المسألة التاسعة والأربعون
(القدر والسحر)
اعلم أنه لا يضر أحد اشيء إلا إذا قدره الله عليه كما قال تعالى عن السحرة والسحر
وما هم بضارين به من احد إلا بإذن الله)
فيا أيها العبد:
1) لا تخف من السحرة أن يضروك أو يقتلوك أو غير ذلك وكن مطمئن البال أنه لن يصيبك إلا ما كتبه الله عليك وفي حديث ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم قال
واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف) أحمد والترمذي والحاكم "صحيح"
2) أن الأمر كله لله والخلق عبيده من الجن والإنس وغيرهم فهم جميعا مقهورون لا يملكون لأنفسهم ولا لغيرهم نفعا ولا ضرا إلا بإذن الله فكن ثابت القلب مطمئن السريرة أن السحرة لن يضروك إلا بإذن الله الكوني ابتلاء واختبارا وقد قال الله تعالى
وما هم بضارين به من احد إلا بإذن الله)
3) إذا أصبت بالسحر وتضررت فاعلم أن هذا ابتلاء واختبار فاصبر واحتسب أجرك على الله وليكن تداويك بالرقى الشرعية والأدوية المباحة واعلم أن الله هو الذي قدر الداء وقدر الدواء واحذر من الذهاب إلى السحرة والكهان والعرافين,ويحرم علاج السحر بالسحر وفي حديث جابر قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النشرة فقال
هو من عمل الشيطان)رواه أبو داود "صحيح"
4) احذر كل الحذر من إتيان السحرة والكهان والعرافين للمعالجة واعلم أنهم لا يملكون لك شيئا من أمرك وان ما قدر عليك لا بد أن يصيبك ويجب عليك العودة إلى الله عز وجل فلا تعصه ولا تكفر به بالذهاب إلى الكهان ونحوهم وفي حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال
من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما انزل على محمد) رواه احمد والحاكم"صحيح"
5) أيها المسلم إن أصابك المرض أو السحر فتضررت فعد إلى ربك واسأله أن يشفيك ولا بأس بالتداوي بالأدوية المباحة والمشروعة ولكن اعلم يقينا راسخا في قلبك أنك لن تشفى مهما تعالجت حتى يأذن الله بشفائك فافهم هذا فهما صحيحا جيدا وتوكل على الله في طلب الشفاء واقبل عليه وتوسل إليه عندما يلحقك الضر وقد قال أيوب مناديا ربه (إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين)
المسألة الخمسون
(كل شيء بقدر حتى العجز والكيس)
اعلم أيها العبد أن كل شيء بقدر كما قال تعالى
إنا كل شيء خلقناه بقدر)وحتى العجز والكيس فهو مقدر.
فيا أيها العبد:
1) اعلم يقينا أن كل أمور العبد حتى عجزه ونشاطه وحذقه فذلك مقدر من الله ولا يخرج عن قدر الله وفي حديث ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
كل شيء بقدر حتى العجز والكيس أو الكيس والعجز)رواه مسلم.
2) لكن أيها المسلم احرص على الاجتهاد في ما ينفعك ومن ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم حث المسافر إذا قدم من سفره أن يبتغي الولد مع زوجته فقال صلى الله عليه وسلم لجابر: (إذا قدمت فالكيس الكيس)رواه مسلم.الكيس المراد حثه على ابتغاء الولد.
3) اجتهد أن تكون من الأكياس المهتمين بآخرتهم المستعدين للموت وفي حديث ابن عمر أنه قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل ...أولئك الأكياس) رواه ابن ماجه "حسن"
4) استعذ بالله من العجز والكسل وفي حديث انس أنه صلى الله عليه وسلم قال
اللهم أعوذ بك من العجز والكسل...)رواه الشيخان.
5) لا تعجز عن الطاعات وعما ينفعك وكن حريصا على كل ما فيه نفع لك في الدنيا والآخرة وفي صحيح مسلم
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « الْمُؤْمِنُ الْقَوِىُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِى كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلاَ تَعْجِزْ وَإِنْ أَصَابَكَ شَىْءٌ فَلاَ تَقُلْ لَوْ أَنِّى فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا. وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ ».
6) أنت عبد مكلف بالعمل في طاعة ربك فقم بأداء الواجبات كما أمرك الله وكما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واحذر من العجز والكسل عنها واحرص على القيام بالنوافل التي نهاك النبي صلى الله عليه وسلم عن العجز عنهاومن ذلك
أ. لا تعجز عن أربع ركعات في أول النهار في حديث نعيم أنه صلى الله عليه وسلم قال قال الله تعالى
يا بن آدم لا تعجز عن أربع ركعات في أول النهار أكفك آخره)رواه احمد وأبو داود "صحيح".
ب. تصدق بالفاضل ولا تعجز عن ذلك وفي سنن أبى داود
عَنْ أَبِى الأَحْوَصِ عَنْ أَبِيهِ مَالِكِ بْنِ نَضْلَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « الأَيْدِى ثَلاَثَةٌ فَيَدُ اللَّهِ الْعُلْيَا وَيَدُ الْمُعْطِى الَّتِى تَلِيهَا وَيَدُ السَّائِلِ السُّفْلَى فَأَعْطِ الْفَضْلَ وَلاَ تَعْجِزْ عَنْ نَفْسِكَ »
المسألة الحادية والخمسون
مراتب القدر(المرتبة الأولى)
للقدر أربع مراتب وهي:
الأولى: علم الله بالأشياء قبل كونها وأن علمه تعالى محيط بكل شيء كما قال تعالى
لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما) فقد علم مقادير الخلائق كلها (وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين)
فيا أيها العبد :
1) اعلم أن من أسماء الله العليم كما قال تعالى
هو السميع العليم) وأنه تعالى عالم غيب السماوات والأرض كما قال تعالى
هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة)ومن صفاته تعالى العلم كما قال تعالى
الم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض) فاستخر الله بعلمه في أمورك التي تريدها وفي صحيح البخاري
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال
: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كما يعلمنا السورة من القرآن يقول ( إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب . اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أوقال في عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني به . قال ويسمي حاجته )
2) إذا علمت أن الله يعلمك في كل شأنك فاجعل على نفسك رقابة في سمعك وبصرك وبيانك وكلامك لأن الله مطلع عليك ولا يخفى عليه شيء من أمورك واجتهد في طاعته وابتعد عن معاصيه سواء كنت في الغيب (وحدك)أو في الشهادة (أمام الناس)وقد قال تعالى
إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة واجر كبير) واسال الله خشيته في الغيب والشهادة وفي مسند أحمد بن حنبل
عن أبي مجلز قال : صلى بنا عمار صلاة فأوجز فيها فأنكروا ذلك فقال ألم أتم الركوع والسجود قالوا بلى قال أما انى قد دعوت فيهما بدعاء كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يدعو به اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي أسألك خشيتك في الغيب والشهادة وكلمة الحق في الغضب والرضا والقصد في الفقر والغنى ولذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك وأعوذ بك من ضراء مضرة ومن فتنة مضلة اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهديين..
