ابن الفرات Admin
الساعة : عدد المساهمات : 2577 نقاط : 6061 التقيم : 19 تاريخ الميلاد : 06/04/1984 تاريخ التسجيل : 03/04/2012 العمر : 40
| | الطريق الى دولة العصابة 12: خنجر اﻷسد | |
الطريق الى دولة العصابة 12: خنجر اﻷسدon 28 فبراير, 2012 1:32 ص in الطريق الى دولة العصابة, توثيق تاريخي, مقالات / تعليق واحد واجه الأسد مشكلة انعدام الشرعية لدى نظامه ، فهو حين وقع اتفاقية فصل القوات مع إسرائيل التزم بعدم مقاومة أو إزعاج الدولة العبرية ، فكيف لنظام استمد شرعيته من مقاومة المشروع الصهيوني والامبريالي أن يلتزم بعدم المقاومة ! ؟ الأسد كان يدرك أن الخطر الأكبر على نظامه كان، وقتها ، يتأتى من “تعامله” مع العدو وتهاونه عن تحرير الأرض السورية المحتلة. هذا يفسر اعتماد اﻷسد خطاباً مغرقاً في القومية ومقاوماً لفظياً دون التجرؤ على الانتقال لمقاومة فعلية سوف تنهي حكمه. الأسد الذي حارب الفلسطينيين في سورية قدم لهم جهاراً في لبنان كل الدعم الذي كانوا يحتاجونه لدرجة جعلت من المنظمات الفلسطينية الطرف الأقوى في بلاد الأرز ، بمباركة سوفييتية. هذا الوضع أغضب المسيحيين في لبنان خاصة حين تحالف الفلسطينيون مع القوى التقدمية واليسارية اللبنانية. اﻷسد كان يدرك أن تقوية الفلسطينيين في لبنان سوف تؤدي لنتيجة مشابهة لما حصل في الأردن من غياب القانون ونشوء “فتح لاند” وسوف يشعل شرارة حرب أهلية في لبنان سوف تفتح له نافذة فرص لا يستهان بها. في 13 نيسان 1975 حدثت مجزرة راح ضحيتها حوالي 27 شابا فلسطينيا كانوا في رحلة دراسية وقتلوا لدى عبور الباص الذي كانوا يستقلونه لحي الكرنتينا المسيحي. هذه المجزرة الشنيعة جاءت رداً على محاولة اغتيال الشيخ “بيير الجميل” رئيس حزب الكتائب قبل أيام والتي اتهم بها الفلسطينيون. ميزان القوى كان يميل بشدة لصالح الفلسطينيين وحلفائهم اليساريين أصدقاء السوفييت والفرصة كانت ذهبية لكل هؤلاء ، فالمسيحيون هم من باشروا الأعمال “العدائية ” بشكل إجرامي وفج والفلسطينيون لديهم غطاء لبناني متين عبر تحالفهم مع قوى اليسار إضافة إلى مساندة عربية وشرقية واسعة لقضيتهم. السوفييت فركوا أيديهم فرحاً وهم يرون حلفاءهم يجتاحون المعاقل المسيحية والمحافظة الواحد تلو الآخر. الفلسطينيون اقتنعوا أن “اللقمة وصلت لفمهم ” فهاهم على وشك تحويل لبنان لفيتنام شمالية ثانية ، وسوف يلعبون دور الفيتكونغ الذين حرروا لتوهم فيتنام الجنوبية من الأمريكيين. بيروت سوف تصبح “هانوي” و”عرفات” رأى نفسه في موقع “هو شي منه”. في حرب الأنصار المفتوحة التي كان سيشنها الفلسطينيون ضد إسرائيل وأمريكا من ورائها سيتكلف الإسرائيليون الكثير وسوف لن يجديهم سلاحهم النووي فلن تكون في لبنان دولة مستقلة قادرة على الضغط على الفلسطينيين ليوقفوا حربهم. حتى لو استعملت إسرائيل سلاح تدمير شامل فلن تتوقف المعارك ولن يتوقف الفلسطينيون عن محاولة تحرير أرضهم حتى لو دمرت عدة مدن لبنانية. بحسب المخطط اليساري الفلسطيني كان دخول إسرائيل على خط المعارك متوقعاً بل ومنتظراً فهو الهدف اﻷسمى “للانقلاب” الفلسطيني. حتى لو احتلت إسرائيل معظم لبنان ، فالبلد سيصبح مقبرة لجنودها و سوف يستمر الفلسطينيون في تلقي الدعم عبر الحدود السورية من “نظام البعث المقاوم ” في دمشق المدعوم سوفييتياً والذي “ربما سينتهز الفرصة لتحرير الجولان” حين تكون إسرائيل غارقة في المستنقع اللبناني…. نفس المخطط كان مطروحاً في المملكة اﻷردنية عام 