أهل مكة! ليس عليكم عمرة، إنما عمرتكم
طوافكم بالبيت»، وقال عطاء بن أبي رباح -أعلم التابعين بالمناسك وإمام الناس فيها-:
(ليس أحد من خلق الله إلا عليه حجة وعمرة واجبتان، لا بد منهما لمن استطاع إليهما
سبيلاً، إلا أهل مكة فإن عليهم حجة وليس عليهم عمرة، من أجل طوافهم بالبيت، وهم
يفعلونه، فأجزأ عنهم)، وقال طاوس: (ليس على أهل مكة عمرة)، وكلام هؤلاء السلف
وغيرهم يقتضي أنهم كانوا لم يستحبوها لأهل مكة؛ فضلاً عن أن يوجبوها([sup][3])([4])[/sup].(256)



(4)
من
المعلوم أن مشي الماشي حول البيت طائفًا هو العبادة المقصودة، وأن مشيه من الحل هو
وسيلة إلى ذلك وطريق، فمن ترك المشي من هذا المقصود الذي هو العبادة واشتغل
بالوسيلة فهو ضال جاهل بحقيقة الدين، وهو أشر من جهل من كان مجاورًا للمسجد يوم
الجمعة يمكنه التبكير إلى المسجد والصلاة فيه، فذهب إلى مكان بعيد ليقصد المسجد
منه، وفوَّت على نفسه ما يمكن فعله في المسجد من الصلاة المقصودة.(262)



(5)
نقل عن
أحمد واختاره طائفة من أصحابه: أنه يستحب للمتمتع أن يطوف طواف القدوم بعد رجوعه
من عرفة قبل طواف الإفاضة. والصواب الذي عليه جماهير العلماء أنه لا يستحب؛ لأن
الصحابة لم يفعلوا ذلك مع النبي صلى الله عليه وسلم وهذا هو القول الأخير من مذهب
أحمد.(272)



(6)
كان ابن
عباس يبالغ في المتعة حتى يجعلها واجبة، ويجعل الفسخ واجبًا، وهو قول أبي حنيفة
وطائفة من أهل الظاهر، ويجعل من طاف وسعى فقد حل من إحرامه وصار متمتعًا؛ سواء قصد
التمتع أو لم يقصده. وصار إلى إيجاب التمتع طائفة من الشيعة وغيرهم.(282)



(7)
لا بد بعد
الوقوف بعرفة من طواف الإفاضة، وإن لم يطف بالبيت لم يتم حجه باتفاق الأمة، وإن
أحصره عدو عن البيت وخاف فلم يمكنه الطواف تحلل، فيذبح هديًا ويحل، وعليه الطواف
بعد ذلك إن كانت تلك حجة الإسلام؛ فيدخل مكة بعمرة يعتمرها تكون عوضًا عن ذلك.(302)



(Cool
إذا أحرم
مطلقًا، ولم يخطر بباله أحد الأنساك؛ صح حجه إذا حج كما يحج المسلمون.(303)







أحكام الأضحية من مجموع الفتاوى
الجزء السادس والعشرون



(9)
الأضحية
والعقيقة والهدي أفضل من الصدقة بثمن ذلك.(304)



(10)
من أراد
أن يضحي وليس عنده مال؛ إن كان له وفاء فاستدان ما يضحي به فحسن، ولا يجب عليه أن
يفعل ذلك.(305)



(11)
تجوز
الأضحية عن الميت؛ كما يجوز الحج عنه، والصدقة عنه، ويضحى عنه في البيت، ولا يذبح
عند القبر أضحية ولا غيرها.(306)



(12)
كان
المشركون يذبحون للقبور، ويقربون لها القرابين، وكانوا في الجاهلية إذا مات لهم
عظيم ذبحوا عند قبره الخيل والإبل وغير ذلك؛ تعظيمًا للميت، فنهى النبي عن ذلك كله.(306)






تم المقصود من مجموع فتاوى
شيخ الإسلام ابن تيمية









ثالثًا: مسائل الحج والعمرة من
كتاب
شرح العمدة في بيان مناسك الحج والعمرة
الجزء الأول



(13)
يجب الحج
عن الميت والعاجز من حيث وجب عليه:



1)
وذلك لأن
النبي جعل الحج عليه دينًا، وأمر الوارث أن يفعله عنه كما يفعل الدين، وقد كان
عليه أن يحج من دويرة أهله، فكذلك من يحج عنه.



2)
ولأن
الحجة التي ينشئها من دويرة أهله أفضل وأتم من التي ينشئها من دون ذلك؛ بدليل قوله
سبحانه: ((
وَأَتِمُّوا
الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ
)) [البقرة:196].


3)
ولأن
المسافة وجب قطعها في حال الحياة، فوجب قطعها بعد الموت، كالمسافة من الميقات.



4)
ولأن قطع
المسافة في الحج أمر مقصود.(194)



(14)
متى ملك
الزاد والراحلة وجب عليه أن يحج على الفور، فإن أخره بعد ذلك عصى بذلك.(198)



(15)
نص أحمد
في رواية عبد الله: فيمن استطاع الحج، وكان موسرًا، ولم يحبسه علة ولا سبب؛ لم تجز
شهادته.(198)



(16)
شرع من
قبلنا شرع لنا، لاسيما شرع إبراهيم؛ فإنا مأمورون باتباع ملته؛ لقوله تعالى: ((
ثُمَّ
أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً)) [النحل:123]، وقوله تعالى: ((إِنَّ أَوْلَى
النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ)) [آل عمران:68]؛ خصوصًا حرمة الكعبة وحجها، فإن محمدًا لم
يبعث بتغيير ذلك، وإنما بعث بتقريره وتثبيته، وإحياء مشاعر إبراهيم.(200)



(17)
لقد اقتص
الله علينا أمر الكعبة، وذكر بناءها وحجها واستقبالها، وملة إبراهيم في أثناء سورة
البقرة، وذكر أيضًا ملة إبراهيم والبيت وأمره، وثلّث ذلك في أثناء سورة آل عمران،
وذكر الحج وأمره وسننه، وملة إبراهيم، والمناسك والحض عليها وتثبيت أمرها في سورة
الحج، وسورة الحج بعضها مكي بلا شك، وأكثرها أو باقيها مدني متقدم؛ فعلم بذلك أن
إيجاب الحج وفرضه من الأمور المحكمة من ملة إبراهيم، فيكون وجوبه من أول الإسلام([sup][5])[/sup].(202)



(18)
فعل
القضاء من الحج يجب على الفور؛ فإنه لو أفسد الحج أو فاته لزمه الحج من قابل؛
بدليل قوله
عليه السلام: (من كسر أو عرج فقد حل وعليه الحج
من قابل)([sup][6])[/sup]،
وهذا لا خلاف فيه، فإذا كان القضاء يجب على الفور؛ فأن تجب حجة الإسلام الأداء
بطريق الأولى والأحرى.(208)



(19)
هذا
التغليظ يعم من مات قبل أن يغلب على ظنه الفوات، وهم أكثر الناس، ومن غلب على ظنه
ففي تأخيره تعرض لمثل هذا الوعيد، وهذا لا يجوز، وإنما لحقه هذا لأن سائر أهل
الملل من اليهود والنصارى لا يحجون، وإن كانوا قد يصلون، وإنما يحج المسلمون خاصة.(214)



(20)
قال عمر
بن الخطاب رضي الله عنه: (لقد هممت أن أبعث رجلاً إلى هذه الأمصار فينظروا كل رجل
ذا جدة لم يحج فيضربوا عليهم الجزية، ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين)([sup][7])[/sup]،
وهذا قاله عمر ولم يخالفه مخالف من الصحابة، وإنما عزم على ذلك -وإن كان تارك الحج
إذا كان مسلمًا لا يضرب عليه الجزية-؛ لأنه كان في أول الإسلام الغالب على أهل
الأمصار الكفر إلا من أسلم، فمن لم يحج أبقاه على الكفر الأصلي فضرب عليه الجزية،
ولولا أن وجوبه على الفور لم يجعل تركه شعارًا للكفر.(215)



(21)
الحج تمام
الإسلام؛ لأن الإسلام بني على خمس، كما في الحديث المشهور، وكانت شرائع الإسلام
تنزل شيئًا فشيئًا، فصار الحج كمال الدين وتمام النعمة، فإذا لم يحج الرجل لم يكن
إسلامه ودينه كاملاً؛ بل يكون ناقصًا، ولا يجوز للمسلم أن يترك دينه ناقصًا، كما
لا يجوز أن يخل بالصلاة والصوم والزكاة بعد وجوبها.(216)



(22)
أما ما
ذكره بعض أهل العلم من أن الحج فرض متقدمًا، وأخره النبي وأصحابه، فعنه أجوبة:



أحدها:
أنه لا يجوز لمسلم أن يعتقد أن الله أوجب الحج وكتبه، ومكث النبي
وعامة أصحابه مؤخرين له من غير عائق أصلاً خمس سنين، ولا سنةً واحدة، وهم السابقون
الأولون من المهاجرين والأنصار.



وتأخيره
إن لم يكن محرمًا فإنه مكروه، أو هو خلاف الأحسن والأفضل، وتأخر عن مقامات السبق
ودرجات المقربين؛ فكيف تطبق الأمة مع نبيها على ترك الأحسن والأفضل لغير عذر أصلاً؟!



وأيضًا
فقد مات منهم في تلك السنوات خلق كثير لم يحجوا، أفترى أولئك لقوا الله عاصين بترك
أحد مباني الإسلام، ولم ينبههم النبي على ذلك؟!



ثم
إن حج البيت من فروض الكفايات([sup][8])[/sup]،
وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: (لو أن الناس تركوا الحج عامًا واحدًا لا يحج
أحد ما نظروه بعده)([sup][9])[/sup]،
فكيف يتركون المسلمون الحج بعد وجوبه سنة في سنة؟! فإن حج الكفار غير مسقط لهذا
الإيجاب.



وأما
قولهم: إنه فرض سنة خمس أو ست، فقد اختلف الناس في ذلك اختلافًا مشهورًا؛ فقيل:
سنة خمس، وقيل: سنة ست، وقيل: سنة سبع، وقيل: سنة تسع، وقيل: سنة عشر، فالله أعلم
متى فرض، غير أنه يجب أن يعلم إما أنه فرض متأخرًا، أو فرض متقدمًا، وكان هناك
مانع عام يمنع من فعله، وإلا لما أطبق المسلمون على تركه وتأخيره.



الجواب
الثاني:
أن الأشبه -والله أعلم- أنه إنما فرض متأخرًا، يدل على ذلك وجوه:
أحدها: أن آية وجوب الحج التي أجمع المسلمون على دلالتها على وجوبه قوله: ((
وَلِلَّهِ
عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)) [آل عمران:97]، وقد قيل: إن هذه الآية إنما نزلت متأخرة
سنة تسع أو عشر، ويدل على ذلك: أنها في سياق مخاطبة أهل الكتاب، وتقرير ملة
إبراهيم، وتنزيهه من اليهودية والنصرانية.



الوجه
الثاني:
أن أكثر الأحاديث الصحيحة في دعائم الإسلام ليس فيها ذكر الحج؛ مثل
حديث وفد عبد القيس، فقد أمرهم بالإيمان بالله وحده، وفسره لهم: أنه الصلاة،
والزكاة، وصوم رمضان، وأن يعطوا من المغنم الخمس([sup][10])[/sup]،
ومعلوم أنه لو كان الحج واجبًا لم يضمن لهم الجنة إلا به.



وكذلك
الأعرابي الذي جاء من أهل نجد ثائر الرأس، الذي قال: لا أزيد على هذا ولا أنقص منه([sup][11])[/sup]،
إنما ذكر له النبي الصلاة، والزكاة، والصوم، وكذلك الذي أوصاه النبي بعمل يدخله
الجنة أمره بالتوحيد، والصلاة، والزكاة، وصوم رمضان.



الوجه
الثالث:
أن الناس قد اختلفوا في وقت وجوبه، والأصل عدم وجوبه في الزمان الذي
اختلفوا فيه حتى يجتمعوا عليه، لاسيما والذين ذكروا وجوبه إنما تأولوا عليه آية من
القرآن([sup][12])[/sup]
أكثر الناس يخالفونهم في تأوليها، وليس هناك نقل صحيح عمن يوثق به أنه واجب سنة
خمس أو سنة ست.



الجواب
الثالث:
أنه وإن كان فرض متقدمًا لكن كانت هناك عوائق تمنع من فعله؛ بل من
صحته بالكلية؛ سواء كان واجبًا أو غير واجب، أظهرها منعًا: أن الحج قبل حجة الوداع
كان يقع في غير حينه؛ لأن أهل الجاهلية كانوا ينسئون النسيء الذي ذكره الله في
القرآن.



وقد
روى أحمد بإسناده عن مجاهد في قوله: ((
إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي
الْكُفْرِ)) [التوبة:37] قال: «حجوا في ذي الحجة عامين،
ثم حجوا في المحرم عامين، ثم حجوا في صفر عامين، فكانوا يحجون في كل سنة في كل شهر
عامين، حتى وافقت حجة أبي بكر الآخر من العامين في ذي القعدة قبل حجة النبي بسنة،
ثم حج النبي من قابل في ذي الحجة، فلذلك يقول النبي: (إن الزمان قد استدار كهيئته
يوم خلق الله السموات والأرض)([sup][13])[/sup]».



وهذا
مما أجمع عليه أهل العلم بالأخبار والتفسير والحديث، وفي ذلك نزل قوله: ((
إِنَّ
عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً))
[التوبة:36] الآية والتي بعدها. وإذا كان الحج قبل حجة الوداع في تلك السنين باطلاً
واقعًا في غير ميقاته؛ امتنع أن يؤدى فرض الله سبحانه قبل تلك السنة، وعلم أن حجة
عتاب بن أسيد وحجة أبي بكر إنما كانتا إقامةً للموسم الذي يجتمع فيه وفود العرب
والناس؛ لينبذ العهود، ويُنفى المشركون، ويمنعون من الطواف عراة، تأسيسًا وتوطئة
للحجة التي أكمل الله بها الدين، وأتم بها النعمة، وأدى بها فرض الله، وأقيمت فيها
مناسك إبراهيم عليه السلام. ولا يجوز أن يقال: فقد كان يمكن المسلم أن يحج في غير
وقت حج المشركين؛ أما قبل الفتح فلو فعل ذلك أحد لأريق دمه، ولمنع من ذلك وصد،
وكذلك بعد الفتح؛ لأن القوم حديثو عهد بجاهلية، وفي استعطافهم تأليف قلوبهم،
وتبليغ الرسالة في الموسم ما فيه.



وقد
ذكروا أيضًا من جملة أعذاره: اختلاط المسلمين بالمشركين، وطوافهم بالبيت عراة،
واستلامهم الأوثان في حجهم، وإهلالهم بالشرك، وإفاضتهم من عرفات قبل غروب الشمس،
ومن جَمْع بعد طلوعها، ووقوف الحمس عشية عرفة بمزدلفة.. إلى غير ذلك من المنكرات
التي لا يمكن الحج معها، ولم يمكن تغييرها بعد الفتح إلا في سنة أبي بكر؛ حج من
العام المقبل لما زالت.



ومن
الأعذار أيضًا: اشتغاله بأمر الجهاد، وغلبة الكفار على أكثر الأرض، والحاجة،
والخوف على نفسه وعلى المدينة من الكفار والمنافقين.(218)



(303) قوله تعالى: ((وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ)) [البقرة:196] نزل عام الحديبية سنة ست من الهجرة، لما صد
المشركون رسول الله عن إتمام عمرته التي قد كان أهلَّ بها، وفيها بايع المسلمين
بيعة الرضوان، وفيها قاضى المشركين على الصلح على أن يعتمر من قابل، وهو إنما
يتضمن الأمر بالإتمام، وليس ذلك مقتضٍ للأمر بالابتداء؛ فإن كل شارع في الحج
والعمرة مأمور بإتمامهما، وليس مأمورًا بابتدائهما، ولا يلزم من وجوب إتمام
العبادة وجوب ابتدائها، كما لا يلزم من تأكيد استحباب الإتمام تأكيد استحباب
الشروع. وأما كون الحج والعمرة من دين إبراهيم عليه السلام، فهذا لا شك فيه، ولم
يزل ذلك قربةً وطاعةً من أول الإسلام، وجميع آيات القرآن تدل على حسن ذلك
واستحبابه، وأما وجوبه فلا يعلم أنه كان واجبًا في شريعة إبراهيم ألبتة، ولم يكن
لإبراهيم عليه السلام شريعة يجب فيها على الناس [الحج والعمرة]([sup][14])[/sup].(222)



(304) ذكر الحج في حديث ضمام بن ثعلبة رضي الله عنه في بعض طرقه، وقد اختلف
الناس في زمن وفوده، والصواب أنه إنما وفد سنة تسع، فيكون الحج إنما فرض سنة تسع،
وهذا يطابق نزول الآية في تلك السنة، وهذا شبيه بالحق؛ فإن سنة ثمان وما قبلها
كانت مكة في أيدي الكفار، وقد غيروا شرائع الحج، وبدلوا دين إبراهيم #، ولا يمكن
مسلمًا أن يفعل الحج إلا على الوجه الذي يفعلونه؛ فكيف يفرض الله على عباده
المسلمين ما لا يمكنهم فعله؟! وإنما كانت الشرائع تنزل شيئًا فشيئًا، كلما قدروا
وتيسر عليهم أمروا به.(222)



(305) الحي لا يجوز أن يحج عنه الفرض إلا بإذنه، وكذلك لا يحج عنه النفل
بدون إذنه، لكن إن حج وأهدى له ثوابه [يجزئ].(230)



(306) إنما أذن النبي أن يحج عن المعضوب والميت من يتبرع بالحج عنهم، أوجب
قضاء دينهم وبراءة ذمتهم.(243)



(307) إنما كرهت الإجارة على الحج لما ذكره أحمد: من أن ذلك بدعة لم يكن
على عهد النبي ولا على عهد السلف، وقد كان فيهم من يحتاج إلى الحج عنه، ولم يستأجر
أحدٌ أحدًا يحج عن الميت، ولو كان جائزًا حسنًا لما أغفلوه؛ ولأن ذلك أكل للدنيا
بالدين؛ لأنه يبيع عمله الصالح.. وقد قال النبي لمن استؤجر بدراهم يغزو بها: (ليس
لك من دنياك وآخرتك إلا هذا)؛ وهذا لأن الإجارة معاوضة على المنفعة، يملك بها
المستأجر المنفعة كما يملك المشتري الأعيان المبيعة، فالأجير للحج يبيع إحرامه
وطوافه وسعيه ووقوفه ورميه لمن استأجره بالأجر الذي أخذه. ولأن أخذ العوض يبطل
القربة المقصودة، كمن أعتق عبده على مال يأخذه منه لا يجزئه عن الكفارة.(243)



(308) النفقة أمانة بيد النائب، له أن ينفق منها بالمعروف، وإنما تقدر بأمر
الميت، أو المستنيب الحي، أو بتقدير الورثة إذا كانوا كبارًا، فإن كان فيهم يتيم
فليس لهم أن يقولوا: ما فضل فهو لك، إلا أن يتبرع الكبار بشيء من حصتهم، ولا يملك
الفاضل إلا بعد الحج، فليس له أن يتصرف فيه قبل ذلك.(249)



(309) ما لزم النائب من الدماء بفعل محظور، مثل: الوطء، وقتل الصيد، ونحو
ذلك، فهو في ماله، نص عليه؛ لأنه لم يؤذن له في ذلك، وإنما هو من جنايته.(253)



(310) أما دم التمتع والقران إذا أذن له فيهما على المستنيب، وإلا فعليه،
ودم الإحصار على المستنيب؛ لأنه للتخلص من السفر، فهو كنفقة الرجوع.(253)



(311) إن أفسد النائب الحج، أو فوته بتفريطه؛ كان عليه رد ما أخذ؛ لأنه لم
يجز عن المستنيب بتفريطه، والقضاء عليه في ماله.(253)



(312) حج المعتوه صحيح؛ لأن أكثر ما فيه أنه مسلوب العقل، وذلك لا يمنع صحة
حجه كالصبي، وهذا قول أبي بكر خلافًا لأكثر الأصحاب.(258)



(313) إذا أحرم العبد بإذن سيده لم يملك تحليله؛ لأنها عبادة تلزم بالشروع،
وقد دخل فيها بإذنه، فأشبه ما لو دخل في نذر عليه، ولأنه عقد لازم عقده بإذن سيده،
فلم يكن للسيد فسخه، حتى لو باعه أو وهبه لم يملك المشتري والمتهب تحليله، لكن
يكون الإحرام عيبًا بمنزلة الإجارة؛ لأنه ينقص المنفعة، فتنقص القيمة، فإن علم به
لم يكن له الرد، وإن لم يعلم فله الرد، أو الأرش.(266)



(314) إن كان قد أحرم العبد بدون إذن البائع، وقلنا: له تحليله؛ لم يكن
عيبًا، وإلا فهو عيب، ولو رجع السيد عن الإذن وعلم العبد فهو كما لو لم يأذن له،
وإن لم يعلم حتى أحرم ففيه وجهان، بناء على الوكيل إذا لم يعلم بالعزل.(266)



(315) إن أحرم العبد بدون إذن سيده انعقد إحرامه في ظاهر المذهب.(266)


(316) تحليل العبد والزوجة يحصل بقول السيد والزوج: قد حللت زوجتي، أو عبدي،
أو فسخت إحرامه، فعند ذلك يصير كالمحصر بعدو فيما ذكره أصحابنا([sup][15])[/sup]،
فأما بالفعل فقيل: قياس المذهب لا يحل له.(267)



(317) حج الصبي صحيح؛ سواء كان مميزًا أو طفلاً؛ بحيث ينعقد إحرامه، ويلزمه
ما يلزم البالغ من فعل واجبات الحج، وترك محظوراته.(276)



(318) إن كان الصبي مميزًا أحرم بنفسه بإذن الولي، وفعل أفعال الحج، واجتنب
محظوراته، فإن أحرم عنه الولي، أو فعل عنه شيئًا مثل الرمي وغيره لم يصح؛ لأن هذا
دخول في العبادة، فلم يصح من المميز دون قصده؛ كالصوم والصلاة.(278)



(319) إن كان الصبي غير مميز عقد الإحرام له وليه؛ سواء كان حرامًا أو حلالاً،
كما يعقد له النكاح وغيره من العقود، ويلبي عنه.. ويطوف به ويسعى، ويحضره المواقف،
ويرمي عنه، ويجنبه كل ما يجتنبه الحرام، وإذا لم يمكنه الرمي استحب أن يوضع الحصى
في يده ثم يؤخذ فيرمى عنه، وإن وضعه في يده ورمى بها وجعلها كالآلة جاز.(279)



(320) لا يجوز للمرأة أن تسافر بدون إذن الزوج في حج التطوع، وليس للزوج أن
يمنعها من حج الفرض، ويستحب لها أن تستأذنه إن كان حاضرًا، وتراسله إن كان غائبًا
تطييبًا لنفسه.(285)



(321) إن منع الزوج زوجته من حج الفرض فإنها تخرج بغير اختياره؛ لأنها
عبادة قد وجبت عليها، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، حتى لو قلنا: يجوز لها
تأخير الحج؛ فإن لها أن تسارع إلى إبراء ذمتها، كما لها أن تصلي المكتوبة في أول
الوقت، وتقضي شهر رمضان في أول الحول وأولى؛ لأن هذه عبادة مؤقتة، وتأخير العبادات
المؤقتة أجوز من تأخير العبادات المطلقة.(285)



(322) من عليه حجة واجبة؛ سواء كانت حجة الإسلام، أو نذرًا، أو قضاءً؛ فليس
له أن يحج عن غيره حتى يحج عن نفسه في ظاهر المذهب، المشهور عنه وعن أصحابه.(288)



(323) الخثعمية التي أذن لها النبي أن تحج عن أبيها، الظاهر أنه قد علم
أنها حجت عن نفسها؛ لأنها سألته غداة النحر حين أفاض من مزدلفة إلى منى، وهي مفيضة
معه([sup][16])[/sup].(290)



(324) الحج واجب في أول سنة من سني الإمكان، فإذا أمكنه فعله عن نفسه، لم
يجز أن يفعله عن غيره؛ لأن الأول فرض والثاني نفل، كمن عليه دين هو مطالب به، ومعه
دراهم بقدره، لم يكن له أن يصرفها إلا إلى دينه، وكذلك كل ما احتاج إلى صرفه في
واجب عنه فلم يكن له أن يفعله عن غيره.(292)



(325) حديث عمر: (أنه حدّ لأهل العراق ذات عرق)([sup][17])[/sup]،
توقيت ذات عرق كان متأخرًا في حجة الوداع، كما ذكره الحارث بن عمرو، وقد كان قبل
هذا سبق توقيت النبي لغيرها، فخفي هذا على عمر رضي الله عنه، كما خفي عليه كثير من
السنن، وإن كان علمها عند عماله وسعاته، ومن هو أصغر منه، فاجتهد، وكان مُحَّدثًا
موفقًا للصواب، فوافق رأيه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس ذلك ببدع منه رضي
الله عنه، فقد وافق ربه في مواضع معروفة؛ مثل المقام، والحجاب، والأسرى، وأدب
أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.(309)



(326) من مر على ميقاتين فعليه أن يحرم من أبعدهما من مكة([sup][18])[/sup]؛
فقد بين عروة في روايته أن النبي وقت ذا الحليفة لأهل المدينة ومن مر بهم، وأن
الجحفة إنما وقتها للشامي إذا سلك تلك الطريق؛ طريق الساحل. وأيضًا فإن المواقيت
محيطة بالبيت كإحاطة جوانب الحرم، فكل من مر من جوانب الحرم لزمه تعظيم حرمته، وإن
كان بعض جوانبه أبعد من بعض، وأيضًا فإن قرب هذه المواقيت وبعدها لما يحل لأهل
بعيدها من الرفاهية، وذلك يشركهم فيه كل من دخل مصرهم؛ فإن المسافر إذا دخل مصرًا
وأقام فيها أيامًا انحط عنه عظمة مشقة سفره، فوجد الطعام والعلف والظل والأمن،
وخفف إجماله، إلى غير ذلك من أسباب الرفق. وأيضًا فإن هذه المواقيت حدود النسك؛
فليس لأحد أن يتعدى حدود الله.(318)



(327) العمرة لمن هو بالحرم لا بد فيها من الخروج إلى الحل، والزيارة لا
تكون مع الإقامة بالمزور، وإنما تكون إذا كان خارجًا منه فجاء إليه ليزوره، ولهذا -والله
أعلم- لم يكن على أهل مكة عمرة؛ لأنهم مقيمون بالبيت الحرام.(329)



(328) الإحرام بالعمرة من أقصى الحل أفضل من أدناه، وكلما تباعد فيها فهو
أفضل، حتى يصير إلى الميقات.(330)



(329) قال طاوس رحمه الله: «الذين يعتمرون من التنعيم ما أدري يؤجرون أو
يعذبون؟ قيل له: فلم يعذبون؟ قال: لأنه يدع البيت والطواف ويخرج إلى أربعة أميال،
ويجيء أربعة أميال قد طاف مائتي طواف، وكلما طاف كان أعظم أجرًا من أن يمشي في غير
شيء».(331)



(330) يستحب لمن هو بمكة من غير أهلها أن يخرج إلى أقصى الحل، وإن خرج إلى
ميقاته فهو أفضل، وإن رجع إلى مصره فأنشأ لها سفرة أخرى فهو أفضل من الجميع.(332)



(331) إن أحرم الحرمي بالعمرة من الحرم فهو بمنزلة من أحرم دون الميقات، فلا
يجوز له ذلك، وإذا فعله فعليه دم لتركه بعض نسكه، ولا يسقط الدم بخروجه إلى [الحل]،
كما لا يسقط الدم بعودته إلى الميقات إذا أحرم دونه؛ لكنه إن خرج إلى الحل قبل
الطواف ورجع صحت عمرته.(334)



(332) إن أراد دخول مكة لغير الحج والعمرة؛ مثل تجارة، أو زيارة، أو سكن،
أو طلب علم، أو غير ذلك من الحاجات التي لا يشق معها الإحرام؛ فإن السنة أن لا
يدخلها إلا محرمًا بحجة أو بعمرة؛ سواء كان واجبًا أو تطوعًا؛ لأن النبي بين أن
الحج والعمرة إنما تجب مرة واحدة، فلو أوجبنا على كل من دخلها أن يحج أو يعتمر
لوجب أكثر من مرة، ولأن النبي قال في المواقيت: (هن لهن ولكل من أتى عليهن من غير
أهلهن ممن كان يريد الحج والعمرة)([sup][19])[/sup]،
وهذا لا يريد حجًا ولا عمرة، ولأن النبي لما رجع هو وأصحابه من حنين إلى مكة [دخل
بغير إحرام]، ولأن النبي لما بعث عثمان عام الحديبية ليخبرهم بقدوم رسول الله صلى
الله عليه وسلم لم يطف بالبيت، ولا بين الصفا والمروة، ولأن الصحابة الذين بعثهم
لاستخراج خبيب [دخلوا بغير إحرام]، ولأن هذه قربة مشروعة لتعظيم البقعة فلم تجب؛
كتحية المسجد الحرام بالطواف، وتحية غيره بالصلاة.(339)



(333) من دخل مكة لقتال مباح فإنه لا إحرام عليه. نص عليه، وإنما يجيء على
أصلنا إذا كان هناك بغاة، أو كفار، أو مرتدة قد بدءوا بالقتال فيها، فأما إذا لم
يبدءوا بقتال لم يحل قتالهم.(349)



(334) إذا تجاوز الميقات بغير إحرام ثم رجع فأحرم منه، فلا دم عليه؛ لأنه
قد أتى بالواجب، وتلك المجاوزة ليست نسكًا، فإذا لم يترك نسكًا، ولم يفعل نسكًا في
غير وقته، ولم يفعل في الإحرام محظورًا؛ فلا وجه لإيجاب الدم.(359)



(335) إن ضاق الوقت بحيث يخاف من الرجوع فوْت الحج، أو لم يمكن الرجوع
لتعذر الرفقة، ومخافة الطريق، ونحو ذلك؛ فإنه لا يجب عليه الرجوع، فيحرم من موضعه
وعليه دم، وكذلك لو أحرم من دونه مع إمكان العودة فعليه دم.(360)



(336) سئل مالك عمن أحرم قبل الميقات، فقال: أخاف عليه الفتنة، قيل له: وأي
فتنة في ذلك وإنما هي زيادة أميال فقط؟ قال: وأي فتنة أعظم من أن تظن أنك خُصصت
بأمر لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! ثم لو كان الفضل في غير ذلك لبينه
للمؤمنين، ولدلهم عليه؛ إذ هو أنصح الخلق للخلق، وأرحم الخلق بالخلق، كما دلهم على
الأعمال الفاضلة، وإن كان فيها مشقة كالجهاد وغيره.



وأما من أحرم من الصحابة قبل المواقيت؛
فأكثر منهم عددًا، وأعظم منهم قدرًا لم يحرموا إلا من المواقيت، وقد أنكروه بالقول،
فروى الحسن: أن عمران بن حصين أحرم من البصرة، فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه فغضب
وقال: (يتسامع الناس أن رجلاً من أصحاب رسول الله أحرم من مصره!)، وعن الحسن أن
عبد الله بن عامر أحرم من خرسان، فلما قدم على عثمان رضي الله عنه لامه فيما صنع، وكرهه
له. وقال البخاري: (وكره عثمان رضي الله عنه أن يحرم من خرسان أو كرمان). وعن مسلم
أبي سلمان: (أن رجلاً أحرم من الكوفة، فرآه عمر سيء الهيئة، فأخذ بيده وجعل يديره
في الخلق ويقول: انظروا إلى هذا ما صنع بنفسه وقد وسع الله عليه)، وعن أبي ذر قال:
(استمتعوا بثيابكم؛ فإن ركابكم لا تغني عنكم من الله شيئًا)([sup][20])[/sup].(364)



(337) متى أحرم بالحج فعليه أن يحج تلك السنة، وليس له أن يؤخر الحج إلى
العام المقبل، حتى لو بقي محرمًا حتى فاته الحج لم يجز له أن يستديم الإحرام إلى
العام المقبل، وإن جوزنا الإحرام قبل [أشهر الحج]؛ لأن الإحرام يوجب فعل الحج ذلك
العام، فإذا فاته لم يجز أن يؤدي بهذا الإحرام حجة أخرى.(398)



(338) العمرة يحرم بها متى شاء، لا تختص بوقت؛ لأن أفعالها لا تختص بوقت،
فأولى أن لا يختص إحرامها بوقت، وهذا فيمن لم يبق عليه شيء من أعمال الحج.(399)



(339) ثبت نهي عمر وعثمان ومعاوية وابن الزبير وغيرهم من الصحابة عن المتعة،
وكراهتهم لها، ومعلوم أن التمتع بالعمرة إلى الحج لا يكره بالاتفاق، فيجب أن يحمل
نهيهم على متعة الفسخ، والرخصة على المتعة المبتدأة؛ توفيقًا بين أقاويلهم.(495)



(340) أثر عن السلف أنهم كانوا يلبون إذا هبطوا واديًا، أو أشرفوا على أكمة،
أو لقوا ركبانًا، وبالأسحار، ودبر الصلوات.(599)



(341) يستحب أن يبدأ قبل التلبية بذكر الركوب، سئل عطاء: «أيبدأ الرجل
بالتلبية أو يقول: سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين؟ قال: يبدأ بسبحان
الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين».(601)



(342) لا يجوز أن يلبي بغير العربية وهو يقدر على التلبية بالعربية، أو على
تعلمها؛ لأنه ذكر مشروع، فلم يجز إلا بالعربية؛ كالأذان والتكبير وغير ذلك من
الأذكار المشروعة، لاسيما والتلبية ذكر مؤقت، فهي بالأذان أشبه منها بالخطبة
ونحوها، ثم الخطبة لا تكون إلا بالعربية؛ فالتلبية أولى.(607)



(343) يكره إظهار التلبية في الأمصار والحلل.(612)


(344) لا بأس بتلبية الحلال، ولا يصير محرمًا بذلك إلا أن ينوي الإحرام.(616)









الجزء الثاني


(345) لو قطع شعره في أوقات متفرقة وكفّر عن الأول فلا كلام -أي: تجب عليه
كفارة أخرى- وإن لم يكفر ضم بعضها إلى بعض، ووجب فيها ما يجب فيها لو قطعها في وقت
واحد؛ فيجب الدم في الثلاث، أو الأربع، أو الخمس.(11)



(346)لا
بأس أن يحلق المحرم رأس الحلال، ويقلم أظفاره، ولا فدية عليه، وليس لحلال ولا حرام
أن يحلق رأس محرم، أو يقلم أظفاره؛ فإن فعل ذلك فأذن المحلوق فالفدية عليه دون
الحالق، وإن فعل ذلك الحلال بالمحرم وهو نائم، أو أكرهه عليه؛ فقرار الفدية على
الحالق.(14)



(347)
يحرم على المحرم أن يلبس على بدنه المخيط المصنوع على قدر العضو، وكذلك لو وضع على
مقدار العضو بغير خياطة؛ مثل أن ينسج نسجًا، أو يلصق بلصوق، أو يربط بخيوط، أو
يخلل بخلال، أو يزر، ونحو ذلك مما يوصل به الثوب المقطع حتى يصير كالمخيط؛ فإن
حكمه حكم المخيط، وإنما يقول الفقهاء: المخيط، بناء على الغالب.



فأما إن خيط، أو وصل لا ليحيط بالعضو
ويكون على قدره، مثل الإزار والرداء الموصل والمرقع ونحو ذلك؛ فلا بأس به؛ فإن
مناط الحكم هو اللباس المصنوع على قدر الأعضاء، وهو اللباس [المحيط] بالأعضاء،
واللباس المعاد.(15)



(348)نهى
رسول الله عن خمسة أنواع من اللباس تشمل جميع ما يحرم، فإنه قد أوتي جوامع الكلم؛
وذلك أن اللباس إما أن يصنع للبدن فقط، فهو القميص وما في معناه من الجبة والفروج
ونحوهما، أو للرأس فقط، وهو العمامة وما في معناه، أو لهما وهو البرنس وما في
معناه، أو للفخذين والساق، وهو السراويل وما في معناه من تبان ونحوه، أو للرجلين
وهو الخف ونحوه، وهذا مما أجمع عليه المسلمون.(21)



(349)إذا
لم يجد إزارًا فإنه يلبس السراويل ولا يفتقه؛ بل يلبسه على حاله، وإذا لم يجد
نعلين فإنه يلبس الخفين، وليس عليه أن يقطعهما، ولا فدية عليه.(21)



النبي إنما جوز لبس الخف
والسراويل عند عدم الأصل -أي: النعال والإزار- فلو افتقر ذلك إلى تغيير أو وجبت
فدية؛ لاستوى حكم وجود الأصل وعدمه في عامة المواضع، وبيان ذلك أنهما إذا غُيرا إن
صارا بمنزلة الإزار والنعل؛ فيجوز لبسهما مغيرين مع












([1]) أي: لم
يخرج من مكة لأداء عمرة أخرى بعد نسكه الذي دخل به إلى مكة؛ سواء عمره الأربع أو
حجه.







([2]) قال
إسحاق بن منصور الكوسج: «من أين يعتمر أهل مكة؟ وعليهم عمرة؟ قال الإمام أحمد: ليس
عليهم عمرة». مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه، رواية إسحاق بن منصور الكوسج
(1/525).







([3]) قال الشيخ
رحمه الله بعد ذلك: «ولهذا كان المصنفون للسنن إذا أرادوا ذكر ما جاء من السنة في
العمرة من مكة لم يكن معهم إلا قضية عائشة».







([4]) قال في
اختيارات البعلي(ص:115): «وهي طريقة أبي محمد المقدسي، وطريقة الجد أبي البركات في
العمرة ثلاث روايات: ثالثها: تجب على غير أهل مكة».







([5]) قال شيخ
الإسلام في مجموع الفتاوى (26/7): «أصح القولين أن فرض الحج كان متأخرًا، ومن قال:
إنه فرض سنة ست فإنه احتج بآية الإتمام: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لله...)[البقرة:
196]، وهو غلط؛ فإن الآية إنما أمر فيها بإتمامهما لمن شرع فيهما، لم يأمر فيها
بابتداء الحج والعمرة».







([6])
رواه أبو داود (2/433) (1862)، وابن ماجه (2/1208) (3078)، وأحمد (3/450)،
والترمذي (3/277) (940)، والنسائي (5/198).







([7])
ذكر في الدر المنثور (2/275) أنه أخرجه سعيد بن منصور.







([8]) يريد الشيخ رحمه الله
إقامة موسم حج البيت كل عام، يدل عليه استشهاده بالأثر عن ابن عباس.







([9])
ذكر في الدر المنثور (2/276) أنه أخرجه سعيد بن منصور.







([10])
رواه البخاري (53)، مسلم (18).







([11])رواه
البخاري (46)، مسلم (11).







([12])
يريد قوله تعالى:
((وأتموا الحج والعمرة لله)) [البقرة: 196].






([13])
رواه البيهقي في السنن الكبرى (5/166)(9557).







([14])
تنبيه: كل ما كان بين حاصرتين فهو بياض في الأصل، وأنقل ما يثبته المحقق في
الحاشية.







([15])
اختيار الشيخ الذي آل له: أن الإحصار يكون بعدو وغيره، فمثل هذا يكون محصرًا عند
الشيخ رحمه الله .







([16])
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: (جاءت امرأة من خثعم عام حجة الوداع
قالت: يا رسول الله! إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا
يستطيع أن يستوي على الراحلة، فهل يقضي عنه أن أحج عنه؟ قال: نعم) رواه البخاري (1721).







([17])
رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (14072).







([18])
لم يجزم بذلك في المنسك؛ بل ذكر أنه المستحب، وأن تأخير الإحرام إلى الميقات الآخر
فيه نزاع. الفقرة (4).







([19])
رواه البخاري (1526)، ومسلم (1181).