3) أن الله جل وعلا هو العليم بخلقه وبما يحصل لك فالجأ إليه مثنيا عليه بأنه هو السميع العليم ليحفظك وطبق ما جاء في حديث عثمان أنه صلى الله عليه وسلم قال
ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء وهو السميع العليم ثلاث مرات فيضره شيء)رواه الترمذي والحاكم.
4) أن الله أعلم بذنوب العبد من العبد فلتستغفر الله من تلك الذنوب كما في حديث أبي موسى أنه صلى الله عليه وسلم قال
اللهم اغفر لي خطئي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني ...)رواه الشيخان.
5) اعلم أن الله مطلع على قلوبنا (قلبي وقلبك) فهو يعلم ما فيها من الإخلاص وأعمال القلوب والهموم وغيرها فأخلص لله في عملك وطاعتك وتقربك إليه وراقب قلبك مراقبة قوية وقد قال صلى الله عليه وسلم
إن الله لا ينظر إلى صوركم ...ولكن إلى قلوبكم وأعمالكم) الإخلاص والمتابعة.
6) احرص على الهم بالحسنات لتكتب لك حسنات فالله يعلم همومك وقد قال صلى الله عليه وسلم: (ومن هم بحسنة كتبت له حسنة).
7) اسأل الله بعلمه الغيب وقدرته على الخلق كما في حديث عمار أنه صلى الله عليه وسلم قال
اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق....)الحديث صحيح.
المسألة الثانية والخمسون
المرتبة الثانية من مراتب القدر(الكتابة)
فالله جل وعلا قد كتب كل مقادير الخلائق في اللوح المحفوظ كما قال تعالى
الم تعلم أن الله يعلم ما في السماوات والأرض إن ذلك في كتاب) وقال تعالى
وما من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين)
فيا أيها العبد:
1) اعلم أن الله قد كتب كل شيء لكن اقبل ما جاء به كتاب الله وما جاء في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم واطلب العلم لوجه الله ولا يكن همك طلب العطاء الدنيوي لأنك مكلف بذلك ولا تعتمد على مجرد ما كتب في اللوح المحفوظ وفي صحيح البخاري
عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال
: دخلت على النبي صلى الله عليه و سلم وعقلت ناقتي بالباب فأتاه ناس من بني تميم فقال ( اقبلوا البشرى يا بني تميم ) . قالوا قد بشرتنا فأعطنا مرتين ثم دخل عليه ناس من أهل اليمن فقال ( اقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم ) . قالوا قد قبلنا يا رسول الله قالوا جئناك نسألك عن هذا الأمر قال ( كان الله ولم يكن شيء غيره وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء وخلق السماوات والأرض ) . فنادى مناد ذهبت ناقتك يا ابن الحصين فانطلقت فإذا هي يقطع دونها السراب فوالله لوددت أني كنت تركتها
2) اعلم أن كل شيء قد أحصاه الله في الكتاب اللوح المحفوظ كما قال تعالى
وكل شيء أحصيناه في إمام مبين)ولكن أعمالك التي تعملها من خير أو شر التي أحصيت عليك (أحصاه الله ونسوه) سوف تجازى عليها فانتبه لنفسك واجتهد أن تملأ صحيفتك بطاعة الله لا بالمعاصي وقد قال تعالى
ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)وقال تعالى عن الملائكة الموكلة بكتابة أعمال العبد
كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون)
3) انتبه لما تقوله أو تفعله أو تنويه بحيث تراقب نفسك مراقبة جادة فتعمل الحسنات وتترك السيئات (الذنوب) بل وتهم بالحسنات لتكتب لك وفي صحيح البخاري
عن ابن عباس رضي الله عنهما
: عن النبي صلى الله عليه و سلم فيما يروي عن ربه عز و جل . قال قال ( إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة فإن هو هم بها وعملها كتبها الله له عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له سيئة واحدة ).
4) لا تنظر الى ما كتب في الكتاب الأول (اللوح المحفوظ) فأنت لست مكلفا إلا بالعمل مع الإيمان فإن الله قد كتب ذلك كله لكن اصبر على طاعة الله وعلى ما أصابك واستعن بالله عز وجل واصبر عن الذنوب والجأ إلى الله جل وعلا واعلم أن الله لا يضيع عمل عامل كما قال تعالى
فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى) وفي الحديث عن عبدالله بن جعفر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
وإذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أنه قد جف القلم بما هو كائن وأن مع العسر يسرا) صحيح.
5) استقم على منهج القران وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم واعلم أن الله قد حفظ كتابه (القران) كما قال تعالى
بل هو قران مجيد في لوح محفوظ) وقال تعالى
وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم)
المسألة الثالثة والخمسون
المرتبة الثالثة من مراتب القدر(المشيئة)
فالله جل وعلا له المشيئة التامة والقدرة النافذة فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن كما قال تعالى
وما تشاءون إلا أن يشاء الله) وقال تعالى
من يشأ الله يضلله)الآية وهو سبحانه قدير على كل شيء كما قال تعالى: (وهو على كل شيء قدير)
فيا أيها العبد:
1) اعلم أنه لا يكون شيء إلا إذا شاءه الله فإذا لم يشأ الله ذلك فإنه لا يكون (لا يكون في ملك الله إلا ما يشاء الله) فإذا نظرت إلى كل ما يحدث أو مما هو موجود من المخلوقات كالسماء والأرض والإنس والجن والحيوان والطير والنبات وما يحدث من أفعال المخلوقين وحركاتهم وسكناتهم ونياتهم وإراداتهم وهمومهم وغيرذالك فإن ذلك كله مما يشاءه الله وأراده وقد قال تعالى
إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) وعند ذلك اعرف قدرة الله العظيمة وأن الأمر كله بيده فلا إله إلا هو ولا رب سواه.