1970، لكن غياب الدعم الداخلي للفلسطينيين هناك والهزيمة المذلة للقوات السورية التي دخلت اﻷردن ﻹنقاذهم ، مع حنكة الملك حسين ودهائه ، ٳضافة ٳلى غياب الاستراتيجية الفعالة لدى الفلسطينيين و تشرذمهم وممارساتهم الخاطئة ، كل هذا أعاق تحويل اﻷردن ٳلى دولة فلسطينية تحت حكم فتح تدير حربا أنصار مفتوحة مع ٳسرائيل و ظهيرها اﻷمريكي، مستندة ٳلى دعم أنظمة “ثورجية ” شقيقة في العراق وسوريا ومن ورائهم حلف “وارسو”. سيناريو يطابق في كثير من تفاصيله ما حدث في جنوب شرق آسيا وانتهى ٳلى طرد اﻷمريكيين من هناك. فكرة “المستنقع” الذي سيغرق العدو في أوحاله هي في اﻷساس من ضمن العقيدة السوفييتية. هذه العقيدة التي جاء مقتلها من المستنقع اﻷفغاني ! الفرق الأساسي بين ما حصل في جنوب شرق آسيا وفي الشرق اﻷوسط هو أن ٳسرائيل لا تعتبر نفسها “امتداداً ” للاستعمار الغربي بل تريد أن تبقى. مواطنوها خاصة ممن وولدوا هناك أو عايشوا الهولوكوست لن يرحلوا وسيدافعون عما يعتبرونه “ديارهم وبلدهم الوحيد “. التصميم اﻹسرائيلي على البقاء بأي ثمن يبدو أنه لم يتم ٳعطاءه حقه من التقدير من قبل الفلسطينيين وحلفائهم. السوفييت من جهتهم لم يكونوا يريدون زوال ٳسرائيل بل كانوا يريدون استنزاف اﻷمريكيين وٳضعاف نفوذهم. الفلسطينيون قاموا بتحسين استراتيجيتهم هذه المرة في لبنان فاندمجوا في المعادلات السياسية اللبنانية وتواصلوا بفعالية مع لاعبين أساسيين على الساحة الداخلية لدرجة تشكيل “جبهة مشتركة ” مع القوى التقدمية واليسارية التي وجدت نفسها متورطة في “لعبة أمم ” أكبر من الملعب الداخلي اللبناني. كانت الحلبة ٳذاً مهيأة للمنازلة بين القوات اللبنانية و “حليفها الموضوعي ” اﻹسرائيلي على مبدأ “عدو عدوي صديقي ” ، وبين القوى اليسارية اللبنانية الحالمة بتغيير الميزان الطائفي اللبناني لصالحها ، مستقوية بالسلاح الفلسطيني وبالظهيرين السوري والسوفييتي. الفلسطينيون استخدموا الطبقة السياسية اللبنانية قصيرة النظر و الفاقدة للحكمة للوصول ٳلى هدفهم المشروع من وجهة نظرهم وهو مقارعة ٳسرائيل في حرب تستلهم النموذج الفيتنامي اعتماداً على الشقيق السوري وعلى حلف وارسو. شرارة الكرنتينا في نيسان 1975 كانت ٳشارة الانطلاق للمواجهة الكبرى مع القوات اللبنانية القليلة التسليح وعديمة الخبرة والتي تم سحقها سريعاً، مثلما يفعل اﻷسد الصغير اليوم مع معارضيه العزل أو شبه العزل. هذا الوضع كان أشبه ” باستدعاء ” التدخل الخارجي، اﻹسرائيلي حصراً ﻷن أمريكا التي خرجت لتوها من المستنقع الفيتنامي لم تكن في وارد الوقوع في “مطب ” جديد. ٳسرائيل كانت ستكون مضطرة للتدخل ﻷنها تدرك أنها هي المستهدفة بشكل غير مباشر وأن الصراع الحقيقي سيكون معها في آخر اﻷمر. لكن اﻷسد سوف يهب لنجدة “العدو ” اﻹسرائيلي وﻹخراجه من ورطته وسيقاتل الفلسطينيين بدل ٳسرائيل. حين بدأت بعض القوات الفلسطينية المرابطة في سوريا بالدخول ٳلى لبنان في حزيران 1976 ظن الفلسطينيون أن هذه الخطوة اﻷولى جاءت لدعم جهدهم الحربي المقبل في مواجهة العدو الصهيوني ، القوات السورية التي دخلت لبنان فيما بعد قامت بضرب قوى اليسار والفلسطينيين ولم تكتف بٳنقاذ المسيحيين من الذبح ولا بوقف القتال. في تشرين اﻷول 1976 أصبح واضحاً لكل ذي عينين أن القوات السورية جاءت لا لتحمي المسيحيين من اﻹبادة ولكن لكي تضرب القوى الفلسطينية واليسارية وتحرمها من الانتصار على المسيحيين ومن “حربها ” الموعودة مع ٳسرائيل. الفلسطينيون