([20])
رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (12694).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://2et2.yoo7.com/forum
حمدان
ديري مبدع
ديري مبدع
حمدان


الساعة :
دعاء
عدد المساهمات : 1104
نقاط : 2370
التقيم : 28
تاريخ التسجيل : 05/05/2012

 الجامع لأحكام الحج والعمرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجامع لأحكام الحج والعمرة    الجامع لأحكام الحج والعمرة Icon_minitimeالخميس مايو 10, 2012 10:45 am

(346)وجود
الإزار والنعل؛ إذ لا فرق بين نعل ونعل، وإزار وإزار.(25)



(347)ما
رخص فيه للحاجة العامة -وهو ما يحتاج إليه في كل وقت غالبًا- فإنه لا فدية معه،
ولهذا رخص للرعاة والسقاة في ترك المبيت بمنى من غير كفارة؛ لأنهم يحتاجون إلى ذلك
كل عام، ورخص للحائض أن تنفر قبل الوداع من غير كفارة؛ لأن الحيض أمر معتاد غالب،
فكيف بما يحتاج إليه الناس وهو الاحتذاء والاستتار؟! (41)



(348)معنى
كونه لا يجد النعل والإزار: أن لا يباع، أو يجده يباع وليس معه ثمن فاضل عن حوائجه
الأصلية؛ فإن بذل له عارية، فينبغي أن لا يلزمه قبوله، فإن غلب على ظنه أنه يجده
بالثمن عند الإحرام؛ لم يلزمه حمله، فإن وجده وإلا انتقل إلى البدل.(41)



(349)لا
فرق بين أن يكون اللباس الممنوع من قطن، أو جلود، أو ورق، ولا فرق في توصيله على
قدر البدن بين أن يكون بخيوط، أو أخلة، أو إبر، أو لصوق، أو عقد، أو غير ذلك؛ فإن
كل ما عمل على هيئة المخيط فله حكمه، فلو شق الإزار وجعل له ذيلين وشدهما على
ساقيه لم يجز؛ لأنه كالسراويل وما على الساقين [كالتبابين].(49)



(350)إن
تطيب قبل الإحرام بما له جرم يبقى؛ كالمسك، والذريرة، والعنبر ونحوه، أو مما لا
يبقى؛ كالورد، والبخور، ثم استدامه؛ لم يحرم ذلك عليه، ولم يكره له.(79)



(351)الطيب
إنما يراد به الاستدامة كالنكاح، فإذا منع من ابتدائه لم يمنع من استدامته، وعكسه
اللباس؛ فإنه لا يراد للاستدامة، ولأن الطيب من جنس النظافة من حيث يقصد به قطع
الرائحة الكريهة، كما يقصد بالنظافة إزالة ما يجمع الشعر والظفر من الوسخ، ثم
استحب قبل الإحرام أن يأخذ من شعره وأظفاره؛ لكونه ممنوعًا منه بعد الإحرام، وإن
بقي أثره، فكذلك استحب له التطيب قبلهن وإن بقي أثره بعده.(80)



(352)أما
اشتمام الطيب من غير أن يتصل ببدنه ولا بثوبه؛ إما بأن يقرب إليه حتى يجد ريحه، أو
يتقرب هو إلى موضعه حتى يجد ريحه؛ فلا يجوز في ظاهر المذهب، وفيه الفدية؛ لأن
الصحابة رضوان الله عليهم اختلفوا في شم المحرم الريحان؛ فمن جعله طيبًا منعه، ومن
لم يجعله طيبًا لم يمنعه، ولولا أن الشم المجرد يحرم امتنعت هذه المسألة؛ لأن
الرياحين لا يتطيب بها، فعلى هذا إن تعمد شم المسك والعنبر ونحوها من غير مس فعليه
الكفارة، وإن جلس عند العطارين قصدًا لشم طيبهم، أو دخل الكعبة وقت تخليقها ليشم
طيبها؛ لزمته الكفارة، وإن ذهب لغير اشتمام فوجد الريح من غير قصد؛ لم يمنع من ذلك،
كما لو سمع الباطل من غير أن يقصد سماعه، أو رأى المحرم من غير أن يقصد الرؤية، أو
مس حكيم امرأة من غير أن يقصد مسها، وغير ذلك من إدراكات الحواس بدون العمد والقصد؛
فإنه لا يحرم.(88)



(353)الثياب
المصبوغة بغير طيب لا يكره منها في الإحرام إلا ما يكره في الحل، لكن المستحب في
الإحرام لبس البياض.(94)



(354)الرجل
يكره له المعصفر في الإحرام والإحلال، وقد زعم بعض أصحابنا أنه لا يكره للرجال ولا
للنساء، وهو غلط على المذهب.(95)



(355)الكحل
إذا كان فيه طيب فإنه لا يجوز إلا لضرورة، فيكتحل به ويفتدي، وإن لم يكن فيه طيب
ولم يكن فيه زينه فلا بأس به، وإن كان فيه زينة مثل الكحل الأسود ونحوه؛ كره له
ذلك إذا قصد به الاكتحال للزينة لا للمنفعة والتداوي، ولا فدية فيه عند أصحابنا.(104)



(356)وإن
قصد به المنفعة، وكانت به ضرورة إليه؛ مثل أن يخاف الرمد، أو يكون أرمد ونحو ذلك،
ولم يقم غيره مقامه جاز.(104)



(357)الخضاب
بغير الحناء؛ مثل الوشم([sup][1])[/sup]
والسواد والنيل، ونحو ذلك مما ليس بطيب؛ فهو زينة محضة، وإن كان من الطيب مثل
الزعفران والورس ونحو ذلك لم يجز.(107)



(358)للمحرم
أن يغسل رأسه وبدنه وثيابه، وأن يبدل ثياب الإحرام ويبيعها، وإن كان في ذلك إزالة
وسخه وإزالة القمل الذي كان بثيابه، وإن أفضى اغتساله إلى قتل القمل الذي برأسه،
حتى له أن يدخل الحمام ما لم يفضِ ذلك إلى قطع شعر.(110)



(359)لا
بأس بالحجامة للمحرم ما لم يقطع شعرًا، ولا بأس بالكساء إذا أصابه البرد، ولا
يتفلى المحرم، ولا يقتل القمل، ويحك رأسه وجسده حكًا رفيقًا، ولا يقتل قملة، ولا
يقطع شعره ولا يدهنه.(110)



(360)إن
احتاج إلى الأدهان؛ مثل أن يكون برجله شقوق، أو بيديه ونحو ذلك؛ جاز بغير كراهة
ولا فدية؛ لأنه يجوز أن يأكله.(120)



(361)للصيد
الذي يضمن بالجزاء ثلاث صفات:



أحدها: أن يكون
أصله متوحشًا؛ سواء استأنس أو لم يستأنس، وسواء كان مباحًا أو مملوكًا.



الثاني: أن
يكون بريًا.



الثالث: أن
يكون مباحًا أكله، فإذا كان مباحًا فإنه يضمن بغير خلاف؛ كالظباء، والأوعال،
والنعام، ونحو ذلك، وكذلك ما تولد من مأكول وغير مأكول؛ كالعيسار، وهو ولد الذيبة
من الضبعان، والسمع، وهو ولد الضبع من الذيب، وما تولد بين وحشي وأهلي.(127)



(362)ما
آذى الناس، أو آذى أموالهم؛ فإن قتله مباح؛ سواء كان قد وجد منه الأذى؛ كالسبع
الذي قد عدا على المحرم، أو لا يؤمن أذاه؛ مثل الحية، والعقرب، والفأرة، والكلب
العقور؛ فإن هذه الدواب ونحوها تدخل بين الناس من حيث لا يشعرون، ويعم بلواهم بها،
فأذاهم بها غير مأمون.(136)



(363)ذكر
النبي ما يؤذي الناس في أنفسهم وأموالهم، وسماهن: فواسق؛ لخروجهن على الناس، ولم
يكن قوله: (خمس) على سبيل الحصر؛ لأن في أحد الحديثين ذكر الحية، وفي الآخر ذكر
العقرب، وفي آخر ذكرها وذكر السبع العادي، فعلم أنه قصد بيان ما تمس الحاجة إليه
كثيرًا، وهو هذه الدواب، وعلل ذلك بفسوقها؛ لأن تعليق الحكم بالاسم المشتق المناسب
يقتضي أن ما منه الاشتقاق علة للحكم، فحيثما وجدت دابة فاسقة، وهي التي تضر الناس
وتؤذيهم؛ جاز قتلها.(139)



(364)إذا
عضته النحلة أو النملة، أو تعلق القراد ببعيره، ونحو ذلك؛ فإنه يقتله، وإن أمكن
دفع أذاه بدون ذلك، بحيث له أن يقتل النملة بعد أن تقرصه.(149)



(365)ما
حرم قتله فإنه يحرم قصد قتله بمباشرة أو تسبب، ويحرم عليه تملكه باصطياد، أو
ابتياع، أو اتهاب، وسائر أنواع التملكات؛ مثل كونه عوضًا في صداق، أو خلع، أو صلح
عن قصاص، أو غير ذلك؛ لأن الله قال: ((
لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ
الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ)) [المائدة:94]،
فإن قبضه بعقد البيع، فتلف في يده؛ ضمنه بالجزاء، وضمن القيمة لمالكه، بخلاف ما
قبضه بعقد الهبة، ومتى رده على البائع والواهب زال الضمان.(149)



(366)إذا
اصطاد المحرم ولم يرسله حتى حل فعليه إرساله؛ لأنه لم يملكه بذلك الاصطياد، فإن لم
يفعل حتى تلف في يده فعليه ضمانه، وإن ذبحه بعد التحلل فهو ميتة.(149)



(367)إذا
ذبح المحرم صيدًا فهو حرام، كما لو ذبحه كافر غير الكتابي، وهو بمنزلة الميتة،
وتسمية الفقهاء المتأخرين: ميتة؛ بمعنى أن حكمه حكم الميتة.(153)



(368)إذا
صاد الحلال صيدًا فلا بأس أن يأكله المحرم إذا لم يصد من أجله، ولا يأكله إذا صيد
من أجله، وعلي وعائشة وابن عمر رضي الله عنهم كانوا يكرهون أن يأكل المحرم لهم
الصيد، وكأنهم ذهبوا إلى الآية: ((
وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا
دُمْتُمْ حُرُماً
)) [المائدة:96].(163)


(369)لم
يكن النبي صلى الله عليه وسلم قد أعان على صيد الصعب بن جثامة بوجه من الوجوه، ولا
أمر به، ولا علم أنه يصاد له، وإنما يشبه -والله أعلم- أن يكون قد رأى لما أهداه
أنه صاده لأجله؛ لأن الناس كانوا قد تسامعوا بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلٌّ
يحب أن يقترب إليه، ويهدي إليه، فلعل الصعب إنما صاده لأجل النبي صلى الله عليه
وسلم وإذا كان هذا يكون تركه واجبًا، أو يكون خشي أن يكون الصيد لأجله، فيكون قد
تركه تنزهًا، وكذلك قال الشافعي رضي الله عنه، كما كان يدع التمرة خشية أن تكون من
تمر الصدقة.(165)



(370)ما
نقل عن عثمان رضي الله عنه من الرخصة مطلقًا في أكل المحرم من الصيد فقد رجع عنه،
بدليل ما روى سعيد عن بشر بن سعيد: أن عثمان رضي الله عنه كان يصاد له الوحش على
المنازل، ثم يذبح فيأكله وهو محرم سنتين من خلافته أو ثلاثًا، ثم إن الزبير كلمه،
فقال: (ما أدري ما هذا يصاد لنا أو من أجلنا أن لو تركناه، فتركه)، فاتفق رأي
عثمان والزبير على أن معنى سنة رسول الله: أن ما صيد للمحرم لا يأكله، وكان ذلك
بعد أن حدثه علي والأشجعيون بالحديث؛ فعلم أنهم فهموا ذاك من الحديث.(169)



(371)كما
يحرم قتل الصيد؛ تحرم الإعانة عليه بدلالة، أو إشارة، أو إعارة آلة لصيده، أو
لذبحه، وإذا أعان على قتله بدلالة أو إشارة، أو إعارة آلة ونحو ذلك؛ فهو كما لو
شرك في قتله.(182)



(372)إن
كان المعان حلالاً فالجزاء جميعه على المحرم، وإن كان حرامًا اشتركا فيه.(182)



(373)المحرم
إن كان رجلاً لا يصح أن يتزوج بنفسه، ولا وكيله، ولا وليه؛ بحيث لو وكل وهو حلال
رجلاً؛ لم يجز أن يزوجه بعدما يحرم الموكل، فأما إذا وكل وهو حرام من زوجه بعد
الحل، فقال القاضي وابن عقيل يجوز ذلك، فعلى هذا لو وكل وهو حلال، ثم أحرم ثم حل؛
جاز أن يزوج الوكيل بذلك التوكيل المتقدم وأولى؛ لأن العبرة بحال العقد، ولأن
التصرف بالوكالة الفاسدة جائز، لكن هل يجوز الإقدام على التوكيل؟ وإن كان امرأة لم
يجز أن تزوج وهي محرمة بإذن متقدم على الإحرام، أو في حال الإحرام، لكن إذا أذنت
حال الإحرام لم يصح هذا الاستئذان.(185)



(374)الخلفاء
الراشدون وغيرهم من أكابر الصحابة على إبطال نكاح المحرم؛ فعن غطفان بن طريف المري:
(أن أباه طريفًا تزوج وهو محرم، فرد عمر بن الخطاب نكاحه)([sup][2])[/sup].(188)



(375)أكابر
الصحابة قد عملوا بموجب حديث عثمان([sup][3])[/sup]،
وإذا اختلفت الآثار عن رسول الله نظرنا إلى ما عمل به الخلفاء الراشدون، ولم
يخالفهم أحد من الصحابة -فيما بلغنا- إلا ابن عباس، وقد علم مستند فتواه، وعلم أن
من حرم نكاح المحرم من الصحابة يجب القطع بأنه إنما فعل ذلك عن علم عنده خفي على
من لم يحرمه، فإن إثبات مثل هذه الشريعة لا مطمع في دركه بتأويل أو قياس، وأصحاب
رسول الله أعلم بالله وأخشى من أن يقولوا على الله ما لا يعلمون، بخلاف من أباحه؛
فإنه قد يكون مستنده الاكتفاء بالبراءة الأصلية، وإن كان قد ظهر له في هذه المسألة
مستند آخر مضطرب.(205)



(376)أهل
المدينة متفقون على تحريم نكاح المحرم، علمًا ورثوه من زمن الخلفاء الراشدين إلى
زمن أحمد ونظرائه، وإذا اعتضد أحد الخبرين بعمل أهل المدينة كان أولى من غيره في
أصح الوجهين، وهو المنصوص عن أحمد في مواضع، وقد تقدم أنه اعتضد في هذه المسألة
[بعمل] أهل المدينة، لاسيما إذا كانوا قد رووا هم الحديث، فإن نقلهم أصح من نقل
غيرهم من الأمصار، وهم أعلم بالسنة من سائر الأمصار، وكان عندهم من السابقين
الأولين من المهاجرين والأنصار، الذين أمرنا باتباعهم بإحسان ما لم يكن عند غيرهم،
وإنما كان الناس تبعًا لهم في الرأي والرواية إلى انصرام خلافة عثمان، وبعد ذلك
فإن لم يكونوا أعلم من غيرهم فلم يكونوا بدون من سواهم، ونحن إن لم نطلق القول بأن
إجماعهم حجة فإنا نضعهم مواضعهم، ونؤتي كل ذي حق حقه، ونعرف مراتب المحدثين
والمفتين والعاملين؛ ليترجح عند الحاجة من يستحق الترجيح.(206)



(377)الإحرام
يُحرم جميع دواعي النكاح تحريمًا يوجب الكفارة؛ مثل القبلة والطيب، ويمنع التكلم
بالنكاح والزينة، وهذه مبالغة في حسم مواد النكاح عنه.(207)



(378)عقد
النكاح من أسباب ودواعي النكاح؛ فوجب أن يمنع منه، وعكسه الصيام والاعتكاف؛ فإنه
يحرم القبلة، ولا يمنع الطيب والتكلم بالنكاح، والاعتكاف وإن قيل بكراهة الطيب فيه
فإنه لا يحرم ذلك، ثم لا كفارة في شيء من مقدمات النكاح إذا فعله في الصيام
والاعتكاف، وقد بالغ الشرع في قطع أسبابه؛ حتى إنه يفرق بين الزوجين في قضاء الحجة
الفاسدة.(207)



(379)من
الأدلة العقلية على تحريم نكاح المحرم: أن المقصود بالنكاح حل الاستمتاع، فمن حقه
أن لا يصح إلا في حل يقبل الاستمتاع، وأن لا يتأخر حل الاستمتاع عن العقد؛ لأن
السبب إذا لم يفد حكمه ومقصوده وقع باطلاً؛ كالبيع في محل لا يملكه، والإجارة على
منافع لا تستوفى، ولهذا لم يصح في المعتدة من نكاح، أو في شبهة، أو زنا، ولا في
المستبرأة في ظاهر المذهب، وإنما صح نكاح الحائض والنفساء والصائمة؛ لأن بعض أنواع
الاستمتاع هناك ممكن، أو وقت الاستمتاع قريب؛ فإن الصائم يستمتع بالليل، والحائض
يستمتع منها بما دون الفرج، والإحرام يمنع الاستمتاع بكل حال منعًا مؤكدًا، تطول
مدته على وجه يفضي الاستمتاع إلى مشاق شديدة؛ من المضي في الفاسد، ووجوب القضاء
والهدي، والتعرض لسخط الله وعقابه، والإحرام لا ينال إلا بكلف ومشاق، وليس في
العبادات أشد لزومًا وأبلغ نفوذًا منه، فإيقاع النكاح فيه إيقاع له.



(380)لا
كفارة في النكاح؛ لأنه يقع باطلاً، فلم يوجب الكفارة، كشراء الصيد واتهابه؛ لأنه
لا أثر لوقوعه؛ فإن مقصوده لم يحصل، بخلاف الوطء واللباس ونحو ذلك، وكل ما وقع على
مخالفة الشرع وأمكن إبطاله؛ اكتفي بإبطاله عن كفارة أو فدية، بخلاف الأمور التي لا
يمكن إبطالها، ولأنه من باب الأقوال والأحكام، وهذا الباب لا يوجب كفارة في
الإحرام تختص به، كما لو تكلم بكلام محرم.(210)



(381)المحرم
ممنوع أن يتكلم بالنكاح، وذلك منه رفث، وعقده له تكلم به، وتزويجه لغيره يفضي إلى
تذكره واشتهائه، والمحرم ممنوع من جميع مقدماته؛ ولأنه إعانة على استحلال ما هو
محرم عليه، فلم يجز؛ كإعانة الحلال على الوطء أو اللباس أو التطيب؛ فإنه إعانة على
الاستمتاع بما هو مباح له، لا على استحلال ما هو محرم عليه؛ وهذا لأن فرج الزوجة
لا يباح بالعقد، كما أن الصيد المباح لا يباح إلا بتملك، ولحمه لا يباح إلا
بالتذكية، بخلاف اللباس والطيب والوطء للحلال؛ فإنه حلال في نفسه، وهذا شبه وتمثيل
حسن، وهذا في التزويج بالولاية الخاصة، وهي السبب.(211)



(382)المحرم
لا يجوز له أن يباشر لشهوة؛ سواء في ذلك القبلة، والغمز، والوطء دون الفرج، وغير
ذلك، وسواء باشر امرأة أو صبيًا أو بهيمة.. ولا يحل له الاستمتاع ولا النظر لشهوة،
ومن باشر لشهوة ولم ينزل لم يفسد حجه، وقد ذكر غير واحد أن ذلك إجماع، لكن عليه
كفارة.(218)



(383)المباشرة
دون الفرج دون الجماع في أكثر الأحكام، فلم يجز أن يلحق به في الإحرام بمجرد
القياس؛ لجواز أن يكون الإفساد معلقًا بما في الجماع من الخصائص.(221)



(384)لا
فرق بين الوطء قبل الوقوف بعرفة أو بعده إذا وقع قبل التحلل الأول في أنه يفسد
الحج، وعليه القضاء، وهدي بدنة.(232)



(385)أصحاب
رسول الله أوجبوا على من جامع قبل التحلل الأول القضاء والبدنة جميعًا، والهدي
الذي فسروه هنا يبين الهدي المطلق الذي جاء في كلامهم، وفي المرفوع المرسل: أن
المراد به البدنة؛ وهذا لأن الجماع فيه معنيان: أنه محظور في الإحرام، وهو أكبر
المحظورات، وأنه يفسد [الإحرام]، فمن حيث هو محظور يوجب الفدية، وهو أكبر مما يوجب
شاة، فأوجب بدنة، ومن حيث فسد الإحرام وجب قضاؤه، فحجة القضاء هي الحجة التي
التزمها أولاً، وهذا كالوطء في رمضان: يوجب الكفارة العظمى، ويوجب القضاء.



وإنما لم يُفرق بين ما قبل الوقوف وما
بعده؛ لأن أصحاب رسول الله سئلوا عن المحرم إذا جامع امرأته فأفتوا بما ذكرناه من
غير استفصال ولا تفصيل([sup][4])[/sup]،
وذلك يوجب عموم الحكم، وفي أكثر مسائلهم لم يبين السائل أن الجماع كان قبل الوقوف؛
ولأن ما بعد الوقوف وقبل الرمي إحرام تام، ففسد الحج بالوطء فيه كما قبل الوقوف؛
وهذا لأن الوقوف يوجب إدراك الحج ويؤمن من فواته، وإدراك العبادة في وقتها لا يمنع
ورود الفساد عليها، كما لو أدرك ركعة من الصلاة قبل خروج وقتها، أو أدرك ركعة من
الجمعة أو الجماعة مع الإمام؛ فإنه قد أدرك، ومع هذا فلو ورد عليها الفساد لفسدت،
قال:...ولأن كل ما أفسد العبادة إذا ورد قبل الخروج منها أفسدها، وإن كان قد مضى
معظمها، كما لو أكل قبيل غروب الشمس، أو أحدث قبل السلام، أو قبل القعدة الأخيرة.(233)



(386)إذا
وطئ بعد التحلل الأول لم يبطل حجه؛ لأنه قد حل من جميع المحظورات إلا النساء، أو
جاز له التحلل منها، وقد قضى تفثه كما أمره الله، وما خرج منه وقضاه لا يمكن
إبطاله؛ نعم يبطل ما بقي منه.(234)



(387)إذا
طاف قبل الرمي والحلق والذبح ثم وطئ لم يفسد نسكه؛ لأنه لم يبق عليه ركن، وقد تحلل،
وقد طاف في إحرام صحيح، وعليه دم فقط، ويحتمل أنه لا دم عليه، ويتوجه أن يلزمه
الإحرام من التنعيم ليرمي في إحرام صحيح.(236)



(388)لو
أخر الرمي وسائر أفعال التحلل عن أيام منى؛ لم يتحلل، فلو وطئ فسد حجه أيضًا، نص
عليه؛ وهذا لأن فوات وقت الرمي لا يوجب حصول التحلل بمجرد مضي الوقت، كما أن فوات
وقت الوقوف لا يوجب حصول التحلل من الحج بمضيه؛ بل يتحلل بغير الرمي من الحلق
والطواف، كما يتحلل من فاته الحج بالطواف والسعي.(236)



(389)الحلق
نسك واجب، ولا ريب أنه تحلل من الإحرام، وليس هو مما يفعل في الإحرام؛ بل هو برزخ
بين كمال الحرم وكمال الحل، فإذا وطئ -أي: قبل الحلق- فإنما أساء لكونه تحلل بغير
الحلق، ومثل هذا لا يفسد الإحرام؛ فعلى هذا لا يحلق بعد الوطء ولا يقصّر.(248)



(390)لا
يفسد النسك بغير الجماع؛ وذلك لأن الله سبحانه ذكر حلق الرأس قبل الإحلال للمعذور،
وأوجب به الفدية، ولم يوجب القضاء كما أوجبه فيمن أفطر في رمضان لمرض أو سفر، وحرم
قتل الصيد حال الإحرام، وذكر فيه العقوبة والجزاء، ولم يفسد به الإحرام، ولم يوجب
قضاء ذلك الإحرام، وقد أمر النبي من أحرم في جبته أن ينزعها، ولم يأمره بكفارة ولا
قضاء.(248)



(391)الفرق
بين المباشرة وبين غيرها من المحظورات من وجوه: أحدها: أن سائر محظورات الإحرام
تباح لعذر؛ فإنه إذا احتاج إلى اللباس والطيب والحلق وقتل الصيد فعله وافتدى،
والمباشرة لا تباح.(248)



(392)يفسد
الإحرام بالجماع؛ سواء فعله عامدًا أو ساهيًا، وسواء كان عالمًا بأنه محرم، أو أن
الوطء حرام عليه، أو بأنه مفسد، أو جاهلاً ببعض ذلك، هذا نصه ومذهبه([sup][5])[/sup]،
ويتخرج أنه لا يفسد الإحرام بوطء الجاهل والناسي ولا شيء عليه، كرواية عنه في قتل
الصيد، لا سيما وقد سوى هو بين الجماع وقتل الصيد. وقد خرج أصحابنا تخريجًا: أن
الحلق والتقليم مثل قتل الصيد، فيلحق الجماع بذلك، وقد يقال: الجماع أولى بذلك من
قتل الصيد؛ لأنه أقرب إلى الاستمتاع الذي هو اللباس والطيب من قتل الصيد؛ فإنه
إتلاف محض، وعلى رواية ذكرها بعض أصحابنا أن جماع الناسي لا يبطل الصوم.(249)



(393)محظورات
الإحرام عند أصحابنا أغلظ من محظورات الصيام لوجهين:



أحدهما: أن
الإحرام في نفسه أوكد من الصيام من وجوه متعددة: مثل كونه لا يقع إلا لازمًا، ولا
يخرج منه بالفساد، وكونه يحرم فيه جميع المباشرات، وكونه لا يخرج منه بالأعذار.



الثاني: أن
الإحرام عليه علامة تدل عليه؛ من التجرد، والتلبية، وأعمال النسك، ورؤية المشاعر،
ومخالطة الحجيج، فلا يعذر فيه بالنسيان؛ بخلاف الصيام فإنه ترك محض، ووجه هذا عموم
قوله سبحانه: ((
لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا)) [البقرة:286]، قال الله سبحانه: قد فعلت. وإيجاب القضاء
والهدي مؤاخذة، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما
استكرهوا عليه)([sup][6])[/sup].



وأيضًا:
فإن الجماع منهي عنه، والمقصود تركه، وما نهي عنه إذا فعل سهوًا أو نسيانًا لم يكن
فاعله عاصيًا ولا مخالفًا؛ بل يكون وجود فعله كعدمه، ومن سلك هذه الطريقة طردها في
جميع المنهيات.



وأيضًا:
فإن الجماع استمتاع، ففرق بين عمده وسهوه؛ كاللباس والطيب، وعكسه الحلق وقتل الصيد.(251)



(394)يجب
أن يقضي من جامع مثل الذي أفسده؛ إن كان حجًا قضى حجًا، وإن كان عمرة قضى عمرة،
وإن كان عمرة وحجة قضاهما، وعليه أن يحرم من أبعد الموضعين، وهما: المكان الذي
أحرم منه أولاً، وميقات بلده؛ فلو كان أحرم بالعمرة أو الحجة الفاسدة من دون
الميقات؛ فعليه أن يحرم في القضاء من الميقات؛ لأنه لا يجوز لأحد يريد الحج
والعمرة أن يجاوز الميقات إلا محرمًا، ولأن تركه لواجب أو فعله لمحظور في الأداء
لا يسوغ له تعدي حدود الله في القضاء، وإن كان قد أحرم بهما من فوق الميقات -مثل
أن يكون قد أحرم في مصر- فعليه أن يحرم بالقضاء من ذلك الموضع، هذا نصه ومذهبه،
قال في رواية أبي طالب في الرجل إذا واقع امرأته في العمرة: «عليهما قضاؤها من حيث
أهلا بالعمرة؛ لا يجزئهما إلا من حيث أهلا: ((
وَالْحُرُمَاتُ
قِصَاصٌ)) [البقرة:194].(251)



(395)ليس
عليه إلا قضاء واحد، فإن كانت الحجة المقضية حجة الإسلام سقط الفرض عنه إذا قضاها،
وكذلك إذا كانت نذرًا، وكذلك لو كانت قضاء فأفسدها لم يجب عليه إلا قضاء واحد، حتى
لو أفسد القضاء ألف مرة لم يجب عليه إلا قضاء الواجب الأول، كسائر العبادات إذا
قضاها؛ لأن كل قضاء يفسده إذا قضاه فإن قضاءه يقوم مقامه، فإذا أفسد هذا القضاء
فإن قضاءه يقوم مقامه.. وهلم جرًا، فمتى قضى قضاءً لم يفسده فقد أدى الواجب.(258)



(396)ينحر
هدي الفساد في عام القضاء، نص عليه.(258)



(397)إن
كان قد وجب عليه في الحجة الفاسدة دم بفعل محظور؛ من لباس، أو طيب، أو غير ذلك؛ لم
يسقط عنه القضاء قولاً واحدًا.(260)



(398)وإن
كان قد وجب عليه بترك واجب؛ مثل إن أحرم دون الميقات ثم أفسد الإحرام، أو أفاض من
عرفات قبل الليل، أو ترك رمي الجمار ونحو ذلك؛ فلا يسقط عنه، وهذا اختيار أصحابنا؛
لأن من أصلنا: أن الدم الواجب بترك الإحرام من الميقات لا يسقط بالقضاء، كما لو
أحرم دون الميقات ثم عاد إلى الوقت محرمًا. وأيضًا: فإن الحجة الفاسدة حكمها حكم
الصحيح في كل شيء، وعليه أن يجبرها إذا ترك واجبًا، أو فعل محظورًا، فلو قلنا: إن
ما يفعله في قضائها يقوم مقام ما يفعله فيها؛ لكنا لم نوجب عليه إتمام الحجة
الفاسدة، ولأنه لو كان القضاء يقوم مقام ما يتركه في الحجة الفاسدة؛ لم يجب عليه
المضي فيها؛ بل قد أوجب الشرع عليه إتمام الأولى وقضاءها.(260)



(399)الدم
الواجب بالوطء ونحوه أربعة أقسام: أحدها: بدنة مع الإفساد، والثاني: شاة مع
الإفساد، والثالث: بدنة بلا إفساد، والرابع: شاة بلا إفساد.(262)



(400)الأصل
في هذه الفدية -أي: فدية الأذى واللبس والطيب- قوله سبحانه: ((
فَمَنْ
كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ
أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ)) [البقرة:196]، فأباح الله
سبحانه الحلق للمريض، ولمن في رأسه قمل يؤذيه، وأوجب عليه الفدية المذكورة، وفسر
مقدارها رسول الله في حديث كعب بن عجرة، وهو الأصل في هذا الباب.(274)



(401)أجمع
المسلمون على مثل هذا -أي: ما سبق في الفدية- وأما من حلق شعر بدنه، أو قلم أظفاره،
أو لبس أو تطيب؛ فملحق بهذا المحظور في مقدار الفدية؛ لأن الله حرم ذلك كله في
الإحرام.(274)



(402)فرق
بين حلق الرأس والتنوّر([sup][7])[/sup]؛
ولعل ذلك لأن حلق الرأس نسك عند التحلل، فإذا فعله قبل وقته فقد فعل محظورًا وفوت
نسكًا في وقته، ومن ترك شيئًا من نسكه فعليه دم، بخلاف شعر البدن؛ فإنه ليس في
حلقه ترك نسك؛ لأن الله سبحانه إنما ذكر التخيير في المريض ومن به أذى، وذلك يقتضي
أن غير المعذور بخلاف ذلك.(276)



(403)هناك
عدة فروق بين المعذور وغيره في فعل المحظور:



الأول: أن
(مَنْ) حرف شرط، والحكم المعلق بشرطٍ عُدم عند عدمه، حتى عند أكثر نفاة المفهوم،
والحكم المذكور هنا: وجوب فدية على التخيير إذا حلق، فلو كانت هذه الفدية مشروعة
في حال العذر وعدمه للزم إبطال فائدة الشرط والتخصيص.



الثاني: المريض
ومن به أذى معذور في استباحة المحظور، والمعذور يناسب حاله التخفيف عنه والترخيص
له، فجاز أن تكون التوسعة له في التخيير لأجل العذر؛ لأن الحكم إذا علق بوصف مناسب
كان ذلك الوصف علة له، وإذا كان علة التوسعة هو العذر؛ لم يجز ثبوت الحكم بدون
علته.



الثالث: أن الله سماها فدية، والفدية
إنما تكون في الجائزات كفدية الصيام؛ وهذا لأن الصائم و












([1]) الوشم يكون في اليد، وذلك أن المرأة كانت تغرز ظهر كفها
ومعصمها بإبرة أو مسلة حتى تؤثر فيه، ثم تحشوه بالكحل أو بالنئور فيخضر، يفعل ذلك
بدارات ونقوش
، وفي صحيح البخاري: (أن النبي لعن
الواشمة والمستوشمة)
.







([2]) رواه مالك (773).






([3]) الحديث
هو: عن عثمان بن عفان رضي الله عنه عن النبي قال: (لا يَنكح المحرم ولا يُنكح).







([4]) قال شيخ الإسلام رحمه الله في شرح العمدة (3/230): «عن عمر بن
أسيد عن سيلاه قال: كنت عند عبد الله بن عمرو، فأتاه رجل فقال: أهلكت نفسي فأفتني،
إني رأيت امرأتي فأعجبتني، فوقعت عليها ونحن محرمان؟ فقال له: هل تعرف ابن عمر؟
قال: لا، فقال لي: اذهب به إلى ابن عمر، فانطلقت معه إلى ابن عمر، فسأله وأنا معه
عن ذلك، فقال له ابن عمر: أفسدت حجك، انطلق أنت وأهلك مع الناس فاقضوا ما يقضون، وحل
إذا حلوا، فإذا كان العام المقبل فحج أنت وامرأتك، واهديا هديًا، قال: فإن لم تجدا
فصوما ثلاثة أيام وسبعة إذا رجعتما، فرجع إلى عبد الله بن عمرو فقال: هل تعرف ابن
عباس؟ قال: لا، قال: فاذهب به إلى ابن عباس فسله، قال: فذهب إلى ابن عباس فسأله
وأنا معه، فقال له مثل قول ابن عمر، فرجع إلى عبد الله بن عمرو فقال: أفتني أنت،
فقال: هل عسى أن أقول إلا كما قال صاحباي؟!» قال البيهقي: هذا إسناد صحيح.







([5]) الشيخ رحمه الله من أعظم
الناس عذرًا بالخطأ والنسيان، وكلامه أعلاه
متقدم جدًا، قال رحمه
الله
في
المجموع
(21/478): «ما فعله العبد ناسيًا أو مخطئًا فلا إثم عليه، كما دل عليه الكتاب
والسنة، قال تعالى: ((وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به))
[الأحزاب: 5]،
وقال تعالى: ((ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا)) [البقرة: 286] قال الله تعالى: قد فعلت. رواه مسلم في
صحيحه، ولهذا كان أقوى الأقوال أن ما فعله العبد ناسيًا أو مخطئًا من محظورات
الصلاة والصيام والحج لا يبطل العبادة».







([6]) رواه ابن ماجه (2043)،
وابن حبان (7219).







([7]) التنور: استخدام النورة في إزالة شعر جسده.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://2et2.yoo7.com/forum
حمدان
ديري مبدع
ديري مبدع
حمدان


الساعة :
دعاء
عدد المساهمات : 1104
نقاط : 2370
التقيم : 28
تاريخ التسجيل : 05/05/2012

 الجامع لأحكام الحج والعمرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجامع لأحكام الحج والعمرة    الجامع لأحكام الحج والعمرة Icon_minitimeالخميس مايو 10, 2012 10:46 am

والمحرم
ممنوعان مما حرم عليهما، ومعلوم أنه إذا لم يحتج إلى الحلق لم يأذن الله له أن
يفتدي نفسه ولا يفك رقبته من الإحرام، فلا يكون الواجب عليه فدية، والله سبحانه
إنما ذكر التخيير تقسيمًا للفدية، وتوسيعًا في الافتداء، فلا يثبت هذا الحكم في
غير الفدية، وبهذا يظهر الفرق بين هذه الفدية وبين جزاء الصيد وكفارة اليمين؛ لأن
الله ذكر التخيير في جزاء الصيد مع النص على أنه قتله متعمدًا، فكان التخيير في حق
المخطئ أولى، وذكر الترتيب والتخيير في كفارة اليمين مطلقًا.



وأيضًا:
فإنها كفارة وجبت لفعل محظور، فتعين فيها الدم ككفارة الوطء وتوابعه، ومعلوم أن إلحاق
المحظور بالمحظور أولى من إلحاقه بجزاء الصيد؛ ولأنها كفارة وجبت لجناية على
الإحرام لا على وجه المعاوضة، فوجب الدم عينًا كترك الواجبات، وعكسه جزاء الصيد؛
فإنه بدل لمتلف، فهو مقدر بقدر مبدله، وأبدال المتلفات لا يفرق فيها بين متلف
ومتلف... وهذا بخلاف المعذور، فإن الحلق صار في حقه مباحًا جائزًا، ولم يصر في
الحقيقة من محظورات الإحرام إلا بمعنى أن جنسه محظور؛ كالأكل في رمضان للمسافر
والمريض، ولهذا نوجب على من جامع ناسيًا الكفارة، ولا نوجبها على من أبيح له الفطر.(276)



(346)إذا أراد الحلق أو اللبس أو الطيب لعذر؛ جاز له إخراج الفدية بعد
وجود السبب المبيح وقبل فعل المحظور، كما يجوز تحليل اليمين بعد عقدها وقبل الحنث؛
سواء كانت صيامًا، أو صدقة، أو نسكًا.(278)



(347)يجوز إخراج الفدية حيث وجبت من حل أو حرم، وكذا حيث جازت؛ لأن الله
سبحانه سمى الدم الواجب هنا نسكًا، والنسك لا يختص بموضع، فإن الضحايا لما سميت
نسائك جاز أن تذبح في كل موضع؛ سواء كانت واجبة أو مستحبة، كما قال: ((
إِنَّ
صَلاتِي وَنُسُكِي)) [الأنعام:162]، وقال النبي لأبي
بردة: (هي خير نسيكتك)([sup][1])[/sup]،
بخلاف دم المتعة وجزاء الصيد؛ فإنه سماه هديًا، والهدي: ما أهدي إلى الكعبة.(278)



(348)ما وجب ضمانه من الصيد إما بالحرم أو بالإحرام، فإنه يضمن بمثله من
بهيمة الأنعام، وهي: الإبل، والبقر، والغنم، وهو ما شابهه في الخلقة والصفة
تقريبًا؛ لأن الله سبحانه قال: ((
فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ)) [المائدة:95]، وقد قرئ بالتنوين، فيكون المثل هو الجزاء
بعينه، وهو بدل منه في الإعراب، وقرئ: (فجزاءُ مثلِ ما قَتل)، بالإضافة، والمعنى:
فعطاء مُثلِ المقتول، فالجزاء على هذا مصدر، أو اسم مصدر أضيف إلى مفعوله وضمن
معنى الإعطاء والإخراج والإيتاء، ومثل هذا: القراءتان في قوله تعالى: ((
فِدْيَةٌ
طَعَامُ مِسْكِينٍ)) [البقرة:184]، وإن كان بعض القراء
فرق بينهما، حيث جعل الفدية نفس الطعام، وجعل الجزاء إعطاء المثل، والمراد بالمثل:
ما ماثل الصيد من جهة الخلقة والصورة؛ سواء كانت قيمته أزيد من قيمة المقتول أو
أنقص؛ بدلالة الكتاب والسنة، وإجماع الصحابة.(280)



(349)إجماع الصحابة على أن في الصيد المثل؛ فإنه روي عن عمر، وعثمان، وعلي،
وزيد بن ثابت، وابن عمر، وابن عباس، وابن الزبير: (أنهم قضوا في النعامة ببدنة،
وفي حمار الوحش وبقرة الأيل والتبتل والوعل ببقرة، وفي الضبع بكبش، وفي الغزال
بعنز، وفي اليربوع بجفرة)، وإنما حكموا بذلك لمماثلته في الخلقة، لا على جهة
القيمة.(283)



(350)ما لم يحكم فيه الصحابة، أو لم يبلغنا حكمهم؛ فلا بد من استئناف حكم
حاكمين، ويجب أن يكونا عدلين، والمعتبر العدالة الظاهرة، ولا بد أن يكونا من أهل
الخبرة والاجتهاد في معرفة المماثلة في الخلقة والصفات بين الحيوانات.(286)



(351)يجوز أن يكون أحد الحكمين هو القاتل للصيد، نص عليه؛ ولأن قوله تعالى:
((
يَحْكُمُ
بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ)) [المائدة:95] يعم القاتل
وغيره، بخلاف قوله: ((
وَأَشْهِدُوا ذَوَي عَدْلٍ مِنْكُمْ)) [الطلاق:2]، فإن المشهَد غير المشهِد؛ لأن الفاعل غير
المفعول، وهنا لم يقل: حكموا فيه ذوي عدل، وإنما قال: (يحكم به)، والرجل قد يكون
حاكمًا على نفسه إذا كان الحق لله؛ لأنه مؤتمن على حقوق الله، كما يرجع إليه في
تقويم قيمة المثل إذا أراد أن يخرج الطعام، وفي تقويم عروض التجارة.(287)



(352)يضمن الصيد بمثله؛ سواء كان المثل مما يجزئ في الهدايا والضحايا
المطلقة أو لا، والأصل في ذلك: أن الله أوجب مثل المقتول من النعم، ومثل الصغير
صغير، كما أن مثل الكبير كبير.(302)



(353)إن فدى الأعور بالأعرج ونحو ذلك مما يختلف فيه جنس العيب؛ لم يجز،
وإن فدى أعور العين اليمنى بأعور العين العسرى، أو العكس جاز؛ لأن جنس العيب واحد،
وإنما اختلف محله، وكذلك إن فدى أعرج اليد بأعرج الرجل.(304)



(354)إذا أتلف بعض الصيد؛ مثل إن جرحه أو كسر عظمه، ولم يخرجه عن امتناعه؛
ضمن ما نقص منه إن لم يكن له مثل، ويضمن بيض الصيد؛ مثل بيض النعام والحمام وغير
ذلك بقيمته.(305)



(355)لا يجوز أخذ لبن الصيد؛ فإن أخذه ضمنه بقيمته، ويحتمل أنه يضمن بمثله
لبنًا من نظير الصيد؛ فيضمن لبن الظبية بلبن شاة، والأول أصح.(314)



(356)حرف (أو) إذا جاءت في سياق الأمر والطلب؛ فإنها تفيد التخيير بين
المعطوف والمعطوف عليه، أو إباحة كل منهما على الاجتماع والانفراد، هذا هو الذي
ذكره أهل المعرفة بلغة العرب في كتبهم، قالوا: وإذا كانت في الخبر فقد تكون
للإبهام، وقد تكون للتقسيم، وقد تكون للشك، وعلى ما ذكره نخرج معانيها في كلام
الله؛ فإن قوله: ((
فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ)) [البقرة:196]، وقوله: ((فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ
عَشَرَةِ مَسَاكِينَ)) [المائدة:89]، وقوله: ((فَجَزَاءٌ
مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ)) [المائدة:95]، وإن
كان مخرجه مخرج الخبر؛ فإن معناه معنى الأمر، فيكون الله قد أمر بواحدة من هذه
الخصال؛ فيفيد التخيير.(319)



(357)إذا كفر بالطعام فلا يخلو: إما أن [يكون الصيد] مما له مثل، أو مما
لا مثل له؛ فإن كان له مثل فلا بد من معرفة المثل، ثم يقوم المثل، فيشترى بقيمته
طعام.(321).