2) إذا رأيت الكفار والمنافقين والعصاة فاعلم أن ذلك الكفر والنفاق والمعاصي هو بمشيئة الله الكونية ولو أن الله شاء أنهم لا يكفرون ولا ينافقون ولا يعصون فإنه لا يحصل وقد قال تعالى
ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون)
3) إذا أراد احد أن يتعرض لك بالسوء فاسأل الله أن يكفيك إياه بما شاء الله وذلك أن تقول اللهم اكفنيه بما شئت وفي حديث صاحب الاخدود
اللهم اكفنيهم بما شئت)
4) اعلم أن أمرك كله بيد الله فإذا أردت أن تفعل فعلا ونحوه في المستقبل فقل :إن شاء الله وقد قال تعالى
ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله)
5) إذا حلفت فيسن لك أن تقول إن شاء الله لأنك إن قلت ذلك فحصل منك أنك لم تف بيمينك فلا حنث عليك وفي حديث أبي موسى أنه صلى الله عليه وسلم قال
إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين ...)رواه الشيخان وفي صحيح البخاري
عن أبي هريرة
: عن النبي صلى الله عليه و سلم قال
: قال سليمان بن داود لأطوفن الليلة على سبعين امرأة تحمل كل امرأة فارسا يجاهد في سبيل الله فقال له صاحبه إن شاء الله فلم يقل ولم تحمل شيئا إلا واحدا ساقطا أحد شقيه . فقال النبي صلى الله عليه و سلم ( لو قالها لجاهدوا في سبيل الله ) . قال شعيب وابن أبي ازناد ( تسعين ) . وهو الأصح وفي حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال
من حلف فقال إن شاء الله لم يحنث)رواه الترمذي صحيح.
المسألة الرابعة والخمسون
المرتبة الرابعة من مراتب القدر(مرتبة الخلق)
فالله جل وعلا خالق الخلق كلهم كما قال تعالى
الله خالق كل شيء) وقال تعالى
إن ربك هو الخلاق العليم)
فيا أيها العبد:
1) اعلم أنك عبد لله هو الذي خلقك كما أن أعمالك مخلوقة كما قال تعالى
والله خلقكم وما تعملون) وخلق الله الحياة والموت ابتلاء واختبارا كما قال تعالى
الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا) فأنت في دار الابتلاء والاختبار فانظر في نفسك وفي أعمالك وأقوالك مجتهدا أن يكون فيما يرضي الله عز وجل وقد قال تعالى
وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)
2) أن الله تعالى الذي خلقني وخلقك هو الذي كلفني وكلفك بعبادته سبحانه وهذا التكليف إنما هو لما فيه نفعنا لأن الله هو أعلم بما يصلح لخلقه وقد قال تعالى
آلا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) فقد خلقنا ولطف بنا ويسر لنا أسباب الخير وأمرنا بطاعته وحذرنا من معصيته وقال تعالى
فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة ...) فليكن أحدنا حذرا من مخالفة أمر ربه وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم فإنه إن خالف وقع في الفتنة وفي عذاب الله.
3) اتق الله الذي خلقك فقال تعالى
يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ...) وأكثر من الاستغفار معترفا بأن الله خلقك وانك عبده واستعذ بالله من شر ما صنعت واعترف بنعمة الله عليك وبذنوبك واعمل على ما جاء في صحيح البخاري
عن شداد بن أوس رضي الله عنه
: عن النبي صلى الله عليه و سلم ( سيد الاستغفار أن تقول اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت . قال ومن قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة )
4) أنه ليست من نفس مخلوقة إلا الله خالقها مهما فعل العبد سواء عزل عن زوجه أو لم يعزل وقد قال صلى الله عليه وسلم عن العزل ولم يفعل ذلك أحدكم
فإنه ليست نفس مخلوقة إلا الله خالقها) رواه مسلم وفي حديث أنس أنه صلى الله عليه وسلم قال
لو أن الماء الذي يكون منه الولد ...على صخرة لأخرج الله تعالى منها ولدا وليخلقن الله نفسا هو خالقها)رواه أحمد حسن.
5) أن الله هو الخالق لخلقه كلهم كافرهم ومؤمنهم وقد قال تعالى
هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن) وقد علم تعالى الكفار والمؤمنين وأهل الجنة وأهل النار وهو الحكم في أفعاله سبحانه فلا تسأل لماذا خلقه كذا وكذا ولكن اسلم أمرك لله في أوامره (سمعنا وأطعنا)واستغفر لذنبك (غفرانك ربنا).
المسألة الخامسة والخمسون
(القدر والأهل والولد)
اعلم أن كل شيء خلقه الله فهو بقدر وما قضاه الله فهو كائن .
فيا أيها العبد:
1) اعلم أن الله إن قدر لك ولدا فإنه سيأتيك وما عليك إلا بذل الأسباب ومن الأسباب النكاح وإتيان الزوجة حتى لو عزل عنها الرجل وإن قدر الله ولدا فسوف يكون وفي حديث أبي سعيد أنه صلى الله عليه وسلم قال
اصنعوا ما بدا لكم فما قضى الله تعالى فهو كائن وليس من الماء يكون الولد) رواه احمد "صحيح" لكن تطلب واقصد بإتيان اهلك أن يرزقك الله ولدا صالحا لا مجرد قضاء اللذة والشهوة فقط وفي حديث جابر قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
...فعليك بالكيس) رواه البخاري ومسلم يعني ابتغاء الولد بالجماع.
