وبالعكس من ذلك فإن الاتصال بهم عبر البريد الإلكتروني يصبح ميسراً . وأستطيع أن أحدد به للوالدين مكان التقاط التلميذ . إن للاتصال بوساطة البريد الإلكتروني تأثيراً دراماتيكيا على قدرتي في الاتصال مع الآباء والأمهات . لقد كان للبريد الإلكتروني تأثيراً عميقاً علي وأكبر مما توقعت ، بل إنه مثير لمن يراقب النتائج . وما بدأ كبريد الكتروني لتنظيم الرحلات المدرسية انتهى بمجتمع من الآباء والأمهات يبحث في مسائل واسعة المدى ، وأصبحوا مصدراً قوياً لتلاميذي ، أستطيع الاستفادة من خبراتهم وتجاربهم في تعليمهم. وعليه فإن المسألة ليست تكنولوجيا ومعلومات فحسب ، بل علاقات أيضاً . ومثلما تحسنت العلاقات مع الآباء والأمهات بصورة أكثر دراماتيكية اتسعت علاقات التلميذ مع التعلّم والعالم بصورة أكثر إثارة . وهكذا نرى أن الإنترنت يغير الصف والمدرسة بطرق شتى ، لكن أكثر التغيرات دراماتيكية وأهمية تلك التغيرات التي تضع حداً للعزلة ( الصفية والمدرسية ) عن المجتمع والعالم.
وبما أن النموذج التقليدي للمدرسة متأصل فإننا نلاقي صعوبة كبيرة في تخيل الطرق التي يمكن أن نصلحه بها . لكن دخول الانترنت عليه سيفتح لنا الباب لتخيل طرق لا تحصى لإصلاحه . إنني لا أفكر بجمالية الإنترنت فقط كأداة بحث ، غير أننا إذا أردنا إحداث تغييرات كبيرة في التعليم ، فإنها لن تأتي إلا بإحضار بالمجتمعات المحلية والعالمية إلى الصف والإنترنت هو الذي سيحضرها ويضعها بين يدي الطلبة . وبذلك سيغير الإنترنت منحى التعليم والتعلّم التقليديين ، فلن يبقيا مسوّرين بجدران غرفة الصف وسور المدرسة . سيصبح العالم كله مدرسة .
ففي صف يزيد عدد التلاميذ فيه عن ثلاثين أو أربعين ، يصعب إجراء مناقشات في مجموعات صغيرة منهم وجهاً لوجه . وعندما كانت تجري مناقشة في الصف لم أكن أسمع أصوات كثير من التلاميذ لخجلهم أو لضعف ثقتهم بأنفسهم . أمّا الآن فإن تلاميذي يجدون حلاً مريحاً يسمح لهم بالتعبير بحرية بأصواتهم عن أفكارهم في أي وقت : بالبريد الإلكتروني.
لقد مكن هذا البريد الجديد التلاميذ الذين ( قلّما رفعوا أيديهم في الصف للكلام ) ، من التراسل الإلكتروني معي بانتظام . إنه حدث إلكتروني قوي . وبالإنترنت أصبح دوري مسهلاً أو ميسراً للتعلّم ومشرف على عمل المجموعات . فالإنترنت يوفر للتلاميذ الاستقلال المطلوب لمتابعة ما يريدون تعلّمه ، ويهدم الجدران القائمة بين الحاضر والماضي ، وبين الصف والمدرسة والعالم ، وبين كل واحد والآخر .
هذا كلام جميل عن فائدة الإنترنت في التعليم والتعلّم ، ولكن دخوله إلى مدارسنا قد لا يغير من الأمر شيئاً ما بقي إنهاء المناهج والكتب المقررة في نهاية السنة الدراسية المرجع ، والجلوس للامتحانات فيها هو المعيار .