(358)وأما الصيام فإنه يصوم عن طعام كل مسكين يومًا؛ لأن الله قال: ((أَوْ
عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً)) [المائدة:95]، وعدل الصدقة من
الصيام في كتاب الله أن يصام عن طعام كل مسكين يوم، كما أن عدل الصيام من الصدقة
أن يطعم عن كل يوم مسكين؛ قال الله تعالى: ((
فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ
شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ)) [المجادلة:3]، ثم قال: ((فَمَنْ
لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً)) [المجادلة:4]،
وقال: ((
وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ))
[البقرة:184]؛ وذلك لأن طعام يوم كصوم يوم.(323)



(359)إذا قوم الصيد أو بدله؛ فإنه يشتري بالقيمة طعامًا، وإن أحب أخرج من
طعام يملكه بقدر القيمة، ويكون الطعام مما يجزئ إخراجه في الكفارات.(324)



(360)إذا لم يبق من الكفارة إلا بعض طعام مسكين؛ فإن عليه أن يصوم يومًا
تامًا، نص عليه؛ لأن الصوم لا يتبعض.(325)



(361)ليس له أن يخرج بعض الفدية طعامًا وبعضها صيامًا.(325)


(362)لا يجب عليه الهدي حتى يكون واجدًا له؛ إما بأن يكون مالكه، أو يجد
ثمنه، فإن كان عادمًا بمكة واجدًا ببلده، بحيث يمكنه أن يقترض؛ لم يجب ذلك عليه،
نص عليه؛ ولأنها عبادة مؤقتة ذات بدل، فإذا عدم المبدل حين الوجوب؛ جاز له
الانتقال إلى بدله كالطهارة.(328)



(363)وأما وقت ذبح الهدي فإنه يوم النحر، فلا يجوز الذبح قبله؛ لكن يجوز
أن يذبح فيه بعد طلوع الفجر، قاله القاضي وغيره.(331)



(364)ذكر بعض أصحابنا رواية: أنه إذا قدم قبل العشر جاز أن يذبحه قبله،
وإن قدم فيه لم يذبحه إلى يوم النحر. وهذه الحكاية غلط؛ فإنه من لم يسق الهدي لم
يختلف أنه لا يذبح إلى يوم النحر، ومن ساقه فقد اختلف عنه فيه، لكن الخلاف هو في
جواز نحر الهدي المسوق، وفي تحلل المحرم، أما الهدي الواجب بالمتعة فلا؛ بل عليه
أن ينحره يوم النحر؛ لأن الله يقول: ((
وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى
يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ)) [البقرة:196]، وما بعد
الغاية يخالف ما قبلها، فاقتضى ذلك أن بعد بلوغ الهدي محله يجوز الحلق، والحلق
إنما يجوز يوم النحر، فعلم أن الهدي إنما يبلغ محله يوم النحر، والآية عامة في هدي
المحصر وغيره؛ لعموم لفظها.(331)



(365)بين النبي أنه لا يحل حتى يحل نحر الهدي، وبين أنه لا يحل حتى يقضي
حجه؛ فعلم أنه لا يحل نحر الهدي الذي ساقه ويبلغ محله حتى يقضي حجه، فهديه الذي لم
يسقه بطريق الأولى؛ ولأن النبي نهى جميع من معه هدي من متمتع ومفرد وقارن أن يحلوا
إلى يوم النحر، وبين أنه إنما منعهم من الإحلال الهدي الذي [معهم]، وكذلك أخبر عن
نفسه أنه لا يحل حتى ينحر، وحتى يبلغ الهدي محله، ولو كان الذبح جائزًا قبل يوم
النحر لنحروا وحلوا، ولم يكن الهدي مانعًا من الإحلال قبل يوم النحر إذا كان ذبحه
جائزًا. وهذا بين في سنة النبي المستفيضة عنه؛ ولأن عامة أصحاب رسول الله في حجة
الوداع كانوا متمتعين، حلوا من إحرامهم لما طافوا بالبيت وبين الصفا والمروة، ولم
ينحروا إلا يوم النحر، وذبح النبي عن أزواجه يوم النحر وكن متمتعات، وقد قال: (لتأخذوا
عني مناسككم)، فلو كان الذبح قبل النحر جائزًا لفعله بعض المسلمين، أو أمر به رسول
الله؛ لاسيما والمبادرة إلى إبراء الذمة أولى من التأخير.(333)



(366)في قلبي من الصيام أيام التشريق لعادم دم الهدي شيء.(336)


(367)من عدم دم الهدي فأحرم يوم التروية؛ فإنه يحتاج أن يصوم يومًا من
الثلاثة قبل الإحرام بالحج؛ بل يومين؛ لأن يوم التروية إنما أحرموا نهارًا، وقد
أنشئوا الصوم قبل الإحرام، ولو لم يجز الصوم قبل الإحرام بالحج لوجب تقديم الإحرام
بالحج قبل أن يطلع فجر اليوم السابع، والصحابة لم يفعلوه، والنبي لم يأمرهم به؛ بل
أمرهم بخلافه.(339)



(368)إذا أحرم بالعمرة إلى الحج فهو حاج، فإذا صام الأيام الثلاثة حينئذ
فقد صامها في حجه؛ لأن العمرة هي الحج الأصغر، وعمرة التمتع جزء من الحج بعض له؛
لأن النبي قال: (دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة، وشبك بين أصابعه)([sup][2])[/sup]،
والمتمتع حاج من حين يحرم بالعمرة، إلا أن إحرامه يتخلله حل، بخلاف من أفرد العمرة.(341)



(369)أما صيام السبعة فيجوز تأخيره إلى أن يرجع إلى أهله، فإذا رجع إليهم
[صامها]، فإن صامها في طريقه، أو في مكة بعد أيام منى وبعد التحلل الثاني جاز، وإن
صامها قبل التحلل الثاني وبعد التحلل الأول لم يجز؛ سواء رجع إلى وطنه أو لم يرجع.
ذكره القاضي، وفيها طريقة أخرى أحسن من هذه، وهي طريقة أكثر السلف: أن معنى الآية:
إذا رجعتم إلى أهلكم، وهي طريقة أحمد؛ لأنه قال: إذا فرط في الصوم وهو متمتع صام
بعدما يرجع إلى أهله وعليه دم.(342)



(370)يجوز تأخير الصيام إلى الرجوع إلى أهله؛ لأنه لما انعقد سبب الوجوب
وتم؛ كان التأخير إلى حال الإقامة رخصة، وكذلك صوم السبعة إنما سببه المتعة، وهي
قد تمت بمكة؛ لكن لما كان الحاج مسافرًا والصوم يشق؛ جوز له الشرع التأخير إلى أن
يقدم. وأيضًا: فإن الحجيج إذا صدروا من منى فقد شرعوا في الرجوع إلى أهلهم، فإن
عرفات ومنى هي منتهى سفرهم، فالمصدر عنها قفول من سفرهم ورجوع إلى أوطانهم،
ومقامهم بعد ذلك بمكة أو المدينة أو غيرهما، كما يعرض لسائر المسافرين من المقام،
والأفعال الممتدة مثل الحج والرجوع ونحوه يقع الاسم على المتلبس به إذا شرع فيه،
وإن كان لا يتناول الاسم على التمام إلا إذا قضاه، ويبين هذا أن الصوم لا يختص
بمكان ولا بحال دون حال، فلو قيل: لا يجوز له الصوم بالطريق أو بمكة؛ لكان منعًا
للصوم في بعض الأمكنة، وذلك غير معهود من الشرع، ولا معنى تحته، ودليل وجوبه: أنه
وجب بدلاً عن الهدي، والبدل لا يتأخر وجوبه عن وجوب المبدل منه؛ لأنه قائم مقامه،
والأفضل أن يؤخر صومها إلى أن يقدم؛ لأنه أخذ بالرخصة، وخروج من الخلاف، كما قلنا
في صوم رمضان وأولى، إلا أن بينهما فرقًا؛ فإن صوم رمضان يصومه مقيمًا في غير وطنه.(345)



(371)يجوز أن يصوم كل واحد من الثلاثة والسبعة متفرقًا، كما يجوز أن يصومه
متتابعًا، نص عليه؛ لأن الله سبحانه أطلقه ولم يقيده بالتتابع، فيبقى على ما أطلقه
الله سبحانه.(346)



(372)يجوز أن يصوم من حين الإحرام بالعمرة، وإنما يكون هذا إذا لم يجد
هديًا حينئذ، ويغلب على ظنه أنه لا يجده إلى يوم النحر، فأما إن غلب عليه أنه يجده
يوم النحر [فلا يجوز له الصيام]([sup][3])[/sup].(346)



(373)إذا شرع في صوم الثلاثة لم يلزمه الانتقال إلى الهدي؛ بل يمضي في
صومه، وإن انتقل إليه فهو أفضل.(347)



(374)قال ابن عباس رضي الله عنهما لمن نسي ذبح الهدي حتى يوم النحر: (اهد
هديين، هديًا[للمتعة] وهديًا لما أخرت)، ولا يعرف له مخالف في الصحابة؛ ولأن الذبح
في وقته نسك واجب، فمتى فوت الوقت فقد ترك من نسكه، ومن ترك شيئًا من نسكه فعليه
دم.(351)



(375)إذا وجب عليه الهدي ولم يهد [لم يجزه إلا الهدي]([sup][4])[/sup]؛
سواء كان موسرًا أو معسرًا بعد ذلك؛ لأن الهدي قد استقر في ذمته.(353)



(376)إن اعتمر في رمضان أو ما قبله من الشهور لم يكن متمتعًا، ولا هدي
عليه، وهو أفضل من الاعتمار في أشهر الحج، وكذلك إن اعتمر بعد الحج لم يجب عليه
هدي، نص عليه.(360)



(377)معنى العمرة في أشهر الحج: أن يحرم في أشهر الحج، فلو أحرم قبل هلال
شوال بساعة لم يكن متمتعًا، وكانت عمرته للشهر الذي أهل فيه، لا للشهر الذي أحل
فيه، أو طاف فيه، نص عليه.(360)



(378)ينحر المحصر الهدي في موضع حصره حيث كان من حل أو حرم.(370)


(379)المحصر في العمرة كالمحصر في الحج، نص عليه؛ إلا أنه لا يتأخر التحلل
هنا قولاً واحدًا، والأصل فيه الآية، وقصة رسول الله وأصحابه عام الحديبية مع
المشركين؛ فإنها سبب نزول الآية بإجماع أهل التفسير، وهي السنة الماضية في المحصر.(377)



(380)إذا كرر محظورًا من جنس واحد غير قتل الصيد؛ مثل أن يلبس ويخلع ثم
يلبس، أو يتطيب ثم يتطيب في وقت آخر، أو يجامع ثم يجامع، أو يحلق ثم يحلق ثم يحلق،
أو يقلم ثم يقلم؛ فعليه كفارة واحدة ما لم يكن كفر عن الأول. وهذا أصح؛ لأنها
أفعال من جنس واحد، لا تتفاوت كفاراتها بكثرتها فتداخلت، كما لو فعلها متصلة؛ وذلك
لأن الاتصال والانفصال لا يغير موجب الشيء ومقتضاه؛ بدليل قتل الصيد، وقتل النفوس،
ونحو ذلك، لما كانت متباينة استوى فيها الاتصال والانفصال، فلما كانت هذه الأفعال
متداخلة عند الاتصال وجب أن تكون متداخلة عند الانفصال. وأيضًا: فإن الكفارات
كالحدود، تشرع زاجرة وماحية؛ فإن الحدود كفارات لأهلها، والكفارات حدود عن
المحظورات، فوجب أن تتداخل كالحدود.(381)



(381)قوله تعالى: ((وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ)) [المائدة:95]، يوجب توعد قاتل الصيد بالانتقام منه، وذلك
لا يمنع وجوب الجزاء عليه.(389)



(382)إذا فعل محظورات من أجناس؛ مثل أن يلبس ويتطيب ويحلق؛ فعنه عليه بكل
جنس كفارة؛ سواء فعلها في مرات لسبب أو أسباب.(390)



(383)المحظور الذي يمكن تداركه وإزالته عند الذكر؛ مثل اللباس والطيب إذا
فعله ناسيًا لإحرامه، أو جاهلاً بأنه حرام؛ فإذا ذكر أو علم فعليه أن يزيله في
الحال، ولا كفارة عليه.(396)



(384)تحية المسجد الحرام الطواف؛ فإن رسول الله لما دخل المسجد الحرام هو
وأصحابه لم يبدءوا بشيء قبل الطواف بالبيت، وهذه هي السنة الماضية.(417)



(385)السنة أن يكون على الصفا؛ بحيث يتمكن من رؤية البيت لو كان البناء
على ما كان، ويستحب أن يرفع يديه، ويسن أن يستقبل البيت في حال وقوفه على الصفا
وعلى المروة، وكذلك في حال وقوفه بعرفة وبمزدلفة وبمنى، وبين الجمرتين؛ لأن في
حديث جابر عن النبي: (فاستقبل القبلة)، وعن عروة قال: (من السنة أن يصعد الصفا
والمروة حتى يبدو له البيت فيستقبله)، وعن عطاء أنه كان يقول: (استقبل البيت من
الصفا والمروة، ولا بد من استقباله) رواهما أحمد؛ ولأنه حال مكث للذكر والدعاء؛
فاستحب فيها استقبال القبلة كسائر الأحوال وأوكد؛ ولأن الوقوف بالمشاعر نوع من
الصلاة؛ ولأن المناسك هي حج البيت، فكان استقبال البيت وقت فعلها تحقيقًا لمعنى حج
البيت وقصده؛ ولأن جميع العبادات البدنية من القراءة، والذكر، والدعاء، والصلاة،
والاعتكاف، وذبح الهدي والأضحية، يسن استقبال الكعبة فيها، فما تعلق منها بالبيت
أولى.(451)



(386)السنة رفع الصوت بالتكبير، نص عليه، وأما الدعاء فلا يرفع به صوته؛
لأن سنة الدعاء السر، كما قال تعالى: ((
ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً
وَخُفْيَةً)) [الأعراف:55]، وكما قال تعالى: ((إِذْ
نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً)) [مريم:3]، ولذلك لم
يذكر جابر ولا غيره عن النبي لفظ دعائه حيث لم يسمعوه.(459)



(387)أما جهره بذلك حيث يسمع القريب منه فجائز؛ كما فعل ابن عمر، فإن كان
فيه مقصود صالح وإلا إسراره أفضل.(460)



(388)ليس على النساء سعي بين العلمين، ولا صعود على الصفا والمروة، كما
أنه ليس عليهن في الطواف رمل ولا اضطباع؛ لأن المرأة مأمورة بالستر ما أمكن، وفي
رملها ورقيها تعرض لظهورها، فإن فعلت ذلك [أثمت ولا شيء عليها].(466)



(389)إذا طاف بالبيت وبين الصفا والمروة فقد جاز أن يحل من إحرامه ما لم
يكن معه هدي؛ سواء كان قد أحرم بعمرة، أو بحج، أو بعمرة وحج، وكما سنه رسول الله
لأمته في حجة الوداع، لكن إن أحب المفرد والقارن أن يبقيا على إحرامهما فلهما ذلك.(466)



(390)المعتمر عمرة التمتع إذا لم يكن قد ساق الهدي فإنه يحل إحلالاً تامًا؛
سواء كان قد نوى التمتع في أول إحرامه أو في أثنائه، أو طاف للقدوم وسعى، ثم بدا له
التمتع؛ لكن يستحب أن يقصر من شعره ويؤخر الحلاق إلى إحلاله من الحج، فيكون قد قصر
في عمرته، وحلق في حجته، ولو حلق أولاً لم يمكنه في الحج حلق ولا تقصير، وبذلك أمر
النبي أصحابه.(467)



(391)الصواب أن من ساق الهدي لا ينحر هديه، ولا يحل من إحرامه بتقصير ولا
غيره إلى يوم النحر؛ سواء قدم من مكة في العشر أو قبله، وهذا مما استفاض عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم.(468)



(392)من تأمل أحاديث حجة الوداع وأحوالها؛ كان كالجازم بأن النبي لم يحل
بشيء من الأشياء، وحديث معاوية حديث شاذ([sup][5])[/sup]،
وقد طعن الناس فيه قديمًا وحديثًا، كما أخبر قيس؛ فإنهم أنكروا أن يكون النبي قصر،
ويشبه -والله أعلم- أن يكون أصله أن معاوية قصر من رأس النبي في عمرة الجعرانة؛
فإنه في عمرة القضية لم يكن أسلم بعد، ولو كان قد قصر من شعر رأسه لم يخفَ ذلك على
أصحابه في مثل ذلك المشهد العظيم، وكيف يقصر ولم يأمر غيره ممن ساق الهدي بالتقصير؟!
(475)



(393)السنة أن يخرج الناس إلى عرفات يوم التروية -وهو الثامن- من أول
النهار؛ حتى يدركوا صلاة الظهر بمنى، فيصلوا بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء
الفجر، ويقيموا بها حتى تطلع الشمس.(479)



(394)السنة أن يحرم المتمتعون يوم التروية؛ وسواء كانوا قد حلوا من
إحرامهم أو لم يحلوا لأجل الهدي، كما أمر النبي أصحابه أن يحرموا.(480)



(395)قال القاضي: من لم يجد الهدي فإنه يحرم ليلة السابع؛ ليصوم السابع
والثامن والتاسع، وهي الأيام الثلاثة بعد إحرامه بالحج؛ ولأن صومها قبل الإحرام
بالحج فيه خلاف بين العلماء فيحترز عنه. وهذا كله تصرف بالسنة المسنونة بالرأي([sup][6])[/sup]،
وليس في شيء مضى من النبي فيه سنة إلا اتباعها، وقد أمر الصحابة كلهم أن يحرموا
يوم التروية، وكانوا كلهم متمتعين إلا نفرًا قليلاً ساقوا الهدي، وأمر من لم يجد
الهدي منهم أن يصوموا ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع، ولم يأمره بالإحرام قبل
يوم التروية، ومعلوم علم اليقين أن قومًا فيهم عشرات الألوف في ذلك الوقت الضيق
يكون كثير منهم أو أكثرهم غير واجدين للهدي؛ فكيف يجوز أن يقال: كان ينبغي لهؤلاء
الإحرام يوم السادس والخامس، ورسول الله يأمرهم بالإحرام يوم الثامن؟! وما ذكروه
من الاحتراز من الخلاف فإنما يشرع إذا أورث شبهة؛ فإن الاحتراز من الشبهة مشروع،
فإذا وضح الحق وعرفت السنة؛ كان الاحتراز عما أمر الله به ورسوله لا معنى له.
وأيضًا: فإن المتمتع إذا أمر بتقديم الإحرام قل ترفهه، وربما لم يمكنه التمتع إذا
قدم مكة يوم السادس أو السابع، وفي ذلك إخراج للمتمتع عن وجهه. وأيضًا: فإن
الإحرام إنما يشرع عند الشروع في السفر، ولهذا لم يحرم النبي من الميقات إلا عند
إرادة المسير، وقد بات فيه ليلة، والحاج إنما يتوجهون يوم التروية، ففي الأمر
بالإحرام قبلها أمر بالإحرام وهو مقيم، أو أمر بالتقدم إلى منى، وكلاهما أمر بخلاف
الأفضل المسنون؛ فلا يجوز الأمر بذلك.(482)



(396)السنة أن ينزل الناس بنمرة، وهي من الحل، وليست من أرض عرفات، وبها
يكون سوقهم، وأما أرض عرفات فليست السنة أن ينزل بها، ولا يباع فيها ولا يشترى،
وإنما تُدخل وقت الوقوف، فإذا زالت الشمس فإن الإمام والناس يقصدون مصلى النبي صلى
الله عليه وسلم وهو بطن وادي عرنة، حيث خطب بالناس وصلى بهم، فيخطب الإمام بالناس
ويصلي بهم الصلاتين يجمع بينهما، ثم يسيرون إلى الموقف بعرفة، فعلى هذا يسيرون إلى
بطن الوادي فينزلون فيسمعون الخطبة، ويصلون، ثم يركبون إلى الموقف، وأما الأحمال
فعلى حالها، ولم يكن في هذا المصلى على عهد النبي وخلفائه مسجد، وإنما أحدث مسجدها
بعد بني هاشم بعشر سنين، وكان الإمام يخطب منها موضع يخطب اليوم، ويصلي بالناس فيه،
وقد أعرض جمهور الناس في زماننا عن أكثر هذه السنن، فيوافون عرفة من أول النهار،
وربما دخلها كثير منهم ليلاً، وبات بها، وأوقد النيران بها، وهذا بدعة، وخلاف
للسنة، ويتركون إتيان نمرة والنزول بها، فإنها عن يمين الذي يأتي عرفة من طريق
المأزمين يماني المسجد الذي هناك، كما تقدم تحديدها، ومن قصد عرفات من طريق ضب
كانت على طريقه، ولا يجمعون الصلاة ببطن عرنة بالمسجد هناك، ولا يعجلون الوقوف
الذي هو الركوب وشد الأحمال؛ بل يخلطون موضع النزول أول النهار بموضع الصلاة
والخطبة بموضع الوقوف، ويتخذون الموقف سوقًا، وإنما كانت الأسواق بين الحرم
والموقف.. فإذا لم يفعل الإمام فمن أمكنه [فعل ذلك].(494)



(397)السنة أن يخطب بهم الإمام ببطن عرنة موضع المسجد قبل الوقوف، يخطب ثم
يصلي، وهذه الخطبة سنة مجمع عليها.(498)



(398)لا يجوز الخروج من عرفة حتى تغرب الشمس، ولا يدفع حتى يدفع الإمام،
ويسير وعليه السكينة والوقار.(511)



(399)الجمع بين الصلاتين بمزدلفة من السنة المتواترة التي توارثتها الأمة،
وهذا الجمع المسنون لكل حاج من المكيين وغيرهم.(514)



السنة في حق الحاج جميعًا أن
يبيتوا بمزدلفة إلى طلوع الفجر، ثم يقفوا بها إلى قبيل












([1]) رواه الترمذي (1508)،
والنسائي (4394)، وأحمد (18556).







([2]) تقدم.






([3])
بباض في الأصل وهذا الذي يقتضيه السياق.







([4])
بباض في الأصل وهذا الذي يقتضيه السياق.







([5]) الحديث
هو: عن معاوية رضي الله عنه قال: (قصرت عن رسول الله بمشقص) رواه البخاري (1730).







([6])
هذه من المواضع التي تدل على تجرد شيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه للدليل،
وتعظيم السنة النبوية منذ نعومة أظفاره.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://2et2.yoo7.com/forum
حمدان
ديري مبدع
ديري مبدع
حمدان


الساعة :
دعاء
عدد المساهمات : 1104
نقاط : 2370
التقيم : 28
تاريخ التسجيل : 05/05/2012

 الجامع لأحكام الحج والعمرة Empty
مُساهمةموضوع: (346) طلوع الشمس، والسنة التغليس بالفجر في هذا المكان قبل جميع الأيام؛    الجامع لأحكام الحج والعمرة Icon_minitimeالخميس مايو 10, 2012 10:51 am



(346)طلوع
الشمس، والسنة التغليس بالفجر في هذا المكان قبل جميع الأيام؛ ليتسع وقت الوقوف
بالمشعر الحرام.(516)



(347)اعلم
أن المشعر الحرام في الأصل اسم للمزدلفة كلها، وهو المراد؛ لأن عرفة هي المشعر
الحرام، وسمي جمعًا لأن الصلاتين تجمع بها؛ كأن الأصل: موضع جمع، أو ذات جمع، ثم
حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، ويبين ذلك أن الله أمر بذكره عند المشعر
الحرام، فلا بد أن يشرع امتثال هذا الأمر، وإنما شرع من الذكر صلاة المغرب والعشاء
والفجر، والوقوف للدعاء غداة النحر، وهذا الذكر كله يجوز في مزدلفة كلها.(518)



(348)كثيرًا
ما يجيء في الحديث المشعر الحرام، يُعنى به نفس قزح، وأما في عرف الفقهاء فهو غالب
عليه، ونسبة هذا الجبل إلى مزدلفة كنسبة جبل الرحمة إلى عرفة.(520)



(349)السنة
أن يقف الناس غداة جمع بالمزدلفة، يذكرون الله سبحانه ويدعونه كما صنعوا بعرفات
إلى قبيل طلوع الشمس؛ وهو موقف عظيم ومشهد كريم، وهو تمام للوقوف بعرفة، وبه تجاب
المسائل التي توقفت بعرفة؛ كالطواف بين الصفا والمروة مع الطواف بالبيت وأوكد.(520)



(350)لا
ينبغي لأحد أن يدع الوقوف غداة جمع ويتعجل بليل إلا لعذر؛ والمعذور يذكر الله عند
المشعر الحرام بليل.(523)



(351)رخص
رسول الله للضعفة، وهذا الترخيص دليل على أن غيرهم ليسوا [من أهل الرخصة]، لما أذن
لضعفة الناس، وأذن للظعن، وأرخص في أولئك؛ يقتضي قصر الإذن عليهم، وأن غيرهم لم
يؤذن له، وكذلك تقديمه ضعفة أهله وإبقاؤه سائر الناس معه دليل أن حكمهم بخلاف ذلك،
والضعفة من يخاف من تأذيه بزحمة الناس عند الوقوف والمسير ورمي الجمرة، وهم النساء
والصبيان والمرضى ونحوهم، ومن يقوم بهؤلاء.(525)



(352)الجبل
الذي يستحب الوقوف عنده بالمزدلفة له ثلاثة أسماء: قُزَح، والمشعر الحرام،
والميقدة.(525)



(353)أول
شيء يصنعه إذا قدم منى أن يؤم جمرة العقبة، وهي آخر الجمرات، أقصاهن من منى
وأدناهن إلى مكة، وهي الجمرة الآخرة، وقد تسمى: الجمرة القصوى، باعتبار من يؤمها
من منى، وربما سميت: [الجمرة العظمى]، وسميت جمرة العقبة لأنها في عقبة مأزم منى،
وخلفها من ناحية الشام وادٍ فيه بايع الأنصار رسول الله بيعة العقبة، وقد بني هناك
مسجد، فيبدأ برمي هذه الجمرة قبل كل شيء، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.(528)



(354)ذكر
القاضي عن حرب عن أحمد: لا يرمى الجمرة من بطن الوادي، ولا يرمي من فوق الجمرة، قال
القاضي: يعني لا يرميها عرضًا من بطن الوادي.(530)



(355)قال
ابن عقيل: إنما لم يستبطن الوادي لأنه أمر أن يرمي إليه لا فيه، فإذا رمى فيه سقط
وقوفه على ما علاه، وسقط بعض [ناحية] بالرمى. وهذا غلط على المذهب منشأه الغلط في
نقل الرواية.(530)



(356)عن
عائشة رضي الله عنها قالت: (كنت أطيب رسول الله لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن
يطوف بالبيت)([sup][1])[/sup]،
فإذا ثبت بهذه السنة حل الطيب، وهو من مقدمات النكاح ودواعيه؛ فعقد النكاح أولى؛
ولأن الله سبحانه قال: ((
وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا)) [المائدة:2]، ولم يقيده بالحل من جميع المحظورات؛ بل هو
مطلق ونكرة في سياق الشرط، فيدخل فيه كل حل؛ سواء كان حلاً من جميع المحظورات، أم
من أكثرها، أم من بعضها.(537)



(357)الحاج
يرمي الجمرات الثلاث أيام منى الثلاثة بعد الزوال، وهذا من العلم العام الذي
تناقلته الأمة خلفًا عن سلف عن نبيها صلى الله عليه وسلم.(557)



(358)يرمي
كل جمرة بسبع حصيات، كما تقدم في جمرة العقبة، وهذا من العلم العام، والسنة
المتواترة.(558)



(359)يبتدئ
بالجمرة الأولى، وهي أقربهن إلى مسجد الخيف، وهي الجمرة الصغرى، والجمرة الدنيا؛
لأنها أدناهن إلى المشاعر، ومنازل أكثر الناس، ثم بالجمرة الثانية، وهي الجمرة
الوسطى، ثم بجمرة العقبة، وهي الجمرة الكبرى، وهذا من العلم العام.(559)



(360)بلا
شك أن الصواب أن على المتمتع طوافًا واحدًا بين الصفا والمروة؛ لحديث جابر رضي
الله عنه، وكذلك عامة الأحاديث فيها أن أصحاب رسول الله إنما طافوا بين الصفا
والمروة الطواف الأول.(565)



(361)الوقوف
بعرفة لا يتم الحج إلا به؛ لقوله سبحانه: ((
فَإِذَا أَفَضْتُمْ
مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ)) [البقرة:198]، وكلمة (إذا) لا تستعمل إلا في الأفعال التي
لا بد من وجودها؛ كقولهم: إذا احمر البسر فأتني، ولا يقال: إن احمر البسر؛ وذلك
لأنها في الأصل ظرف لما يستقبل من الأفعال، وتتضمن الشرط في الغالب، فإذا جوزئ بها
كان معناه إيقاع الجزاء في الزمن الذي أضيف إليه الفعل، فلا بد من أن يكون الفعل
موجودًا في ذلك الزمان، وإلا خرجت عن أن تكون ظرفًا، ومعلوم أن الإفاضة من عرفات
من أفعال العباد، فالإخبار عن وجودها يكون أمرًا محتمًا بإيجادها، نحو أن يترك بعض
الناس وكلهم الإفاضة، وصار هذا بمنزلة: إذا صليت الظهر فافعل كذا.(572)



(362)نص
أحمد على أن من طاف بغير طهارة ناسيًا فإنه يجزئه، ويجب عليه أن يعيد إذا ذكر وهو
بمكة، فإن استمر به النسيان أهرق دمًا وأجزأه.(587)



(363)يشترط
لصحة الطواف جملة من الشروط منها:



الأول: النية؛
وهي أن يقصد الطواف بالبيت.



الثاني: أن
يكون طاهرًا من الحدث، فلو كان محدثًا أو جنبًا أو حائضًا لم يجز له فعل الطواف
رواية واحدة؛ بل هو حرام عليه.



الثالث: أن
يكون طاهرًا من الخبث.



الرابع: السترة،
والأصل فيها قوله سبحانه: ((
يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ
كُلِّ مَسْجِدٍ)) [الأعراف:31].



الخامس: أن
يطوف سبعة أشواط، فلو نقص طوافًا أو خطوة من طواف لم يجزه.



السادس: أن
يبتدئ بالحجر الأسود، فإن ابتدأ بما قبله من ناحية الركن اليماني لم يضره الزيادة،
وإن ابتدأ بما بعده من ناحية الباب لم يحتسب له بذلك الشوط.



السابع: أن
يبتدئ بعد الحجر الأسود بناحية الباب، ثم ناحية الحجر، ثم ناحية الركن اليماني،
فيجعل البيت عن يساره، فلو نكس الطواف فابتدأ بناحية الركن اليماني، وجعل البيت عن
يمينه لم يجزه.



الثامن: الموالاة،
وهو أن لا يطيل قطعه، فإن أطال قطعه لمكتوبة أقيمت، أو جنازة حضرت، لم يقطع
موالاته؛ لأنه فرض يخاف فوته، فأشبه خروج المعتكف لصلاة الجمعة.



التاسع: أن
يطوف بالبيت جميعه، فلا يطوف في شيء منه؛ لأن الله قال: ((
وَلْيَطَّوَّفُوا
بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)) [الحج:29]، فإن اخترق الحجر
في طوافه أو الشاذروان([sup][2])[/sup]
لم يصح.



العاشر: أن
يطوف في المسجد الحرام، فإن طاف خارج المسجد لم يصح، وإن طاف فيه جاز؛ سواء كان
بينه وبين البيت حائل مثل زمزم وقبة السقاية، أو طاف في الأروقة التي في جوانب
المسجد، أو طاف قريبًا منه، هذا قول [أكثر الأصحاب]، وعلى هذا القول فالمصحح
للطواف الكون في المسجد.(582)



(364)إن
مر على الباب لكن استقبل البيت في طوافه، ومشى على جنب [لم يجزه]؛ وذلك لأن الله
أمر بالطواف، وقد فسره النبي بفعله، وتلقته الأمة عنه بالعمل المتواتر، وفعله إذا
خرج امتثالاً لأمر وتفسيرًا لمجمل كان حكمه حكم ذلك الأمر، وقد قال: (من عمل عملاً
ليس عليه أمرنا فهو رد)([sup][3])[/sup].(592)



(365)لا
فرق في الطواف بين ما كان مسجدًا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين ما
زيد فيه على عهد عمر وبني أمية وبني العباس، وإن طاف حول المسجد أو حول البيت
وبينه وبين البيت جدار آخر، احتمل أن لا يجزئه؛ لأنه لا يسمى طائفًا بالبيت؛ بل
بالمسجد، أو الجدار الذي هو حائل؛ ولأن البقعة التي هي محال الطواف معتبرة؛ لقوله:
(خذوا عني مناسككم)، فلا يجوز أن يجعل غير المطاف مطافًا؛ ولأنه لو سعى في مسامتة
المسعى وترك السعي بين الصفا والمروة لم يجزه، كذلك هنا.(598)



(366)لا
يجوز له أن يفيض من عرفات قبل غروب الشمس بلا تردد؛ سواء فرض أن الإمام أخطأ السنة
فأفاض قبل ذلك أم لا، أم لم يكن للموسم إمام، فإذا غربت الشمس فالسنة أن لا يفيض
قبل الإمام، إلا أن يخالف الإمام السنة، فيقف إلى مغيب الشفق.(604)



(367)الوقوف
بمزدلفة في الجملة واجب، فإن طلعت الشمس ولم يقف بالمزدلفة فعليه دم، وحجه صحيح.(607)



(368)خرَّج
القاضي وابن عقيل فيمن لم يمر بمزدلفة حتى طلعت الشمس، أو أفاض منها أول الليل: لا
شيء عليه، تخريجًا من إحدى الروايتين في المبيت بمنى؛ لأن المبيت ليس بمقصود لنفسه،
وإنما يقصد للوقوف في غداتها، وذلك ليس بواجب، فما يقصد له أولى، وهذا التخريج
فاسد على المذهب، باطل في الشريعة؛ فإن بين الوقوف بمزدلفة والمبيت بمنى من
المباينة في الكتاب والسنة ما لا يجوز معه إلحاق أحدهما بالآخر، إلا كإلحاق الوقوف
بين الجمرتين بالوقوف بعرفة، وقولهم: ليس بمقصود، قد منعه من يقول: إن الوقت يمتد
إلى طلوع الفجر. والتحقيق أن المقصود هو الوقوف بالمشعر الحرام، ووقته من أواخر
الليل إلى طلوع الشمس.(610)



(369)الصواب
أن وقت الوقوف بمزدلفة لا يفوت إلى طلوع الشمس، فمن وافاها قبل ذلك فقد وقف بها؛
وهذا الوقوف المشروع في غداتها هو المقصود الأعظم من الوقوف بمزدلفة، وبه يتم
امتثال قوله: ((
فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ
عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ)) [البقرة:198] الآية.
وأيضًا: فإن عروة بن مضرس أتى النبي وهو بمزدلفة حين خرج لصلاة الفجر، وقال له
النبي: (من أدرك معنا هذه الصلاة، ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً
أو نهارًا؛ فقد تم حجه، وقضى تفثه)([sup][4])[/sup]،
وهذا نص في [أن] مزدلفة تدرك بعد طلوع الفجر كما تدرك قبل الفجر؛ لأن هذا السائل
إنما وافاها بعد طلوع الفجر. وأيضًا: فإن الله أمر كل مفيض من عرفات بذكره عند
المشعر الحرام، فلو كان وقت هذا الواجب يفوت بطلوع الفجر لم يمكن كل مفيض امتثال
هذا الأمر. وأيضًا: فإن وقت التعريف يمتد إلى طلوع الفجر؛ فلا بد أن يكون عقبيه
وقت للمشعر الحرام؛ لئلا يتداخل وقت هذين النسكين.(612)



(370)لما
كانت مناسك الحج عبادة محضة، وانقيادًا صرفًا، وذلاً للنفوس، وخروجًا عن العز،
والأمور المعتادة، وليس فيها حظ للنفوس؛ فربما قبحها الشيطان في عين الإنسان،
ونهاه عنها، ولهذا قال: ((
لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ)) [الأعراف:16]، قال رجل من أهل العلم([sup][5])[/sup]:
هو طريق الحج، وقال بعد أن فرض: ((
وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ
عَنِ الْعَالَمِينَ)) [آل عمران:97]؛ لعلمه أن من الناس
من قد يكفر بهذه العبادة، وإن لم يكفروا بالصلاة، والزكاة، والصيام؛ فلا يرى حجه
برًا، ولا تركه إثمًا، ثم الطواف بالصفا والمروة خصوصًا؛ فإنه مطاف بعيد، وفيه عدو
شديد، وهو غير مألوف في غير الحج والعمرة، فربما كان الشيطان أشد تنفيرًا عنهما؛
فقال سبحانه: ((
وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً)) [البقرة:158]،
فاستجاب لله وانقاد له، وفعل هذه العبادة طوعًا لا كرهًا، عبادة لله، وطاعة له
ولرسوله، وهذا مبالغة في الترغيب فيهما، ألا ترى أن الطاعة موافقة الأمر، وتطوع
الخير خلاف تكرهه، فكل فاعل خير طاعة لله طوعًا لا كرهًا؛ فهو متطوع خيرًا؛ سواء
كان واجبًا أو مستحبًا. نعم ميز الواجب بأخص اسميه فقيل: فرض، أو واجب، وبقي الاسم
العام في العرف غالبًا على أدنى القسمين، كلغة: الدابة والحيوان وغيرهما.(633)



(371)إذا
وقف بعرفة ثم مات فعل عنه سائر الحج، وتم حجه.(635)



(372)إذا
خرج من مكة قبل طواف الزيارة رجع إليها محرمًا للطواف فقط، والسعي لا يقصد بإحرام،
فهو كالوقوف بمزدلفة ورمي الجمار.(635)



(373)لا
يصح الوقوف بمزدلفة إلا إذا أفاض من عرفات.(635)



(374)يشترط
في السعي استكمال سبعة أشواط تامة، فلو ترك خطوة من شوط لم يجزه، ولا بد أن يستوعب
ما بين الجبلين بالسعي؛ سواء كان راكبًا أو ماشيًا.(635)



(375)لا
يختلف المذهب أن الرمي واجب؛ لأن الله سبحانه قال: ((
الْحَجُّ أَشْهُرٌ
مَعْلُومَاتٌ)) [البقرة:197] إلى قوله: ((فَإِذَا
أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ)) [البقرة:198]، إلى قوله: ((فَإِذَا
قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ
أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ))[البقرة:200]
الآية، إلى قوله: ((
وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ
تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ
عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ
تُحْشَرُونَ)) [البقرة:203].(648)



(376)من
رمى بحجر قد رمي به لم يجزه، ومن رمى بذهب أو فضة لم يجزه قولاً واحدًا.(649)



(377)يسمى:
طواف الوداع، وطواف الصدر، وطواف الخروج، وهو واجب، نص عليه.(651)



(378)إذا
خرج قبل أن يودع وجب عليه أن يرجع قبل أن يبلغ مسافة القصر فيودع، فإن رجع فلا شيء
عليه، وإن بلغ مسافة القصر استقر الدم عليه، ولا ينفعه الرجوع بعد ذلك، وسواء تركه
عامدًا أو ناسيًا أو جاهلاً.(651)



(379)إن
لم يمكنه الرجوع قبل مسافة القصر لعدم الرفيق، أو خشية الانقطاع عن الرفقة؛ [وجب
عليه دم].(651)



(380)إن
لم يصل العشاء إلى آخر ليلة النحر، وخاف إن نزل لها فاته الحج -أي: والوقوف بعرفة-
فقياس المذهب أنه يصلي صلاة الخائف؛ لأن تفويت كل واحدة من العبادتين غير جائز،
وفوات الحج أعظم ضررًا في دينه ونفسه من فوت قتل كافر.(656)



(381)إذا
طلع الفجر ولم يواف عرفة فقد فاته الحج؛ سواء فاته لعذر: من مرض، أو عدو، أو ضل
الطريق، أو أخطأ العدد، أو أخطأ مسيره، أو فاته بغير عذر؛ كالتواني والتشاغل بما
لا يعنيه، لا يفترقان إلا في الإثم، وعلى من فاته أن يأتي بعمرة؛ فيطوف ويسعى،
ويحلق أو يقصر.(656)



(382)الصواب
أن من فاته الوقوف فإنه يتحلل بعمرة؛ لأن الله سبحانه قال: ((
فَإِذَا
أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ)) [البقرة:198] الآية، فأمرهم بالذكر عقب الإفاضة من عرفات،
فمن لم يفض من عرفات لم يكن مأمورًا بالوقوف بالمشعر الحرام، وما لا يؤمر به من
أفعال الحج فهو منهي عنه، كالوقوف بعرفة في غير وقته؛ ولأن الحكم المعلق بالشرط
معدوم بعدمه؛ فإذا علق الوقوف بالمشعر الحرام بالإفاضة من عرفة؛ اقتضى عدمه عند
عدم الإفاضة من عرفات.(657)






[center]تم المقصود من شرح العمدة لشيخ
الإسلام ابن تيمية






رابعًا: اختيـــارات شيــخ
الإســـلام
من كلام طلابه وغيرهم من الحنابلة رحمهم الله



أولاً: الإمام ابن مفلح([6])
رحمه الله في كتاب الفروع(
[7]):


(383)قال
شيخنا: استيعاب عشر ذي الحجة بالعبادة ليلاً ونهارًا أفضل من جهادٍ لم تذهب فيه
نفسه وماله، وهي في غير العشر تعدله - أي: الجهاد - للأخبار الصحيحة المشهورة.(2/338)



(384)لم
ير شيخنا زيارة القدس ليقف به، أو عيد النحر، ولا التعريف بغير عرفة، وأنه لا نزاع
فيه بين العلماء، وأنه منكر، وفاعله ضال.(2/216)



(385)قال
أحمد في حج الفرض: إن لم تأذن لك أمك وكان عندك زاد وراحلة فحج ولا تلتفت إلى
إذنها، واخضع لها ودارها, وقال شيخنا: هذا فيما فيه نفع لهما ولا ضرر عليه؛ فإن شق
عليه ولم يضره وجب وإلا فلا.(5/229)



(386)قال
ابن الجوزي: العاقل إذا أراد سلوك طريق يستوي فيها احتمال السلامة والهلاك؛ وجب
عليه الكف عن سلوكها، واختاره شيخنا وقال: أعان على نفسه فلا يكون شهيدًا.(5/239)



(387)قال
شيخنا: الخفارة تجوز عند الحاجة إليها في الدفع عن المخفر، ولا يجوز مع عدمها، كما
يأخذه السلطان من الرعايا.(5/239)



(388)عند
شيخنا: تحج كل امرأة آمنة مع عدم المحرم، وقال: إن هذا متوجه في كل سفر طاعة.(5/245)



(389)قال
شيخنا: إماء المرأة يسافرن معها ولا يفتقرن إلى محرم؛ لأنه لا محرم لهن في العادة
الغالبة.(5/246)



(390)المحرم:
زوجها، أو من تحرم عليه على التأبيد بنسب أو سبب مباح؛ كرضاع ومصاهرة ووطء مباح
بنكاح أو غيره، واختار شيخنا أن المحرمية تكون في وطء الشبهة ([sup][8])[/sup]
لا الزنا، وذكره قول أكثر العلماء؛ لثبوت جميع الأحكام، فيدخل في الآية، بخلاف
الزنا.(5/247)



(391)قال
شيخنا وغيره: وأزواج النبي أمهات المؤمنين في التحريم دون المحرمية. (5/247).



(392)قال
أبو بكر الآجري وغيره: يصلي ركعتين، ثم يستخير في خروجه، وكذا قال ابن الزاغوني
وغيره: يصلي ركعتين يدعو بعدهما بدعاء الاستخارة, وذكر شيخنا: يدعو قبل السلام
أفضل([sup][9])[/sup].(5/298)



(393)حجة
أبي بكر لما بعثه النبي كانت في ذي الحجة عند أحمد، والأشهر في ذي القعدة، وذكره
شيخنا اتفاقًا.(5/320)



(394)الإحرام
-وهو نية النسك- لا ينعقد إلا بنية مع تلبية أو سوق هدي، اختاره شيخنا.(5/323)



(395)واختار
شيخنا عقب فرض إن كان وقته، وإلا فليس للإحرام صلاة تخصه.(5/326)



(396)واستحب
شيخنا الاشتراط للخائف خاصة، جمعًا بين الأدلة.(5/329)



(397)قال
شيخنا: ومن أفرد العمرة بسفرة ثم قدم في أشهر الحج فإنه متمتع([sup][10])[/sup]،
لأن النبي وأصحابه
رضي الله عنهم اعتمروا
عمرة القضية ثم تمتعوا.(5/334)



(398)يقول:
(لبيك إن) بكسر الهمزة عند أحمد، قال شيخنا: هو أفضل عند أصحابنا والجمهور([sup][11])[/sup].(5/388).