2) إذا قدر الله لك أن تكون عقيما فإنه لن يأتيك ولد وقد قال تعالى
ويجعل من يشاء عقيما)فلا تغضب ولا تتسخط بل اقنع بذلك ولعل هذا خير لك وان الله هو أعلم بما أصلح لك ولا يمنع هذا من بذل الأسباب "ابذل الأسباب متوكلا على الله"
3) إذا ولد لك ذكور فقط ولم يولد لك أنثى فهذا هبة الله لك وإن ولد لك إناث بدون ذكر فهذه هبة الله لك وإن ولد لك ذكور وإناث فهذه هبة الله لك فكن مقتنعا بذلك ولا تتسخط على ربك في أي حالة لأن الله هو اعلم بما هو انفع لك وأصلح لك واحمد الله على ما أعطاك من ولد أو غيره ولا تغضب على الزوجة إذا لم تلد ذكرا لأن الأمر كله لله وفي مسند أحمد بن حنبل
قوله صلى الله عليه وسلم فإذا علا ماء الرجل ماء المرأة أذكرت وإذا علا ماء المرأة ماء الرجل أنثت
4) إن ما قدره الله لك من الولد والزوجة قد يكون نعمة (ابتلاء بالنعمة) وقد يكون فيه شيء من الشر (ابتلاء بالشر) وقد قال تعالى
إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم)فتعامل مع هذا الابتلاء بحمد الله وشكره على النعمة والصبر على البلاء والعفو والصفح والمغفرة عما يقع منهم من التعدي عليك وقم بدعوتهم وإنذارهم عذاب الله وقد قال تعالى
وأنذر عشيرتك الأقربين)واجتهد في تعليمهم دين الله ليكونوا صالحين فيدعون لك بعد موتك وذلك حسب استطاعتك.
المسألة السادسة والخمسون
إن للعبد مشيئة وقدرة ولكن مشيئته تابعة لمشيئة الله ولا يقدر إلا على ما اقدره الله عليه وقد قال تعالى
وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين)
فيا أيها العبد:
1) اعلم أنك عبد لله لا تخرج عن مشيئته وانك إذا شئت شيئا فإنه لا يتحقق إلا إذا شاء الله ذلك الشيء لأنه لا يقع في ملك الله إلا ما يشاء الله وقد قال تعالى
وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما)فافهم هذا فهما جيدا واعتمد على الله في أمورك كلها .
2) قم بطاعة الله عز وجل فيما أمرك وانته عما نهاك عنه ولا تقل مثلا : "لا أذهب إلى المسجد لأن الله لم يشأ ذلك"لأنك لا تعلم أن الله شاء أو لم يشأ وإنما عليك الامتثال وقد قال تعالى
وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة)فليس لك أن تختار ما شئت من طاعة أو معصية وإنما عليك أن تطيع ولا تعصي وقد قال صلى الله عليه وسلم
إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ماستطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه...)
3) إن لك مشيئة وقد قال تعالى
فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا اعتدنا للظالمين نارا...)الآية فقد توعد الله من شاء الكفر وكذلك من شاء الذنوب فلتكن مشيئتك في طاعة ربك لا في معصيته.
4) إذا خيرت بين شيئين فلتكن مشيئتك في الأفضل والأيسر ما لم يكن إثما وقد قالت عائشة : (ما خير رسول الله في أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما) رواه أبو داود"صحيح"
5) لا تقل ما شاء الله وشئت لأن مشيئتك تابعة لمشيئة الله فيحرم ذلك ولكن قل ما شاء الله ثم شئت وقد قال صلى الله عليه وسلم
قولوا ما شاء الله ثم شئت)الحديث "صحيح"
6) احذر من الشرك بالله عز وجل وانتبه من الوقوع في الشرك الأكبر كدعاء أصحاب القبور والاستغاثة بهم فقد قال تعالى
إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء)فقد أخبر سبحانه أنه لا يغفر للمشرك (الشرك الأكبر) وأما غير الشرك فإن الله يغفره إن شاء أو يعذب صاحبه بقدر ذنبه ثم يدخله الجنة وفي حديث عبادة
إن شاء عذبه وإن شاء غفر له)رواه الشيخان.
المسألة السابعة والخمسون
إرادة الله (كونية قدرية وشرعية)
اعلم أن من صفات الله الإرادة كما قال تعالى
إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون)
فيا أيها العبد:
1) اعلم أن صفة الإرادة ثابتة لله عز وجل بلا تمثيل كما قال تعالى
ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)فنثبت هذه الصفة لله تعالى مع عقل أصل المعنى وأما كمال المعنى والكيف فلا يعلمه إلا الله عز وجل.
2) إرادة الله تنقسم إلى قسمين:
أ. الإرادة الكونية القدرية كما قال تعالى
إنما أمره إذا أراد شيء أن يقول له كن فيكون) وكما قال تعالى
ولكن الله يفعل ما يريد) وكما قال صلى الله عليه وسلم
لا إله إلا الله يفعل ما يريد)رواه أبو داود والحاكم"حسن"وهذه الإرادة متعلقة بفعل الله عز وجل ولا يتخلف مرادها بل لا بد من وقوعه وهي تتعلق بكل ما يقع مما يحبه الله أو لا يحبه .
ب. إرادة دينية شرعية وهذه الإرادة قد يقع مرادها وقد لا يقع وهي متعلقة بما يحبه الله ويرضاه كما قال تعالى
يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)وكما قال تعالى
والله يريد أن يتوب عليكم) فمن قام بما يحبه الله ويرضاه فقد تحقق فيه الإرادتان الكونية والشرعية,ومن قام بمعصية الله عز وجل من الكفر والفسوق فقد تحققت فيه الإرادة الكونية دون الشرعية .
3) يجب عليك أيها العبد أن تقوم بما أراد الله منك مما أوجبه الله من الطاعات وأن تريد وجه الله والدار الآخرة لتحصل على ثواب الله وقد قال تعالى
ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكور) وفي حديث عتباان بن مالك أنه صلى الله عليه وسلم قال
لن يوافي عبد يوم القيامة يقول :لا إله إلا الله يبتغي بها وجه الله إلا حرم الله عليه النار)رواه البخاري .
