محمد ابن الفرات ديري مشارك
الساعة : عدد المساهمات : 30 نقاط : 90 التقيم : 0 تاريخ الميلاد : 17/10/1991 تاريخ التسجيل : 25/04/2012 العمر : 33
| موضوع: الهدي في وادي الفرات الهدي : بكسر الهاء والدا الجمعة أبريل 27, 2012 3:37 pm | |
|
الهدي في وادي الفرات الهدي : بكسر الهاء والدال اختصار لفظ (( الهد هدة )) وترنم الأم لابنها لينام من الفصيح ((هدهدت )) ويقال : (( هدهدت الصبي أمه )) أي (( حركته لينام )) وهي تحركه في مهده أو بين يديها أو في حضنها ترّبت على ظهره بأصابع يديها كما ترقص الأم الديرية ابنها وتغني له وتلاعبه بعد أن يكون قد شبع , تهد هده لينام وينمو جسمه ولتتفرغ هي إلى شأنها أو تنام ترانيم الهدهدة أو (( الهدي )) واحدتها (( هدّيوة )) ونجمعها على (( هدّيوات )) : رباعيات شعرية غنائية من المولات هنا أقول لا تنتمي أبيات (( الهدي )) إلى الموال أو العتابا فلكل (( وزنه )) وطابعه الخاص ولونه الغنائي أما الهدي : فله طابع متميز تستجر به الأم ذكريات الأسى والأحزان دون آلة موسيقية كما أنها تثير في النفس حب البكاء عما تعانيه وهذا غير موجود في فني (( العتابا والموال )) البعض يسميها (( زهريات )) مقطوعات كل مقطوعة أربع شطرات ذات قافية واحد تشبه شطرات العتابا قافيتها حره لا تأتي بنفس قافية الشطرات الثلاث الأولى وإنشاء العتابا مقتصر غالباً على الرجال ولها لحنها وكثيراً ما يصاحب إنشادها صوت الربابة من نفس المنشد أو من الفراق أما الهدي : فغناء بكائي نسائي حكمي تترنم به المرأة لإنامة طفلها على نغم شجي رخيم تمد الأم صوتها فيداعب سمع الطفل ويلامس أعصابه فينام بهدوء وراحة وللهدي نغمته الحلوة يفيض أسى ولوعة توجعاً تعبر ألفاظه ومعانيه عما تعانيه المرأة في دير الزور وفي شط الفرات من اضطهاد وحرمان وسوء حال وما تشعر بها من مهانة وفقر ولا يخلو من إشارة إلى الحب واهدي غناء حزين تغنيه المرأة لنفسها لا لإنامة طفلها فقط حين تخلو بنفسها بصور آلامها وآمالها ومشاعرها وعواطفها وينم عن كوامن صدرها وأحاسيسها وكثيراً ما تجاري عبراتها كلمات ترنمها إنها تداوي بهذه الترانيم وهذه العبرات جراح قلبها وتهدئ أعصابها المرهقة تخطب ابنها وتعبر عن حبها الشديد له ورباعيات الهدي غزيرة قديمة في دير الزور لا يعلم مؤلفها وهي سلسلة طويلة موصولة الحلقات ليست من نظم شاعر واحد وإنما نظمها شعراء شعبيون (( رجال ونساء )) متددون في أوقات مختلفة متباعدة ولا ريب أنها كانت وافرة لتلبي حاجة المرأة الديرية في فراغها وخلوتها مع أطفالها وهي الولود المنجبة لكن تقادم الزمن وإهمال قيد هذه الرباعيات أو الترانيم الجميلة جعل رواتها يقلون وينسون الكثير منها ويغيرون ويبدلون ويبقون على بيتين من الرباعية مع اختلال في الوزن وإضافات او نقص في كلمات الأبيات تدور رباعيات الهدي حول معاني شتى وفيها تصوير للمشاعر وتوسل