(399)وعند
شيخنا: لا يلبي بوقوفه بعرفة ومزدلفة؛ لعدم نقله، كذا قال.(5/392)



(400)اختار
شيخنا في كفارة محظورات الإحرام: يجزئ خبز رطلان عراقية ([sup][12])[/sup]،
وينبغي أن يكون بأدم، وإن مما يأكله أفضل من بر وشعير. (5/400)



(401)قال
شيخنا فيمن احتاج وقطع شعره لحجامة أو غسل: لم يضره، كذا قال.(5/407)



(402)قال
شيخنا: إن قرصه القمل أو الصبيان قتله مجانًا، وإلا فلا يقتله([sup][13])[/sup].(5/407)



(403)حكم
الناسي والجاهل والمكره ونحوه كغيره في الجماع، وفي رواية: لا يفسد، اختاره شيخنا،
وأنه لا شيء عليه، وهو متجه وجديد قولي الشافعي.(5/447)



(404)من
وطئ بعد الرمي ينتقض إحرامه ويعتمر([sup][14])[/sup]،
من التنعيم، فيكون إحرام مكان إحرام، فيلزمه أن يحرم من الحل ليجمع بين الحل والحرم،
ليطوف في إحرام صحيح؛ لأنه ركن الحج، كالوقوف، وإذا أحرم طاف للزيارة وسعى ما لم
يكن سعىً، وتحلل؛ لأن الإحرام إنما وجب ليأتي بما بقي من الحج، واختاره شيخنا، قال:
سواء أبَعْدَ أو لا.(5/458)



(405)قال
شيخنا: من جامع بعد الرمي يعتمر مطلقًا, وعليه نصوص أحمد.(5/458)



(406)اختار
شيخنا: لا يجوز قتل نحل ولو بأخذ كل عسله، قال هو وغيره: إن لم يندفع([sup][15])[/sup]
نملٌ إلا بقتله جاز([sup][16])[/sup].(5/515)



(407)قال
شيخنا: الخضاب بلا حاجة مختص بالنساء، ثم احتج بلعن المتشبهين والمتشبهات.(5/533)



(408)عند
شيخنا: يبدأ المتمتع بالطواف للعمرة، والمفرد والقارن للقدوم، ولا يشتغل بدعاء.(6/33)



(409)في
استقبال الحجر الأسود بوجهه وجهان، قال شيخنا: هو السنة.(6/34)



(410)يجعل
البيت عن يساره، فيقرب جانبه الأيسر إليه، قال شيخنا: لكون الحركة الدورية تُعتمدُ
فيها اليمنى على اليسرى، فلما كان الإكرام في ذلك للخارج جعل لليمنى.(6/34)



(411)تكره
القراءة في الطواف لتغليطه المصلين، قال شيخنا: ليس له إذًا.(6/36)



(412)قال
شيخنا: تستحب القراءة في الطواف، لا الجهر بها.(6/36)



(413)قال
شيخنا: وجنس القراءة أفضل من الطواف.(6/36)



(414)الطواف
على الشاذروان لا يجزئ عند شيخنا؛ لأنه ليس هو من البيت؛ بل جعل عمادًا له.(6/38)



(415)تشترط
الطهارة من حدث, وعن الإمام أحمد رحمه الله: يصح من ناسٍ ومعذورٍ فقط، ويجبر بدم،
وكذا حائض، واختاره شيخنا، وأنه لا دم لعذر.(6/40)



(416)ولا
يشرع تقبيل المقام ومسحه فسائر المقامات أولى، ذكره شيخنا، وسأله ابن منصور عن مس
المقام قال: لا تمسه.(6/42)



(417)يستحب
وقوفه عند الصخرات، وجبل الرحمة، ولا يشرع صعوده. قاله شيخنا.(6/47)



(418)يقف
راكبًا، وقيل: راجلاً، وعند شيخنا: يختلف ذلك بحسب الناس، ونصه في موص بحجة: يحج
عنه راجلاً أو راكبًا.(6/49)



(419)هل
لخائف فوات الوقوف بعرفة صلاة خائف؟ واختاره شيخنا.(6/50)



(420)إن
قصر فمن جميعه، قال شيخنا: لا من كل شعرة بعينها.(6/54)



(421)بعد
الرمي والحلق يباح كل شيء إلا النساء، وقيل: إلا العقد ([sup][17])[/sup]،
وقال شيخنا بحله.(6/55)



(422)قال
شيخنا: وللمخطئ فيما فهمه من قول المفتي يشبه خطأ المجتهد فيما يفهمه من النص،
ومما احتج بهذه المسألة ([sup][18])[/sup].(6/56)



(423)ثم
يأتي مكة فيطوف المتمتع، وعن الإمام أحمد: يجزئ سعي عمرته، اختاره شيخنا.(6/58)



(424)ليس
للإمام المقيم للمناسك التعجيل؛ لأجل من يتأخر، قاله أصحابنا، ذكره شيخنا.(6/61)



(425)يطوف
للوداع إن لم يقم، قال القاضي والأصحاب: إنما يستحق عليه عند العزم على الخروج،
واحتج به شيخنا على أنه ليس من الحج([sup][19])[/sup].(6/62)



(426)إن
خرج غير حاج فظاهر كلام شيخنا لا يودع([sup][20])[/sup].(6/64)



(427)ذَكر
بعض الأصحاب: لا يولي ظهره للكعبة حتى يغيب، وذكر شيخنا أن هذا بدعة مكروهة.(6/65)



(428)قال
ابن عقيل وابن الجوزي: يكره قصد القبور للدعاء، قال شيخنا: ووقوفه عندها له، ولا
يستحب تمسحه به.(6/66)



(429)قال
شيخنا: يحرم طوافه بغير البيت العتيق اتفاقًا، قال: واتفقوا أنه لا يقبله ولا
يتمسح به، فإنه من الشرك، وقال: والشرك لا يغفره الله ولو كان أصغر.(6/66)



(430)وكره
شيخنا الخروج من مكة لعمرة تطوع، وأنه بدعة ; لأنه لم يفعله هو ولا صحابي على عهده
إلا عائشة، لا في رمضان ولا غيره، اتفاقًا، ولم يأمر عائشة؛ بل أذن لها بعد
المراجعة لتطييب قلبها، قال: وطوافه ولا يخرج أفضل اتفاقًا، وخروجه عند من لم
يكرهه على سبيل الجواز، كذا قال.(6/72)



(431)قال
شيخنا: قوله
عليه السلام: «من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من
ذنوبه كيوم ولدته أمه»([sup][21])[/sup]
يدخل فيه بإحرام العمرة.(6/72)



(432)قال
شيخنا: ومن جرد معهم وجمع له من الجند المقطعين ما يعينه على كلفة الطريق أبيح له،
ولا ينقص أجره، وله أجر الحج والجهاد، وهذا كأخذ بعض الأقطاع ليصرفه في المصالح،
وليس في هذا خلاف، ويلزم المعطي بذل ما أمر به.(6/74)



(433)قال
شيخنا: شهر السلاح عند قدوم تبوك بدعة محرمة، وما يذكره الجهال في حصار تبوك كذب،
فلم يكن بها حصن ولا مقاتلة، وإن مغازي النبي
صلى الله عليه وسلم كانت بضعًا وعشرين لم يقاتل فيها إلا في تسع: بدر، وأحد،
والخندق، وبني المصطلق، والغابة، وفتح خيبر، وفتح مكة، وحنين، والطائف.(6/75)



(434)وإن
منع في حج عن عرفة تحلل بعمرة مجانًا، واختاره شيخنا، وأن مثله حائض تعذر مقامها
وحرم طوافها، أو رجعت ولم تطف لجهلها بوجوب طواف الزيارة، أو لعجزها عنه ولو لذهاب
الرفقة، وكذا من ضل الطريق، واحتج شيخنا لاختياره بأن الله لم يوجب على المحصر أن
يبقى محرمًا حولاً بغير اختياره، بخلاف بعيد أحرم من بلده ولا يصل إلا في عام؛
بدليل تحلل النبي
صلى الله عليه وسلم وأصحابه لما
حصروا عن إتمام العمرة مع إمكان رجوعهم محرمين إلى العام القابل، واتفقوا أن من
فاته الحج لا يبقى محرمًا إلى العام القابل.(6/83)
















([1]) رواه
البخاري (1539)، ومسلم (1189).







([2]) انظر
المنسك الفقرة رقم: (103).







([3]) رواه
مسلم (1718).







([4]) رواه أبو
داود (1950).







([5])
قال المحقق: هو عون بن عبد الله رحمه الله .







([6]) هو أبو
عبد الله محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج المقدسي ثم الصالحي الراميني الحنبلي، ولد
في حدود (710هـ)، وحضر عند الشيخ تقي الدين، ونقل عنه كثيرًا، وكان يقول له: ما
أنت ابن مفلح؛ بل أنت مفلح. وكان أخبر الناس بمسائله واختياراته، حتى إن ابن القيم
كان يراجعه في ذلك، مات في رجب سنة (763هـ). انظر: المنهج الأحمد (5/118)، المقصد
الأرشد (2/517)، السحب الوابلة (3/1089)، الدرر
الكامنة (4/161).






([7])
كتاب الفروع للإمام محمد بن مفلح، تحقيق: أ.د عبد الله التركي - مؤسسة الرسالة -
ط. الأولى (1424هـ).







([8])
قال ابن مفلح (5/247): المراد -والله أعلم- بالشبهة ما جزم به جماعة: الوطء الحرام
مع الشبهة؛ كالجارية المشتركة ونحوها، وذكر شيخنا أن الوطء في نكاح فاسد كالوطء
بشبهة، وليس بمحرم، للملاعنة، مع دخولها في إطلاق بعضهم.







([9])
ذكر اختيار الشيخ في الاستخارة هنا يفهم منه أنه يرى الاستخارة للحج.







([10])
لعل العبارة الصحيحة: يتمتع، ويشكل أيضًا أن الصحابة اعتمروا عمرة القضية في سنة
والحج كان بعدها بسنوات.







([11])قال
ابن مفلح رحمه الله (5/388): حكي هذا القول عن محمد بن الحسن والكسائي والفراء
وغيرهم، و قال ثعلب: من كسر فقد عم، يعني حمد الله على كل حال، ومن فتح فقد خص، أي:
لأن الحمد لك، أي: لهذا السبب.







([12])
تساوي تقريبًا: (5.22) بالكيلوجرامات.







([13])
لأنه من الترفه فلا يفعله، انظر: اختيارات الحافظ ابن عبد الهادي (ص:61).







([14])
قال ابن مفلح: معنى العمرة: الإحرام، وسموه عمرة لأن هذا من أفعالها، ويحتمل أنهم
أرادوا عمرة حقيقية، فيلزمه سعي وتقصير.







([15])
قال المحقق في الحاشية: بعدها في ط: (ضرر).







([16])
قال المرداوي في التصحيح: وسئل الشيخ تقي الدين: هل يجوز إحراق بيوت النمل بالنار؟
فقال: يدفع ضرره بغير التحريق.







([17])
قال ابن مفلح (6/55): بعد الرمي والحلق يباح كل شيء إلا النساء، وقال القاضي وابنه
وابن الزاغوني والشيخ وجماعة: والعقد، وظاهر كلام أبي الخطاب وابن شهاب وابن
الجوزي حِلُّه.







([18])
قال ابن قندس رحمه الله في حاشية الفروع: يعني احتج بأشياء منها هذه المسألة:
ويقصد التي ذكرها ابن مفلح رحمه الله ، وهي قوله: فإن حلق قبل نحره أو رميه أو نحر
أو زار قبل رميه فلا دم، نص عليه، ونقل أبو طالب وغيره: يلزم عامدًا عالمًا.







([19])
قال ابن قندس رحمه الله : ذكر المصنف عن أبي العباس
رضي الله
عنه
أنه
لم يجعل طواف الوداع من واجبات الحج؛ لقوله: (لا ينصرف أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت)،
و(أحد) هنا صيغة عموم؛ لأنه نكره في سياق النهي، فيدخل فيه الحاج وغيره. والحديث أخرجه بألفاظ قريبة الترمذي وقال: «حسن صحيح». وقال ابن الملقن: «صحيح». البدر المنير (6/291)، وقال الألباني: «صحيح». صحيح سنن أبي داود (2002).







([20])
هذا مخالف لما سبق، والمشهور من كلام الشيخ وجوب الوداع على كل من دخل مكة، والله
أعلم.







([21])
رواه البخاري (1521)، ومسلم (1350).







[/center]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://2et2.yoo7.com/forum
حمدان
ديري مبدع
ديري مبدع
حمدان


الساعة :
دعاء
عدد المساهمات : 1104
نقاط : 2370
التقيم : 28
تاريخ التسجيل : 05/05/2012

 الجامع لأحكام الحج والعمرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجامع لأحكام الحج والعمرة    الجامع لأحكام الحج والعمرة Icon_minitimeالخميس مايو 10, 2012 10:52 am

ثانيًا:
الإمام المرداوي(
[1])
في كتاب الإنصاف(
[2]):


(346)اختار
الشيخ تقي الدين عدم استحباب الغسل للوقوف بعرفة، وطواف الوداع، والمبيت بمزدلفة،
ورمي الجمار. وقال: ولو قلنا باستحباب الغسل لدخول مكة كان الغسل للطواف بعد ذلك
فيه نوع عبث لا معنى له.(2/124)



(347)يستحب
الغسل لدخول مكة، ولو كانت حائضًا أو نفساء، وقال الشيخ تقي الدين: لا يستحب لها
ذلك.(2/124)



(348)قال
الشيخ تقي الدين: نص أحمد على استحباب الاغتسال لدخول المدينة المشرفة على ساكنها
أفضل الصلاة والسلام.(2/125)



(349)قال
الشيخ تقي الدين: اختار الأكثر أن الردة لا تحبط العمل إلا بالموت عليها.([sup][3])[/sup]
(3/15).



(350)قال
الشيخ تقي الدين: استيعاب عشر ذي الحجة بالعبادة ليلاً ونهارًا أفضل من الجهاد
الذي لم تذهب فيه نفسه وماله، وهي في غير العشر تعدل الجهاد.(4/100)



(351)ظاهر
كلام ابن الجوزي وغيره: أن الطواف أفضل من الصلاة في المسجد الحرام، واختاره الشيخ
تقي الدين، وذكره عن جمهور العلماء؛ للخبر.(4/102)



(352)اختار
الشيخ تقي الدين جواز صلاة الطواف في وقت النهي بعد الفجر والعصر([sup][4])[/sup].(4/249)



(353)قال
الشيخ تقي الدين: الحج أفضل من الصدقة، وهو مذهب أحمد([sup][5])[/sup].(7/315)



(354)قال
الشيخ تقي الدين: لا يستحب صوم يوم عرفة؛ لأنه يوم عيد([sup][6])[/sup].(7/525)



(355)عن
الإمام أحمد أن العمرة سنة، واختاره الشيخ تقي الدين.(8/9)



(356)عن
الإمام أحمد: تجب على الآفاقي دون المكي، وقال الشيخ تقي الدين: عليها نصوصه.(8/9)



(357)لو
عوفي قبل فراغ النائب قيل: لا يجزئه، وهو أظهر الوجهين عند الشيخ تقي الدين.(8/56)



(358)لو
مر أهل الشام وغيرهم على ذي الحليفة، أو من غير أهل الميقات على غيره؛ لم يكن لهم
مجاوزته إلا محرمين، وقال الشيخ تقي الدين: يجوز تأخيره إلى الجحفة إذا كان من أهل
الشام ([sup][7])[/sup].(8/108)



(359)قال
الشيخ تقي الدين: ولو مس الغطاء وجه المرأة فالصحيح جوازه; لأن وجهها كيد الرجل.(8/355)



(360)قال
الشيخ تقي الدين: لا أعلم أحدًا فضل التربة([sup][8])[/sup]
على الكعبة إلا القاضي عياض، ولم يسبقه أحد.(9/71)



(361)واختاره
الشيخ تقي الدين بأفضلية الصلاة وغيرها في مكة.(9/71)



(362)قال
الشيخ تقي الدين
رحمه الله: المجاورة
في مكان يتمكن فيه إيمانه وتقواه أفضل حيث كان([sup][9])[/sup].(9/71)



(363)تضاعف
الحسنة والسيئة بمكان أو زمان فاضل. ذكره الشيخ تقي الدين.(9/71)



(364)إن
حاذى الحجر أو بعضه ببعض بدنه، فالصحيح من المذهب أنه لا يجزئ ذلك الشوط، وقال
الشيخ تقي الدين: يجزيه.(9/82)



(365)قال
بعض الأصحاب: وقت الوقوف من الزوال يوم عرفة، واختاره الشيخ تقي الدين، وحكاه ابن
عبد البر إجماعًا([sup][10])[/sup].(9/167)



(366)قال
الشيخ تقي الدين: ولا يستحب للمتمتع أن يطوف طواف القدوم بعد رجوعه من عرفة قبل
الإفاضة، وقال: هذا هو الصواب.(9/225)



(367)وإذا
فرغ من الوداع وقف في الملتزم بين الركن والباب، وذكر الشيخ تقي الدين: ثم يشرب من
ماء زمزم، ويستلم الحجر الأسود.(9/267)



(368)من
أحصر بمرض أو ذهاب نفقة يجوز له التحلل كمن حصره عدو، اختاره الشيخ تقي الدين وقال:
مثله حائض تعذر مقامها، وحرم طوافها، ورجعت ولم تطف؛ لجهلها بوجوب بطواف الزيارة
أو لعجزها عنه، أو لذهاب الرفقة([sup][11])[/sup].
(9/325).



(369)عند
الشيخ تقي الدين: الأجر في الأضحية على قدر القيمة مطلقًا.(9/333)



(370) رجح الشيخ تقي الدين تفضيل البدنة السمينة.(9/333)


(371)قال
الشيخ تقي الدين: يجوز التضحية بما كان أصغر من الجذع من الضأن لمن ذبح قبل صلاة
العيد جاهلاً بالحكم إذا لم يكن عنده ما يعتد به في الأضحية وغيرها؛ لقصة أبي بردة،
ويحمل قوله عليه أفضل الصلاة والسلام: «ولن تجزئ عن أحد بعدك»([sup][12])[/sup]
أي: بعد حالك.(9/337)



(372)اختار
الشيخ تقي الدين أن آخر يوم من أيام النحر هو آخر يوم من أيام التشريق، وهو اليوم
الثالث من أيام التشريق.(9/367)



(373)يستحب
الحلق بعد الذبح، وعن الإمام أحمد: لا يستحب. اختاره الشيخ تقي الدين. (9/432)



(374)قال
أبو العباس ابن تيمية
رحمه الله:
يشرع التعزير فيمن أتى حدًا في الحرم([sup][13])[/sup].(26/448)






ثالثًا: الحافظ ابن عبد الهادي([14])
رحمه الله في كتابه اختيارات شيخ الإسلام(
[15]):


(375)هب
أن الحج لا يبطل بفعل شيء من المحظورات - لا الجماع ولا غيره - ناسيًا أو مخطئًا،
ولا يضمن إلا الصيد.(23)



(376)كان
رحمه الله يذهب إلى أن الأفضل أن يسوق الهدي ويكون قارنًا؛ لأن النبي صلى الله
عليه وسلم هكذا فعل.([sup][16])[/sup]
(56)



(377)ليس
في الإهلال عبارة مخصوصة، ولا يجب عليه أن يتكلم قبل التلبية بشيء، والصواب
المقطوع به أنه لا يستحب التلفظ بالنية.(57)



(378)ذهب
إلى أنه يجوز للمحرم أن يعقد الرداء إذا احتاج إلى ذلك.(59)



(379)الاستظلال
بالمحامل - كالمحارة التي لها رأس - حال السير فهذا فيه نزاع، والأفضل للمحرم أن
يضحى لمن أحرم له.(59)



(380)إذا
لبس ثم لبس مرات، ولم يكن أدى الفدية؛ أجزأته فدية واحدة في أظهر قولي العلماء.(60)



(381)الأولى
ترك الدهن في رأس المحرم؛ سواء بالزيت أو السمن أو نحوه.(60)



(382)لا
يصيد بالحرم صيدًا وإن كان من الماء كالسمك على الصحيح.(61)



(383)إذا
قرصته البراغيث أو القمل فله إلقاؤها عنه، وله قتلها ولا شيء عليه، وأما التفلي
بدون تأذي فهو من الترفه، فلا يفعله، ولو فعله فلا شيء عليه.(61)



(384)لا
يجوز لحائضٍ أن تطوف إلا طاهرة - إذا أمكنها ذلك - باتفاق العلماء، ولو قدمت
المرأة حائضًا لم تطف بالبيت، لكن تقف بعرفة، وتفعل سائر المناسك مع الحيض، إلا
الطواف فإنها تنتظر حتى تطهر - إن أمكنها ذلك - ثم تطوف، وإن اضطرت إلى الطواف
فطافت أجزأها على الصحيح من قولي العلماء.(62)



(385)يجوز
الوقوف بعرفة راكبًا وماشيًا، وأمَّا الأفضل فيختلف باختلاف الناس، فإن كان ممن
إذا ركب رآه الناس لحاجتهم إليه، أو كان يشق عليه ترك الركوب وقف راكبًا؛ فإن
النبي صلى الله عليه وسلم وقف راكبًا، وهكذا الحج، فمن الناس من يكون حجه راكبًا
أفضل، ومنهم من يكون حجه ماشيًا أفضل.(62)



(386)لم
ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم التلبية في
عرفة، ولا مزدلفة.(63)



(387)كل
ما ذبح بمنى وقد سيق من الحل إلى الحرم فهو هدي، ويسمى أضحية، بخلاف ما ذبح في
الحل فإنه أضحية وليس بهدي، وليس بمنى ما هو أضحية وليس بهدي كما هو في سائر
الأمصار.(63)






رابعًا: العلامة برهان الدين إبراهيم
ابن قيم الجوزية(
[17])
رحمه الله في كتابه اختيارات شيخ الإسلام(
[18]):


(388)
يجوز عقد
الرداء في الإحرام، ولا فدية فيه.(125)







خامسًا: الشيخ أبو الحسن علي بن محمد
البعلي(
[19])
رحمه الله في كتابه الاختيارات الفقهية(
[20]):


(389)يلزم
الإنسان طاعة والديه في غير المعصية وإن كانا فاسقين، وهو ظاهر إطلاق أحمد، وهذا
فيما فيه منفعة لهما ولا ضرر، فإن شق عليه ولم يضره وجب وإلا فلا، وإنما لم يقيده
أبو عبد الله لسقوط الفرائض بالضرر، وتحرم في المعصية، ولا طاعة لمخلوق في معصية
الخالق، فحينئذ ليس للأبوين منع ولدهما من الحج الواجب، لكن يستطيب أنفسهما، فإن
أذنا وإلا حج.(170)



(390)ليس
للزوج منع زوجته من الحج الواجب مع ذي رحم محرم؛ بل عليها أن تحج وإن لم يأذن في
ذلك، حتى إن كثيرًا من العلماء أو أكثرهم يوجبون لها النفقة عليه مدة الحج.(170)



(391)الحج
واجب على الفور عند أكثر العلماء.(170)



(392)القول
بوجوب العمرة على أهل مكة قول ضعيف جدًا مخالف للسنة الثابتة، ولهذا كان أصح
الطريقين عن أحمد أن أهل مكة لا عمرة عليهم رواية واحدة، وفي غيرهم روايتان، وهي
طريقة أبي محمد المقدسي، وطريقة المجد أبي البركات في العمرة ثلاث روايات، ثالثها:
تجب على غير أهل مكة.(170)



(393)من
وجب عليه الحج فتوفي قبله وخلَّف مالاً حج عنه منه في أظهر قولي العلماء.(171)



(394)إذا
وجب الحج على المحجور عليه لم يكن لوليه منعه منه على الوجه الشرعي.(171)



(395)التجارة
ليست محرمة في الحج، ولكن ليس للإنسان أن يفعل ما يشغله عن الحج.(171)



(396)تجوز
الخفارة عند الحاجة إليها في الدفع عن المخفر، ولا تجوز مع عدمها، كما يأخذه
السلطان من الرعايا.(171)



(397)تحج
كل امرأة آمنة مع عدم المحرم، وهذا متوجه في كل سفر طاعة([sup][21])[/sup].(171)



(398)إماء
المرأة يسافرن معها ولا يفتقرن إلى محرم؛ لأنه لا محرم لهن في العادة الغالبة.(171)



(399)الحج
على الوجه المشروع أفضل من الصدقة التي ليست واجبة، وأما إن كان له أقارب محاويج
فالصدقة عليهم أفضل، كذلك إن كان هناك قوم مضطرون إلى نفقته، فأما إذا كان كلاهما
تطوعًا فالحج أفضل؛ لأنه عبادة بدنية مالية، كذلك الأضحية والعقيقة أفضل من الصدقة
بقيمة ذلك، لكن هذا بشرط أن يقيم الواجب في الطريق، ويترك المحرمات، ويصلي الصلوات
الخمس، ويصدق الحديث، ويؤدي الأمانة، ولا يتعدى على أحد.(172)



(400)من
أفرد العمرة بسفرة ثم قدم في أشهر الحج فإنه يتمتع([sup][22])[/sup].(173)



(401)لو
أحرم بالحج ثم أدخل عليه العمرة لم يجز على الصحيح، ويجوز العكس على الصحيح.(174)



(402)يجوز
للمرأة المحرمة أن تغطي وجهها بملاصق، خلا النقاب والبرقع.(174)



(403)يجوز
للمحرم لبس مقطوع إلى الكعبين مع وجود النعال، واختاره ابن عقيل في المفردات، وأبو
البركات.(174)



(404)من
جامع بعد التحلل الأول يعتمر مطلقًا، وعليه نصوص أحمد.(174)



(405)المحرم
إذا احتاج وقطع شعره لحجامة أو غسل لم يضره.(174)



(406)القمل
والبعوض والقراد إن قرصه قتله مجانًا، وإلا فلا يقتله.(174)



(407)لا
يجوز قتل النحل ولو بأخذ كل عسله، وإن لم يندفع إلا بقتله جاز.(174)



(408)يُسن
أن يستقبل الحجر الأسود في الطواف.(175)



(409)يسن
القراءة في الطواف لا الجهر بها، فأما إن غلَّط المصلين فليس له ذلك إذًا، وجنس
القراءة أفضل من جنس الطواف.(175)



(410)لا
يشرع تقبيل المقام ولا مسحه إجماعًا، وسائر المقامات غيره أولى.(175)



(411)لا
يشرع صعود جبل الرحمة إجماعًا.(175)



(412)تختلف
أفضلية الحج راكبًا أو ماشيًا بحسب الناس، والوقوف راكبًا أفضل، وهو المذهب.(175)



(413)يقص
من شعره إذا حلّ، لا من كل شعرة بعينها.(175)



(414)الحلق
أو التقصر إما واجب أو مستحب، ومن حكى عن أحمد أنه مباح فقد غلط.(175)



(415)لا
يستحب للمتمتع طواف قدوم بعد رجوعه من عرفة قبل الإفاضة؛ هذا هو الصواب، وقاله
جمهور الفقهاء، وهو أحد القولين في مذهب أحمد.(175)



(416)قال
أصحابنا: وإن خرج إنسان غير حاج فظاهر كلام أبي العباس لا يودع.(176)



(417)ذكر
ابن عقيل وابن الزاغوني: لا يولي المودع البيت ظهره حتى يغيب، قال أبو العباس: هذه
بدعة مكروهة.(176)



(418)يحرم
طوافه بغير البيت العتيق اتفاقًا، واتفقوا أنه لا يقبله ولا يتمسح به؛ فإنه من
الشرك، والشرك لا يغفره الله ولو كان أصغرًا.(176)



(419)قول
النبي صلى الله عليه وسلم: «من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه»
يدخل فيه من أتى بعمرة، ولهذا أنكر الإمام أحمد على من قال: حجة المتمتع حجة مكية.(176)



(420)من
اعتقد أن الحج يسقط ما عليه من الصلاة والزكاة فإنه يستتاب بعد تعريفه إن كان جاهلاً،
فإن تاب وإلا قتل، ولا يسقط حق آدمي من مال أو عرض أو دم بالحج إجماعًا.(177)



(421)من
جرد نفسه مع الحاج أو غيره، وجمع له الجند المقطعين ما يعينه على كلفة الطريق؛
أبيح له أخذه ولا ينقص أجره، وله أجر الحج والجهاد، وليس في هذا اختلاف.(177)



(422)شهر
السلاح عند قدوم تبوك بدعة محرمة.(177)



(423)المرأة
الحائض التي تعذر مقامها، وحرم طوافها، ورجعت ولم تطف لجهلها بوجوب طواف الزيارة،
أو لعجزها عنه، أو لذهاب الرفقة فحكمها حكم المحصر.(119)



(424)المحصر
يلزمه دم في أصح الروايتين، ولا يلزمه قضاء حجه إن كان تطوعًا، وهو إحدى الروايتين.(119)







المبحث الرابع
تلخيص ما كتبه الإمام ابن القيم رحمه الله
في مسائل الحج والعمرة






من
كتابيه:



زاد
المعاد في هدي خير العباد



تهـــذيب
ســــنن أبي داود






ترجمة مختصرة للإمام ابن القيِّم رحمه الله ([23])


اسمه
ونسبه:



هو أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب
بن سعد بن حريز بن مكي زين الدين الزَّرعي
ثم الدمشقي الحنبلي،
الشهير بابن قيم الجوزية([sup][24])[/sup].



وقيم الجوزية هو والده رحمه الله، فقد كان قيمًا على المدرسة الجوزية بدمشق
مدة من الزمن، واشتهر به ذريته وحفدتهم من بعده، وقد شاركه بعض أهل العلم بهذه
التسمية([sup][25])[/sup].



وتقع هذه المدرسة بالبزورية المسمى قديمًا سوق
القمح، وقد اختلس جيرانها معظمها، وبقي منها الآن بقية، ثم صارت محكمة إلى سنة (1372هـ)
([sup][26])[/sup].






مولده:


ولد في السابع من شهر صفر لعام (691هـ). قيل: إنه ولد في زرع،
وقيل: في دمشق.






وفاتــه:


توفي رحمه الله في
ليلة الخميس (13/7/751هـ) وقت أذان العشاء، وقد كمل له من العمر ستون سنة.



وصلي عليه في الجامع الأموي، ثم بجامع جراح، وقد ازدحم الناس
للصلاة عليه، رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته.










أولاً: مسائل الحج والعمرة
من كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد



(1) الصحيح
أن عمرة النبي صلى الله عليه وسلم الثانية سميت بالقضية لأن النبي صلى الله عليه
وسلم قاضى عليها أهل مكة.(91)



(2) في
الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع
عمر كلهن في ذي القعدة، إلا التي كانت مع حجته...)([27])، ولا يناقض هذا ما في
الصحيحين أيضًا عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: (اعتمر رسول الله صلى الله
عليه وسلم في ذي القعدة قبل أن يحج مرتين)([28])؛ لأنه أراد العمرة
المفردة المستقلة التي تمت، ولا ريب أنهما اثنتان، فإن عمرة القران لم تكن مستقلة،
وعمرة الحديبية صد عنها وحيل بينه وبين إتمامها.(92)



(3) لا
تناقض بين حديث أنس رضي الله عنه: (أن عُمَره صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة إلا
التي مع حجته)، وبين قول عائشة وابن عباس: (لم يعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلا في ذي القعدة)؛ لأن مبدأ عمرة القران كان في ذي القعدة، ونهايتها كان في ذي
الحجة مع انقضاء الحج، فعائشة وابن عباس([29]) أخبرا عن ابتدائها، وأنس([30])
أخبر عن انقضائها.(92)



(4) فأما
قول عبد الله بن عمر رضي الله عنه: (إن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر أربعـًا
إحداهن في رجب)([31])
فوهم منه، قالت عائشة رضي الله عنها لما بلغها ذلك عنه: (يرحم الله أبا عبد الرحمن،
ما اعتمر عمرة إلا وهو شاهده، وما اعتمر في رجب قط)([32]).(93)



(5) ما
رواه الدارقطني عن عائشة رضي الله عنها قالت: (خرجت مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم في عمرة في رمضان، فأفطر وصمتُ، وقصر وأتممتُ، فقلت: بأبي وأمي! أفطرت وصمتُ،
وقصرتَ وأتممتُ، فقال: أحسنت يا عائشة)([33])، فهذا الحديث غلط؛
فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعتمر في رمضان قط، وعمرُه صلى الله عليه
وسلم مضبوطة العدد والزمان، وقد قالت عائشة رضي الله عنها: (لم يعتمر رسول الله صلى
الله عليه وسلم إلا في ذي القعدة) رواه ابن ماجه وغيره.(93)



(6) لا
خلاف أن عُمَره صلى الله عليه وسلم لم تزد على أربع، فلو كان قد اعتمر في رجب
لكانت خمسًا، ولو كان قد اعتمر في رمضان لكانت ستًا، إلا أن يقال: بعضهن في رجب،
وبعضهن في رمضان، وبعضهن في ذي القعدة، وهذا لم يقع، وإنما الواقع اعتماره في ذي
القعدة، كما قال أنس، وابن عباس، وعائشة رضي الله عنهم، وقد روى أبو داود في سننه
عن عائشة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر في شوال)، وهذا إذا كان محفوظًا
فلعله في عمرة الجعرانة حين خرج في شوال، ولكن إنما أحرم بها في ذي القعدة.(93)



(7) لم
يكن في عُمُرِهِ عُمْرَةٌ واحدة خارجًا من مكة، كما يفعل كثير من الناس اليوم،
وإنما كانت عمره كلها داخلاً إلى مكة، وقد أقام بعد الوحي بمكة ثلاث عشرة سنة لم
ينقل عنه أنه اعتمر خارجًا من مكة في تلك المدة أصلاً.(94)



(Cool عمر
النبي صلى الله عليه وسلم كلها كانت في أشهر الحج، مخالفة لهدي المشركين؛ فإنهم
كانوا يكرهون العمرة في أشهر الحج، ويقولون: هي من أفجر الفجور، وهذا دليل على أن
الاعتمار في أشهر الحج أفضل منه في رجب بلا شك.(95)



(9) المفاضلة
بين الاعتمار في أشهر الحج وبين الاعتمار في رمضان موضع نظر، فقد صح عنه صلى الله
عليه وسلم أنه أمر أم معقل رضي الله عنها لما فاتها الحج معه أن تعتمر في رمضان،
وأخبرها أن عمرة في رمضان تعدل حجة. وأيضًا فقد اجتمع في عمرة رمضان أفضل الزمان،
وأفضل البقاع، ولكن الله لم يكن ليختار لنبيه صلى الله عليه وسلم في عُمرِه إلا
أولى الأوقات وأحقها بها، فكانت العمرة في أشهر الحج نظير وقوع الحج في أشهره،
وهذه الأشهر قد خصها الله تعالى بهذه العبادة، وجعلها وقتـًا لها، والعمرة حج أصغر،
فأولى الأزمنة بها أشهر الحج، وذو القعدة أوسطها، وهذا مما نستخير الله فيه، فمن كان
عنده فضل علم فليرشد إليه.(95)



(10) لم
يحفظ عنه صلى الله عليه وسلم أنه اعتمر في السنة إلا مرة واحدة، ولم يعتمر في سنة
مرتين.(97)



(11) وقع
الخلاف في حكم تكرار العمرة أكثر من مرة في العام الواحد؛ فمنعه بعضهم، ولا أرى أن
يمنع أحد من التقرب إلى الله بشيء من الطاعات، ولا من الازدياد من الخير في موضع،
ولم يأتِ بالمنع منه نص، وقد صح عن بعض الصحابة أنه كرر العمرة أكثر من مرة في
العام.(98)



(12) معنى
قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: (ارفضي عمرتك)([34]):
اتركي أفعالها والاقتصار عليها، وكوني في حجة معها، ويتعين أن يكون هذا هو المراد
بقوله: (حللتِ منهما جميعـًا)([35]
لما قضت أعمال الحج، وقوله: (يسعك طوافك لحجك وعمرتك)([36])، فهذا صريح في أن
إحرام العمرة لم يرفض، وإنما رفضت أعمالها والاقتصار عليها، وأنها بانقضاء حجها
انقضى حجها وعمرتها، ثم أعمرها من التنعيم تطييبـًا لقلبها، إذ تأتي بعمرة مستقلة
كصواحباتها، ويوضح ذلك إيضاحًا ما روى مسلم في صحيحه بلفظ: قالت عائشة: (وخرجنا مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فحضت، فلم أزل حائضًا حتى كان يوم
عرفة ولم أهل إلا بعمرة، فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنقض رأسي وأمتشط
وأهل بالحج وأترك العمرة، قالت: ففعلت ذلك، حتى إذا قضيت حجي بعث معي رسول الله صلى
الله عليه وسلم عبد الرحمن بن أبي بكر، وأمرني أن أعتمر من التنعيم مكان عمرتي
التي أدركني الحج ولم أحل منها)([37]
فهذا حديث في غاية الصحة والصراحة أنها لم تكن أحلت من عمرتها، وأنها بقيت محرمة
بها حتى أدخلت عليها الحج، فهذا خبرها عن نفسها، وذلك قول رسول الله صلى الله عليه
وسلم لها، كل منهما يوافق الآخر.(99)



(13) لا
خلاف أنه صلى الله عليه وسلم لم يحج بعد هجرته إلى المدينة سوى حجة واحدة، وهي حجة
الوداع، ولا خلاف أنها كانت سنة عشر.(101)



(14) حديث
الترمذي: (أن النبي صلى الله عليه وسلم حج قبل الهجرة)([38]) قال عنه البخاري رحمه
الله: «لا يعد هذا الحديث محفوظًا».(101)



(15) فرض
الحج تأخر إلى سنة تسع أو عشر.(101)



(16) قوله
تعالى: ((وَأَتِمُّوا الْحَجَّ
وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ
)) [البقرة:196]، ليس فيه فرضية الحج، وإنما
فيه الأمر بإتمامه وإتمام العمرة بعد الشروع فيهما، وذلك لا يقتضي وجوب الابتداء.(101)



(17) خرج
النبي صلى الله عليه وسلم إلى حجة الوداع من المدينة نهارًا بعد الظهر، لست بقين
من ذي القعدة، بعد أن صلى الظهر بها أربعًا، وخطبهم قبل ذلك خطبة علمهم فيها
الإحرام وواجباته وسننه، والظاهر أن خروجه كان يوم السبت.(102)



(18) قلـّد
النبي صلى الله عليه وسلم قبل الإحرام بدنه نعلين، وأشعرها في جانبها الأيمن، فشق
صفحة سنامها وسلت الدم عنها([39]).(107)



(19) أحرم
النبي صلى الله عليه وسلم قارنًا، وإنما قلنا ذلك لبضعة وعشرين حديثًا صحيحة صريحة
في ذلك.(107)



(20) غلط
في عُمَرِ النبي صلى الله عليه وسلم خمس طوائف:



إحداها: من قال: إنه اعتمر
في رجب، وهذا غلط؛ فإن عمره مضبوطة محفوظة، لم يخرج في رجب إلى شيء منها ألبتة.



الثانية: من قال: إنه اعتمر
في شوال، وهذا أيضًا وهم.



الثالثة: من قال: إنه اعتمر
من التنعيم بعد حجه، وهذا لم يقله أحد من أهل العلم، وإنما يظنه العوام ومن لا
خبرة له بالسنة.



الرابعة: من قال: إنه لم
يعتمر في حجته أصلاً، والسنة الصحيحة المستفيضة التي لا يمكن ردها تبطل هذا القول.



الخامسة: من قال: إنه اعتمر
عمرة حل منها، ثم أحرم بعدها بالحج من مكة، والأحاديث الصحيحة تبطل هذا القول
وترده.(122)



و











([1]) هو علاء
الدين أبو الحسن علي بن سليمان بن أحمد بن محمد المرداوي السعدي، ولد ببلدة مردا سنة
(817هـ)، واشتغل بالعلم وتفقه على تقى الدين بن قندس شيخ الحنابلة، انتهت إليه رياسة
المذهب في عصره، له كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، وكتاب التحرير في
أصول الفقه، والتنقيح الشيق في تحرير أحكام المقنع وغيرها. توفي في دمشق سنة
(885هـ). انظر: الجوهر المنضد (ص:99)، المنهج الأحمد (5/290)، السحب الوابلة
(2/739)، معجم المؤلفين (2/447)، علماء الحنابلة برقم: (2908).







([2])
الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي - تحقيق: أ.د.عبد الله التركي، ود.عبد
الفتاح الحلو - دار هجر.







([3]) أصل المسألة: لو حج ثم
ارتد ثم أسلم، فقيل: يعيد الحج؛ لأن عمله باطل، واختار الشيخ عدم البطلان؛ لعموم
النص: (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ
فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ
أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [البقرة: 217]
.






([4])
لكن هل تصلى عند شروق الشمس أو غروبها وقت سجود عبدة الشمس لها وحين تكون بين قرني
شيطان؟ يبعد أن يريد شيخ الإسلام رحمه الله هذه الصورة، والله أعلم







([5])قال
المرداوي بعدها: الصدقة زمن المجاعة لا يعدلها شيء، لا سيما الجار، خصوصًا القرابة.







([6])
يوم عيد للحجيج.







([7])
قال المرداوي بعدها مباشرة: وجعله في الفروع توجيهًا من عنده، وقواه ومال إليه.







([8])
قال أبو العباس
رضي الله عنه في الفتاوى الكبرى: (ولا أعلم أحدًا فضل
تربة النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الكعبة إلا القاضي عياض، ولم يسبقه إليه
أحد، ولا وافقه، والصلاة وغيرها من القرب بمكة أفضل).



وقال ابن
عقيل في الفنون: (الكعبة أفضل من مجرد الحجرة، فأما وهو فيها فلا والله ولا العرش
وحملته والجنة؛ لأن في الحجرة جسدًا لو وزن به لرجح) الإنصاف (9/71).







([9])
للشيخ رحمه الله رسالة بعنوان: فتوى في المجاورة في مكة أفضل أم الثغور؟ فراجعها
إن شئت.







([10])
قال العلامة المرداوي رحمه الله : (وقت الوقوف بعرفة من طلوع الفجر يوم عرفة إلى
طلوع الفجر يوم النحر، وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب، وقطع به كثير منهم، وهو
من المفردات).







([11])
فهذه الحائض حكمها حكم المحصر عند الشيخ تتحل ولا شيء عليها، إلا إن كان حج فرض؛
لأنها لم تأت بالركن، والأركان لا تسقط بالجهل، ولكن لا تبقى محرمة.







([12])قال ابن القيم: لا ريب في صحته. تهذيب السنن (7/498)، وقال الهيثمي
في مجمع الزوائد (4/27): رجاله رجال الصحيح. وقال الألباني: صحيح. صحيح أبي داود (2800).







([13])
أي: زيادة على الحد لتعظيم المكان.







([14])
هو محمد بن أحمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن
قدامة المقدسي الحنبلي، ولد سنة (705هـ)، له فوق السبعين مؤلف، أهمها: الأحكام
الكبرى، الإعلام في ذكر مشايخ الأئمة والأعلام، العقود الدرية في مناقب شيخ
الإسلام ابن تيمية، العلل في الحديث، العمدة في الحفاظ، فضائل الحسن البصري رضي
الله عنه ، قواعد أصول الفقه، المحرر في أحاديث الأحكام. توفي سنة (744هـ).







([15])
اختيارات
شيخ الإسلام - تحقيق سامي بن محمد جاد الله - دار عالم الفوائد.







([16]) قال في
الفتاوى(26/286): (ثم الذي ينبغي أن يقال: إن الذي اختاره الله لنبيه هو أفضل
الأمرين). وقد فصل في الأفضل في أول المنسك، انظر رقم: (7)، وانظر اختيارات الحافظ
ابن عبد الهادي (ص:56).