4) راقب نفسك في إراداتك في أي عمل واجعل أعمالك كلها لوجه الله عز وجل لتزداد رفعة ودرجة وقد قال صلى الله عليه وسلم
إنك لن تخلف بعدي فتعمل عملا تريد به وجه الله إلا ازددت به رفعة ودرجة)رواه الترمذي وغيره.
5) إذا أغاظك أحد بالإساءة إليك ونحوها فاكظم الغيظ لوجه الله وفي حديث ابن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ما من جرعة أعظم أجرا عند الله من جرعة غيظ كظمها عبد ابتغاء وجه الله)رواه ابن ماجة"صحيح"
6) احذر من طلب العلم الشرعي لغير وجه الله وإنما للدنيا واحذر من الرياء وفي حديث أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به غرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة)رواه أبو داود وابن ماجة"صحيح".
المسألة الثامنة والخمسون
(من رحمة الله أن الله لم يكلف العبد إلا بما يستطيع)
أن الله جل وعلا لم يكلف العبد إلا ما يستطيعه كما قال تعالى
لا يكلف الله نفسا إلا وسعها)
فيا أيها العبد:
1) اجتهد في طاعة الله جل وعلا حسب استطاعتك وقم بما أوجب الله عليك في حدود استطاعتك وقد قال تعالى
فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا)وقال صلى الله عليه وسلم
إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم).
2) اجتنب ما حرم الله عليك كليا لأن ما نهى الله عنه هو من التروك التي لا يقول العبد فيها لا أستطيع ترك هذا المحرم (اجتنب الربا ـ اجتنب الظلم ـ اجتنب المنكرات ـ اجتنب الفسوق والمعاصي كلها) وقد قال صلى الله عليه وسلم
وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه)
3) إنك أيها العبد قد أعطاك الله الاستطاعة في ما أمرك به فإذا كنت غير مستطيع فإن الله قد خفف عنك إلى أخف كما قال صلى الله عليه وسلم
صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا...) فقم بما أمرك الله به غير شاق على نفسك وقد قال تعالى
ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما)فاشكر الله الذي هو ارحم بك من الوالدة بولدها واقبل عليه شاكرا معترفا بفضله ورحمته وجوده وإحسانه إليك.
4) بل أن الله جل وعلا من رحمته بالعبد أنه إذا توجه إليه عبده بالعبادة فمرض أو سافر كتب له من الأجر مثل ما كان يعمل صحيحا مقيما وفي صحيح البخاري
عن إبراهيم أبو إسماعيل السكسكي قال
: سمعت أبا بردة واصطحب هو ويزيد بن أبي كبشة في سفر فكان يزيد يصوم في السفر فقال له أبو بردة سمعت أبا موسى مرارا يقول قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا )
[ ش ( يصوم ) نفلا . ( مثل ما كان يعمل ) مثل ثواب عمله الذي كان يعمله ]
5) ومن رحمة الله بك أيها العبد أنك لو صليت قاعدا أو مضطجعا مع القدرة على القيام في صلاة النافلة فإنك تؤجر عند الله فاحرص على التقرب إلى ربك وفي صحيح البخاري
عن أبي بريدة قال
: حدثني عمران بن حصين وكان مبسورا قال سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن صلاة الرجل قاعدا فقال ( إن صلى قائما فهو أفضل ومن صلى قاعدا فله نصف أجر القائم ومن صلى نائما فله نصف أجر القاعد )
[ ش ( مبسورا ) أي فيه بواسير وهو مرض يكون في مخرج الإنسان من الدبر . ( صلى قاعدا ) أي نفلا لغير عذر أو فرضا لعذر . ( نائما ) مضطجعا على جنبه على هيئة النائم أو مستلقيا على ظهره ]
6) افعل كل ما استطيع لتستتر به من النار من الأعمال الصالحة ومن ذلك الصدقات وفي حديث عدي ابن حاتم أنه صلى الله عليه وسلم قال
من استطاع منكم أن يستتر من النار ولو بشق تمرة فليفعل) رواه البخاري.
7) إنك تستطيع أن تقوم بأعمال كثيرة وأقوال من الطاعات لله ورسوله صلى الله عليه وسلم فاغتنم العمر في ذلك وقد قال تعالى
وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة) سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة)
المسألة التاسعة والخمسون
أن كل ما يحصل للعبد من الإيمان والعمل الصالح فهو بتوفيق الله لعبده ومشيئته لذلك كما قال تعالى
من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم)
فيا أيها العبد :
1) احمد الله الذي وفقك لهذا الإيمان ولكل عمل صالح تقوم به وقد قال تعالى عن المؤمنين إذا دخلوا الجنة
و قالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بماكنتم تعملون...)
2) اطلب من الله أن يهديك بتوفيقك لكل خير وقد علمنا الله ذلك في قوله
اهدنا الصراط المستقيم)واسأل الله أن يهديك لصالح الأعمال والأخلاق وفي المعجم الكبير
عن أبي أمامة قال : ما صليت خلف رسول الله صلى الله عليه و سلم وأنا قريب منه إلا سمعته يقول في دبر كل صلاة : اللهم اغفر لي خطاياي وذنوبي كلها اللهم انعشني وأجرني واهدني لصالح الأعمال والأخلاق فإنه لا يهدي لصالحها ولا يصرف عني سيئها إلا أنت
3) اذكر بالهدى هداية الطريق إذا دعوت الله في الهدى وفي حديث علي أنه صلى الله عليه وسلم قال له
قل اللهم اهدني و سددني وذكر بالهدى هداية الطريق والسداد سداد اللهم)رواه مسلم.
4) اسأل الله أن يهديك لما اختلف فيه من الحق بإذنه وفي صحيح مسلم
عن اَبُي سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ بِأَىِّ شَىْءٍ كَانَ نَبِىُّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَفْتَتِحُ صَلاَتَهُ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ قَالَتْ كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ افْتَتَحَ صَلاَتَهُ « اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اهْدِنِى لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِى مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ». واسأل الله في قنوت الوتر كما ورد في حديث الحسن بن علي قال علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم (اللهم اهدني فيمن هديت).