للرسول محمد (ص) وفيها حكمة وإباء وتأس إنها مجموعة أدبية تتأدب بها المرأة الديرية وقد غذّت المرأة الديرية بالأخلاق الحميدة والحكمة بلا ريب أحقاب من الزمن إن مجموعة الهدي التي تترنم بها المرأة أشبه بالملحمة وليس للرجال مجموعة شعرية بطولها وألوانها وحكمها وصورها ونغمها الشجي الحلو وصدقها ولا العتابا على وفرتها تحمل هذه الرباعيات طابعاً محلياً فراتياً ظاهراً فهي تراث أدبي شعبي فراتي رائع جدير بالتدوين والعناية والتحقيق والدراسة من عدة نواح لدلالاتها تضيع كثير من رباعياتها بسرعة بذهاب أمهات الجيل السابق ولانشغال أمهات الجيل الحاضر بأشياء كثيرة ويترفعن عن الهدي ولا يحفظن منه شيئاً لقد استمتعت أذني بسماع رباعيات الهدي تترنم بها النساء الديريات ولايزال صدى ترنمها في أذني فلاعجب إن تصديت لجمع طائفة من هذه المقطوعات هي التي تلي ولم أسجل كل ما جاءني وكل ما سمعته رتبتها على الحرف الهجائية بحسب أول حرف من مطلع الرباعية وقد خالفت بذلك ترتيب ورودها على ألسنة النساء في دير الزور لأنهن يختلفن في إيراد الرباعيات أي أنه ليس لها ترتيب متبع الأم تترنم بما تتذكره فتقدم فيها وتؤخر وبين ترنم رباعية وأخرى تردد المترنمة (( أو واه )) بنفس طويل كلازمة أو أو ( خالد ) عيني وضو عيوني وإنت رويحتي واطبق عليك جفوني *** أحمد محمد من الشباك مد إيده من بلاد العجم جاب اليسير بحديده أول الليل يقرا الحمد ويعيده وتالي الليل على نبي بيده *** أحمد محمد أسمه بالسما محمود يابو تراجي ذهب يابو عيون السود عزيت يا خالقي جليت يا معبود تخلق من الطين خد أحمر عيونه سود *** أصبحت كني جمل وأصرج على نيابي من كثر الحمول واترايك على جنابي مطعون جوا القتب والجرح عيابي لا الجرح يبرى ولا الجمال يدرى بي *** أصبحت ببلاد وأصبحوا خلتي ببلاد وأصبح قليبي على الفرقة فحم حداد يا صنعين الخشب حاج تصنعون وتاد يوم الهنا والفرح كلبي بليا زاد *** أربع نواعير تفتل بالهوا الغربي وأربع نواعير ما تغسل صدا قلبي لطلع برأس العلو وصيح ياربي أنا المسكين وين اليدلني على دربي *** بالليل أراهم وبالدنيا تمناهم أريد أصبر القلب ما يصبر بلياهم طيبين اللبن باللثم محلاهم غابوا عن العين شلون القلب يسلاهم *** تنام يبني نومة الهنا نومة الحجاج بوادي منى تنام يبني نومة الهنية نومة الغزلان بالبرية *** دارت جفتنا وقص العود قصتنا ماتنحكي يا خلق بين قصتنا استفزعك يا علي وتكون فزعتنا احنا المقدر علينا المر قسمتنا *** طبعاً أحتفظ بكثير من الهدي ولكن لكي أكون مثقل على من يهتم وهذا الموضوع بحث كامل في كتاب الموروث الشعبي في الفرات وأعدكم أني أستمر بالبحث والتنقيب عن كل الكنوز الدفينة في موروثنا الشعبي من ما خلف لنا (( الأجداد – والجدات )) أرجو أن وفقت بما قدمت من هذه الكنوز العريقة والعظيمة الشاعر الفراتي خالد عبد الجبار الفرج | |
|