([17])
هو برهان الدين إبراهيم بن محمد بن أبي بكر بن أيوب بن قيم الجوزية، ولد سنة
(716هـ)، حضر على الشيخ أيوب بن نعمة النابلسي، ومنصور بن سليمان البعلبكي، وأفتى
وناظر ودرس في الصدرية والتدمرية، وله تصدر بالجامع الأموي، وخطابة بجامع خليخان.
توفي في المزة بدمشق سنة (767هـ). انظر: المقصد الأرشد (1/235)، الدر المنضد
(2/541)، المنهج الأحمد (5/125)، علماء الحنابلة برقم: (2199).







([18])اختيارات
شيخ الإسلام - تحقيق سامي بن محمد جاد الله - دار عالم الفوائد، وقد طبع مرات
منسوبًا للإمام ابن القيم رحمه الله وهو خطأ.







([19])
هو أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن فتيان البعلي، المعروف بابن اللحام، ولد
ببعلبك سنة (752هـ).



تفقه ببلده
على شمس الدين ابن اليونانية، ثم انتقل إلى دمشق، وبرع في مذهبه، ودرَّس وأفتى، وناب
في الحكم، ووعظ بالجامع الأموي في حلقة ابن رجب بعده.



وكان حسن المجالسة،
كثير التواضع، وترك الحكم بآخره، وانجمع على الاشتغال، ويقال: عُرض عليه قضاء الشام
استقلالاً فامتنع، توفي في القاهرة سنة (803هـ). انظر: المقصد الأرشد (2/237)،
الجوهر المنضد (ص:81)، المنهج الأحمد (5/190)، السحب الوابلة (2/728)، الضوء
اللامع (3/43)، إنباء الغمر بأبناء العمر (1/262)، علماء الحنابلة برقم: (2513).







([20])
الاختيارات الفقهية - العلامة علي بن محمد البعلي - تحقيق: محمد حامد الفقي -
مكتبة السنة المحمدية - طبع بتحقيق الفاضل الدكتور أحمد بن محمد الخليل - دار
العاصمة، بعنوان: الأخبار العلمية من الاختيارات الفقهية، ويبدأ كتاب الحج من (ص:170).







([21])قال بعد
ذلك: صحح أبو العباس في الفتاوى المصرية: أن المرأة لا تسافر للحج إلا مع زوج أو
ذي محرم، ونقل المرداوي عن شيخ الإسلام نفس ما ذكره البعلي. انظر الإنصاف، وقال
الشيخ تقي الدين: تحج كل امرأة آمنة مع عدم المحرم. ويظهر أن الشيخ رحمه الله لم
يرجع عنه. انظر: الفروع (5/245).







([22])
قال الشيخ محمد العثيمين رحمه الله : (قوله: من أفرد.. إلخ، اعلم أن هذه العبارة
تنافي ما قبلها، إلا أن تحمل على محمل بعيد عن ظاهرها، ولذلك فإن في كتاب الشيخ
(القواعد النورانية): أنه إذا أفرد العمرة بسفر فإنه يتمتع، وهذا هو الصواب
الموافق لأول العبارة هنا، والله أعلم، ولعل صواب العبارة: فإنه لا يتمتع).







([23]) انظر ترجمته في: ذيل
طبقات الحنابلة لابن رجب (2/447)، ذيل العبر للذهبي (5/282)، المقصد الأرشد لابن
مفلح (2/384)، الدر المنضد للعليمي (2/521)، المنهج الأحمد للعليمي (5/92) معجم
المؤلفين (3/164)، التسهيل برقم (1779)، ابن القيم حياته وآثاره لبكر أبو زيد،
وأكثر النقل عنه، علماء الحنابلة لبكر أبو زيد برقم (2109).







([24]) وأطلق عليه زاهد الكوثري: ابن زفيل!!
وكان يسبه كثيرًا، وقد سب غيره من كبار أئمة السلف رحمهم الله، وعامله الله بما
يستحق.







([25]) ابن القيم حياته وآثاره (ص:28).






([26]) منادمة الأطلال - عبد القادر بدران -
المكتب الإسلامي (ص:227).







([27])
رواه البخاري (1780) ومسلم (1253).







([28])
رواه البخاري (1781) ومسلم (1783).







([29])
رواه ابن ماجه (3051) (3052) وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه.







([30])
رواه البخاري (1778) ومسلم (1253).







([31])
رواه البخاري (1776)، ومسلم (1255).







([32])
التخريج السابق.







([33]) رواه النسائي (1456)، والدارقطني (2/88)، وضعفه ابن حجر في التلخيص
(2/49).







([34]) رواه البخاري (1783)، ومسلم (1211).






([b][35])
رواه مسلم (2127).
[/b]







([36]) رواه مسلم (1211).






([b][37])
رواه مسلم (1211).
[/b]







([38]) رواه الترمذي (815).






([39]) رواه البخاري (1699)، ومسلم (1321).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://2et2.yoo7.com/forum
حمدان
ديري مبدع
ديري مبدع
حمدان


الساعة :
دعاء
عدد المساهمات : 1104
نقاط : 2370
التقيم : 28
تاريخ التسجيل : 05/05/2012

 الجامع لأحكام الحج والعمرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجامع لأحكام الحج والعمرة    الجامع لأحكام الحج والعمرة Icon_minitimeالخميس مايو 10, 2012 10:54 am

(1)
َوهِمَ في حج النبي صلى
الله عليه وسلم خمس طوائف:



الطائفة الأولى: التي
قالت: حج حجًا مفردًا لم يعتمر معه.



الثانية: من قال: حج متمتعًا
تمتعًا حل منه ثم أحرم بعده بالحج.



الثالثة: من قال: حج متمتعًـا
تمتعـًا لم يحل منه لأجل سوق الهدي، ولم يكن قارنًا، كما قاله أبو محمد بن قدامة
صاحب (المغني) وغيره.



الرابعة: من قال: حج قارنًا
قرانًا طاف له طوافين وسعى له سعيين.



الخامسة: من قال: حج حجًا
مفردًا، واعتمر بعده من التنعيم.(123)



(2)
غلط في إحرام النبي صلى
الله عليه وسلم خمس طوائف:



إحداها: من قال: لبى بالعمرة
وحدها واستمر عليها.



الثانية: من قال: لبى بالحج
وحده واستمر عليه.



الثالثة: من قال: لبى بالحج
مفردًا، ثم أدخل عليه العمرة، وزعم أن ذلك خاص به.



الرابعة: من قال: لبى بالعمرة
وحدها، ثم أدخل عليها الحج في ثاني الحال.



الخامسة: من قال: أحرم إحرامـًا
مطلقـًا لم يعين فيه نسكًا، ثم عينه بعد إحرامه.(123)



(3)
الصواب أنه أحرم بالحج
والعمرة معـًا من حين أنشأ الإحرام، ولم يحل حتى حل منهما جميعـًا، فطاف لهما طوافـًا
واحدًا، وسعى لهما سعيًا واحدًا، وساق الهدي، كما دلت عليه النصوص المستفيضة التي
تواترت تواترًا يعلمه أهل الحديث. والله أعلم.(124)



(4)
فحصل الترجيح لرواية
من روى القران لوجوه عشرة -أوصلها الشيخ إلى خمسة عشر ترجيح- وهي:



أحدها: أن من روى أنه صلى
الله عليه وسلم كان قارنًا أكثر ممن روى غير ذلك.



الثاني: أن طرق الإخبار بذلك
تنوعت.



الثالث: أن فيهم من أخبر عن
سماعه ولفظه صريحـًا، وفيهم من أخبر عن إخباره عن نفسه بأنه فعل ذلك، وفيهم من أخبر
عن أمر ربه له بذلك، ولم يجئ شيء من ذلك في الإفراد.



الرابع: تصديق روايات من روى
أنه اعتمر أربع عمر لها.



الخامس: أنها صريحة لا تحتمل
التأويل، بخلاف روايات الإفراد.



السادس: أنها متضمنة زيادة
سكت عنها أهل الإفراد أو نفوها، والذاكر الزائد مقدم على الساكت، والمثبت مقدم على
النافي.



السابع: أن رواة الإفراد
أربعة: عائشة، وابن عمر، وجابر، وابن عباس رضي الله عنهم، والأربعة رووا القران،
فإن صرنا إلى تساقط رواياتهم سلمت رواية من عداهم للقران عن معارض، وإن صرنا إلى
الترجيح وجب الأخذ برواية من لم تضطرب الرواية عنه ولا اختلفت؛ كالبراء، وأنس، وعمر
بن الخطاب، وعمران بن حصين، وحفصة رضي الله عنهم، وغيرهم من الصحابة.



الثامن: أنه النسك الذي أمر
به من ربه، فلم يكن ليعدل عنه.



التاسع: أنه النسك الذي أمر
به كل من ساق الهدي، فلم يكن ليأمرهم به إذا ساقوا الهدي، ثم يسوق هو الهدي
ويخالفه.



العاشر: أنه النسك الذي أمر
به آله وأهل بيته، واختاره لهم، ولم يكن ليختار لهم إلا ما اختار لنفسه.



الحادي عشر: قوله صلى الله عليه
وسلم: (دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة)([1])، وهذا يقتضي أنها قد
صارت جزءًا منه، أو كالجزء الداخل فيه، بحيث لا يفصل بينها وبينه، وإنما تكون مع
الحج كما يكون الداخل في الشيء معه.



الثاني عشر: قول عمر بن الخطاب رضي
الله عنه للصبي ابن معبد وقد أهل بحج وعمرة، فأنكر عليه زيد بن صوحان أو سلمان بن
ربيعة، فقال له عمر: (هديتَ لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم)([2]).



الثالث عشر: أن القارن تقع
أعماله عن كل من النسكين، فيقع إحرامه وطوافه وسعيه عنهما معًا، وذلك أكمل من
وقوعه عن أحدهما، وعمل كل فعل على حدة.



الرابع عشر: أن النسك الذي اشتمل
على سوق الهدي أفضل بلا ريب من نسك خلا عن الهدي.



الخامس عشر: أنه قد ثبت أن
التمتع أفضل من الإفراد، والقارن السائق أفضل من متمتع لم يسق، ومن متمتع ساق
الهدي؛ لأنه قد ساق من حين أحرم، والمتمتع إنما يسوق الهدي من أدنى الحل، فكيف
يجعل مفرد لم يسق هديًا أفضل من متمتع ساقه من أدنى الحل؟! فكيف إذا جعل أفضل من
قارن ساقه من الميقات؟! وهذا بحمد الله واضح.(133)



(5)
التمتع أفضل من القران
لوجوه كثيرة، منها:



أنه صلى الله عليه وسلم أمرهم بفسخ الحج
إليه([3]
ومحال أن ينقلهم من الفاضل إلى المفضول الذي هو دونه.



ومنها: أنه تأسف على كونه لم يفعله
بقوله: (لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة)([4]).



ومنها: أنه أمر به كل من لم يسق الهدي.


ومنها: أن الحج الذي استقر عليه فعله
وفعل أصحابه القران لمن ساق الهدي، والتمتع لمن لم يسق الهدي.(135)



(6)
الجواب على حديث
معاوية: (أنه قص شعر النبي صلى الله عليه وسلم بمشقص على المروة، وذلك في حجته)([5]):
هذا مما أنكره الناس على معاوية وغلطوه فيه، فإن سائر الأحاديث الصحيحة المستفيضة
من الوجوه المتعددة، كلها تدل على أنه صلى الله عليه وسلم لم يحل من إحرامه إلا
يوم النحر، وأخبر عنه به الجم الغفير، أنه لم يأخذ من شعره شيئًا، لا بتقصير ولا
حلق، وأنه بقي على إحرامه حتى حلق يوم النحر، ولعل معاوية قصر عن رأسه في عمرة
الجعرانة، فإنه كان حينئذٍ قد أسلم، ثم نسي فظن أن ذلك كان في العشر. وقيل: هذا
الإسناد إلى معاوية وقع فيه غلط وخطأ، أخطأ فيه الحسن بن علي فجعله عن معمر عن ابن
طاوس، وإنما هو عن هشام بن حجير عن ابن طاوس، وهشام ضعيف.(136)



(7)
أهلَّ النبي صلى الله
عليه وسلم في مصلاه، ثم ركب على ناقته وأهلَّ أيضًا، ثم أهلَّ لما استقلت به على
البيداء.(158)



(Cool
وَلَدتْ أسماء بنت
عميس زوجة أبي بكر رضي الله عنهما بذي الحليفة محمد بن أبي بكر، فأمرها رسول الله صلى
الله عليه وسلم أن تغتسل وتستثفر بثوب، وتحرم وتهل([6]). وكان في قصتها ثلاث
سنن: إحداها: غسل المحرم، والثانية: أن الحائض تغتسل لإحرامها، والثالثة: أن
الإحرام يصح من الحائض.(160)



(9)
لما وصل النبي صلى
الله عليه وسلم ومن معه الروحاء رأى حمار وحش عقيرًا، فقال: (دعوه فإنه يوشك أن
يأتي صاحبه. فجاء صاحبه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله!
شأنكم بهذا الحمار، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر فقسمه بين الرفاق)([7]
وفي هذا دليل على جواز أكل المحرم من صيد الحلال إذا لم يصده لأجله، وأما كون
صاحبه لم يحرم فلعله لم يمر بذي الحليفة، فهو كأبي قتادة في قصته.(161)



(10) لما
وصل النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه الأُثايَة بين الروَيْثة والعَرْج([8]
إذا ظبي حاقف في ظل فيه سهم، فأمر رجلاً أن يقف عنده لا يريبه أحد من الناس، حتى
يجاوزوا. والفرق بين قصة الظبي وقصة الحمار: أن الذي صاد الحمار كان حلالاً فلم
يمنع من أكله، وهذا لم يعلم أنه حلال، وهم محرمون، فلم يأذن لهم في أكله، ووكل من
يقف عنده؛ لئلا يأخذه أحد حتى يجاوزوه، وفيه دليل على أن قتل المحرم للصيد يجعله
بمنزلة الميتة في عدم الحل؛ إذ لو كان حلالاً لم تضع ماليته.(162)



(11) نزل
النبي صلى الله عليه وسلم بالعَرْجِ، وكانت زِمالته وزمالة أبي بكر رضي الله عنه واحدة،
وكانت مع غلام لأبي بكر، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر إلى جانبه، وعائشة
رضي الله عنها إلى جانبه الآخر، وأسماء زوجته إلى جانبه، وأبو بكر ينتظر الغلام والزمالة،
إذ طلع الغلام ليس معه البعير، فقال: أين بعيرك؟ فقال: أضللته البارحة، فقال أبو
بكر: بعير واحد تضله؟ قال: فطفق يضربه ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتبسم ويقول:
(انظروا إلى هذا المحرم ما يصنع!).(162)



(12) وقع
خلاف حول ما أهداه الصعب بن جثامة رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم ([9]
في كون الذي أهداه حيًا، أو لحمًا، فرواية من روى لحمًا أولى؛ لثلاثة أوجه:



أحدها: أن راويها قد حفظها
وضبط الواقعة، حتى ضبطها أنه يقطر دمـًا، وهذا يدل على حفظه للقصة حتى لهذا الأمر
الذي لا يؤبه له.



الثاني: أن هذا صريح في كونه
بعض الحمار، وأنه لحم منه، فلا يناقض قوله: أهدى له حمارًا؛ بل يمكن حمله على
رواية من روى لحمًا، تسمية للَّحم باسم الحيوان، وهذا مما لا تأباه اللغة.



الثالث: أن سائر الروايات
متفقة على أنه بعض من أبعاضه، وإنما اختلفوا في ذلك البعض: هل هو عجزه، أو شقه، أو
رجله، أو لحم منه؟(164)



(13) اختلف
الفقهاء في مسألة مبنية على قصة عائشة، وهي أن المرأة إذا أحرمت بالعمرة فحاضت،
ولم يمكنها الطواف قبل التعريف، فهل ترفض الإحرام بالعمرة وتهل بالحج مفردًا، أو
تدخل الحج على العمرة وتصير قارنة؟ فقال بالأول: فقهاء الكوفة، منهم أبو حنيفة وأصحابه،
وبالثاني: فقهاء الحجاز، منهم الشافعي ومالك، وهو مذهب أهل الحديث كالإمام أحمد
وأتباعه.(167)



(14) نصوص
السنة صريحة أن عائشة رضي الله عنها كانت في حج وعمرة لا في حج مفرد، وصريحة في أن
القارن يكفيه طواف واحد، وسعي واحد، وصريحة في أنها لم ترفض إحرام العمرة؛ بل بقيت
في إحرامها كما هي لم تحل منه، وفي بعض ألفاظ الحديث: (كوني في عمرتك فعسى الله أن
يرزقكيها)([10]
ولا يناقض هذا قوله: (دعي عمرتك)([11]
فلو كان المراد به رفضها وتركها لما قال: (يسعك طوافك لحجك وعمرتك)، فعُلم أن
المراد: دعي أعمالها، وليس المراد به رفض إحرامها.(168)



(15) أما
قوله صلى الله عليه وسلم: (انقضي رأسك وامتشطي)، فهذا مما أعضل على الناس، ولهم
فيه أربعة مسالك:



المسلك الأول: أنه دليل
على رفض العمرة، كما قالت الحنفية.



المسلك الثاني: أنه دليل
على أنه يجوز للمحرم أن يمشط رأسه، ولا دليل من كتاب ولا سنة ولا إجماع على منعه
من ذلك ولا تحريمه.



المسلك الثالث: تعليل
هذه اللفظة وردها بأن عروة انفرد بها وخالف بها سائر الرواة، وقد روى حديثها طاوس،
والقاسم، والأسود وغيرهم، فلم يذكر أحد منهم هذه اللفظة. قالوا: وقد روى حماد بن
زيد، عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة حديث حيضها في الحج، فقال فيه: حدثني غير
واحد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: (دعي عمرتك وانقضي رأسك وامتشطي..)
وذكر تمام الحديث، قالوا: فهذا يدل على أن عروة لم يسمع هذه الزيادة من عائشة رضي
الله عنها.



المسلك الرابع: أن قوله:
(دعي العمرة)، أي: دعيها بحالها لا تخرجي منها.(169)



(16) الصواب
أن عائشة رضي الله عنها أحرمت بعمرة مفردة.(170)



(17) للناس
في العمرة التي أتت بها عائشة رضي الله عنها من التنعيم أربعة مسالك:



المسلك الأول: أنها
كانت زيادة تطييبًا لقلبها وجبرًا لها، وإلا فطوافها وسعيها وقع عن حجها وعمرتها،
وكانت متمتعة، ثم أدخلت الحج على العمرة فصارت قارنة، وهذا أصح الأقوال، والأحاديث
لا تدل على غيره.



المسلك الثاني: أنها لما
حاضت أمرها أن ترفض عمرتها، وتنتقل عنها إلى حج مفرد، فلما حلت من الحج أمرها أن
تعتمر قضاء لعمرتها التي أحرمت بها أولاً.



المسلك الثالث: أنها لما
قرنت لم يكن بد من أن تأتي بعمرة مفردة؛ لأن عمرة القارن لا تجزىء عن عمرة الإسلام.



المسلك الرابع: أنها
كانت مفردة، وإنما امتنعت من طواف القدوم لأجل الحيض، واستمرت على الإفراد حتى
طهرت وقضت الحج، وهذه العمرة هي عمرة الإسلام، ولا يخفى ما في هذا المسلك من الضعف،
بل هو أضعف المسالك في الحديث.(174)



(18) حديث
عائشة هذا يؤخذ منه أصول عظيمة من أصول المناسك:



أحدها: اكتفاء القارن بطواف
واحد وسعي واحد.



الثاني: سقوط الطواف عن
الحائض، كما أن حديث صفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم أصل في سقوط طواف الوداع
عنها.



الثالث: أن إدخال الحج على
العمرة للحائض جائز كما يجوز للطاهر وأولى؛ لأنها معذورة محتاجة إلى ذلك.



الرابع: أن الحائض تفعل
أفعال الحج كلها، إلا أنها لا تطوف بالبيت.



الخامس: أن التنعيم من الحل.



السادس: جواز عمرتين في سنة
واحدة، بل في شهر واحد.



السابع: أن المشروع في حق
المتمتع إذا لم يأمن الفوات أن يدخل الحج على العمرة، وحديث عائشة أصل فيه.(175)



(19) حاضت
عائشة رضي الله عنها بسرف بلا ريب، واختلف في موضع طهرها، فقيل: بعرفة، هكذا روى مجاهد
عنها، واتفق القاسم وعروة على أنها كانت يوم عرفة حائضًا، وأنها طهرت يوم النحر،
وهما أقرب الناس منها.(176)



(20) روى
عنه صلى الله عليه وسلم الأمر بفسخ الحج إلى العمرة أربعة عشر من أصحابه،
وأحاديثهم كلها صحاح؛ وهم: عائشة وحفصة أما المؤمنين، وعلي بن أبي طالب، وفاطمة بنت
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسماء بنت أبي بكر الصديق، وجابر بن عبد الله، وأبو
سعيد الخدري، والبراء بن عازب، وعبد الله بن عمر، وأنس بن مالك، وأبو موسى الأشعري،
وعبد الله بن عباس، وسبرة بن معبد الجهني، وسراقة بن مالك المدلجي رضي الله عنهم.(178)



(21) عمر
رضي الله عنه لم ينه عن المتعة ألبتة، وإنما قال: (إن أتم لحجكم وعمرتكم أن تفصلوا
بينهما)([12]
فاختار عمر لهم أفضل الأمور، وهو إفراد كل واحد منهما بسفر ينشئه له من بلده، وهذا
أفضل من القران والتمتع الخاص بدون سفرة أخرى.(209)



(22) أما
قول من قال: إن التمتع نسك مجبور بالهدي، فكلام باطل من وجوه:



أحدها: أن الهدي في التمتع
عبادة مقصودة، وهو من تمام النسك، وهو دم شكران لا دم جبران، فإنه ما تقرب إلى
الله في ذلك اليوم بمثل إراقة دم سائل.



الوجه الثاني: أنه لو
كان دم جبران لما جاز الأكل منه، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أكل من
هديه.



الوجه الثالث: أن سبب
الجبران محظورٌ في الأصل، فلا يجوز الإقدام عليه إلا لعذر، فإنه إما ترك واجب أو
فعل محظور، والتمتع مأمور به، إما أمر إيجاب عند طائفة كابن عباس وغيره، أو أمر
استحباب عند الأكثرين، فلو كان دمه دم جبران لم يجز الإقدام على سببه بغير عذر،
فبطل قولهم: إنه دم جُـبران، وعلم أنه دم نسك.(220)













([1])
وثق رواياته الدارقطني في السنن (2/536)، وابن القيم في زاد المعاد (2/105)، وصححه
الألباني في صحيح ابن ماجه (2411).







([b][2]) رواه
ابن ماجه (2970)، والنسائي (5/46)، وصححه ابن خزيمة.
[/b]







([b][3]) رواه
البخاري (1561)، ومسلم (1211) عن عائشة.
[/b]







([b][4]) رواه
البخاري (1785)، ومسلم (1216).
[/b]







([b][5]) رواه
مسلم (1246).
[/b]







([b][6]) رواه
مسلم (1218).
[/b]







([b][7]) أخرجه
مالك في الموطأ (1/51)، والنسائي (5/83)، وصححه ابن حبان.
[/b]







([8]) الأثَاية: موضع معروف بطريق الجُحفَة إلى مكة. والرويثة:
من راث يريث إذا أبطأ، وهي على ليلة من المدينة، وهي معشى بين العرج والروحاءِ، وهي
ماء لبني عجل بين طريق الكوفة والبصرة إلى مكة. والعَـرْج قرية جامعةَ من عمل
الفُرْع على أيام من المدينة.







([9]) رواه البخاري (1825)، ومسلم (1193).






([10]) رواه البخاري (1788)، ومسلم (1211).






([11])
رواه البخاري (1786).







([12]) رواه البيهقي (7/206)، ورواه مسلم (2135)
بلفظ: (فافصلوا حجكم من عمرتكم فإنه أتم لحجكم وأتم لعمرتكم).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://2et2.yoo7.com/forum
حمدان
ديري مبدع
ديري مبدع
حمدان


الساعة :
دعاء
عدد المساهمات : 1104
نقاط : 2370
التقيم : 28
تاريخ التسجيل : 05/05/2012

 الجامع لأحكام الحج والعمرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجامع لأحكام الحج والعمرة    الجامع لأحكام الحج والعمرة Icon_minitimeالخميس مايو 10, 2012 10:56 am

الثالثة: أنها تتضمن التزام دوام
العبودية؛ ولهذا قيل: هي من الإقامة، أي: أنا مقيم على طاعتك.



الرابعة: أنها تتضمن الخضوع والذل، أي:
خضوعًا بعد خضوع، من قولهم: أنا ملب بين يديك، أي: خاضع ذليل.



الخامسة: أنها تتضمن الإخلاص؛ ولهذا قيل:
إنها من اللب وهو الخالص.



السادسة: أنها تتضمن الإقرار بسمع الرب
تعالى؛ إذ يستحيل أن يقول الرجل: لبيك لمن لا يسمع دعاءه.



السابعة: أنها تتضمن التقرب من الله؛
ولهذا قيل: إنها من الإلباب وهو التقرب.



الثامنة: أنها جعلت في الإحرام شعارًا
لانتقال من حال إلى حال، ومن منسك إلى منسك، كما جعل التكبير في الصلاة سبعًا
للانتقال من ركن إلى ركن؛ ولهذا كانت السنة أن يلبي حتى يشرع في الطواف فيقطع
التلبية، ثم إذا سار لبى حتى يقف بعرفة فيقطعها، ثم يلبي حتى يقف بمزدلفة فيقطعها،
ثم يلبي حتى يرمي جمرة العقبة فيقطعها؛ فالتلبية شعار الحج والتنقل في أعمال
المناسك، فالحاج كلما انتقل من ركن إلى ركن قال: لبيك اللهم لبيك، كما أن المصلي
يقول في انتقاله من ركن إلى ركن: الله أكبر، فإذا حل من نسكه قطعها، كما يكون سلام
المصلي قاطعًا لتكبيره.



التاسعة: أنها شعار لتوحيد ملة إبراهيم،
الذي هو روح الحج ومقصده؛ بل روح العبادات كلها والمقصود منها؛ ولهذا كانت التلبية
مفتاح هذه العبادة التي يدخل فيها بها.



العاشرة: أنها متضمنة لمفتاح الجنة وباب
الإسلام الذي يدخل منه إليه، وهو كلمة الإخلاص، والشهادة لله بأنه لا شريك له.



الحادية عشرة: أنها مشتملة على الحمد
لله، الذي هو من أحب ما يتقرب به العبد إلى الله، وأول من يدعى إلى الجنة أهله،
وهو فاتحة الصلاة وخاتمتها.



الثانية عشرة: أنها مشتملة على الاعتراف
لله بالنعمة كلها؛ ولهذا عرفها باللام المفيدة للاستغراق، أي: النعم كلها لك، وأنت
موليها والمنعم بها.



الثالثة عشرة: أنها مشتملة على الاعتراف
بأن الملك كله لله وحده، فلا ملك على الحقيقة لغيره.



الرابعة عشرة: أن هذا المعنى مؤكد
الثبوت بـ(إنَّ) المقتضية تحقيق الخبر وتثبيته، وأنه مما لا يدخله ريب ولا شك.



الخامسة عشرة: في (إنَّ) وجهان: فتحها
وكسرها، فمن فتحها تضمنت معنى التعليل، أي: لبيك لأن الحمد والنعمة لك، ومن كسرها
كانت جملة مستقلة مستأنفة، تتضمن ابتداء الثناء على الله، والثناء إذا كثرت جمله
وتعددت كان أحسن من قلتها، وأما إذا فتحت فإنها تقدر بلام التعليل المحذوفة معها
قياسًا، والمعنى: لبيك لأن الحمد لك، والفرق بين أن تكون جمل الثناء علة لغيرها،
وبين أن تكون مستقلة مرادة لنفسها.



السادسة عشرة: أنها متضمنة للإخبار عن
اجتماع الملك والنعمة والحمد لله عز وجل، وهذا نوع آخر من الثناء عليه غير الثناء
بمفردات تلك الأوصاف العلية؛ فله سبحانه من أوصافه العلى نوعا ثناء: نوع متعلق بكل
صفة على انفرادها، ونوع متعلق باجتماعها، وهو كمال مع كمال، وهو عامة الكمال،
والله سبحانه يفرق في صفاته بين الملك والحمد، وسوغ هذا المعنى أن اقتران أحدهما
بالآخر من أعظم الكمال، والملك وحده كمال، والحمد كمال، واقتران أحدهما بالآخر
كمال، فإذا اجتمع الملك المتضمن للقدرة، مع النعمة المتضمنة لغاية النفع والإحسان
والرحمة، مع الحمد المتضمن لعامة الجلال والإكرام الداعي إلى محبته؛ كان في ذلك من
العظمة والكمال والجلال ما هو أولى به وهو أهله، وكان في ذكر الحمد له ومعرفته به
من انجذاب قلبه إلى الله، وإقباله عليه، والتوجه بدواعي المحبة كلها إليه، ما هو
مقصود العبودية ولبها، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.



ونظير هذا اقتران الغنى بالكرم، كقوله: ((فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ
كَرِيمٌ
)) [النمل]، فله كمال من غناه وكرمه، ومن اقتران أحدهما
بالآخر. ونظيره اقتران العزة بالرحمة: ((وَإِنَّ
رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ
)) [الشعراء]، ونظيره اقتران
العفو بالقدرة: ((فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ
عَفُوّاً قَدِيراً
)) [النساء] ونظيره اقتران العلم بالحلم: ((وَاللَّهُ عَلِيمٌ
حَلِيمٌ
)) [النساء]، ونظيره اقتران الرحمة بالقدرة: ((وَاللَّهُ قَدِيرٌ
وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ
)) [الممتحنة]، وهذا يطلع ذا اللب على
رياض من العلم أنيقات، ويفتح له باب محبة الله ومعرفته، والله المستعان، وعليه
التكلان.



السابعة عشرة: أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: (أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)([1])، وقد اشتملت التلبية
على هذه الكلمات بعينها، وتضمنت معانيها. وقوله: (وهو على كل شيء قدير) لك أن
تدخلها تحت قولك في التلبية: لا شريك لك، ولك أن تدخلها تحت قولك: إن الحمد
والنعمة لك، ولك أن تدخلها تحت إثبات الملك له تعالى؛ إذ لو كان بعض الموجودات
خارجـًا عن قدرته وملكه واقعًا بخلق غيره؛ لم يكن نفي الشريك عامـًا، ولم يكن
إثبات الملك والحمد له عامًا، وهذا من أعظم المحال، والملك كله له، والحمد كله له،
وليس له شريك بوجه من الوجوه.



الثامنة عشرة: أن كلمات التلبية متضمنة
للرد على كل مبطل في صفات الله وتوحيده؛ فإنها مبطلة لقول المشركين على اختلاف
طوائفهم ومقالاتهم، ولقول الفلاسفة وإخوانهم من الجهمية المعطلين لصفات الكمال
التي هي متعلق الحمد، فهو سبحانه محمود لذاته ولصفاته ولأفعاله، فمن جحد صفاته
وأفعاله فقد جحد حمده، ومبطلة لقول مجوس الأمة القدرية، الذين أخرجوا من ملك الرب
وقدرته أفعال عباده من الملائكة والجن والإنس، فلم يثبتوا له عليها قدرة، ولا
جعلوه خالقًا لها، فعلى قولهم لا تكون داخلة تحت ملكه؛ إذ من لا قدرة له على الشيء
كيف يكون هذا الشيء داخلاً تحت ملكه؟! فلم يجعلوا الملك كله لله، ولم يجعلوه على
كل شيء قدير، وأما الفلاسفة فعندهم لا قدرة له على شيء ألبتة، فمن علم معنى هذه
الكلمات وشهدها وأيقن بها باين جميع الطوائف المعطلة.



التاسعة عشرة: في عطف الملك على الحمد
والنعمة بعد كمال الخبر، وهو قوله: (إن الحمد والنعمة لك والملك) ولم يقل: إن
الحمد والنعمة والملك -لطيفة بديعة؛ وهي: أن الكلام يصير بذلك جملتين مستقلتين،
فإنه لو قال: إن الحمد والنعمة والملك لك؛ كان عطف الملك على ما قبله عطف مفرد،
فلما تمت الجملة الأولى بقوله: لك، ثم عطف الملك؛ كان تقديره: والملك لك، فيكون
مساويًا لقوله: (له الملك وله الحمد)، ولم يقل: له الملك والحمد، وفائدته تكرار
الحمد في الثناء.



العشرون: لما عطف النعمة على الحمد ولم
يفصل بينهما بالخبر؛ كان فيه إشعار باقترانهما وتلازمهما، وعدم مفارقة أحدهما
للآخر، فالإنعام والحمد قرينان.



الحادية والعشرون: في إعادة الشهادة له
بأنه لا شريك له لطيفة؛ وهي: أنه أخبر أنه لا شريك له عقب إجابته بقوله: لبيك، ثم
أعادها عقب قوله: (إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك)، وذلك يتضمن أنه لا
شريك له في الحمد والنعمة والملك، والأول يتضمن أنه لا شريك لك في إجابة هذه
الدعوة؛ وهذا نظير قوله تعالى: ((شَهِدَ
اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ
قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
))
[آل عمران]، فأخبر بأنه لا إله إلا هو في أول الآية، وذلك داخل تحت شهادته وشهادة
ملائكته وأولي العلم، وهذا هو المشهود به، ثم أخبر عن قيامه بالقسط وهو العدل،
فأعاد الشهادة بأنه لا إله إلا هو مع قيامه بالقسط.(255)



(1)
حديث ابن عمر: (سأل
رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يترك المحرم من الثياب؟ فقال: لا يلبس
البرانس...)([2])
فيه أحكام عديدة:



الحكم الأول: أنه صلى الله عليه وسلم سئل
عما يلبس المحرم، وهو غير محصور؛ فأجاب بما لا يلبس لحصره؛ فعلم أن غيره على
الإباحة، ونبه بالقميص على ما فصل للبدن كله؛ من جبة، أو دلق، أو دراعة، أو عرقشين
ونحوه، ونبه بالعمامة على كل ساتر للرأس معتاد؛ كالقبع، والطاقية، والقلنسوة،
والكلتة ونحوها، ونبه بالبرنس على المحيط بالرأس والبدن جميعـًا؛ كالغفارة ونحوها،
ونبه بالسراويل على المفصل على الأسافل؛ كالتبان ونحوه، ونبه بالخفين على ما في
معناهما؛ من الجرموق، والجورب، والزربول ذي الساق ونحوه.



الحكم الثاني: أنه منعه من الثوب
المصبوغ بالورس أو الزعفران، وليس هذا لكونه طيبًا؛ فإن الطيب في غير الورس
والزعفران أشد، ولأنه خصه بالثوب دون البدن، وإنما هذا من أوصاف الثوب الذي يحرم
فيه أن لا يكون مصبوغًا بورس ولا زعفران.



الحكم الثالث: أنه صلى الله عليه وسلم رخص
في لبس الخفين عند عدم النعلين، ولم يذكر فدية، ورخص في حديث كعب بن عجرة في حلق
رأسه مع الفدية، وكلاهما محظور بدون العذر، والفرق بينهما: أن أذى الرأس ضرورة
خاصة لا تعم، فهي رفاهية للحاجة، وأما لبس الخفين عند عدم النعلين فبدل يقوم مقام
المبدل، والمبدل -وهو النعل- لا فدية فيه، فلا فدية في بدله، وأما حلق الرأس فليس
ببدل، وإنما هو ترفه للحاجة، فجبر بالدم.



الحكم الرابع: أنه أمر لابس الخفين
بقطعهما أسفل من كعبيه في حديث ابن عمر؛ لأنه إذا قطعهما أسفل من الكعبين صارا
شبيهين بالنعل.(277)



(2)
اختلف الفقهاء في قطع
الخف، هل هو واجب أم لا؟ على قولين:



أحدهما: أنه واجب، وهذا قول الشافعي،
وأبي حنيفة، ومالك، والثوري، وإسحاق، وابن المنذر، وإحدى الروايتين عن أحمد؛ لأمر
رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطعهما، وتعجب الخطابي من أحمد فقال: «العجب من
أحمد في هذا! فإنه لا يكاد يخالف سنة تبلغه، وقلّت سنة لم تبلغه»، وعلى هذه
الرواية إذا لم يقطعهما تلزمه الفدية.



الثاني: أن القطع ليس بواجب، وهو أصح
الروايتين عن أحمد، ويروى عن علي بن أبي طالب، وهو قول أصحاب ابن عباس، وعطاء،
وعكرمة، وهذه الرواية أصح؛ لما في الصحيحين عن ابن عباس قال: سمعت النبي صلى الله
عليه وسلم يخطب بعرفات: (من لم يجد إزارًا فليلبس سراويل، ومن لم يجد نعلين فليلبس
خفين)([3]
فأطلق الإذن في لبس الخفين ولم يشترط القطع، وهذا كان بعرفات، والحاضرون معه إذ
ذاك أكثرهم لم يشهدوا خطبته بالمدينة، فإنه كان معه من أهل مكة واليمن والبوادي من
لا يحصيهم إلا الله تعالى، وتأخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع، وهو أعظم جمع كان
له صلى الله عليه وسلم، فقال: (من لم يجد الإزار فليلبس السروايل، ومن لم يجد
النعلين فليلبس الخفين)، ولم يأمر بقطع ولا فتق. فدل هذا على أن هذا الجواز لم يكن
شرع بالمدينة، وأن الذي شرع بالمدينة هو لبس الخف المقطوع، ثم شرع بعرفات لبس الخف
من غير قطع.(278)



(3)
إن قيل: حديث ابن عمر
مقيد، وحديث ابن عباس مطلق، والحكم والسبب واحد، وفي مثل هذا يتعين حمل المطلق على
المقيد، وقد أمر في حديث ابن عمر بالقطع. فالجواب من وجهين:



أحدهما: أن قوله في حديث ابن عمر: (وليقطعهما)
قد قيل: إنه مدرج من كلام نافع، قال صاحب المغني: «كذلك روي في أمالي أبي القاسم
بن بشران بإسناد صحيح أن نافعًا قال بعد روايته للحديث: وليقطع الخفين أسفل من
الكعبين. والإدراج فيه محتمل؛ لأن الجملة الثانية يستقل الكلام الأول بدونها،
فالإدراج فيه ممكن، فإذا جاء مصرحًا به أن نافعًا قاله زال الإشكال»، ويدل على صحة
هذا أن ابن عمر كان يفتي بقطعهما للنساء، فأخبرته صفية بنت أبي عبيد عن عائشة: (أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص للمحرم أن يلبس الخفين ولا يقطعهما)، قالت صفية:
فلما أخبرته بهذا رجع.



الجواب الثاني: أن الأمر بالقطع كان
بالمدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر، فناداه رجل فقال: (ما
يلبس المحرم من الثياب؟) فأجابه بذلك، وفيه الأمر بالقطع، وحديث ابن عباس وجابر
بعده، وعمرو بن دينار روى الحديثين معًا ثم قال: انظروا أيهما كان قبل؟ وهذا يدل
على أنهم علموا نسخ الأمر بحديث ابن عباس. وقال الدارقطني: قال أبو بكر النيسابوري:
حديث ابن عمر قبل؛ لأنه قال: (نادى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في
المسجد...) فذكره، وابن عباس يقول: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب
بعرفات).



فإن قيل: حديث ابن عباس رواه أيوب، والثوري،
وابن عيينة، وابن زيد، وابن جريج، وهشيم، كلهم عن عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد،
عن ابن عباس، ولم يقل أحد منهم: (بعرفات) غير شعبة، ورواية الجماعة أولى من رواية
الواحد.



قيل: هذا عبث؛ فإن هذه اللفظة متفق
عليها في الصحيحين، وناهيك برواية شعبة لها، وشعبة حفظها وغيره لم ينفها؛ بل هي في
حكم جملة أخرى في الحديث مستقلة، وليست تتضمن مخالفةً للآخرين، ومثل هذا يقبل ولا
يرد، ولهذا رواه الشيخان. وقد قال علي رضي الله عنه: (قطع الخفين فساد، يلبسهما
كما هما)، وهذا مقتضى القياس؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم سوى بين السراويل وبين
الخف في لبس كل منهما عند عدم الإزار والنعل، ولم يأمر بفتق السراويل، لا في حديث ابن
عمر ولا في حديث ابن عباس ولا غيرهما، ولهذا كان مذهب الأكثرين أنه يلبس السراويل
بلا فتق عند عدم الإزار، فكذلك الخف يلبس ولا يقطع ولا فرق بينهما، وأبو حنيفة طرد
القياس وقال: يفتق السراويل حتى يصير كالإزار، والجمهور قالوا: هذا خلاف النص؛ لأن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: (السراويل لمن لم يجد الإزار)، وإذا فتق لم يبق
سراويل، ومن اشترط قطع الخف خالف القياس، مع مخالفته النص المطلق بالجواز.



ولا يسلم من مخالفة النص والقياس إلا من
جوز لبسهما بلا قطع، أما القياس فظاهر، وأما النص فما تقدم تقديره.



والعجب أن من يوجب القطع يوجب ما لا
فائدة فيه! فإنهم لا يجوزون لبس المقطوع كالمداس والجمجم ونحوهما؛ بل عندهم
المقطوع كالصحيح في عدم جواز لبسه، فأي معنى للقطع والمقطوع عندكم كالصحيح؟!



قال شيخنا: وأفتى به جدي أبو البركات في
آخر عمره لما حج. وقال شيخنا: وهو الصحيح؛ لأن المقطوع لبسه أصل لا بدل.(279)



(4)
مدار مسألة قطع الخفين
وفتق السراويل على ثلاث نكت:



إحداها: أن رخصة البدلية إنما شرعت
بعرفات ولم تشرع قبل.



والثانية: أن تأخير البيان عن وقت
الحاجة ممتنع.