5) اسأل الله أن يهدي قلبك كما في حديث ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم قال
رب أعني ولا تعن علي وانصرني ...واهد قلبي)رواه احمد والحاكم "صحيح"
6) اسأل الله أن يثبت قلبك على دينه وفي حديث انس
يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)رواه الترمذي والحاكم "صحيح"
7) اعلم أن العبد إذا خلقه الله لإحدى المنزلتين وفقه الله لعملها ولكن يشرع للعبد أن يدعو الله عز وجل وان يلح في الدعاء طالبا التوفيق من الله وأن يعينه على كل خير وقد قال صلى الله عليه وسلم : (واستعن بالله) وفي حديث عمران أنه صلى الله عليه وسلم قال
من خلقه الله لواحدة من المنزلتين وفقه لعملها)رواه الطبراني"صحيح"
المسألة الستون
كتابة المقادير(التقدير الأزلي)
اعلم أن كل شيء قد قدره الله عز وجل في الأزل كما قال تعالى
وخلق كل شيء فقدره تقديرا)
فيا أيها العبد:
1) اعلم أيها العبد أنه ما من نفس منفوسة إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة والنار وكل ذلك قد جرت به المقادير وقد قال صلى الله عليه وسلم
قدر الله المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة)رواه أحمد والترمذي"صحيح" و.أنه صلى الله عليه وسلم قال
كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض...)رواه مسلم ولكن يجب على العبد أن يعمل بطاعة الله تاركا معصيته وفي صحيح البخاري
عن علي رضي الله عنه قال
: كنا في جنازة في بقيع الغرقد فأتانا النبي صلى الله عليه و سلم فقعد وقعدنا حوله ومعه مخصرة فنكس فجعل ينكت بمخصرته ثم قال ( ما منكم من أحد ما من نفس منفوسة إلا كتب مكانها من الجنة والنار وإلا قد كتب شقية أو سعيدة ) . فقال رجل يا رسول الله أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل فمن كان منا من أهل السعادة فسيصير إلى عمل أهل السعادة وأما من كان منا من أهل الشقاوة فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة ؟ قال ( أما أهل السعادة فييسرون لعمل السعادة وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل الشقاوة ) . ثم قرأ { فأما من أعطى واتقى } . الآية
2) سدد أيها العبد وقارب مجتهدا في طاعة ربك تائبا مقبلا على الله وفي سنن الترمذي
عن عبد الله بن عمرو بن العاصي قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم وفي يده كتابان فقال أتدرون ما هذان الكتابان ؟ فقلنا لا يا رسول الله إلا أن تخبرنا فقال للذي في يده اليمنى هذا كتاب من رب العالمين فيه أسماء أهل الجنة وأسماء أبائهم وقبائلهم ثم أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبدا فقال أصحابه ففيم العمل يا رسول الله إن كان أمر قد فرغ منه ؟ فقال سددوا وقاربوا فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة وإن عمل أي عمل وإن صاحب النار يختم له بعمل أهل النار وإن عمل أي عمل ثم قال يا رسول الله صلى الله عليه و سلم بيديه فنبذهما ثم قال فرغ ربكم من العباد فريق في الجنة وفريق في السعير
3) لا تتكل على القدر ولكن كن مؤمنا به واعمل وخذ كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم مأخذ الجد فلما ذكر القدر قال صلى الله عليه وسلم
اعملوا) فاجتهد في العمل الصالح وقد قال صلى الله عليه وسلم
سددوا وقاربوا) بل أنه صلى الله عليه وسلم لما أمر بالمقاربة والتسديد قال
وأبشروا) وفي حديث جابر أنه صلى الله عليه وسلم قال قاربوا وسددوا وابشروا واعملوا أنه لن ينجو أحد منكم بعمله ...)رواه مسلم.
4) لا تنظر إلى مجرد القدر السابق ولكن قم بأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم وانته عن كل ما نهاك عنه دين الإسلام وسدد وقارب في طاعة ربك وتب عليه وأقبل عليه واغد ورح في طاعة الله وتجنب الشرك بالله والمعاصي وكن حريصا على ما ينفعك عند الله عز وجل وأد الحقوق التي عليك في حدود استطاعتك غير شاق على نفسك فقد يسر الله عليك وفي حديث أبي هريرة
لن ينجي أحد منكم عمله ولكن سددوا وقاربوا واغدوا وروحوا)رواه الشيخان.
المسألة الحادية والستون
أن كل شيء قد قدره الله ومن ذلك عقوبة المخالفين وحركات الخلق وبقاء الجنين في بطن أمه وغير ذلك.
فيا ايها العبد :
1) إن شأنك كله مقدر في ذهابك ومجيئك وحركتك وأنفاسك وأجلك وقد قال تعالى لموسى
ثم جئت على قدر يا موسى) فكان مجيء موسى على قدر ولم يكن اتفاقا ,وهذا لو تفكرت فيه لعلمت أنك عبد لا تملك لنفسك نفعا ولا ضرا فعليك أن تتوجه بقلبك وأمورك كلها إلى ربك وان تعرف أنك عبده وأنه ربك ويجب على العبد أن يطيع ربه ويحرم عليه أن يعصيه وقد قال تعالى
وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون) فشمر عن ساعد الجد في عبادتك لربك حتى تموت (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) .