وحلفاؤهم كانوا ينتظرون تدخلاً عسكرياً وحرباً طاحنة ، لكن من جانب ٳسرائيل التي استعدوا ووضعوا الخطط والتحالفات ﻷجل مواجهتها على المدى الطويل ، ابتداء من جنوب لبنان وحتى العمق اللبناني. الضربة التي جاءتهم من جانب الحليف السوري “الشقيق ” كانت غير محسوبة على اﻹطلاق. لسنا في وارد لا تبرير الاستراتيجية الفلسطينية ولا الحكم عليها. هذه الاستراتيجية كانت تتضمن التضحية بلبنان وبشعبه في سبيل هدف عروبي وقومي وكانت تتقاطع مع اﻷهداف المعلنة لنظام اﻷسد وتخدم خطابه القومجي والمقاوم. لماذا ٳذاً قدم اﻷسد “خدمة العمر” ﻹسرائيل بٳنقاذها من الكمين الذي نصبه لها اليسار اللبناني والقوى الفلسطينية والذي كان سيشكل أصعب امتحان تواجهه ٳسرائيل منذ ٳنشائها ؟ ٳسرائيل كانت ستجد نفسها في موقع أشبه بموقع فيتنام الجنوبية التي زالت من الخريطة في 30 نيسان 1975. الملفت للنظر هو أن اﻷسد فور تأكده من “نزع أنياب” المقاومة الفلسطينية ، “انقلب” على ٳسرائيل وصار يحاربها بالواسطة عبر مقاومة فلسطينية ضعيفة ومشرذمة. انتهى اﻷمر ٳلى سيطرة اﻷسد على القرارين الفلسطيني واللبناني وتسخيرهما لخدمة استراتيجيته في حرب الواسطة، خاصة بعد مجازر “تل الزعتر” وغيرها. بفعلته هذه قام الأسد بتقليد الدول العظمى وابتدع “الحروب بالواسطة ” لكن تلك التي تقوم بها دول صغيرة ! اﻷسد استلهم مثال الحرب عبر أطراف ثانية والتي كانت بديلاً عن المواجهة بين العملاقين أثناء الحرب الباردة وطبقه على “صراعه” المزعوم مع ٳسرائيل. لنتذكر أن السوفييت والأمريكيين تواجهوا أكثر من مرة عبر أطراف إقليمية ، العرب وإسرائيل، فيتنام الشمالية والجنوبية، الكوريتين وهكذا. هدف الحرب بالواسطة هو تجنب المواجهة النووية المدمرة للجميع بين العملاقين الذين تحاربا عبر مواجهات محدودة بين أطراف إقليمية. سوريا ليست دولة كبرى ، وتحرير الجولان حرباً أو بالمقاومة ما كان ليهدد وجود إسرائيل ويدفعها لاستعمال السلاح النووي ، لكن الأسد اختار محاربة إسرائيل بالواسطة ، برضا هذه الأخيرة وعبر من كانوا أعداء فعليين لدولة الصهاينة. لم يكن الأسد ليغامر بمواجهة سوف تهدد حكمه عبر الجولان ولو بواسطة فدائيين فلسطينيين ، ناهيك عن فتح المجال أمام أبناء الهضبة ليحاولوا العودة لأراضيهم بأي شكل كان. لتكريس الحرب بالواسطة كان لزاماً على اﻷسد أن يصادر القرار الفلسطيني ويجعل ” الفلسطينيين ” يقاومون ٳسرائيل “على الخفيف ” ولحسابه. الأسد الذي استقر في بلاد الأرز بغطاء عربي وأمريكي ، ترك فدائيي “ياسر عرفات ” في جنوب لبنان لشأنهم احتراماً لاتفاقية القاهرة السريالية والتي سمحت بتواجد الفدائيين الفارين من الأردن جنوب الليطاني بموافقة “جمال عبد الناصر”. هذه الاتفاقية التي استباحت بلاد الأرز و”أخذت علماً ” بعجز الدولة اللبنانية عن ضبط المسلحين الفلسطينيين. في النهاية التقت أهداف الأسد في التظاهر بمحاربة إسرائيل مع أهداف الأخيرة في إدخال الفلسطينيين في معارك جانبية قبل القضاء على قوتهم الضاربة وفي تدمير نموذج العيش اللبناني المشترك وإضعاف الاقتصاد اللبناني الخدماتي المنافس للدور الإسرائيلي في المنطقة. دون الدخول في متاهات أخلاقية أو لا أخلاقية الاستراتيجية الفلسطينية والسوفييتية وفي تضحيتها بلبنان وشعبه لصالح أهداف تندرج في ٳطار الحرب الباردة التي سيخسرها السوفييت ، لنلاحظ أن اﻷسد استل خنجره هذه المرة ليطعن المقاومة الفلسطينية و الحليف السوفييتي في الظهر. | |
|