والثالثة: أن الخف المقطوع كالنعل أصل
لا أنه بدل.(282)



(5)
أما نهيه صلى الله
عليه وسلم في حديث ابن عمر رضي الله عنهما المرأة أن تنتقب وأن تلبس القفازين؛ فهو
دليل على أن وجه المرأة كبدن الرجل لا كرأسه، فيحرم عليها فيه ما وضع وفصل على قدر
الوجه كالنقاب والبرقع، ولا يحرم عليها ستره بالمقنعة والجلباب ونحوهما، وهذا أصح
القولين؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم سوى بين وجهها ويديها، ومنعها من القفازين
والنقاب، ومعلوم أنه لا يحرم عليها ستر يديها، وأنهما كبدن المحرم يحرم سترهما
بالمفصل على قدرهما وهما القفازان، فهكذا الوجه إنما يحرم ستره بالنقاب ونحوه،
وليس عن النبي صلى الله عليه وسلم حرف واحد في وجوب كشف المرأة وجهها عند الإحرام،
إلا النهي عن النقاب، وهو كالنهي عن القفازين، فنسبة النقاب إلى الوجه كنسبة
القفازين إلى اليد سواء. وهذا واضح بحمد الله.(282)



(6)
ثبت عن أسماء رضي الله
عنها أنها كانت تغطي وجهها وهي محرمة([4])، وقالت عائشة رضي الله
عنها: (كانت الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا
حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفنا)([5]).(283)



(7)
اشتراط المجافاة عن
وجه المرأة -كما ذكره القاضي وغيره- ضعيف لا أصل له دليلاً ولا مذهبًا.(283)



(Cool
فإن قيل: فما تصنعون
بالحديث المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إحرام الرجل في رأسه،
وإحرام المرأة في وجهها»([6]
فجعل وجه المرأة كرأس الرجل، وهذا يدل على وجوب كشفه؟



قيل: هذا الحديث لا أصل له، ولم يروه
أحد من أصحاب الكتب المعتمد عليها، ولا يعرف له إسناد، ولا تقوم به حجة، ولا يترك
له الحديث الصحيح الدال على أن وجهها كبدنها، وأنه يحرم عليها فيه ما أعد للعضو
كالنقاب والبرقع ونحوه، لا مطلق الستر كاليدين. والله أعلم.(283)



(9)
تحريم لبس القفازين
على المرأة في الإحرام قول عبد الله بن عمر، وعطاء، وطاوس، ومجاهد، وإبراهيم
النخعي، ومالك، والإمام أحمد، والشافعي في أحد قوليه، وإسحاق بن راهويه، وتذكر
الرخصة عن علي، وعائشة، وسعد بن أبي وقاص، وبه قال الثوري، وأبو حنيفة، والشافعي
في القول الآخر. ونهي المرأة عن لبسهما ثابت في الصحيح، كنهي الرجل عن لبس القميص
والعمائم، وكلاهما في حديث واحد عن راوٍ واحد، وكنهيه المرأة عن النقاب، وهو في
الحديث نفسه، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى بالاتباع، وهي حجة على من
خالفها، وليس قول من خالفها حجة عليها.



فأما تعليل حديث ابن عمر في القفازين
بأنه من قوله؛ فإنه تعليل باطل، وقد رواه أصحاب الصحيح والسنن والمسانيد عن ابن
عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث (نهيه عن لبس القمص والعمائم
والسراويلات، وانتقاب المرأة ولبسها القفازين)، ولا ريب عند أحد من أئمة الحديث أن
هذا كله حديث واحد من أصح الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مرفوعًا إليه،
ليس من كلام ابن عمر.



وموضع الشبهة في تعليله: أن نافعًا
اختلف عليه فيه؛ فرواه الليث بن سعد عنه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر
فيه: (ولا تلبس القفازين)([7]
ولكن قد رفعه الليث بن سعد وموسى بن عقبة في الأكثر عنه، وإبراهيم بن سعد أيضًا
رفعه عن نافع.(284)



(10)
عن سعيد بن المسيب قال:
(وهم ابن عباس في تزويج ميمونة وهو محرم)([8]). وقد روى مالك في
الموطأ عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن سليمان بن يسار: (أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم بعث أبا رافع مولاه ورجلاً من الأنصار، فزوجاه ميمونة بنت الحارث، ورسول
الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة قبل أن يخرج)([9])، وهذا وإن كان ظاهره
الإرسال فهو متصل؛ لأن سليمان بن يسار رواه عن أبي رافع: (أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم تزوج ميمونة وهو حلال، وبنى بها وهو حلال، وكنت الرسول بينهما)، وسليمان
بن يسار مولى ميمونة، وهذا صريح في تزوجها بالوكالة قبل الإحرام.(296)



(11)
اختلف الناس قديمًا
وحديثًا في مسألة أكل المحرم من الصيد، وأشكلت عليهم الأحاديث فيها، فقالت طائفة: إن
للمحرم أكل ما صاده الحلال من الصيد، وقالت طائفة: لحم الصيد حرام على المحرم بكل
حال، وقالت طائفة: ما صاده الحلال للمحرم ومن أجله فلا يجوز له أكله، فأما ما لم
يصده من أجله بل صاده لنفسه أو لحلال لم يحرم على المحرم أكله، وهذا قول مالك، والشافعي،
وأحمد بن حنبل، وأصحابهم. قال ابن عبد البر: وهو الصحيح عن عثمان في هذا الباب.
وحجة من ذهب هذا المذهب أنه عليه تصح الأحاديث في هذا الباب، وإذا حملت على ذلك لم
تتضاد ولم تختلف ولم تتدافع، وعلى هذا يجب أن تحمل السنن، ولا يعارض بعضها ببعض ما
وجد إلى استعمالها سبيل. وآثار الصحابة كلها في هذا الباب إنما تدل على هذا
التفصيل.(304)



(12)
قوله صلى الله عليه وسلم
في حديث الحجاج بن عمرو: (من كسر.. وعليه الحج من قابل)([10])، هذا إذا لم يكن حج
الفرض، فأما إن كان متطوعـًا فلا شيء عليه غير هدي الإحصار.(316)



(13)
اختلف العلماء من
الصحابة فمن بعدهم فيمن منع من الوصول إلى البيت بمرض أو كسر أو عرج: هل حكمه حكم
المحصر في جواز التحلل؟ فروي عن ابن عباس وابن عمر ومروان بن الحكم أنه لا يحلله
إلا الطواف بالبيت، وهو قول مالك، والشافعي، وإسحاق، وأحمد في المشهور من مذهبه،
وروي عن ابن مسعود أنه كالمحصر بالعدو، وهو قول عطاء والثوري وأبي حنيفة وأصحابه.
ومن حجة هؤلاء: حديث الحجاج وأبي هريرة وابن عباس([11])، قالوا: وهو حديث حسن
يحتج بمثله، قالوا: وأيضًا ظاهر القرآن بل صريحه يدل على أن الحصر يكون بالمرض،
فإن لفظ الإحصار إنما هو للمرض؛ يقال: أحصره المرض، وحصره العدو، فيكون لفظ الآية
صريحًا في المريض، وحصر العدو ملحق به، فكيف يثبت الحكم في الفرع دون الأصل؟ قالوا:
وعلى هذا خرج قول ابن عباس: (لا حصر إلا حصر العدو)([12])، ولم يقل: لا إحصار
إلا إحصار العدو، فليس بين رأيه وروايته تعارض، ولو قدر تعارضهما فالأخذ بروايته
دون رأيه؛ لأن روايته حجة ورأيه ليس بحجة. قالوا: وأما قولكم: إنه لا يستفيد
بالإحلال الانتقال من حاله التي هو عليها، ولا التخلص من أذاه، بخلاف من حصره
العدو -فكلام لا معنى تحته، فإنه قد يستفيد بحله أكثر مما يستفيد المحصر بالعدو؛
فإنه إذا بقي ممنوعـًا من اللباس وتغطية الرأس والطيب مع مرضه؛ تضرر بذلك أعظم
الضرر في الحر والبرد، ومعلوم أنه قد يستفيد بحله من الترفه ما يكون سبب زوال أذاه،
كما يستفيد المحصر بالعدو بحله، فلا فرق بينهما، فلو لم يأت نص بحل المحصر بمرض
لكان القياس على المحصر بالعدو يقتضيه، فكيف وظاهر القرآن والسنة والقياس يدل عليه؟!
والله أعلم.(316)



(14)
يستفيد المشترط بالشرط
فائدتين: إحداهما: جواز الإحلال، والثانية: سقوط الدم، فإذا لم يكن شرط استفاد
بالعذر الإحلال وحده، وثبت وجوب الدم عليه، فتأثير الاشتراط في سقوط الدم.(317)



(15)
أخرج النسائي عن ابن
عباس: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف بالبيت على راحلته، فإذا انتهى إلى
الركن أشار إليه)([13]
وفي الصحيح عن ابن عمر أنه سئل عن استلام الحجر فقال: (رأيت النبي صلى الله عليه
وسلم يستلمه ويقبله)([14]
وهذا يحتمل الجمع بينهما، ويحتمل أنه رآه يفعل هذا تارة وهذا تارة. وقد ثبت تقبيل
اليد بعد استلامه، ففي الصحيحين أيضًا عن نافع قال: رأيت ابن عمر رضي الله عنهما استلم
الحجر بيده، ثم قبل يده وقال: (ما تركته منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله)([15]
فهذه ثلاثة أنواع صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم: تقبيله وهو أعلاها، واستلامه
وتقبيل يده، والإشارة إليه بالمحجن وتقبيله، فعن أبي الطفيل قال: (رأيت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يطوف بالبيت ويستلم الحجر بمحجن معه ويقبل المحجن)([16]).(329)



(16)
أما الركن اليماني فقد
صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استلمه من رواية ابن عمر وابن عباس، وحديث ابن
عمر قال: (لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يمس من الأركان إلا اليمانيين)([17]
وحديث ابن عباس في الترمذي، وقد روى البخاري في تاريخه عن ابن عباس قال: (كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم إذا استلم الركن اليماني قبله)([18])، وفي صحيح الحاكم عنه:
(كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الركن اليماني ويضع خده عليه)([19]
وهذا المراد به الأسود؛ فإنه يسمى يمانيًا مع الركن الآخر، يقال لهما: اليمانيين؛
بدليل حديث عمر في تقبيله الحجر الأسود خاصة، وقوله: (لولا أني رأيت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك)([20]
فلو قبل الآخر لقبله عمر، وفي النفس من حديث ابن عباس هذا شيء، وهل هو محفوظ أم لا؟(330)



(17)
روى ابن حبان في صحيحه
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من طاف
بالبيت أسبوعًا لا يضع قدمًا ولا يرفع أخرى إلا حط الله عنه بها خطيئة، وكتب له
بها حسنة، ورفع له بها درجة)([21]
وأخرج النسائي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(من طاف بالبيت أسبوعًا فهو كعدل رقبة)([22])، وهذه الأحاديث عامة
في كل الأوقات، لم يأت ما يخصها ويخرجها عن عمومها، وقد روى الترمذي في الجامع من
حديث عبد الله بن سعيد بن جبير، عن أبيه، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: (من طاف بالبيت خمسين مرة خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه)([23]).(345)



(18)
اختلف العلماء في طواف
القارن والمتمتع على ثلاثة مذاهب: أحدها: أن على كل منهما طوافين وسعيين، الثاني:
أن عليهما كليهما طوافـًا واحدًا وسعيًا واحدًا، الثالث: أن على المتمتع طوافين
وسعيين، وعلى القارن سعيًا واحدًا.(347)



(19)
روى البيهقي من حديث عمرو
بن شعيب عن أبيه عن جده قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلزق وجهه وصدره
بالملتزم)([24]
وفي البيهقي أيضًا عن ابن عباس أنه كان يلزم ما بين الركن والباب، وكان يقول: (ما
بين الركن والباب يدعى الملتزم، لا يلزم ما بينهما أحد يسأل الله شيئًا إلا أعطاه
إياه)([25]
وأما الحطيم فقيل فيه أقوال: أحدها: أنه ما بين الركن والباب، وهو الملتزم، وقيل:
هو جدار الحجر؛ لأن البيت رُفِعَ وترك هذا الجدار محطومـًا، والصحيح أن الحطيم الحِجر
نفسه، وهو الذي ذكره البخاري في صحيحه، واحتج عليه بحديث الإسراء، قال صلى الله
عليه وسلم: (بينا أنا نائم في الحطيم -وربما قال: في الحجر)([26])، قال: وهو حطيم بمعنى
محطوم، كقتيل بمعنى مقتول.(352)



(20)
ثبت عن ابن عباس: (أن
النبي صلى الله عليه وسلم صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة بإقامة واحدة)([27]
وفي صحيح البخاري من حديث ابن مسعود: (أنه صلى صلاتين كل واحدة وحدها بأذان وإقامة)([28]
وعن ابن عمر في ذلك ثلاث روايات: إحداهن: (أنه جمع بينهما بإقامتين فقط)، والثانية:
(أنه جمع بينهما بإقامة واحدة لهما)، والثالثة: (أنه صلاهما بلا أذان ولا إقامة)،
ذكر ذلك البغوي.



والصحيح في ذلك كله: الأخذ بحديث جابر،
وهو الجمع بينهما بأذان وإقامتين؛ لوجهين اثنين:



أحدهما: أن الأحاديث سواء مضطربة مختلفة،
فهذا حديث ابن عمر في غاية الاضطراب كما تقدم؛ فروي عن ابن عمر من فعله الجمع
بينهما بلا أذان ولا إقامة، وروي عنه الجمع بينهما بإقامة واحدة، وروي عنه الجمع
بينهما بأذان واحد وإقامة واحدة، وروي عنه مسندًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم الجمع
بينهما بإقامة واحدة، وروي عنه مرفوعًا الجمع بينهما بإقامتين، وعنه أيضًا مرفوعـًا
الجمع بينهما بأذان واحد وإقامة واحدة لهما، وعنه مرفوعًا الجمع بينهما دون ذكر
أذان ولا إقامة، وهذه الروايات صحيحة عنه، فيسقط الأخذ بها لاختلافها واضطرابها.
وأما حديث ابن عباس فغايته أن يكون شهادة على نفي الأذان والإقامة الثابتين، ومن
أثبتهما فمعه زيادة علم، وقد شهد على أمر ثابت عاينه وسمعه. وأما حديث أسامة فليس
فيه الإتيان بعدد الإقامة لهما، وسكت عن الأذان، وليس سكوته عنه مقدمًا على حديث
من أثبته سماعًا صريحـًا؛ بل لو نفاه جملة لقدم عليه حديث من أثبته؛ لتضمنه زيادة
علم خفيت على النافي.



الوجه الثاني: أنه قد صح من حديث جابر
في جمعه صلى الله عليه وسلم بعرفة أنه جمع بينهما بأذان وإقامتين، ولم يأت في حديث
ثابت قط خلافه، والجمع بين الصلاتين بمزدلفة كالجمع بينهما بعرفة، لا يفترقان إلا
في التقديم والتأخير، فلو فرضنا تدافع أحاديث الجمع بمزدلفة جملة لأخذنا حكم الجمع
من جمع عرفة.(406)



(21)
كان الإمام أحمد يدفع
حديث أم سلمة: (أنه صلى الله عليه وسلم أرسلها ليلة النحر، فرمت الجمرة قبل الفجر،
ثم مضت فأفاضت)([29]
ويضعفه، وزعم ابن المنذر أنه لا يعلم خلافًا فيمن رماها قبل طلوع الشمس وبعد الفجر
أنه يجزئه؛ قال -ابن المنذر-: ولو علمت أن في ذلك خلافًا لأوجبت على فاعل ذلك
الإعادة. ولم يعلم قول الثوري، يعني: أنه لا يجوز رميها إلا بعد طلوع الشمس، وهو
قول مجاهد، وإبراهيم النخعي، فمقتضى مذهب ابن المنذر أنه يجب الإعادة على من رماها
قبل طلوع


الجزء السادس


(22)
أبعد بعض المتكلفين
وقال: يحتمل أن يكون المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تجعلوا بيوتكم قبورًا،
ولا تجعلوا قبري عيدًا)([30])
الحث على كثرة زيارة قبره صلى الله عليه وسلم، وأن لا يهمل حتى لا يزار إلا في بعض
الأوقات، كالعيد الذي لا يأتي في العام إلا مرتين، قال: ويؤيد هذا التأويل ما جاء
في الحديث نفسه: (لا تجعلوا بيوتكم قبورًا) أي: لا تتركوا الصلاة في بيوتكم حتى
تجعلوها كالقبور التي لا يصلى فيها، قال بعضهم: وزيارة قبره صلوات الله وسلامه
عليه غنية عن هذا التكلف البارد، والتأويل الفاسد، الذي يعلم فساده من تأمل سياق
الحديث ودلالة اللفظ على معناه وقوله في آخره: (وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث
كنتم)، وهل في الألغاز أبعد من دلالة من يريد الترغيب في الإكثار من الشيء
وملازمته بقوله: (لا تجعله عيدًا)؟ وقوله: (ولا تتخذوا بيوتكم قبورًا) نهي لهم أن
يجعلوه بمنزلة القبور التي لا يصلى فيها، وكذلك نهيه لهم أن يتخذوا قبره عيدًا نهي
لهم أن يجعلوه مجمعـًا، كالأعياد التي يقصد الناس الاجتماع إليها للصلاة؛ بل يزار
قبره صلوات الله وسلامه عليه كما كان يزوره الصحابة رضوان الله عليهم، على الوجه
الذي يرضيه ويحبه صلوات الله وسلامه عليه.(31)






تم المقصود من تهذيب سنن أبي داود لابن القيم






المبحث الخامس
تلخيص ما كتبه الشيخ عبد الرحمن بن سعدي
رحمه
الله

في مسائل الحج والعمرة












من كتبه


تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام
المنان



الفتاوى السعدية بهجة قلوب الأبرار


القواعد والأصول الجامعة الفروق
والتقاسيم



رسالة في القواعد الفقهية المختارات
الجلية



مختارات من فتاوى السعدي الإرشاد
إلى معرفة الأحكام



تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير
القرآن فتح الرحيم الملك العلام



أحكام المناسك


مجموع الفوائد واقتناص الأوابد مراسلات
العلامة ابن سعدي مع طلابه ومحبيه



















([1]) رواه الترمذي (3585) بلفظ: خير، وانظر صحيح الترغيب والترهيب (1536).






([2]) رواه البخاري (1838).






([3]) رواه البخاري (1841)، ومسلم (1178).






([b][4]) رواه
ابن خزيمة (2690)، وصححه.
[/b]







([b][5]) رواه
أبو داود (1833)، وابن ماجه (2935)، وصححه الحاكم وابن خزيمة.
[/b]







([6])
قال ابن حجر في التلخيص (3/911): رواه الدارقطني، والطبراني، والعقيلي، وابن عدي،
والبيهقي، وفي إسناده أيوب بن محمد وهو ضعيف، وصحح البيهقي وقفه.







([7]) رواه
البخاري (1838).







([8])
رواه البخاري (1837)، ومسلم (1410).







([9])
الموطأ (771).







([10])
رواه الترمذي (940) وقال: حسن صحيح، وأبو داود (1862)، والنسائي (2860)، وابن ماجه
(3077).







([11])
راجع السنن باب الإحصار.







([b][12])
قال ابن حجر في التلخيص (3/934): رواه الشافعي بإسناد صحيح.
[/b]







([b][13])
رواه النسائي (2955)، والترمذي (865)، وقال: حسن صحيح.
[/b]







([14])
رواه البخاري (1611).







([15])
رواه مسلم (1268).







([16])
رواه مسلم (1275).







([17])
رواه البخاري (1608) (1609)، ومسلم (1267).







([b][18]) قال البخاري: له متابعة، التاريخ الكبير (1/290).[/b]







([19]) رواه الحاكم (1/626)، وابن خزيمة
(4/217)، وانظر مجمع الزوائد (3/241)، وقال النووي: ضعيف. المجموع (8/35)، وقال البيهقي:
تفرد به عبد الله بن مسلم بن هرمز، وهو ضعيف (5/76).








([20])
رواه البخاري (1610)، ومسلم (1270).







([21])
رواه الترمذي (959)، وانظر صحيح الترغيب (1139) للألباني.







([b][22])
قال الهيثمي في المجمع (3/245): رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات، وانظر صحيح
الترغيب (1140).
[/b]







([23]) رواه الترمذي (866).







([b][24])
رواه الدارقطني (2/289)، والبيهقي (5/164)، وإسناده ضعيف، فيه المثنى بن الصباح
وهو ضعيف.
[/b]







([b][25])
رواه البيهقي (5/164)، وأبو الزبير لم يصرح بالتحديث، وهو مدلس.
[/b]







([26])
رواه البخاري (3887)، ومسلم (164).







([b][27])
رواه مسلم (1288) عن ابن عباس.
[/b]







([b][28])
رواه البخاري (1683) عن ابن مسعود.
[/b]







([b][29])
رواه أبو داود (1942)، وإسناده ضعيف ضعفه الألباني.
[/b]







([b][30])
رواه أبو داود (2042)، وأصل الحديث في الصحيحين.
[/b]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://2et2.yoo7.com/forum
حمدان
ديري مبدع
ديري مبدع
حمدان


الساعة :
دعاء
عدد المساهمات : 1104
نقاط : 2370
التقيم : 28
تاريخ التسجيل : 05/05/2012

 الجامع لأحكام الحج والعمرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجامع لأحكام الحج والعمرة    الجامع لأحكام الحج والعمرة Icon_minitimeالخميس مايو 10, 2012 10:57 am

ترجمة مختصرة لسماحة الشيخ عبد الرحمن ابن سعدي([1])


اسمه ونسبه:


هو الشيخ الفقيه المربي
العلامة أبو عبد الله عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله بن ناصر آل سعدي، من قبيلة
تميم.



ولادته ونشأته:


ولد في بلدة عنيزة في القصيم سنة: (1307هـ)،
وتوفيت والدته وعمره أربع سنين، وتوفي والده بعدها وله سبع سنين، فتربى يتيمًا،
وقد قرأ القرآن بعد وفاة والده ثم حفظه عن ظهر قلب، وأتقنه وعمره إحدى عشرة سنة،
أخذ عن الشيخ إبراهيم بن حمد بن جاسر، والشيخ محمد بن عبد الكريم الشبل، والشيخ
صالح بن عثمان القاضي (قاضي عنيزة)، والشيخ على الناصر أبو وادي، قرأ عليه في
الحديث، وأخذ عنه الأمهات الست وغيرها، وأجازه في ذلك.



بعض أخبار الشيخ:


للشيخ رحمه الله أخبار وطرائف كثيرة تجدها
مبثوثة في كتاب ولده: (مواقف اجتماعية من حياة الشيخ)، ومما تميز به لطفه مع الناس،
فقد كان يراعي حاجاتهم العامة والخاصة.



وله مشاركات في المجلات
الإسلامية العالمية، وله ذوق رفيع في التدريس والتأليف قلّ أن تجده في أهل زمانه، وله
مصنفات([sup][2])[/sup]
كثيرة فريدة نافعة أشهرها: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، وللشيخ رحمه
الله آراء فقهية سبقت زمانه([sup][3])[/sup].



ومن أكبر طلابه شيخنا الشيخ
العلامة الفقيه عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل رعاه الله من كل مكروه، وسماحة
الشيخ محمد الصالح العثيمين والشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البسام رحمهما الله
تعالى.



وفاته:


توفي الشيخ ابن سعدي رحمه
الله في مدينة عنيزة ليلة الخميس 23 جمادى الآخرة سنة (1376هـ)، قال الشيخ عبد
الله البسام: والحقيقة أن عنيزة منذ تأسست لم تصب بمصيبة عامة مثل مصيبتها به.



















أولاً: مسائل الحج والعمرة
من كتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان(
[4])


(1) معنى
((
وَاتَّخِذُوا
مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى
)): يحتمل أن يكون
المراد بذلك المقام المعروف الذي قد جعل الآن مقابل باب الكعبة، وأن المراد بهذا
ركعتا الطواف, يستحب أن تكونا خلف مقام إبراهيم, وعليه جمهور المفسرين. ويحتمل أن
يكون المقام مفردًا مضافًا, فيعم جميع مقامات إبراهيم في الحج، وهي المشاعر كلها؛
من الطواف, والسعي, والوقوف بعرفة, ومزدلفة، ورمي الجمار، والنحر, وغير ذلك من
أفعال الحج، فيكون معنى قوله: (مُصَلًّى) أي: معبدًا, أي: اقتدوا به في شعائر الحج.
ولعل هذا المعنى أولى؛ لدخول المعنى الأول فيه, واحتمال اللفظ له.(65)



(2) أخبرنا
تعالى أن الصفا والمروة من شعائره أي: أعلام دينه الظاهرة التي تعبد الله بها
عباده, وإذا كانا من شعائر الله فقد أمر الله بتعظيم شعائره فقال: ((
وَمَنْ يُعَظِّمْ
شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ
))، وقد
قال: ((إن
الصفا
والمروة

من شعائر الله))، فدل مجموع النصين أنهما من شعائر الله, وأن تعظيم شعائره من تقوى
القلوب، والتقوى واجبة على كل مكلف, وذلك يدل على أن السعي بهما فرض لازم للحج
والعمرة, كما عليه الجمهور, ودلت عليه الأحاديث النبوية، وفعله النبي صلى الله
عليه وسلم وقال: «خذوا عني مناسككم»
([sup][5])[/sup].(76)


(3) في
قوله تعالى: ((فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا
جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا)) يدل تقييد نفي الجناح فيمن
تطوف بهما في الحج والعمرة أنه لا يتطوع بالسعي مفردًا إلا مع انضمامه لحج أو عمرة،
بخلاف الطواف بالبيت؛ فإنه يشرع مع العمرة والحج, وهو عبادة مفردة، فأما السعي،
والوقوف بعرفة ومزدلفة, ورمي الجمار فإنها تتبع النسك، فلو فُعلت غير تابعة للنسك
كانت بدعة؛ لأن البدعة نوعان: نوع يتعبد لله بعبادة لم يشرعها أصلاً، ونوع يتعبد له
بعبادة قد شرعها على صفة مخصوصة, فتفعل على غير تلك الصفة, وهذا منه.(76)



(4) يدل
قوله تعالى: ((
وَأَتِمُّوا
الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ
)) [البقرة:196] على أمور:


أحدها: وجوب الحج والعمرة,
وفرضيتهما.



الثاني: وجوب إتمامهما
بأركانهما وواجباتهما التي قد دل عليها فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله: «خذوا
عني مناسككم».



الثالث: أن فيه حجة لمن قال
بوجوب العمرة.



الرابع: أن الحج والعمرة يجب
إتمامهما بالشروع فيهما ولو كانا نفلاً.



الخامس: الأمر بإتقانهما
وإحسانهما, وهذا قدر زائد على فعل ما يلزم لهما.



السادس: وفيه الأمر
بإخلاصهما الله تعالى.



السابع: أنه لا يخرج المحرم
بهما بشيء من الأشياء حتى يكملهما, إلا بما استثناه الله, وهو الحصر.(90)



(5) قوله:
((
فَمَا اسْتَيْسَرَ
مِنْ الْهَدْيِ
))
أي: اذبحوا ما استيسر من الهدي, وهو سبع بدنة, أو سبع بقرة, أو شاة يذبحها المحصر,
ويحلق ويحل من إحرامه بسبب الحصر، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لما
صدهم المشركون عام الحديبية، فإن لم يجد الهدي فليصم بدله عشرة أيام، كما في
المتمتع، ثم يحل.(90)



(6) ويدل
قوله: ((
وَلا تَحْلِقُوا
رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ
)) على أن إزالة الشعر
من محظورات الإحرام؛ سواء كان بحلق أو غيره؛ لأن المعنى واحد من الرأس أو من البدن؛
لأن المقصود من ذلك حصول الشعث والمنع من الترفه بإزالته, وهو موجود في بقية الشعر،
وقاس كثير من العلماء على إزالة الشعر تقليم الأظفار بجامع الترفه، ويستمر المنع
مما ذكر حتى يبلغ الهدي محله, وهو يوم النحر، والأفضل أن يكون الحلق بعد النحر,
كما تدل عليه الآية.(91)



(7) يستدل
بالآية السابقة أيضًا على أن المتمتع إذا ساق الهدي لم يتحلل من عمرته قبل يوم
النحر، فإذا طاف وسعى للعمرة أحرم بالحج, ولم يكن له إحلال بسبب سوق الهدي.(91)



(Cool إنما
منع تبارك وتعالى من إزالة الشعر لما فيه من الذل والخضوع لله, والانكسار له,
والتواضع الذي هو عين مصلحة العبد وليس عليه في ذلك من ضرر، فإذا حصل الضرر بأن
كان به أذى من مرض ينتفع بحلق رأسه له, أو قروح, أو قمل ونحو ذلك؛ فإنه يحل له أن
يحلق رأسه, ولكن يكون عليه فدية من صيام ثلاثة أيام, أو إطعام ستة مساكين, أو نسك
ما يجزئ في أضحية, فهو مخير. والنسك أفضل, فالصدقة, فالصيام، ومثل هذا كل ما كان
في معنى ذلك, من تقليم الأظفار, أو تغطية الرأس, أو لبس المخيط, أو الطيب؛ فإنه
يجوز عند الضرورة مع وجوب الفدية المذكورة؛ لأن القصد من الجميع إزالة ما به يترفه.(91)



(9) يدل
قوله تعالى: ((
فَمَا اسْتَيْسَرَ
مِنْ الْهَدْيِ
))
على أن المتمتع يلزمه ما تيسر من الهدي, وهو ما يجزئ في أضحية، وهذا دم نسك,
مقابلة لحصول النسكين له في سفرة واحدة, ولإنعام الله عليه بحصول الانتفاع بالمتعة
بعد فراغ العمرة, وقبل الشروع في الحج، ومثله القران لحصول النسكين له، ويدل مفهوم
الآية على أن المفرد للحج ليس عليه هدي، ودلت الآية على جواز بل فضيلة المتعة,
وعلى جواز فعلها في أشهر الحج.(91)



(10) يدل
قوله تعالى: ((
فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ)) على أن من
لم يجد الهدي أو ثمنه فعليه صيام ثلاثة أيام، أول جوازها من حين الإحرام بالعمرة,
وآخرها ثلاثة أيام بعد النحر, أيام رمي الجمار, والمبيت بـ«منى»، ولكن الأفضل منها
أن يصوم السابع والثامن والتاسع.(91)



(11) معنى
((
وَسَبْعَةٍ
إِذَا رَجَعْتُمْ
)) أي: فرغتم من أعمال الحج, فيجوز فعلها في
مكة, وفي الطريق, وعند وصوله إلى أهله.(91)



(12) يرجع
الضمير ((
ذَلِكَ)) في قوله تعالى: ((ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ
حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ
)) على الحكم المذكور من وجوب الهدي على
المتمتع؛ بأن كان عند مسافة قصر فأكثر, أو بعيدًا عند عرفات, فهذا الذي يجب عليه
الهدي؛ لحصول النسكين له في سفر واحد، وأما من كان أهله من حاضري المسجد الحرام
فليس عليه هدي, لعدم الموجب لذلك.(91)



(13) كان
الحج من ملة إبراهيم التي لم تزل مستمرة في ذريته معروفة بينهم.(91)



(14) المراد
بالأشهر المعلومات عند الجمهور: شوال, وذو القعدة, وعشر من ذي الحجة, فهي التي يقع
فيها الإحرام بالحج غالبًا.(91)



(15) الشروع
في الحج يُصيّره فرضًا ولو كان نفلاً.(91)



(16) استدل
الشافعي ومن تابعه بقوله تعالى: ((
فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ)) على أنه
لا يجوز الإحرام بالحج قبل أشهره. قلت: لو قيل: فيها دلالة لقول الجمهور, بصحة
الإحرام بالحج قبل أشهره لكان قريبًا، فإن قوله: ((
فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ)) دليل
على أن الفرض قد يقع في الأشهر المذكورة وقد لا يقع فيها, وإلا لم يقيده.(91)



(17) معنى
قوله تعالى: ((
فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ)) أي: يجب
أن تعظموا الإحرام بالحج, وخصوصًا, الواقع في أشهره, وتصونوه عن كل ما يفسده أو
ينقصه: من الرفث، وهو الجماع ومقدماته الفعلية والقولية, خصوصًا عند النساء
بحضرتهن، والفسوق، وهو جميع المعاصي, ومنها محظورات الإحرام، والجدال, وهو
المماراة والمنازعة والمخاصمة؛ لكونها تثير الشر, وتوقع العداوة.



والمقصود
من الحج: الذل والانكسار لله, والتقرب إليه بما أمكن من القربات, والتنزه عن
مقارفة السيئات؛ فإنه بذلك يكون مبرورًا، والمبرور ليس له جزاء إلا الجنة، وهذه
الأشياء وإن كانت ممنوعة في كل مكان وزمان؛ فإنه يتغلظ المنع عنها في الحج، واعلم
أنه لا يتم التقرب إلى الله بترك المعاصي حتى يفعل الأوامر.(91)



(18) يدل
قوله تعالى: ((
فَإِذَا أَفَضْتُمْ
مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ
)) [البقرة:198]
على أمور:



أحدها: الوقوف بعرفة, وأنه
كان معروفًا أنه ركن من أركان الحج، فالإفاضة من عرفات لا تكون إلا بعد الوقوف.



الثاني: الأمر بذكر الله عند
المشعر الحرام, وهو المزدلفة, وذلك أيضًا معروف, يكون ليلة النحر بائتًا بها, وبعد
صلاة الفجر يقف في المزدلفة داعيًا حتى يسفر جدًا, ويدخل في ذكر الله عنده إيقاع الفرائض
والنوافل فيه.



الثالث: أن الوقوف بمزدلفة
متأخر عن الوقوف بعرفة, كما تدل عليه الفاء والترتيب.



الرابع والخامس: أن عرفات
ومزدلفة كلاهما من مشاعر الحج المقصود فعلها, وإظهارها.



السادس: أن مزدلفة في الحرم,
كما قيده بـ(الحرام).



السابع: أن عرفة في الحل, كما هو مفهوم التقييد
بمزدلفة.(92)



(19) معنى
قوله: ((
ثُمَّ أَفِيضُوا
مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ
رَحِيمٌ
))
أي: أفيضوا من مزدلفة من حيث أفاض الناس من لدن إبراهيم
عليه
السلام
إلى
الآن. والمقصود من هذه الإفاضة كان معروفًا عندهم, وهو رمي الجمار, وذبح الهدايا,
والطواف, والسعي, والمبيت بمنى ليالي التشريق، وتكميل باقي المناسك. ولما كانت هذه
الإفاضة يقصد بها ما ذكر, والمذكورات آخر المناسك؛ أمر تعالى عند الفراغ منها
باستغفاره والإكثار من ذكره في الآية التي بعدها: ((
فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ
فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً
))،
فالاستغفار للخلل الواقع من العبد في أداء عبادته وتقصيره فيها.



وذكر
الله: شكر الله على إنعامه عليه بالتوفيق لهذه العبادة العظيمة والمنة الجسيمة،
وهكذا ينبغي للعبد كلما فرغ من عبادة أن يستغفر الله عن التقصير, ويشكره على
التوفيق, لا كمن يرى أنه قد أكمل العبادة, ومَنَّ بها على ربه, وجعلت له محلاً
ومنزلة رفيعة, فهذا حقيق بالمقت ورد الفعل، كما أن الأول حقيق بالقبول والتوفيق
لأعمال أخر.(92)



(20) الأيام
المعدودات: هي أيام التشريق الثلاثة بعد العيد, ذكرها الله تعالى لمزيتها وشرفها,
وكون بقية المناسك تفعل بها, ولكون الناس أضيافًا لله فيها, ولهذا حرم صيامها،
فللذِكِرِ فيها مزيةٌ ليست لغيرها, ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أيام
التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله»
([sup][6])[/sup]، ويدخل في
ذكر الله فيها ذكره عند رمي الجمار, وعند الذبح, والذكر المقيد عقب الفرائض؛ بل
قال بعض العلماء: إنه يستحب فيها التكبير المطلق كالعشر, وليس ببعيد.(93)



(21) التعجل
في يومين هو الخروج من منى والنفر منها قبل غروب شمس اليوم الثاني.(93)



(22) أباح
الله التعجل والتأخر، ومن المعلوم أنه إذا أبيح كلا الأمرين فالمتأخر أفضل؛ لأنه
أكثر عبادة.(93)



(23) النهي
عن قتل الصيد عند الإحرام بالحج أو العمرة يشمل النهي عن مقدمات القتل, وعن
المشاركة في القتل, والدلالة عليه, والإعانة على قتله, حتى إن من تمام ذلك أنه
ينهى المحرم من أكل ما قُتِلَ, أو صِيدَ لأجله، وهذا كله تعظيم لهذا النسك العظيم,
أنه يحرم على المحرم قتل وصيد ما كان حلالاً له قبل الإحرام.(244)



(24) إنما
نص الله على المتعمد لقتل الصيد في قوله: ((
وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا)), مع أن
الجزاء يلزم المتعمد والمخطئ, كما هو القاعدة الشرعية: أن المتلف للنفوس والأموال
المحترمة فإنه يضمنها على أي حال كان إذا كان إتلافه بغير حق - لأن الله رتب عليه
الجزاء والعقوبة والانتقام, وهذا للمتعمد، وأما المخطئ فليس عليه عقوبة, إنما عليه
الجزاء، هذا جواب الجمهور من هذا التقيد الذي ذكره الله، وطائفة من أهل العلم يرون
تخصيص الجزاء بالمتعمد، وهو ظاهر الآية، والفرق بين هذا وبين التضمين في الخطأ في
النفوس والأموال: أن التضمين في هذا الموضع الحق فيه لله، فكما لا إثم لا جزاء
لإتلافه، بخلاف نفوس الآدميين وأموالهم.(244)



(25) المثلية
في قوله: ((
مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ)) أي الإبل, أو
البقر, أو الغنم، فينظر ما يشبهه من ذلك, فيجب عليه مثله, يذبحه ويتصدق به،
والاعتبار بالمماثلة ((
يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ)) أي:
عدلان يعرفان الحكم, ووجه الشبه كما فعل الصحابة
رضي
الله عنهم،

حيث قضوا في الحمامة بشاة, وفي النعامة بدنة, وفي بقر الوحش - على اختلاف أنواعه - بقرة، وهكذا كل ما يشبه شيئًا من النعم ففيه مثله،
فإن لم يشبه شيئًا ففيه قيمته, كما هو القاعدة في المتلفات.(244)



(26) الهدي
الذي يقابل الصيد لا بد أن يكون ((
هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ)) أي:
يذبح في الحرم، ((
أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ)) أي: كفارة ذلك
الجزاء طعام مساكين, أي: يجعل مقابل المثل من النعم طعام يطعم المساكين. قال كثير
من العلماء: يُقَوّم الجزاء, فيشترى بقيمته طعام, فيطعم كل مسكين مد بر أو نصف صاع
من غيره، ((
أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ)) الطعام ((صِيَامًا)) أي: يصوم عن إطعام
كل مسكين يومًا.(244)



(27) لما
كان الصيد يشمل الصيد البري والبحري, استثنى تعالى الصيد البحري فقال: ((
أُحِلَّ لَكُمْ
صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ
)) أي: أحل لكم - في حال إحرامكم - صيد
البحر، وهو الحي من حيواناته, (وطعامه) وهو الميت منها, فدل ذلك على حل ميتة البحر.(244)



(28) يؤخذ
من لفظ (الصيد) في قوله تعالى: ((
وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا
دُمْتُمْ حُرُمًا
)): أنه لا بد أن يكون وحشيًا؛ لأن الإنسي ليس
بصيد، ومأكولاً؛ فإن غير المأكول لا يصاد, ولا يطلق عليه اسم الصيد.(245)



(29) معنى
قوله تعالىSad( جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً
لِلنَّاسِ)) [المائدة:97] أي: يقوم بالقيام بتعظيمه دينهم ودنياهم, فبذلك يتم
إسلامهم, وبه تحط أوزارهم, وتحصل لهم - بقصده - العطايا الجزيلة والإحسان الكثير. ومن
أجل كون البيت قيامًا للناس قال من قال من العلماء: إن حج بيت الله فرض كفاية في
كل سنة، فلو ترك الناس حجه لأثم كل قادر؛ بل لو ترك الناس حجه لزال ما به قوامهم,
وقامت القيامة.(245)



(30) يوم
الحج الأكبر هو يوم النحر.(328)



(31) افترض
الله حج هذا البيت الذي أسكن به ذرية إبراهيم, وجعل فيه سرًا عجيبًا, جاذبًا
للقلوب, فهي تحجه, ولا تقضي منه وطرًا على الدوام؛ بل كلما أكثر العبد التردد إليه
ازداد شوقه, وعظم ولعه وتوقه.(427)



(32) يدخل
في تطهير البيت, تطهيره من الأصوات اللاغية والمرتفعة التي تشوش المتعبدين بالصلاة
والطواف. وقدم الطواف على الاعتكاف والصلاة لاختصاصه بهذا البيت.(537)



(33) معنى:
((وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)) أي: القديم,
أفضل المساجد على الإطلاق، وهذا أمر بالطواف خصوصًا بعد الأمر بالمناسك له عمومًا,
لفضله وشرفه, ولكونه المقصود وما قبله وسائل إليه، ولعله والله أعلم - أيضًا - لفائدة أخرى, وهو: أن الطواف مشروع كل وقت؛
وسواء كان تابعًا لنسك, أم مستقلاً بنفسه.(537)



(34) المراد
بالشعائر في قوله تعالى: ((
ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ
فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ
)) [الحج:32]: أعلام الدين الظاهرة,
ومنها المناسك كلها, كما قال تعالى: ((إِنَّ الصَّفَا
وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ))، ومنها الهدايا والقربان للبيت،
وتقدم أن معنى تعظيمها: إجلالها, والقيام بها, وتكميلها على أكمل ما يقدر عليه
العبد، ومنها الهدايا, فتعظيمها باستحسانها واستسمانها, وأن تكون مكملة من كل وجه،
فتعظيم شعائر الله صادر من تقوى القلوب، فالمعظم لها يبرهن على تقواه وصحة إيمانه؛
لأن تعظيمها تابع لتعظيم الله وإجلاله.(538)



(35) معنى
قوله تعالى: ((
لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى
الْبَيْتِ الْعَتِيقِ
)) [الحج:33] (لكم فيها) أي: في الهدايا (منافع إلى أجل
مسمى) هذا في الهدايا المسوقة من البدن ونحوها, ينتفع بها أربابها بالركوب والحلب
ونحو ذلك مما لا يضرها (إلى أجلٍ مسمى) مقدار مؤقت، وهو ذبحها إذا وصلت محلها، وهو
الْبَيْتِ الْعَتِيقِ، أي: المحرم كله منى وغيرها، فإذا ذبحت أكلوا منها, وأهدوا,
وأطعموا البائس الفقير.(538)



(36) مكة
المكرمة أفضل البلدان على الإطلاق، خصوصًا وقت حلول النبي صلى الله عليه وسلم فيها.(925)










ثانيًا: مسائل الحج والعمرة
من كتاب الفتاوى السعدية(
[7])


(37) في
الحج والعمرة خواص اختصت بها من بين سائر العبادات:



الأول: العبادات لا يجب
إتمام نوافلها، والحج والعمرة إذا شرع فيهما يجب إتمامهما؛ لأن الشروع في عقديهما
بمنزلة إيجاب العبد على نفسه شيئًا من العبادات، ولذا قال تعالى: ((
فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا
جدال في الحج
))
[البقرة:197] أي: أوجبه على نفسه، ((
ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم)) [الحج:29]،
فسمى متعبدات النسك نذورًا، إلا أنه أوجبها على نفسه بعقد الإحرام.



الثاني منها: أن من عليه حجة
الإسلام لا يصح أن يصرفها عن غيرها، ولا أن يحج عن غيره، فإن فعل ذلك انقلبت إلى
نفسه عن حجة الإسلام؛ لأن أول نسك بعد وجوبه على المكلف غير قابل لغير الفريضة
الإسلامية التي هي فريضة العمر، فمهما نوى العبد فيها من النيات المنافية لهذا
القصد بطلت تلك النيات المعارضة، وبقي الأصل سالمًا.