2) تفكر في خلقك في بطن أمك وانه مقدر وقد قال تعالى
ألم نخلقكم من ماء مهين فجعلناه في قرار مكين إلى قدر معلوم فقدرنا فنعم القادرون) فنعم القادر هو الله عز وجل لأن قدره تابع للحكمة موافق لحمده ,وفي حديث ابن مسعود أنه صلى الله عليه وسلم قال
إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ...)الحديث. رواه الشيخان. فإن تفكرت في ذلك علمت أنك إنما أنت بالله ولا حول ولا قوة لك بنفسك بل أنت ضعيف من ماء مهين فالجأ إلى ربك القوي العزيز بطاعته وترك معصيته وبالتوبة إليه والإنابة إليه وتبرأ من حولك وقوتك إلا بالله وفي صحيح البخاري
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال
: لما غزا رسول الله صلى الله عليه و سلم خيبر أو قال لما توجه رسول الله صلى الله عليه و سلم أشرف الناس على واد فرفعوا أصواتهم بالتكبير الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( اربعوا على أنفسكم إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إنكم تدعون سميعا قريبا وهو معكم ) . وأنا خلف دابة رسول الله صلى الله عليه و سلم فسمعني وأنا أقول لا حول ولا قوة إلا بالله فقال لي ( يا عبد الله بن قيس ) . قلت لبيك يا رسول الله قال ( ألا أدلك على كلمة من كنز من كنوز الجنة ) . قلت بلى يا رسول الله فداك أبي وأمي قال ( لا حول ولا قوة إلا بالله )
3) احذر من عقوبة الله فإن الله قد قدر عقوبة المخالفين كما قال تعالى عن عقوبة قوم نوح
فالتقى الماء على أمر قد قدر)وان الله قد حذرنا من معصيته وان من خالف أمره فإنه تصيبه فتنة أو عذاب اليم وكل ذلك قد قدره الله لمن يخالف أمره كما قال تعالى
فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو عذاب أليم)
4) أن الله جل وعلا قد علم كل ما يتعلق بالخلق ومن ذلك موتك أيها العبد وما تنقصه الأرض من جسدك فإنه قد أحصاه الله في كتابه المحفوظ كما قال تعالى
قد علمنا ما تنقص الأرض منهم وعندنا كتاب حفيظ)وهذا استدلال على البعث وقدرة الله على إحياء الموتى فاستعد لذلك اليوم من اليوم بالإيمان والعمل الصالح فإن العيش إنما هو عيش الآخرة وفي حديث أنس أنه صلى الله عليه وسلم قال
اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة)رواه الشيخان وأن قبرك هو كما قال صلى الله عليه وسلم
إن القبر أول منازل الآخرة)رواه الترمذي والحاكم فافهم ذلك.
المسألة الثانية والستون
(التقدير العمري)
ان عمر العبد مقدر معلوم عند الله فلا يزيد ولا ينقص وعمره إلا في كتاب وقيل المعنى ان طول العمر وقصره بسبب وبغير سبب كله بعلم الله تعالى .
فيا أيها العبد:
1) اعلم أن أجلك مضروب و ورزقك مقسوم لا يعجل منه شيء قبل حله ولا يؤخر شيء بعد حله فلا تسأل الله زيادة في الأجل وأيامك المعدودة لكن اسأل الله أن يعيذك من عذاب في النار وعذاب في القبر وفي حديث ابن مسعود
فقد سألت الله لآجال مضروبة وأرزاق مقسومة)رواه مسلم.
2) أن عمرك ليس للعب واللهو وإنما أعطاك الله إياه لتعبده كما قال تعالى
وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)فأين أنفقت عمرك؟ أعد للسؤال جوابا وفي سنن الترمذي
عن ابن مسعود : عن النبي صلى الله عليه و سلم قال لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسئل عن خمس عن عمره فيم أفناه وعن شبابه فيم أبلاه وماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وماذا عمل فيما علم
3) اترك الجدل واشتغل من اليوم بما ينفعك بعد الموت بإنفاق عمرك في طاعة ربك وخذ من الدنيا ما تيسر باذلا الأسباب واستغل ليلك ونهارك في طاعة الله وفي صحيح البخاري
حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني علي بن الحسين أن الحسين بن علي أخبره أن علي بن أبي طالب أخبره
: أن رسول الله صلى الله عليه و سلم طرقه وفاطمة بنت النبي عليه السلام ليلة فقال ( ألا تصليان ) . فقلت يا رسول الله أنفسنا بيد الله فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا فانصرف حين قلنا ذلك ولم يرجع إلي شيئا ثم سمعته وهو مول يضرب فخذه وهو يقول { وكان الإنسان أكثر شيء جدلا }
4) انظر إلى ما في الآخرة ولا تتسخط على ما فات من الدنيا إن كان مما تجده في الآخرة سابقا لك بخير وليكن سبقه إلى آخرتك أحب إليك وفي سنن النسائي
عن معاوية بن قرة عن أبيه قال : كان نبي الله صلى الله عليه و سلم إذا جلس يجلس إليه نفر من أصحابه وفيهم رجل له بن صغير يأتيه من خلف ظهره فيقعده بين يديه فهلك فامتنع الرجل أن يحضر الحلقة لذكر ابنه فحزن عليه ففقده النبي صلى الله عليه و سلم فقال مالي لا أرى فلانا قالوا يا رسول الله بنيه الذي رأيته هلك فلقيه النبي صلى الله عليه و سلم فسأله عن بنيه فأخبره أنه هلك فعزاه عليه ثم قال يا فلان أيما كان أحب إليك أن تمتع به عمرك أو لا تأتي غدا إلى باب من أبواب الجنة إلا وجدته قد سبقك إليه يفتحه لك قال يا نبي الله بل يسبقني إلى باب الجنة فيفتحها لي لهو أحب إلي قال فذاك لك
5) ادع بهذا الدعاء ففي حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو
اللهم اجعل أوسع رزقك علي عند كبر سني وانقطاع عمري)رواه الحاكم وقال هذا حديث حسن الإسناد والمتن غريب في الدعاء مستحب للمشايخ إلا أن عيسى بن ميمون لم يحتج به الشيخان وقال الألباني "حسن"
المسألة الثالثة والستون
(التقدير الحولي)
إن الله يقدر في ليلة القدر ما يكون في السنة من الآجال والأرزاق والمقادير القدرية كما قال تعالى عن ليلة القدر
فيها يفرق كل أمر حكيم)
فيا أيها العبد:
1) اهتم بليلة القدر (لا تنظر إلى مجرد ما قدر فيها)ولكن اجتهد في العبادة والطاعة لأن المشروع في حقك أن تسعى فيما ينفعك عند الله من الأعمال الصالحة قمها إيمانا واحتسابا وفي ا لحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال
من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)رواه البخاري.
2) اعلم أن كل عام يمضي فإنه نقص من عمرك الذي سوف تسأل عنه يوم القيامة فاملأ ذلك اليوم بطاعة ربك وحاسب نفسك هل أديت ما أوجب الله عليك وتركت ما حرم الله عليك وتقربت إلى الله بالنوافل في ذلك العام ,وما كان من عام مقبل فاحرص على استغلاله قبل أن ينصرم من عمرك وفي سنن الترمذي
عن ابن مسعود : عن النبي صلى الله عليه و سلم قال لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسئل عن خمس عن عمره فيم أفناه وعن شبابه فيم أبلاه وماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وماذا عمل فيما علم
3) احرص على أن يكون عملك خيرا وطاعة وأملأ عمرك بذلك وفي حديث أبي بكرة أنه صلى الله عليه وسلم قال
خير الناس من طال عمره وحسن عمله وشر الناس من طال عمره وساء عمله) رواه أحمد والترمذي والحاكم "صحيح".
4) إن كتبت ممن بلغ ستين سنة فقد أعذر الله إليك فاصرف بقية سني عمرك في طاعة ربك ,فماذا تريد بعد هذه السنين ؟ وفي حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلغ ستين سنة)رواه البخاري ومعنى هذا الحديث :أنه لم يبق له موضعا للاعتذار حيث أمهله طول المدة ولم يعتذر ومن معناه أن الله أزال عذره فلم يترك له عذرا يعتذر به في ترك صالح الأعمال إذا أمهله هذه المدة .
المسألة الرابعة والستون
(التقدير اليومي)
فالله جل وعلا كما قال تعالى
يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن)
فيا أيها العبد:
1) إن الله جل وعلا هو الغني بذاته عن جميع خلقه وهو واسع الجود والكرم والعطاء فكل الخلق مفتقرون إليه يسألونه جميع ما يحتاجونه ولا يستغنون عنه طرفة عين فهو في كل يوم يغني فقيرا ويجبر كسيرا ويعطي قوما ويمنع آخرين ويرفع قوما ويضع آخرين ولا يشغله شأن عن شأن فأقبل عليه كل يوم بالطاعة والتوبة والاستغفار والإنابة وفي حديث الأغر أنه صلى الله عليه وسلم قال : (...وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة)رواه مسلم وقال صلى الله عليه وسلم
يا أيها الناس توبوا إلى ربكم فو الله إني لأتوب إلى الله عز وجل في اليوم مائة مرة)رواه مسلم.
2) استغل كل يوم من عملك فيما يقربك إلى ربك من الصيام والصلاة والذكر والصدقة وكل أعمال الطاعات ومن ذلك:
أ. حافظ على الصلوات الخمس المفروضة وليقم الذكر بأدائها في المسجد مع جماعة المسلمين متما شروطها وأركانها وواجباتها مجتهد في الخشوع فيها وكذلك يقيم الفرائض اليومية من حقوق الله وحقوق عباده.
ب. اكسب كل يوم ألف حسنة (سبح الله مائة تسبيحة)وفي حديث في صحيح مسلم
عن مُوسَى الْجُهَنِىُّ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكْسِبَ كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ حَسَنَةٍ ». فَسَأَلَهُ سَائِلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ كَيْفَ يَكْسِبُ أَحَدُنَا أَلْفَ حَسَنَةٍ قَالَ « يُسَبِّحُ مِائَةَ تَسْبِيحَةٍ فَيُكْتَبُ لَهُ أَلْفُ حَسَنَةٍ أَوْ يُحَطُّ عَنْهُ أَلْفُ خَطِيئَةٍ ».
ج. صل صلاة الضحى كل يوم واعلم إنك إن صليت الضحى أجزأتك عن ثلاثمائة وستين صدقة وفي صحيح مسلم
عَنْ أَبِى ذَرٍّ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ « يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلاَمَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ وَنَهْىٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى »
د. صل كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوع غير الفريضة (هي السنن الرواتب)وفي حديث أم حبيبة أنه صلى الله عليه وسلم قال
ما من عبد مسلم توضأ فأسبغ الوضوء ثم صلى لله في كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعا غير الفريضة إلا بنى الله له بيتا في الجنة)رواه مسلم.
هـ. قل كل صباح يوم ومساء ليلة ما جاء في سنن أبى داود
عن اَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ يَقُولُ سَمِعْتُ عُثْمَانَ - يَعْنِى ابْنَ عَفَّانَ - يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَنْ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ الَّذِى لاَ يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَىْءٌ فِى الأَرْضِ وَلاَ فِى السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلاَءٍ حَتَّى يُصْبِحَ وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُصْبِحُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلاَءٍ حَتَّى يُمْسِىَ ». قَالَ فَأَصَابَ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ الْفَالِجُ فَجَعَلَ الرَّجُلُ الَّذِى سَمِعَ مِنْهُ الْحَدِيثَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ مَا لَكَ تَنْظُرُ إِلَىَّ فَوَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ عَلَى عُثْمَانَ وَلاَ كَذَبَ عُثْمَانُ عَلَى النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- وَلَكِنَّ الْيَوْمَ الَّذِى أَصَابَنِى فِيهِ مَا أَصَابَنِى غَضِبْتُ فَنَسِيتُ أَنْ أَقُولَهَا.
__________
معانى بعض الكلمات :
الفالج : شلل يصيب أحد شقى الجسم طولا
و. اذهب إلى المسجد فتعلم كل يوم آيتين أو أكثر من كتاب الله ففي حديث عقبة بن عامر أنه صلى الله عليه وسلم قال
فلأن يغدوا أحدكم كل يوم إلى المسجد فيتعلم آيتين )رواه أبو داود "صحيح"
ز. اجتهد في أعمال الطاعات بحيث أنك لو قدر عليك أن أصبت في جسدك كتب لك وفي المستدرك على الصحيحين للحاكم
عن عبد الله بن عمرو قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : ما من مسلم يصاب ببلاء في جسده إلا أمر الله الحفظة الذين يحفظونه أن اكتبوا لعبدي في كل يوم و ليلة من الخير على ما كان يعمل ما دام محبوسا قي وثاقي
المسألة الخامسة والستون
(القضاء والقدر إذا اجتمعا)
القضاء :هو الفصل والحكم ويأتي بمعنى الخلق.
القدر اصطلاحا : ما سبق به العلم وجرى به القلم مما هو كائن إلى الأبد فهو الحكم السابق.
قال ابن بطال: القضاء هو المقضي .
فيكون القضاء بمعنى الخلق ك