الثالث منها: أن المفرد
والقارن إذا طاف للقدوم، وسعى بعده سعي الحج، ثم قلب ذلك ونسخه إلى العمرة؛ كان
هذا المشروع، والأفضل أن ذلك الطواف الذي كان للقدوم، وذلك السعي الذي كان للحج
ينقلبان للعمرة ركنين من أركانها، مع أنه أدى الطواف بنية النفل وهو طواف القدوم،
وأدى السعي بنية سعي الحج، ثم انقلبا كما ترى، وهذا يعد من الغرائب، والسبب في ذلك
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة»
([sup][8])[/sup]، والعمرة
أيضًا هي الحج الأصغر.



وأيضًا: إذا فسخ القران
والإفراد ناويًا التمتع، فهو في الحقيقة لم ينقص ما سبق له من الأعمال والنيات،
وإنما أتى بها على وجه أكمل، فهو لم يصرفها إلى شيء آخر، وإنما أدارها من صفة إلى
صفة أحسن منها وأتم، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بعدما طافوا وسعوا
أن يجعلوها عمرة، واكتفوا بذلك الطواف والسعي عنها، مع أن أكثرهم لم ينسخ إلا
بعدما كان السعي، فللحج والعمرة من الارتباط الوثيق ما ليس لغيرها من العبادات،
فهذا الذي أوجب استغراب هذه المسائل التي لا نظير لها، بل تخالف نظائرها.



الرابع منها: لو أراد المحرم
الخروج من إحرامه قبل الفراغ من نسكه بدون عذر حصر أو نحوه؛ لم يتمكن من ذلك،
وفسخه غير معتبر وغير مبطل للنسك، لما ذكرنا من لزوم إتمام فرضها ونفلها، وعدم
قبول النسك لشيء آخر، والله أعلم.(80)



(38) رخص
السفر كلها من قصر وجمع وفطر وغيرها، يترخص بها كل من سافر سفرًا يستعد له بالزاد
والمزاد دون تقديره بيومين، لأن اليومين؛ ليس عليهما دليل؛ بل قصر المسلمين مع
النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وجمعهم بعرفة ومزدلفة من غير فرق بين أهل
مكة وغيرهم، يدل على أن مثل هذا السفر يترخص فيه برخص السفر، والله أعلم.
([sup][9])[/sup] (126)


(39) يستفاد
من إباحة النبي صلى الله عليه وسلم لصيام أيام التشريق للمتمتع والقارن الذي لم
يجد الهدي دون قضاء رمضان، مع أنه أكمل وأعظم فائدتان:



إحداهما: أن الوقت إذا كان
متسعًا للواجب الأعلى، متعينًا للواجب الأدنى، أنه من مرجحات المفضول على الفاضل.



وفائدة أخرى: أنه إذا
تعارض واجب ومحرم؛ تعين تقديم الواجب، وبهذه الحال لا يصير حرامًا في حق المؤدي
للواجب، كما يجب على المتمتع الحلق إذا فرغ من عمرته بعد دخول ذي الحجة، ويحرم على
المضحي أخذ شيء من شعره، فهذا لا يدخل في المحرم، والله أعلم.(165)



(40) مراد
الفقهاء بقولهم: (نفقة محرم المرأة في الحج عليها)، ما صرحوا به أن عليها الزاد
والراحلة لها وله، والزاد: اسم جامع لكل ما يحتاج إليه للتزود في سفره، وأما
الحوائج الأخر غير المتعلقة بذلك السفر فلا تدخل في ذلك.(167)



(41) المرأة
العجوز الفقيرة الكفيفة التي لم تحج حجة الإسلام، لا يحج عنها إذا كانت تطيق
الركوب - واليوم كل يطيق الركوب - ولا بد أن تحج بنفسها؛ لأن لها أولادًا ومحارم
ولو أنهم غائبون.(167)



(42) اشتراط
الأصحاب رحمهم الله أن النائب عن الغير في حجة الإسلام لا يصح إلا من بلده، أو بلد
أبعد إلى مكة من بلده، قول ضعيف لا دليل عليه، وغاية ما استدل له أنه كان يجب على
المنوب عنه السعي من بلده إلى الحج، وهذا مثله، وهذا الاستدلال ضعيف جدًا؛ فإن
المنوب عنه لو صادف أنه وقت السعي إلى الحج في بلد أقرب من بلده؛ بل لو كان بمكة
وهو لم ينو من بلده الحج، ولكن النية لم تحصل إلا في ذلك المحل؛ فإنه لم يقل أحد:
إنه يجب عليه الرجوع إلى بلده لينوي بها، فنائبه أولى بها.



وأيضًا: فهذا التَقَوّل مخالف
لعمومات الأدلة الشرعية؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز النيابة فيه ولم يشترط
أن يكون من بلده، ولو كان شرطًا لبينه.



وأيضًا: فإن الواجب والفرض إنما
هو الإحرام وما بعده من أفعال الحج، وأما ما قبله وما بعده فلم يأت ما يدل عليه - أي: على الوجوب - وهذا القول قول لبعض الأصحاب، وهو
الذي نختاره.



(43) عند
الأصحاب: إذا حصل للنائب عذر فقد جوزوا له أن يستنيب من يكمل الحج عنه، وقد قالوا
في عباراتهم: وتجوز الاستنابة في الحج، وفي بعضها: النفل مطلقًا، والفرض عند العذر،
مع أني لم أجد عنهم تصريحًا في بعضيات النسك إلا في الرمي فقط، وأنا ما زالت هذه المسألة
من زمان طويل في نفسي؛ لأن الذي وقصته راحلته وهو واقف بعرفة
([sup][10])[/sup] لم يأمر
النبي صلى الله عليه وسلم أحدًا أن ينوب عنه في بقية نسكه.



والمقصود
أن كلامهم في هذه المسألة لا تطمئن له النفس، والقول إذا لم يبن للإنسان دليل ظاهر
عليه فليس له أن يفتي به، مع أن الذي انعقد في خاطري أن هذا القول مخالف للدليل،
ولم أر ما يدل على جوازه.(168)



(44) إذا
استأجر من يحج عنه تكون الحجة لمن باشرها وحجها؛ لأن العقد عليها باطل
([sup][11])[/sup]، وأما
صحتها بلا نية له فلأن الحج يخالف غيره في هذه المسألة؛ فإنه إذا نوى من عليه حجة
الإسلام أن يحج عن غيره؛ انقلبت عن نفسه، وإذا نوى المفرد والقارن بعد طواف القدوم
والسعي التمتع؛ انقلب الإحرام وما بعده من الطواف والسعي للعمرة، فكذلك هذا الذي
استأجره غيره إجارة لازمة تبين فسادها، فوقعت لمن باشرها لا لمن نويت له؛ لفساد
العقد، ولكن يبقى الكلام على مسألة النفقة؛ فإن كان الأجير الذي باشر الحج عالمًا
بفساد العقد وعدم صحته عن غيره، فليس على المؤجر شيء؛ بل النفقة والمصرف على الذي
باشر الحج، وإن كان جاهلاً بالحكم كانت إجارة فاسدة، والإجارة الفاسدة يجب فيها
أجرة المثل، وهي النفقة والمصرف الذي يحتمله مثله عرفًا، والله أعلم.(171)



(45) إذا
رمى عن نفسه وعن الصبي بدأ بالرمي عن نفسه، والأفضل إذا كمل الجمرات الثلاث عن
نفسه استأنفها للصبي، فإن وقف عند كل واحدة من الجمار فرماها عن نفسه ثم رماها عن
الصبي، فالصحيح أن ذلك جائز، لا سيما إذا كان ازدحام ومشقة، فالأمر -ولله الحمد-
واسع.(171)



(46) المشهور
في المذهب عند الحنابلة المتأخرين في مسألة من طاف وسعى محمولاً لعذرٍ، ونوى كل من
الحامل والمحمول عن نفسه: أنه لا يجزئه إلا عن المحمول، وهو ضعيف لا دليل عليه، ولا
تعليل صحيحًا يدل عليه
([sup][12])[/sup]، والصحيح
في هذا مذهب أبي حنيفة: أنه يجزئ عن كل واحد من الحامل والمحمول، وهو قول في مذهب
الحنابلة، استحسنه الموفق، وهو الصواب الذي تدل عليه الأدلة؛ فإن من طاف حاملاً أو
محمولاً لعذر - أو لغير عذر على القول الآخر - فإنه قد أدى فريضة طوافه، وقد صدق
على كل منهما أنه طاف بالبيت العتيق، يؤيد هذا قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما
الأعمال بالنيات»
([sup][13])[/sup]، وهذان كل
واحد منهما نوى الطواف لنفسه وفعله، يؤيد هذا أنه بالاتفاق إذا حمله في بقية
المناسك؛ كالوقوف بعرفة ومزدلفة وغيرها، أن النسك قد تم لكل منهما، فما الفرق
بينهما وبين الطواف والسعي؟ يؤيد هذا أنه لم ينقل أن أحدًا من الصحابة والتابعين
قال: إنه لا يجزئ عن الحامل، وقد وقع في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وزمن أصحابه
والتابعين قضايا متعددة من هذا النوع، فلم يأمروا الحامل أن يطوف طوافًا آخر
وسعيًا آخر، وإذا كان الولي المحرم ينوي الإحرام عن الصبي الذي لا يعقل ما يقوله،
ويحضره في المشاعر كلها، ويجزئ عن الجميع، فما بال الطواف والسعي؟!



وهذا
القول كلما تدبره الإنسان عرف أنه الصواب المقطوع به.



وأيضًا فإن طواف الراكب على
بعير وغيره، يجوز على الصحيح لعذر ولغير عذر، وعلى القول المشهور من المذهب: أنه
يجوز لعذر الطواف عن المحمول فجرًا قولاً واحدًا، فما الفرق بين الراكب على
الحيوان والمحمول على ظهر الإنسان؟ والحاجة تدعو إلى كل منهما؛ بل الحاجة إلى حمل
الإنسان أشد من الحاجة إلى حمل الحيوان؛ بل الحيوانات في هذه الأوقات متعذر دخولها
إلى المسجد الحرام، كما هو معروف، والله أعلم، مع أن الحامل إذا نوى عن نفسه كان
أحق بوقوعه عنه.(171)



(47) اختلف
العلماء في وجوب الإحرام على من قصد مكة وهو لا يريد حجًا ولا عمرة، والصحيح أنه
لا يجب عليه أن يحرم، وإنما يستحب له.(173)



(48) من
أراد الذهاب إلى مكة بقصد الإقامة في الشرائع؛ فإنه لا يحرم من الميقات، فإذا أراد
أن يدخل مكة ويمشي من الشرائع أحرم، إلا إذا كان قصده الحج، فلا يتجاوز الميقات
حتى يحرم.(173)



(49) إذا
أحرم الجاهل بالحج والعمرة ولبى بهما ونيته وقصده التمتع؛ فالمدار على القلب،
ولهذا إذا غلط فلفظ بغير ما نوى من صلاة أو صوم أو طهارة أو حج أو عمرة، فغلطه لا
يضره، والمدار على القلب، وقد ذكر هذا الفقهاء رحمهم الله حيث قالوا: ولا يضر سبق
لسانه بغير ما نوى، وهذا عام في كل العبادات، وسبق اللسان إما أن يكون نسيانًا أو
جهلاً، والله أعلم.(173)



(50) المتمتع هو الذي يحرم
بالعمرة في أشهر الحج التي أولها شوال وآخرها ذو الحجة، ثم يحج من سنته، فعليه دم
شاة أو سبع بدنة أو سبع بقرة، فإن لم يجد صام عشرة أيام؛ ثلاثة في الحج، وسبعة إذا
رجع.



ومثل ذلك القارن، وهو الذي يحرم بالنسكين - يعني
بالحج والعمرة - جميعًا، فعليه












([1])
انظر: مشاهير علماء نجد (392)، الأعلام (3/340)، معجم المؤلفين (2/121)، علماء نجد
(3/218)، علماء الحنابلة برقم: (4000)، صفحات من حياة علامة القصيم للطيار، ومواقف
اجتماعية من حياة الشيخ وهو كتاب نافع جدًا.







([2])
بلغت (44) مؤلف عند البسام، و(62) كما أحصاها أخي الفاضل الأستاذ مساعد السعدي،
وهو القائم على نشر كتب الشيخ .







([3])
انظر: علماء نجد (3/221)، ومن الأمثلة على ذلك: رأيه في التبرع بالأعضاء .







([4]) تحقيق:
عبد الرحمن بن معلا اللويحق
- ط. مؤسسة الرسالة.






([5]) تقدم
تخريجه.







([6]) رواه
مسلم (1141).







([7]) ط. مركز
صالح بن صالح الثقافي.







([8]) تقدم
تخريجه.







([9])انظر كذلك
الأجوبة السعدية عن المسائل الكويتية (ص:200).







([10]) رواه
البخاري (1849)، ومسلم (1206).







([11]) هذه
الصورة غير صورة النائب، بل هو عقد لازم بين طرفين بمقابل مالي معلوم .







([12]) قال
الشيخ في الأجوبة السعدية عن المسائل الكويتية (ص:97): الصواب الذي لا زلنا نفتي
به من زمان أن الطواف والسعي يجزئ عن الحامل والمحمول؛ سواء كان المحمول عاقلاً
يحسن النية = = أو طفلاً لا يعقل النية بل ينوي عنه الحامل، فطوافه وسعيه
يجزئ عن الحامل والمحمول، والقول أنه لا يجزئ قول ضعيف جدًا.







([13]) رواه
البخاري (1)، ومسلم (1907).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://2et2.yoo7.com/forum
حمدان
ديري مبدع
ديري مبدع
حمدان


الساعة :
دعاء
عدد المساهمات : 1104
نقاط : 2370
التقيم : 28
تاريخ التسجيل : 05/05/2012

 الجامع لأحكام الحج والعمرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجامع لأحكام الحج والعمرة    الجامع لأحكام الحج والعمرة Icon_minitimeالخميس مايو 10, 2012 10:57 am

الهدي
المذكور، فإن لم يجد صام عشرة أيام؛ ثلاثة في الحج، وسبعة إذا رجع.



ولكن
هذا في حق القادم من مسافة القصر، أي: يومين فأكثر، أما أهل مكة ومن كان قريبًا
منها مثل الشرائع وجدة ونحوها، فليس عليه هدي ولا صيام، كما قال تعالى: ((
ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام)) [البقرة:196]،
واختلف أهل العلم في المقيمين بجدة: هل إذا أحرموا متمتعين أو قارنين عليهم الهدي
المذكور، أم أنهم مثل أهل مكة؟ والاحتياط أن يهدوا إذا تمتعوا وقرنوا، وأما المفرد
الذي لم ينو إلا الإحرام بالحج وحده، فليس عليه هدي ولا صيام.(173)



(1)
من لا يدرك الفدية إلا
بدين فالأفضل له أن يصوم ولا يشغل ذمته؛ لأن الله تعالى قال: ((
فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج
وسبعة إذا رجعتم
)) [البقرة:196]، واتباع رخصة الله أولى.(174)


(2)
لا بأس على الغني أن
يفرد الحج، ولكن تفوته الفضيلة؛ فإن الأفضل أن يتمتع ويفدي؛ ليحصل له ثواب الحج
والعمرة والهدي.(174)



(3)
إذا ساق الهدي من بلده،
أو من الطريق بشراء أو غيره؛ فإنه لا يحل حتى يبلغ الهدي محله.(174)



(4)
قال أصحابنا الحنابلة:
إن المتمتع إذا طاف لعمرته وسعى لها وتحلل منها، ثم وطئ بعد هذا الحل، ثم أحرم
بالحج وتممه، ثم تبين له أن طوافه للعمرة كان بغير طهارة؛ لم يصح حجه
([sup][1])[/sup]، والذي
نراه في هذه المسألة المهمة: أن الحج صحيح، حتى لو حكمنا على العمرة بالفساد،
وعندنا في هذا الرأي عدة مآخذ:



المأخذ الأول: في أصل
المسألة، وهو منع إدخال الحج على العمرة الفاسدة؛ لأنه لم يرد المنع من ذلك،
والقران الذي هو أحد الأنساك الثلاثة قد ثبتت صحته إذا أحرم بهما جميعًا من
الميقات، كما ثبت إدخال الحج على العمرة الصحيحة، فالفاسد كالصحيح.



المأخذ الثاني: أن الوطء
في الحج إنما يفسده إذا كان صاحبه غير معذور على الصحيح، كما هو اختيار شيخ
الإسلام، وكما هو ظاهر العمومات الرافعة للحرج عن الخطأ والنسيان، وهذا بلا شك
جاهل بالحال، والجاهل بالحال كالجاهل بالحكم سواء؛ فإذا كان الصحيح أن الوطء من
الناسي والجاهل في الحج لا يفسده ولا يضر، فكيف بهذا الوطء الذي هو في حل صحيح، أو
حل بين العمرة والحج يعتقده صاحبه صحيحًا؟ فهذا من باب أولى وأحرى.



المأخذ الثالث: اختلف
العلماء في صحة طواف المحدث على ثلاثة أقوال: الصحة، وعدمها، والتفصيل بين ترك
الطهارة عمدًا، فلا يصح طوافه، وبين تركها جهلاً ونسيانًا فيصح، كما قال به كثير
من أهل العلم. فعلى القولين: قول من يقول بصحته مطلقًا، ومن يقول بصحته للمعذور،
الحكم ظاهر واضح: أنه وطئ بعد عمرة صحيحة تامة، وعلى القول بعدم الصحة مطلقًا نرجع
إلى المأخذين السابقين.



المأخذ الرابع: أن نقول:
هب أن العمرة فاسدة بالوطء المذكور، فنخصها بالفساد ولا نعدي ذلك إلى الحج؛ وذلك
أن الأصل أن أركان العمرة وواجباتها ومكملاتها متعلقات بها وحدها صحةً وفسادًا
ونقصًا وكمالاً، كما أن الحج كذلك، وكلاهما نسك مستقل في ذاته، ومستقل في أقواله
وأفعاله، وبينهما حد برزخ لا من هذا ولا من هذا، والعبادات المستقلة الأصل فيها أن
كل عبادة لا تفسد بفساد الأخرى، فإدخال هذه المسألة في هذا العموم أولى من إخراجها
بحجة أن العمرة والحج مرتبط بعضها ببعض، فالارتباط إنما هو في وجوب الإتيان بالحج
للمتمتع الذي لم يحج أو الذي فسخ عمرته إلى الحج، لا في أفعالها؛ بدليل استقلال كل
منهما بما فيها من طواف وسعي ووقوف وحلاق وغيرها، والله أعلم.(175)



(5)
إذا لبس في العمرة بعد
الطواف والسعي جاهلاً بالحكم، ثم حلق بعدما لبس؛ فلا شيء عليه، ولو كان عالمًا
بالحكم كان عليه فدية أذى: صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة فدية،
تخيير.(176)



(6)
في مسألة استظلال
المحرم بالشمسية خلاف بين العلماء، وفيها في مذهب الإمام أحمد قولان: أحدهما: أن
ذلك لا يجوز. والثاني: أنه يجوز، والاحتياط ألا يستظل المحرم بشمسية وغيرها، ومع
ذلك نحن لا ننكر على من استظل بشمسية؛ لأنه لم يرد فيها نص خاص، والله أعلم.(177)



(7)
إنما أوجب أهل العلم
على من كرر النظر فأمنى في تكرار النظر البدنة إذا أنزل بالقياس على الوطء، وهو
غير ظاهر؛ لأن القياس شرطه أن المقيس والمقيس عليه لا فرق بينهما، وبين تكرار
النظر والوطء من الفرق شيء عظيم، فلا يصح الإلحاق، والصحيح عندي ما قاله بعض
أصحابنا: أن فيه فدية أذى.



(Cool
وكذلك إيجاب الشاة
بالإمناء بنظرة واحدة عندي فيه تفصيل: إن وقع بلا قصد فلا يجب شيء، وإن تعمده،
وتعمد النظرة المحرمة، فيتوجه ما قالوه؛ ليحصل الجبر حيث فعل المحرم بالفدية،
والله أعلم.(177)



(9)
صلاة الإحرام غير
واجبة ولو في غير وقت النهي، وليس على الإنسان نقص في نسكه إذا تركها، فليكن ذلك
معلومًا.(177)



إذا
نوى الإقامة بمكة مدة تمنع القصر، وخرج ليشيع أهله خارج الميقات؛ أما المشهور من
المذهب فإنه يجب عليه الوداع لخروجه، والإحرام لدخوله، كما هو معروف من كلام
الأصحاب، وأما اختيار شيخ الإسلام في المسألتين، وهو قول في المذهب: فإنه لا يجب
عليه شيء في الصورتين، فليس عليه وداع لخروجه؛ لعدم وجوب الوداع عنده لغير حاج،
ويستدل بالحديث: «أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت طواف»
([sup][2])[/sup]، ويرى أن
هذا خاص بالحجاج والمعتمرين إذا صدروا لبلدانهم، والمشهور من المذهب التعميم، وهو
ظاهر عموم الحديث. وأما إحرامه إذا تعدى الميقات، أو قدم من بلده لغير حج ولا عمرة،
فالقول الثاني الذي هو اختيار الشيخ أصح من المذهب، وأنه لا يجب عليه إحرام إلا أن
يشاء، والحديث الذي في الصحيحين صريح في هذا، وهو أنه لما ذكر النبي صلى الله عليه
وسلم المواقيت قال: «هن لأهلهن ولمن مر عليهن من غير أهلهن ممن يريد الحج والعمرة»
([sup][3])[/sup]، فهذا
تصريح بأنه إنما يجب في هذه الحال التي يريد الإنسان فيها الحج أو العمرة، بخلاف
ما إذا لم يرد حجًا ولا عمرة، والخارج من مكة يقصد الرجوع إليها من باب أولى ألا
يجب عليه إحرام.(178)



(10) من
طاف للوداع ثم خرج من مكة مسافرًا، ولكنه أقام بموضع قريب كالعدل أو منى أو نحوهما
يومًا أو يومين مثلاً، فلا يعيد طوافه؛ لأنه سافر بالفعل، وقد أبيحت له رخص السفر
كلها؛ لأنه خرج من مكة، وإنما الإقامة التي يحتاج معها إعادة الطواف في مكة وحدها،
وهذا الكلام الذي ذكر له مفهوم من كلام الأصحاب رحمهم الله تعالى.(178)



(11) الحج
له أركان أربعة لا يتم إلا عليها: الإحرام، والوقوف بعرفة، والطواف، والسعي. وله
واجبات يجب فعلها ومن تركها فعليه فدية وحجه صحيح، وهي: وقوع الإحرام من الميقات،
والوقوف بعرفة إلى غروب الشمس، والمبيت بمزدلفة إلى بعد نصف الليل، والمبيت بمنى
ليلة الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر إن تأخر، ورمي الجمرات، والحلق،
والتقصير، وطواف الوداع، والباقي من أعمال الحج وأقواله كلها مستحبة مكملات، من
تركها فلا إثم عليه، ومن فعلها كان أكمل لحجه وأعظم لثوابه، والله أعلم.(179)



(12) الأحوط
والأولى حيث كانت عوائد الحكومات منع الناس من الخروج في الذبائح عن المحل المعين
لهم: أن الإنسان يأخذ من ذبيحته شيئًا يتصدق به ليتيقن براءة ذمته؛ لأنهم لا
يمنعون من الأخذ من اللحم، فإذا أخذ منها ما يتصدق به فقد تيقن براءة ذمته، وإذا
لم يأخذ شيئًا؛ فإن كان يقدر على الأخذ وتركه فهذا في النفس من إجزائه شيء؛ لأنهم
وإن كانوا يقولون: دعه للفقراء يأخذونه؛ فإنه ليس القصد تركه للفقراء، وقد لا يأخذ
الفقراء منه شيئًا أصلاً، وأما إن كان معذورًا بمنع أو غيره، فالظاهر -إن شاء الله-
إجزاؤه، وقد اتقى الله ما استطاع، وفعل ما يقدر عليه من الذبح، وترك ما يعجز عنه،
والحمد لله على تيسير شرعه، ونفي الحرج عن هذه الأمة.(183)



(13) إذا
باع البدنة لمن يضحي بها، ثم استثنى منها جلدها؛ فإنه لا يصح، ولا تكون أضحية؛ لأن
الأضحية هي الذبيحة بما احتوت عليه من لحم وشحم وجلد وغيره، فكما لا يجوز استثناء
شحمها، ولا جوفها، ولا غير ذلك من لحمها؛ فلا يجوز استثناء جلدها، ولذلك شمل الجلد
حكم الأضحية بأنه لا يباع، وإنما يستعمل أو يهدى أو يتصدق به؛ لأنه منها.(183)



(14) لا
فرق بين سبع البدنة وسبع البقرة والشاة في الأضحية؛ لأن الشارع جعل سبعها عن شاة،
وجعلها عن سبع شياه، وقد أثبت الشارع لسبع البدنة أنها أضحية بلا شك، والأضحية
سواء كانت من بعير، أو بقرة، أو كانت شاة؛ فإنه يصح التشريك فيها، وهو المذهب بلا
شك.(184)



(15) نحن
وغيرنا نسلم أن سبع البدنة لا يجزئ إلا عن أضحية واحدة، كما أن الشاة لا تجزئ إلا
عن أضحية واحدة، وأما كون الشاة يجوز إهداء ثوابها لأكثر من واحد، وسبع البدنة لا
يجوز؛ فهذا قول بلا علم، وهو مخالف للأدلة، ولكلام الفقهاء، وللحكمة والمناسبة
الشرعية، ولا فرق بين أن يتبرع بها الإنسان في حال حياته، أو يوصي بها بعد مماته.(185)



(16) لا
يجب على العبد الحج لتركبه من المال والبدن، لكن لو بذل له سيده ما يحج به أو يكفر،
فالمشهور من المذهب أن لا يجزئ عنه، والصحيح أنه يجزئه عن حجة الإسلام إذا كان
مكلفًا
([sup][4])[/sup]، وتجزئه
الكفارة المالية إذا بذلها سيده؛ لأن غايته أن يكون كالحر الفقير لا تجب هذه
الأشياء عليه، وإذا تيسرت له أجزأت عنه؛ لأن عدم وجوبها عليه كونه لا يقدر عليها،
فمع فعلها حصل المقصود، والعمومات تدل على هذا؛ فإن الشارع لم يفرض على المكلف إلا
حجة واحدة، ولم يثبت التفريق بين الحر والعبد، كما لم يثبت بين الذكر والأنثى.



وأما
الأمور المتعلقة بأقواله؛ كفتاويه وقضائه وشهادته وإقراره ونحوها؛ فإنها معتبرة
على التحقيق، وحكمه حكم الحر فيها من غير تفصيل بين شيء منها؛ لظاهر الأدلة
وعمومها، وإن كان بعض العلماء يرى رد قضائه وشهادته، فهو قول لا دليل عليه، وهو
مخالف للدليل.(279)







ثالثًا: مسائل الحج والعمرة
من كتاب بهجة قلوب الأبرار



(17) المعضوب
في الحج عليه أن يستنيب من يحج عنه إذا كان قادرًا على ذلك بمال.(155)



(18) قوله
صلى الله عليه وسلم: «خذوا عني مناسككم»
([sup][5])[/sup] كلام جامع
استدل به أهل العلم على مشروعية جميع ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وما قاله
في حجه وجوبًا في الواجبات، ومستحبًا في المستحبات، وهو نظير قوله صلى الله عليه
وسلم في الصلاة: «صلوا كما رأيتموني أصلي»
([sup][6])[/sup]، فكما أن
ذلك يشمل جزئيات الصلاة كلها، فهذا يشمل جزئيات المناسك كلها.(166)







رابعًا: مسائل الحج والعمرة
من كتاب القواعد والأصول الجامعة(
[7])


(19) الذهاب
والمشي إلى الصلاة، ومجالس الذكر، وصلة الرحم، وعيادة المرضى، واتباع الجنائز،
وغير ذلك من العبادات داخل في العبادة، وكذلك الخروج إلى الحج والعمرة، والجهاد في
سبيل الله من حين يخرج ويذهب من محله إلى أن يرجع إلى مقره وهو في عبادة؛ لأنها
وسائل للعبادة ومتممات لها.(14)



(20) المتمتع
والقارن قد حصل لكل منهما حج وعمرة تامان في سفر واحد، ولهذا وجب الهدي على كل
منهما شكرًا لهذه النعمة.(21)



(21) العاجز
عن الحج ببدنه إن كان يرجو زواله صبر حتى يزول، وإن كان لا يرجو زواله أقام عنه
نائبًا يحج عنه.(23)



(22) التكليف
- وهو البلوغ والعقل - شرط لوجوب العبادات، والتمييز شرط لصحتها، إلا الحج والعمرة
فيصحان ممن لم يميز، ويشترط مع ذلك الرشد للتصرفات، والملك للتبرعات
([sup][8])[/sup].(31)


(23) من
كان دون التمييز لا تصح عبادته كلها؛ لمشاركته حينئذ لغير العاقل الذي لا قصد له
صحيح، سوى الحج والعمرة؛ فإنه صح أن النبي صلى الله عليه وسلم رفعت إليه امرأة
صبيًا في المهد، فقالت: «ألهذا حج؟ قال: نعم، ولك أجر» متفق عليه
([sup][9])[/sup]. فينوي
عنه وليه الإحرام، ويجنبه ما يجنب المحرم، ويحضره في المناسك والمشاعر كلها، ويفعل
عنه ما يعجز عنه، مثل الرمي.(32)



(24) من
ترك المأمور جهلاً أو نسيانًا لم تبرأ ذمته إلا بفعله، ومن فعل المحظور وهو معذور
بجهل أو نسيان؛ برئت ذمته، وتمت عبادته، وهذا الفرق بين ترك المأمور وفعل المحظور
في حق المعذور بجهل أو نسيان ثابت بالسنة، والصحيح طرده في جميع المسائل من دون
استثناء، كما اختار ذلك شيخ الإسلام وغيره من أهل العلم... ومنه لو ترك شيئًا من
واجبات الحج جهلاً أو نسيانًا فعليه دم؛ لأنه ترك مأمورًا، وإن غطى الرجل رأسه وهو
محرم، أو لبس المخيط، أو تطيب المحرم، ونحو ذلك من المحظورات ناسيًا أو جاهلاً؛
فلا شيء عليه.(61)



(25) يقدم
العبد طاعة الله على طاعة كل أحد، ولهذا لا يطيع والديه في منعهما له من الحج الواجب
والجهاد الواجب.(64)



(26) من
كان محرمًا بحج أو عمرة فانقلع ظفره، أو نزل الشعر في عينيه فأزاله، فلا ضمان؛
لأنه كالصائل عليه، وإن احتاج إلى أخذ شعره لقروح في رأسه أو لحكة أو نحو ذلك؛
فعليه فدية أذى.(73)



(27) من
وجب عليه الحج والعمرة ولا يقدر على الوصول إلى مكة لحصر أو غيره، ولكنه يقدر على
قطع مسافة الطريق أو بعضها، لم يلزمه ذلك؛ لأنه وسيلة محضة.(73)



(28) من
وجب عليه الحلق وكان رأسه لا شعر فيه؛ لم يلزمه إمرار الموسى على جلدة الرأس التي
لا شعر فيها؛ لأن ذلك كله وسيلة محضة، ومن أوجب من العلماء إمرار الموسى في هذه
الحال أو استحبه فقوله ضعيف؛ لأن هذا مقصود لغيره.(73)







خامسًا: مسائل الحج والعمرة
من كتاب الفروق والتقاسيم(
[10])


(29) يصح
صيام أيام التشريق للمتمتع والقارن الذي تعذر عليه الهدي، دون قضاء رمضان وغيره؛
لأن الله عين الثلاثة أن تكون في الحج، فوقتُها محصور.(96)



(30) الصلاة والصيام وغيرها
يجوز قطع نفلها، إلا الحج والعمرة، فمتى أحرم بالحج أو العمرة وجب عليه الإتمام.(96)



(31) من
الفروق الضعيفة: تفريقهم بين الجاهل والناسي والمتعمد في إتلاف الشعر والأظفار،
وفي اللبس للمخيط وتغطية الرأس والطيب، وأن الأخيرات يعذر فيهما الجهل والنسيان،
وإزالة الشعر وتقليم الأظفار تجب عليه فيه الفدية مطلقًا، وعللوه بأنه إتلاف،
والذين لم يفرقوا قالوا: المقصود من الجميع واحد وهو حصول الترفه بالمذكورات، وهي
كلها مستويات في ذلك، والشعور والأظفار لا قيمة لها، وأيضًا إنما الإتلاف الذي
يستوي فيه العمد وغيره في حقوق الآدميين كإتلاف النفوس والأموال، وهذه الحق فيها
لله متمحض، فإذا كان معذورًا بالإجماع غير آثم فكذلك الفدية.(97)



(32) مثله
أيضًا في الضعف: التفريق بين جماع المعذور بجهل أو نسيان وغير المعذور، كما هو
المشهور من المذهب، والتفريق بين المعذور وغيره هو الأولى، كما اختاره شيخ الإسلام
ابن تيمية وغيره في مسألة فطر الصائم، وإفساد الحج والعمرة وغيرها
([sup][11])[/sup].(97)


(33) مثله
أيضًا في الضعف: عدم التفريق بين المتعمد وغير المتعمد في قتل الصيد، وأن في
الجميع الجزاء كما هو مذهب الجمهور، مع أن الآية الكريمة نصت على المتعمد نصًا
صريحًا في قوله: ((
ومن
قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم
)).(97)


(34) تجويز
النبي صلى الله عليه وسلم لرعاة المواشي وسقاة زمزم أن يجمعوا رمي أيام التشريق في
آخر يوم، دليل على أن غيرهم لا يساويهم في ذلك، والمتأخرون من الحنابلة رحمهم الله
جعلوا الجميع واحدًا، وأنه لا بأس أن يجمع الرمي في آخر يوم ولو لم يكن معذورًا،
وفيه نظر.(97)



(35) أما
قولهم: ومن وجبت عليه بدنة أجزأته بقرة، ولو في جزاء الصيد. فالصواب في ذلك القول
الآخر: وأن جزاء الصيد يتعين فيه المثل؛ لظاهر النص، ولأن فيه شائبة عقوبة، بخلاف
بقية الأحكام؛ فإن معنى السهولة فيها بينة واضحة.(97)



(36) فرقوا
بين العقود الباطلة والفاسدة في بابين: باب الحج والعمرة، فأوجبوا المضي في الفاسد،
ويقضيه بعد ذلك، وفي باب النكاح، فلا يصح إنكاح من نكاحها فاسد حتى يطلقها أو
يفسخها؛ للاختلاف فيه، وأما بقية الأبواب فجعلوا الباطل والفاسد واحدًا، الكل لا
يصح ولا يفيد الملك والتصرف.(123)






سادسًا: مسائل الحج والعمرة
من كتاب رسالة في القواعد الفقهية



(37) إذا
اضطر الإنسان إلى المحرم جاز له فعله، فالضرورات تبيح المحظورات؛ كأكل الميتة،
وشرب الماء النجس عند الضرورة، وجواز محظورات الحج وغيره عند الضرورة، ولكن يجب
ألا يأخذ من المحظور إلا بقدر الضرورة.(139)













([1]) لأنه
أدخل حجًا على عمرة فاسدة، وإدخال الحج على العمرة غير جائز، ولا منعقد.







([2]) رواه
البخاري (1755)، ومسلم (1328).







([3]) تقدم.






([4]) قال في
الفروق والتقاسيم: (من الفروق الضعيفة: التفريق بين العبد والحر في أن الجمعة
والجماعة لا تلزم العبد، وأنه لو حج وهو عبد بالغ، ثم أعتق يلزمه أن يعيد حجة
الإسلام، مع أنه إذا حج وهو معسر لا يلزمه الحج أجزأه بالاتفاق، فظاهر النصوص
وعمومها يقتضي مساواة العبد للحر في = = الأحكام البدنية التي وضعها
الشارع على المكلفين الذي هو منهم، وبهذا قال طائفة من العلماء، أما الجمهور فإنهم
لا يوجبون عليه جمعة ولا جماعة، ولا يكتفون بحجه بعد بلوغه عن حجة الإسلام).



وقال في المختارات الجليلة (ص:138): (العبد يشارك
الحر في الأحكام البدنية، إلا ما ورد استثناؤه وتخصيصه، وكذلك قد خففت عنه
العبادات المالية؛ لكونه لا مال له، فهو كالفقير، فعلى هذا الأصل المهم الصحيح أنه
إذا حج بعد بلوغه - ولو قبل حريته - أن حجته هي حجة الإسلام، كما أن الفقير معفو
عنه الحج، ولا يجب عليه، فإذا تيسر له وفعله أجزأه ذلك، ولم يلزمه إعادته إذا
استغنى، فكذلك هذا الرقيق إذا أدى فريضته فإن ذلك يجزيه. وأيضًا فإن الحج لم يوجبه
الله ورسوله في العمر إلا مرة واحدة، وذلك مجمع عليه، فيلزم على قول من يقول: إن
حج الرقيق لا يجزيه، أنه يجب في العمر مرتين، وهذا واضح).



وقال في الفتاوى السعدية (ص:278): (التحقيق أن حكم
العبد في الأحكام التكليفية حكم الأحرار، حتى في وجوب الجمعة والجماعة؛ لعموم
النصوص الدالة على وجوبها على جميع الرجال المكلفين، مع أن المشهور من المذهب أن
الجمعة والجماعة لا تجب إلا على الأحرار، أما الأحكام المالية فهو في نفسه حكمه
حكم الأموال في ضمانه وضمان منافعه إذا تلفت أو وضعت عليه اليد المتعدية فهو مضمون
في ذلك كله ضمان الأموال بالقيمة، وهو لا يملك شيئًا من المال، وما اكتسبه ببدنه
أو قبوله للهدية والصدقة والوصية فلسيده، وعلى هذا ليس عليه كفارات مالية، إنما
عليه الكفارات البدنية).







([5]) رواه
البيهقي بهذا اللفظ في السنن الكبرى (5/125)(9307)، وأصله في مسلم (1297) بلفظ:
(لتأخذوا مناسككم).







([6]) رواه
البخاري (631).







([7])
تحقيق: د.خالد المشيقح
- ط: الأولى ـ 1421هـ ـ دار ابن الجوزي.






([8]) قال في
الفروق والتقاسيم: (من الفروق الصحيحة: أن الحج والعمرة يصحان من الطفل الذي لم
يميز، كما دل عليه النص؛ لأن نية وليه تقوم مقام نيته، ولأنه يحضر مواضع المناسك
كلها، فهذا المستطاع في حقه، وأما ما سواهما من العبادات فيشترط لها التمييز؛ لأن
مبناها على النية، ولا تتأتى النية إلا من مميز).







([9]) رواه
مسلم (1336).







([10])
تحقيق: د.خالد المشيقح
- ط: الأولى ـ 1421هـ ـ دار ابن الجوزي.






([11]) قال في
الفرق بين ترك المأمور وبين فعل المحظور سهوًا أو جهلاً(ص:99): (ومن الفروق
الصحيحة الثابتة شرعًا: الفرق بين من ترك المأمور سهوًا أو جهلاً فلا تبرأ الذمة
إلا بفعله، وبين فاعل = = المحظور وهو معذور بجهل أو نسيان؛ فإنه يعذر وتصح
عبادته، وذلك في الصلاة إذا ترك الطهارة أو السترة ناسيًا أو جاهلاً ونحوها فعليه
الإعادة، وإن صلى وقد نسي نجاسة على ثوبه أو بدنه فصلاته صحيحة، وكذلك الصيام،
والحج والعمرة، وبقية العبادات إذا ترك فيها المأمور لا بد من فعله أو فعل بدله،
وإذا فعل المحظور فهو معذور، فلا حرج عليه ولا إعادة ولا بدل، واختاره شيخ الإسلام
ابن تيمية وطرده في كل المسائل).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://2et2.yoo7.com/forum
حمدان
ديري مبدع
ديري مبدع
حمدان


الساعة :
دعاء
عدد المساهمات : 1104
نقاط : 2370
التقيم : 28
تاريخ التسجيل : 05/05/2012

 الجامع لأحكام الحج والعمرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجامع لأحكام الحج والعمرة    الجامع لأحكام الحج والعمرة Icon_minitimeالخميس مايو 10, 2012 10:58 am

سابعًا: مسائل الحج والعمرة
من كتاب المختارات الجلية



(1)
الصحيح أن النائب في
الحج الفرض لا يلزم أن يكون من بلد المنوب عنه؛ لعدم وروده، ولأن الرخصة في القضاء
عن الميت والمعضوب شاملة لمن كان ينشئ الحجة من بلده أو من غيره، ولأن الذي يجب
على المنوب عنه أفعال الحج فقط، وأما السعي إلى مكة فإنه من باب ما لا يتم الواجب
إلا به، فيكون مقصودًا قصد الوسائل التي إذا حصل مقصودها برئت الذمة، يؤيد هذا
التعليل: أن المنوب عنه لو قدرنا أنه سار إلى نحو مكة بغير قصد الحج والعمرة، ثم
بدا له في أثناء الطريق نية الحج، أنه لا يلزمه العود إلى بلده لينشئ منها نية
الحج، فكذلك نائبه، وهذا بين، ولله الحمد)(138).



(2)
قولهم: (والأفضل
الإحرام للحج للمحلين بمكة من تحت الميزاب): فيه نظر؛ فإن الصحابة
رضي
الله عنهم
لم
يقصدوا الإحرام من تحت الميزاب؛ بل أحرموا من منازلهم.(139)



(3)
قولهم: (وله تأخير
طواف الزيارة عن أيام منى ولو غير معذور) فيه نظر؛ فإن الله قال: ((
الحج أشهر معلومات)) [البقرة:197]
أي: وقته وأفعاله، فكيف يجوز تأخير آكد أركانه وهو الطواف إلى بعد أيام الحج؟ وما
الدليل على ذلك؟ فإنه لو كان ذلك جائزًا لنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو عن
أحد من أصحابه، ولذلك قال بعض الأصحاب: لا يجوز تأخيره عن أيام التشريق.(139)



(4)
الصحيح قول من قال من
أهل العلم: إن عضباء الأذن والقرن تجزي إذا لم يبلغ العضب منها أن يجرحها جرحًا
تكون به معيبة أو مريضة؛ لأن مفهوم الحديث الصحيح: «أربع لا تجوز في الأضاحي:
العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضلعها، والعجفاء التي
لا تنقي»
([sup][1])[/sup] دل على
إجزاء ما سوى ذلك، ولأن النهي عن التضحية بأعضب الأذن والقرن إذا احتج به يدل على
الكراهة، كما أمر باستشراف الأذن والقرن، والله أعلم.(140)



(5)
الصحيح أن أيام
التشريق الثلاثة كلها أيام ذبح للأضاحي والهدايا؛ لأنها كلها أيام للرمي والمبيت،
ولا يجوز صيامها، فكذلك كلها ذبح، وفي المسند عن جبير بن مطعم مرفوعا: «كل أيام
التشريق ذبح»
([sup][2])[/sup]، الله
أعلم.(140)






ثامنًا: مسائل الحج والعمرة
من كتاب مختارات من فتاوى السعدي



(6)
من عليه حجة الإسلام
لا يصح أن يصرفها عن غيرها، ولا أن يحج عن غيره، فإن فعل ذلك انقلبت إلى نفسه عن
حجة الإسلام؛ لأن أول نسك - بعد وجوبه على المكلف - غير قابل لغير الفريضة
الإسلامية التي هي فريضة العمر، فمهما نوى العبد فيها من النيات المنافية لهذا
القصد بطلت تلك النيات المعارضة، وبقي الأصل سالمًا.(81)







تاسعًا: مسائل الحج والعمرة
من كتاب الإرشاد إلى معرفة الأحكام



(7)
تحرم المباشرة بلذة
للصائم والمصلي والمعتكف والمحرم بحج أو عمرة.(472)



(Cool
اختص الله هذا البيت
الحرام وأضافه إلى نفسه، وجعل فيه وفي عرصاته والمشاعر التابعة له من الحكم
والأسرار ولطائف المعارف ما يضيق علم العبد عن معرفته، وحسبك أنه جعله قيامًا
للناس؛ به تقوم أحوالهم، ويقوم دينهم، ودنياهم فلولا وجود بيته في الأرض وعمارته
بالحج والعمرة وأنواع التعبدات لآذن هذا العالم بالخراب، ولهذا من أمارات الساعة
واقترابها: هدمه بعد عمارته، وتركه بعد زيارته.(474)



(9)
الفدية التي سببها فعل
المحظور أو ترك مأمور؛ كالمحظورات السابقة، وكفدية ترك واجب من واجبات الحج
والعمرة، لا يؤكل منها شيء؛ لأنها جارية مجرى الكفارات، وهي جبرانات لا دماء نسك،
وكذلك على المذهب الدماء الواجبة بالنذر والتعيين فلا يؤكل منها، وما سوى هذا من
الدماء فيجوز الأكل منه، فدخل فيه هدي التطوع، وهدي المتعة والقران، والأضحية،
والعقيقة - وكذلك على الصحيح - هدي النذر المعين؛ لأن المعين بالنذر يحذا به حذو
الواجب بالشرع، والمعين بالقول كالمعين بالذبح لأن كل نسيكة متى ذبحت تعينت بذبحها.(477)



(10) اعلم
أن الدماء الواجبة لأجل النسك ومتعلقاته نوعان:



أحدهما: دم يجبر به النقص
والخلل، ويسمى: دم جبران، وهذا النوع سببه الإخلال بترك واجب أو فعل محرم كما تقدم.



والثاني: دم نسك، وهو عبادة
مستقلة بنفسه من جملة عبادات النسك، فدم المتعة والقران من هذا النوع وليس من
النوع الأول: فيزول الإيراد؛ لأنه معلوم أن المتعة والقران لا نقص فيهما؛ بل إما
أن يكون أكمل من الإفراد كما تدل عليه الأدلة الشرعية، وهو قول جمهور العلماء،
وإما ألا يكونا أفضل من الإفراد، فعلى كل الأمور لا نقص فيهما يجبر بالدم، فتعين
أنه دم نسك، فإذا قيل: لمَ لْم يوجب هذا الدم في الإفراد كما وجبت بقية الأفعال
المشتركة بين النسكين؟ قيل: الحكمة في شرع هذا الدم في حقهما أنه شكر لنعمة الله
تعالى، حيث حصل للعبد نسكان في سفر واحد وزمن واحد، ولهذا حقق هذا المقصود فاشترط
لوجوب الدم أن يحرم بالعمرة في شهر الحج ليكون كزمن واحد، وأن يكون من غير حاضري المسجد
الحرام؛ لأن حاضريه لم يحصل لهم سفر من بلد بعيد يوجب عليهم هذا الهدي، ولأنه ليس
من اللائق بالعبد أن يقدم بيت لله بنسكين كاملين ثم لا يهدي لأهل هذا البيت ما
يكون بعض شكر هذه المهنة، فهذا من أسرار الفرق بين المتمتع والقارن دون المفرد.(478)



(11) إذا
شرع المحرم في الرمي قطع التلبية، والحكمة من ذلك: أنه شرع في أول الإحلال من
إحرامه، والتلبية شعار الدخول في النسك، واستمرت في تضاعيفه، فلما رمى الجمرة وآن
حله من نسكه زال حكمها؛ لأن ما كانت شعارًا له قد شرع في الخروج منه واشتغل
بمكملات نسكه عن التلبية.(480)



(12) الحكمة
في إباحة المحظورات كلها بفعل الطواف والحلق ورمي جمرة العقبة، وأنه يحل له كل شيء
كان محظورًا حتى النساء: لأنه - كما تقدم - قد شرع في الخروج من النسك، والمحظورات
المذكورة علامة على وجوده وشعار له، وقد مضت جميع أجناس أفعال النسك ومتعبداته،
إلا أفعال قد فعل بعضها كالرمي والإقامة في منى، فجرى فعل بعضها مجرى فعل جميعها
بالنسبة إلى حل المحظورات.



وأيضًا: ففي إباحتها من
السهولة على الخلق واليسر عليهم والتخفيف الذي أحق الناس به وفود بيت الله الحرام
وأضياف الله، والدليل على أن الإنسان قد أخذ في الخروج من هذه العبادة، أو قد خرج
وبقي له تكملة: أن الوطء قبل ذلك مفسد للنسك موجب للفدية الغليظة؛ لأنه في نفس
النسك والوطء ينافيه أشد المنافاة، وبعد الحل كله زال هذا المعنى.



بقي
أن يقال: لمَ انحلت المحظورات كلها بفعل اثنين من الثلاثة المذكورة دون الوطء فلا
بد في حله من فعل الثالث؟ قيل: لشدته وغلظه ومنافاته التامة للنسك وجب الإمساك عنه
حتى يحصل الحل كله، والله تعالى أعلم.(480)



(13)
من حكمة الهدي: أنه
شكر لنعمة الله تعالى بالتوفيق لحج بيته الحرام، ولهذا وجب في المتعة والقران
وشملت توسعته فيها للأغنياء والفقراء لمن ذبحها وغيرهم، قال تعالى: ((فكلوا منها
وأطعموا البائس الفقير)) [الحج:28].(481)



(14)
وأما العقيقة عن
المولود فشرعت شكرًا لله تعالى على نعمته على العبد بحصول الولد، وضوعف الذكر على
الأنثى إظهارًا لمزيته، ولأن النعمة به أتم والسرور به أوفر، وتفاؤلاً بأن هذه
العقيقة فادية للمولود من أنواع الشرور، وإدلال على الكريم برجاء هذا المقصد،
وتتميمًا لأخلاق المولود، كما في الحديث: «كل مولود مرتهن بعقيقته»(
[3]) قيل:
مرتهن عن الشفاعة لوالديه، وقيل: مرتهن محبوس عن كماله حتى يعق له، وحسبك من ذبيحة
هذه ثمرتها، فالعبد يسعى في تكميل ولده وتعليمه وتأديبه، ويبذل الأموال الطائلة في
ذلك، وهذا من أبلغ الطرق إلى هذا التكميل، والله الموفق.



وأما
تخصيصها بالأنعام الثلاثة الإبل والبقر والغنم: فلأن هذه الذبائح أشرف الذبائح على
الإطلاق وأكملها، فشرع لها أن يكون المذبوح فيها أشرف أنواع الحيوانات، والله أعلم
بما أراد، وحقق هذا المعنى بأن شرط فيها تمام السن الذي تصلح فيه لكمال لحمها
ولذته، وهو الثني من الإبل والبقر والمعز، والجذع من الضأن، لنقص ما دون ذلك ذاتًا
ولحمًا، واشترط فيها سلامتها من العيوب الظاهرة؛ فلم يجز المريضة البين مرضها،
والعوراء البين عورها، والعرجاء التي لا تطيق المشي مع الصحيحة، والهزيلة التي لا
مخ فيها؛ ليكون ما يخرجه الإنسان كاملاً مكملاً، ولهذا شرع استحسانها واستسمانها،
وأن تكون على أكمل الصفات، والله أعلم.(481)



(15)
يحرم النكاح على من
كانت في حج أو عمرة حتى تحل من إحرامها.(537)







عاشرًا: مسائل الحج والعمرة
من كتاب تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن



(16)
أوجب الله الحج على من
استطاع إليه سبيلاً؛ بأن قدر على الوصول إليه بأي مركوب متيسر وبزاد، ويتزوده ويتم
به السبيل، وهذا هو الشرط الأعظم لوجوب الحج.(256)



(17)
قوله تعالى: ((وَلِلَّهِ
عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ
فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ)) [آل عمران:97] صريح في فرضية الحج،
وأنه لا يتم للعبد إسلام ولا إيمان وهو مستطيع إلا بحجه، وأن الله إنما أمر به
العباد رحمةً منه بهم، وإيصالاً لهم إلى أجل مصالحهم وأعلى مطالبهم، وإلا فالله
غني عن العالمين وطاعتهم، فمن كفر فلم يلتزم لشرع الله فهو كافر، ولن يضر إلا نفسه.(256)



(18)
معنى: ((فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ)) أي:
منعتم من الوصول إلى البيت، ومن تتميم المناسك بمرض، أو عدو، أو ذهاب نفقة، أو
ضللتم الطريق، أو غير ذلك
([sup][4])[/sup] من أنواع
الحصر الداخلة في عموم قوله: (أحصرتم)، فاذبحوا ما تيسر من الهدي، وهو شاة، أو سبع
بدنة، أو سبع بقرة يذبحها المحصر، ويحلق رأسه ويحل من إحرامه بسبب الحصر، كما فعل
النبي وأصحابه لما صدهم المشركون عن البيت وهم محرمون عام الحديبية، فإن لم يتيسر
الهدي على المحصر فيكفيه الحلق وحده ويحل، وهذا ما فعله الصحابة الذين لم يكن معهم
هدي، وهو الصحيح.(256)



(19)
يستدل بهذه بالآية
الكريمة: ((فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا
رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ)) على أن المتمتع كالقارن والمفرد؛
لا يحل من عمرته إذا كان سائقًا للهدي حتى يبلغ الهدي محله، فقيل: إنه إذا حل من
عمرته بأن فرغ من الطواف والسعي بادر بالدخول في الحج بالنية، وقيل: إنه بسوقه
للهدي صار قارنًا، وأن الهدي الذي استصحبه حيث إنه كان للنسكين كليهما مزج بين
النسكين وصار صاحبه قارنًا، وهذا هو القول الصواب، وإنما منع تعالى من الحل لمن
ساق الهدي قبل محله؛ لما في سوق الهدي وما يتبعه من كشف الرأس، وترك أخذ الشعور
ونحوها من الذل والخضوع لله والانكسار له والتواضع الذي هو روح النسك وعين صلاح
العبد وكماله، وليس عليه في ذلك ضرر؛ فإذا حصل الضرر بأن كان به أذى من رأسه من
مرض ينتفع بحلق رأسه، أو قروح أو قمل أو نحو ذلك؛ فإنه يحل له أن يحلق رأسه، ولكن
يكون عليه فدية تخيير: يخير بين صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة،
وهذه تسمى فدية الأذى، وألحق بذلك إذا قلم أظفاره، أو لبس الذكر المخيط، أو غطى
رأسه، أو تطيب المحرم من ذكر وأنثى؛ فكل هذا فديته فدية تخيير بين الصيام أو
الإطعام أو النسك.(257)



(20)
المراد بالأشهر
المعلومات عند الجمهور: شوال وذو القعدة، وعشر أو ثلاثة عشر من ذي الحجة، فهي التي
يقع فيها الإحرام بالحج غالبًا، وهي التي تقع فيها أفعال الحج: أركانه وواجباته
ومكملاته، (فمن فرض فيهن الحج) أي: عقده وأحرم به؛ لأن الشروع فيه يصيره فرضًا ولو
كان قبل ذلك نفلاً.(258)



(21)
في قوله تعالى: ((فكلوا
منها وأطعموا البائس الفقير))، وفي قوله تعالى: ((فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا
فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا
لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)) [الحج:36] الأمر بالأكل والإهداء والصدقة؛ فإن
الأمر يشمل أكل أهلها منها، وإهداءهم للأغنياء. و(القانع) هو الفقير الذي لا يسأل
الناس، و(المعتر) الفقير السائل.(264)



(22)
تخصيص الطواف به دون غيره من المناسك في قوله
تعالى: ((وليطوفوا بالبيت العتيق))؛ وذلك لفضله وشرفه، ولكونه المقصود وما قبله
وما بعده وسائل وتوابع، ولأنه يتعبد به لله مع الأنساك ووحده، وأما بقية الأنساك
فلا تكون عبادة إلا إذا كانت تابعة لنسك.(264)



(23)
في سنة تسع من الهجرة
أو سنة عشر فرض الله الحج على المسلمين.(435)







حادي عشر: مسائل الحج والعمرة
من كتاب فتح الرحيم الملك العلام (
[5])


(24)
في قول الله تعالى: ((ولله
على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين)) [آل
عمران:97]، وقوله تعالى: ((وأتموا الحج والعمرة لله)) [البقرة:196] إلى قوله: ((ومن
تأخر فلا إثم عليه)) [البقرة:203] فوائد كثيرة، منها:



أولاً: أن الحج أحد أركان
الإسلام ومبانيه، وأن الله أوجبه على الناس كلهم، ثم خص المستطيعين إليه السبيل،
وهذا الشرط الأعظم لوجوب الحج، فمن تمت استطاعته في بدنه وماله، ولم يمنع من ذلك
خوف؛ وجب عليه المبادرة إلى الحج؛ لأن الأمر المطلق يقتضي الفور.



ثانيًا: من عجز في بدنه وقدر
في ماله وهو يرجو زوال هذا العجز صبر إلى زواله، فإن كان لا يرجو زواله، أو كان
كبيرًا لا يقدر على الثبوت على المركوب؛ استناب عنه من يحج عنه، وكذلك من مات
بعدما وجب عليه وجب على أوليائه الاستنابة عنه.



ثالثًا: الاستطاعة: هي
القدرة على ثمن الراحلة أو أجرتها، أو أجرة المراكب البرية والبحرية ذهابًا
ورجوعًا، ولهذا أطلق الله استطاعة السبيل ليشمل ما حدث ويحدث إلى يوم القيامة،
وهذا من بلاغة القرآن وبراهين صدقه.



رابعًا: أمر الله بإتمام
الحج والعمرة لله، وهذا شامل للفرض منهما وللنفل، فمن فرض الحج والعمرة بأن
أوجبهما على نفسه بدخوله في النسك؛ وجب عليه الإتمام، إلا أن يحصل له حصر عن
الوصول إلى البيت بعدو أو غيره، فيذبح هديه ويحلق رأسه ويحل من نسكه.



خامسًا: من ساق الهدي قرن
بين النسكين - كما فعل صلى الله عليه وسلم - ولم يحل له أن يحلق رأسه حتى يبلغ
الهدي محله يوم النحر، فيحل من النسكين جميعًا.



سادسًا: فيها دليل على
مشروعية سوق الهدي من الحل، ويؤخذ مشروعية تقليده من قوله: ((
والهدي والقلائد)) [المائدة:97].


سابعًا: أن العمرة تندرج في
الحج، وتكون أفعالهما جميعًا والحل منهما جميعًا.



ثامنًا: أوجب الله على
المتمتع ما استيسر من الهدي، وهو ما يجزي في الأضحية: جذع ضأن، أو ثني معز، أو سبع
بدنة، أو سبع بقرة، فمن لم يجد ذلك فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج لا يتجاوز بها
أيام التشريق، وقد أباح الشارع صيامها في هذه الحال فقط، وسبعة إذا رجع.



تاسعًا: يجب الدم أو بدله
على من لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام؛ لأن من الحكمة في وجوب الهدي أو بدله
الشكر لله على نعمة حصول النسكين في سفر واحد، ومن كان أهله في مكة أو قربها لم
يكن عليه شيء، ومفهوم الآية أن المفرد للحج ليس عليه هدي، وأما القارن فإنه داخل
في المتمتع.



عاشرًا: لا بد أن يقع إحرام
النسكين في أشهر الحج، وهي: شوال، وذو القعدة، وذو الحجة.



الحادي عشر: أرشد
الله من فرض فيها - أي: أوجب فيهن الحج - ألا يرفث، والرفث: الوطء ومقدماته؛ لأن
الوطء مفسد للنسك ومقدماته منقصة له، ولا يفسق، ويشمل ذلك جميع المعاصي، وأما
الجدال فهو المخاصمة والمنازعة وكثرة الجدال؛ لأن هذه الأمور تشغل العبد عما هو
بصدده من النسك. ولما نهى عما ينافي النسك وينقضه أمر وحث على كل ما يكمله من
أفعال الخير كلها فقال: ((
وما تفعلوا من خير يعلمه الله)) [البقرة:197].


الثاني عشر: حث تعالى
أيضًا على كثرة الزاد؛ لأنه يكف الإنسان ويغنيه عن الخلق، ويبسط به نفسه ورفقته،
ويتمكن من فعل الإحسان.



الثالث عشر: أباح
تعالى للحاج والمعتمر الاشتغال بالتجارة والمكاسب، بشرط ألا تشغله عن تكميل نسكه. (126)



(25)
في قوله: ((وليطوفوا
بالبيت العتيق)) [الحج:29] خص الله الطواف بالذكر لشرفه، وأنه أعظم أركان الحج،
ولأنه تشترط له الطهارة دون بقية المناسك، ولأنه يتطوع به كل وقت.(128)



(26)
المشعر الحرام هو
مزدلفة، والواجب منه أن يدرك جزءًا من آخر الليل، أي: من النصف الثاني من ليلة
النحر، والأكمل المبيت بها، وبعد صلاة الفجر يقف عند المشعر ويهلل الله ويحمده
ويستغفره حتى تقارب طلوع الشمس.(128)



(27)
أحكام الذبائح من
الهدايا والضحايا: قال تعالى: ((فصل لربك وانحر)) [الكوثر:2]، ((قل إن صلاتي ونسكي
ومحياي ومماتي لله رب العالمين))، ((والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها
خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع
والمعتر)) [الحج:36]، ((وفديناه بذبح عظيم)) [الصافات:107]، ((ثم أوحينا إليك أن
اتبع ملة إبراهيم حنيفا)) [النحل:123].



ففي
هذه الآيات الأمر بالذبح لله وحده على اسمه، وأمر بإخلاصها لله وحده، والذبح الذي
هو عبادة: الهدايا للبيت الحرام الشامل للواجب منها والمستحب، والأضاحي في عيد
النحر في جميع الأقطار اقتداء بإبراهيم ومحمد صلى الله عليه وسلم، وأخبر تعالى أن
فيها خيرًا للعباد، وهذا شامل للخير الديني، وهو التقرب بها إلى الله، وحصول
الحسنات، ورفعة الدرجات، وتكفير السيئات، وتكميل النسك، وللخير الدنيوي، ولهذا أمر
بالأكل منها والإطعام، فيشترك في الانتفاع بها الأغنياء والفقراء، وقد بينت السنة
أنها لا بد أن تكون من الأنعام الثلاثة، وأن تكون كاملة في أسنانها وسالمة من
العيوب، كما هو مفصل في السنة.(129)







ثاني عشر: مسائل الحج والعمرة
من كتاب مجموع الفوائد واقتناص الأوابد(
[6])


(28)
كتاب الحج ذكروا في
مقدمته شروط الوجوب، ثم المواقيت، ثم الأنساك الثلاثة، وما تشترك فيه، وما يتميز
به كل واحد منها، ثم محظورات الإحرام، ثم صفة الحج والعمرة من أولها إلى آخرها،
وميزوا أركانها من واجباتها من مستحباتها، وما يختص به كل واحد، ثم ذكروا الدماء
الواجبة والمستحبة، وجزاء الصيد وتوابع ذلك، وذكروا بعده زيارة النبي صلى الله
عليه وسلم ومسجده، وحين ذكروا الهدي ناسب أن يذكروا بعده أبواب الأضاحي والعقيقة؛
لأن هذه الدماء دماء قربان إلى الله؛ فالهدي كمال النسك وزينته، والفدية ترقع خلله،
والأضاحي قربة عامة لجميع المسلمين، والعقيقة شكران بنعمة الله بوجود الأولاد
وهبتهم، ولهذا كانت على قدر النعمة؛ فالذكر عقيقتان، والأنثى لها واحدة، كما كانت
الأنثى نصف الذكر في الميراث والوصية والهبة والشهادة والعتق([7]).(183).



(29)
الحكمة في كون الحج
يخالف سائر العبادات:



في
ذلك حكم عظيمة وأسرار يتضح بعضها ويخفى بعضها؛ فلو لم يكن فيها من الحكم إلا أن
حقيقة الحج هو استزارة الرب لأحبابه([8]
وأنه أوفدهم إلى كرامته، ودعاهم إلى فضله وإحسانه، ليسبغ عليهم من النعم والكرامات
وأصناف الهبات ما لا تدركه العبارة ولا يحيط به الوصف. (263)



(30)
أفعال الحج وأقواله
كلها أسرار وحكم المقصود منها القيام بالعبودية المتنوعة والإخلاص للمعبود؛ فالحج
مبناه على الحب والإخلاص والتوحيد والثناء والذكر للحميد المجيد، فإنما شرعت
المناسك لإقامة ذكر الله، ومن الحكم في ذلك: أن هذه عبادات في محل واحد ينتابه
المسلمون من أقطار الأرض بعد المشقات وبذل نفائس النفقات. (265)



(31)
وبذل النفقات من كان
عنها بعيدًا؛ ولهذا يستعدون بالأزواد والمراكب وإن كان الموضوع قريبًا؛ فكأنه من
تحملهم له واستعدادهم له سفر بعيد؛ فيحصل لهم ما حصل للنائين. (265)



(32)
ومن الحكم في ذلك: أن
تعدد المشاعر والمناسك وتنقلات الحجاج فيها موضعًا بعد موضع فيه راحة وإجمام، وسبب
لتكميل كل نسك منها كأنه عبادة مستقلة؛ ولا شك أن التنقلات من أكبر الأسباب لتكميل
العبادات، ولا ريب أن البرازخ والفصول بين الأعمال سبب كبير لنشاط العمال؛ واعتبر
ذلك لو كانت أفعال الحج عملاً واحدًا في موضع واحد يتصل بعضه ببعض حتى يتم: هل
يوجد فيها هذا النشاط والرغبة واستقبال كل مشعر برغبة تامة وعزيمة صادقة؟!.(266)



(33)
ومن الحكم العظيمة في
ذلك: أن اجتماع المسلمين في هذه المواضع والمشاعر توجب تعارفهم وتعاطفهم واتفاقهم،
وقيام الألفة. (266)



(34)
ومن الحكم في ذلك: أن
الله قال: ((ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله))، فذكر للحج مقصودين عظيمين: ذكر
اسمه والثناء عليه وأنواع عبادته، كما تقدمت الإشارة إليه، وشهود المنافع التي لا
تتم إلا بتعدد هذه المواضع والعبادات، وتنقلها من موضع إلى آخر ومن عبادة إلى أخرى؛
فكم حصل بهذا التعدد من أنواع المكاسب الدنيوية والتجارات وأصناف الأرباح! فكل
موضع منها يقوم فيها سوق كبير من أسواق التجارة المتنوعة التي لا يمكن إحصاء
مصالحها ومنافعها، كل هذا من بركات هذا النسك. (267)



(35)
ومن الحكم في ذلك: أنه
قد جرت عادات الأمم بقيام التذكار لعظمائهم وكبرائهم؛ إحياءً لذكراهم، وتعظيمًا
لهم، وإشادةً بمجدهم ومآثرهم، وتنشيطًا للاقتداء بأعمالهم، وأعظم الخلق على
الإطلاق أنبياء الله ورسله؛ فهم الرجال العظماء في الحقيقة، وأعظمهم مطلقًا
الخليلان إبراهيم ومحمد صلى الله عليه وسلم، والحج من أوله إلى آخره تذكرة
لمقاماتهم السامية، وأحوالهم الزاكية، وأعمالهم العالية؛ فكل مشعر مذكر بأحوالهم. (267)







ثالث عشر: مسائل الحج والعمرة
من مراسلات العلامة ابن سعدي مع طلابه ومحبيه



1- الأجوبة النافعة عن المسائل الواقعة([9])


(36)
اجتمعنا في منى مع
علماء نجد والحجاز، واتفق الجميع على أن بيوت منى وضعت بغير حق، ويجب إزالتها؛ إما
بهدمها وتعويض الواضعين لها عن أنقاضها لا عن بقعتها، وبعضهم اقترح إبقاءها وإلزام
الواضعين لها أن يجعلوا أسفلها تبعًا لمنى وأعلاها يتصرفون به، ولكنه اقتراح عجيب
متعذر أو متعسر مع ما فيه.(284)



(37)
اتفق علماء نجد في ذلك
الاجتماع على أنه يسوغ بل يترجح تأخير مقام إبراهيم عن مكانه ليتوسع المطاف؛ لما
في ذلك من النفع العام، وللعلة التي أخره عمر إلى موضعه المذكور، ووافقهم بعض
علماء الحجاز، ولكن أكثر علماء الحجاز توقفوا؛ لرواية ضعيفة ذكرها الأزرقي: أن هذا
موضع المقام من زمن النبي صلى الله عليه وسلم.(285)



(38)
المرأة إذا حاضت وقد
أحرمت بالعمرة؛ فإن كانت تطهر قبل الخروج إلى عرفة بقيت على إحرامها حتى تطهر ثم
تطوف للعمرة وتسعى، وإن كانت لا تطهر إلا بعد ذلك جعلت إحرامها بحج وعمرة، فصارت
قارنة، وبقيت على إحرامها بالقران، وفعلت جميع المناسك إلا الطواف بالبيت، فإذا
طهرت بعد العيد طافت طوافًا واحدًا عن الحج والعمرة.(315)



(39)
الصلاة في مكة أو داخل
الأميال بغير المسجد الحرام لها نفس الفضيلة ومضاعفة الثواب كالمسجد، إلا أنه
معلوم أن نفس المسجد له مزية وتميز عن غيره.(315)



(40)
القول بجواز الرمي قبل
الزوال وجواز الرمي بالليل، لا يعد شذوذًا ولا منكرًا، ويمكن أن يستدل له بأدلة،
منها:



قول
النبي صلى الله عليه وسلم: «أفعل ولا حرج»، لما كثرت عليه الأسئلة ممن سأله عن
التقديم والتأخير.



وأحسن
منه الاستدلال بحديث ابن عباس حيث قال له رجل: رميت بعدما أمسيت قال: «أفعل ولا
حرج»، ووجه ذلك: أن يحتمل أن قوله: «بعدما أمسيت» أي: بعد الزوال؛ لأنه يسمى مساء،
ويحتمل أن يكون بعدما استحكم المساء وغابت الشمس، فيكون فيه دلالة على جواز الرمي
بالليل، ودليل أيضًا على جوازه قبل الزوال؛ لأن سؤاله عن جواز الرخصة في الرمي بعد
المساء كالمتقرر عندهم جوازه في جميع اليوم؛ بل ظاهر حال السائل تدل على أن الرمي
قبل الزوال هو الذي بخاطره، وإنما أشكل عليه الرمي بعد الزوال، فلذلك سأل النبي صلى
الله عليه وسلم. (332)



(41)
كذلك أيام منى كلها
أيام أكل وشرب وذكر لله، وكلها أوقات ذبح ليلها ونهارها، وكلها - على الصحيح -
أوقات حلق، وكلها يتعلق بها - على القول المختار - طواف الحج وسعيه في حق غير
المعذور، وإنما يتفاوت بعض المسألة في الفضيلة فكذلك الرمي.(333)



(42)
فعل النبي صلى الله
عليه وسلم لا يدل على تعيين الوقت؛ بل على فضيلته فقط. (334)



(43)
نقل صاحب الإنصاف عن
ابن الجوزي وصاحب الواضح جواز الرمي قبل الزوال في الأيام الثلاثة، ولكن الكلام في
المناظرة والمذاكرة والتعلم والتعليم له حال، وهو قطع النظر إلى الأدلة والتراجيح
بقطع النظر عن الأمور الأخر، والكلام في الفتوى كما يراعي فيه الترجيح فيراعى
أيضًا فيه حالة الوقت، وعمل الناس، ومراعاة المصالح وسد المفاسد([10]).(334)



(44)
القول بسقوط الرمي عن
العاجز قياسًا على سقوط طواف الوداع عن الحائض والمبيت على السقاة والرعاة قول
ضعيف، ولم يقل به أحد.(335)



(45)
الظاهر من قول الأصحاب:
(ويصح أن يستنيب قادر وغيره في نفل حج وبعضه) في عموم المناسك، وقد ذكروا أن
العاجز عن الطواف والسعي يحمل، ولم يصرحوا بجواز الاستنابة إلا في رمي الجمار،
فلعله هو المراد، وبه يحصل الجمع بين كلامهم([11]).(371)







2- الأجوبة السعدية عن المسائل الكويتية([12])


(46)
الذي نراه أنه لا بأس
على المحرم بركوب السيارة المسقوفة؛ لأنها بمنزلة الخيمة والشراع، لا بمنزلة
المِحْمل الذي اختلف فيه العلماء، فلهذا لا نتوقف بجواز ركوب السيارة المسقوفة
للمحرم كالمركب وغيره.(102)



(47)
المرأة التي لم تحج
فرضها ولم تجد محرمًا نرى منعها من الحج، وهو ظاهر الأدلة الشرعية، ولا نرى
الإفتاء لها أن تحج مع جماعة النساء.(199)



(48)
من كان من أهل المدينة
وأراد أن يذهب من طريق الجحفة أو طريق الضريبة؛ فالأصحاب جوزوا ذلك ولو كان قصده
الترفه والتوسع؛ لئلا يلزمه الإحرام من الحليفة البعيد عن مكة، وهو ظاهر الأدلة،
وخصوصًا وقد علمنا أن ترتيب هذه المواقيت لأهل الأقطار كل ذلك لأجل السهولة على كل
أحد، وباب الرخص والتسهيلات يكون العبد مخيرًا يختار فيه ما هو أسهل عليه.(199)



(49)
رأيي أن المتمتع الذي
عدم الهدي إذا أخر صيام الأيام الثلاثة بعذر فلا دم عليه، وإذا لم يكن معذورًا
بجهل أو نسيان فعليه الدم، ولهذا يجري الدم مجرى الكفارة.(205)



(50)
إذا أخر هدي التمتع عن
وقته؛ فإن كان معذورًا فعليه الدم الأصلي فقط، وإذا كان لغير عذر فعليه دم.(205)







3- الأجوبة السعدية عن المسائل القصيمية([13])


(51)
روي عن ابن عباس أنه
حكم فيمن قطع الدوحة في الحرم - وهي الشجر الكبيرة - بقرة، ومن أصول مذهب الإمام
أحمد: أن مذهب الصحابي إذا لم يخالفه أحد من الصحابة أنه حجة يجب الأخذ بها، وهذا
من هذا، وكأنهم أخذوا الجزاء فيما دون ذلك على حسب الشجرة([14]).(61)



(52)
من طاف وسعى للعمرة،
ثم لبس جاهلاً بالحكم، ثم حلق بعدما لبس؛ فلا شيء عليه، ولو كان عالمًا بالحكم كان
عليه فدية أذى: صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة، فدية تخيير.(106)



(53)
من طاف الوداع، ثم
تذكر أن صاحبه وصاه على شيء يشتريه، فاشتراه ولم يعد طواف الوداع؛ فهذا لا حرج
عليه؛ سواء كان الغرض المشترى له أو لغيره.(106)



(54)
الذي يريد الحج
بالطائرة، فإذا كان يعرف متى تحاذي الطائرة الميقات الذي تمر عليه مثل السيل؛ نوى
الإحرام ولبى بالعمرة أو بالحج([15]).(185)






* * *











المبحث السادس
تلخيص ما كتبه الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله
في مسائل الحج والعمرة






في
مجموع فتاويه ورسائله



الجزأين
الخامس والسادس






ترجمة مختصرة للإمام محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله ([16])


اسمه ونسبه:


هو شيخ مشايخنا الإمام
العلامة سماحة الشيخ
محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف ابن عبد الرحمن بن حسن بن شيخ الإسلام
محمد بن عبد الوهاب
رحمهم الله، من بني تميم.


ولادته:


ولد رحمه الله
يوم
عاشوراء من عام (1311هـ)، وقيل: إن أمه كانت صائمة عاشوراء يوم ولدته([sup][17])[/sup].



وأبوه هو الشيخ القاضي إبراهيم بن عبد اللطيف،
وأمه هي الجوهرة بنت عبد العزيز الهلالي، من (عرقة) من المزاريع من بني عمرو من
تميم.



وفاتـــه([sup][18][/sup]):


في صباح أحد أيام شعبان من
عام (1389هـ) خرج الشيخ
رحمه الله إلى عمله كالعادة، ووقف
يوصيني ببعض الأعمال، ورأيت على وجهه أثر صفرة ظاهرة، فسألته إن كان متعبًا، أو لم
ينم؟ فسأل عن سبب سؤالي، فقلت له عن أثر الصفرة في وجهه، فرجع إلى بيته، فسأل أهل
البيت فأخبروه، فذهب إلى المستشفى المركزي، فأجروا له بعض التحاليل، فاكتشفوا فيه
أحد الأمراض المستعصية، فلم يخرج من المستشفى إلا عند تحري رؤية هلال رمضان، حيث
خرج إلى البيت، فلما ثبت الشهر عاد إلى المستشفى، ثم صدر أمر ملكي بنقله إلى لندن
لمواصلة العلاج، فلما وصل لندن أجروا له الفحوصات والتحاليل اللازمة، فرأوا أن
المرض بلغ غاية لا ينفع معها عملية أو علاج، ثم دخل في غيبوبة
رحمه
الله
وهو
هناك، فأتي به إلى الرياض على طائرة خاصة محمولاً، وبقي في غيبوبة حتى وافته
المنية
رحمه الله في الساعة الرابعة صباحًا -بالتوقيت العربي- من يوم الأربعاء
الرابع والعشرين من شهر رمضان من عام (1389هـ)، عن عمر يناهز (78) سنة وثمانية
شهور وثمانية أيام([sup][19])[/sup]،
وصُلي عليه بعد صلاة الظهر من نفس اليوم، وأم الناس عليه سماحة الشيخ
عبد العزيز بن باز رحمه الله، وامتلأ المسجد وجميع الطرقات
المؤدية إليه، حتى إن كثيرًا من الناس لم يدركوا الصلاة عليه من الزحام، وحمل على
الأعناق إلى مقبرة العود.

















([1]) رواه
النسائي (4369)، والترمذي (1497)، وابن ماجه (3144).







([2]) رواه
أحمد (16797).







([3]) رواه الترمذي (1522)، وابن ماجه (3165).






([4]) قال
الشيخ في الأجوبة القصيمية(ص:61): (الصحيح أن الحصر عام بالعدو وغيره، وهو ظاهر (فَإِنْ
أُحْصِرْتُمْ) أي: منعتم بعدو أو مرض أو نحوه، وهو أحد القولين في المذهب، ومع أنه
ظاهر الآية فهو أصح قياس يكون؛ فإنه لا فرق بين حصر العدو وغيره).







([5]) تحقيق:
عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر- ط:الأولى 1421هـ - دار ابن الجوزي.







([6]) تحقيق:
سعد الصميل
- ط. دار ابن الجوزي.






([7]) وضع
المحقق عبارة بين معقوفين: [عتق النفل] ولعلها زيادة من المحقق للتوضيح.







([8]) وضع
المحقق عبارة بين معقوفتين: [ووقوع دينيه]، ولم أتبين معناها، ولعلها زيادة من
المحقق.







([9]) رسائل
شخصية بين سماحة الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله وسماحة شيخنا الشيخ عبد الله
بن عبد العزيز العقيل حرسه الله .







([10]) قال
الشيخ : فلو أن صاحب الرسالة ـ يعني الشيخ ابن محمود رحمه الله ـ لم يفت ولم ينشر
فتواه التي رجحها واعتقدها لكن أولى فيما يظهر لي، فالشيخ رحمه الله لم يجزم بهذا
القول، فمن نسب له القول بجواز الرمي قبل الزوال بهذا الكلام فقد أخطأ على الشيخ
ما لم يقله.تنبيه: من 127حتى 130 كله عن رسالة ابن محمود.







([11]) للشيخ
كلام حول ذات المسألة في الأجوبة السعدية عن المسائل الكويتية (ص:190).







([12]) تحقيق:
د.وليد بن عبد الله المنيس
- ط. مركز البحوث والدراسات الكويتية -
الأولى (1423هـ).







([13]) جمعها
هيثم بن جواد الحداد، ود.وليد بن عبد الله المنيس
- ط. دار البشائر الإسلامية- الأولى
(1426هـ).







([14]) ففي
الشجرة الصغيرة شاة، كما جاء في السؤال.







([15]) لعل
مقصود الشيخ رحمه الله : أنه إن كان يعرف ينوي متى حاذى، وإلا نوى قبل ذلك.







([16]) انظر ترجمته في: الدرر السنية لابن قاسم
(16/474)، علماء نجد لعبد الله البسام (1/242)، مشاهير علماء نجد (ص:169)، الأعلام
للزركلي (5/306)، روضة الناظرين (2/335)، علماء الحنابلة لبكر أبو زيد برقم
(4066)، علماء ومفكرون عرفتهم لمحمد المجذوب (2/247)، علماؤنا (ص:13)، ومما أفرد
في حياة الشيخ: سيرة سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ لناصر بن حمد الحمين، والشيخ
محمد بن إبراهيم وأثر مدرسته لمحمد آل إسماعيل،وكان للشيخ رحمه الله مواقف مشهودة
عز وجودها بعده وندرت فيمن قبله،وانظر مجموع فتاواه المطبوع (1399) تعرف ذلك.







([17]) قال الشيخ عبد الله البسام في علماء نجد:
«ولد في اليوم السابع عشر من شهر محرم»، وكذا ذكره الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن
قاسم في فتاوى الشيخ (1/9)، وما أثبته من كلام حمد بن حمين الفهد حيث قال: «حدثني
الشيخ عبد الله بن إبراهيم رحمه الله -أخو الشيخ الأكبر- قال: كانت أمه صائمة
عاشوراء يوم ولدته» اهـ. وأغلب النقل منها، وقد كتبها ولده الشيخ ناصر الفهد.







([18]) ذكر البسام أنه توفي عام (1389هـ)، وذكر
ابن قاسم في الفتاوى أنه توفي في (14/9/1398هـ) وهو تصحيف فليصحح هناك (1/23).







([19]) الشيخ محمد بن إبراهيم، لمحمد آل إسماعيل
(ص:25).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://2et2.yoo7.com/forum
 
الجامع لأحكام الحج والعمرة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 2انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى دير الزور :: المنتدى الديني derezzor :: ساحة الدير الاسلامية العامة :: منتدى دير الزور للحج و العمرة-
انتقل الى:  

 الجامع لأحكام الحج والعمرة Button1-bm

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر المنتدى ~

تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتدى دير الزور على موقع حفض الصفحات
اخر مواضيع المنتدى
<div style="background-color: none transparent;"><a href="http://www.rsspump.com/?web_widget/rss_ticker/news_widget" title="News Widget">News Widget</a></div>
أفضل 10 فاتحي مواضيع
ابن الفرات
 الجامع لأحكام الحج والعمرة Vote_rcap1 الجامع لأحكام الحج والعمرة Voting_bar الجامع لأحكام الحج والعمرة Vote_lcap 
حمدان
 الجامع لأحكام الحج والعمرة Vote_rcap1 الجامع لأحكام الحج والعمرة Voting_bar الجامع لأحكام الحج والعمرة Vote_lcap 
مهند الاحمد
 الجامع لأحكام الحج والعمرة Vote_rcap1 الجامع لأحكام الحج والعمرة Voting_bar الجامع لأحكام الحج والعمرة Vote_lcap 
ديري نشمي
 الجامع لأحكام الحج والعمرة Vote_rcap1 الجامع لأحكام الحج والعمرة Voting_bar الجامع لأحكام الحج والعمرة Vote_lcap 
الاسمر
 الجامع لأحكام الحج والعمرة Vote_rcap1 الجامع لأحكام الحج والعمرة Voting_bar الجامع لأحكام الحج والعمرة Vote_lcap 
ريم الساهر
 الجامع لأحكام الحج والعمرة Vote_rcap1 الجامع لأحكام الحج والعمرة Voting_bar الجامع لأحكام الحج والعمرة Vote_lcap 
نبض الأمل
 الجامع لأحكام الحج والعمرة Vote_rcap1 الجامع لأحكام الحج والعمرة Voting_bar الجامع لأحكام الحج والعمرة Vote_lcap 
الدير نت
 الجامع لأحكام الحج والعمرة Vote_rcap1 الجامع لأحكام الحج والعمرة Voting_bar الجامع لأحكام الحج والعمرة Vote_lcap 
ديرية حرة
 الجامع لأحكام الحج والعمرة Vote_rcap1 الجامع لأحكام الحج والعمرة Voting_bar الجامع لأحكام الحج والعمرة Vote_lcap 
العاشق لاحباب
 الجامع لأحكام الحج والعمرة Vote_rcap1 الجامع لأحكام الحج والعمرة Voting_bar الجامع لأحكام الحج والعمرة Vote_lcap 
المواضيع الأخيرة
» دورة مهارات تقييم الاداء الوظيفي للمديرين والمشرفين
 الجامع لأحكام الحج والعمرة Icon_minitimeالإثنين فبراير 03, 2020 12:32 pm من طرف Manal

» دورة التحليل الفنى لتداولات الأسهم
 الجامع لأحكام الحج والعمرة Icon_minitimeالأربعاء يناير 22, 2020 11:48 am من طرف Manal

» التحليل. الاحصائى .للبوصات
 الجامع لأحكام الحج والعمرة Icon_minitimeالثلاثاء يناير 21, 2020 11:53 am من طرف Manal

» دورة اساسيات الرقابة الصحية على الاغذية
 الجامع لأحكام الحج والعمرة Icon_minitimeالإثنين يناير 20, 2020 9:28 am من طرف Manal

» تطبيق نظام haccp في إعداد وتصنيع وتداول الغذاء
 الجامع لأحكام الحج والعمرة Icon_minitimeالأحد يناير 19, 2020 9:24 am من طرف Manal

» دورة ادارة مخاطر التأمين الصحي
 الجامع لأحكام الحج والعمرة Icon_minitimeالخميس يناير 16, 2020 10:22 am من طرف Manal

» #دورة_ إدارة_الجودة_الشاملة_في_مجال_المشتريات_والمخازن
 الجامع لأحكام الحج والعمرة Icon_minitimeالأربعاء يناير 15, 2020 8:39 am من طرف Manal

» التحليل .المالِى. spss
 الجامع لأحكام الحج والعمرة Icon_minitimeالثلاثاء يناير 14, 2020 9:42 am من طرف Manal

» دورة. التحليل .المالِى
 الجامع لأحكام الحج والعمرة Icon_minitimeالأحد يناير 12, 2020 9:11 am من طرف Manal